الامام الحسن العسكري (ع) وقيادته للكيان الشعي

محاضرة العلامة البدري بمناسبة ولادة الامام الحسن العسكري  (ع) في عام 1426، من محاور المحاضرة :

ـ الكيان الشيعي وفي ماذا يتمثل .
ـ  هي مراحل تأسيس التشيع .
ـ خطة المنصور العباسي لتطويق حركة الإمام الصادق عليه السلام وتطويق الكيان الشعي .
ـ خلاصة بمجريات الحوادث على عهد الإمام الكاظم والإمام الرضا والإمام الجواد والإمام الهادي عليه السلام .
ـ ما ورثه الإمام الحسن العسكري عليه السلام من آبائه عليهم السلام .
ـ الكيان الشيعي على عهد الإمام الحسن العسكري عليه السلام .
ـ الإمام الحسن العسكري ومهمة التمهيد لولده المهدي عليه السلام وغيبه .
ـ علماء سنة يؤمنون بوجود ولد للحسن العسكري منهم (السيد عبد الوهاب البدري) .
ـ حلول وضعها الإمام العسكري لمشكلات محتملة أمام الكيان الشيعي بعد حدث الغيبة .
ـ أهم خصائص زعامة الكيان الشيعي بعد حدث الغيبة كما اسسها ووضحها الإمام العسكري وأبوه الإمام الهادي عليهما السلام .
al_hamd

المحاضرة

طول المحاضرة : 00:49:23

حجم الملف : 11.31 M تحميل down_ggg
المتن
الكيان الشيعي: هو كيان علمي وولائي، يقوم على الولاء العاطفي لأهل البيت (ع) وحمل التركة العلمية التي ورثها عليٌّ (ع) وأولاده من رسول الله (ص)، قال تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا).

  • بُني الكيان الشيعي في مرحلته الاولى (زمن النبي) من قبل النبي (ص) مباشرة، على اساس أحاديثه التي صدرت منه في حق علي وأهل بيته (ع) خلال 23 سنة، وكان آخرها ما بلّغه النبي يوم الغدير، سنة عشرة من الهجرة، ومن هنا، كان باني التشيع لعلي والإيمان بولايته هو النبي (ص)، وعُرف عددٌ من الصحابة زمن النبي بأنهم شيعة لعلي، وأثنى النبي على علي وشيعته.
  • تأسس الكيانُ الشيعي من جديد على عهد الباقر والصادق (ع)، اللذين انصرفا لتعليم الجيل الجديد من الشيعة، الذين لم يكونوا يعرفون حتى أحكام الحج ([1]), إلى أن ظهر الإمام الباقر (ع) فعلمهم احكام حجهم، وكان ما يميز الشيعي: هو تفاعله مع ظلامة الحسين، والبراءة من بني أمية.
  • نُسب الشيعة إلى جعفر الصادق (ع) لانه أكثر من أخذوا عنه عقائدهم وأحكام دينهم، وبرزوا بعد سقوط بني أمية ككيان واسع متميز في العقيدة والتشريع.
  • فُسح المجال بشكلٍ عام للصادق (ع) في السنوات الاول لحكم العباسيين (132-136هـ)، بعدها، قام العباسيون -وخصوصاً ابو جعفر – بمحاصرة الكيان الشيعي عن طريق جرائم القتل والإبادة وخصوصاً لذرية علي (ع) من الحسنيين، وطوقوا مرجعية الإمام الصادق (ع) في الامة باعلان مرجعية مالك بن أنس كفقيه رسمي للدولة ([2]).
  • عاش شيعة الإمام الصادق (ع) بعد وفاته سنة 148 هــ أيام المنصور وأولاده الخلفاء خصوصاً هارون (ت193ه) محنةً شديدةً، فكانوا بين سجين ومطارد، اما الإمام الكاظم (ع) فقد قضى سنوات طويلة في سجن هارون ثم دُسّ له السُّم سنة 183 هــ.
  • إزدهر الكيان الشيعي على عهد الإمام الرضا (ع) وأصبح يشكل خطراً على السلطة؛ بالثورات التي كانت تحدث هنا وهناك، مما جعل المأمون يستدعي الرضا (ع) إلى مرو ويجعله ولياً لعهده، ويمكن إجمال الدوافع الحقيقية للمأمون في تنصيبه للرضا ولياً للعهد، بهذين الدافعين:

الاول: أراد المأمون أن يُلبس خلافته ثوبَ الشرعية، بما يملك الإمام من ايمان كثير من الجماهير به، ولكن الإمام فوّت عليه هذه الفرصة، عندما عرض المأمون – كاذبا – الخلافة على الرضا (ع) فأحرجه الإمام بقوله: إن كانت الخلافة ثوبا ألبسك الله إياه، فلا يكون بإمكانك ان تنزعه لي وتلبسني اياه، وان لم تكن شيئا اعطاك الله اياه، فكيف تعطيني ما لا تملك؟؟

الثاني: أراد المأمون أن يستوعب القواعد الشعبية الموالية للإمام، ويشتري رضاءها عن طريق ضم قائدها الامثل، لكن الإمام أحبط هذا الموضوع ايضاً، فأعلن منذ اليوم الاول انه لن ينضم إلى جهاز المأمون، واشترط في الوثيقة التأريخية التي كتبها الإمام الرضا، أني لا أمارس أي نوع من انواع السلطة في جهاز الدولة الاسلامية.

إضافة إلى ذلك: استطاع الإمام (ع) ان يُلفت نظر الناس إلى أحقية خطه وخط آبائه (ع)؛ فقال في اليوم الاول من تسلّمه ولاية العهد: (إن الجفر والجامعة – وهما التركة العلمية لعلي (ع) – يدلان على ضدِّ ذلك) أي أن الامر لن يتم، وقد تجلّى هذا الإخبار الغيبي بعد استشهاده (ع) .

  • استلم الإمام الجواد (ع) قيادة الكيان الشيعي، وعمره الشريف لا يتجاوز السبع سنوات، وبذلك، أُفتتح عهد الإمامة المبكّرة، وتعمق فهم الامة للإمامة، على أنها إمامة إلهية، إذ كيف يخضع رجلات الأكاديمية العلمية التي اسسها الإمام الصادق (ع) لطفل عمره سبع سنوات؟؟
  • استشهد الإمام الجواد سنة 220 هـ وله من العمر 25 سنة وتسلم ولده الهادي (ع) الإمامة وهو ابن ست سنين، واستمرت إمامته لـــ34 عاما.
  • عاش الإمام العسكري (ع) في كنف ابيه 23 سنة، استلم بعدها كياناً علمياً قوياً يقوم على الاعتقاد بإمامته وإمامة آبائه (ع)، ومتربياً على القبول والاذعان للحجة وان كان صغيرالعمر.
  • رعى الإمام العسكري (ع) الحركة العلمية؛ إذ كانت الكتب والرسائل تعرض عليه، وكان يميز أيها من كتب آبائه (ع).
  • واجه الإمام العسكري قضيتين كبيرتين:

الاولى: تهيئة الشيعة لقبول زعامة ولده المهدي، وهو بعد لم يتجاوز الخمس سنين (وهو يختلف عن الجواد والهادي (ع) بأنه غائب لا يراه الا القلةُ من أصحاب أبيه).

والثانية: إشكالية طول عمر الإمام، وأن هذا الإمام ستمتدّ به الايام والسنون، وان كان الفكر الاسلامي قد ألف فكرة العمر الطويل عن طريق القرآن الكريم بما قصّ من خبر نوح (ع).

  • أعتمد الإمام في هاتين القضيتين على ثقات أصحابه، وأصحاب أبيه، كعثمان بن سعيد، الذي كان وكيلاً لأبيه الهادي لفترة طويلة من إمامته، التي امتدت 34 سنة، وكذلك كان وكيلا له لمدة 7 سنوات، ثم صار نائبا للحجة (عج) لمدة خمس سنوات من الغيبة الصغرى.
  • تحرك اصحاب الحسن العسكري (ع) في الكيان الشيعي لإعلامه بأن المهدي [الذي توارثوا خبره وأخبار غيبته عن الائمة (ع)] قد وُلد وانه ابنُ الحسن العسكري وانه الثاني عشر من سلسلة الائمة الهداة، وفي نفس الوقت كانت مهمتهم أن يُعمّوا هذا الخبر عن السلطة.
  • نجح أصحاب الحسن (ع) في مهمتهم أيّما نجاح، والدليل: إيمانُ الجمهور الأعظم من شيعة الحسن العسكري (ع) بالمهدي (عج) واستمرار هذا الايمان إلى يومنا هذا، وكذلك اعتراف بعض علماء السنة، وقبولهم من الشيعةِ القولَ بولادة المهدي بن الحسن (عج)، وأولهم وأهمهم أبو الحسن الأشعري، في كتاب (مقالات الاسلاميين) الذي انتهى من تأليفه سنة 297 هـ، أي بعد 35 سنة من استشهاد الإمام العسكري (ع).

قال: (فالفرقة الاولى منهم وهم القطعية، وانما سموا قطعية؛ لأنهم قطعوا على موت موسى بن جعفر بن محمد بن علي، وهم جمهور الشيعة، يزعمون ان النبي نص على إمامة علي بن أبي طالب، واستخلفه بعده بعينه، واسمه، وان عليا نص على إمامة ابنه الحسن بن علي، وان الحسن بن علي نص على إمامة اخيه الحسين … وهو الذي كان بسامرا وان الحسن بن علي، نص على إمامة ابنه محمد بن الحسن بن علي، وهو الغائب المنتظر عندهم، الذي يدعون انه يظهر، فيملأ الارض عدلاً، بعد ان ملئت ظلماً وجوراً).

قرره الدكتور حسين عبد الله

_____________________

([1]) عن الصادق (عليه السلام): (…ثم كان محمد بن علي أبا جعفر وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم لايعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى كان أبو جعفر ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم). الكافي/ كتاب الايمان والكفر/ باب دعائم الاسلام/ ح6

[2])) (قال القاضي عياض: وروى أبو مصعب: أن أبا جعفر قال لمالك: ضع للناس كتاباً أحملهم عليه, فكلمه مالك في ذلك, فقال: ضعه فما أحد أعلم منك. فوضع الموطأ فلم يفرغ منه حتى مات أبو جعفر. وقال مالك لابي جعفر: إن أهل العراق لا يرضون علمنا. فقال أبو جعفر: يضرب عليه عامتهم بالسيف, وتقطع عليه ظهورهم بالسياط. وفي بعضه إن أبا جعفر قال له: إني عزمت أن أكتب كتبك هذه نسخاً, ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين بنسخة, آمرهم بأن يعملوا بما فيها, ولا يتعدوها إلى غيرها من هذا العلم المحدث, فإنني رأيت أصل العلم, رواية أهل المدينة وعملهم). ترتيب المدارك للقاضي عياض ج1/ 191-192

الزيارات : 2٬182

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *