المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
الباب الرابع : بحوث تطبيقية
الفصل الأول : دراسة روايات أبي هريرية

دراسة روايات أبي هريرة

درس العلامة شرف الدين رحمه الله  (1) روايات ابي هريرة في كتابه القيم (ابو هريرة) وفيما يلي طرف من مقدمة هذه الدراسة ومختصر لترجمة ابي هريرة ونموذج من رواياته التي درسها وقد اخترنا روايته في تامير ابي بكر على الحج سنة تسع :

طرف من المقدمة

قال رحمه الله : هذه دراسة لحياة صحابي روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله فأكثر حتى أفرط . أجمع أهل الحديث - كما في ترجمته من (الاصابة) وغيرها - على انه اكثر الصحابة حديثا ، وقد ضبط الجهابذة من الحفظة الاثبات حديثه فكان خمسة الآف وثلاثمائة واربعة وسبعين مسندا . وله في البخاري فقط اربعمائة وستة واربعين حديثا وروت عنه صحاح الجمهور وسائر مسانيدهم فأكثرت حتى أفرطت أيضا ، ولايسعنا ازاء هذه الكثرة المزدوجة إلا أن نبحث عن مصدرها لاتصالها بحياتنا الدينية والعقلية اتصالا مباشرا ولولا ذلك لتجاوزناها وتجاوزنا مصدرها إلى ما يغنينا عن تجشم النظر فيها وفيه .

ولكن اسلات هذه الكثرة قد استفاضت في فروع الدين واصوله فاحتج بها فقهاء الجمهور ومتكلموهم في كثير من أحكام الله عزوجل وشرائعه ملقين اليها سلاح النظر والتفكير .

ولا عجب منهم في ذلك بعد بنائهم على اصالة العدالة في الصحابة اجمعين .

وحيث لا دليل على هذا الاصل (كما هو مبين في محله بايضاح) لم يكن لنا بد من البحث عن هذا المكثر نفسه وعن حديثه كما وكيفا لنكون على بصيرة فيما يتعلق من حديثه بأحكام الله فروعا واصولا وهذا ما اضطرنا إلى هذه الدراسة الممعنة في حياة هذا الصحابي (وهو أبوهريرة) وفي نواحي حديثه وقد بالغت في الفحص وأغرقت في التنقيب .

وبعد ان امعنا النظر في حديثه كما وكيفا لم يسعنا - شهد الله - إلا الانكار عليه في كل منهما ، وقد سبقنا إلى ذلك معاصروه ...

والحق أن الصحبة بما هي فضيلة جليلة ، لكنها غير عاصمة ، والصحابة فيهم العدول وفيهم الاولياء والاصفياء والصديقون وهم علماؤهم وعظماؤهم وفهيم مجهول الحال ، وفيهم المنافقون من أهل الجرائم والعظائم ، والكتاب الحكيم يعلن ذلك بصراحة (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم) فعدولهم حجة ومجهول الحال نتبين أمره ، وأهل الجرائم لا وزن لهم ولا لحديثهم . هذا رأينا في حملة الحديث من الصحابة وغيرهم والكتاب والسنة بينتنا على هذا الرأي  (2) فالوضاعون لا نعفيهم من الحرج وان اطلق عليهم لفظ الصحابة ، لان في اعفائهم خيانة لله عزوجل ولرسوله ولعباده ، ونحن في غنى بالعلماء والعظماء والصديقين والصالحين من أصحابه صلى الله عليه وآله ومن عترته التي أنزلها منـزلة الكتاب وجعلها قدوة لاولي الالباب . وعلى هذا فقد اتفقنا في النتيجة وان قضى الالتواء في المقدمات شيئا من الخلاف ، فان الجمهور إنما يعفون أبا هريرة ، وسمرة بن جندب ، والمغيرةومعاوية ، وابن العاص ، ومروان ، وأمثالهم تقديسا لرسول الله ولسنته صلى الله عليه وآله شأن الاحرار في عقولهم ممن فهم الحقيقة من التقديس والتعظيم .

وبديهي - بعد - أن كان تكذيب كل من يروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا خارجا عن طاقة التصديق أولى بتعظيم النبي وتنـزيهه وأجرى مع المنطق العلمي الذي يريده صلى الله عليه وآله لرواد الشريعة ورواد العلم من أمته . وقد أنذر صلى الله عليه وآله بكثرة الكذابة عليه وتوعدهم بتبوء مقاعدهم من النار فاطلق القول بالوعيد .

وإني أنشر هذه الدراسة في كتابي هذا - أبوهريرة - مخلصا للحق في تمحيص السنة وتنـزيهها في ذاتها المقدسة وفي نسبتها لقدسي النبي الحكيم العظيم (وما ينطق عن الهوى) .

وللحق في سلامة التفكير وصدق النظر .

وللحق في قواعد العلم والعقل التي تأبى احترام كذّاب على رسول الله صلى الله عليه وآله فتعفيه من الجرح لانه صحب رسول الله ! ! وتأبى كل الاباء ان تخضع لروايته (مغلولين مفلولين) فيما يمس السنة النبوية وهي أولى بالتنـزيه والتقديس لانها رسالته إلى العالمين وبقيته الباقية إلى يوم الدين .

 ... لا نقصد بهذا الكتاب - شهد الله - أن نصدع هذه الوحدة المتواكبة المتراكمة في هذه اللحظة المستيقظة ، بل نقصد تعزيز هذه الوحدة واقامتها على حرية الرأي والمعتقدلتكون الوحدة على هذا الضوء أهدى للغاية وادل على القصد ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب .

وإذا شاء بعض اخواننا في الدين الاسلامي أن يصعّر خده محمرا أو مصفرا فليصغ إلى هذه الملاحظات المتواضعة ، وليفتنا بعدها يجدنا إن شاء الله تعالى أقرب إلى تأليف الكلمة وتوحيد الصفوف .

بين أيدينا الآن من هذه الملاحظات ألوان : بعضها يمس الطبائع في نواميسها وفطراتها ، وبعضها متناقض متداحض ، وبعضها خارج على قواعد العلم المشتقة من صلب الدين ، وكثير منها تزلف إلى بني أمية أو إلى الرأي العام في تلك الايام ، وبعضها خيال أو خبال ، وهي بجملتها خروج على أصول الصحة في كل معانيها .

فمن بلاياه أن ملك الموت كان قبل موسى يأتي الناس عيانا حتى أتى موسى فلطمه موسى ففقأ عينه ! وأرجعه على حافرته إلى ربه أعور ! فكان بعد هذه الحادثة يأتي الناس خفيا !

ومنها : تلك المسابقة الطريفة بين الحجر وموسى ، أو بين موسى والحجر .

إذ وضع موسى ثيابه عليه ليغتسل في ناحية عن الناس ففر الحجر بثياب موسى ليستدرجه إلى لحاقه عاريا ! كي ينفي الشائعة عن فتق موسى بمروره على الملا من بني اسرائيل مكشوفا كما خلق يشتد خلف الحجر يناديه بأعلى صوته ثوبي حجر ثوبي حجر حتى وقف الحجر إذ انتهت مهمته فطفق موسى يضربه بعصاه ضربا أثر فيه ندوبا أي جروحا قال أبوهريرة : إن في الحجر ندبا ستة أو سبعا .

ومنها : أحاديث تناول فيها الحق تبارك وتعالى فصوره في اشكال تعالى الله عزوجل عنها علوا كبيرا .

كحديثه في أن الله تعالى يأتي هذه الامة يوم القيامة في الصورة التي يعرفون فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فاذا أتانا عرفنا فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون فيقول أنا ربكم ! فيقولون أنت ربنا فيتبعونه ، في قصة طويلة مظلمة باردة ذات خيال شرود آبد يعرض الله في اشكال يتنكر في بعضها ! ويغدو على عباده !

وحديثه في أن جهنم لا تمتلئ حتى يضع الله رجله فيها ! في خرافة فيها افتخار النار بالمتكبرين واستكانة الجنة بدخول سقطة الناس اليها .

وحديثه في أن ربه - تعالى الله ربنا - ينـزل كل ليلة إلى السماء الدنيا يقول من يدعوني فاستجيب له .

إلى غير ذلك من الاحاديث التي كانت مصدرا لمذهب التجسيم في الاسلام .

وله أحاديث عني فيها بالانبياء عليهم السلام ، فوصفهم بما تجب عصمتهم منهوحسبك منها حديثه عن سليمان إذ قال لأطوفن الليلة بمائة امرأة تلد كل امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله فقال له الملَك : قل إن شاء الله فلم يقل فأطاف بهن فلم تلد منهن إلا امرأة نصف انسان .

وحديثه في نملة قرصت موسى فامر بقرية النمل فاحرقت فاوحى الله اليه قرصتك نملة فاحرقت أمة من الامم تسبح لله تعالى .

 ... وحسبك في أبي هريرة انه كان يحدث بما لم يره ولم يسمع ويدعي مع ذلك الرؤية والسماع .

قال أبوهريرة فيما صح عنه بالاجماع : دخلت على رقية بنت رسول الله زوجة عثمان وبيدها مشط فقالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من عندي آنفا رجلت شعره الحديث  (3) .

ومن المعلوم اجماعا وقولا واحدا أن رقية انما ماتت سنة ثلاث بعد فتح بدروأبوهريرة انما أسلم سنة سبع بعد فتح خيبر فأين كان عن رقية ومشطها يا أولي الالباب ؟ .

وكم كان يتبجح فيقول : افتتحنا خيبر ولم نغنم ذهبا ولا فضة انما غنمنا البقر والابل والمتاع والحوائط الحديث  (4) مع انه لم يحضر الفتح إجماعا وقولا واحدا ، وإنما جاء بعد الفتح ولذا ارتبك شارحو الصحيحين عند انتهائهم إلى قوله : افتتحنا خيبرفحملوا كلمته هذه على التجوز وان المراد جنسه من المسلمين  (5)  (6) .

أما ما تزلف به إلى بني أمية وأعوانهم أو إلى الرأي العام في تلك الايام فكثير أوردنا منه طائفة في ترجمته .

أفيجوز أن نجعله بعد كل هذا حجة ؟ نلقي اليه بازمة عقولنا وعقائدنا من غير نظر نختاره لهذه العقول والعقائد ؟ فان صح هذا عقلا وشرعا فليمض أبوهريرة ومن اليه في حرمهم الذي بنته السياسة ووضعته بين التقاليد والمواريث .

وان صح عماية التقاليد والمواريث منشأ لفرقة ، أو مثارا لخلاف فلتبق حتى يأذن الصبح ، إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب .

ترجمة ابي هريرة

اختلف الناس في اسمه واسم ابيه اختلافا كثيرا . لايحاط به ولا يضبط في الجاهليةوالاسلام  (7) وانما يعرف بكنيته وينسب إلى دوس . وهي قبيلة يمانية تفرعت عن دوس بن عدنان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن مالك بن النضر بن الازد بن الغوث .

وكني أبا هريرة بهرة صغيرة كان مغرما بها  (8) .

نشأ في مسقط رأسه (اليمن) وشب ثمة حتى أناف على الثلاثين  (9) جاهليا يخدم هذا وذاك وتي وتلك مؤجرا نفسه بطعام بطنه  (10) .

اسلم بعد فتح خيبر سنة سبع للهجرة باتفاق أهل الاخبار . وانضوى باسلامه إلى مساكين الصفة  (11) وهم - كما قال أبوالفداء في تاريخه المختصر : أناس فقراء لا منازل لهم ولا عشائر ينامون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد ويظلون فيه . وكانت صفة المسجد مثواهم فنسبوا اليها .

ولم يذكر في حرب ولا في سلم ، بلى ذكروا أنه فر من الزحف يوم مؤتة  (12) . وزعم أنه كان في البعث الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله مع علي ببراءة إلى مكة وأنه نادى يوم الحج الاكبر حتى صحل صوته ، وله في ذلك حديثان متناقضان متساقطان كما ستقف عليه في محله إن شاء الله تعالى . وزعم أن النبي صلى الله عليه وآله وكله بحفظ زكاة رمضان في حديث طويل  (13) سنورده في الاباطيل .

كانت مدة صحبته للنبي ثلاث سنين كما صرح هو في حديث أخرجه البخاري  (14)وفي عهد الخليفتين لم نجد لابي هريرة ثمة أثرا يذكر ، سوى ان عمر بعثه واليا على البحرين سنة إحدى وعشرين . فلما كانت سنة ثلاث وعشرين عزله وولى عثمان بن أبي العاص حين مات الوالي عليها من قبل رسول الله صلى الله عليه وآلهوابي بكر وعمر وهو العلاء ابن الحضرمي الثقفي  (15) ، ولم يكتف بعزله حتى استنقذ منه لبيت المال عشرة الآف زعم انه سرقها من مال الله في قضية مستفيضة ، وحسبك منها ما ذكره ابن عبد ربه المالكي (فيما يأخذ به السلطان من الحزم والعزم من أوائل الجزء الاول من عقده الفريد) إذ قال - وقد ذكر عمر : ثم دعا أبا هريرة . فقال له : علمت اني استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين . ثم بلغني انك ابتعت افراسا بألف دينار وستمائة دينار . قال : كانت لنا أفراس تناتجت وعطايا تلاحقت . قال : حسبت لك رزقك ومؤنتك وهذا أفضل فأده قال : ليس ذلك . قال : بلا والله وأوجع ظهرك ثم قام اليه بالدرة فضربه حتى أدماه ثم قال ائت بها ، قال : احتسبها عند الله قال : ذلك لو أخذتها من حلال وأديتها طائعا ، أجئت من أقصى حجر البحرين يجبي الناس لك لا لله ولا للمسلمين ؟ ما رجعت  (16) بك أميمة إلا لرعية الحمر .

قال ابن عبد ربه : وفي حديث أبي هريرة : لما عزلني عمر عن البحرين قال لي : ياعدو الله وعدو كتابه سرقت مال الله قال فقلت : ما أنا عدو الله وعدو كتابه ولكني عدو من عاداك وما سرقت مال الله ، قال : فمن أين اجتمعت لك عشرة آلاف ؟ قال فقلت : خيل تناتجت ، وعطايا تلاحقت ، وسهام تتابعت قال : فقبضها مني فلما صليت الصبح استغفرت لامير المؤمنين الحديث .

وقد أورده ابن أبي الحديد إذ ألـمَّ بشئ من سيرة عمر في المجلد الثالث من شرح النهج  (17) .

وأخرجه ابن سعد في ترجمة أبي هريرة من طبقاته الكبرى  (18) من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال : قال لي عمر : ياعدو الله وعدو كتابه أسرقت مال الله إلى آخر الحديث . وأورده ابن حجر العسقلاني في ترجمة أبي هريرة من أصابته ، فحوره عطفا على أبي هريرة تحويرا خالف فيه الحقيقة الثابتة باتفاق أهل العلم ، وذهل عما يستلزمه ذلك التحرير من الطعن بمن ضرب ظهره فأدماه وأخذ ماله وعزله .

وفي عهد عثمان أخلص أبوهريرة لآل أبي العاص وسائر بني أمية واتصل بمروان وتزلف إلى آل أبي معيط ، فكان له بسبب ذلك شأن ، ولا سيما بعد يوم الدار إذ حوصر عثمان فكان أبوهريرة معه .

وفي عهد علي عليه السلام قعد عن نصرته بل كان وجهه ونصيحته الى اعدائه وقد أرسله معاوية مع النعمان بن بشير - وكانا عنده في الشام - إلى علي صلى الله عليه وآلهيسألانه أن يدفع قتلة عثمان إلى معاوية ليقيدهم بعثمان ، وقد أراد معاوية بهذا أن يرجعا من عند علي إلى الشام وهما لمعاوية عاذران ولعلي لائمان ، علما من معاوية أن عليا لا يدفع قتلة عثمان اليه ، فاراد أن يكون النعمان وأبوهريرة شاهدين له عند أهل الشام بذلك ، وان يظهرا للناس عذر معاوية في قتال علي . فقال لهما أئتيا علياً فأنشداه الله لما دفع الينا قتلة عثمان ، فانه قد آواهم ، ثم لا حرب بيننا وبينه ، فان ابى فكونوا شهداء الله عليه ، واقبلا على الناس فاعلماهم بذلك . فأتيا عليا فدخلا عليه ، فقال له أبوهريرة : يا أبا الحسن ان الله قد جعل لك في الاسلام فضلا وشرفا ، فأنت ابن عم محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وقد بعثنا اليك ابن عمك يسألك امرا تسكن به هذه الحرب ويصلح الله به ذات البين ان تدفع اليه قتلة ابن عمه عثمان فيقتلهم به ويجمع الله تعالى امرك وامره ويصلح بينكم وتسلم هذه الامة من الفتنة والفرقة ، ثم تكلم النعمان بنحو من هذا فقال لهما : دعا الكلام في هذا ، حدثني عنك يا نعمان ، هل أنت أهدى قومك سبيلا ؟ - يعني الانصار - قال : لا . قال فكل قومك قد اتبعني الا شذاذ منهم ثلاثة أو أربعة افتكون أنت من الشذاذ ؟ قال النعمان : اصلحك الله انما جئت لاكون معك والزمك ، وقد كان معاوية سألني ان اؤدي هذا الكلام ورجوت ان لي موقف اجتمع فيه معك . وطمعت ان يجري الله تعالى بينكما صلحا فاذا كان رأيك غير ذلك فانا ملازمك وكائن معك .

قال حفظة الآثار : أما أبوهريرة فلم يكلمه أمير المؤمنين فانصرف إلى الشام فاخبر معاوية بالخبر فأمره معاوية ان يعلم الناس ففعل ذلك وعمل اعمالا ترضي معاوية . واقام النعمان بعده عند علي ثم خرج فارا إلى الشام فأخبر أهلها بما لقي إلى آخر ما كان من هذه الواقعة  (19) .

وحين جد الجد ، وحمى وطيس الحرب ، ورد على أبي هريرة من الهول ماهزم فؤاده وزلزل اقدامه ، وكان في أول تلك الفتنة لا يشك بأن العاقبة ستكون لعلي . فضرب الارض بذقنه ، قابعا في زوايا الخمول يثبط الناس عن نصرة أمير المؤمنين بما يحدثهم به سرا وكان مما قاله يومئذ : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ستكون فتنة ، القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به  (20) .

ولم يزل كذلك حتى خرجت الخوارج على أمير المؤمنين واختلف الناس عليه في العراق واستفحل أمر معاوية باستيلائه على مصر وقتله محمد بن أبي بكر وعبثه في بلاد أمير المؤمنين ، وشنه الغارات عليها ، وبعثه بسرا في ثلاثة آلاف إلى الحجاز واليمن عبثا في الارض وفسادا ، وتنكيلا بعباد الله وتقتيلا ، وتحريفا لهم وتمزيقا ، وانتهاكا لحرمات اللهوهتكا لامائه وسبيا لذراى المؤمنين من عباده ، وعبرة للناظرين ، ومثلا واحدوثة في الغابرين وفي ختام هذه الفظائع أخذ البيعة لمعاوية من أهل الحجاز واليمن عامة  (21) فعندها باح أبوهريرة بما في صدره ، واستراح إلى بسر بن ارطاة بمكنون سره فوجد بسر منه اخلاصا لمعاوية ، ونصحا في أخذ البيعة له من الناس . فولاه على المدينة  (22) حين أنصرف عنها وامر أهلها بطاعته ولم يزل بعدها يصلى بهم ويرى لنفسه الولاية عليهم حتى جاءهم جارية بن قدامة السعدي من قبل أمير المؤمنين في الفي فارس وأبوهريرة يصلي في الناس ، فهرب من وجهه ، فقال جارية  (23) لو وجدت أبا سنور لقتلته . وبلغ جارية - وهو في الحجاز - استشهاد أمير المؤمنين في الكوفة فأخذ البيعة من أهل المدينة للامام السبط أبي محمد الحسن الزكي المجتبى صلى الله عليه وآله ثم عاد إلى الكوفة فرجع أبوهريرة يصلي بالناس  (24) واستفحل بعدها امره حيث انتهى الامر إلى معاوية .

وعلى عهد معاوية نزل أبوهريرة إلى جناب مريع ، وانزل آماله منه منـزل صدق لذلك نزل في كثير من الحديث على رغائبه ، فحدث الناس في فضل معاوية وغيره ، أحاديث عجيبة . وقد كثر وضع الحديث في تلك الدولة حسبما اقتضته دعايتها ، واوجبته سياستها في نكاية الهاشميين ، وكثرت الكذابة يومئذ على رسول الله كما أنذر به صلى الله عليه وآله وتطوروا فيما اختلقوه من الحديث حسبما أوحى اليهم وكان أبوهريرة في الرعيل الاول من هؤلاء .

قال أبوجعفر الاسكافي  (25) : إن معاوية حمل قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في على تقتضي الطعن فيه والبراءة منه وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله ، فاختلقوا له ما أرضاه . منهم أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبةومن التابعين عروة بن الزبير إلى آخر كلامه .

كانت وفاته في قصره بالعقيق  (26) فحمل إلى المدينة فكان ولد عثمان بن عفان يحملون سريره حتى بلغوا به البقيع حفظا بما كان من رأيه في أبيهم  (27) وصلى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وكان يومئذ أميرا على المدينة وكان مروان معزولا  (28) وانما صلى عليه الوليد تكريما له ، تقدم للصلاة عليه بعد ان صلى بالناس فريضة العصر وفي القوم ابن عمر وابوسعيد الخدري واضرابهما  (29) . وكتب الوليد إلى عمه معاوية ينعى اليه أبا هريرة فكتب اليه معاوية  (30) انظر من ترك وادفع إلى ورثته عشرة آلاف درهم واحسن جوارهم وافعل اليهم معروفا فانه ممن نصر عثمان وكان معه في الدار .

وكانت وفاته سنة سبع وخمسين ، وقيل سنة ثمان وخمسين ، وقيل سنة تسع وخمسين وهو ابن ثمان وسبعين سنة .

رواياته في تأمير أبي بكر على الحج سنة تسع

أخرج الشيخان عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف : ان أبا هريرة أخبره ان أبا بكر الصديق بعثه في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وآله قبل حجة الوداع بسنة يوم النحر في رهط يؤذنون في الناس أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان  (31) .

وأخرج البخاري عن حميد عن أبي هريرة أيضا قال : بعثني ابوبكر الصديق في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى ان لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان (قال) : ثم اردف النبي صلى الله عليه وآله بعلي فأمره ان يؤذن ببراءة فأذن معنا علي في اهل منى يوم النحر الحديث  (32) .

قال العلامة شرف الدين رحمه الله : لا عجب من سياسة الشام إذا فرضت هذا الباطل على أبي هريرة وحميد ولا عجب منهما إذا تطوعا لها فتواطآ عليه . فان ابا هريرة إنما أتى الشام متجرا بما يروج فيها من سلعته والدنيا يومئذ متسقة مستوسقة لسطان بني أمية والدعايات ضد الوصي وآل النبي أربح تجارات الدجالين في ذلك العهد .

وحميد كان ممن صنعوا على عين معاوية لحمل امثال هذا الحديث والرثاء بالعبادة والتقشف ، وللولوع بالسماع من اعداء علي  (33) وكان بني أمية كألدهم خصومة واشدهم لهجةوقد وشجت به عروقهم وولدته العبشميات من امهاتهم ، فان امه ام كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بن ذكوان بن امية بن عبد شمس فهي اخت الوليد بن عقبة لابيه وأمه ، وام امه ام عثمان بن عفان  (34) واسمها اروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس "شنشنة نعرفها" على ان اباه عبدالرحمن كان منحرفا عن علي وقد آثر يوم الشورى عثمان لصهره  (35)مع هن وهن ، فلا غرو ان تواطأ أبوهريرة وحميد على هذا الباطل في تلك الظروف فأذاعته الدعايات الجبارة حتى استطار .

ومما نحتج به على بطلانه ان ابا هريرة (قبل ان يتصل باسباب بني امية) كان يقول  (36) : كنت في البعث الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وآله مع علي ببراءة فقال له ولده المحرر : فيم كنتم تنادون ؟ قال : كنا نقول : لايدخل الجنة إلا مؤمنو لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله عهد فأجله إلى اربعة اشهر فناديت حتى صحل صوتي  (37) .

هذا حديثه الثابت منه من طريق الثقات الاثبات لم يذكر فيه ابا بكر بالمرة ، وإنما نص فيه على ان البعث الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وآله تلك السنة إلى مكة - وهم الحجاج - إنما بعثهم مع علي - وفي ركابه - وهذه هي الامرة التي اسندها ابو هريرة في ذلك الحديث إلى أبي بكر .

واذا كان مبعوثا مع علي بأمر النبي صلى الله عليه وآله كما يزعم في هذا الحديث ، فما معنى قوله في ذلك الحديث ، بعثني ابوبكر الصديق في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر ؟ ! وما الوجه في قوله : ثم أردف النبي بعلي فأذن معنا ؟ وهل هذا إلا تهافت  (38) ! يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا ان يتم نوره .

واني بعون الله تعالى ممحص لك الحقيقة في هذه العجالة مجلوة في مباحث :

المبحث الاول : في بيان الواقع من هذه المهمة على سبيل الاختصار

ومجمل القول هنا انه لما نزلت (براءة) على رسول الله صلى الله عليه وآله بعث بها أبا بكر ليتلوها يوم الحج الاكبر على رؤوس الاشهاد إيذاناً ببراءة الله ورسوله من المشركين ، ونبذا لعهودهمومنعا لهم عن مكة ، واعلانا لتحريم الجنة عليهم ، وان لا يطوف بالبيت عريان .

فلما سار غير بعيد أوحى الله إلى نبيه أن لا يؤدي عنك إلا انت أو رجل منك فاستدعى عليا وأمره بلحاق أبي بكر وأخذ براءة منه والمضي بها إلى مكة لاداء المهمة عن الله ورسوله وعهد اليه بالولاية العامة على الموسم  (39) وأمره بأن يخير أبا بكر بين أن يسير مع ركابه او يرجع إلى المدينة ، فركب على ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله العضباء ولحق أبا بكر فقال له فيم جئت يا أبا الحسن ؟ قال أمرني رسول الله أن آخذ منك الآيات فانبذ بها عهد المشركين  (40)ولك الخيار في الذهاب معي أو الرجوع اليه ، قال بل أرجع اليه ، فمضى علي بمن معه من حجاج المدينة وما حولها إلى مكة ، ورجع أبوبكر إلى المدينة فقال يارسول الله أهلتني لامر طالت الاعناق إلي فيه فلما توجهت له رددتني عنه مالي ؟ أنزل في قرآن ؟ قال صلى الله عليه وآله : لا ، ولكن الامين جبرئيل هبط إلي عن الله عزوجل بأنه : لا يؤدي عنك الا أنت أو رجل منك وعلي مني ولا يؤدي عني إلا علي والاخبار في هذا المعنى متواترة من طريق العترة الطاهرة  (41) .

المبحث الثاني : في يسير مما جاء من طريق الجمهور مؤيدا لما ذكرناه

وحسبك نص أبي بكر الصحيح حجة بالغة ، قال : ان النبي صلى الله عليه وآله بعثني ببراءة لاهل مكة لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول الله مدة فأجله إلى مدته والله برئ من المشركين ورسوله "قال" فسرت بها ثلاثا ثم قال : رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي : الحق أبا بكر فرده على وبلغها انت (قال) ففعل علي ذلك ورجعت إلى المدينة فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وآله بكيت اليه وقلت يارسول الله حدث في شئ ؟ قال ما حدث فيك الاخير ولكني امرت أن لا يبلغها الا انا أو رجل مني ، هذا حديث أبي بكر بلفظه)  (42) فهل ترى بكاءه واشفاقه يجتمعان مع تأميره ؟ كلا ! وانما يكونان بتنحيته .

ومثله حديث علي إذ قال  (43) : لما نزلت عشر آيات من سورة براءة دعا النبي صلى الله عليه وآله أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ، ثم دعاني فقال لي : ادرك أبا بكر فحيثما لحقته خذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم فلحقته فأخذت الكتاب منه فرجع إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يارسول الله نزل في شئ ؟ قال : لا ولكن جبرائيل جاءني فقال لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك اه . وحدث صلى الله عليه وآله في مقام آخر فقال  (44) : ان رسول صلى الله عليه وآله وآله بعث ببراءة إلى أهل مكة مع أبي بكر ثم اتبعه بي فقال لي : خذ الكتاب منه فامض به إلى أهل مكة قال : فلحقت أبا بكر فأخذت الكتاب منه فانصرف إلى المدينة وهوكئيب فقال : يارسول الله أنزل في شئ ؟ قال : لا إلا اني أمرت ان ابلغه أنا أو رجل من أهل بيتي .

ونحوه حديث ابن عباس وقد احتج يوما على خصوم أمير المؤمنين عليه السلام فأفاض في خصائصه وموجبات تفضيله على الامة بعد نبيها فقال صلى الله عليه وآله : من حديث طويل  (45) : ثم بعث رسول الله أبا بكر بسورة التوبة فبعث عليا خلفه فأخذه منه وقال صلى الله عليه وآله : لا يذهب بها الا رجل هو مني وأنا منه الحديث فبخع لابن عباس بهذا ولو كان أبو بكر أميرا في ذلك الموسم ما بخعوا ولا ارعووا ولكن رأوا الحجة قاطعة فاستكانوا لها وكم لحبر الامة وذي حجتها البالغة ومقولها الصارم وابن عم نبيها - عبدالله بن العباس - من امثال هذا . قال مرة : اني لأماشي عمر بن الخطاب في سكة من سكك المدينة إذ قال لي : يا ابن عباس ما أرى صاحبك الا مظلوما قال : فقلت في نفسي والله لا يسبقني بها ، فقلت له ياأمير المؤمنين فاردد اليه ظلامته ، فانتزع يده من يدي ومضى يهمهم ساعة ثم وقف فلحقته ، قال : يا ابن عباس ماأظنهم منعهم عنه الا أنهم استصغروه ، فقلت : والله ما استصغره الله ورسوله حين أمراه أن يأخذ براءة من صاحبك فأعرض عني واسرع . الحديث  (46) .

فلله أبوه كيف استظهر على الخليفة بهذه الحجة البالغة فأخذه من بين يديه ومن خلفه ومن جميع نواحيه حتى لم يبق في وسعه أن يثبت فأعرض واسرع ولو ان صاحبه كان هو الامير في ذلك الموسم - كما يزعم أبوهريرة - ما لاذ إلى الاسراع بل كانت له الحجة على ابن عباس وعمر كان مع أبي بكر إذ توجه ببراءة وإذ رجع من الطريق فهو من اعرف الناس بحقائق تلك الاحوال . وسئل الحسن البصري عن علي عليه السلام فقال : ما أقول فيمن جمع الخصال الاربع : ائتمانه على براءةوما قاله له رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك فلو كان يفوته شئ غير النبوة لاستثناه ، وقول النبي صلى الله عليه وآله الثقلان كتاب الله وعترتي وأنه لم يؤمر عليه أمير قط ، وقد أمرت الامراء على غيره ، هذا كلامه بعين لفظه  (47) .

وأنت تعلم أخلاصه لابي بكر وحرصه على بيان فضله ، فلو كان أبوبكر هو الامير على الحج عام براءة دون علي ما كتم امارته ، ولا بخسه حقه ، ولا شهد لعلي بأنه لم يؤمر عليه احد قط ، ولا عرض بأبي بكر إذ يقول وقد أمرت الامراء على غيرهومن تدبر كلامه هذا علم أنه يقدر الائتمان على براءة حق قدره ، وانه يراه خصيصة مقصورة على علي ليس لها كفؤ سواه .

وكان الصحابة اذا أشادوا بذكر علي في المدينة الطيبة على عهد الخليفتين يحدثون بهذه الخصيصة من مناقبه فلا يناقشهم فيها احد .

هذا سعد يقول  (48) : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر ببراءة حتى اذا كان بعض الطريق ارسل عليا فاخذها منه ثم سار بها فوجد أبوبكر في نفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يؤدي عني إلا انا أو رجل مني اه .

وهذ أنس يقول  (49) : بعث النبي صلى الله عليه وآله براءة مع أبي بكر ثم دعاه فقال لا ينبغي ان يبلغ هذا إلا رجل من أهلي فدعا عليا فاعطاه إياها .

وهذا عبدالله بن عمر يسأله جميع بن عمير الليثي عن علي فينتهره ابن عمر ثم يقول له  (50) : الا احدثك عن علي هذا بيت رسول الله في المسجد وهذا بيت علي ان رسول الله بعث أبا بكر وعمر  (51) ببراءة إلى أهل مكة فانطلقا فاذا هما براكب فقالا من هذا ؟ قال : أنا علي يا أبا بكر هات الكتاب الذي معك قال مالي ؟ قال والله ما علمت إلا خيرا فأخذ علي الكتاب فذهب به ورجع أبوبكر وعمر إلى المدينة فقالا : مالنا يارسول الله ؟ قال : ما لكما إلا خير ولكن قيل لي انه لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك .

والسنن المأثورة في هذا متظافرة وكلها صريح برجوع أبي بكر إلى المدينة كئيبا مشفقا من نزول الوحي فيه وهذ ما لايجتمع مع تأميره في ذلك الموسم ابدا ، لكن الدعاية ضد الوصي كانت في منتهى القوة فكان لها اثرها في فجر الاسلام .

المبحث الثالث : فيما ترتب من الآثار الشريفة على نبذ عهد المشركين

قال رحمه الله : كان بنبذ النبي صلى الله عليه وآله عهد المشركين ومنعه إياهم عن الحج وعن مكة واعلانه تحريم الجنة عليهم واذانه بالبراءة منهم ، كمال الدين وصلاح امر المسلمين وقوة الحق وأهله ووهن الباطل وأهله .

أدرك المسلمون به منتهى العزة ونالوا به غاية المجد فهدأت فورة الشرك وذلت نواصي المشركين فكان الدين كله لله عز سلطانه . وقد شاء الله سبحانه أن يجري ذلك كله على يد عبده ووصي نبيه علي بن أبي طالب تنويها بأسمه ، وتنبيها إلى فضله ، واعلاء لذكره ، واعلانا لعظيم قدره ، وتمهيدا للعهد بالخلافة اليه ، ومقدمة للنص في العام المقبل عليه  (52) فنشر صلى الله عليه وآلهذكره (بارساله إياه لاداء هذه المهمة عنه) انتشار الصبح واطار صيته في العرب استطارة البرق ، وذلك ان نبذ العهد كان مختصا عندهم بالزعيم الذي عقده ولا يتجاوزه إلا إلى من كان يمثله في زعامته ويخلفه في مكانته ، ويأمن وهنه ، ولا يخشى سقطته ، ولا يرتاب في احكامه ولا يعتريه شك في نقضه وابرامه ..

يرشدك إلى هذا كله قول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي حين بعثه ليأخذ براءة من أبي بكر ويذهب بها هو إلى مكة لابد أن أذهب بها أنا أو تذهب بها انت قال علي : فان كان ولا بد فسأذهب بها أنا ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله فأنطلق فان الله يثبت لسانك ، ويهدي قلبك ، الحديث  (53) .

وأنت تعلم ان المهمة التي لايقوم بها إلا النبي صلى الله عليه وآله أو من كان جاريا مجرى نفسه لهي الغاية القصوى في المهمات لايتعلق بها درك قد أحرز بها على نصب السبق واستولى على الأمد فأنى يسبقه سابق او يلحقه لاحق أو يطمع في أدراكه طامع .

ومن انعم النظر في ارجاع أبي بكر عن المهمة وارسال علي فيها ظهرت له الحقيقة بأجلى مظاهرها .

ويجدر بنا أن نمعن في قول النبي صلى الله عليه وآله اذ بيَّن السبب فقال  (54) جائني جبرائيل فقال : لن يؤدي عنك الا أنت أو رجل منك لمكانة "لن" من النفي مؤكدا ومؤيدا ومكانة المفعول المحذوف من العموم أعني مفعول الفعل المنفي بلن ، اذ تقدير الحديث : لن يؤدي عنك شيئا من الاشياء الا انت أو رجل منك ولولا قصد العموم ما حذف المفعول .

"فان قلت" : مورد هذا الحديث يفرض علينا تخصيصه به ، فيكون معناه لن يؤدي عنك هذه المهمة الا انت أو رجل منك فلا عموم هنا .

"قلنا" : ان المورد لا يخصص الوارد ، على ان الحديث ليس بالوحيد في بابه ، فان في الصحاح من نظائره نصوصا تعنو لها الجباه بخوعا لم ترد في مورد خاص لتختص به ، بل جاءت عامة لفظا وموردا .

وحسبك منها عهده يوم عرفة من حجة الوداع وقد أهاب بأهل الموقف يدلهم على مفزعهم في أداء رسالته وهو اذ ذاك على ناقته يناديهم باعلى صوته فأشخص أبصارهم وأسماعهم وافئدتهم اليه فاذا به يقول : علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني الا أنا أو علي  (55) .

يا له عهدا ما أخفه على اللسان وما أثقله في الميزان جعل لعلي من صلاحية الاداء عنه صلى الله عليه وآله عين الصلاحية الثابتة للنبي في الاداء عن نفسه فأشركه في أمره وأئتمنه على سره كما كان هارون من موسى الا ان عليا لم يكن بنبي وانما هو وزير ووصي يطبع على غرار نبيه ويبين عنه للناس ما اختلفوا فيه .

وتلك ذروة ما جعل الله تعالى ورسوله لغير علي أن يتبوأها أبدا "فأرجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير" وقد رفع رسول الله عليا إلى مستوى هو أعلى من مستوى الامة اذ مزج لحمه بلحمه ودمه بدمه وسمعه وبصره وفؤاده وروحه بسمعه وبصره وفؤاده وروحه فقال : علي مني وأنا من علي ، ثم لم يكتف حتى قال : ولا يؤدي عني الا انا أو علي فجمع فأوعى وعم فاستقصى ولا غرو فان الله تعالى يقول وهو اصدق القائلين (وَلَقَدْ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْم عَلَى الْعَالَمِينَ (32) وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (33)) الدخان/32-33 .

فأين أولوا النظر يمعنون في هذا العهد ليعلموا أنه - على اختصاره - لا يقل وزنا عن نصوص يوم الغدير فان الاداء عن رسول الله صلى الله عليه وآله المختص به وبعلي المنفى في هذا الحديث عمن سواهما انما هو الاداء التشريعي الكاشف عن حكم الله في الواقع ونفس الامر المعصوم عن الخطأ عصمة القرآن عنه فيكون بمجرده حجة قاطعة يجب على الامة التعبد به كما يجب عليهم التعبد بأحكام القرآن العظيم والذكر الحكيم .

يدلك على أن هذا هو المراد اجماع الامة على اباحة الاداء عن النبي صلى الله عليه وآله - على غير هذا الوجه - لكل عالم بقوله سماعا منه أو استنباطا صحيحا من سنته فان الصحابة كانوا يؤدون عنه ما سمعوه من اقواله وما رأوه من أفعاله وكان المجتهدون بعدهم يؤدون عنه ما أستنبطوا من الادلة الشرعية فلو لم يحمل الحديث على ما قلناه لم يبق له معنى يصح حمله عليه.

ويؤيد هذا قول رسول الله صلى الله عليه وآله : على مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان  (56)وقوله صلى الله عليه وآله رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار  (57) إلى كثير من أمثال هذه النصوص التي ترمي إلى عصمته ، (ربنا آمنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين) .

المبحث الرابع : فيما كان من اعداء علي من المكر به

إن اعداء علي من المنافقين ، وحسدة فضله ومنافسيه من الناكثين والقاسطينوالمارقين ، ولا سيما أهل الحول والطول منهم كمعاوية وأعوانه فسخروا دجاجيلهم في تشويهها ومسخها ومعارضتها بما استطاعوا أو ان الدجاجيل تزلفوا اليهم بذلك ولا ذنب لعلي . ولا عذرلهم إلا ما اختصه الله تعالى من فضله اذ بلغ بسوابقه - في ايمانه وجهاده - منـزلة عند الله ورسوله قاصرت لم يطيقوا الخصائص العليا التي كانت لعلي . فلم يصبروا عن تحويرها وتحريفها عنها الاقران ونال (بعلمه وعمله مخلصا لله ولرسوله وللامة) غاية تطاولت اليها أعناق الاماني وشأوا تقطعت دونه المطامع .

فدبت بذلك له عقارب الحسد في قلوب المنافقين  (58) . وسادت في منافسيه آكلة الاكباد  (59) فكشفوا لمناصبته وجوههم وقعدوا له في كل مرصد رهفين للمكر به كل حيلة ناصبين للبغي عليه كل احبولة (والحاسد مغتاظ على من لا ذنب له)  (60) . تطوروا في كيده اطوارا مختلفة ، نزعوا أيديهم من يده ، قطعوا رحمه سلبوه سلطان ابن امه  (61) هجروا السبب الذي أمروا بمودته ، نقلوا البناء عن رص اساسه فبنوه في غير موضعه  (62) تصغيرا منهم لعظيم منـزلته اجماعا على منازعته أمرا هو له  (63) .

ثم كان من الناكثين والفاسقين والمارقين ما ملأ الاجواء ، وطبق الارض والسماء وما اكشفوا حتى : -

لعنوا أمير المؤمنين       كمثل اعلان الاقامة

وليتهم لم يتناولوا السنن المقدسة بتمزيق ما جاء منها في تفضيله حيث حكموا - بغير دليل - على صحيحها بالوضعوعلى صريحها بالتأويل ، وعلى رواتها بالرفض . وعلى اثباتها بالتضعيف ، فشوهوا كثيرا من صائصها الحسنى ، ومسخوا كثيرا من أمثالها العليا . وحرفوا كثيرا منها عن مواضعه وصرفوا الكثير منها إلى غير اهله كما فصلناه في كتابنا "تحفة المحدثين" كما يمثله أبوهريرة في حديثه هذا إذ يقول بعثني أبوبكر في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وآله قبل حجة الوداع بسنة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى ، أن لايحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ثم أردف رسول الله بعلي بن أبي طالب فأذن معنا يوم النحر الحديث .

كان لم يكن لعلي بن أبي طالب في ذلك الموسم سوى انه اذن في معية أبي هريرة ، ولا عجب من أبي هريرة في هذه الجرأة فانه كان يفتئت الاحاديث فيقتها ويرتجلها  (64) مزخرفة مزوقة على ريق لم يبلعه ونفس لم يقطعه فيخرجها لرعاع الناس بالوشي الذي يحبه السواد الاعظم من العامة وتقتضيه السياسة الغاشمة وتوجيه دعايتها الكاذبة .

ألا تراه كيف حرف الحديث عن موضعه ، وصرف الفضل فيه عن أهله متقربا فيما حرف إلى اولياء الامور ، ومتحببا فيما صحف إلى سواد الجمهور اختلق لهم ما يروقهم من تأمير أبي بكر الصديق .

وما أدراك ما فعل ؟ انه اخرس بذلك ألسنة الثقات الاثبات عن معارضته ، وألجم أفواههم ان تنبس في بيان الحقيقة ببنت شفة خوفا من تألب العامة ورعاع الناس . واشفاقا من نكال أولي الامر ووبالهم يومئذ ؟ وما ادراك ما يومئذ ؟ ! .

اراد أبوهريرة بحديثه هذا أن يجتاح المقام المحمود الذي رفع الله ورسوله يومئذ سمكة مقام أمير المؤمنين في ذلك الموسم إذ كان يرمي إلى امرين .

(احدهما) ان المهمة التي جاء بها علي انما كان امرها بيد أبي بكر الصديق بسبب امارته على الحج وولايته العامة تلك السنة على الموسم وان أبا بكر لم يكتف بعلي في اداء المهمة حتى بعث أبا هريرة في رهط من امثاله الاقوياء الاشداءاهتماما بأدائها .

(ثانيهما) أنه لم يكن لعلي في تلك المهمة ! اكثر مما كان لابي هريرة وسائر الرهط الذين بعثهم أبوبكر لانهم قاموا بأدائها كما قام علي معهم بذلك .

وحسبك في تزييف هذا ان الله تعالى لم ير أبا بكر نفسه أهلا لاداء هذه المهمة فارجعه عنها واوكلها إلى احد كفئيها اللذين لا ثالث لهما اذ لم يكن لها ثمة سوى النبي والوصي كما سمعت النص عليه اذ قال صلى الله عليه وآله : لابد ان اذهب بها أنا أو تذهب بها أنت قال علي فان كان ولابد فأذهب بها أنا .

وقد روت الامة احاديث صحيحة صريحة في ذلك لا تزال تدوي فتملا لخافقين . على ان أبا هريرة كان قبل ان يتسخر لدعاية بني أمية يحدث عن هذه المهمة فلا يؤمر أبا بكر ولا يأتي على ذكره ، وكان يضيف نفسه وسائر البعث إلى علي فيزعم انه انما كان في البعث الذي كان في ركابه صلى الله عليه وآله ، وقد مر عليك حديثه في هذا فراجع .

والنفس لاتطمئن شهد الله بكلا حديثيه ولا بكونه ممن نادى يوم النحر ولا بكونه ممن حضر الموسم ، ولا بشيء مما يرويه مطلقا والله على ما أقول وكيل

المبحث الخامس : في الاشارة إلى ما جنته الدعاية السياسية على الآثار النبوية

كان وضع الحديث على عهد معاوية حرفة منمقة يتجر بها كل متزلف إلى تلك الدولة وعمالها ، وكان لاولئك المتزلفين المتجرين لباقة في تزويق تجارتهم وترويجها لا يشعر بها (على عهدهم) الا أولوا البصائر النافذة ، والاحلام الراسخة - وقليل ماهم - وكان من ورائهم من يرفع ذكرهم من الخاصة ويروج حديثهم من حفظة السنن المستأجرين ، وحملة العلم المتزلفين ومن المرائين بالعبادة والتقشف كحميد بن عبدالرحمان ومحمد بن كعب القرظي وأمثالهما ، ومن زعماء القبائل في الحواضر ، وشيوخ العشائر في البوادي ، وكان هؤلاء كلهم اذاسمعوا ما يحدث به اولئك الدجالون روجوه عند العامة ، واذاعوه في رعاع الناس (من مسلمي الفتوحات بعد النبي) وخطبوا به على المنابر ، واتخذوه حجة ، واعتدوه أصلا من الاصول المتبعة ، وكان الثقات الاثبات من سدنة الآثار النبوية لا يسعهم في ذلك العهد الا السكوت عن معارضة اولئك المتزلفين المؤيدين برعاية اولي الامر وعناية أهل الحول الطول ، فكان المساكين اذا سئلوا عما يحدث به اولئك الدجالون يخافون - من مبادهة العامة بغيرها عندهم - ان تقع فتنة عمياء بكماء صماء ، ولا سيما اذا كان الحديث موضوعا في فضل الصديق والفاروق ، فكانوا يضطرون في الجواب إلى اللواذ بالمعاريض من القول خوفا من تألب اولئك المتزلفين ومروجيهم من الخاصة ، وتألب من ينعق معهم من العامة ورعاع الناس ، فضاعت بذلك حقائق ، وحفظت أباطيل وكان هذا الباطل - أعني حديث حميد عن أبي هريرة - أوفرها حظا من كل عدو لأهل البيت ، اختلقوا في سبيل تأييده احاديث ترادفه في معناه فركبوها على اسانيد رفعوا أحدها الى علي نفسه ، ورفعوا الثاني إلى ابن عمه وخريج حوزته عبدالله بن العباس ، والثالث إلى وليه وخصيصه جابر بن عبدالله الانصاري ، والرابع إلى حفيده ووارث علمه الامام أبي جعفر الباقر ، وهذه مكيدة اعتادها خصوم علي فاستمرت عليها سيرتهم في مكابرة أهل البيت ، ونكاية أوليائهم من حيث لا تشعر عامة الناس ، وجاء بعدهم قوم ممن جمعوا الاخبار على علاتها فاغتروا بهم ، فأثبتوها فيما جمعوه وهم غافلون .

والآفة فيما أسندوه من هذا الباطل إلى علي أبوزرعة وهب بن راشد ، وكان مفرطا في النصب ، أخذ عداوة بني هاشم وبغض علي بالخصوص عن شيخه أبي يزيد يونس بن يزيد بن النجاد الابلى مولى معاوية بن أبي سفيان  (65) .

وآفة ما أسندوه إلى ابن عباس أبوالقاسم مقسم بن مجزاة كان لا يكتم عداوة أمير المؤمنين ، وقد اغتر الحاكم به لظنه أنه من رجال البخاري فأخرج في ص 51 من الجزء 30 من مستدركه ما لفقه هذا الناصب (من امرة أبي بكر) عن ابن عباس مع ان مقسما احد الضعفاء الذين نص البخاري على ضعفهم في كتابه الذي افرده لهم ، وقد ترجمه الذهبي في الميزان فنقل تضعيفه عن البخاري وعن ابن حزم "وترجمه ابن سعد في ص 346 من الجزء 5 من طبقاته فقال : وكان كثير الحديث ضعيفا . (قلت) : ولضعفه أعرض عنه الشيخان" فلم يرويا له شيئا .

نعم روى البخاري عن عبدالكريم بن مالك الجزري أنه سمع مقسما يقول : قال ابن عباس لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر والخارجون إلى بدر .

وقد أورد البخاري هذا التفسير عن ابن عباس بواسطة مقسم في موضعين من صحيحه احدهما في غزوة بدر  (66) والثاني في تفسير سورة النساء  (67) ولم يرو عن مقسم في جميع صحيحه سوى هذا التفسير ، وانما رواه عنه مع جزمه بضعفه لاجماع الامة على التسامح في أمثال هذا التفسير إذ لم يشتمل على حكم شرعي ، على انه لم يرفع إلى رسول الله ليكون من السنن التي اشترط صحتها كما لا يخفى .

وآفة مارفعوه إلى جابر بن عبدالله الانصاري أبوصالح اسحاق بن نجيح الملطي ، فانه رجل سوء خبيث مفرط في الكذب جرئ على وضع الحديث ساقط باجماع أهل الجرح والتعديل ، وقد ترجمه الذهبي في ميزانه ، فأورد ما قاله الائمة في خبثه وكذبه ودجله .

وآفة ما أسندوه من هذا الباطل إلى الامام أبي جعفر الباقر" عليه السلام "محمد بن اسحاق ، اذ أوردوه في سيرته التي شحنها بأباطيل ما انزل الله بها من سلطان .

وعلى كل : فالامر سهل في هذه الاضاليل ، لانحطاطها بانحطاط طرقها عن درجة الاعتبار ، ولركة متونها ومناقضتها للصحيح الثابت عمن اسندت اليهم ، بل لمناقضتها لما أوردناه في المبحث الثاني من حديث أبي بكر وعلى وابن عباس وابن عمر وسعد وأنس ولا تتفق مع سيرة النبي في بعوثه صلى الله عليه وآله فانه ما أمَّر على علي احدا مدة حياته بل كانت له الامرةوكان حامل لوائه في كل زحف بخلاف غيره ، فان أبا بكر وعمر ومن دونهما كانوا - حين لحق النبي صلى الله عليه وآله بالرفيق الاعلى - في بعث اسامة باجماع أهل الاخبار ، وكانا في غزوة ذات السلاسل في بعث عمرو بن العاص بالاتفاق ، ولهما قضية في تلك الغزوة مع أميرها ابن العاص  (68) .

اما علي فلم يكن طيلة حياة النبي صلى الله عليه وآله تابعا لغيره الا ترى أنه لم يرسله في جيش اسامة ، ولا في جيش ابن العاص ، ولا في جيش أبي بكر وعمر حين بعثهما إلى خيبر فلما رجعا وبعث عليا كانا كلاهما تحت لوائه حتى فتح الله عليه ، ولما بعث خالد بن الوليد إلى اليمن بجيش وبعث عليا اليها بجيش آخر عهد اليهما بأنه اذا التقيتما فعلي على الجيشين وان افترقتما فكل منكما على جيشه الحديث  (69) وقد قال ابن عباس : ان لعلي اربع خصال ليست لاحد هو اول عربي وعجمي صلى لله تعالى مع رسوله صلى الله عليه وآله وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف الحديث  (70) .

وقد مر عليك آنفا قول الحسن البصري ما أقول فيمن جمع الخصال الاربع ائتمانه على براءة وما قال له رسول الله في غزوة تبوك إلى ان قال وانه لم يؤمر عليه أمير قط وقد أمرت الامراء على غيره ، وهذا القدر كاف لما أردناه في هذه العجالةوالحمد لله على الهداية والتوفيق  (71) .

______________________

(1) ولد رحمه الله في مدينة الكاظمية سنة 1290 هجرية ودرس في النجف وسامراء وذهب الى جبل عامل في الثانية والثلاثين من عمره كانت له مواقف خالدة ضد الاستعمار الفرنسي واحترقت مكتبته بيد الفرنسيين ، سافر سنة 1329 هجرية الى مصر والتقى بعلمائها وكانت له مع الشيخ سليم البشري خاصة مساجلات ومراسلات انتجت كتاب المراجعات وهو اشهر كتبه طبع مرات عديدة وله ايضا النص والاجتهاد والفصول المهمة وابي هريرة واجوبة مسائل جار الله وغيرها مما طبع او فقد . قام بعدة اعمال ومشاريع اصلاحية وثقافية في جبل عامل ، توفي رحمه الله سنة 1377 هجرية الموافق سنة 1957 م ودفن في النجف .

(2) قال رحمه الله لكن الجمهور بالغوا في تقديس كل من يسمونه صحابيا حتى خرجوا عن الاعتدال فاحتجوا بالغث منهم والسمين واقتدوا بالطلقاء وأمثالهم ممن سمع النبي أو رآه اقتداء أعمى وانكروا على من يخالفهم في هذا الغلو وخرجوا في الانكار عن كل حد من الحدود كما بيناه على سبيل التفصيل في ص 11 إلى منتهى ص 15 من أجوبة موسى جار الله وفي الفصل الذي عقدناه في ص 23 منها فراجع . اقول: وكل الهوامش الاتية فى هذا الفصل ايضا منه قدس سره .

(3) قال رحمه الله : واورده الذهبي في تلخيص المستدرك ثم قال صحيح منكر المتن فإن رقية ماتت وقت بدر وابو هريرة اسلم وقت خيبر .

(4) أخرجه البخاري في باب غزوة خيبر ص 37 من الجزء الثالث من صحيحه .

(5) راجع ص 154 من المجلد الثامن من شرحي البخاري والمطبوعين معا في اثني عشر مجلدا وهما ارشاد الساري للقسطلاني وتحفة الباري للانصاري تجد التأويل المذكور مع التصريح بأن أبا هريرة لم يحضر فتح خيبر ، وكذلك فعل السندي فيما علقه على هذا الحديث من تعليقته المطبوعة في هامش الصحيح .

(6) العلامة عبد الحسين شرف الدين العاملي : ابوهريرة /178 -179 .

(7) نص على هذا بعين لفظه أبوعمر بن عبدالبر في ترجمة أبي هريرة من استيعابه ومن راجع ترجمته في معاجم التراجم كالاستيعاب والاصابة وأسد الغابة وطبقات ابن سعد وغيرها يجد غموض حسبه ونسبه محسوسا .

(8) روى ابن قتيبة الدينوري (في ترجمة أبي هريرة ص 93 من كتابه المعارف) ان أبا هريرة كان يقول : وكنيت بابي هريرة بهرة صغيرة كنت ألعب بها . وأخرج ابن سعد في ترجمة أبي هريرة من الطبقات بالاسناد اليه قال كنت أرعى غنما وكانت لي هرة صغيرة فكنت اذا كان الليل وضعتها في شجرة فاذا أصبحت أخذتها فلعبت بها فكنوني أبا هريرة وكل من ترجم ذكر هذا أو نحوه واستمر في الاسلام على غرامه بالهرة والعبث بها حتى رآه النبي (صلى الله عليه وآله) يحملها في كمه كما ذكره الفيروز آبادي في مادة الهرة من قاموسه المحيط .

(9) قال أبوهريرة من حديث تجده في ترجمته من الاصابة وغيرها قدمت ورسول الله بخيبر وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين .

(10) كان أبوهريرة يحدث عن نفسه فيقول كما في ترجمته من الطبقات والاصابة وحلية الاولياء وغيرها - : كنت أجيرا لابن عفان وابنة غزوان بطعام بطني اسوق بهم اذا ركبوا وأخدمهم اذا نزلوا .

(11) وانضوى باسلامه إلى مساكين الصفة وهم - كما قال أبوالفداء في تاريخه المختصر : أناس فقراء لا منازل لهم ولا عشائر ينامون على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المسجد ويظلون فيه . وكانت صفة المسجد مثواهم فنسبوا اليها .

(12) راجع ص 42 من الجزء الثالث من المستدرك تجد أبا هريرة يعير بذلك فلا يدري أي شئ يقول لمن عيره .

(13) أخرجه البخاري في كتاب الوكالة ص 29 من الجزء الثاني من صحيحه .

(14) في باب علامات النبوة في الاسلام ص 182 من الجزء الثاني من صحيحه . وهو موجود في ترجمة أبي هريرة من الاصابة والطبقات .

(15) كما هو ثابت لدى أهل الاخبار ومصرح به في عدة حوادث تلك السنة من تاريخ ابن الاثير وغيره .

(16) الرجع والرجيع العذرة والروث سميا رجيعا لانهما رجعا من حالتهما الاولى بعد ان كانا طعاما وعلفاواميمة ام ابي هريرة ، وكلمة الخليفة هذه من افظع كلمات الشتم .

(17) ص 104 طبع مصر .

(18) ص 90 من قسمها الثاني من جزئها الرابع

(19) وقد ذكرها ابراهيم بن هلال الثقفي في كتاب الغارات ، ونقلها البحاثة المعتزلي في ص 213 من المجلد الاول من شرح نهج البلاغة فليراجعها من أراد التفصيل ليعرف سوء نوايا معاوية وسوء منقلب النعمان في هذه الواقعة وانما أعرض أمير المؤمنين عن أبي هريرة فلم يكلمه لكونه لم يره لها اهلاً لتزلفه بدينه إلى معاوية ، وعلم أمير المؤمنين ما أراده معاوية من المكائد اذ ارسلهما اليه يطلبان منه قتلة عثمان فلم يجبهما بشئ لا سلبا ولا إيجابا بل أعرض عن طلبهما ، وتكلم مع النعمان في موضوع آخر وهذا من قوته في سياسته عليه السلام .

(20) اخرجه أحمد بن حنبل من حديث أبي هريرة في ص 282 من الجزء الثاني من مسنده . وهو من الاباطيل بدليل قوله تعالى(فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله) .

(21) من أراد الوقوف على تفصيل هذه الفظائع والفجائع فعليه بصفحة 116 حتى ص 121 المجلد الاول من شرح النهج الحميدي على ان كل من ارخ حوادث سنة الاربعين ذكرها كابن جرير وابن الاثير وغيرهما وهي من القضايا الثابتة من افعال معاوية ثبوت وقعتي الحرة والطف من ولده يزيد .

(22) كما نص عليه ابراهيم بن هلال الثقفي في كتاب الغارات ، ونقله ابن ابي الحديد في أواخر صفحة : 128 من المجلد الاول من شرح النهج .

(23) كما نص عليه ابن الاثير عند ذكر سرية إلى الحجاز واليمن سنة 40 . فراجع ص 153 من الجزء الثالث من تاريخه الكامل .

(24) كما في الصفحة المتقدمة الذكر من كامل ابن الاثير .

(25) كما في صفحة 358 من المجلد الاول من شرح نهج البلاغة الحميدي .

(26) نص على ذلك ابن حجر في ترجمة ابي هريرة من الاصابة ونقل موته بالعقيق ابن عبدالبر اذ ترجمه في الاستيعاب ، واخرجه الحاكم في ترجمته من المستدرك وارسله اهل الاخبار .

(27) أخرج ذلك ابن سعد في ص 63 من القسم الثاني من الجزء الرابع من الطبقات في ترجمة أبي هريرة ورواه أهل الاخبار .

(28) نص على ذلك الاستيعاب والاصابة والطبقات والمستدرك في ترجمة أبي هريرة .

(29) نص على ذلك كل من ذكرناهم ممن ترجموا ابا هريرة .

(30) كما في ترجمة ابي هريرة من مستدرك الحاكم وطبقات ابن سعد واصابة ابن حجر وغيرها من كتب الاخبار .

(31) هذا لفظ الحديث في ص 192 من الجزء الاول من صحيح البخاري في باب لا يطوف بالبيت عريان من كتاب الحج ، واخرجه مسلم في ص 517 من الجزء الاول من صحيحه في باب لا يحج بالبيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان .

(32) أخرجه البخاري بهذا اللفظ في ص 90 من الجزء 3 من صحيحه في تفسيره سورة براءة .

(33) سمع معاوية ، وحديثه عنه في صحيح البخاري وسمع النعمان ابن بشير وحديثه عنه في صحيح مسلم وله عن المغيرة بن شعبة وابن الزبير ومروان وغيرهم من أمثالهم .

(34) فعثمان اخو امه لامها أروى فقط ، وام اروى هذه البيضاء وتكنى ام حكيم وهي بنت عبد المطلب بن هاشم وبهذا كان يقال لعثمان انه ابن اخت الهاشميين .

(35) كان عبدالرحمن بن عوف زوج ام كلثوم بنت عقبة وهي اخت عثمان لامه واخت الوليد لابيه وامه كما بيناه في الاصل .

(36) فيما اخرجه الحاكم وصححه في تفسير سورة براءة من مستدركه ص 131 من جزئه الثاني ، واورده الذهبي في التلخيص مصرحا بصحته أيضا ، واخرجه الامام احمد من حديث أبي هريرة ص 299 من الجزء الثاني من مسنده ولفظه عنده : كنت مع علي حين بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى اهل مكة ببراءة .

(37) انكر العلماء قوله فأجله إلى أربعة اشهر لان الذي كان في خطبة امير المؤمنين يومئذ ومن كان له عهد من المشركين فأجله إلى امده بالغا ما بلغ ومن ليس له امد فأجله إلى اربعة اشهر والظاهر ان ابا هريرة لم يكن ممن حضر الموسم ليعي الاذان بكنهه وحقيقة ولا عجب فانه كثيرا ما يدعي الحضور في وقائع لم يحضرها فينقلها على غير وجهها كما ستسمعه في الفصل 13 من الاصل .

(38) التهافت بين الحديثين واضح من حيث تعيين الامير ومن حيث تعيين الباعث لابي هريرة وغيره من المؤذنين ومن حيث مكان بعثهم هل كان من المدينة ؟ ام من مكة ؟ ومن حيث زمان البعث هل كان يوم النحر أو قبله ؟ كما لا يخفى على من تدبر الحديثين .

(39) قال الامام الطبرسي عند ذكر القصة ص 3 من المجلد 3 من مجمع البيان طبع صيدا : وروى أصحابنا ان النبي (صلى الله عليه وآله) ولاه (يعني عليا) على الموسم ، وانه حين اخذ براءة من أبي بكر رجع أبوبكر - أي إلى المدينة - .

(40) فان قلت : كيف يدفع النبي براءة لابي بكر لينبذ بها عهد المشركين أيام الموسم ثم يعزله قبل وقت الموسم؟أليس هذا من النسخ قبل حضور وقت العمل؟وهو محال على الله ورسوله . قلنا : كلا!بل تبين لنا من امره اياه بالذهاب وارجاعه اياه من الطريق قبل حضور الموسم ، انه انما كان في الواقع ونفس الامر مكلفا بالمسير نحو مكة ليرجعه من الطريق ويرسل عليا مكانه ، فيظهر بذلك من تفضيل علي " عليه السلام " ما لا يظهر بارسال علي من اول الامر ، الا ترى ان الله عزوجل كان في ظاهر الحال قد امر خليله ابراهيم يذبح ولده عليهما السلام ثم لما هم بذلك وتله للجبين اوحى الله اليه : ان قد صدقت الرؤيا يا ابراهيم ، فظهر انه لم يكن في الواقع ونفس الامرمأمورا بذبح ولده ، وانه انما كان مأمورا بمقدمات الذبح ، ليظهر من فضله وفضل ولده الذبيح ما كان يجهله الناس ولم يكن هذا من النسخ في شئ . وهي الغاية التي ذكرناها من بعث رسول الله يوم خيبر ابا بكر اولا فرجع فبعث عمر فرجع ، فقال (صلى الله عليه وآله) : اما والله لاعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فأعطاها عليا فكان الفتح على يديه ، وظهر من فضله ما لا يظهر لو بعثه من اول الامر ، ولهذه القضايا نظائر يعرفها المتتبعون .

(41) فراجع منها ما أخرجه الثقة الثبت الحجة علي بن ابراهيم في تفسير سورة التوبة من تفسيره الشهير ، وما ارسله شيخنا المفيد ارسال المسلمات في ارشاده .

(42) أخرجه الامام احمد في الصفحة الثانية من الجزء الاول من مسنده من طريق وكيع عن اسرائيل عن ابي اسحاق .

(43) فيما أخرجه الامام احمد في ص 151 من الجزء الاول من مسنده .

(44) فيما أخرجه النسائي في ص 20 من خصائصه العلوية ، والامام احمد من حديث على من مسنده ، ورواه غير واحد من اثبات الخاصة والعامة .

(45) أخرجه الحاكم في ص 32 من الجزء الثالث من المستدرك في فضائل علي وصحيحه . واعترف الذهبي بصحته اذ اورده في تلخيص المستدرك ، وأخرجه النسائي في ص 6 من الخصائص العلوية . والامام أحمد أخرجه من حديث ابن عباس في ص 331 من الجزء الاول من مسنده .

(46) رواه الزبير بن بكار بن عبدالله بن مصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبير بن العوام في تاريخه (الموفقيات) الذي ألفه للموفق بالله ابن المتوكل الخليفة العباسي وان من سر الله الذي لا يخفى ونوره الذي لا يطفأ أن يروى الزبير بن بكار مثل هذه الرواية في كتابه الذي الفه لابن المتوكل فان ابن بكار ممن عرف بالعداوة لعلي وأهل البيت وهو الذي استحلفه رجل من الطالبيين بين القبر والمنبر الشريفين فحلف كاذبا فرماه الله بالبرص وكان ينال من العلويين ومن جدهم علي . فأجمعوا على قتله فهرب منهم إلى عمه مصعب بن عبد الله بن مصعب فسأله ان يكلم المعتصم في تأمينه فلم يجد عنده ما اراد إذ لم يكن عمه على رأيه في مكاشفة العلويين ، ذكر ذلك ابن الاثير في سيرة المعتصم من تاريخه الكامل . اما أبوه بكار فقد كان من المكاشفين للرضا في النصب والعداوة فدعا عليه الرضا فسقط من قصره فاندق عنقه ، وأما جده عبدالله ابن مصعب فهو الذي افتى هارون الرشيد بقتل يحيى بن عبدالله بن الحسن فقال اقتله يا أمير المؤمنين وفي عنقي دمه ، فقال الرشيد : ان عنده صكا مني أعطيته فيه الامان ، فقال عبدالله بن مصعب : لا أمان له يا أمير المؤمنين وعمد إلى يحيى فانتزع الصك منه قهرا ومزقه بيده عداوة ورثوها عن جدهم ، ورثها عدو عن عدو عن عدو من عبدالله بن الزبير حتى انتهت إلى الزبير بن بكار ، وبها نال الحظوة عند المتوكل فاختاره لتأديب ولده الموفق . وامر له بعشرة آلاف درهم وعشرة تخوت من الثياب وعشرة بغال يحمل عليها رحله إلى سامراء فأدب ولده الموفق والف له ا لموفقيات وهو من الكتب الممتازة الممتعة ننقل عنه كثيرا في املائنا هذا وفي غيره .

(47) فراجعه في ص 369 من المجلد الاول من شرح النهج الحميدي نقلا عن الواقدي .

(48) فيما أخرجه النسائي في ص 20 من الخصائص العلوية عند ذكر توجيه براءة مع علي . ورواه الامام أحمد في مسنده .

(49) فيما أخرجه النسائي ص 20 من الخصائص العلوية والامام احمد من حديث أنس ص 216 من الجزء الثالث من مسنده .

(50) فيما اخرجه الحاكم في ص 51 من الجزء 3 من المستدرك .

(51) انما كان عمر يومئذ تابعا لابي بكر وكان ممن خرج معه من الصحابة وكانوا ثلاثمائة فيهم عبدالرحمن بن عوف ، وكان عمر اخصهم بأبي بكر ولذا رجع معه إلى المدينة دونهم ، وقد انضووا -بعدرجوع ابي بكر- إلى لواء علي وسار بهم إلى مكة مهيمنا عليهم وشهد الجميع رجوع ابي بكر إلى المدينةوفي نفسه من ذلك شيء.

(52) اذ كان نبذ العهد سنة تسع وكان النص عليه سنة عشر والنبي (صلى الله عليه وآله) قافل من حجة الوداع .

(53) أخرجه احمد في ص 150 من الجزء الاول من مسنده وهو من الاحاديث الصحيحة المستفيضة من طريق الفريقين .

(54) فيما استفاض عنه من حديث علي وقد مر عليك في المبحث الثاني .

(55) أخرجه ابن ماجة في فضائل الصحابة ص 92 من الجزء الاول من سننه ورواه الترمذي والنسائي في صحيحيهما وهو الحديث 2531 في ص 153 من الجزء السادس من كنز العمال . وأخرجه الامام أحمد من حديث حبشي بن جنادة ص 164 من الجزء الرابع من مسنده بطرق متعددة كلها صحيحة وحسبك انه أخرجه عن يحيى ابن آدم عن اسرائيل ابن يونس عن جده أبي اسحاق السبيعي عن حبشي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكل هؤلاء حجج عند الشيخين وغيرهما ، ومن راجع هذا الحديث في مسند أحمد علم انه إنما صدر في حجة الوداع التي ما لبث النبي (صلى الله عليه وآله) بعدها في هذه الدار الفانية إلا قليلا .

(56) أخرجه الحاكم وصححه على شرط الشيخين في ص 124 من الجزء الثالث من مستدركه واورده الذهبي في تلخيصه معترفا بصحته .

(57) أخرجه الحاكم في الصفحة نفسها على شرط مسلم .

(58) ان لبطل الاسلام بكل ما للبطولة من معان شريفة محمد بن أمير المؤمنين المعروف بابن الحنفية كلاما في هذا المعنى يفرغ به الحقيقة لا ريب فيها صدع به ابن الزبير أيام إمارته في الحجاز فبخعه ما اولى أهل البحث بالوقوف عليه ص 350 من المجلد الاول من شرح النهج الحميدي .

(59) تورية لطيفة .

(60) هذا مثل معروف .

(61) قال (صلى الله عليه وآله) في كتاب كتبه إلى أخيه عقيل : فجزت قريشا عنى الجوازى فقد قطعوا رحمي وسلبوني سلطان ابن أمي .

(62) هذا مقتبس من الخطبة 146 من ص 48 والتي بعدها من الجزء الثاني من نهج البلاغة .

(63) هذا مقتبس من الخطبة 167 من النهج أيضا .

(64) يفتئتها بمعنى يبتدعها ، ويقتها بمعنى يزورها ويحسنها ، ويرتجلها بمعنى يختلقها لساعته .

(65) ذكر أبونصر الكلاباذي وأبوبكر الاصبهاني وأبوالفضل الشيباني المعروف بابن القيسراني كلهم يونس بن يزيد هذا في كتبهم التي ترجموا فيها رجال الاسانيد فنصوا جميعا على انه من موالي معاوية بن أبي سفيان فراجع ص 485 من كتاب ابن القيسراني ، وهذا الاموي السفياني يونس الابلى هو الذي روى موت أبي طالب على الكفر فيما أخرجه مسلم عنه في ص 30 من الجزء الاول من صحيحه وهو شيخ ابي زرعة وهب ومربيه تستفيد ذلك من ترجمة وهب بن راشد في ميزان الذهبي

(66) في الصفحة الثانية من الجزء الثالث من الصحيح .

(67) ص 81 من الجزء نفسه .

(68) أخرجها الحاكم وصححها في ص 43 من الجزء الثالث من المستدرك واوردها الذهبي فصححها ايضا في تلخيصه .

(69) أخرجه الامام أحمد في ص 356 من الجزء الخامس من مسنده .

(70) أخرجه الحاكم في ص 111 من الجزء الثالث من مستدركه .

(71) العلامة عبد الحسين شرف الدين العاملي ابوهريرة /116 -135 .

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري