مشروع انتظار
القائد الموعود عند اليهود و المسيحيين

على الرغم من العداوة التاريخية الشديدة بين اليهود والنصارى وذلك بسبب دعوى اليهود انهم قتلوا عيسى بن مريم ، وتصديق النصارى بذلك فانهم التقوا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين الميلادي على العقيدة بانتظار المسيح ودعم مشروع سياسي يقوم على تلك العقيدة وهو مشروع قيام اسرائيل بصفتها مقدمة لظهور المسيح ومن ثم جندت مئات الكنائس والجمعيات المسيحية في امريكا واوربا تدعو لدعم دولة اسرائيل بعد قيامها بتلك الصفة (1) .

ففي 1980 تم اعلان تأسيس منظمة في القدس المحتلة باسم (السفارة المسيحية الدولية في القدس) وقد اختصر مؤسسها اهدافها بقوله :

(اننا صهاينة اكثر من الاسرائيليين انفسهم ، وان القدس هي المدينة الوحيدة التي تحظى باهتمام الله وان الله قد اعطى هذه الارض لاسرائيل الى الابد) .

ويرى اعضاء هذه السفارة :

(انه اذا لم تبق اسرائيل فانه لا مكان للمسيح عند مجيئه الثاني) .

وبدأت السفارة فور تأسيسها بالاحتفال الدولي السنوي بالعيد اليهودي المسيحي عيد العريش فحضره اكثر من الف رجل دين مسيحي وفي عام 1982 حضره ثلاثة آلاف رجل دين مسيحي .

وصارت السفارة المسيحية الدولية احدى المنظمات الرئيسية التي تدعى لجلسات الاستماع امام لجان الكونغرس الامريكي عند طرح قضايا الصراع العربي الاسرائيلي وبخاصة مسألة القدس .

وفي سنة 1985 اعلنت القيادات الصهيونية المسيحية في مؤتمرها المنعقد في بال في سويسرا قولهم :

(نحن الوفود المجتمعين هنا من دول مختلفة وممثلي كنائس متنوعة ، وفي نفس هذه القاعة الصغيرة والتي اجتمع فيها منذ 88 عاماً الدكتور تيودور هرتزل ومعه وفود المؤتمر الصهيوني الاول والذي وضع اللبنة الاولى لاعادة ميلاد دولة اسرائيل جئنا معا للصلاة ولإرضاء الرب ، ولكي نعبر عن شغفنا العظيم باسرائيل (الشعب والارض والعقيدة) ولكي نعبر عن التضامن معها وتأييدنا لها)(2) .

وقد تأسست في اميركا كنيسة باسم الكنيسة التدبيرية (Indespensationalism) بلغ عدد اتباعها نحو ستين مليون شخص تؤمن هذه الكنيسة بان للعودة الثانية للمسيح شروطا منها قيام دولة صهيون وتجميع يهود العالم فيها .

وقد كان من اتباع هذه الكنيسة (جورج بوش) و (ريغان) رئيسا الولايات المتحدة السابقان

وفي تشرين الاول عام 1983 قال (ريغان) امام لجنة العلاقات العامة الامريكية الاسرائيلية :

(انني اتساءل هل اننا نحن الجيل الذي سيشهد معركة (هرمجيدون) . ان النبوءات في العهد القديم تصف تماما الوقت الذي نحن فيه)(3) .

وقول (ريغان) هذا يستند الى كتاب (كوكب الارض العظيم الراحل) (THE late gread planet Erth) تأليف هال ليندسي (Hal lindsey) نشره لاول مرة عام 1970 وباع منه اكثر من (15) مليون نسخة يركز فيه على ان اهم اشارة لنهاية التاريخ وعودة المسيح الثانية هي عودة اليهود الى ارض اسرائيل بعد الاف السنين كما اشار فيه الى ان الاتحاد السوفيتي هو ياجوج الذي يتعاون معه العرب وحلفاؤهم لمهاجمة اسرائيل ويؤكد على ان قوة اسرائيل العسكرية ، ستنتصر على قوى الشر تمهيدا للقدوم الثاني للمسيح المنقذ بعد معركة (هرمجيدون) (الموقع الذي ستجرى فيه المعركة الفاصلة بين قوى الخير وقوى الشر في سهل المجدل في فلسطين)(4) .

______________________

(1) انظر كتاب البعد الديني في السياسة الآميريكية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي / يوسف الحسن / رسالة دكتوراه .

(2) انظر مقال : الصهيونية المسيحية في اميركا حسني حداد مجلة شؤون فلسطينية العدوان 92-93 10/9/1990 .

(3) انظر مقال : الخليج : في الطريق الى هرمجيدون . محمد اسماك جريدة السفير 0/9/1990 .

(4) مقال حسني حداد السابق .