المركز الإسلامي في بريطانيا / قسم علم الأديان المقارن
ملتقى علم الأديان المقارن (ملتقى الفكر الإسلامي رقم 20)
21/5/2002
الدراسات الإسلامية المسيحية اليهودية
كلمة مدير الملتقى الدكتور عبد الكريم الزبيدي
علم الأديان المقارن
تزاد الحاجة اليه حينما يترقى الفكر الإنساني في سلم التطور
والنضوج ، وحينما يصل الإنسان في المجتمعات البشرية القائم على هذه الأرض الى
درجة يرى منها وجود اديان اخرى لها نظرة خاصة عن الكون والحياة والإنسان ،
وكلما اقترب الإنسان فيه هذه الإرض من اخيه الإنسان بما يتيح له التقدم
العلمي والتنلوجي من وسائل الإقتراب كلما كانت الحاجة عنده تزداد الى ما عند
الإنسان الآخر من فكر وحضارة ونظرة الى الكون و الحياة والإنسان .
اننا نعيش عصر القرية الواحدة في هذه المرحلة من عمر
البشرية ، ان وسائل الإتصال المتطورة بما في ذلك وسائل الإتصال الالكترونية
قد جعلت العالم كله كقرية واحد ، فاحس الإنسان باهمية وجود حوار حضاري بينه
وبين أخيه الإنسان الآخر للتعرف الى الحضارات الأخرى فنشأ في هذه العصر ما
يسمى بحوار الحضارات وانبثق عنه حوار آخر هو حوار الأديان ، ولعل المقصود
بحوار الحضارات هو حوار الأديان ، لان الدين يمثل ابرز معلم للحضارة خاصة عند
المسلمين .
ان الإنسان في الغرب كان مشغولا طيلة السنوات التي تلت
الحرب العالمية الثانية بصراع حضاري وسياسي من نوع خاص انه الصراع بين معسكر
حضاري في الشرق متمثل بمعسكر اشتراكي الذي كان الإتحاد السوفيتي السابق ياخذ
بزمامه وبين معسكر حضاري سياسي متمثل بمعسكر الراسمالي الذي كانت الولايات
المتحدة الأمريكية تاخذ بزمام قيادته .
وقد رافق الصراع المذكور بين المعسكرين حرب اعلامية شعواء
بينهما جند كل معسكر لها كل وسائل الإعلام والتكنلوجية المعلوماتية لاجل
ايجاد قناعة لدى الإنسان الذي ينتمي الى معسكره بصحة الفكر والمنهج والنظرة
الى الإنسان التي تقوم عليها اركان حضارته ونظامه السياسي .
واستطاع كل معسكر ان يجعل الإنسان الذي ينتمي اليه يعيش في
دائرة معلومة مرسومة وان يجعل بينه وبين الإنسان في المعسكر الآخر سد فكريا
منيعا ، وحينما انهار احد المعسكرين واعلن عن انتهاء ما يسمى بالحرب الباردة
التي كانت بينهما انهارت كل السدود الفكرية والحضارية بين المعسكرين التي
وجدت في تلك الحقبة الزمنية ، واذا بالإنسان يجد نفسه امام حضارات متنوعة
واذا به يرى ويسمع ويقرأ عن كل ما حوله بحرية كبيرة اتاحها له التقدم
التكنلوجي في وسائل الإتصال وخاصة في مجال ما يسمى بالإنترنيت ، واذا
بالأحداث تتلاحق سريعا فيرى الإنسان نفسه قريبا جدا من تفكير اخيه الإنسان في
كل مكان ويسمع همساته ويحس بمشاعره وآلامه وآماله .
ان القوة التي تفردت بقيادة زمام العالم على هذه الأرض علمت
بشكل واضح جدا ان هذا العصر هو انفتاح الإنسان على حضارات الإنسان الآخر وان
الحضارة الأصلح هي التي تستقطب الإنسان في كل مكان فتكون الحضارة المركزية
للانسان في هذه الأرض ، ثم علمت تلك القوة ان الإسلام هو الحضارة التي تحضى
بجميع عناصر الصلاح والقوة في تبنيها العلم والمعرفة طريقا للحياة الصحيحة
وتشجيعها لطلاب العلم ومخاطبتها الإنسان باعتباره جسدا وروحا ورعايتها للعقل
واحترامها لحريته في التفكر ونظرتها المتوازنه للكون والحياة والإنسان ، فهي
الحضارة الأصلح التي ستكون الحضارة المركزية للانسان في هذه الأرض .
وكانت نتيجة ذلك ان جعل الإسلام خصما حضاريا واعد له كل
وسائل تلك المخاصمة من اجل غلبته او قهره او جعله مسجونا في صدور اهله وكان
من وسائل تلك المخاصمة تشويه الإسلام في نظر الإنسان الغربي بالإفتراء عليه
وعلى رسوله ص باساليب عليمة اكاديمة عن طريق دراسة المصادر الإسلامية والتراث
الإسلامي من قبل متخصصين بالإديان من اليهود والنصارى ثم تقديم الإسلام
للانسان الغربي بطريقة مشوهه ، وهناك وسائل سياسية وعسكرية لتلك المخاصمة ،
ولكن الأهم من هذه الوسائل هو تقديمه للإنسان الغربي بطريقة مشوهة من قبل
متخصصين بالأديان من اليهود والنصارى .
ومن هنا تاتي اهمية علم الأديان المقارن في عصر القرية
الواحدة في العالم وفي عصر رغبة الإنسان في كل مكان في العالم الى معرفة ما
عند الإنسان الآخر من فكر ونظرة الى الكون والحياة والإنسان ، وفي عصر ادراك
القوة التي انفردت بقيادة العالم ، ان الإسلام هو الحضارة التي تستقطب
الإنسان في كل مكان وفي عصر جعل الإسلام خصما حضاريا .
ان دراسة اليهودية والمسيحية من مصادرها الأصلية ثم جعلها
شاهدا على احقية الإسلام وصحته من خلال نصوصها التاريخية لهو اهم عمل يتم فيه
تقديم الإسلام للانسان الغربي ، ان هذا العمل بمنزلة شاهد حق من ابناء
الديانتين يشهد امام ابناء ملته بان الإسلام حق وان الرسول محمد ص حق ، ومما
يزيد من اهمية ذلك امكانية ايصال هذه الشهادة الى كل انسان في كل مكان عن
طريق وسائل الإتصال المتطورة في هذا الوقت .
ان سماحة الأستاذ السيد سامي البدري قد حمل على عاتقه هذه
المهمة العظيمة فدرس اللغات التي كتب بها التوراة الإنجيل واطلع على نسخ
كثيرة في عصور مختلفة لهذين الكتابين ودرسهما دراسة علمية فصار متخصصا في
هاتين الديانتين اعني اليهودية والمسيحية ، وصار علما في علم الإديان المقارن
وهو يحاول ان ينطلق من ذلك لتقديم شهادة الديانتين باحقية الإسلام الى
الإنسان في كل مكان فالآن ادعو سماحة السيد سامي البدري للتفضل ليعرض لنا
جهوده ومنهجه في ذلك. |