مجالس العزاء في محرم أهم معلم للشيعة
يشهد المجتمع الشيعي أيام العشرة الأولى ولياليها بشكل خاص من شهر المحرم في كل سنة حركة غير اعتيادية من النشاط العاطفي والفكري تتمثل بإقامة آلاف المآتم على الحسين(ع) ، بل مئات الآلاف . وقد ارتبط الشيعة مصيريا بهذه المآتم فاصبحت من أهم معالم وجودهم الاجتماعي منذ فجر تأريخهم ، وقد تحملوا من أجل المحافظة عليها شتى ألوان الاضطهاد .
تفسيران خاطئان لظاهرة البكاء على الحسين(ع)
تعرضت ظاهرة العزاء والبكاء على الحسين(ع) قديما لتفسير خاطئ من خصوم الشيعة . فقال ابن تيمية[1] ونظراؤه من قبل وبعد أنها من بدع الشيعة التي خالفوا فيها السنة النبوية في أمر المصيبة التي تقضي بالصبر والإسترجاع وتنهى عن الجزع ، ولا زال هذا الكلام يرفع بوجه الشيعة كلما يحل موسم المحرم وينهضون بمراسم العزاء .
وجاء العلمانيون حديثا فقالوا : أن ظاهرة البكاء على الحسين(ع) نوع من التأثر بمخلفات وعادات الشعوب الشرقية القديمة .
الأئمة(ع) من ذرية الحسين(ع) يؤسسون المآتم الحسينية
إن كلام ابن تيمية الحنبلي امتداد لكلام الحنابلة قديما ، و جوابنا لـهم جميعا هو أن المؤسس لظاهرة الحزن و البكاء على الحسين(ع) هم الأنبياء وسيدهم وخاتمهم محمد(ص) ثم الأئمة من أهل البيت(ع) ، وليس للشيعة في ذلك إلا شرف الإتباع والإقتداء .
وقد تواتر عن النبي(ص) إخبارُه بقتل الحسين(ع) وحزنُه وبكاؤه عليه منذ ولادته[2] .
وتواترت الاخبار عن الأئمة ان الحسين(ع) بكاه الأنبياء من قبلُ ، وفي كتب أهل الكتاب الدينية نصوص واضحة في ذلك[3] .
كانت إحدى أهم مسؤوليات الأئمة التسعة من ذرية الحسين(ع) هي تربية شيعتهم على الحزن والبكاء على الحسين(ع) وأثرت عنهم نصوص كثيرة جدا .
منها ما رواه ابن قولويه في كتابه كامل الزيارات بسنده عن الحسن بن محبوب ، عن العلا بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر(ع) ، قال : كان علي بن الحسين 8 يقول :
(أَيُّما مُؤمِنٍ دَمَعَت عَيناهُ لِقَتلِ الحُسَينِ حَتَّى تَسيلَ عَلَى خَدَّيهِ بَوّاَهُ اللهُ بِها غُرَفاً يَسكُنُها أَحقاباً وَ أَيُّما مُؤمِنٍ دَمَعَت عَيناهُ حَتَّى تَسيلَ عَلَى خَدِّهِ فيما مَسَّنا مِنَ الأَذَى مِن عَدوِّنا في الدُّنيا بَوّاَهُ اللهُ مُبَوّاَ صِدقٍ .
وَ أَيُّما مُؤمِنٍ مَسَّهُ أَذًى فينا فَدَمَعَت عَيناهُ حَتَّى تَسيلَ عَلَى خَدِّهِ مِن مَضاضَةِ ما أوذيَ فينا صَرَفَ اللهُ عَن وَجهِهِ الأَذَى وَ آمَنَهُ يَومَ القيامَةِ مِن سَخَطِهِ وَ النّار)ِ[4] .
وفي كامل الزيارات ايضا بسنده عَن : مالِكٍ الجُهَنيِّ عَن أَبي جَعفَرٍ الباقِرِ(ع) قالَ :
(مَن زارَ الحُسَينَ(ع) يَومَ عاشوراءَ حَتَّى يَظَلَّ عِندَهُ باكياً لَقيَ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَومَ القيامَةِ بِثَوابِ أَلفَي أَلفِ حَجَّةٍ وَ أَلفَي أَلفِ عُمرَةٍ وَ أَلفَي أَلفِ غَزوَةٍ وَ ثَوابُ كُلِّ حَجَّةٍ وَ عُمرَةٍ وَ غَزوَةٍ كَثَوابِ مَن حَجَّ وَ اعتَمَرَ وَ غَزا مَعَ رَسولِ اللهِ(ص) وَ مَعَ الأَئِمَّةِ الرّاشِدينَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِم .
قالَ قُلتُ جُعِلتُ فِداكَ فَما لِمَن كانَ في بُعدِ البِلادِ وَ أَقاصيها وَ لَم يُمكِنهُ المَصيرُ إِلَيهِ في ذَلِكَ اليَومِ
قالَ إِذا كانَ ذَلِكَ اليَومُ بَرَزَ إِلَى الصَّحراءِ أَو صَعِدَ سَطحاً مُرتَفِعاً في دارِهِ وَ أَوماَ إِلَيهِ السَّلامَ وَ اجتَهَدَ عَلَى قاتِلِهِ بِالدُّعاءِ وَ صَلَّى بَعدَهُ رَكعَتَينِ يَفعَلُ ذَلِكَ في صَدرِ النَّهارِ قَبلَ الزَّوالِ .
ثُمَّ ليَندُبِ الحُسَينَ(ع) وَ يَبكيهِ وَ يامُرُ مَن في دارِهِ بِالبُكاءِ عَلَيهِ وَ يُقيمُ في دارِهِ مُصيبَتَهُ بِإِظهارِ الجَزَعِ عَلَيهِ وَ يَتَلاقَونَ بِالبُكاءِ بَعضُهُم بَعضاً بِمُصابِ الحُسَينِ(ع) .
فاَنا ضامِنٌ لَهُم إِذا فَعَلوا ذَلِكَ عَلَى اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ جَميعَ هَذا الثَّوابِ .
فَقُلتُ جُعِلتُ فِداكَ وَ أَنتَ الضّامِنُ لَهُم إِذا فَعَلوا ذَلِكَ وَ الزَّعيمُ بِهِ .
قالَ أَنا الضّامِنُ لَهُم ذَلِكَ وَ الزَّعيمُ لِمَن فَعَلَ ذَلِكَ .
قالَ قُلتُ فَكَيفَ يُعَزّي بَعضُهُم بَعضاً
قالَ يَقولونَ عَظَّمَ اللهُ أُجورَنا بِمُصابِنا بِالحُسَينِ(ع) وَ جَعَلَنا وَ إيّاكُم مِنَ الطّالِبينَ بِثارِهِ مَعَ وَليِّهِ الإمامِ المَهديِّ مِن آلِ مُحَمَّدٍ(ع) .
فاِنِ استَطَعتَ أَن لا تَنتَشِرَ يَومَكَ في حاجَةٍ فافعَل فاِنَّهُ يَومٌ نَحسٌ لا تقضَىفيهِ حاجَةُ مُؤمِنٍ وَ إِن قُضيَت لَم يُبارَك لَهُ فيها وَ لَم يَرَ رُشداً وَ لا تَدَّخِرَنَّ لِمَنزِلِكَ شَيئاً فاِنَّهُ مَنِ ادَّخَرَ لِمَنزِلِهِ شَيئاً في ذَلِكَ اليَومِ لَم يُبارَك لَهُ فيما يَدَّخِرُهُ وَ لا يُبارَكُ لَهُ في أَهلِهِ) .
ثم ما ورد عن الامام الصادق(ع) في رواية معاوية بن وهب قال : ” كل الجزع والبكاء مكروه ما خلا الجزع والبكاء لقتل الحسين(ع) .
وفي رواية جميل بن دراج عن معتب مولى أبي عبد الله(ع) قال : سمعته يقول لداود بن سرحان :
يا داود أبلغ مواليَّ عني السلام ، وأنى أقول : رحم الله عبدا اجتمع مع آخر فتذاكرا أمرنا فان ثالثهما ملك يستغفر لهما ، وما اجتمع اثنان على ذكرنا إلا باهى الله تعالى بهما الملائكة ، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر فانَّ في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياءنا ، وخير الناس بعدنا من ذاكَرَ بأمرنا ودعا إلى ذكرنا[5] .
ورواية الفضيل بن يسار قال قال ابو عبد الله(ع) :
يا فضيل تجلسون وتتحدثون ؟ قال نعم سيدي ، قال يا فضيل هذه المجالس أُحِبُّها احيو أمرنا رحم اللـه امرءاً احيا امرنا)[6] .
وفي كتاب كامل الزيارات بسنده عن أبي هارون المكفوف ، قال : دخلت على أبي عبد الله (ع) فقال لي : أنشدني فأنشدته ، فقال : لا ، كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره ، قال : فأنشدته :
أُمرُر على جَدَث الحسين *** فقل لاعظمه الزكية
يا أعظماً لا زلتِ من *** وطفاء[7] ساكبة رويّة
و إذا مررتَ بقبره *** فأطِل به وقفَ المطيّة
و ابك المطهّرَ للمطهّر *** و المطهّرةَ النّقيّة
كبكاء معوِلةٍ أتت *** يوما لواحدها المنيّة
قال : فرأيت دموعه تتحدّر على خدّيه ، و ارتفع الصّراخ و البكاء من داره ، حتى أمره بالإمساك فأمسك .
قال ابو هارون : قال : فلما ان سكتنَ .
قال لي : يا أبا هارون من أنشد في الحسين (ع) فأبكى عشرة فله الجنة ثم جعل ينقص واحدا واحدا حتى بلغ الواحد فقال من أنشد في الحسين فأبكى واحدا فله الجنة ، ثم قال : من ذكره فبكى فله الجنة .
وفي الامالي للشيخ الصدوق قالَ : قالَ الرِّضا(ع) :
إِنَّ المُحَرَّمَ شَهرٌ كانَ أَهلُ الجاهِليَّةِ يُحَرِّمونَ فيهِ القِتالَ فاستُحِلَّت فيهِ دِماؤُنا وَ هُتِكَت فيهِ حُرمَتُنا وَ سُبيَ فيهِ ذَراريُّنا وَ نِساؤُنا وَ أُضرِمَتِ النّيرانُ في مَضارِبِنا وَ انتُهِبَ ما فيها مِن ثِقلِنا وَ لَم تُرعَ لِرَسولِ اللهِ حُرمَةٌ في أَمرِنا
إِنَّ يَومَ الحُسَينِ أَقرَحَ جُفونَنا وَ أَسبَلَ دُموعَنا وَ أَذَلَّ عَزيزَنا بِأَرضِ كَربٍ وَ بَلاءٍ أَورَثَتنا الكَربَ وَ البَلاءَ إِلَى يَومِ الِانقِضاءِ فَعَلَى مِثلِ الحُسَينِ فَليَبكِ الباكونَ فاِنَّ البُكاءَ عَلَيهِ يَحُطُّ الذُّنوبَ العِظامَ .
ثُمَّ قالَ(ع) : كانَ أَبي إِذا دَخَلَ شَهرُ المُحَرَّمِ لا يُرَى ضاحِكاً وَ كانَتِ الكابَةُ تَغلِبُ عَلَيهِ حَتَّى يَمضيَ مِنهُ عَشَرَةُ أَيّامٍ فاِذا كانَ يَومُ العاشِرِ كانَ ذَلِكَ اليَومُ يَومَ مُصيبَتِهِ وَ حُزنِهِ وَ بُكائِهِ وَ يَقولُ هوَ اليَومُ الَّذي قُتِلَ فيهِ الحُسَينُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ .
وفي عيون أخبار الرضا(ع) والامالي للصدوق ايضا بسنده عن الرَّيّانِ بنِ شَبيبٍ قالَ دَخَلتُ عَلَى الرِّضا(ع) في أَوَّلِ يَومٍ مِنَ المُحَرَّمِ فَقالَ لي يا ابنَ شَبيبٍ أَ صائِمٌ أَنتَ فَقُلتُ لا فَقالَ إِنَّ هَذا اليَومَ هوَ اليَومُ الَّذي دَعا فيهِ زَكَريّا رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقالَ رَبِّ هَب لي مِن لَدُنكَ ذُرّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَميعُ الدُّعاءِ فاستَجابَ اللهُ لَهُ وَ أَمَرَ المَلائِكَةَ فَنادَت زَكَريّا وَ هوَ قائِمٌ يُصَلّي في المِحرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بيَحيى فَمَن صامَ هَذا اليَومَ ثُمَّ دَعا اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ استَجابَ اللهُ لَهُ كَما استَجابَ لِزَكَريّا(ع) .
ثُمَّ قالَ يا ابنَ شَبيبٍ إِنَّ المُحَرَّمَ هوَ الشَّهرُ الَّذي كانَ أَهلُ الجاهِليَّةِ فيما مَضَى يُحَرِّمونَ فيهِ الظُّلمَ وَ القِتالَ لِحُرمَتِهِ فَما عَرَفَت هَذِهِ الأُمَّةُ حُرمَةَ شَهرِها وَ لا حُرمَةَ نَبيِّها لَقَد قَتَلوا في هَذا الشَّهرِ ذُرّيَّتَهُ وَ سَبَوا نِساءَهُ وَ انتَهَبوا ثَقَلَهُ فَلا غَفَرَ اللهُ لَهُم ذَلِكَ أَبَداً .
يا ابنَ شَبيبٍ إِن كُنتَ باكياً لِشَيءٍ فابكِ لِلحُسَينِ بنِ عَليِّ بنِ أَبي طالِبٍ(ع) فاِنَّهُ ذُبِحَ كَما يُذبَحُ الكَبشُ وَ قُتِلَ مَعَهُ مِن أَهلِ بَيتِهِ ثَمانيَةَ عَشَرَ رَجُلًا ما لَهُم في الأَرضِ شَبيهونَ وَ لَقَد بَكَتِ السَّماواتُ السَّبعُ وَ الأَرَضونَ لِقَتلِهِ وَ لَقَد نَزَلَ إِلَى الأَرضِ مِنَ المَلائِكَةِ أَربَعَةُ آلافٍ لِنَصرِهِ فَوَجَدوهُ قَد قُتِلَ فَهُم عِندَ قَبرِهِ شُعثٌ غُبرٌ إِلَى أَن يَقومَ القائِمُ فَيَكونونَ مِن أَنصارِهِ وَ شِعارُهُم يا لَثاراتِ الحُسَينِ .
يا ابنَ شَبيبٍ لَقَد حَدَّثَني أَبي عَن أَبيهِ عَن جَدِّهِ أَنَّهُ لَمّا قُتِلَ جَدّيَ الحُسَينُ أَمطَرَتِ السَّماءُ دَماً وَ تُراباً أَحمَرَ .
يا ابنَ شَبيبٍ إِن بَكَيتَ عَلَى الحُسَينِ حَتَّى تَصيرَ دُموعُكَ عَلَى خَدَّيكَ غَفَرَ اللهُ لَكَ كُلَّ ذَنبٍ أَذنَبتَهُ صَغيراً كانَ أَو كَبيراً قَليلًا كانَ أَو كَثيراً .
يا ابنَ شَبيبٍ إِن سَرَّكَ أَن تَلقَى اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لا ذَنبَ عَلَيكَ فَزُرِ الحُسَينَ(ع) يا ابنَ شَبيبٍ إِن سَرَّكَ أَن تَسكُنَ الغُرَفَ المَبنيَّةَ في الجَنَّةِ مَعَ النَّبيِّ(ص) فالعَن قَتَلَةَ الحُسَينِ .
يا ابنَ شَبيبٍ إِن سَرَّكَ أَن يَكونَ لَكَ مِنَ الثَّوابِ مِثلَ ما لِمَنِ استُشهِدَ مَعَ الحُسَينِ فَقُل مَتَى ما ذَكَرتَهُ يا لَيتَني كُنتُ مَعَهُم فاَفوزَ فَوزاً عَظيماً .
يا ابنَ شَبيبٍ إِن سَرَّكَ أَن تَكونَ مَعَنا في الدَّرَجاتِ العُلَى مِنَ الجِنانِ فاحزَن لِحُزنِنا وَ افرَح لِفَرَحِنا وَ عَلَيكَ بِوَلايَتِنا فَلَو أَنَّ رَجُلًا تَوَلَّى حَجَراً لَحَشَرَهُ اللهُ مَعَهُ يَومَ القيامَةِ) .
أما شبهة العلمانيين فجوابها باختصار:
إن المهم في كل ممارسة دينية هو أن يكون لها سند تشريعي صحيح ، فإذا ما وجد فسوف لن يضرها وجود نظير لـها في الشرائع الأخرى ، أو لدى الشعوب الأخرى كما لم يضر شعيرة الحج والصلاة والصيام والزكاة في الاسلام وجود نظائر لـها في الشرائع الأخرى ، فلا يقول أحد ان المسلمين في صلاتهم وصيامهم وحجهم متاثرون بالمسيحيين واليهود .
وقد ذكرنا آنفا الروايات التي تدل على شرعية العزاء الحسيني .
زيارة عاشوراء المروية عن الامام الباقر(ع)
كامل الزيارات : حَكيمُ بنُ داوُدَ وَ غَيرُهُ عَن مُحَمَّدِ بنِ موسَى الهَمدانيِّ عَن مُحَمَّدِ بنِ خالِدٍ الطَّيالِسيِّ عَن سَيفِ بنِ عَميرَةَ وَ صالِحِ بنِ عُقبَةَ مَعاً عَن عَلقَمَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الحَضرَميِّ وَ مُحَمَّدِ بنِ إِسماعيلَ عَن صالِحِ بنِ عُقبَةَ عَن :
مالِكٍ الجُهَنيِّ عَن أَبي جَعفَرٍ الباقِرِ(ع) قالَ مَن زارَ الحُسَينَ(ع) يَومَ عاشوراءَ حَتَّى يَظَلَّ عِندَهُ باكياً لَقيَ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَومَ القيامَةِ بِثَوابِ أَلفَي أَلفِ حَجَّةٍ وَ أَلفَي أَلفِ عُمرَةٍ وَ أَلفَي أَلفِ غَزوَةٍ وَ ثَوابُ كُلِّ حَجَّةٍ وَ عُمرَةٍ وَ غَزوَةٍ كَثَوابِ مَن حَجَّ وَ اعتَمَرَ وَ غَزا مَعَ رَسولِ اللهِ(ص) وَ مَعَ الأَئِمَّةِ الرّاشِدينَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِم
قالَ : قُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ فَما لِمَن كانَ في بُعدِ البِلادِ وَ أَقاصيها وَ لَم يُمكِنهُ المَصيرُ إِلَيهِ في ذَلِكَ اليَومِ قالَ إِذا كانَ ذَلِكَ اليَومُ بَرَزَ إِلَى الصَّحراءِ أَو صَعِدَ سَطحاً مُرتَفِعاً في دارِهِ وَ أَوماَ إِلَيهِ السَّلامَ وَ اجتَهَدَ عَلَى قاتِلِهِ بِالدُّعاءِ وَ صَلَّى بَعدَهُ رَكعَتَينِ يَفعَلُ ذَلِكَ في صَدرِ النَّهارِ قَبلَ الزَّوالِ ثُمَّ ليَندُبِ الحُسَينَ(ع) وَ يَبكيهِ وَ يامُرُ مَن في دارِهِ بِالبُكاءِ عَلَيهِ وَ يُقيمُ في دارِهِ مُصيبَتَهُ بِإِظهارِ الجَزَعِ عَلَيهِ وَ يَتَلاقَونَ بِالبُكاءِ بَعضُهُم بَعضاً بِمُصابِ الحُسَينِ(ع) . فاَنا ضامِنٌ لَهُم إِذا فَعَلوا ذَلِكَ عَلَى اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ جَميعَ هَذا الثَّوابِ .
فَقُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ وَ أَنتَ الضّامِنُ لَهُم إِذا فَعَلوا ذَلِكَ وَ الزَّعيمُ بِهِ ؟
قالَ : أَنا الضّامِنُ لَهُم ذَلِكَ وَ الزَّعيمُ لِمَن فَعَلَ ذَلِكَ .
قالَ : قُلتُ : فَكَيفَ يُعَزّي بَعضُهُم بَعضاً ؟
قالَ : يَقولونَ عَظَّمَ اللهُ أُجورَنا بِمُصابِنا بِالحُسَينِ(ع) وَ جَعَلَنا وَ إيّاكُم مِنَ الطّالِبينَ بِثارِهِ مَعَ وَليِّهِ الإمامِ المَهديِّ مِن آلِ مُحَمَّدٍ (ع) .
فاِنِ استَطَعتَ أَن لا تَنتَشِرَ يَومَكَ في حاجَةٍ فافعَل فاِنَّهُ يَومٌ نَحسٌ لا تُقضَى فيهِ حاجَةُ مُؤمِنٍ وَ إِن قُضيَت لَم يُبارَك لَهُ فيها وَ لَم يَرَ رُشداً وَ لا تَدَّخِرَنَّ لِمَنزِلِكَ شَيئاً فاِنَّهُ مَنِ ادَّخَرَ لِمَنزِلِهِ شَيئاً في ذَلِكَ اليَومِ لَم يُبارَك لَهُ فيما يَدَّخِرُهُ وَ لا يُبارَكُ لَهُ في أَهلِهِ .
فَمَن فَعَلَ ذَلِكَ كُتِبَ لَهُ ثَوابُ أَلفِ أَلفِ حَجَّةٍ وَ أَلفِ أَلفِ عُمرَةٍ وَ أَلفِ أَلفِ غَزوَةٍ كُلُّها مَعَ رَسولِ اللهِ(ص) وَ كانَ لَهُ ثَوابُ مُصيبَةِ كُلِّ نَبيٍّ وَ رَسولٍ وَ صِدّيقٍ وَ شَهيدٍ ماتَ أَو قُتِلَ مُنذُ خَلَقَ اللهُ الدُّنيا إِلَى أَن تَقومَ السّاعَةُ .
قالَ صالِحُ بنُ عُقبَةَ الجُهَنيُّ وَ سَيفُ بنُ عَميرَةَ قالَ عَلقَمَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَضرَميُّ فَقُلتُ لأَبي جَعفَرٍ(ع) عَلِّمني دُعاءً أَدعو بِهِ في ذَلِكَ اليَومِ إِذا أَنا زُرتُهُ مِن قَريبٍ وَ دُعاءً أَدعو بِهِ إِذا لَم أَزُرهُ مِن قَريبٍ وَ أَوماتُ إِلَيهِ مِن بُعدِ البِلادِ وَ مِن داري
قالَ فَقالَ يا عَلقَمَةُ إِذا أَنتَ صَلَّيتَ الرَّكعَتَينِ بَعدَ أَن تومِئَ إِلَيهِ بِالسَّلامِ وَ قُلتَ عِندَ الإيماءِ إِلَيهِ وَ بَعدَ الرَّكعَتَينِ هَذا القَولَ فاِنَّكَ إِذا قُلتَ ذَلِكَ فَقَد دَعَوتَ بِما يَدعو بِهِ مَن زارَهُ مِنَ المَلائِكَةِ وَ كَتَبَ اللهُ لَكَ بِها أَلفَ أَلفِ حَسَنَةٍ وَ مَحا عَنكَ أَلفَ أَلفِ سَيِّئَةٍ وَ رَفَعَ لَكَ مِائَةَ أَلفِ أَلفِ دَرَجَةٍ وَ كُنتَ كَمَنِ استُشهِدَ مَعَ الحُسَينِ بنِ عَليٍّ(ع) حَتَّى تُشارِكَهُم في دَرَجاتِهِم لا تُعرَفُ إِلا في الشُّهَداءِ الَّذينَ استُشهِدوا مَعَهُ وَ كُتِبَ لَكَ ثَوابُ كُلِّ نَبيٍّ وَ رَسولٍ وَ زيارَةِ كُلِّ مَن زارَ الحُسَينَ بنَ عَليٍّ(ع) مُنذُ يَومَ قُتِلَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِ .
تَقولُ :
السَّلامُ عَلَيكَ يا أَبا عَبدِ اللهِ السَّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ رَسولِ اللهِ السَّلامُ عَلَيكَ يا خيَرَةَ اللهِ وَ ابنَ خيَرَتِهِ السَّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ أَميرِ المُؤمِنينَ وَ ابنَ سَيِّدِ الوَصيّينَ السَّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ النِّساءِ السَّلامُ عَلَيكَ يا ثارَ اللهِ وَ ابنَ ثارِهِ وَ الوِترُ المَوتورُ السَّلامُ عَلَيكَ وَ عَلَى الأَرواحِ الَّتي حَلَّت بِفِنائِكَ عَلَيكُم مِنّي جَميعاً سَلامُ اللهِ أَبَداً ما بَقيتُ وَ بَقيَ اللَّيلُ وَ النَّهارُ يا أَبا عَبدِ اللهِ لَقَد عَظُمَتِ المُصيبَةُ بِكَ عَلَينا وَ عَلَى جَميعِ أَهلِ السَّماواتِ فَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً أَسَّسَت أَساسَ الظُّلمِ وَ الجَورِ عَلَيكُم أَهلَ البَيتِ وَ لَعَنَ اللهُ أُمَّةً دَفَعَتكُم عَن مَقامِكُم وَ أَزالَتكُم عَن مَراتِبِكُمُ الَّتي رَتَّبَكُمُ اللهُ فيها وَ لَعَنَ اللهُ أُمَّةً قَتَلَتكَ وَ لَعَنَ اللهُ المُمَهِّدينَ لَهُم بِالتَّمكينِ مِن قِتالِكُم .
يا أَبا عَبدِ اللهِ إِنّي سِلمٌ لِمَن سالَمَكُم وَ حَربٌ لِمَن حارَبَكُم إِلَى يَومِ القيامَةِ فَلَعَنَ اللهُ آلَ زيادٍ وَ آلَ مَروانَ وَ لَعَنَ اللهُ بَني أُمَيَّةَ قاطِبَةً وَ لَعَنَ اللهُ ابنَ مَرجانَةَ وَ لَعَنَ اللهُ عُمَرَ بنَ سَعدٍ وَ لَعَنَ اللهُ شِمراً وَ لَعَنَ اللهُ أُمَّةً أَسرَجَت وَ أَلجَمَت وَ تَهَيّاَت لِقِتالِكَ ،
يا أَبا عَبدِ اللهِ بِأَبي أَنتَ وَ أُمّي لَقَد عَظُمَ مُصابي بِكَ فاَسأَلُ اللهَ الَّذي أَكرَمَ مَقامَكَ أَن يُكرِمَني بِكَ وَ يَرزُقَني طَلَبَ ثارِكَ مَعَ إِمامٍ مَنصورٍ مِن آلِ مُحَمَّدٍ ص ،
اللهُمَّ اجعَلني وَجيهاً بِالحُسَينِ(ع) عِندَكَ في الدُّنيا وَ الآخِرَةِ ،
يا سَيِّدي يا أَبا عَبدِ اللهِ إِنّي أَتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ وَ إِلَى رَسولِهِ وَ إِلَى أَميرِ المُؤمِنينَ وَ إِلَى فاطِمَةَ وَ إِلَى الحَسَنِ وَ إِلَيكَ صَلَّى اللهُ عَلَيكَ وَ سَلَّمَ بِموالاتِكَ وَ البَراءَةِ مِمَّن قاتَلَكَ وَ نَصَبَ لَكَ الحَربَ وَ مِن جَميعِ أَعدائِكُم وَ بِالبَراءَةِ مِمَّن أَسَّسَ الجَورَ وَ بَنَى عَلَيهِ بُنيانَهُ وَ أَجرَى ظُلمَهُ وَ جَورَهُ عَلَيكُم وَ عَلَى أَشياعِكُم بَرِئتُ إِلَى اللهِ وَ إِلَيكُم مِنهُم وَ أَتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ ثُمَّ إِلَيكُم بِموالاتِكُم وَ موالاةِ وَليِّكُم وَ البَراءَةِ مِن أَعدائِكُم وَ مِنَ النّاصِبينَ لَكُمُ الحَربَ وَ البَراءَةِ مِن أَشياعِهِم وَ أَتباعِهِم إِنّي سِلمٌ لِمَن سالَمَكُم وَ حَربٌ لِمَن حارَبَكُم موالٍ لِمَن والاكُم وَ عَدوٌّ لِمَن عاداكُم
فاَسأَلُ اللهَ الَّذي أَكرَمَني بِمَعرِفَتِكُم وَ مَعرِفَةِ أَوليائِكُم وَ رَزَقَني البَراءَةَ مِن أَعدائِكُم أَن يَجعَلَني مَعَكُم في الدُّنيا وَ الآخِرَةِ وَ أَسأَلُهُ أَن يُبَلِّغَني المَقامَ المَحمودَ لَكُم عِندَ اللهِ وَ أَن يَرزُقَني طَلَبَ ثارِكُم مَعَ إِمامٍ مَهديٍّ ناطِقٍ لَكُم وَ أَسأَلُ اللهَ بِحَقِّكُم وَ بِالشّانِ الَّذي لَكُم عِندَهُ أَن يُعطيَني بِمُصابي بِكُم أَفضَلَ ما أَعطَى مُصاباً بِمُصيبَةٍ ،
أَقولُ إِنّا لِلَّهِ وَ إِنّا إِلَيهِ راجِعونَ يا لَها مِن مُصيبَةٍ ما أَعظَمَها وَ أَعظَمَ رَزيَّتَها في الإسلامِ وَ في جَميعِ السَّماواتِ وَ الأَرَضينَ ،
اللهُمَّ اجعَلني في مَقامي هَذا مِمَّن تَنالُهُ مِنكَ صَلَواتٌ وَ رَحمَةٌ وَ مَغفِرَةٌ .
اللهُمَّ اجعَل مَحيايَ مَحيا مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ مَماتي مَماتَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ .
اللهُمَّ إِنَّ هَذا يَومٌ تَنزِلُ فيهِ اللَّعنَةُ عَلَى آلِ زيادٍ وَ آلِ أُمَيَّةَ وَ ابنِ آكِلَةِ الأَكبادِ اللَّعينِ بنِ اللَّعينِ عَلَى لِسانِ نَبيِّكَ في كُلِّ مَوطِنٍ وَ مَوقِفٍ وَقَفَ فيهِ نَبيُّكَ(ص) .
اللهُمَّ العَن أَبا سُفيانَ وَ مُعاويَةَ ، وَ عَلَى يَزيدَ بنِ مُعاويَةَ اللَّعنَةُ أَبَدَ الآبِدينَ اللهُمَّ فَضاعِف عَلَيهِمُ اللَّعنَةَ أَبَداً لِقَتلِهِم الحُسَينَ
اللهُمَّ إِنّي أَتَقَرَّبُ إِلَيكَ في هَذا اليَومِ وَ في مَوقِفي هَذا وَ أَيّامِ حَياتي بِالبَراءَةِ مِنهُم وَ بِاللَّعنِ عَلَيهِم وَ بِالموالاةِ لِنَبيِّكَ وَ أَهلِ بَيتِ نَبيِّكَ(ص)
ثُمَّ تَقولُ مِائَةَ مَرَّةٍ
اللهُمَّ العَن أَوَّلَ ظالِمٍ ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ آخِرَ تابِعٍ لَهُ عَلَى ذَلِكَ اللهُمَّ العَنِ العِصابَةَ الَّتي حارَبَتِ الحُسَينَ(ع) وَ شايَعَت وَ بايَعَت عَلَى قَتلِهِ وَ قَتلِ أَنصارِهِ اللهُمَّ العَنهُم جَميعاً
ثُمَّ قُل مِائَةَ مَرَّةٍ
السَّلامُ عَلَيكَ يا أَبا عَبدِ اللهِ وَ عَلَى الأَرواحِ الَّتي حَلَّت بِفِنائِكَ وَ أَناخَت بِرَحلِكَ عَلَيكُم مِنّي سَلامُ اللهِ أَبَداً ما بَقيتُ وَ بَقيَ اللَّيلُ وَ النَّهارُ وَ لا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ العَهدِ مِن زيارَتِكُم
السَّلامُ عَلَى الحُسَينِ وَ عَلَى عَليِّ بنِ الحُسَينِ وَ أَصحابِ الحُسَينِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِم أَجمَعينَ
ثُمَّ تَقولُ مَرَّةً واحِدَةً
اللهُمَّ خُصَّ أَوَّلَ ظالِمٍ ظَلَمَ آلَ نَبيِّكَ بِاللَّعنِ ثُمَّ العَن أَعداءَ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الأَوَّلينَ وَ الآخِرينَ اللهُمَّ العَن يَزيدَ وَ أَباهُ وَ العَن عُبَيدَ اللهِ بنَ زيادٍ وَ آلَ مَروانَ وَ بَني أُمَيَّةَ قاطِبَةً إِلَى يَومِ القيامَةِ
ثُمَّ تَسجُدُ سَجدَةً تَقولُ فيها :
اللهُمَّ لَكَ الحَمدُ حَمدَ الشّاكِرينَ عَلَى مُصابِهِم الحَمدُ لِلَّهِ عَلَى عَظيمِ رَزيَّتي فيهِم اللهُمَّ ارزُقني شَفاعَةَ الحُسَينِ يَومَ الوُرودِ وَ ثَبِّت لي قَدَمَ صِدقٍ عِندَكَ مَعَ الحُسَينِ وَ أَصحابِ الحُسَينِ الَّذينَ بَذَلوا مُهَجَهُم دونَ الحُسَينِ(ع)
قالَ يا عَلقَمَةُ إِنِ استَطَعتَ أَن تَزورَهُ في كُلِّ يَومٍ بِهَذِهِ الزّيارَةِ مِن دَهرِكَ فافعَل فَلَكَ ثَوابُ جَميعِ ذَلِكَ إِن شاءَ اللهُ تَعالَى .
السيد سامي البدري
النجف الاشرف
محرم الحرام سنة 1432هـ
_____________________________
[1] أنظر سؤال في يزيد بن معاوية لابن تيمية مجلة المجمع العلمي بدمشق/38 ص673 .
[2] ذكرنا طرفا من هذه الأخبار في كراسة الرد على التفسير العلماني لظاهرة البكاء .
[3] انظر كراسة الحسين(ع) وارث إبراهيم فقد ذكرنا فيها نموذجا من هذه النصوص .
[4] كامل الزيارات ، جعفر بن محمد بن قولويه – ص 201 .
[5] وسائل الشيعة ط .آل البيت ، الحر العاملي ج16 ص348 الحسن بن محمد الطوسي في (مجالسه) عن أبيه .
[6] كامل الزيارة باب 33 ص104 ـ 106 .
[7] وطفاء ساكبة روية أي سحابة غزيرة المطر تروى الأرض بمائها .
رجوع إلى قائمة المكتبة الحسينية الميسرة
One Response
ادامك الله لنا ذخرا وحفظك الله واطال الله عمرك استاذي العزيز سيد سامي البدري