المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
الباب الثاني : منهج البحث في مصادر التاريخ
الفصل الثاني : المصادر الإسلامية للسيرة والتاريخ ومنهج البحث فيها
القرآن الكريم هو أقدم وأوثق النقول الإسلامية على الإطلاق ، وهو بغض النظر عن صفة كونه (وحياً إلهياً) الصفة التي تجعله الشاهد الثقة المطلق لا على حوادث عصر السيرة النبوية حسب ، بل على مسيرة البشرية منذ آدم ، بل شاهداً على عملية خلق الكون والسماوات والأرض ، بغض النظر عن هذه الصفة الإلهية ، يتبوَّأ (النص القرآني) موقع الشاهد الثقة المطلق على عصر الرسالة من ناحية علمية وموضوعية للحقائق التالية عن القرآن :
1- يرجع عصر ظهوره كنصّ ونقل محفوظ ومدوَّن إلى عصر الرسالة نفسه ، ومنذ بدئها.
2- كونه يتناول حوادث عصر النبوة الخاتمة منذ بدئها وإلى قبيل وفاة النبي بشهرين ونصف تقريباً
3- ارتباط كثير من آياته وسوره بحوادث سمِّيت بحوادث النـزول ، أي إنَّ الآية المعيَّنة أو السورة المعيَّنة كانت تنـزل بعد الحدث مباشرة أو مقترنة معه ، وهو ما يسمَّى في علوم القرآن بـ (أسباب النـزول) ولو استطعنا أن نرتب الآيات والسور حسب نزولها لأمكننا أن نحصل على (تاريخ قرآني) إجمالي لحوادث عصر النبوة .
4- اتفاق المسلمين على رواية نص واحد للقرآن ، أي أنَّه لا توجد لدى المسلمين على الرغم من تعدد الفرق والمذاهب نسخ أخرى يدَّعى فيها الاختلاف ، وما يذكر في بعض كتب الحديث
______________________
(1) فقد كانت آية (اليوم أكملت لكم دينكم) آخر آية نزلت ، وكان زمان نزولها هو يوم (18) من شهر ذي الحجة من السنة العاشرة وقد بقي النبي (صلى الله عليه وآله) بعدها إلى آخر صفر أوائل السنة الحادية عشر .
(2) مسلم بن الحجاج : صحيح مسلم ج4 باب رجم الحبالى من الزنا كتاب الحدود روايته عن الخليفة عمر أنَّه قال : ( .. فكان ممَّا أنزل الله آية الرجم فقرأناها ووعيناها ، فأخشى أن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله .. والرجم في كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن) .
وفي سنن ابن ماجة عن عمر أيضاً قال : وقد قرأتها (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة).
وفي موطأ مالك (الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة) فإنَّا قد قرأناها .
ومواضع أخرى في كتب أخرى انظر تفصيل ذلك في معالم المدرستين للعلامة العسكري ج2/ص 30-31 .
(3) انظر ما كتبه العلامة العسكري في هذاالمجال في كتابه القيم (القرآن وروايات المدرستين ج1) .
(4) وقد بحث علماء الإسلام مسألة حفظ النص القرآني من التحريف . انظر:
بحث المرحوم الطباطبائي تفسير الميزان.
وبحث المرجع الراحل السيد الخوئي في كتاب البيان.
والشيخ محمد هادي معرفت في كتابه القيم التمهيد في علوم القرآن.
والعلامة العسكري في كتابه القرآن وروايات المدرستين ج1-3 وهو أفضل ماكتب في بابه .