الاساس الموضوعي
لتمييز الصادق من مدعي المهدوية

الاساس الموضوعي الوحيد الذي يمكننا ان نعتمد لتشخيص الصادق من الكاذب من مدعي المهدوية هو المؤيدات الالهية التي تجري على يد من يدعي المهدوية بعد تصديقه للنبوة الخاتمة وحركة ابائه اوصياء النبي الخاتم ، كما هو الحال مع أي مدعي للنبوة والرسالة وتختم هذه المؤيدات بظهور عيسى بن مريم الذي قص القرآن علينا خبره انه يحيي الموتى ويبرئ الا كمه والابرص (1) .

وبهذا الاساس يقطع الطريق على كل حالة كاذبة سواء تعمد صاحبها الكذب او وقع ضحية حالة كشف عرفاني خاطئ من قبيل ما وقع للمهدي السوداني حين خيل اليه انه هو المهدي الموعود بما تجسد في خياله ان النبي قد اخبره مباشرة بانه هو حيث قال في احدى رسائله (المؤرخة قبل 16شعبان 1299هجرية :

(اخبرني سيد ا لوجود (ص) باني المهدي المنتظر وخلفني عليه السلام بالجلوس على كرسيه مرارا بحضرة الخلفاء الاربعة والاقطاب والخضر (ع) وايدني بالملائكة المقربين والاولياء الاحياء والميتين من لدن ادم الى زماننا هذا وكذلك المؤمنين من الجن وفي ساعة الحرب يحضر معهم امام جيش سيد ال وجود (ص) بذاته الكريمة وكذلك الخلفاء الاربعة والاقطاب والخضر واعطاني سيف النصر من حضرته (ص) واعلمت انه لا ينصر علي معه احد ولو كان الثقلين الانس والجن ثم اخبرني سيد الوجود (ص) …بانه تخرج راية من نور وتكون معي في حالة الحرب يحملها عزرائيل (ع) فيبثبت بها اصحابي وينزل الرعب في قلوب اعدائي فلا يلقاني احد بعداوة الا خذله الله .

فمن له سعادة صدق صدِّق باني المهدي المنتظر ولكن الله جعل في قلوب الذين يحبون الجاه النفاق فلا يصدقون حرصا على جاههم …وامرني سيد الوجود (ص) بالهجرة الى ماسة بجبل قدير وامرني ان اكاتب بها جميع المكلفين امرا عاما فكاتبنا بذلك الامراء ومشايخ الدين فانكرالاشقياء وصدق ا لصديقون …وقد اخبرني سيد الوجود (ص) بانه من شك في مهديتك فقد كفر بالله ورسوله كررها ثلاث مرات ، وجميع ما اخبرتكم به من خلافتي على المهدية الخ فقد اخبرني به سيد الوجود (ع) يقظة في حال الصحة خاليا من الموانع الشرعية لا بنوم ولا جذب ولا سكر ولا جنون …) (2) .

وقال في رسالة اخرى (…فلولا اني على نور من الله وتاييد من رسول الله (ص) لما قدرت على شئ ولا ساغ لي ان احكي شيئا ، وما اخبرت عن النبي (ص) بما اخبرت الا بامر من رسول الله وقد اخبرني (ص) باخبار ليست عند الاولياء ولا عند العلماء وليكن معلوما عندكم اني لا افعل شيئا الا بامر النبي (ص) او ملك الالهام مأذونا من النبي (ص) وقد اخبرني (ص) ان الامة تهتدي بي بدون المشقة التي حصلت له (ص) ، واني مخلوق من نور عنان قلبه (ص) وبشرني (ص) ان اصحابي كاصحابه وان عوامهم لهم رتبة عند الله كرتبة الشيخ عبد القادر الجيلاني . ) (3) .

فالملاحظ على فقرات الرسالتين هو انحصار الادلة على صدق مدعي المهدية الذاتية وليس الموضوعية مضافا الى عدم تحقق ما اخبر به من النصر المؤزر لحركته .

ان المهدي على التصور الشيعي انسان مشخص وهو ابن الحسن العسكري ولد سنة 255 هجرية وعايش اهل الارض من القرن الثالث الهجري والى القرن الخامس عشر الهجري والى ماشاء الله فلا بد له ان يثبت ذلك بطريقة موضوعية وهي اما جريان المعجزات على يده وقد جرت المعجزات على يد اصف بن برخيا وزير سليمان ولم يكن اصف نبيا وذلك حين احضر عرش ملكة سبأ باقل من لمح البصر :

(قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنْ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ … (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)) النمل/38-40 .

والطريقة الاخرى هي ان يستخدم طرقا اعتيادية تكشف عن عمر صاحبها وهويته من قبيل ان يخبر اهل لندن انه مر من بلادهم في القرن العاشر الميلادي ووضع رسالة بخط يده على رق غزال في المنطقة الفلانية وكانت في ذلك الوقت مكتبة المدينة ولكنها اندثرت بفعل عوامل مختلفة ثم يخاطب الانكليز بامكانكم الحفر عدة امتار لتعثروا على مكتبتكم المندثرة وفيها وثائق تعتزون بها وبامكانهم ان تفتحوا اللفاقة الفلانية لتجدوا رسالتي اليكم وهذه نسخة ثانية منها ، وبنفس الاسلوب يخاطب الروس او الايرانيين او العرب او الصينيين وغيرهم ممن تعمر به الارض عند ظهوره ، ولا بد انه يطرح هذا الطلب بما يكشف عن درايته وعلمه بالحلقات المفقودة العزيزة في كل بلد من اجل ان يحرك اهل كل بلاد نحو التنقيب لكشف الحقيقة ولا بد ان يطرحها من موقع قوي من قبيل بعد ان يحقق النجاج في دولة ظهوره فيكون ادعائه و طلبه من موقع رئيس دولة ادعى واقوى واكثر اثارة وغرابه حيث لو ظهر سنة 1455هجرية –2034 ميلادية سيدعي انه محمد بن الحسن العسكري وان عمره مثلا 1200 سنة وهو بمنظر ابن الثلاثين وبالتاكيد سوف يتبادر الى اذهان السياسيين انذاك ان هذا الرئيس قد جن او اصيب بالخرف ولكنهم حين يسمعون منه دعواه وطلبه وتحمله نفقات التنقيب ونتائج اثارية يقدرها علماء اثار كل بلد يتحول الموفق لصالحه ويتحرك الاخرون لاختبار الدعوى .

ولا مانع من اجتماع الطريقتين .

______________________

(1) كثرت الامراض المستعصية على العلاج زمن المسيح وكانت من معجزاته ا نه عالج تلك الامراض بالمسح عليها ، وسيتكرر هذه الامر بظهور المسيح الثاني حيث سيكون العالم قبيل ظهوره قد شاعت فيه ظاهرة المشوهين خلقيا بسبب اشعة الراديوم المستخدمة في الحروب وولعلنا نعيش ارهاصات هذه المرحلة وبخاصة بعد ان جربت الاسلحة الجديدة في حرب الخليج وينتظر الخبراء ظهور حالات التشوه الخلقي بسبب تلك الاشعاعات .

(2) انظر الاثار الكاملة للامام المهدي (السوداني)في سبع مجلدات ، المجلد الاول ص 139-143 وايضا سعادة المهتدي بسيرة الامام المهدي ص 01تاليف اسماعيل عبد القادر الكردفاني تحقيق د . محمد ابراهيم ابو سليم ط1سنة 1972 بيروت .

(3) الاثار الكاملة المجلد الخامس ص 94 نسخة معدلة من الرسالة 40 .