المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
الباب الأول : بحوث تمهيدية
الفصل الرابع : تحريف سيرة خاتم الأنبياء

نماذج من الوقائع السلوكية

1 . روى أصحاب الصحاح أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال : اللهم إنَّما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر فأيُّما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارةً وقربةً تقرِّبه بها إليك يوم القيامة  (1) .

وفي قبال ذلك :

يوجد قول الله تعالى عن رسوله الكريم : (وَإِنَّك لَعَلَى خُلُق عَظِيم) القلم/4 وقوله : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالمُؤْمِنِينَ رَئُوفٌ رَّحِيمٌ)التوبة/128 .

و ما رواه أنس أنَّه قال : " لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله فاحشاً ولا متفحِّشاً ولا صخَّاباً في الأسواق ولا يجزي السيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح "  (2) .

وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله قوله : " لا يكون اللعَّانون شفعاء ولا شهداء "  (3) .

وقوله صلى الله عليه وآله : "لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعاّناً" .

2 . روى مسلم في صحيحه عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وآله مضطجعاً في بيتي كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه ، فإستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث ، ثم إستأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث ثمَّ إستأذن عثمان فجلس رسول الله وسوّى ثيابه فلمَّا خرج قالت عائشة : دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله ، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله ، ثمَّ دخل عثمان فجلست وسوَّيت ثيابك ، فقال : ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة  (4) .

وفي قبال ذلك :

ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري قال : كان النبي صلى الله عليه وآله أشدَّ حياءاً من العذراء في خدرها  (5) .

3 . قالوا : إنَّ المغيرة بن شعبة قال : رأيتني أنا ورسول الله نتماشى ، فأتى سباطة قوم خلف حائط ، فقام كما يقوم أحدكم فبال فانتبذت منه فأشار إلىَّ فجئت فقمت عند عقبه حتَّى فرغ  (6) .

وفي قبال ذلك :

عن جابر قال (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يبول قائماً)  (7) . وفي رواية : (كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد الحاجة أبعد)  (8) .

4 . قالوا : إنَّ الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت : جاء النبي صلى الله عليه وآله فدخل حين بنى عليَّ فجلس على فراشي كمجلسك منِّي فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف ويندبن من قَتَلَ من آبائي يوم بدر إذ قالت إحداهنَّ : (وفينا نبىٌّ يعلم ما في غدِ) فقال : (دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين)  (9) .

وعن عائشة إنَّ النبي صلى الله عليه وآله كان جالساً فسمع ضوضاء الناس والصبيان فإذا حبشية تزفن  (10) والناس حولها فقال : يا عائشة تعالي فانظري ، فوضعت خدِّي على منكبيه ، فجعلت انظر ما بين المنكبين إلى رأسه ، فجعل يقول يا عائشة ما شبعت ؟ فأقول : لا لأنظر منزلتي عنده ، فلقد رأيته يراوح بين قدميه ، فطلع عمر فتفرَّق الناس والصبيان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : رأيت شياطين الإنس والجنِّ فرُّوا من عمر  (11) .

وعن عائشة : قالت دخل رسول الله وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث (بالعين المهملة)  (12) ، فاضطجع على الفراش وحوَّل وجهه فدخل أبو بكر فانتهرني وقال : مزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : (دعهما)  (13) .

وفي قبال ذلك :

ما رواه أنس عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنَّه قال : (بعثني الله رحمة للعالمين وبعثني بمحق المعازف والمزامير)  (14) .

______________________

(1) مسلم بن الحجاج : صحيح مسلم كتاب البر والصلة باب من لعنه النبي وليس هو أهلاً لذلك ح90/ص2008 . والبخاري : صحيح البخاري كتاب الدعوات باب قول النبي (صلى الله عليه وآله) : من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة 4/73 ، واحمد بن حنبل : مسند احمد ج6/107 .

(2) احمد بن حنبل : مسند احمد 6/229 .

(3) مسلم بن الحجاج : صحيح مسلم كتاب البرِّ والصلة باب النهي عن لعن الدواب وغيرها ح85/ص2006 .

(4) مسلم بن الحجاج : صحيح مسلم كتاب الفضائل باب فضائل عثمان ح36ص1866 .

(5) البخاري : صحيح البخاري كتاب بدء الخلق باب صفة النبي (صلى الله عليه وآله) ج2/181 .

(6) البخاري : صحيح البخاري ج1/37 باب البول عند صاحبه . ويبدو ان ذلك من عادات العرب في الجاهلية وقد نسبها الرواة الى النبي (صلى الله عليه وآله) ، كما روى ابن ماجة : إنَّ من شأن العرب البول قائماً (ابن ماجة : سنن ابن ماجة كتاب الطهارة باب 14 . ج1/112) . وكان عمر بن الخطاب يقول : البول قائماً أحفظ للدبر (ابن حجر العسقلاني : فتح الباري 1/343 .) .

(7) ابن ماجة : سنن ابن ماجة كتاب الطهارة باب (14) . 1/112 ح309 .

(8) النسائي : سنن النسائي 1/17 .

(9) البخاري : صحيح البخاري 3/167 كتاب النكاح باب ضرب الدف في النكاح والوليمة .

(10) تزفن : ترقص (ابن منظور : لسان العرب) .

(11) منتخب كنز العمال حاشية مسند أحمد 6/173 .

(12) وفي رواية تغنيّان بما قيل يوم بعاث : وهو يوم معروف من مشاهير أيام العرب كان فيه حرب بين الأوس والخزرج في الجاهلية ذكره الواقدي ومحمد بن إسحاق في كتابيهما وبعاث : اسم حصن للأوس (ابن منظور : لسان العرب) .

(13) مسلم بن الحجاج : صحيح مسلم كتاب صلاة العيدين باب الرُّخصة للّعب ج16/607 .

(14) السيوطي : تفسير الدر المنثور 2/323 .

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري