شبهات وردود ـ الحلقة الرابعة

محتويات الحلقة الرابعة

«صفحة 387»

الحلقة الرابعة ـ الرد على شبهات أحمد الكاتب حول ولادة ووجود الإمام المهدي (عليه السلام)

 

«صفحة 388»

«صفحة 389»

المقدمة

بين يديك قارئي الكريم الحلقة الرابعة من نشرة شبهات وردود رددنا فيها على ما أثاره أحمد الكاتب من شبهات حول وجود الحجة المهدي محمد بن الحسن العسكري (عليه السلام).

وكانت بعض دعاواه المهمة في هذا العدد قوله: « اذا استثنينا شرذمة قليلة، فان اجماع الشيعة في القرن الثالث والقرن الرابع كان قائماً على عدم الايمان بوجود (محمد بن الحسن العسكري) وقد ذكر ذلك عامة مؤرخي الشيعة كالنوبختي والاشعري والكليني والنعماني والصدوق والمفيد والطوسي، الذي اطلقوا على ذلك العصر اسم (عصر الحيرة). (234-235) ».

وقد بيَّنا خطأ هذا القول وعدم واقعيته وأثبتنا في ضوء المصادر الشيعية والسنية ان جمهور اصحاب الحسن العسكري وثقاته وهم جمهور الشيعة آنذاك كانوا يقولون بوجود ولد للحسن العسكري (عليه السلام) قد نص على إمامته ابوه (عليه السلام) وانه المهدي الموعود وبالتالي فان الرأي الشيعي العام في القرن الثالث الهجري والرابع الهجري كان يقوم على الإيمان بالمهدي بن الحسن العسكري (عليه السلام).

وأجبنا على اسئلته حول العقيدة بالمهدي كقوله: ماهي المشكلة في الإيمان بولادة الامام المهدي في المستقبل وعندما يأذن الله؟ ولماذا الإصرار على ولادته في الماضي السحيق وبقائه على قيد الحياة بصورة غير طبيعية؟ وغير ذلك.

لقد اقتصر ردنا في هذه الحلقة على بعض المسائل وتركنا بعضها الآخر لعلمنا ان

 

«صفحة 390»

هناك أكثر من أخ كريم وباحث نيقد تصدى للرد(1) والحمد للهولم نجد مبررا لتكرار الجهد فيها.

وبهذه الحلقة نكون قد استوفينا ردنا على أهم الشبهات التي أثارها أحمد الكاتب في نشرته (الشورى) وكتابه (تطورالفكر السياسي الشيعي) حول إمامة أهل البيت (عليهم السلام) ووجود المهدي (عليه السلام) وأساس نظرية الحكم لدى الشيعة.

اللهم اجعله ذخرا يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم انك سميع مجيب.

سامي البدري

الحوزة العلمية قم المشرفة

آخر شهر رمضان المبارك /1420 هجرية

ـــــــــــــــــــــــ

(1) منهم الإستاذ الشيخ خالد العطية في مجلة المنهاج العدد الخامس عشر والأستاذ السيد ثامر العميدي في كتاب مستقل تصف حروفه فعلا والاستاذ السيد نذير الحسني وكتابه تحت المراجعة والعلامة الشيخ محمد منصور البحراني وغيره في حوارهم مع أحمد الكاتب على شبكة هجر في شهر رمضان سنة 1420 وقد انسحب الأستاذ أحمد الكاتب أخيرا من مواصلة الحوار بعذر عدم تفرغه! ! ! .

«صفحة 391»

الحلقة الرابعة

الفصل الأول ـ عقيدة جمهور الشيعة بعد وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)

قوله: اذا استثنينا شرذمة قليلة، ان اجماع الشيعة في القرن الثالث والقرن الرابع كان قائماً على عدم الايمان بوجود (محمد بن الحسن العسكري).
أقول: هذه دعوى غير صحيحة والعكس هو الصحيح فإن القائلين بوجود وولادة ومهدوية محمد بن الحسن (عليه السلام) هم جمهور أصحاب الحسن العسكري وقد نقل هذه الحقيقة الأشعري السني (ت324) في كتابه مقالات الإسلاميين الذي انتهى من تأليفه سنة 297 هجرية وكذلك ابن حزم (ت548) في كتابه (الفصل في الملل والأهواء والنحل) وكلاهما من علماء السنة المعنيين بالفرق الإسلامية وكان الثاني ممن عُني بالردّ على الشيعة هذا بالإضافة الى ما ذكره الشيخ ابو سهل النوبختي والشيخ الصدوق والشيخ المفيد.

 

«صفحة 392»

 

«صفحة 393»

نص الشبهة

قوله: انقسم الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري الى أربعة عشرة فرقة… ولم يقل بوجود وولادة وإمامة ومهدوية (محمد بن الحسن) إلا فرقة واحدة (شرذمة قليلة) من تلك الفرق الأربعة عشر (ص234-235).

وقوله: وقد كان القول بوجود ولد (للحسن العسكري) قولا سريا باطنيا قال به بعض اصحاب الامام العسكري بعد وفاته. ولم يكن الامر واضحاً وبديهيا ومجمعاً عليه بين الشيعة في ذلك الوقت، حيث كان جو من الحيرة والغموض حول مسألة الخلف يلف الشيعة، ويعصف بهم بشدة.

وقوله: وقد كتب عدد من العلماء المعاصرين لتلك الفترة كتبا تناقش موضوع الحيرة وسبل الخروج منها، ومنهم الشيخ علي بن بابويه الصدوق الذي كتب كتابا اسماه (الامامة والتبصرة من الحيرة). وقد امتدت هذه الحيرة الى منتصف القرن الرابع الهجري حيث اشار الشيخ محمد بن علي الصدوق في مقدمة كتابه (اكمال الدين) الى حالة الحيرة التي عصفت بالشيعة وقال (وجدت اكثر المختلفين الي من الشيعة قد حيرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في امر القائم الشبهة)… وقال محمد بن ابي زينب النعماني في كتابه (الغيبة) يصف حالة الحيرة التي عمت الشيعة في ذلك الوقت (ان الجمهور منهم يقول في (الخلف) اين هو؟ واين يكون واين يكون هذا؟ والى متى يغيب؟ وكم يعيش؟ هذا وله الآن نيف وثمانون سنة؟ فمنهم من يذهب الى انه ميت ومنهم من ينكر ولادته ويجحد وجوده ويستهزئ بالمصدق به، ومنهم من يستبعد المدة ويستطيل الامد) يقول (أي حيرة اعظم من هذه الحيرة التي اخرجت من هذا الامر الخلق الكثير والجم الغفير؟ ولم يبق ممن كان فيه الا النزر اليسير، وذلك لشك الناس)… ان دعاوى الاجماع والتواتر والاستفاضة التي يدعيها البعض على احاديث

 

«صفحة 394»

وجود وولادة ومهدوية الامام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) لم يكن لها وجود في ذلك الزمان… من هنا يمكننا القول، اذا استثنينا شرذمة قليلة، ان اجماع الشيعة في القرن الثالث والقرن الرابع كان قائماً على عدم الايمان بوجود (محمد بن الحسن العسكري)، وقد ذكر ذلك عامة مؤرخي الشيعة كالنوبختي والاشعري والكليني والنعماني والصدوق والمفيد والطوسي، الذي اطلقوا على ذلك العصر اسم (عصر الحيرة). (234-235).

الرد على الشبهة

أقول: هناك قضيتان خلط الاستاذ الكاتب في الحديث عنهما وذكر المصادر فيهما على انهما قضية واحدة:

الأولى: قضية تفرق أصحاب الإمام الحسن العسكري من بعد وفاته الى أربع عشرة فرقة أحداها الفرقة الإمامية. ومستنده في ذلك هو ما جاء في كتاب فرق الشيعة للنوبختي والمقالات والفرق للأشعري القمي.

الثانية: قضية الحيرة التي أصابت الشيعة بسبب انقطاع السفارة الخاصة وبدء الغيبة الكبرى. وقد اشار اليها بعبارات صريحة، النعماني وعلي بن بابويه وابنه محمد بن علي بن بابويه والطوسي والشيخ المفيد، غير أن الأستاذ الكاتب لوى عنق هذه الكلمات زورا وبهتانا ليجعلها تصب في القضية الأولى تضليلا للقارئ وزيادة في التعتيم على الحقيقة، وفيما يلي خلاصة عن لهاتين القضيتين.

القضية الأولى ـ قضية تفرق أصحاب الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)

أقول من المفيد جدا ان نستعرض ما جاء في كتاب (فرق الشيعة) للنوبختي وكتاب (المقالات والفرق) للأشعري القمي.

 

«صفحة 395»

قال النوبختي في فرق الشيعة:

«ولد الحسن بن علي (عليه السلام) في شهر ربيع الآخر اثنتين وثلاثين ومأتين وتوفي بسر من رأى يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الاول سنة ستين ومأتين ودفن في داره البيت الذي دفن فيه ابوه وهو ابن ثمان وعشرين سنة وصلى عليه ابو عيسى بن المتوكل وكانت امامته خمس سنين وثمانية اشهر وخمسة ايام وتوفي ولم يُرَ له اثر ولم يعرف له ولد ظاهر فاقتسم ما ظهر من ميراثه اخوه جعفر وامه وهي ام ولد يقال ها عسفان ثم سماها ابو الحسن حديثاً.

فافترق اصحابه بعده اربع عشرة فرقة

فرقة منها قالت: ان (الحسن بن علي) حي لم يمت وانما غاب وهو القائم ولا يجوز ان يموت ولا ولد له ظاهرا لأن الارض لا تخلو من امام وقد ثبتت امامته والرواية قائمة ان للقائم غيبتين…

وقالت الفرقة الثانية: ان الحسن بن علي مات وعاش بعد موته وهو القائم المهدي. لأنا روينا ان معنى القائم هو ان يقوم من بعد الموت ويقوم ولا ولد له ولو كان لصح موته ولا رجوع لان الامامة كانت تثبت لخلفه…

وقالت الفرقة الثالثة: ان (الحسن بن علي) توفي والامام بعده اخوه (جعفر) واليه اوصى الحسن ومنه قبل الامامة وعنه صارت اليه…

وقالت الفرقة الرابعة: ان الامام بعد الحسن (جعفر) وان الامامة صارت اليه من قبل ابيه لا من قبل اخيه محمد ولا من قبل الحسن ولم يكن اماماً ولا الحسن ايضا…

واما الفرقة الخامسة: فانها رجعت الى القول بامامة (محمد بن علي) المتوفى في حياة ابيه وزعمت ان الحسن وجعفراً ادعيا ما لم يكن لهما…

وقالت الفرقة السادسة: ان للحسن بن علي ابناً سماه محمداً ولد قبل وفاته بسنين وانه مستور لا يرى…

وقالت الفرقة السابعة: بل ولد للحسن ولد بعده بثمانية اشهر…

وقالت الفرقة الثامنة: انه لا ولد للحسن اصلاً لأنا قد امتحنا ذلك وطلبناه بكل وجه فلم نجده… ولكن هناك حبل قائم قد صح في سرية له وستلد ذكراً اماما متى ما ولدت فانه لايجوز ان يمضي الامامولاخلف له فتبطل الامامةوتخلو الارض من الحجة.

 

«صفحة 396»

وقالت الفرقة التاسعة: ان الحسن بن علي قد صحت وفاة ابيه وجده وسائر آبائه (عليهم السلام) فكما صحت وفاته بالخبر الذي لا يكذب مثله فكذلك صح انه لا امام بعد الحسن وذلك جائز في العقول والتعارف كما جاز ان تنقطع النبوة… والارض اليوم بلا حجة الا ان يشاء الله فيبعث القائم من آل محمد (صلى الله عليه وآله) فيحي الارض بعد موتها كما بعث محمداُ (صلى الله عليه وآله) على حين فترة من الرسل…

وقالت الفرقة العاشرة: ان ابا جعفر محمد بن علي الميت في حياة ابيه كان الامام بوصية من ابيه اليه واشارته ودلالته ونصه على اسمه وعينه. اوصى الى غلام لأبيه صغير كان في خدمته يقال له (نفيس) وكان ثقة امينا عنده ودفع اليه الكتب والعلوم والسلاح وما تحتاج اليه الامة واوصاه اذا حدث بأبيه حدث الموت يؤدي ذلك كله الى اخيه جعفر.

وقالت الفرقة الحادية عشرة: لما سئلوا عن ذلك وقيل لهم ما تقولون في الامام اهو جعفر ام غيره قالوا لا ندري ما نقول في ذلك اهو من ولد الحسن ام من اخوته فقد اشتبه علينا الامر انا نقول ان الحسن بن علي كان اماماً وقد توفي وان الارض لا تخلوا من حجة ونتوقف ولا نقدم على شىء حتى يصح لنا الامر ويتبين.

وقالت الفرقة الثانية عشرة: وهم (الامامية) ليس القول كما قال هؤلاء كلهم بل لله عز وجل في الارض حجة من ولد الحسن بن علي وامر الله بالغ وهو وصي لأبيه على المنهاج الاول والسنن الماضية.

ولا تكون الامامة في اخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السلام).

ولا يجوز ذلك ولا تكون الا في عقب الحسن بن علي الى ان ينقضي الخلق متصلا ذلك ما اتصلت امور الله تعالى.

ولو كان في الارض رجلان لكان احدهما الحجة ولو مات احدهما لكان الآخر الحجة ما دام امر الله ونهيه قائمين في خلقه.

ولا يجوز ان تكون الامامة في عقب من لم تثبت له امامة ولم تلزم العباد به حجة ممن مات في حياة ابيه ولا في ولده، …

وهذا الذي ذكرناه هو المأثور عن الصادقين الذي لا تدافع له بين هذه العصابة ولا

 

«صفحة 397»

شك فيه لصحة مخرجه وقوة اسبابه وجودة اسناده.

ولا يجوز ان تخلو الارض من حجة ولو خلت ساعة لساخت الارض ومن عليها ولا يجوز شىء من مقالات هذه الفرق كلها.

فنحن مستسلمون بالماضي وامامته مقرون بوفاته معترفون بأن له خلفاً قائماً من صلبه وان خلفه هو الامام من بعده حتى يظهر ويعلن امره كما ظهر وعلن امر من مضى قبله من آبائه ويأذن الله في ذلك، اذ الأمر لله يفعل ما يشاء ويأمر بما يريد من ظهوره وخفائه كما قال امير المؤمنين (عليه السلام) (اللهم انك لا تخلي الارض من حجة لك على خلقك ظاهرا معروفا او خائفا مغمورا كيلا تبطل حجتك وبيناتك).

وبذلك أُمِرنا، وبه جاءت الاخبار الصحيحة عن الائمة الماضين لأنه ليس للعباد ان يبحثوا عن امور الله ويقضوا بلا علم لهم ويطلبوا آثار ما ستر عنهم ولا يجوز ذكر اسمه ولا السؤال عن مكانه حتى يؤمر بذلك اذ هو (عليه السلام) مغمور خائف مستور بستر الله تعالى وليس علينا البحث عن امره بل البحث عن ذلك وطلبه محرم لا يحل ولا يجوز لان في اظهار ما ستر عنا وكشفه اباحة دمه ودمائنا وفي ستر ذلك والسكوت عنه حقنهما وصيانتهما ولا يجوز لنا ولا لأحد من المؤمنين ان يختاروا اماما برأي واختيار وانما يقيمه الله لنا ويختاره ويظهره اذا شاء لانه اعلم بتدبيره في خلقه واعرف بمصلحتهم والامام (عليه السلام) اعرف بنفسه وزمانه منا، وقد قال ابو عبد الله الصادق (عليه السلام) وهو ظاهر الامر معروف المكان لا ينكر نسبه ولا تخفى ولادته وذكره شايع مشهور في الخاص والعام من سماني باسمي فعليه لعنة الله، ولقد كان الرجل من شيعته يتلقاه فيحيد عنه وروي عنه ان رجلا من شيعته لقيه في الطريق فحاد عنه وترك السلام عليه فشكره على ذلك وحمده وقال له لكن فلاناً لقيني فسلم علي ما احسن وذمه على ذلك واقدم عليه بالمكروه… فكيف يجوز في زماننا هذا مع شدة الطلب وجور السلطان وقلة رعايته لحقوق امثالهم مع ما لقي (عليه السلام) من صالح بن وصيف وحبسه… وقد رويت اخبار كثيرة: (ان القائم تخفى على الناس ولادته) و (يخمل ذكره ولا يعرف) الا انه لا يقوم حتى يظهر ويعرف انه امام ابن امام ووصي ابن وصي يؤتم به قبل ان يقوم ومع ذلك فانه لابد من ان يعلم امره ثقاته وثقات ابيه وان قلوا… فهذا سبيل الامامة

 

«صفحة 398»

والمنهاج الواضح اللاحب الذي لم تزل الشيعة الامامية الصحيحة التشيع عليه.

وقالت الفرقة الثالثة عشرة: مثل مقالة الفطحية الفقهاء منهم واهل الورع والعبادة مثل (عبد الله بن بكير بن اعين) ونظرائه فزعموا ان (الحسن بن علي) توفي وانه كان الامام بعد ابيه وان (جعفر بن علي) الامام بعده… فهؤلاء (الفطحية الخلص) الذي يجيزون الامامة في اخوين اذا لم يكن للاكبر منهما خلف ولدا»(1).

وقال الأشعري القمي في (المقالات والفرق):

(و لد الحسن بن علي في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثلثين ومائتين، وتوفي بسر من رأى يوم الجعمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة ستين ومائتين، ودفن في داره في البيت الذي دفن فيه ابوه، وهو ابن ثمان و عشرين سنة، وصلى عليه ابو عيسى بن المتوكل، وكانت امامته خمس سنين وثمانية اشهر وخمسة ايام، وتوفي ولم ير له خلف ولم يعرف له ولد ظاهر، فاقتسم ما ظهر من ميراثه اخوه جعفر وامه وهي ام ولد كان يقال لها عسفان ثم سماها ابوه (حديثا)، فافترق اصحابه من بعده خمس عشرة فرقة.

ففرقة منها وهي المعروفة بالامامية قالت: لله في ارضه بعد مضي الحسن بن علي حجة على عباده وخليفة في بلاده، قائم بامره من ولد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا، آمرٌ ناه مبلغ عن آبائه مودَع عن اسلافه ما استودعوه من علوم الله وكتبه واحكامه وفرائضه وسننه، عالم بما يحتاج اليه الخلق من امر دينهم ومصالح دنياهم خلف لأبيه، ووصي له، قائم بالأمر بعده، هاد للامة مهدي على المنهاج الاول والسنن الماضية من الائمة الجارية، فيمن مضى منهم القائمة فيمن بقى منهم، الى ان تقوم الساعة من وتيرة الاعقاب، ونظام الولادة، ولا ينتقل ولا يزول عن حالها، ولا يكون الامامة ولا يعود في اخوين بعد الحسن والحسين، ولا يجوز ذلك ولا يكون الا في عقب الحسن بن علي بن محمد الى فناء الخلق وانقطاع امر الله ونهيه ورفعه

ـــــــــــــــــــــــ

(1) فرق الشيعة للنوبختي ص 108-112.

«صفحة 399»

التكليف عن عباده، متصل ذلك ما اتصلت امور الله، ولو كان في الارض رجلان كان احدهما الحجة، ولو مات احدهما لكان الباقي منهما الحجة، ما اتصل امر الله ودام نهيه في عباده، وما كان تكليفه قائماً في خلقه.

و لا يجوز ان تكون الامامة في عقب من يموت في حياة ابيه، ولا في وصىّ له من اخ ولا غيره، اذا لم تثبت للميت في حياه ابيه في نفسه امامةولم يلزم العباد به حجة…

وذلك ان المأثور عن الائمة الصادقين مما لا دفع بين هذه العصابة من الشيعة الامامية، ولا شك فيه عندهم ولا ارتياب، ولم يزل اجماعهم عليه لصحة مخرج الاخبار المروية فيه وقوة اسبابها، وجودة اسانيدها وثقة ناقليها.

ان الامامة لا تعود في اخوين إلى قيام الساعة بعد حسن وحسين.

ولا يكون ذلك ولا يجوز ان تخلو الارض من حجة من عقب الامام الماضي قبله ولو خلت ساعة لساخت الارض ومن عليها.

فنحن متمسكون بامامة الحسن بن علي، مقرون بوفاته موقنون مؤمنون بأن له خلفا من صلبه، متدينون بذلك، وانه الامام من بعد ابيه الحسن بن علي، وانه في هذه الحالة مستتر خائف مغمور مأمور بذلك، حتى يأذن الله عز وجل له فيظهر ويعلن امره، كظهور من مضى قبله من آبائه اذ الامر لله تبارك وتعالى يفعل ما يشاء ويأمر بما يريد من ظهور وخفاء ونطق وصموت… هذا مع القول المشهور من امير المؤمنين (ان الله لا يخلى الارض من حجة له على خلقه ظاهراً معروفا او خافيا مغموراً لكي لا يبطل حجته وبيناته).

وبذلك جاءت الاخبار الصحيحة المشهورة عن الائمة (عليهم السلام)، وليس على العباد ان يبحثوا عن امور الله ويقفوا اثر مالا علم لهم به ويطلبوا اظهار ما ستره الله عليهم وغيبه عنهم… ولا البحث عن اسمه وموضعه، ولا السؤال عن امره ومكانه حتى يؤمروا بذلك اذ هو (عليه السلام) غائب خائف مغمور مستور بستر الله… بل البحث عن امره وطلب مكانه والسؤال عن حاله وامره محرم لا يحل ولا يسع لان في طلب ذلك واظهار ما ستره الله عنا و كشفه واعلان امره والتنويه باسمه معصية لله، والعون على سفك دمه (عليه السلام) ودماء

 

«صفحة 400»

شيعته وانتهاك حرمته، اعاذ الله من ذلك كل مؤمن ومؤمنة برحمته وفي ستر امره والسكوت عن ذكره… ولا يجوز لنا ولا لا حد من الخلق ان يختار اماماً برأيه… وانما اختيار الحجج والائمة الى الله عز وجل واقامتهم اليه فهو يقيمهم ويختارهم ويخفيهم واذا شاء اقامتهم فيظهرهم ويعلن امرهم اذا اراد، ويستره اذا شاء فلا يبديه، لانه تبارك وتعالى اعلم بتدبيره في خلقه واعرف بمصلحتهم والامام اعلم بامور نفسه وزمانه وحوادث امور الله منا، وقد قال ابو عبد الله جعفر بن محمد وهو ظاهر الامر معروف المكان مشهور الولادة والذكر لاينكر نسبه شائع اسمه وذكره امره في الخاص والعام من سماني باسمي فعليه لعنة الله، وقد كان الرجل من اوليائه وشيعته يلقاه في الطريق فيحيد عنه ولا يسلم عليه تقية، فإذا لقيه ابو عبد الله شكره على فعله وصوب له ما كان منه، وحمده عليه وذم من تعرف اليه وسلم عليه، واقدم عليه بالمكروه من الكلام… هذا كله لشدة التستر من الاعداء ولوجوب فرض استعمال التقية فكيف يجوز في زماننا هذا ترك استعمال ذلك مع شدة الطلب وضيق الامر وجور السلطان عليهم، وقلة رعايته لحقوق امثالهم ومع ما لقى في الماضي ابو الحسن من المتوكل وشدته عليه وما حل بابي محمد وهذه ا لعصابة من صالح بن وصيف لعنه الله وحبسه اياه، وامره بقتله وحبسه له ولاهل بيته، وطلب الشيعة وما نالهم منه من الاذى والتعنت، تسمية من لم يظهر له خبر ولم يعرف له اسم مشهور وخفيت ولادته.

وقد رويت الاخبار الكثيرة الصحيحة (ان القائم تخفى على الناس ولادته) و (يخمل ذكره) و (لا يعرف اسمه) و (لا يعلم مكانه) (حتى يظهر) ويؤتم به قبل قيامه. ولا بد مع هذا الذي ذكرناه ووصفنا استتاره وخفاء من ان يعلم امره وثقاته وثقاة ابيه وان قلوا… فهذه سبيل الامامة وهذا المنهاج الواضح، والغرض الواجب اللازم الذي لم يزل عليه الاجماع من الشيعة الامامية المهتدية رحمة الله عليها، وعلى ذلك كان اجماعنا الى يوم مضى الحسن بن علي رضوان الله عليه.

وقالت الفرقة الثانية: ان الحسن بن علي حي لم يمت، وانما غاب وهو القائم. ولا يجوز ان يموت الامام ولا ولد له، ولا خلف معروف ظاهروالارض لا تخلو من امام ولا حجة لله، ولا يلزم الخلق الا امامة من ثبتت له الوصية والحسن بن علي فقد

 

«صفحة 401»

ثبتت وصيته بالامامة واشار ابوه اليه بالامامة ولا يحوز ان تخلو الارض ساعة من حجة وامام على الخلق فهذه غيبة له وسيظهر حتى يعرف ظهوره ثم يغيبه غيبة اخرى وهو القائم.

وقالت الفرقة الثالثة: ان الحسن بن علي مات وحي بعد موته و هو القائم…

وقالت الفرقة الرابعة: ان الحسن بن علي قد صحت وفاته كما صحت وفاة آبائه بتواطؤ الاخبار التي لا يجوز تكذيب مثلها، وكثرة المشاهدين لموته وتواتر ذلك عن الموالي له والعدو، وهذا ما لا يجب الارتياب فيه، وصح بمثل هذه الاسباب انه لاخلف له، فلما صح عندنا الوجهان ثبت انه لا امام بعد الحسن بن علي، وان الامامة انقطعت وذلك جائز في المعقول والقياس والتعارف، كما جاز ان تنقطع النبوة بعد محمد (صلى الله عليه وآله)… و هذه الفرقة لا توجب قيام القائم ولا خروج مهدي، وتذهب في ذلك الى بعض معاني البداء.

وقالت الفرقة الخامسة: ان الحسن بن علي قد مات وصح موته وانقطعت الامامة الى وقت يبعث الله فيه قائما من آل محمد ممن قد مضى، ان شاء بعث الحسن بن علي وان شاء بعث غيره من آبائه.

وقالت الفرقة السادسة: ان الحسن وجعفرا لم يكونا امامين فان الامام كان محمد الميت في حياة ابيه، وان اباهما لم يوص الى واحد منهما ولا اشار اليه بامامة، وانما ادعيا ما لم يكن لهما بحق، … وادعوا ان لمحمد بن علي خلفا ذكراً. وقال بعضهم انه حي لم يمت وان اباه غيبه وستره خوفا عليه.

وقالت الفرقة السابعة: ان الحسن بن علي توفي ولا عقب له والامام بعده جعفر بن علي اخوه واليه اوصى الحسن ومنه قبل جعفر الوصية وعنه صارت اليه الامامة، وذهبوا في ذلك الى بعض مذاهب الفطحية في عبد الله وموسى ابنى جعفر…

وقالت الفرقة الثامنة: ان الامام جعفر بن علي وان امامته افضت اليه من قبل ابيه على بن محمد وان القول بامامة الحسن كان غلطاً وخطأ…

وقالت الفرقة التاسعة: بمثل مقال الفطحية الفقهاء منهم واهل النظر، ان الحسن بن علي توفي وهو امام بوصية ابيه اليه، … فالامام بعد الحسن بن علي جعفر اخوه لا

 

«صفحة 402»

يجوز غيره، اذ لا ولد للحسن معروف…

وقالت الفرقة العاشرة: ان الامام كان محمد بن علي باشارة ابيه اليه ونصبه له اماما ونصه على اسمه وعينه… ثم بدا لله في قبضه اليه في حياة ابيه فاوصى محمد الى جعفر اخيه بأمر ابيه ووصاه ودفع الوصية والعلوم والسلاح الى غلام له يقال له نفيس كان في خدمة ابي الحسن، وكان عنده ثقة امينا ودفع اليه الكتب والوصية، وامره اذا حدث به حدث الموت، ان يكون ذلك عنده حتى يحدث على ابيه ابي الحسن حدث الموت، فيدفع ذلك كله حينئذ الى اخيه جعفر.

وقالت الفرقة الحادية عشرة: ان الحسن بن علي قد توفي وهو امام وخلف ابنا بالغا يقال له محمد، وهو الامام من بعده وان الحسن بن علي اشار اليه، ودل عليه وامره بالاستتار في حياته مخافة عليه، فهو مستتر خائف في تقية من عمه جعفر…

وقالت الفرقة الثانية عشرة: بمثل هذه المقالة في امامة الحسن بن علي وان له خلفاً ذكرا يقال له على، وكذبوا القائلين بمحمد، وزعموا انه لا ولد للحسن غير علي، انه قد عرفه خاصة ابيه وشاهدوه، وهي فرقة قليلة بناحية سواد الكوفة.

وقالت الفرقة الثالثة عشرة: ان للحسن بن علي ولد ولد بعده بثمانية اشهر وانه مستتر لا يعرف اسمه ولا مكانه…

وقالت الفرقة الرابعة عشرة: لا ولد للحسن بن علي اصلا لانا تبحرنا ذلك بكل وجه وفتشنا عنه سرا وعلانية، وبحثنا عن خبره في حياة الحسن بكل سبب فلم نجده… ولكن هاهنا حبل قائم مشهور قد صح في سرية له وقد وقف على ذلك السلطان والعامة، وصح عندهم ذلك وسيلد ذكرا اماما، واحتجوا بالخبر الذي روى عن جعفر ان القائم يخفى على الناس حمله وولادته.

وقالت الفرقة الخامسة عشرة: نحن لا ندري ما نقول في ذلك وقد اشتبه علينا الامر فلسنا نعلم ان للحسن بن علي ولد ام لا، ام أن الامامة صحت لجعفر ام لمحمد، وقد كثر الاختلاف. الا انا نقول ان الحسن بن علي كان اماما مفترض الطاعة ثابت الامامة، وقد توفى (عليه السلام) وصحت وفاته، والارض لا تخلو من حجة فنحن نتوقف ولا نقدم على القول بامامة احد بعده، اذ لم يصح عندنا ان له خلفاً وخفي علينا امره، حتى

 

«صفحة 403»

يصح لنا الامر ويتبين، ونتمسك بالاول كما امرنا، انه اذا هلك الامام ولم يعرف الذي بعده فتمسكوا بالاول حتى يتبين لكم الآخر) (1).

أقول ويتضح من القراءة السريعة:

ان النصين يتفقان على مسألة تفرق أصحاب الحسن العسكري الى اربع عشرة فرقة وعدم ذكر حجم كل فرقة منها الامر الذي يجعل القارئ محقا أن يفترض ان هذه الفرق متكافئة عدديا، وبالتالي يحكم ببساطة ان نسبة الفرقة الإمامية هي نسبة واحد من اربعة عشر(2).

وتزداد أهمية وخطورة النتيجة حين نعلم ان النوبختي والأشعري القمي هما من علماء الشيعة المعاصرين لفترة الغيبة الصغرى فالاشعري القمي توفي سنة 301 هجرية والنوبختي توفي في حدود سنة 320 هجرية. والمسألة بهذه الحدود قد يكون القارئ البسيط فيها معذوراً، غير إنه إذا كان قارئا مثقفا له رأي فيما يقرأ أو كان باحثا يريد لبحثه ان يكتسب صفة العلمية والموضوعية أو كان مجددا يريد ان يواجه الملايين ليخطئها في ما لديها ويقدم لها معلومات جديدة ينبغي له القيام بعدة أمور قبل التصديق بالتصور الآنف الذكر وهي:

1. عليه ان يفسر ظاهرة التشابه بين الكتابين وهل هما كتابان حقا ام هما كتاب واحد بعضهما اصل والآخر مهذب بشكل طفيف؟ .

2. ان يقوم بتوثيق النسختين فهل المطبوع هو نسخة المؤلف او نسخة عنها او نسخة متأخرة جدا لا يعرف الأصل الذي استنسخت عنه؟

3. أن يقوم بتوثيق النص فيقارن بين النسخة التي بين يديه والمنقول عن الأصل في كتب أخرى في فترات أقدم من النسخة الخطية.

4. ان يبحث عن مصادر أخرى في الموضوع نفسه فقد يجد ما يؤيد أو ما يعارض وعليه ان يعالج التعارض أو يرجح مصدرا على آخر بمرجحات مقبولة علميا.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) المقالات والفرق للاشعري القمي: 101-115.

(2) ومع ان الحق لا يقاس بالكثرة العددية الا إن الكثرة هنا لها حساب خاص عليناان نوليه أهميةونتحقق منه.

«صفحة 404»

ومن المؤسف ان الأستاذ الكاتب لم يقم بواحدة من تلك الأمور في هذا المورد الخطير وبقي في إطار نسختي النوبختي والأشعري ليقرر الحقيقة فيقول: (ان الفرقة الإمامية هي شرذمة قليلة من بين اربع عشرة فرقة) ثم يتدرج في الحكم الى ما نقلناه عنه آنفا.

لقد نبهناه في الحلقة الأولى يوم كتبنا ردا على ما نشره في نشرة الشورى الى قيام الباحثين ببحوث حول نسختي الأشعري والنوبختي وكونهما كتابا واحدا لمؤلف واحد هو النوبختي او الأشعري القمي. ومع ذلك لم يستفد من التنبيه ولم يتعرض لأبحاث الباحثين سلباً أو إيحاباً وطبع كتابه وضمَّنه ما نشره في نشرته الشورى مكثراً من الإستشهاد فى كتابه بعبارات فرق الشيعة للنوبختي والمقالات والفرق للأشعري القمي إذ جاء فيه مايقرب من (76) إحالة الى هذين المصدرين من أصل (627) إحالة الى مصادر أخرى في القسم الأول والثاني من كتابه.

ما نقله الشيخ المفيد عن كتاب فرق الشيعة:

مضافا الى ذلك لم يقارن بين ما نقله الشيخ المفيد عن النوبختي في كتابه الفصول المختارة من انقسام اصحاب الحسن العسكري(عليه السلام) الى اربع عشرة فرقة والنص عند الشيخ المفيد كما يلي:

قال الشيخ المفيد ت413 في كتابه الفصول المختارة (ولما توفي أبو محمد الحسن بن علي بن محمد (عليه السلام) إفترق أصحابه بعده على ما حكاه أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي بأربع عشرة فرقة، فقال الجمهور منهم بإمامة القائم المنتظر (عليه السلام) وأثبتوا ولادته وصححوا النص عليه وقالوا هو سمي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومهدي الأنام) (1).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ثم ذكرالشيخ المفيد تلك الفرق وما نسب اليهامن قول وناقشه ثم عقب عليه بقوله: (وليس من هؤلاء الفرق التي ذكرناها فرقة موجودة في زماننا هذه وهو سنة ثلاث وسبعبن وثلاثمائة الا الإمامية الإثنا عشرية القائلة بإمامة ابن الحسن المسمى باسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) القاطعة على حياته وبقائه الى وقت قيامه بالسيف حسبما شرحناه فما تقدم عنهم وهم أكثر فرق الشيعة عددا وعلماء ومتكلمون ونظار وصالحون وعباد ومتفقهة وأصحاب حديث وأدباء وشعراء، وهم وجه الإمامية ورؤساء جماعتهم والمعتمد عليهم في الديانة ومن سواهم منقرضون ولا يعلم أحد من جملة الاربع عشرة فرقة التي قدمنا ذكرها ظاهرا بمقالة ولا موجودا على هذا الوصف من ديانته وإنما الحاصل منهم حكاية عمن سلف وأراجيف بوجود قوم منهم لا تثبت) .

«صفحة 405»

ويتضح من هذا النص ان نسخة النوبختي المطبوعة قد أصابها التحريف حين لم يذكر فيها عبارة (الجمهور منهم) (1).

ما ذكره الشيخ ابو سهل النوبختي:

أقول: ويؤكد وقوع هذا التحريف في النسخة المطبوعة لكتاب فرق الشيعة للنوبختي ما ذكره الشيخ ابو سهل اسماعيل بن علي النوبختي(2) وهو خال الحسن بن علي النوبختي صاحب فرق الشيعة.

قال أبو سهل في كتابه (التنبيه في الإمامة): ان الحسن(عليه السلام) خلف جماعة من ثقاته ممن يروي عنه الحلال والحرام ويؤدي كتب شيعته واموالهم ويخرجون الجوابات وكانوا بموضع من الستر والعدالة بتعديله اياهم في حياته، فلما مضى اجمعوا جميعاً على انه قد خلَّف ولدا هو الامام وامروا الناس ان لا يسألوا عن اسمه وان يستروا ذلك من اعدائه، و طلبه السلطان اشد طلب ووكل بالدور والحبالى من جواري الحسن (عليه السلام) (3).

أقول: ومن البعيد جداً ان يكون ابن الأخت وهو معني بالامر غير مطلع على كتا ب خاله في الموضوع نفسه وهو شيخ متكلمي الشيعة في بغداد في وقته وإذا اطلع عليه وكان مخالفا له فمن البعيد ان لا يذكر رأيه.

ما ذكره الشيخ الصدوق:

وقد اشار الى هذه الحقيقة ايضا الشيخ الصدوق في كتابه اكمال الدين ص 45،

ـــــــــــــــــــــــ

(1) نبهنا الى وقوع التحريف في نسخة فرق الشيعة بالمقارنة بين نصها ونص الشيخ المفيد عن النوبختي أخونا الحجة الشيخ عبد الله الدشتي جزاه الله خير الجزاء.

(2) كان وجها من وجوه علماء الشيعة سنة305 وحضر وفاة السفيرالثاني ووصيته الى الحسين بن روح، وكان يترقب قسم من الشيعة ان يكون هو النائب بعد وفاة السفير الثاني لوجاهته وشدة اتصاله واختصاصه به وستأتي جملة أخرى من ترجمته.

(3) أنظر إكمال الدين للشيخ الصدوق ص 93.

«صفحة 406»

قال: كل من سألنا من المخالفين عن القائم (عليه السلام)، لم يخل من ان يكون قائلاً بامامة الائمة الاحد عشر من آبائه (عليهم السلام) او غير قائل بامامتهم.

فان كان قائلا بامامتهم لزمه القول بامامة الامام الثاني عشر لنصوص آبائه الائمة (عليهم السلام) عليه باسمه ونسبه واجماع شيعتهم على القول بامامته وانه القائم الذي يظهر بعد غيبة طويلة فيملأ الارض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً.

ما ذكره الذهبي:

مضافا الى ذلك فقد نص على حقيقة: (ان المعتقدين بالمهدي بن الحسن العسكري هم جمهور أصحاب الأمام الحسن العسكري وليس شرذمة) الذهبي في كتابه (سير اعلام النبلاء) وابن حزم الأندلسي في كتابه (الفصل) والأشعري السني في كتابه مقالات الإسلاميين.

قال الذهبي (ت748) في سير أعلام النبلاء ج 13 /119 – 122 نقل أبو محمد بن حزم أن الحسن (بن علي بن محمد) مات عن غير عقب. قال وثبت جمهور الرافضة على أن للحسن ابنا أخفاه.

ما ذكره ابن حزم ت 548 هجرية:

وقال ابن حزم (484-548هجرية) في كتابه (الفصل في الملل) ج4/77 (وقالت الروافض الإمامة في علي وحده بالنص عليه ثم في الحسن ثم في الحسين وادعوا نصا آخر من النبي (صلى الله عليه وآله) عليهما بعد أبيهما ثم علي ابن الحسين لقول الله عز وجل (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله). قالوا فولد الحسين أحق من أخيه ثم محمد بن علي بن الحسين ثم جعفر بن علي ابن الحسين. وهذا مذهب جميع متكلميهم كهشام بن الحكم وهشام الجواليقي وداود الحواري وداود الرقي وعلي بن منصور وعلي بن هيثم وأبي علي السكاك تلميذ هشام بن الحكم ومحمد بن جعفر بن النعمان شيطان الطاق وأبي ملك الحضرمي وغيرهم.

ثم افترقت الرافضة بعد موت هؤلاء المذكورين وموت جعفر بن محمد فقالت

 

«صفحة 407»

طائفة بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر. وقالت طائفة بإمامة ابنه محمد بن جعفر وهم قليلوقالت طائفة جعفر حي لم يمت. وقال جمهور الرافضة بإمامة ابنه موسى بن جعفر ثم علي ابن موسى ثم محمد بن علي بن موسى ثم علي بن محمد بن موسى ثم الحسن بن علي. ثم مات الحسن غير معقب فافترقوا فرقا وثبت جمهورهم على أنه ولد للحسن بن علي ولد فأخفاه وقيل بل ولد له بعد موته من جارية له اسمها صقيل وهو الأشهر وقال بعضهم بل من جارية له اسمها نرجس وقال بعضهم من جارية له اسمها سوسن).

وقال في ج4/138 (وقالت القطعية من الامامية الرافضة كلهم وهم جمهور الشيعة ومنهم المتكلمون والنظارون والعدد العظيم بان محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي ابن موسى بن جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب حي لم يمت ولا يموت حتى يخرج فيملأالأرض عدلا كما ملئت جورا وهو عندهم المهدي المنتظر، وبقول طائفة منهم ان مولد هذا الذي لم يخلق قط في سنة ستين ومائتين سنة موت ابيه وقالت طائفة منهم بل بعد موت ابيه بمدة وقالت طائفة منهم بل في حياة ابيه… وكل هذا هوس ولم يعقب الحسن المذكور ذكراً ولا انثى فهذا اول نُوك(1) الشيعة ومفتاح عظيماتهم واخفها وان كانت مهلكة(2)).

أقول: ذكر السيد هبة الدين الشهرستاني في مقدمة كتاب فرق الشيعة للنوبختي ان نسخة من فرق الشيعة للنوبختي كانت عند ابن حزم(3) وهو قرينة ثالثة على ان النسخة المتداولة من كتاب فرق الشيعة محرفة في هذا الموضع.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) النُّوك بالضم الحُمق، والأنْوك: الأحمق.

(2) اقول: لئن لم يثق ابن حزم ونظراؤه بنقل جمهور الشيعة ان امامهم الحسن العسكري قد ولد له ولد نص عليه بالامامة. فقد وثق بقولهم آخرون من علماء السنة وأثبتوا أن للحسن العسكري خَلَف سماه محمدا ولقبه المهدي ومن هؤلاء: سبط بن الجوزي الحنبلي ت645 في كتابه تذكرة الخواص / 363، ومحمد بن طلحة الشافعي ت 652 في مطالب السؤول 2/ 79 وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة /287 وابن طولون ت953 في كتابه الأئمة الإثني عشر وغيرهم وقد عد المرجع المعاصر الشيخ الصافي في كتابه منتخب الأثر خمسا وستين عالما من علماء السنة ممن ذكر ذلك (انظر هامش ص 322فما بعدها) .

(3) فرق الشيعة للنوبختي، مقدمة السيد هبة الدين الشهرستاني / زي.

«صفحة 408»

ما ذكر ه الأشعري السني في كتابه المؤلَّف سنة 297 هجرية:

أقول: وهناك من هو أقدم من ابن حزم ممن قرر حقيقة ان جمهور اصحاب الحسن العسكري كانوا يؤمنون بان الحسن العسكري له ولد هو الامام الثاني عشر وهو المهدي المنتظر، وهو مصدر مهم جدا لاينبغي لباحث أن يغفله وهو كتاب (مقالات الإسلاميين) لابي الحسن الأشعري السني (ت 324 هجرية) وقد انتهى من تأليفه سنة 297 هجرية (أي بعد خمس وثلاثين سنة من وفاة الحسن العسكري).

قال أبو الحسن الأشعري السني (فالفرقة الاولى منهم وهم القطعية وانما سموا قطعية لانهم قطعوا على موت موسى بن جعفر بن محمد بن علي وهم جمهور الشيعة يزعمون ان النبي نص على امامة على بن أبي طالب واستخلفه بعده بعينه واسمه وان عليا نص على امامة ابنه الحسن بن على وان الحسن بن على نص على امامة اخيه الحسين بن على وان الحسين بن على نص على امامة ابنه على بن الحسين وان على بن الحسين نص على امامة ابنه محمد بن على وان محمد بن على نص على امامة ابنه جعفر بن محمد وان جعفر بن محمد نص على امامة ابنه موسى بن جعفر وان موسى بن جعفر نص على امامة ابنه على بن موسى وان على بن موسى نص على امامة ابنه محمد بن على بن موسى وان محمد بن على بن موسى نص على امامة ابنه الحسن بن على بن محمد بن على بن موسى وهو الذي كان بسامرا وان الحسن بن على نص على امامة ابنه محمد بن الحسن بن على وهو الغائب المنتظر عندهم الذي يدعون انه يظهر فيملأ الارض عدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا).

ويتضح من ذلك كله في ضوء المصادر الشيعية والسنية القديمة: ان جمهور اصحاب الحسن العسكري وثُقاته وهم جمهور الشيعة آنذاك كانوا يقولون بالولد وكون ابيه الحسن (عليه السلام) قد نص على إمامته وانه المهدي الموعود طوال الغيبة الصغرى (أي القرن الثالث الهجري والربع الأول من القرن الرابع الهجري).

 

«صفحة 409»

القضية الثانية ـ قضية الحيرة في بدء الغيبة الكبرى

مما لا شك فيه ان قسما كبيرا من الشيعة عاشوا حيرة شاملة حين بلغهم خبرانقطاع النيابة الخاصة بعد وفاة النائب الرابع، حيث لا يوجد مرجع معين من الإمام المهدي (عليه السلام) ينهض بأمورهم، مع كثرة الشبهات التي أثارها الزيدية والمعتزلة وغيرهم، وتصدى علماء الشيعة في تلك الفترة لرفع الحيرة التي نشأت بسبب ذلك وكتبوا كتبا خالدة منها: –

– كتاب (الغيبة) لمحمد بن ابراهيم النعماني (ألفه بين سنة 333 هجرية وسنة 342هجرية).

– و (الإمامة والتبصرة من الحيرة) لعلي بن بابويه (ت 329)

– و (إكمال الدين و إ تمام النعمة في إثبات الغيبة وكشف الحيرة) لمحمد بن علي بن بابويه (ت 386).

– و (الغيبة) للشيخ الطوسي (ت 460).

– وغيرها.

قال علي بن بابويه في الامامة والتبصرة ص 9: (رأيت كثيرا ممن صح عقده، وثبتت على دين الله وطأته، وظهرت في الله خشيته، قد أحادته الغيبة، وطال عليه الامد حتى دخلته الوحشة، … فجمعت أخبارا تكشف الحيرة…)

وقال النعماني في كتاب الغيبة ص 20: (أما بعد فإنا رأينا طوائف من العصابة المنسوبة إلى التشيع المنتمية إلى نبيهامحمد وآله صلى الله عليهم – ممن يقول بالامامة التي جعلها الله برحمته دين الحق ولسان الصدق وزينا لمن دخل فيها ونجاة وجمالا لمن كان من أهلها وفاز بذمتها وتمسك بعقدتها ووفى لها بشروطها من المواظبة على الصلوات وإيتاء الزكوات والمسابقة إلى الخيرات، واجتناب الفواحش والمنكرات، والتنزه عن سائر المحظورات، ومراقبة الله تقدس ذكره في الملا والخلوات، وتشغل القلوب وإتعاب الانفس والابدان في حيازة القربات – قد تفرقت كلمها، وتشعبت

 

«صفحة 410»

مذاهبها، واستهانت بفرائض الله عز وجل، وحنت إلى محارم الله تعالى، فطار بعضها علوا، وانخفض بعضها تقصيرا، وشكوا جميعا إلا القليل في إمام زمانهم وولى أمرهم وحجة ربهم… للمحنة الواقعة بهذه الغيبة التي سبق من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذكرها، وتقدم من أمير المؤمنين (عليه السلام) خبرها، ونطق في المأثور من خطبه والمروي عنه من كلامه وحديثه بالتحذير من فتنتها، وحمل أهل العلم والرواية عن الائمة من ولده: واحدا بعد واحد أخبارها حتى ما منهم أحد إلا وقد قدم القول فيها، … ووجدنا الرواية قد أتت عن الصادقين (عليهم السلام) بما أمروا به من وهب الله عزوجل له حظا من العلم وأوصله منه إلى ما لم يوصل إليه غيره من تبيين ما اشتبه على إخوانهم في الدين، وإرشادهم في الحيرة إلى سواء السبيل، وإخراجهم عن منزلة الشك إلى نور اليقين. فقصدت القربة إلى الله عزوجل بذكر ما جاء عن الائمة الصادقين الطاهرين (عليهم السلام) من لدن أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى آخر من روي عنه منهم في هذه الغيبة التي عمى عن حقيتها ونورها من أبعده الله عن العلم بها والهداية إلى ما اوتي عنهم (عليهم السلام) فيها ما يصحح لاهل الحق حقيقة ما رووه ودانوا به، وتؤكد حجتهم بوقوعها وبصدق ما آذنوا به منها.

وإذا تأمل من وهب الله تعالى له حسن الصورة وفتح مسامع قلبه، ومنحه جودة القريحة وأتحفه بالفهم وصحة الرواية بما جاء عن الهداة الطاهرين صلوات الله عليهم على قديم الايام وحديثها من الروايات المتصلة فيها… عَلِمَ أن هذه الغيبة لو لم تكن ولم تحدث مع ذلك ومع ما روي على مر الدهور فيها لكان مذهب الامامة باطلا(1)لكن الله تبارك وتعالى صدَّق إنذار الائمة (عليهم السلام) بها، وصحح قولهم فيها في عصر بعد عصر).

وقال محمد بن علي بن بابويه في كتابه (إكمال الدين و إ تمام النعمة في إثبات الغيبة وكشف الحيرة) ص 2: إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا أنى لما قضيت وطري من زيارة علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه رجعت إلى نيسابور وأقمت بها، فوجدت أكثر المختلفين إلىَّ من الشيعة قد حيرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر

ـــــــــــــــــــــــ

(1) مراده ان خبر الغيبة متواتر عن الأئمة (عليهم السلام) فإذا لم تقع فإن معنى ذلك تخلف الأخبار عن الواقع وبالتالي يؤدي الى هدم التصديق المطلق بالأخبار الثابتة عن الأئمة (عليهم السلام) .

«صفحة 411»

القائم (عليه السلام) الشبهة، وعدلوا عن طريق التسليم إلى الاراء والمقائيس، فجعلت أبذل مجهودي في إرشادهم إلى الحق وردهم إلى الصواب بالاخبار الواردة في ذلك عن النبي والائمة صلوات الله عليهم، حتى ورد إلينا من بخارا شيخ من أهل الفضل والعلم والنباهة ببلد قم، طال ما تمنيت لقاءه و اشتقت إلى مشاهدته لدينه وسديد رأيه واستقامة طريقته، وهو الشيخ نجم الدين أبوسعيد محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد بن على بن الصلت القمي… فبينا هو يحدثني ذات يوم إذ ذكر لي عن رجل قد لقيه ببخارا من كبار الفلاسفة والمنطقيين كلاما في القائم (عليه السلام) قد حيره وشككه في أمره لطول غيبته وانقطاع أخباره، فذكرت له فصولا في إثبات كونه (عليه السلام) ورويت له أخبارا في غيبته عن النبي و الائمة (عليهم السلام) سكنت إليها نفسه، وزال بها عن قلبه ما كان دخل عليه من الشك والارتياب والشبهة، وتلقى ما سمعه من الاثار الصحيحة بالسمع والطاعة والقبول والتسليم، وسألني أن أصنف (له) في هذا المعنى كتابا، فأجبته إلى ملتمسه ووعدته جمع ما ابتغى إذا سهل الله لي العود إلى مستقري ووطني بالري.

فبينا أنا ذات ليلة أفكر فيما خلفت ورائي من أهل وولد وإخوان ونعمة إذ غلبني النوم فرأيت كأني بمكة أطوف حول بيت الله الحرام وأنا في الشوط السابع عند الحجر الاسود أستلمه وأقبله، وأقول ” أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة ” فأرى مولانا القائم صاحب الزمان – صلوات الله عليه – واقفا بباب الكعبة، فأدنو منه على شغل قلب وتقسم فكر، فعلم (عليه السلام) ما في نفسي بتفرسه في وجهي، فسلمت عليه فرد علي السلام، ثم قال لي لم لا تصنف كتابا في الغيبة حتى تكفي ما قد همك؟ فقلت له يا ابن رسول الله قد صنفت في الغيبة أشياء، فقال (عليه السلام) ليس على ذلك السبيل آمرك أن تصنف الان كتابا في الغيبة واذكر فيه غيبات الانبياء (عليهم السلام). ثم مضى صلوات الله عليه.

فانتبهت فزعا إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى إلى وقت طلوع الفجر، فلما أصبحت ابتدأت في تأليف هذا الكتاب ممتثلا لامر ولي الله وحجته، مستعينا بالله ومتوكلا عليه ومستغفرا من التقصير، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب).

 

«صفحة 412»

أقول:

أن السر في هذه الحيرة هو انقضاء الجيل الذي شاهد الإمام (عليه السلام) وتعامل معه حسيا ونشر أخباره بين الشيعة بشكل خاص، وكون الغيبة ظاهرة جديدة لم يسبق لها مثيل في المجتمع الإسلامي مع وجود شبهات وتساؤلات من الخصوم.

وقد وفق العلماء المذكورون ونظراؤهم رحمهم الله جميعا في الإجابة على كل شبهة اثيرت حول الغيبة وما يرتبط بها حتى عادت الغيبة لدى الشيعة بمنزلة المشاهدة وصارت دليلا آخر على صدق إمامة أهل البيت (عليهم السلام) وآية من آياتهم كما أشار النعماني الى ذلك.

وفي ضوء ما بيناه يتضح:

ان قول الاستاذ الكاتب: “اذا استثنينا شرذمة قليلة، ان اجماع الشيعة في القرن الثالث والقرن الرابع كان قائماً على عدم الايمان بوجود (محمد بن الحسن العسكري) وقد ذكر ذلك عامة مؤرخي الشيعة كالنوبختي والاشعري والكليني والنعماني والصدوق والمفيد والطوسي، الذي اطلقوا على ذلك العصر اسم (عصر الحيرة). (234-235) “

لم يكن قد تحرّى فيه الامانة والدقة العلمية، ولا استوعب المصادر الأساسية في مثل هذه القضية الخطيرة.

 

«صفحة 413»

الحلقة الرابعة

الفصل الثاني ـ الإمامة بعد الحسن والحسين (عليهما السلام) لا تكون في أخوين

قوله: وكان الدافع الرئيسي لهذا القول (أي ان للحسن العسكري ولد) هو التمسك بقانون (الوراثة العمودية) و(عدم جواز انتقال الإمامة الى أخوين بعد الحسن والحسين) وبالرغم من أنه (أي القانون المذكور) كان قولا ضعيفا ولم يجمع الشيعة الإمامية عليه في ذلك الوقت خلافا لما ادعى الطوسي بعد ذلك بمأتي عام.
أقول: ان قانون الوراثة العمودية وعدم جواز انتقال الإمامة الى أخوين بعد الحسن والحسين مما اتفق عليه جمهورالشيعة الإمامية بعد الامام الصادق (عليه السلام) في القرن الثاني والثالث وقد نقل هذه الحقيقة النوبختيان الخال وابن اخته والأشعري القمي في كتبهم قبل الشيخ الطوسي بأكثرمن مأة عام، هذا مضافاً الى الروايات الصحيحة الواردة بذلك.

 

«صفحة 414»

 

«صفحة 415»

نص الشبهة

قال: أن القول بـ (عدم جواز انتقال الإمامة الى أخوين بعد الحسن والحسين ووجوب استمرارها في الاعقاب) قول ضعيف ولم يجمع الشيعة الإمامية عليه في ذلك الوقت خلافا لما ادعى الطوسي بعد ذلك بمأتي عام. (ص189).

الرد على الشبهة

أقول: بل هو قول جمهور الشيعة الإمامية والمشهور بل المتواتر بينهم قبل ولادة المهدي (عليه السلام) كما نقله اسماعيل بن علي النوبختي في كتابه (التنبيه في الإمامة) وابن أخته الحسن بن موسى النوبختي في كتابه فرق الشيعة والاشعري القمي في كتابه المقالات والفرق على فرض تعدد الكتابين المتداولين.

قول أبي سهل النوبختي:

قال اسماعيل بن علي النوبختي في كتاب التنبيه:

(وعلمنا بالاخبار المتواترة عن الائمة الصادقين (عليهم السلام) ان الامامة لا تكون بعد كونها في الحسن والحسين (عليه السلام) الا في ولد الامام ولا يكون في اخ ولا قرابة) (1).

قول الاشعري القمي:

وقال الاشعري القمي في المقالات والفرق:

(ففرقة منها وهي المعروفة بالامامية قالت لله في ارضه بعد مضي الحسن بن علي

ـــــــــــــــــــــــ

(1) إكمال الدين للصدوق /92.

«صفحة 416»

حجة على عباده وخليفة في بلاده، قائم بامره من ولد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا، … على المنهاج الاول والسنن الماضية من الائمة الجارية، فيمن مضى منهم القائمة فيمن بقى منهم، الى ان تقوم الساعة من وتيرة الاعقاب، ونظام الولادة، ولا ينتقل ولا يزول عن حالها، ولا يكون الامامة ولا يعود في اخوين بعد الحسن والحسين، ولا يجوز ذلك ولا يكون الا في عقب الحسن بن علي بن محمد الى فناء الخلق وانقطاع امر الله ونهيه ورفعه التكليف عن عباده، متصل ذلك ما اتصلت امور الله، ولو كان في الارض رجلان كان احدهما الحجة، ولو مات احدهما لكان الباقي منهما الحجة، ما اتصل امر الله ودام نهيه في عباده، وما كان تكليفه قائماً في خلقه،

و لا يجوز ان تكون الامامة في عقب من يموت في حياة ابيه، ولا في وصىّ له من اخ ولا غيره، اذا لم تثبت للميت في حياه ابيه في نفسه امامةولم يلزم العباد به حجة…

وذلك ان المأثور عن الائمة الصادقين مما لا دفع بين هذه العصابة من الشيعة الامامية، ولا شك فيه عندهم ولا ارتياب، ولم يزل اجماعهم عليه لصحة مخرج الاخبار المروية فيه وقوة اسبابها، وجودة اسانيدها وثقة ناقليها) (1).

قول علي بن الحسن النوبختي:

وقال علي بن الحسن النوبختي في فرق الشيعة:

« قالت الفرقة الثانية عشرة وهم (الامامية) ليس القول كما قال هؤلاء كلهم بل لله عز وجل في الارض حجة من ولد الحسن بن علي وامر الله بالغ وهو وصي لأبيه على المنهاج الاول والسنن الماضية ولا تكون الامامة في اخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السلام). ولا يجوز ذلك ولا تكون الا في عقب الحسن بن علي الى ان ينقضي الخلق متصلا ذلك ما اتصلت امور الله تعالى. ولو كان في الارض رجلان لكان احدهما الحجة ولو مات احدهما لكان الآخر الحجة ما دام امر الله ونهيه قائمين في خلقه. ولا

ـــــــــــــــــــــــ

(1) المقالات والفرق /103.

«صفحة 417»

يجوز ان تكون الامامة في عقب من لم تثبت له امامة ولم تلزم العباد به حجة ممن مات في حياة ابيه ولا في ولده…

وهذا الذي ذكرناه هو المأثور عن الصادقين الذي لا تدافع له بين هذه العصابة ولا شك فيه لصحة مخرجه وقوة اسبابه وجودة اسناده(1).

وفي ضوء ذلك فان الشيخ الطوسي كان قوله مؤكدا لما نقله النوبختي والأشعري القمي وليس مؤسسا ».

نموذج من الروايات:

أما الأخبار في ذلك فكثيرة نذكر منها ما رواه الكليني في الكافي بأسانيد صحيحة.

عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة، عن أبى عبد الله (عليه السلام) قال لا تعود الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبدا، إنما جرت في علي بن الحسين كما قال الله تبارك وتعالى “واولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله” فلا تكون بعد علي بن الحسين (عليه السلام) إلا في الاعقاب وأعقاب الاعقاب(2).

وعن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن ابي نجران، عن سليمان بن جفعر الجعفري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لا تجتمع الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين إنما هي في الأعقاب وأعقاب الاعقاب(3).

وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه سئل أتكون الامامة في عم أو خال؟ فقال لا، فقلت ففي أخ؟ قال لا، قلت ففي من؟ قال في ولدي، وهو يومئذ لا ولد له(4).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) فرق الشيعة /111، أوردناه إلى جنب كتاب المقالات والفرق على فرض تعددهما.

(2) الكافي ج 1 ص 285.

(3) الكافي ج 1 ص 286.

(4) الكافي ج 1 ص 286.

«صفحة 418»

 

«صفحة 419»

الحلقة الرابعة

الفصل الثالث ـ روايات اهل البيت (عليهم السلام) في تشخيص هوية الإمام المهدي (عليه السلام)

قوله: اما الروايات الواردة حول الغيبة والغائب فهي لا تتحدث عن غائب بالتحديد… وهي لا تتحدث عن أمر قبل وقوعه حتى يكون ذلك إعجازا ودليلا على صحة الغيبة كما قال الشيخ الصدوق.
أقول: إن روايات أهل البيت المتداولة عند الشيعة في القرن الثاني الهجري تتحدث عن غائب بالتحديد وهو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت والخامس من ولد الصادق (عليه السلام)، وانه يغيب غيبتين إحداهما طويلة ثم يقوم بعدها، وبالتالي فهي تتحدث عن أمر قبل وقوعه، وفيما يلي طرف مما رواه الحسن بن محبوب السرّاد (149- 224 هجرية) في كتابه المشيخة وغيره من كتبه وكتب غيره التي كانت متداولة عند الشيعة قبل ولادة المهدي بنصف قرن تقريبا.

 

«صفحة 420»

 

«صفحة 421»

نص الشبهة

قال: (اما الروايات الواردة حول الغيبة والغائب فهي لا تتحدث عن غائب بالتحديد… وهي لا تتحدث عن أمر قبل وقوعه حتى يكون ذلك إعجازا ودليلا على صحة الغيبة كما قال الشيخ الصدوق) ص 197بيروتية.

(إن تحديد هوية الإمام المهدي بالثاني عشر من إئمة أهل البيت قد حدث في وقت متأخر بعد وفاة الإمام الحسن العسكري بفترة طويلة إي في بداية القرن الرابع الهجري).

ولو كانت هوية المهدي قد تحددت من قبل منذ زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو الأئمة الأحد عشر السابقين لما اختلف المسلمون ولا الشيعة ولا الإمامية ولا شيعة الحسن العسكري في تحديد هوية المهدي (182).

الرد على الشبهة

أقول: إن روايات أهل البيت (عليهم السلام) المتداولة عند الشيعة في القرن الثاني الهجري والربع الأول من القرن الثالث الهجرري تتحدث عن غائب بالتحديد وبالتالي فهي قد أخبرت عن أمر قبل وقوعه.

وقد ذكرت هذه الروايات ان القائم المهدي الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم هو الثاني عشر من أهل البيت وهو التاسع من ذرية الحسين وفي بعضها هو السابع من ذرية الباقر وفي بعضها هو السادس من ذرية الصادق وفي بعض هذه الروايات هو الخامس من ولد الكاظم هذا مضافا الى روايــات كثيرة جدا تشير الى أن هذا القائم له غيبة طويلة، وفي روايات اخرى ان له غيبتين إحداهما طويلة يقال له فيها مات أو هلك، وفي بعضها انه تخفى ولادته على الناس، وفي بعضها هو الذي يقول الناس عنه

 

«صفحة 422»

لم يولد بعد وفي بعضها انه اصغر الأئمة سنا وأخملهم ذكرا.

وليس بعد هذه الأوصاف من غموض كما يدعي الأستاذ الكاتب مضافا الى ذلك العلامات التي ذكرت كمقدمة لظهوره من قبيل زوال ملك بني العباس وخروج السفياني والصيحة في شهر رمضان وانه لا يقوم حتى يذهب ثلثا الناس وانه لاتبقى فئة من الناس لا تجرب حظها من الحكم والسيرة بين الناس وانه يظهر في زمانه عيسى ويصلي خلفه.

ان هذه الصفات و العلامات لاتبقي مجالا للقول ان الروايات الواردة في المهدي غامضة ولم تحدد هويته كما ادعى ذلك الأستاذ الكاتب.

وقد ذكر تلك الروايات علماء الشيعة الأقدمين وقدموها كظاهرة ملفتة للنظر وعلامة من علامات صدق إمامة أهل البيت (عليهم السلام).

تعليق الشيخ ابي سهل النوبختي على أخبار الغيبتين:

قال الشيخ أبي سهل النوبختي (رحمه الله): « وصحة غيبته بالاخبار المشهورة في غيبة الامام (عليه السلام) وان له غيبتين إحداهما اشد من الاخرى.

ومذهبنا في غيبة الامام في هذا الوقت لا يشبه مذهب الممطورة في موسى(1)بن جعفر لان موسى مات ظاهراً ورآه الناس ميتاً ودفن دفناً مكشوفا ومضى لموته اكثر من مائة سنة وخمسين سنة لا يدعي احد انه يراه ولا يكاتبه ولا يراسله، ودعواهم انه حي فيه اكذاب الحواس التي شاهدته ميتاً وقد قام بعده عدة ائمة فأتوا من العلوم بمثل ما أتى به موسى وليس في دعوانا هذه غيبة الامام اكذاب للحس ولا محال ولا دعوى تنكرها العقول ولا تخرج من العادات وله الى هذا الوقت من يدَّعي من شيعته الثقات المستورين انه باب اليه وسبب يؤدي عنه الى شيعته امره ونهيه ولم تطل المدة في الغيبة طولاً يخرج من عادات من غاب.

فالتصديق بالاخبار يوجب: اعتقاد امامة ابن الحسن (عليه السلام) على ما شرحت.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) هم الواقفية وهو لقب غلب عليها.

«صفحة 423»

وانه قد غاب كما جاءت الاخبار في الغيبة فانها جاءت مشهورة متواترة وكانت الشيعة تتوقعها وتترجاها كما ترجوا بعد هذا من قيام القائم (عليه السلام) بالحق واظهار العدل.

ونسأل الله عز وجل توفيقا وصبراً جميلاً برحمته»(1).

تعليق النعماني على اخبار الغيبتين:

وقال النعماني (رحمه الله) معلقا على أخبار الغيبتين:

« هذه الاحاديث التى يذكر فيها أن للقائم (عليه السلام) غيبتين أحاديث قد صحت عندنا بحمد الله، وأوضح الله قول الائمة (عليهم السلام) وأظهر برهان صدقهم فيها.

فأما الغيبة الاولى: فهي الغيبة التى كانت السفراء فيها بين الامام (عليه السلام) وبين الخلق قياما منصوبين ظاهرين موجودي الاشخاص والاعيان، يخرج على أيديهم غوامض العلم، و عويص الحكم، والاجوبة عن كل ما كان يسأل عنه من المعضلات والمشكلات، و هى الغيبة القصيرة التى انقضت أيامها وتصرمت مدتها(2).

والغيبة الثانية: هي التى ارتفع فيها أشخاص السفراء والوسائط للامر الذي يريده الله تعالى، والتدبير الذى يمضيه في الخلق، ولوقوع التمحيص والامتحان و البلبلة والغربلة والتصفية على من يدعي هذا الامر كما قال الله عزوجل ” ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب. وما كان الله ليطلعكم على الغيب ” وهذا زمان ذلك قد حضر، جعلنا الله فيه من الثابتين على الحق، وممن لا يخرج في غربال الفتنة.

فهذا معنى قولنا ” له غيبتان ” ونحن في الاخيرة نسأل الله أن يقرب فرج أوليائه منها ويجعلنا في حيز خيرته وجملة التابعين لصفوته، ومن خيار من ارتضاه وانتجبه لنصرة وليه وخليفته فإنه ولي الاحسان، جواد منان ».

وقال (رحمه الله) معقبا على اخبار علامات الظهور وبعض صفات القائم (عليه السلام):

ـــــــــــــــــــــــ

(1) اكمال الدين للشيخ الصدوق /92.

(2) يدل كلامه هذا انه ألف كتابه (الغيبة) بعد وفاة النائب الرابع علي بن محمد السمري أي بعد سنة 329هجرية.

«صفحة 424»

« العلامات التي ذكرها الائمة: مع كثرتها واتصال الروايات بها وتواترها واتفاقها موجبة ألا يظهر القائم إلا بعد مجيئها وكونها، إذ كانوا قد أخبروا أن لابد منها وهم الصادقون، حتى إنه قيل لهم ” نرجو أن يكون ما نؤمل من أمر القائم (عليه السلام) ولا يكون قبله السفياني ” فقالوا ” بلى والله إنه لمن المحتوم الذي لابد منه “. ثم حققوا كون العلامات الخمس التي أعظم الدلائل والبراهين على ظهور الحق بعدها، كما أبطلوا أمر التوقيت وقالوا ” من روى لكم عنا توقيتا فلا تهابوا أن تكذبوه كائنا من كان فإنا لا نوقت ” وهذا من أعدل الشواهد على بطلان أمر كل من ادعى أو ادعي له مرتبة القائم ومنزلتهوظهر قبل مجيء هذه العلامات، لا سيما وأحواله كلها شاهدة ببطلان دعوى من يدعى له، ونسأل الله أن لا يجعلنا ممن يطلب الدنيا بالزخارف في الدينوالتمويه على ضعفاء المرتدين، ولا يسلبنا ما منحنا به من نور الهدى وضيائه، وجمال الحق وبهائه بمنه وطوله.

انظروا رحمكم الله – يا معشر الشيعة إلى ما جاء عن الصادقين (عليهم السلام) في ذكر سن القائم (عليه السلام) وقولهم إنه وقت إفضاء أمر الامامة إليه أصغر الائمة سنا وأحدثهم، وإن أحدا ممن قبله لم يفض إليه الامر في مثل سنه، وإلى قولهم ” واخملنا ذكرا ” يشيرون بخمول ذكره إلى غيبة شخصه واستتاره، وإذا جاءت الروايات متصلة متواترة بمثل هذه الاشياء قبل كونها، وبحدوث هذه الحوادث قبل حدوثها، ثم حققها العيان والوجود، وجب أن تزول الشكوك عمن فتح الله قلبه ونوره وهداه، وأضاء له بصره.

والحمد لله الذي يختص برحمته من يشاء من عباده بتسليمهم لامره وأمر أوليائه، وإيقانهم بحقيقة كل ما قاله، واثقا بحقيقة كل ما يقول الائمة من غير شك فيه ولا ارتياب، إذ كان الله عزوجل قد رفع منزلة حججه… وجعل الجزاء على التسليم لقولهم والرد إليهم الهدى والثواب وعلى الشك والارتياب فيه العمى وأليم العذاب، وإياه نسأل الثواب على ما من به، والمزيد فيما أولاه وحسن البصيرة فيما هدى إليه فإنما نحن به وله ».

 

«صفحة 425»

تعليق الشيخ الصدوق على أخبار الغيبة:

قال الشيخ الصدوق (رحمه الله): (أن الائمة (عليهم السلام) قد أخبروا بغيبتة ووصفوا كونها لشيعتهم فيما نُقِل عنهم واستُحفِظ في الصحف ودُوِّن في الكتب المؤلفة من قبل أن تقع الغيبة بمائتي سنة أو أقل أو أكثر.

فليس أحد من أتباع الائمة (عليهم السلام) إلا وقد ذكر ذلك في كثير من كتبه ورواياته ودونه في مصنفاته وهي الكتب(1) التي تعرف بالاصول مدوَّنة مستحفظة عند شيعة آل محمد (عليهم السلام) من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنين، وقد أخرجت ما حضرني من الاخبار المسندة في الغيبة في هذا الكتاب في مواضعها.

فلا يخلو حال هؤلاء الاتباع المؤلفين للكتب أن يكونوا علموا الغيب بما وقع الان من الغيبة، فألفوا ذلك في كتبهم ودونوه في مصنفاتهم من قبل كونها، وهذا محال عند أهل اللب والتحصيل.

أو أن يكونوا (قد) أسسوا في كتبهم الكذب فاتفق الامر لهم كما ذكروا وتحقق كما وضعوا من كذبهم على بعد ديارهم واختلاف آرائهم وتباين أقطارهم ومحالهم، وهذا أيضا محال كسبيل الوجه الاول.

فلم يبق في ذلك إلا أنهم حفظوا عن أئمتهم المستحفظين للوصية (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ذكر الغيبة وصفة كونها في مقام بعد مقام إلى آخر المقامات مادونوه في كتبهم وألفوه في اصولهم.

وبذلك وشبهه فلج الحق وزهق الباطل. إن الباطل كان زهوقا) (2).

تعليق الطبرسي في إعلام الورى على أخبار الغيبة:

قال الطبرسي (رحمه الله) مما يدل على صحة إمامته (عليه السلام) النص عليه بذكر غيبته، و صفتها التي يختصها ووقوعها على الحد المذكور من غير اختلاف حتى لم يخرم منه شيئا وليس يجوز في العادات أن تولد جماعة كثيرة كذبا يكون خبرا عن كائن فيتفق ذلك على حسب ما وصفوه.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) أقول ستأتي طرف من أحاديث هذه الكتب في الغيبة مما أشار اليه الشيخ الصدوق وحياة اصحابها بين السنوات (145-160) – والسنوات (210- 230) .

(2) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 19.

«صفحة 426»

وإذا كانت أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجة (عليه السلام) بل زمان أبيه وجده حتى تعلقت الكيسانية والناووسية والممطورة(1) بها وأثبتها المحدِّثون من الشيعة في اصولهم المؤلفة في أيام السيدين الباقر والصادق (عليهما السلام) (2) وأثروها عن النبي و الائمة (عليهم السلام) واحد بعد واحد صح بذلك القول في إمامة صاحب الزمان بوجود هذه الصفة له والغيبة المذكورة، في دلائله وأعلام إمامته، وليس يمكن أحدا دفع ذلك.

ومن جملة ثقات المحدثين والمصنفين من الشيعة الحسن بن محبوب السراد وقد صنف كتاب المشيخة الذي هو في اصول الشيعة أشهر من كتاب المزني و أمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة فوافق المخبر، وحصل كما تضمنه الخبر بلا اختلاف(3).

أقول:

وفيما يلي طرف مما رواه الحسن بن محبوب السراد (149- 224 هجرية) في كتاب مشيخته المشهور المتداول عند الشيعة قبل ولادة المهدي بنصف قرن تقريبا وطرف مما رواه ايضا معاصرو الحسن بن محبوب في كتبهم أمثال محمد بن ابي عمير (ت217)، و صفوان بن يحيى (ت210) ومحمد بن اسماعيل بن بزيع، وعبد الله بن سنان (ت220)، ومحمد بن سنان، والحسن بن ايوب، وعبد الله بن حماد الأنصاري، وأحمد بن الحسن الميثمي، والعباس بن عامر القصباني، وعثمان بن عيسى، والحسن بن علي بن فضال (ت224)، وعبد الله بن جبلة (ت219)، وعلي بن حسان.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) هم الواقفية.

(2) من قبيل أصل زرارة وأصل محمد بن مسلم وابراهيم بن عمر وابي حمزة الثمالي وعبد الله بن بكير وأبان بن عثمان وغيرهم.

(3) بحار الانوار ج 51 ص 364 عن إعلام الورى للطبرسي.

«صفحة 427»

روايات الحسن بن محبوب السّرّاد ومعاصريه في المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

الغيبة الكبرى:

الحسن بن محبوب(1) عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي إسحاق السبيعى قال سمعت من يوثق به من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول قال أمير – المؤمنين (عليه السلام) في خطبة خطبها بالكوفة طويلة ذكرها ” اللهم لابد لك من حجج في أرضك حجة بعد حجة على خلقك، يهدونهم إلى دينك، ويعلمونهم علمك لكيلا يتفرق أتباع أوليائك، ظاهر غير مطاع، أو مكتتم خائف يترقب… (2).

وعنه عن علي بن رئاب، عن زرارة قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول إن للقائم غيبة قبل ظهوره، قلت ولم؟ قال يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه. – قال زرارة يعني القتل(3).

محمد بن أبي عمير(4) عن جميل بن دراج، عن زرارة قال قال أبو عبد الله (عليه السلام)

ـــــــــــــــــــــــ

(1) يكنى أبا علي، مولى بجيلة كوفي يعد ابرز أربعة وجوه شيعية إمامية في عصره، روى عن ستين رجلا من أصحاب أبي عبدالله (عليه السلام) ، وروى عن الأمام الكاظم والرضا (عليه السلام) ، وكان جليل القدر، ، وعدَّه الكشي من الفقهاء الذين أجمع الشيعة على تصحيح ما يصح عنهم عند تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسن الرضا (عليهما السلام) ، له كتب كثيرة، منها: كتاب المشيخة، كتاب الحدود، كتاب الديات، كتاب الفرائض، كتاب النكاح، كتاب الطلاق، كتاب النوادر، نحو ألف ورقة، وزاد ابن النديم: كتاب التفسير، وله كتاب العتق. جاءت أخباره في المهدي (عليه السلام) ضمن كتابه (المشيخة) الذي يقول عنه الطبرسي في كتابه (إعلام الورى): (هو في اصول الشيعة أشهر من كتاب المزني) .

(2) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 136 قال أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا محمد بن المفضل ; و سعدان بن إسحاق ; وأحمد بن الحسين بن عبد الملك ; ومحمد بن أحمد القطواني قالوا: حدثنا الحسن بن محبوب.

(3) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 481: عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي ابن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب.

(4) قال النجاشي: ” محمد بن أبي عمير زياد بن عيسى، أبوأحمد الازدي، بغدادي الاصل والمقام، لقي أبا الحسن موسى (عليه السلام) ، وسمع منه أحاديث، وروى عن الرضا (عليه السلام) . جليل القدر، عظيم المنزلة فينا وعند المخالفين، الجاحظ يحكي عنه في كتبه، وقد ذكره في المفاخرة بين العدنانية والقحطانية، وقال في البيان والتبيين: حدثني إبراهيم بن داجة، عن ابن أبي عميروكان وجها من وجوه الرافضة. وكان حبس في أيام الرشيد فقيل ليلي القضاء، وقيل إنه ولي بعد ذلك، وقيل بل ليدل على مواضع الشيعة، وأصحاب موسى بن جعفر (عليه السلام) ، وروي أنه ضرب أسواطا بلغت منه فكاد أن يقر لعظيم الالم، فسمع محمد بن يونس بن عبدالرحمان وهو يقول: إتق الله يا محمد بن أبي عمير، فصبر ففرج الله. وروي أنه حبسه المأمون حتى ولاه قضاء بعض البلاد، وقيل إن اخته دفنت كتبه في حالة استتارها وكونه في الحبس أربع سنين، فهلكت الكتب، وقيل بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر، فهلكت، فحدث من حفظه، ومما كان سلف له في أيدي الناس، فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله، وقد صنف كتبا كثيرة. صنف أربعة وتسعين كتابا، منها: كتاب الملاحم، المغازي وكتاب الكفر والايمان، وكتاب البداء، كتاب الاحتجاج في الامامة، كتاب الحج، كتاب فضائل الحج. كتاب المتعة، كتاب الاستطاعة، كتاب يوم وليلة، كتاب الصلاة، كتاب مناسك الحج، كتاب الصيام، كتاب اختلاف الحديث، كتاب المعارف، كتاب التوحيد، كتاب النكاح، كتاب الطلاق، كتاب الرضاع، النوادر وغيرها. مات محمد بن أبي عمير سنة (217) “.

«صفحة 428»

يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فقلت له ما يصنع الناس في ذلك الزمان؟ قال يتمسكون بالامر الذي هم عليه حتى يتبين لهم(1).

وعنه عن صفوان بن مهران الجمال قال قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) أما والله ليغيبن عنكم مهديكم حتى يقول الجاهل منكم ما لله في آل محمد، ثم يقبل كالشهاب الثاقب فيملاها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما(2).

صفوان بن يحيى(3) عن ابن بكير، عن زرارة قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول إن للقائم غيبة قبل أن يقوم، قال قلت ولم؟ قال يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه -(4).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 350: حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير.

(2) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 341: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبي، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير.

(3) قال النجاشي: ” صفوان بن يحيى أبومحمد البجلي بياع السايري، كوفي، ثقة ثقة، عين، روى أبوه عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، وروى هو عن الرضا (عليه السلام) ، وكانت له عنده منزلة شريفة، ذكره الكشي في رجال أبي الحسن موسى (عليه السلام) ، وقد توكل للرضا وأبي جعفر (عليهما السلام) وسلم مذهبه من الوقف، وكانت له منزلة من الزهد والعبادة، وكان جماعة الواقفة بذلوا له مالا كثيرا، وكان شريكا لعبد الله بن جندب وعلي بن النعمان، وروي أنهم تعاقدوا في بيت الله الحرام أنه من مات منهم صلى من بقي صلاته وصام عنه صيامه وزكى عنه زكاته، فماتا وبقى صفوان، فكان يصلي في كل يوم مائة وخمسين ركعة، ويصوم في السنة ثلاثة أشهر ويزكي زكاته ثلاث دفعات، وكل ما يتبرع به عن نفسه مما عدا ما ذكرناه تبرع عنهما مثله. وحكى بعض أصحابنا أن إنسانا كلفه حمل دينارين إلى أهله إلى الكوفة، فقال: إن جمالي مكراة وأنا أستأذن الاجراء، وكان من الورع والعبادة على مالم يكن عليه أحد من طبقته (رحمه الله) ، وصنف ثلاثين كتابا، كما ذكر أصحابنايعرف منها الآن: كتاب الوضوء، كتاب الصلاة، كتاب الصوم، كتاب الحج، كتاب الزكاة، كتاب النكاح، كتاب الطلاق، كتاب الفرائض، كتاب الوصايا، كتاب الشراء والبيع، كتاب العتق والتدبير، كتاب البشارات، نوادر، مات صفوان بن يحيى (رحمه الله) سنة عشرة ومائتين”.

(4) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 481: – وبهذا الاسناد، عن محمد بن مسعود قال: حدثني محمد بن إبراهيم الوراق قال: حدثنا حمدان بن أحمد القلانسي، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى.

«صفحة 429»

عثمان بن عيسى الكلابي(1) عن خالد بن نجيح، عن زرارة بن أعين قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول إن للقائم غيبة قبل أن يقوم، قلت له ولم؟ قال يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه -. ثم قال يا زرارة وهو المنتظر، وهو الذي يشك الناس في ولادته، منهم من يقول هو حمل، ومنهم من يقول هو غائب، ومنهم من يقول ما ولد، ومنهم من يقول ولد قبل وفاة أبيه بسنتين. غير أن الله تبارك وتعالى يحب أن يمتحن الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون. قال زرارة فقلت جعلت فداك فإن أدركت ذلك الزمان فأي شيء أعمل قال يا زرارة إن أدركت ذلك الزمان فأدم هذا الدعاء ” اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فانك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني.

الحسن بن علي بن فضال(2) عن عبد الله بن بكير، عن زرارة بن أعين، عن

ـــــــــــــــــــــــ

(1) قال النجاشي: ” عثمان بن عيسى أبو عمرو العامري الكلابي، ثم من ولد عبيد بن رؤاس، فتارة يقال الكلابي وتارة العامري وتارة الرؤاسي، والصحيح: أنه مولى بني رؤاس وكان شيخ الواقفة ووجهها، وأحد الوكلاء المستبدين بمال موسى بن جعفر (عليه السلام) ، روى عن أبى الحسن (عليه السلام) ، ذكره الكشي في رجاله وذكر نصر بن الصباح، قال: كان له (يعني الرضا (عليه السلام)) في يده مال فمنعه فسخط عليه، وقال: ثم تاب وبعث إليه بالمال، وكان يروى عن أبي حمزة، وكان رأى في المنام أنه بموت بالحائر على صاحبه السلام، فترك منزله بالكوفة واقام بالحائر حتى مات، ودفن هناك صنف كتبا، منها: كتاب المياه. وكتاب القضايا والاحكام، وكتاب الوصايا، وكتاب الصلاة.

(2) قال النجاشي: ” الحسن بن علي بن فضال، كوفي يكنى أبا محمد. ابن عمرو ابن أيمن مولى تيم الله، لم يذكره أبوعمرو الكشي في رجال أبي الحسن الاول (عليه السلام) . قال أبوعمرو: قال الفضل بن شاذان: كنت في قطيعة الربيع في مسجد الربيع أقرأ على مقريء يقال له: إسماعيل بن عباد، فرأيت قوما يتناجون، فقال أحدهم: بالجبل رجل يقال له ابن فضال أعبد من رأينا أو سمعنا به، قال: فإنه ليخرج إلى الصحراء فيسجد السجدة، فيجيء الطير فيقع عليه فما يظن إلا أنه ثوب أو خرقة، وإن الوحش لترعى حوله فما تنفر منه لما قد أنست به، وإن عسكر الصعاليك ليجيئون يريدون الغارة أو قتال قوم فاذا رأوا شخصه طاروا في الدنيا فذهبوا. قال أبومحمد (هو الفضل بن شاذان): فظننت أن هذا رجل كان في الزمان الاول، فبينما أنا بعد ذلك بيسير قاعد في قطيعة الربيع مع أبي (رحمه الله) ، إذ جاء شيخ حلو الوجه حسن الشمائل عليه قميص نرسي ورداء نرسي وفي رجله نعل مخضر فسلم على أبي، فقام إليه أبي فرحب به وبجله، فلما أن مضى يريد ابن أبي عمير قلت: من هذا الشيخ؟ فقال: هذا الحسن بن علي بن فضال، قلت: هذا ذاك العابد الفاضل؟ قال: هو ذاك، قلت: ليس هو ذلك، ذاك بالجبل، قال: هو ذاك كان يكون بالجبل قال: ما أغفل (أقل) عقلك من غلام، فأخبرته بما سمعت من القوم فيه، قال: هو ذلك. فكان بعد ذلك يختلف إلى أبي ثم خرجت إليه بعد إلى الكوفة فسمعت منه كتاب ابن بكير وغيره من الاحاديث، وكان يحمل كتابه ويجيء إلى الحجرة فيقرأه علي، فلما حج ختن طاهر بن الحسين وعظمه الناس لقدره وماله ومكانه من السلطان، وقد كان وصف له فلم يصر إليه الحسن فأرسل إليه: أحب أن تصير إلي فإنه لا يمكنني المصير إليك فأبى، وكلمه أصحابنا في ذلك، فقال: مالي ولطاهر لا أقربهم ليس بيني وبينهم عمل، فعلمت بعد هذا أن مجيئه إلي كان لدينه، وكان مصلاه بالكوفة في الجامع عند الاسطوانة التي يقال لها السابعة ويقال لها اسطوانة إبراهيم (عليه السلام) ، وكان يجتمع هو وأبومحمد الحجال وعلي بن أسباط، وكان الحجال يدعي الكلام فكان من أجدل الناس، فكان ابن فضال يغري بيني وبينه في الكلام في المعرفة وكان يحبني حبا شديدا. وكان الحسن عمره كله فطحيا مشهورا بذلك حتى حضره الموت فمات وقد قال بالحق (رضي الله عنه) .

أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبوالحسن بن داود، قال: حدثنا أبي عن محمد بن جعفر المؤدب، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن علي بن الريان، قال: كنا في جنازة الحسن، فالتفت محمد بن عبدالله بن زرارة إلي وإلى محمد بن الهيثم التميمي فقال لنا ألا أبشركما؟ فقلنا له: وما ذاك؟ فقال: حضرت الحسن بن علي قبل وفاته وهو في تلك الغمرات وعنده محمد بن الحسن بن الجهم، قال: فسمعته يقول له: يا أبا محمد تشهد، فقال: فتشهد الحسن فعبر عبدالله، وصار إلى أبي الحسن (عليه السلام) ، فقال له محمد بن الحسن: وأين عبدالله؟! فسكت ثم عاد فقال له: تشهد فتشهد وصار إلى أبي الحسن (عليه السلام) ، فقال لهوأين عبدالله؟! يردد ذلك ثلاث مرات. فقال الحسن: قد نظرنا في الكتب فما رأينا لعبد الله شيئا. قال أبوعمرو الكشي: كان الحسن بن علي فطحيا يقول بإمامة عبدالله ابن جعفر فرجع، قال ابن داود في تمام الحديث: فدخل علي بن أسباط، فأخبره محمد بن الحسن بن الجهم الخبر، قال: فأقبل علي بن أسباط يلومه، قال: فأخبرت أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، بقول محمد بن عبدالله، فقال: حرف محمد ابن عبدالله على أبي، قال: وكان والله محمد بن عبدالله أصدق عندي لهجة من أحمد بن الحسن فإنه رجل فاضل دين. وذكره أبوعمرو في أصحاب الرضا (عليه السلام) خاصة، قال: الحسن بن علي بن فضال مولى بني تيم الله بن ثعلبة كوفي وله كتب الزيارات، البشارات، النوادر، الرد على الغالية، الشواهد من كتاب الله، المتعة، الناسخ والمنسوخ، الملاحم، الصلاة، كتاب يرويه القميون خاصة عن أبيه علي، عن الرضا (عليه السلام) فيه نظروكتاب الرجال مات الحسن سنة أربع وعشرين ومائتين “.

«صفحة 430»

الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال إن للقائم غيبة قبل أن يقوم – وذكر الحديث مثله سواء(1).

و عنه عن مروان بن مسلم، عن أبي بصير قال قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد الهداية… (2).

و عنه عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الاصبغ بن نباتة قال أتيت أمير المؤمنين (عليه السلام) فوجدته متفكرا ينكت في الارض فقلت يا أمير المؤمنين ما لي أراك

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 342وحدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن علي بن محمد الحجال، عن الحسن بن علي بن فضال.

(2) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 358: المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه محمد بن مسعود العياشي، عن جعفر ابن أحمد، عن العمركي بن علي البوفكي، عن الحسن بن علي بن فضال.

«صفحة 431»

متفكرا تنكت في الارض؟ أرغبة منك فيها؟ . فقال لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما قط، ولكن فكرت في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي هو المهدي، الذي يملاها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، تكون له حيرة وغيبة يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون(1).

محمد ابن إسماعيل بزيع(2) عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه سيد العابدين علي بن الحسين، عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي، عن أبيه سيد الاوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) المهدي من ولدي، تكون له غيبة وحيرة تضل فيها الامم، يأتي بذخيرة الانبياء (عليهم السلام) فيملاها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما(3).

الحسن بن أيوب(4) عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن محمد بن عصام، قال حدثني المفضل بن عمر قال ” كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) في مجلسه ومعي غيري، فقال لنا إياكم والتنويه – يعني باسم القائم (عليه السلام) – وكنت أراه يريد غيري، فقال لي يا أبا عبد الله إياكم والتنويه، والله ليغيبن سبتا من الدهر، وليخملن حتى يقال مات، أو هلك؟

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الشيخ الطوسي- الغيبة ص 336: سعد بن عبد الله الاشعري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال. الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 288: أبي، ومحمد بن الحسن (رضي الله عنه) ما قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر الحميري، ومحمد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس جميعا، عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، وأحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد بن محمد بن خالد البرقي وإبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن علي بن فضال.

(2) قال النجاشي: ” محمد بن إسماعيل بن بزيع: أبوجعفر: مولى المنصور أبي جعفر. وولد بزيع بيت، منهم حمزة بن بزيع، كان من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم، كثير العمل، له كتب، منهاكتاب ثواب الحج، وكتاب الحج. قال محمد بن عمر الكشي: كان محمد بن إسماعيل بن بزيع من رجال أبي الحسن موسى (عليه السلام) ، وأدرك أبا جعفر الثاني (عليه السلام) . وقال حمدويه عن أشياخه: إن محمد بن إسماعيل بن بزيع، وأحمد بن حمزة كانا في عداد الوزراء، وكان علي بن النعمان وصى بكبه لمحمد بن إسماعيل. وقال أبوالعباس بن سعيد في تأريخه: إن محمد بن إسماعيل بن بزيع سمع منصور بن يونس، وحماد بن عيسى، ويونس بن عبدالرحمان، وهذه الطبقة كلها، وقال: سألت عنه علي بن الحسن، فقال: ثقة، ثقة عين.

(3) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 287: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيسابوري قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: حدثنا حمدان بن سليمان النيسابوري، عن محمد بن اسماعيل بن بزيع.

(4) من أصحاب الكاظم (عليه السلام) قال النجاشي: ” الحسن بن أيوب، له كتاب أصيل.

«صفحة 432»

بأي واد سلك؟ ولتفيضن عليه أعين المؤمنين وليكفأن كتكفئ السفينة في أمواج البحر حتى لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب الايمان في قلبه، وأيده بروح منه، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي قال المفضل، فبكيت، فقال لي ما يبكيك؟ قلت جعلت فداك كيف لا أبكى وأنت تقول ترفع اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي، قال فنظر إلى كوة في البيت التى تطلع فيها الشمس في مجلسه فقال أهذه الشمس مضيئة، قلت نعم، فقال والله لامرنا أضوء منها “(1).

عبد الله بن حماد الانصاري(2) عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قال لي ” يا أبا – الجارود إذا دار الفلك وقالوا مات أو هلك، وبأي واد سلك، وقال الطالب له أنى يكون ذلك وقد بليت عظامه فعند ذلك فارتجوه، وإذا سمعتم به فأتوه ولو حبوا على الثلج(3) “.

وعنه عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال ” يا أبان يصيب العلم سبطة… قلت فما السبطة؟ قال دون الفترة، فبينماهم كذلك إذ طلع لهم نجمهم، فقلت جعلت فداك فكيف نصنع وكيف يكون ما بين ذلك؟ فقال لي (كونوا على) ما أنتم عليه حتى يأتيكم الله بصاحبها “(4).

أحمد بن الحسن الميثمي(5) عن زائدة بن قدامة، عن بعض رجاله عن أبي عبد

ـــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن ابراهيم النعماني كتاب الغيبة ص 151: عبد الواحد بن عبد الله بن يونس قال حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري، عن أحمد بن على الحميري عن الحسن بن ايوب.

(2) قال النجاشي: ” عبدالله بن حماد الانصاري: من شيوخ أصحابنا، له كتابان أحدهما أصغر من الآخر. وقال الشيخ: ” عبدالله بن حماد، له كتاب، أخبرنا به عدة من أصحابنا، عن أبي المفضل، عن ابن بطة، عن أحمد بن أبي عبدالله، عنه “. وعده في رجاله من أصحاب الكاظم (عليه السلام) ، قائلا: ” عبدالله ابن حماد الانصاري، له كتاب “. وعده البرقي أيضا من أصحاب الكاظم (عليه السلام) . وقال ابن الغضائري: ” عبدالله بن حماد أبومحمد الانصاري نزل قم، لم يرو عن أحد من الائمة (عليهم السلام) ، وحديثه يعرف تارة وينكر أخرى ويخرج شاهدا “.

(3) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 154: أخبرنا أبوسليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي سنة ثلاث وسبعين ومائتين قال: حدثنا عبد الله بن حماد الانصاري سنة تسع وعشرين ومائتين.

(4) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 160: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي أبوسليمان، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدثنا عبد الله بن حماد الانصاري.

(5) قال النجاشي: ” أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار، مولى بني أسد، قال أبوعمرو الكشي: كان واقفا، وذكر هذا عن حمدويه، عن الحسن بن موسى الخشاب، قال أحمد بن الحسن واقف، وقد روى عن الرضا (عليه السلام) ، وهو على كل حال ثقة، صحيح الحديث، معتمد عليه، له كتاب النوادر.

«صفحة 433»

الله (عليه السلام) قال ” إن القائم إذا قام يقول الناس أنّى ذلك؟ وقد بليت عظامه “(1).

وعنه عن زائدة بن قدامة، عن عبد الكريم قال ” ذكر عند أبي عبد الله (عليه السلام) القائم، فقال أنى يكون ذلك ولم يستدر الفلك حتى يقال مات أو هلك في أي واد سلك، فقلت وما استدارة الفلك؟ فقال اختلاف الشيعة بينهم “(2).

العباس بن عامر القصباني(3) عن ابن بكير، عن زرارة قال سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول ” إن للغلام غيبة قبل أن يقوم، وهو المطلوب تراثه قلت ولم ذلك؟ قال

ـــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 154: أخبرنا محمد بن همام (رحمه الله) قال: حدثنا حميد بن زياد، عن الحسن ابن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي.

(2) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 157: محمد بن همام قال: حدثنا حميد بن زياد الكوفي، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي. أقول وقد عقب النعماني على هذا الحديث بقوله: – محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 157الاحاديث دالة على ما قد آلت إليه أحوال الطوائف المنتسبة إلى التشيع ممن خالف الشرذمة المستقيمة على إمامة الخلف بن الحسن بن على (عليه السلام) لان الجمهور منهم من يقول في الخلف: أين هو؟ وأنى يكون هذا؟ وإلى متى يغيب؟ وكم يعيش هذا؟ وله الآن نيف وثمانون سنة فمنهم من يذهب إلى أنه ميت؟ ومنهم من ينكر ولادته ويجحد وجوده بواحدة ويستهزء بالمصدق به، ومنهم من يستبعد المدة ويستطيل الامد ولايري أن الله في قدرته ونافذ سلطانه وماضي أمره وتدبيره قادر على أن يمد لوليه في العمر كأفضل ما مده ويمده لاحد من أهل عصره وغير أهل عصره، ويظهر بعد مضي هذه المدة وأكثر منها، فقد رأينا كثيرا من أهل زماننا ممن عمر مائة سنة وزيادة عليها وهو تام القوة، مجتمع العقل فكيف ينكر لحجة الله أن يعمره أكثر من ذلك، وأن يجعل ذلك من أكبر آياته التي أفرده بها من بين أهله لانه حجته الكبرى التى يظهر دينه على كل الاديان، و يغسل بها الارجاس والادران. كأنه لم يقرأ في هذا القرآن قصة موسى في ولادته وما جرى على النساء والصبيان بسببه من القتل والذبح حتى هلك في ذلك الخلق الكثير تحرزا من واقع قضاء الله ونافذ أمره، حتى كونه الله عزوجل على رغم أعدائه وجعل الطالب له المفني لامثاله من الاطفال بالقتل والذبح بسببه هو الكافل له والمربي، وكان من قصته في نشوئه وبلوغه وهربه في ذلك الزمان الطويل ما قد نبأ ناالله في كتابه، حتى حضر الوقت الذي أذن الله عزوجل في ظهوره، فظهرت سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنته تبديلا، فاعتبروا يا أولى الابصار و اثبتوا أيها الشيعة الاخيار على ما دلكم الله عليه وأرشدكم إليه، واشكروه على ما أنعم به عليكم وأفردكم بالحظوة فيه فإنه أهل الحمد والشكر.

(3) قال النجاشي: ” العباس بن عامر بن رياح أبوالفضل الثقفي القصباني، الشيخ الصدوق الثقة كثير الحديث، له كتب. وقال الشيخ: ” عباس بن عامر القصباني، له كتاب أخبرنا به أبو عبدالله المفيد (رحمه الله) ، عن محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، عن أبيه، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن الحسن بن علي الكوفي، وأيوب بن نوح، عنه. وعده في رجاله (تارة) من أصحاب الكاظم (عليه السلام) ، قائلا: ” العباس بن عامر “.

«صفحة 434»

يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه – يعني القتل “(1).

وعنه عن موسى بن هلال، عن عبد الله بن عطاء المكي قال خرجت حاجا من واسط، فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) فسألني عن الناس والاسعار، فقلت تركت الناس مادين أعناقهم إليك لو خرجت لا تبعك الخلق، فقال يا ابن عطا قد أخذت تفرش أذنيك للنوكى، لا والله ما أنا بصاحبكم ولا يشار إلى رجل منا بالاصابع ويمط إليه بالحواجب(2) إلا مات قتيلا أو حتف أنفه، قلت وما حتف أنفه؟ قال يموت بغيظه على فراشه حتى يبعث الله من لا يؤبه لولادته، قلت ومن لا يؤبه لولادته؟ فقال انظر من لا يدري الناس أنه ولد أم لا، فذاك صاحبكم “(3).

وعنه قال: سمعت أبا الحسن موسى ابن جعفر (عليهما السلام) يقول صاحب هذا الامر من يقول الناس لم يولد بعد(4).

وعنه عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب قال قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) يأتي على الناس زمان يصيبهم فيه سبطة(5) يأرز العلم فيها…

فبينما هم كذلك إذ أطلع الله عزوجل لهم نجمهم، قال قلت وما السبطة؟ قال الفترة والغيبة لامامكم، قال قلت فكيف نصنع فيما بين ذلك؟ فقال كونوا على ما أنتم عليه

ـــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 177: وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا علي بن الحسن التيملي، عن العباس بن عامر بن رباح.

(2) مطه يمطه أى مده، ومط حاجبيه أى مدهما.

(3) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 168: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي قال: حدثني محمد ابن أحمد القلانسي بمكة سنة سبع وستين ومائتين قال: حدثنا علي بن الحسن [التيملى]، عن العباس بن عامر. الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 325: حدثنا أحمد بن هارون الفامي، وعلي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، وجعفر بن محمد بن مسرور، وجعفر بن الحسين رضي الله عنهم قالوا: حدثنا محمد بن عبد الله ابن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أيوب بن نوح، عن العباس بن عامر القصباني.

وحدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي عبد الله بن المغيرة الكوفي قال: حدثني جدي الحسن بن علي بن عبد الله، عن العباس بن عامر القصباني.

(4) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 360: أبي (رضي الله عنه) قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا الحسن ابن موسى الخشاب، عن العباس بن عامر القصباني.

(5) اسبط: سكت فرقا. ويأرز العلم أي ينقبض.

«صفحة 435»

حتى يطلع الله لكم نجمكم(1).

محمد بن سنان(2) عن أبي الجارود، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)؟ أنه سمعه يقول ” الامر في أصغرنا سنا، واخملنا ذكرا(3) “.

عبد الله بن جبلة(4) عن إبراهيم بن خلف بن عباد الانماطي، عن مفضل بن عمر

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 349: حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي (رضي الله عنه) قال: حدثني جدي الحسن بن على، عن العباس بن عامر القصباني.

(2) قال النجاشي: ” محمد بن سنان أبوجعفر الزاهري: من ولد زاهر، مولى عمرو بن الحمق الخزاعي، كان أبوعبدالله بن عياش يقول: حدثنا أبوعيسى محمد بن أحمد بن محمد بن سنان، قال: هو محمد بن الحسن بن سنان مولى زاهر، توفي أبوه الحسن وهو طفل وكفله جده سنان فنسب إليه. وقال أبوالعباس أحمد بن محمد بن سعيد، إنه روى عن الرضا (عليه السلام) ، قال: وله مسائل عنه معروفة، وهو رجل ضعيف جدا لا يعول عليه، ولا يلتفت إلى ما تفرد به. وقد ذكر أبوعمرو في رجاله: أبوالحسن علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري، قال: قال أبومحمد الفضل بن شاذان: لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان، وذكر أيضا أنه وجد بخط أبي عبدالله الشاذاني: إني سمعت القاضي (العاصمي) يقول: إن عبدالله بن محمد بن عيسى الملقب ببنان قال: كنت مع صفوان بن يحيى بالكوفة في منزل إذ دخل علينا محمد بن سنان، فقال صفوان: إن هذا ابن سنان، لقد هم أن يطير غير مرة، فقصصناه حتى ثبت معنا. وهذا يدل على اضطراب كان وزال. وقد صنف كتبا منها: كتاب الطرائف أخبرناه الحسين، عن أبي غالب، عن جده أبي طاهر محمد بن سليمان، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه، بهوكتاب الاظلة، وكتاب المكاسب، وكتاب الحج، وكتاب الصيد والذبائح، وكتاب الشراء والبيع، وكتاب الوصية، وكتاب النوادر. أخبرنا جماعة شيوخنا، عن أبي غالب أحمد بن محمد، عن عم أبيه علي بن سليمان عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه، بها. ومات محمد بن سنان سنة عشرين ومائتين”.

(3) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 322: نا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، قال: حدثني محمد بن الحسين عن أبى الخطاب، عن محمد بن سنان. وروى أيضا في ص 322: عن محمد بن همام قال: حدثنا أحمد بن ما بنداذ، قال: حدثنا أحمد بن هلال، عن أبي مالك الحضرمي، عن أبي السفاتج، عن أبي بصير، قال: ” قلت لهما – لابي عبد الله أو لابي جعفر – (عليهما السلام): أيكون أن يفضي هذا الامر إلى من لم يبلغ؟ قال: سيكون ذلك، قلت: فما يصنع؟ قال: يورثه علما وكتبا ولا يكله إلى نفسه “.

(4) قال النجاشي: ” عبدالله بن جبلة بن حنان بن الحر (أبجر) الكناني أبو محمد. عربي صليب، ثقة، روى عن أبيه، عن جده حنان بن الحر، كان الحر أدرك الجاهلية، وبيت جبلة بيت مشهور بالكوفة، وكان عبدالله واقفا، وكان فقيها، ثقة، مشهورا. له كتب منها: كتاب الرجال، وكتاب الصفة في الغيبة على مذهب الواقفة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الفطرة، كتاب الطلاق، كتاب مواريث الصلب، كتاب النوادر، أخبرنا بجميعها الحسين بن عبيد الله، عن أحمد ابن جعفر، عن حميد – وأحمد بن عبدالواحد، عن علي بن حبشي بن قوني، عن حميد – قال: حدثنا أحمد بن الحسن البصري، عن عبدالله بن جبلة، ومات عبدالله بن جبلة سنة تسع عشرة ومائتين، أخبرنا بها أحمد بن محمد، عن أحمد ابن محمد بن سعيد “. وتقدم عنه في ترجمة جعفر بن عبدالله رأس المذري عد ابن جبلة من أجلة أصحابنا. وقال الشيخ (454): ” عبدالله بن جبلة، له روايات رويناها بالاسناد الاول، عن حميد، عن أحمد بن ميثم بن أبي نعيم الفضل بن دكين، عنهوأخبرنا بها ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن الحسين، عنه”.

وأراد بالاسناد الاول: جماعة، عن أبي المفضل، عن حميد. وعده في رجاله من أصحاب الكاظم (عليه السلام) (33) . وعده البرقي أيضا، في أصحاب الكاظم (عليه السلام) ، قائلا: ” عبدالله بن جبلة الكناني “.

«صفحة 436»

قال كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده في البيت أناس فظننت أنه إنما أراد بذلك غيري، فقال أما والله ليغيبن عنكم صاحب هذا الامر وليخملن هذا حتى يقال مات، هلك، في أي واد سلك؟ ولتكفأن كما تكفأ السفينة في أمواج البحر، لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب الايمان في قلبه، وأيده بروح منه ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدري أي من أي، قال فبكيت، فقال ما يبكيك يا ابا عبد الله؟ فقلت جعلت فداك كيف لا ابكي وأنت تقول اثنتا عشرة راية مشتبة لا يدري أي من أي! ؟ قال وفي مجلسه كوة تدخل فيها الشمس فقال أبينة هذه؟ فقلت نعم، قال أمرنا أبين من هذه الشمس(1).

وعنه عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول ” إن للقائم (عليه السلام) غيبة قبل أن يقوم، قلت ولم ذلك؟ قال إنه يخاف – وأوما بيده إلى بطنه – يعنى القتل “(2).

الغيبتان:

الحسن بن محبوب عن إسحاق بن عمارالصيرفي قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) ” للقائم غيبتان إحداهما قصيرة، والاخرى طويلة(3)…

وعنه عن إبراهيم بن زياد الخارقي، عن أبى بصير قال ” قلت لابى عبد الله (عليه السلام) كان أبوجعفر (عليه السلام) يقول لقائم آل محمد غيبتان إحداهما أطول من الاخرى؟ فقال نعم(4)…

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الشيخ الكليني – الكافي ج 1 ص 338: الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد، عن الحسن بن معاوية عن عبد الله بن جبلة.

(2) غيبة النعماني 177 أخبرنا محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد، عن الحسن بن معاوية (2) ، عن عبد الله بن جبلة.

(3) غيبة النعماني ص 170 حدثنا محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب. محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 170: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي، عن عمر بن عثمان، عن الحسن بن محبوب.

(4) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 172: أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم ابن قيس ; وسعدان بن إسحاق بن سعيد: وأحمد بن الحسين بن عبد الملك ; ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني قالوا جميعا: حدثنا الحسن بن محبوب.

«صفحة 437»

عبد الرحمن بن أبي نجران(1) عن حماد بن عيسى عن ابراهيم بن عمر اليماني قال سمعت أن لصاحب هذا لأمر غيبتين(2).

الحسن بن أيوب عن عبد الكريم بن عمرو عن أبى حنيفة السايق عن حازم بن حبيب قال ” قلت لابى عبد الله (عليه السلام) إن أبى هلك وهو رجل أعجمي وقد أردت أن أحج عنه وأتصدق فما ترى في ذلك؟ فقال افعل فإنه يصل إليه، ثم قال لي يا حازم إن لصاحب هذا الامر غيبتين – و ذكر مثل ما ذكر في الحديث الذى قبله سواء -(3) “.

وعنه عن عبد الكريم بن عمرو، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم الثقفي،

ـــــــــــــــــــــــ

(1) قال النجاشي: ” عبدالرحمان بن أبي نجران واسمه عمرو بن مسلم التميمي، مولى، كوفي، أبوالفضل، روى عن الرضا (عليه السلام) ، وروى أبوه أبونجران، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، وروى عن أبي نجران حنان، وكان عبدالرحمان ثقة ثقة، معتمدا على ما يرويه، له كتب كثيرة، قال أبوالعباس: لم أر منها إلا كتابه في البيع والشراء. أخبرنا القاضي أبوعبدالله وغيره، عن أحمد بن محمد، قال: حدثنا عبدالله بن محمد بن خالد، عن عبدالرحمان، بكتبه، وأخبرنا أبوعبدالله بن شاذان، قال: حدثنا علي بن حاتم، عن محمد بن جعفر الرزاز، عن عبدالله بن محمد بن خالد، عن عبدالرحمان بن أبي نجران، بكتابه القضايا، وهو كتاب محمد بن قيس، ورواه عن عاصم بن حميد، عن محمد وزاد عبدالرحمان فيه زيادات، وأخبرنا بكتابه المطعم والمشرب محمد بن علي الكاتب، قال: حدثنا هارون بن موسى، قال: حدثنا محمد بن علي بن معمر الكوفي، قال: حدثنا حمدان ابن المعافى أبوجعفر الصبيحي، عن عبدالرحمان به، وكتاب يوم وليلة، وكتاب النوادر، أخبرنا محمد بن عثمان، عن جعفر بن محمد، عن عبيد الله بن أحمد، عن عبدالرحمان بن أبي نجران، بكتابه النوادر “. وقال الشيخ (476): ” عبدالرحمان بن أبي نجران، له كتب، أخبرنا بها جماعة، عن أبي المفضل، عن ابن بطة، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عنه “. وعده في رجاله (تارة) من أصحاب الرضا (عليه السلام) ، قائلا: ” عبدالرحمان بن أبي نجران التميمي: مولى كوفي “. و (أخرى) من أصحاب الجواد (عليه السلام) . وعده البرقي في أصحاب الرضا (عليه السلام) ، وفي نسخة من أصحاب الجواد أيضا. ولكن الظاهر عدم صحة هذه النسخة، وإلا كان عليه أن يذكره في أصحاب الجوادممن أدرك الرضا (عليه السلام) ، لا في أصحابه المختصين به، وفي التهذيب: الجزء 2، باب أحكام السهو من الزيادات، الحديث 1440، رواية سعد بن عبدالله، عن ابن أبي نجران. ولازم ذلك بقاء ابن أبي نجران إلى زمان العسكري (عليه السلام) لا محالة، ولعله متسالم على عدمه، والله العالم. قال السيد الخوئي (رحمه الله): وكيف كان، فالظاهر صحة ما ذكره الشيخ من كونه من أصحاب الجواد (عليه السلام) وإن كان ظاهر كلام النجاشي يعطي اختصاص روايته بالرضا (عليه السلام) ، وذلك لكثرة روايته عن الجواد (عليه السلام) (معجم رجال الحديث) .

(2) غيبة النعماني 171. ح دثنا أحمد بن محمد سعيد قال حدثنا علي بن الحسين قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي نجران.

(3) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 172: عبد الواحد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري قال: حدثنا أحمد بن على الحميري، عن الحسن بن أيوب.

«صفحة 438»

عن الباقر أبى جعفر (عليه السلام) أنه سمعه يقول ” إن للقائم غيبتين يقال له في إحديهما هلك ولا يدرى في أي واد سلك “(1).

عبد الله بن جبلة عن إبراهيم بن المستنير عن المفضل بن عمر الجعفي، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال ” إن لصاحب الامر غيبتين إحداهما تطول حتى يقول بعضهم مات، وبعضهم يقول قتل، وبعضهم يقول ذهب، فلا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير، لا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره إلا المولى الذي يلى أمره “(2).

وعنه عن سلمة بن جناح، عن حازم بن حبيب قال دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له ” أصلحك الله إن أبوي هلكا ولم يحجا و إن الله قد رزق وأحسن فما تقول في الحج عنهما؟ فقال افعل فإنه يبرد لهما، ثم قال لي يا حازم إن لصاحب هذا الامر غيبتين يظهر في الثانية، فمن جاءك يقول إنه نفض يده من تراب قبره فلا تصدقه “(3).

المهدي هو الثاني عشر من الإئمة: :

الحسن بن محبوب عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن جابر بن عبد الله الانصاري قال دخلت على فاطمة (عليهما السلام) وبين يديها لوح (مكتوب) فيه أسماء الاوصياء فعددت اثني عشر آخرهم القائم، ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم علي (عليهم السلام) (4).

عبد الله بن حماد الانصاري قال حدثنا عمرو بن شمر، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن بن أبي الحسن البصري يرفعه قال ” أتى جبرئيل النبي (صلى الله عليه وآله) فقال يا محمد

ـــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 173: الواحد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح قال حدثنا أحمد بن على الحميري قال حدثنا الحسن بن أيوب.

(2) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 171: وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن بن حازم من كتابه قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبد الله بن جبلة.

(3) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 172: أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن بن حازم من كتابه قال: حدثنا عبيس بن هشام عن عبد الله بن جبلة.

(4) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 311: أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه) قال: حدثني أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 313: الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبي، عن أحمد ابن محمد بن عيسى، وإبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن محبوب.

«صفحة 439»

إن الله عزوجل يأمرك أن تزوج فاطمة من على أخيك فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام) فقال له يا علي إنى مزوجك فاطمة ابنتي سيدة نساء العالمين وأحبهن إلى بعدك، وكائن منكما سيدا شباب أهل الجنة، والشهداء المضر جون المقهورون في الارض من بعدي، والنجباء الزهر الذين يطفيء الله بهم الظلم، ويحيى بهم الحق، ويميت بهم الباطل، عدتهم عدة أشهر السنة، آخرهم يصلي عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه “(1).

المهدي من ذرية الحسين (عليه السلام):

الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) لما أن حملت فاطمة (عليها السلام) بالحسين (عليه السلام) قال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن الله عزوجل قد وهب لك غلاما اسمه الحسين، تقتله امتي، قالت فلا حاجة لي فيه، فقال إن الله عزوجل قد وعدني فيه عدة، قالت وما وعدك؟ قال وعدني أن يجعل الامامة من بعده في ولده، فقالت رضيت(2).

محمد بن أبي عمير عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام) قال سئل أمير المؤمنين صلوات الله عليه، عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، من العترة؟ فقال أنا والحسن والحسين والائمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حوضه(3).

وعنه عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن

ـــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 57: أخبرنا أبوسليمان أحمد بن هوذة أبي هراسة الباهلي(ت333) ص70 قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي سنة ثلاث وسبعين ومائتين قال: حدثنا أبومحمد عبد الله بن حماد الانصاري سنة تسع وعشرين ومائتين.

(2) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 416: محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال حدثنا الحسن بن محبوب.

(3) كمال الدين وتمام النعمة ص 240: محمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن ابن ابي عمير.

«صفحة 440»

علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام) قال سئل أمير المؤمنين صلوات الله عليه، عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، من العترة، فقال أنا والحسن والحسين والائمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حوضه(1).

وعنه عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام) قال قال الحسين بن علي (عليهما السلام) في التاسع من ولدي سنة من يوسف، وسنة من موسى بن عمران (عليهما السلام) وهو قائمنا أهل البيت، يصلح الله تبارك وتعالى أمره في ليلة واحدة(2).

محمد بن سنان عن فضيل الرسان، عن أبى حمزة الثمالي قال ” كنت عند أبى جعفر محمد بن على الباقر (عليهما السلام) ذات يوم فلما تفرق من كان عنده قال لي يا أبا حمزة من المحتوم الذي لا تبديل له عند الله قيام قائمنا… السابع من بعدي، بأبي من يملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا(3).

عبد الله بن حماد الانصاري عن أبان بن عثمان قال قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) ” بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم في البقيع حتى أقبل علي (عليه السلام) فسأل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقيل إنه بالبقيع، فأتاه علي (عليه السلام) فسلم عليه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) اجلس فأجلسه عن يمينه، ثم جاء جعفر بن أبى طالب فسأل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقيل له هو بالبقيع فأتاه فسلم عليه فأجلسه عن يساره، ثم جاء العباس فسأل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 240: محمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي بن – إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير.

(2) روى الشيخ الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة ص 316 قال حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار قال: حدثنا أبوعمرو الكشي قال: حدثنا محمد بن مسعود (العياشي) قال: حدثنا علي بن محمد بن شجاع، عن محمد بن عيسى، عن، .

(3) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 86: أخبرنا علي بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن على الكوفي، عن إبراهيم بن محمد بن يوسف، عن محمد بن عيسى، عن عبد الرزاق، عن محمد بن سنان.

«صفحة 441»

فقيل له هو بالبقيع فأتاه فسلم عليه فأجلسه أمامه، ثم التفت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام) فقال ألا أبشرك؟ ألا اخبرك يا علي، فقال بلى يا رسول الله، فقال كان جبرئيل (عليه السلام) عندي آنفا وأخبرني أن القائم الذي يخرج في أخر الزمان فيملا الارض عدلا (كما ملئت ظلما وجورا) من ذريتك من ولد الحسين… ثم التفت إلى العباس فقال يا عم النبى ألا اخبرك بما أخبرني به جبرئيل (عليه السلام)؟ فقال بلي يا رسول الله قال قال لي جبرئيل ويل لذريتك من ولد العباس، فقال يا رسول الله أفلا أجتنب النساء؟ فقال له (قد) فرغ الله مما هو كائن “(1).

وعنه عن إبراهيم بن عبيد الله بن العلاء، قال حدثني أبى، عن أبى عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) ” أن أمير المؤمنين (عليه السلام) سئل عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم، فقال الحسين يا أمير المؤمنين متى يطهر الله الارض من الظالمين؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لايطهرالله الارض من الظالمين حتى يسفك الدم الحرام. ثم ذكر أمر بني أمية وبني العباس… ثم يقوم القائم المأمول، والامام المجهول، له الشرف والفضل وهو من ولدك يا حسين، لا ابن مثله… (2).

المهدي هو الثاني عشر من الأئمة وهو من ذرية الصادق 7:

محمد بن إسماعيل بن بزيع عن حيان السراج قال سمعت السيد بن محمد الحميري يقول كنت أقول بالغلو وأعتقد غيبة محمد بن علي – ابن الحنفية – قد ضللت في ذلك زمانا، فمنَّ الله علي بالصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) وأنقذني به من النار، وهداني إلى سواء الصراط، فسألته بعد ما صح عندي بالدلائل التي شاهدتها منه أنه حجة الله علي وعلى جميع أهل زمانه وأنه الامام الذي فرض الله طاعته وأوجب الاقتداء به، فقلت له، يا ابن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائك (عليهم السلام) في الغيبة

ـــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 247: حدثنا أبوسليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدثنا أبوإسحاق إبراهيم بن إسحاق النهاوندي بنهاوند سنة ثلاث وتسعين ومائتين، قال: حدثنا عبد الله بن حماد الانصاري في شهر رمضان سنة تسع وعشرين ومائتين.

(2) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 274: أخبرنا علي بن أحمد قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العلوي، قال: حدثنا عبد الله بن حماد الانصاري.

«صفحة 442»

وصحة كونها فأخبرني بمن تقع؟ فقال (عليه السلام) إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي وهوالثاني عشر من الائمة الهداة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم القائم بالحق بقية الله في الارض و صاحب الزمان، والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلما. قال السيد فلما سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) تبت إلى الله تعالى ذكره على يديه، وقلت قصيدتي التي أولها:

فلما رأيت الناس في الدين قد غووا***تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا

وناديت باسم الله والله اكبر***وأيقنت أن يعفو ويغفر

ودنت بدين الله ماكنت دينا***به ونهاني سيد الناس جعفر

فقلت فهبني قد تهودت برهة***وإلا فديني دين من يتنصر

وإني إلى الرحمن من ذاك تائب***إني قد أسلمت والله أكبر

فلست بغال ما حييت وراجع***إلى ما عليه كنت اخفي واظهر

ولا قائل حي برضوى محمد***وإن عاب جهال مقالي وأكثروا

ولكنه ممن مضى لسبيله***على أفضل الحالات يقفي ويخبر

و مع الطيبين الطاهرين الاولى لهم***من المصطفى فرع زكي وعنصر

إلى آخر القصيدة، (وهي طويلة).

وقلت بعد ذلك قصيدة اخرى:

أيا راكبا نحو المدينة جسرة***عذافرة يطوى بها كل سبسب(1)

إذا ما هداك الله عاينت جعفرا***فقل لولي الله وابن المهذب

ألا يا أمين الله وابن أمينه***أتوب إلى الرحمن ثم تأوبي

إليك من الامر الذي كنت مبطنا***أحارب فيه جاهدا كل معرب

وماكان قولي في ابن خولة مطنبا***معاندة مني لنسل المطيب

ولكن روينا عن وصي محمد***وما كان فيما قال بالمتكذب

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الجسرة: البعير الذى أعيا وغلظ من السير. والعذافرة: العظمة الشديدة من الابل، والناقة الصلبة القوية. والسبب: المفازة، أو الارض المستوية البعيدة.

«صفحة 443»

بأن ولي الامر يفقد لايرى***ستيرا كفعل الخائف المترقب

فتقسم أموال الفقيد كأنما***تغيبه بين الصفيح المنصب

فيمكث حينا ثم ينبع نبعة***كنبعة جدي من الافق كوكب

يسير بنصر الله من بيت ربه***على سؤدد منه وأمر مسبب

يسير إلى أعدائه بلوائه***فيقتلهم قتلا كحران مغضب(1)

فلما روي أن ابن خولة غائب***صرفنا إليه قولنا لم نكذب

وقلنا هو المهدي والقائم الذي***يعيش به من عدله كل مجدب

فان قلت لافالحق قولك والذي***أمرت فحتم غير ما متعصب

واشهد ربي أن قولك حجة***على الناس طرا من مطيع ومذنب

بأن ولي الامر والقائم الذي***تطلع نفسي نحوه بتطرب

له غيبة لابد من أن يغيبها***فصلى عليه الله من متغيب

فيمكث حينا ثم يظهر حينه***فيملك من في شرقها والمغرب

بذاك أدين الله سرا وجهرة***ولست وإن عوتبت فيه بمعتب(2)

المهدي هوالثاني عشرمن الأئمة (عليهم السلام) وهو من ذرية الكاظم (عليه السلام):

الحسن بن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن عبد الله بن أبي يعفور قال قال أبوعبد الله الصادق (عليه السلام) من أقر بالائمة من آبائي وولدي وجحد المهدي من ولدي كان كمن أقر بجميع الانبياء وجحد محمدا (صلى الله عليه وآله) نبوته. فقلت يا سيدي ومن المهدي من ولدك؟ قال الخامس من ولد السابع يغيب عنكم شخصه، ولا يحل لكم تسميته(3).

وعنه عن إبراهيم الكرخي قال ” دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) فإني عنده جالس إذ دخل أبوالحسن موسى وهو غلام فقمت إليه فقبلته وجلست فقال

ـــــــــــــــــــــــ

(1) فرس حرون: الذى لاينقاد.

(2) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 33: عبد الواحد بن محمد العطار النيسابوري (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي بن محمد قتيبة النيسابورى، عن حمدان بن سليمان، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع.

(3) الشيخ الصدوق كمال الدين وتمام النعمة ص 338: علي بن أحمد الدقاق (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الادمي، عن الحسن بن محبوب.

«صفحة 444»

لي أبو عبد الله (عليه السلام) يا إبراهيم أما إنه صاحبك من بعدي، أما ليهلكن فيه أقوام ويسعد آخرون، فلعن الله قاتله وضاعف على روحه العذاب، أما ليخرجن الله عز وجل من صلبه خير أهل الارض في زمانه، سمى جده ووارث علمه وأحكامه و قضاياه، ومعدن الامامة ورأس الحكمة يقتله جبار بني فلان بعد عجائب طريفة حسدا له، ولكن الله بالغ أمره ولو كره المشركون، يخرج الله من صلبه تكملة اثنى عشر إماما مهديا اختصهم الله بكرامته، وأحلهم دار قدسه، المنتظر للثاني عشر (الشاهر سيفه بين يديه) كان كالشاهر سيفه بين يدى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يذب عنهودخل رجل من موالي بني امية فانقطع الكلام، فعدت إلى أبى عبد الله (عليه السلام) احدى عشرة مرة أريد أن يستتم الكلام فما قدرت على ذلك، فلما كان قابل السنة الثانية دخلت عليه وهو جالس، فقال يا إبراهيم هو المفرج للكرب عن شيعته بعد ضنك شديد وبلاء طويل، وجور وخوف، فطوبى لمن أدرك ذلك الزمان حسبك يا إبراهيم، قال فما رجعت بشيء أسر إلى من هذا لقلبى ولا أقر لعيني(1).

محمد بن سنان عن صفوان بن مهران عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال من أقر بجميع الائمة وجحد المهدي كان كمن أقر بجميع الانبياء وجحد محمدا (صلى الله عليه وآله) نبوته، فقيل له يا ابن رسول الله فمن المهدي من ولدك؟ قال الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته(2).

المهدي من ذرية الرضا (عليه السلام):

الحسن بن محبوب قال قال لي الرضا (عليه السلام) ستكون فتنة صماء صيلم(3) يذهب فيها كل وليجة وبطانة – وفي رواية ” يسقط فيها كل وليجة وبطانة ” – وذلك عند

ـــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 90: حدثنا أبوعلي أحمد بن محمد بن يعقوب بن عمار الكوفى (82) قال: حدثني أبي، قال: حدثنا القاسم بن هشام اللؤلؤي، عن الحسن بن محبوب،

(2) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 333: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا أبي، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن سنان.

(3) الفتنة الصماء هى التى لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في دهائها لان الاصم لا يسمع الاستغاثة والصيلم: الداهية.

«صفحة 445»

فقدان الشيعة الثالث من ولدي(1)…

ـــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 180: وحدثنا محمد بن همام قال: حدثنا أحمد بن ما بنداذ ; وعبد الله بن جعفر الحميرى قالا: حدثنا أحمد بن هلال، قال: حدثنا الحسن بن محبوب الزراد قال: قال لي الرضا (عليه السلام) .

أقول: ورواه غير الحسن بن محبوب: قال محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 168: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا عدة من أصحابنا، عن سعد بن عبد الله عن أيوب بن نوح قال: قلت لابى الحسن الرضا(عليه السلام) (عليهم السلام) ” إنا نرجو أن تكون صاحب هذا الامر، وأن يسوقه الله إليك عفوا بغير سيف (85) ، فقد بويع لك، وقد ضربت الدراهم باسمك، فقال: ما منا أحد اختلفت الكتب إليه واشير إليه بالاصابع وسئل عن المسائل وحملت إليه الاموال إلا اغتيل أو مات على فراشه حتى يبعث الله لهذا الامر غلاما منا خفى المولد والمنشأ، غير خفى في نسبه “.

وقال الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 260: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ولد الحسين تسعة أئمة، تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي.

وقال في إكمال اكمال الدين 260 حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر قال: حدثنا علي بن أبراهيم بن هاشم، عن أبيه، أيضاً عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضاعن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ولد الحسين تسعة أئمة طاعتهم طاعتي، ومعصيتهم معصيتي، تاسعهم قائمهم ومهديهم.

وقال الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 304: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبدعن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام): إنه قال: التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق، المظهر للدين، والباسط للعدل.

وقال الشيخ الصدوق كمال الدين وتمام النعمة ص 371: أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد قال: قال علي بن موسى الرضا (عليهما السلام): قيل له: يا ابن رسول الله من القائم منكم أهل البيت؟ قال الرابع من ولدي ابن – سيدة الاماء، يطهر الله به الارض من كل جور، ويقدسها من كل ظلم، وهو الذي يشك الناس في ولادته، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه، . . . وهوالذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الارض بالدعاء إليه يقول: ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه، فإن الحق معه وفيه.

وقال الشيخ الصدوق كمال الدين وتمام النعمة ص 51: محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه) قال: حدثنا على بن – إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق بشيرا ليغيبن القائم من ولدي بعهد معهود إليه مني حتى يقول أكثر الناس: ما لله في آل محمد حاجة، ويشك آخرون في ولادته، فمن أدرك زمانه فليتمسك بدينه، ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا بشكه.

الشيخ الصدوق – كمال الدين وتمام النعمة ص 372: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول: أنشدت مولاي الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) فصيدتي التي أولها: مدارس آيات خلت من تلاوة*ومنزل وحي مقفر العرصات فلما انتهيت إلى قولي: خروج إمام لا محالة خارج*يقوم على اسم الله والبركات يميز فينا كل حق وباطل*ويجزي على النعماء والنقمات بكى الرضا (عليه السلام) بكاء شديدا، ثم رفع رأسه إلي فقال لي: يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الامام ومتى يقوم؟ فقلت: لا يا مولاي إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الارض من الفساد و يملاها عدلا كما ملئت جورا. فقال: يا دعبل الامام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عزوجل ذلك اليوم حتى يخرج فيملا الارض عدلا كما ملئت جورا وأما ” متى ” فإخبار عن الوقت، فقد حدثني أبي، عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) قيل له: يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال (عليه السلام): مثله مثل الساعة التي ” لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والارض لا تأتيكم إلا بغتة “.

الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 376: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت قال: قلت للرضا (عليه السلام): أنت صاحب هذا الامر؟ فقال: أنا صاحب هذا الامر ولكني لست بالذي أملاها عدلا كما ملئت جورا، وكيف أكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني، وإن القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشبان، قويا في بدنه حتى لو مد يده إلى أعظم شجرة على وجه الارض لقلعها، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصا موسى، وخاتم سليمان (عليهما السلام) . ذاك الرابع من ولدي، يغيبه الله في ستره ما شاء، ثم يظهره فيملا (به) الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

«صفحة 446»

الحسن بن علي بن فضال عن أبى الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) أنه قال كأني بالشيعه عند فقدهم الثالث من ولدي كالنعم يطلبون المرعى فلا يجدونه، قلت له ولم ذاك يا ابن رسول الله؟ قال لان إمامهم يغيب عنهم، فقلت ولم؟ قال لئلا يكون لاحد في عنقه بيعة إذا قام بالسيف(1).

علامات ظهوره و سيرته (عليه السلام):

الحسن بن محبوب حدثنا عبد الله بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبى عبد الله (عليه السلام) أنه قال لو قد قام القائم (عليه السلام) لانكره الناس لانه يرجع إليهم شابا موفقا لا يثبت عليه إلا مؤمن قد أخذ الله ميثاقه في الذر الاول “(2).

وعنه عن عمرو بن شمر، عن جابر قال ” دخل رجل على أبي جعفر الباقر (عليه السلام)

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 480: محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه) قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه.

(2) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 211: علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن على الكوفي، عن الحسن بن محبوب.

«صفحة 447»

فقال له عافاك الله اقبض مني هذه الخمسمائة درهم فإنها زكاة مالي، فقال له أبوجعفر (عليه السلام) خذها أنت فضعها في جيرانك من أهل الاسلام والمساكين من إخوانك المؤمنين ثم قال إذا قام قائم أهل البيت قسم بالسوية وعدل في الرعية، فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله، وإنما سمي المهدي مهديا لا نه يهدي إلى أمر خفي، ويستخرج التوراة وسائر كتب الله عزوجل من غار بأنطاكية ويحكم بين أهل التوراه بالتوراة وبين أهل الانجيل بالانجيل، وبين أهل الزبور بالزبور، وبين أهل القرآن بالقرآن وتجمع اليه أموال الدنيا من بطن الارض وظهرها، فيقول للناس تعالوا إلى ما قطعتم فيه الارحام، وسفكتم فيه الدماء الحرام، وركبتم فيه ما حرم الله عزوجل فيعطي شيئا لم يعطه أحد كان قبله، ويملا الارض عدلا وقسطا ونورا كما ملئت ظلما وجورا وشرا”(1).

وعنه عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول ” اتقوا الله واستعينوا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد في طاعة الله، فإن أشد ما 8يكون أحدكم أغتباطا بما هو فيه من الدين لو قد صار في حد الآخرة، وانقطعت الدنيا عنه، فإذا صار في ذلك الحد عرف أنه قد استقبل النعيم والكرامة من الله والبشرى بالجنة، وأمن مما كان يخاف، وأيقن أن الذي كان عليه هو الحق، وأن من خالف دينه على باطل، وأنه هالك فأبشروا، ثم أبشروا بالذى تريدون، ألستم ترون أعداءكم يقتتلون في معاصي الله، ويقتل بعضهم بعضا على الدنيا دونكم وأنتم في بيوتكم آمنون في عزلة عنهم، وكفى بالسفياني نقمة لكم من عدوكم، وهو من العلامات لكم، مع أن الفاسق لو قد خرج لمكثتم شهرا أو شهرين بعد خروجه لم يكن عليكم بأس حتى يقتل خلقا كثيرا دونكم. فقال له بعض أصحابه فكيف نصنع بالعيال إذا كان ذلك؟ قال يتغيب الرجال منكم عنه، فإن حنقه وشرهه إنما هو على شيعتنا، وأما النساء فليس عليهن بأس إن شاء الله تعالى، قيل فإلى أين مخرج الرجال ويهربون منه؟ فقال من أراد منهم أن يخرج يخرج إلى المدينة أو إلى مكة أو إلى بعض البلدان، ثم قال ما تصنعون

ـــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 237: أخبرنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي قال: حدثنا محمد بن علي الصيرفي، عن الحسن بن محبوب،

«صفحة 448»

بالمدينة وإنما يقصد جيش الفاسق إليها، ولكن عليكم بمكة، فأنها مجمعكم، وإنما فتنته حمل أمرأة تسعة أشهر، ولا يجوزها إن شاء الله “(1).

وعنه عن علي بن رئاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال في قول الله عز وجل ” يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل “، فقال (عليه السلام): الايات هم الائمة، والاية المنتظرة القائم (عليه السلام) (2).

وعنه عن إبراهيم الكرخي قال قلت لابي عبد الله (عليه السلام) – أو قال له رجل – أصلحك الله ألم يكن علي (عليه السلام) قويا في دين الله عزوجل؟ قال بلى؟ قال فكيف ظهر عليه القوم، وكيف لم يدفعهم وما يمنعه من ذلك؟ قال آية في كتاب الله عزوجل منعته؟ قال قلت وأية آية هي؟ قال قوله عزوجل ” لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ” إنه كان لله عزوجل ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن علي (عليه السلام) ليقتل الآباء حتى يخرج الودائع فلما خرجت الودائع ظهر على من ظهر فقاتله. وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتى تظهر ودائع الله عزوجل فاذا ظهرت ظهر على من يظهر فقتله(3).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 300: أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال حدثنا علي بن الحسن التيملي في صفر سنة أربع وسبعين ومائتين، قال: حدثنا الحسن بن محبوب،

(2) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 336: أبي (رضي الله عنه) قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب.

الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 641: جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه) قال: حدثنا الحسين ابن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما بال أمير المؤمنين عليه السلام لم يقاتل مخالفيه في الاول؟ قال: لآية في كتاب الله تعالى: ” لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما “، قال: قلت: وما يعني بتزايلهم؟ قال: ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين. وكذلك القائم عليه السلام لم يظهر أبدا حتى تخرج ودائع الله عزوجل فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله عزوجل فقتلهم.

(3) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 641: المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب.

الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 641 حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر السمرقندي العلوي (رضي الله عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثنا جبرئيل ابن أحمد قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عزوجل: ” لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما “، لو أخرج الله عزوجل ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين وما في أصلاب الكافرين من المؤمنين لعذب الذين كفروا.

«صفحة 449»

وعنه عن أبي حمزة الثمالي قال قلت لابي عبد الله (عليه السلام) إن أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول إن خروج السفياني من الامر المحتوم؟ قال (لي) نعم، واختلاف ولد العباس من المحتوم، وقتل النفس الزكية من المحتوم، وخروج القائم (عليه السلام) من المحتوم، فقلت له كيف يكون (ذلك) النداء؟ قال ينادي مناد من السماء أول النهار ألا إن الحق في علي وشيعته، ثم ينادي إبليس لعنه الله في آخر النهار ألا إن الحق في السفياني وشيعته فيرتاب عند ذلك المبطلون(1).

وعنه عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال ” الزم الارض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك، وما أراك تدرك (ذلك) اختلاف بني العباس، ومناد ينادي من السماء، وخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية، ونزول الترك الجزيرة، ونزول الروم الرملة، واختلاف كثير عند ذلك في كل أرض حتى تخرب الشام، ويكون سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها راية الاصهبوراية الابقع، وراية السفياني(2).

وعنه عن يعقوب السراج، قال قلت لابي – عبد الله (عليه السلام) متى فرج شيعتكم؟ فقال إذا اختلف ولد العباس، ووهى سلطانهم وطمع فيهم من لم يكن يطمع وخلعت العرب أعنتها، ورفع كل ذى صيصية صيصيته، وظهر السفياني، وأقبل اليماني، وتحرك الحسني، خرج صاحب هذا الامر من المدينة إى مكة بتراث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قلت وما تراث رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال سيفه، ودرعه، وعمامته، وبرده، ورايته، وقضيبه، وفرسه، ولامته وسرجه “(3)…

محمد بن أبى عمير عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال ” ما يكون

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة ص 652: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب.

(2) الشيخ الطبرسي – إعلام الورى بأعلام الهدى ج 2 ص 281: الحسن بن محبوب،

(3) النعماني / الغيبة ص 270 حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا محمد بن المفضل ; وسعدان بن إسحاق بن سعيد ; وأحمد بن الحسين بن عبد الملك، ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني قالوا جميعا: حدثنا الحسن بن محبوب،

«صفحة 450»

هذا الامر حتى لا يبقى صنف من الناس إلا وقد ولوا على الناس حتى لا يقول قائل ” إنا لو ولينا لعدلنا ” ثم يقوم القائم بالحق والعدل “(1).

وعنه عن هشام بن سالم، عن زرارة قال ” قلت لابى عبد الله (عليه السلام) النداء حق؟ قال إي والله حتى يسمعه كل قوم بلسانهم. وقال (عليه السلام) لا يكون هذا الامر حتى يذهب تسعة أعشار الناس(2) “.

الحسن بن أيوب عن عبد الكريم بن عمرو قال حدثنا أحمد بن الحسن بن أبان قال حدثنا عبد الله بن عطاء المكى، عن شيخ من الفقهاء – يعنى أبا عبد الله (عليه السلام) – قال ” سألته عن سيرة المهدي كيف سيرته؟ فقال يصنع كما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يهدم ما كان قبله كما هدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر الجاهلية، ويستأنف الاسلام جديدا “(3).

الحسن بن علي بن فضال قال حدثنا ثعلبة بن ميمون عن معمر بن يحيى، عن داود الدجاجي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: “سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قوله تعالى (فاختلف الاحزاب من بينهم) فقال: أنتظروا الفرج من ثلاث، فقيل يا أمير المؤمنين وما هن؟ فقال اختلاف أهل الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان. فقيل وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال أو ما سمعتم قول الله عزوجل في القرآن ” إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ” هي آية تخرج الفتاة من خدرها، وتوقظ النائم، وتفزع اليقظان “(4).

وعنه عن المثنى الحناط، عن الحسن بن زياد الصيقل قال سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول إن القائم لا يقوم حتى ينادي مناد من السماء تسمع الفتاة في

ـــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 274: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، عن محمد بن أبى عمير.

(2) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 274: – أحمد بن محمد بن سعيد عنا علي بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، عن محمد بن أبى عمير.

(3) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 230: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح، قال: حدثني أحمد بن علي الحميري قال: حدثني الحسن بن أيوب.

(4) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 251: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم ابن قيس، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال.

«صفحة 451»

خدرها ويسمع أهل المشرق والمغرب. وفيه نزلت هذه الآية (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين) (1).

وعنه عن ثعلبة، عن شعيب الحداد، عن صالح(2) قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول ليس بين قيام القائم وبين قتل النفس الزكية إلا خمس عشره ليلة(3).

عبد الله بن حماد الانصاري قال حدثنا أبوالجارود زياد بن المنذر، قال قال أبوجعفر محمد بن علي (عليهما السلام) ” إذا ظهر القائم (عليه السلام) ظهر براية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وخاتم سليمان، وحجر موسى وعصاه، ثم يأمر مناديه فينادي ألا لا يحملن رجل منكم طعاما ولا شرابا ولا علفافيقول أصحابه إنه يريد أن يقتلنا ويقتل دوابنا من الجوع والعطش، فيسير ويسيرون معه، فأول منزل ينزله يضرب الحجر فينبع منه طعام وشراب وعلف فيأكلون ويشربون، ودوابهم حتى ينزلوا النجف بظهر الكوفة “(4).

وعنه عن عبد الله بن بكير، عن حمران بن أعين عن أبى جعفر (عليه السلام) أنه قال ” كأننى بدينكم هذا لا يزال متخضخضا يفحص بدمه ثم لا يرده عليكم إلا رجل منا أهل البيت، فيعطيكم في السنة عطاءين، ويرزقكم في الشهر رزقين، وتؤتون الحكمة في زمانه حتى أن المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) “(5).

وعنه عن عبد الله بن سنان، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول ” لا يكون هذا الامر الذي تمدون إليه أعناقكم حتى ينادي مناد من السماء ألا إن فلانا صاحب الامر، فعلى م القتال؟ “(6).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الشيخ الطوسي الغيبة ص 177: وأخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن أبي جعفر محمد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن ادريس، عن علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري، عن الفضل بن شاذان النيشابوري، عن الحسن بن علي بن فضال.

(2) هو صالح بن ميثم التمار.

(3) الشيخ الطوسي- الغيبة ص 445: الفضل، عن الحسن بن علي بن فضال.

(4) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 238: أبوسليمان أحمد بن هوذة قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبد الله بن حماد الانصاري.

(5) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 238: أخبرنا أحمد بن هوذة الباهلي قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي / صفحة 239 / قال: حدثنا عبد الله بن حماد الانصاري.

(6) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 266: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا أبوسليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي بنهاوند سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدثنا عبد الله بن حماد الانصاري في شهر رمضان سنة تسع وعشرين ومائتين.

«صفحة 452»

وعنه عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال يقوم القائم يوم عاشوراء “(1).

وعنه عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي قال ” سألت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) عن السفياني، فقال وأنى لكم بالسفياني حتى يخرج قبله الشيصبانى يخرج من أرض كوفان ينبع كما ينبع الماء، فيقتل وفدكم، فتوقعوا بعد ذلك السفياني، وخروج القائم (عليه السلام) “(2).

وعنه عنه عبد الله بن بكير، عن أبان بن تغلب، قال ” كنت مع جعفر بن محمد (عليهما السلام) في مسجد بمكة، وهو آخذ بيدي، فقال يا أبان سيأتي الله بثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا في مسجد كم هذا، يعلم أهل مكة أنه لم يخلق آباؤهم ولا أجدادهم بعد، عليهم السيوف، مكتوب على كل سيف اسم الرجل واسم أبيه وحليته ونسبه، ثم يأمر مناديا فينادي هذا المهدي يقضى بقضاء داود وسليمان، لا يسأل على ذلك بينة”(3).

وعنه عن محمد بن جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن أبيه (عليه السلام) قال ” إذا قام القائم بعث في أقاليم الارض، في كل إقليم رجلا، يقول عهدك في كفك فإذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فانظر إلى كفك(4) واعمل بما فيها، قال ويبعث جندا إلى القسطنطينية، فإذا بلغوا الخليج كتبوا على أقدامهم شيئا ومشوا على الماء، فإذا نظر إليهم الروم يمشون على الماء، قالوا هؤلاء أصحابه يمشون على الماء، فكيف هو؟!

ـــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 282: أبوسليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبد الله بن حماد الانصاري.

(2) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 302: أبوسليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي بنهاوند سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدثنا أبومحمد عبد الله بن حماد الانصاري سنة تسع وعشرين ومائتين،

(3) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 313: أبوسليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي بنهاوند سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدثنا عبد الله بن حماد الانصاري سنة تسع وعشرين ومائتين.

(4) في بعض النسخ ” في كنفك “. أقول وهو الصحيح وذلك لان العلم في عهد المهدي (عليه السلام) سيكون في كومبيتر صغير يحمل في المحفظة الصغيرة، راجع لفظة كنف في لسان العرب. وهذه الرواية نظير ما اورده العلامة المجلسي في البحار ج52 ض390 عن ابن مسكان عن ابي عبد الله(عليه السلام) انه قال: ان المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى اخاه الذي في المغرب وكذا الذي في المغرب يرى اخاه الذي في المشرق.

«صفحة 453»

فعند ذلك يفتحون لهم أبواب المدينة، فيدخلونها، فيحكمون فيها ما يشاؤون “(1).

وعنه عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي قال ” سألت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) عن السفياني، فقال وأنى لكم بالسفياني حتى يخرج قبله الشيصبانى يخرج من أرض كوفان ينبع كما ينبع الماء، فيقتل وفدكم، فتو قعوا بعد ذلك السفيانى، وخروج القائم (عليه السلام) (2) “.

العباس بن عامر قال حدثني محمد بن الربيع الاقرع، عن هشام بن سالم، عن أبى عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال ” إذا استولى السفياني على الكور الخمس فعدوا له تسعة أشهر. – وزعم هشام أن الكور الخمس دمشق، وفلسطين، والاردن، وحمص وحلب(3)”.

عبد الله بن جبلة عن محمد بن سليمان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) أنه قال ” السفياني والقائم في سنة واحدة “(4).

المهدي (عليه السلام) في روايات اهل السنة:

إن الروايات التي اوردها اهل السنة في كتبهم حول المهدي أقل تشخيصا بمقارنتها مع روايات الشيعة ولكنها مع ذلك قد ذكرت هذه – الروايات السنية – انه من ذرية فاطمة (عليها السلام) وأنه الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم(عليه السلام)، ونص كثير منها انه من ذرية الحسين (عليه السلام).

وذكرت ايضا كثيرا من الملاحم التي تسبق ظهوره.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 319: حدثنا أبوسليمان أحمد بن هوذة، قال حدثنا أبوإسحاق إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدثني عبد الله بن حماد الانصاري.

(2) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 302: حدثنا أبوسليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي بنهاوند سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدثنا أبومحمد عبد الله بن حماد الانصاري سنة تسع وعشرين ومائتين.

(3) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 304: أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي من كتابه في صفر سنة أربع وسبعين ومائتين، قال: حدثنا العباس بن عامر بن رباح الثقفي.

(4) محمد بن ابراهيم النعماني- كتاب الغيبة ص 267: أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن بن حازم، قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبد الله بن جبلة.

«صفحة 454»

ومن المفيد جدا ان نقتصر على ذكر طرف من الروايات التي وردت في كتاب نعيم بن حماد البغدادي المروزي السني الذي كان معاصرا للحسن بن محبوب وغيره من مؤلفي الشيعة الذين أوردنا طرفا من أحاديثهم لتكون المقارنة اكثر وضوحا وإدراكا ونفعا.

طرف من كتاب الملاحم لنعيم بن حماد

المهدي من أهل البيت (عليهم السلام):

نعيم بن حماد المروزي(1) قال حدثنا الوليد عن ابن لهيعة واخبرني عياش بن عباس عن ابن زرير عن علي (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال (هو رجل من أهل بيتي) (2).

نعيم بن حماد المروزي وعنه قال حدثنا القاسم بن مالك المزني عن ياسين بن سيار قال سمعت إبراهيم بن محمد بن الحنفية قال حدثني أبي حدثني علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) (المهدي منا أهل البيت) (3).

وعنه عن الوليد عن علي بن حوشب سمع مكحولا يحدث عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال قلت يا رسول الله المهدي منا أئمة الهدى أم من غيرنا؟ قال (بل منا، بنا يختم الدين كما بنا فتح وبنا يستنقذون من ضلالة الفتنة كما استنقذوا من ضلالة الشرك وبنا يؤلف الله بين قلوبهم في الدين بعد عداوة الفتنة كما ألف الله بين قلوبهم ودينهم بعد عداوة الشرك) (4).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) قال الرازي في الجرح والتعديل 8/463: نعيم بن حماد وكنيته أبو عبد الله المروزي الخزاعي الأعور المعروف بالفارض سكن مصر، مات سنة ثمان وعشرين روى عنه أبى قال اخبرنا عبد الرحمن قال سمعت أبى يقول ذلك وسألته عنه فقال محله الصدق قلت له نعيم بن حماد وعبدة بن سليمان أيهما أحب إليك قال ما أقربهما. وقال ابن عدي في الكامل 7/16 نعيم بن حماد المروزي خزاعى يعرف بالفارض سكن مصر حمل الى العراق ومات في الحبس قال لنا بن حماد يروى عن بن المبارك ضعيف قاله أحمد بن شعيب قال بن حماد قال غيره كان يضع الحديث في تقوية السنة وحكايات عن العلماء في ثلب أبي حنيفة مزورة كذب أخبرنا الحسن بن سفيان حدثني عبد العزيز بن سلام حدثني أحمد بن ثابت أبو يحيى قال سمعت أحمد ويحيى يقولان نعيم بن حماد معروف بالطلب ثم ذمه يحيى فقال انه يروى عن غير الثقات سمعت أبا عروبة يقول كان نعيم بن حماد مظلم الأمر سمعت زكريا بن يحيى البستي يقول ثنا يوسف بن عبد الله الخوارزمي قال سألت أحمد بن حنبل عن نعيم بن حماد فقال لقد كان من الثقات.

(2) كتاب الفتن ص 229.

(3) كتاب الفتن ص 231.

(4) كتاب الفتن ص 229

«صفحة 455»

وعنه عن الوليد ورشدين عن ابن لهيعة عن إسرائيل بن عباد عن ميمون القداح عن أبي الطفى4ل (رضي الله عنه) النبي (صلى الله عليه وآله) وابن لهيعة عن أبي زرعة عن عمر بن علي عن علي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال (بنا يختم الدين كما بنا فتح وبنا يستنقذون من الشرك) وقال أحدهما من الضلالة وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الشرك وقال أحدهما الضلالة والفتنة(1).

المهدي من ذرية فاطمة (عليها السلام):

نعيم بن حماد المروزي عن أبي هارون عن عمرو بن قيس الملائي عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش سمع عليا (رضي الله عنه) يقول المهدي رجل منا من ولد فاطمة رضى الله عنها(2).

وعنه عن سعيد أبو عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال هو من بني هاشم من ولد فاطمة(3).

المهدي من ذرية الحسين (عليه السلام):

نعيم بن حماد المروزي عن الوليد ورشدين عن ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال يخرج رجل من ولد الحسين من قبل المشرق ولو استقبلته الجبال لهدمها واتخذ فيها طرقا(4).

وعنه عن ابن عياش وأخبرني بعض أهل العلم عن محمد بن جعفر قال قال علي بن أبي 8طالب يخرج رجل من ولد حسين اسمه اسم نبيكم يفرح بخروجه أهل السماء(5).

رواياته عن علي (عليه السلام) في الملاحم:

نعيم بن حماد المروزي عن أبي بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن ريذة أنا أبو

ـــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب الفتن ص 229

(2) كتاب الفتن ص 231

(3) كتاب الفتن ص 230

(4) كتاب الفتن ص 229.

(5) كتاب الفتن ص 425.

«صفحة 456»

القاسم سليمان بن أحمد الطبراني أنا أبو زيد عبد الرحمن بن حاتم المرادي بمصر سنة ثمانين ومائتين ثنا نعيم بن حماد ثنا الوليد ورشدين عن ابن لهيعة عن أبي قبيل عن أبي رومان عن علي (رضي الله عنه) قال يلتقي السفياني والرايات السود فيهم شاب من بني هاشم في كفه اليسرى خال وعلى مقدمته رجل من بني تميم يقال له شعيب بن صالح بباب اصطخر فتكون بينهم ملحمة عظيمة فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه(1).

وعنه عن عبد الله بن مروان عن الهيثم بن عبد الرحمن عمن حدثه عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته بالمشرق يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل ويمثل ويتوجه إلى بيت المقدس فلا يبلغه حتى يموت(2).

وعنه بسنده عن ابن عباس قال سمعت عليا (رضي الله عنه) يقول لا يخرج المهدي حتى يقتل ثلث ويموت ثلث ويبقى ثلث(3).

وعنه قال حدثنا الوليد ورشدين عن ابن لهيعة عن أبي قبيل عن أبي رومان عن علي (رضي الله عنه) قال بعد الخسف ينادي مناد من السماء إن الحق في آل محمد في أول النهار ثم ينادي مناد في آخر النهار إن الحق في ولد عيسى وذلك نحوه من الشيطان(4).

وعنه عن الوليد بن مسلم عن عنبسة القرشي عن مسلمة بن أبي سلمة عن شهر بن حوشب قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) (في المحرم ينادي مناد من السماء ألا إن صفوة الله من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا في سنة الصوت والمعمعة) (5).

وعنه قال حدثنا رشدين عن ابن لهيعة قال حدثني أبو زرعة عن عبد الله بن زرير عن عمار ابن ياسر (رضي الله عنه) قال إذا قتل النفس الزكية وأخوه يقتل بمكة ضيعة نادى مناد من السماء إن أميركم فلان وذلك المهدي الذي يملأ الأرض حقا وعدلا(6).

روياته عن ابن عباس في الملاحم:

نعيم بن حماد المروزي عن أبي المغيرة عن أرطاة بن المنذر عمن حدثه عن ابن

ـــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب الفتن ص 197.

(2) كتاب الفتن ص 198.

(3) كتاب الفتن ص 206.

(4) كتاب الفتن ص 209.

(5) كتاب الفتن ص 209.

(6) كتاب الفتن ص 209.

«صفحة 457»

عباس رضي الله عنهما أنه أتاه رجل وعنده حذيفة فقال يا بن عباس قوله تعالى (حم عسق) فأطرق ساعة وأعرض ساعة ثم كررها فلم يجبه بشيء فقال حذيفة أنا أنبئك قد عرفت لم كرهها إنما نزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبد الإله أو عبد الله(1)ينزل على نهر من أنهار المشرق يبنى عليه مدينتان يشق النهر بينهما شقا جمع فيها كل جبار عنيد. قال أرطاة إذا بنيت مدينة على شاطيء الفرات ثم أتتكم الفواصل والقواصم وانفرجتم عن دينكم كما تنفرج المرأة عن قبلها حتى لا تمتنعوا عن ذل ينزل بكم وإذا بنيت مدينة بين النهرين بأرض منقطعة من أرض العراق أتتكم الدهيماء(2).

رواياته عن الباقر (عليه السلام) في الملاحم:

نعيم بن حماد المروزي عن سعيد أبو عثمان حدثنا جابر الجعفي عن أبي جعفر قال إذا بلغت سنة تسع وعشرين مائة واختلفت سيوف بني أمية ووثب حمار الجزيرة فغلب على الشام ظهرت الرايات السود في سنة عشرين ومائة ويظهر الأكبش مع قوم لا يؤبه لهم قلوبهم كزبر الحديد شعورهم إلى المناكب ليست لهم رأفة ولا رحمة على عدوهم أسماؤهم الكنى وقبائلهم القرى عليهم ثياب كلون الليل المظلم يقود بهم إلى آل العباس وهي دولتهم فيقتلون أعلام ذلك الزمان حتى يهربوا منهم إلى البرية فلا تزال دولتهم حتى يظهر النجم ذو الذناب ويختلفون فيما بينهم(3).

وعنه عن سعيد أبو عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال إذا ظهر السفياني على الأبقع والمنصور اليماني خرج الترك والروم فظهر عليهم السفياني(4).

وعنه عن سعيد أبو عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال يملك السفياني حمل امرأة(5).

وعنه عن عبد القدوس وغيره عن ابن عياش عمن حدثه عن محمد بن جعفر عن علي قال السفياني من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان رجل ضخم الهامة بوجهه آثار

ـــــــــــــــــــــــ

(1) في هذا إشارة إلى أبي جعفر المنصور وبناء مدينة بغداد.

(2) كتاب الفتن ص 119.

(3) كتاب الفتن ص 118.

(4) كتاب الفتن ص 129.

(5) كتاب الفتن ص 165.

«صفحة 458»

جدري وبعينه نكتة بياض يخرج من ناحية مدينة دمشق في واد يقال له وادي اليابس يخرج في سبعة نفر مع رجل منهم لواء معقود يعرفون في لوائه النصر يسيرون بين يديه على ثلاثين ميلا لا يرى ذلك العلم أحد يريده إلا انهزم(1).

وعنه عن الوليد حدثني شيخ عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي قال يقتل أربعة نفر بالشام كلهم ولد خليفة رجل من بني مروان ورجل من آل أبي سفيان قال فيظهر السفياني على المروانيين فيقتلهم ثم يتبع بني مروان فيقتلهم ثم يقبل على أهل المشرق وبني العباس حتى يدخل الكوفة(2).

وعنه عن سعيد أبي عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال إذا ظهر الأبقع مع قوم ذوي أجسام فتكون بينهم ملحمة عظيمة ثم يظهر الأخوص السفياني الملعون فيقاتلها جميعا فيظهر عليهما جميعا ثم يسير إليهم منصور اليماني من صنعاء بجنوده وله فورة شديدة يستقتل الناس قتل الجاهلية فيلتقي هو والأخوص وراياتهم صفر وثيابهم ملونة فيكون بينهما قتال شديد ثم يظهر الأخوص السفياني عليه ثم يظهر الروم وخروج إلى الشام ثم يظهر الأخوص ثم يظهر الكندي في شارة حسنة فإذا بلغ تل سما فأقبل ثم يسير إلى العراق وترفع قبل ذلك ثنتا عشرة راية بالكوفة معروفة منسوبة ويقتل بالكوفة رجل من ولد الحسن أو الحسين يدعو إلى أبيه ويظهر رجل من الموالي فإذا استبان أمره وأسرف في القتل قتله السفياني(3).

وعنه سعيد أبي عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال يخرج شاب من بني هاشم بكفه اليمنى خال من خراسان برايات سود بين يديه شعيب بن صالح يقاتل أصحاب السفياني فيهزمهم(4).

وعنه عن سعيد أبي عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان الكوفة فإذا ظهر المهدي بمكة بعث إليه بالبيعة(5).

وعنه قال حدثنا سعيد أبو عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال يبث السفياني

ـــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب الفتن ص 166.

(2) كتاب الفتن ص 171.

(3) كتاب الفتن ص 174.

(4) كتاب الفتن ص 174.

(5) كتاب الفتن ص 190.

«صفحة 459»

جنوده في ألآفاق بعد دخوله الكوفة وبغداد فيبلغه فرعه من وراء النهر(1) من أهل خراسان فتقبل أهل المشرق عليهم قتلا ويذهب نجيهم فإذا بلغه ذلك بعث جيشا عظيما إلى اصطخر(2) عليهم رجل من بني أمية فتكون لهم وقعة بقومس ووقعة بدولات(3)الري ووقعة بتخوم زرنج(4) فعند ذلك يأمر السفياني بقتل أهل الكوفة وأهل المدينة عند ذلك تقبل الرايات السود من خراسان على جميع الناس شاب من بني هاشم بكفه اليمنى خال يسهل الله أمره وطريقه ثم تكون له وقعة بتخوم خراسان ويسير الهاشمي في طريق الري فيسرح رجل من بني تميم من الموال يقال له شعيب بن صالح إلى أصطخر إلى الأموي فيلتقي هو والمهدي والهاشمي ببيضاء اصطخر فتكون بينهما ملحمة عظيمة عليهم رجل من بني عدي فيظهر الله أنصاره وجنوده ثم تكون وقعة بالمدائن بعد وقعتي الري وفي عاقرقوفا وقعة صيلمية يخبر عنها كل ناج ثم يكون بعدها ذبح عظيم ببابل ووقعة في أرض من أرض نصيبين ثم يخرج على الأخوص قوم من سوادهم وهم العصب عامتهم من الكوفة والبصرة حتى يستنقذوا ما في أيديه من سبي كوفان(5).

وعنه سعيد أبو عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال تنزل الرايات السود التي تقبل من خراسان الكوفة فإذا ظهر المهدي بمكة بعث بالبيعة إلى المهدي(6).

خروج المهدي في مكة:

نعيم بن حماد المروزي عن سعيد أبو أبي عثمان عن جابر عن أبي جعفر قال ثم يظهر المهدي بمكة عند العشاء ومعه راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقميصه وسيفه وعلامات ونور وبيان فإذا صلى العشاء نادى بأعلى صوته يقول أذكركم الله أيها الناس ومقامكم بين يدي ربكم فقد اتخذ الحجة وبعث الأنبياء وأنزل الكتاب وأمركم أن لا تشركوا به

ـــــــــــــــــــــــ

(1) كورة واسعة تشتمل على مدن وقرى ومزارع وهي في ذيل جبال طبرستان. معجم البدان.

(2) من أقدم مدن الفرس وأول دار لملكهم. معجم البلدان.

(3) في (بدولاب) والري الآن ضاحية لمدينة طهران.

(4) زربخ هي قصبة سجستان. معجم البلدان.

(5) كتاب الفتن ص 192.

(6) كتاب الفتن ص 198.

«صفحة 460»

شيئا وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله وأن تحيوا ما أحيا القرآن وتميتوا ما أمات وتكونوا أعوانا على الهدى ووزرا على التقوى فإن الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها وأذنت بالوداع فإني أدعوكم إلى الله وإلى رسوله والعمل بكتابه وإماتة الباطل وإحياء سنته فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف رهبان بالليل أسد بالنهار فيفتح الله للمهدي أرض الحجاز ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم وتنزل الرايات السود الكوفة فيبعث بالبيعة إلى المهدي ويبعث المهدي جنوده في الآفاق ويميت الجور وأهله وتستقيم له البلدان ويفتح الله على يديه القسطنطينية(1).

وعنه عن غير واحد عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن رجل عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال المهدي الذي ينزل عليه عيسى بن مريم ويصلي خلفه(2).

الدجال:

نعيم بن حماد المروزي عن ضمرة ثنا عبد الله بن شوذب عن أبي التياح عن خالد بن سبيع عن حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه) قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول (يخرج الدجال ثم عيسى بن مريم (عليه السلام)) (3).

وعنه عن سفيان عن واصل الأحدب عن أبي وائل قال أكثر تبع الدجال اليهود(4).

الباقر (عليه السلام) يخبر بعذاب القذف والخسف:

نعيم بن حماد المروزي عن عبد الله بن موسى عن أبي جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العاليه عن أبي بن كعب (رضي الله عنه) في قوله تعالى (هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) الآية قال هي أربع وكلهن عذاب فجاء بمستقر اثنتين بعد وفاة رسول

ـــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب الفتن ص 213.

(2) كتاب الفتن ص 230.

(3) كتاب الفتن ص 325.

(4) كتاب الفتن ص 333.

«صفحة 461»

الله (صلى الله عليه وآله) بخمس وعشرين سنة فألبسوا شيعا وأذيق بعضهم بأس بعض وبقيت إثنتان وهما لا بد واقعتان الخسف والقذف(1).

أقول:

ومن خلال المقارنة بين التراث الروائي المهدوي الشيعي السائد في القرن الثاني الهجري والربع الأول من القرن الثالث مع التراث الروائي المهدوي السني في الفترة نفسها نلاحظ أمرين:

أولا:

يؤكد كلا التراثين على ان المهدي هو من ذرية النبي من فاطمة من ذرية الحسين. وان عيسى يصلي خلف المهدي وانه آخر الأئمة الإثني عشر الذي بشر بهم النبي مع أختلافهم في تشخيص بقية الأئمة. ويذكر كلاهما ملاحم مشتركة تسبق الظهور كظهور السفياني والخراساني وشعيب بن صالح وحرب عالمية تطيح بثلثي الناس وغير ذلك.

ثانيا:

ينفرد التراث الشيعي بتشخيص المهدي(عليه السلام) بكونه السادس من ذرية الصادق (عليه السلام) ثم الخامس من ذرية الكاظم ثم الرابع من ذرية الرضا (عليه السلام)، وينفرد ايضا بذكر الغيبتين.

ويتضح من البحث ان إدعاء الأستاذ الكاتب:

(الروايات الواردة حول الغيبة والغائب لا تتحدث عن غائب بالتحديد… ولا تتحدث عن أمر قبل وقوعه حتى يكون ذلك إعجازا ودليلا على صحة الغيبة… وإن تحديد هوية الإمام المهدي بالثاني عشر من إئمة أهل البيت قد حدث في وقت متأخر بعد وفاة الإمام الحسن العسكري بفترة طويلة إي في بداية القرن الرابع الهجري).

لم يكن مطابقا لما عليه واقع تراث أهل البيت (عليهم السلام) الذي رواه عنهم شيعتهم قبل ولادة المهدي (عليه السلام) وغيبته وقد عرضنا للقاريء الكريم طرفا من كتاب الحسن بن

ـــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب الفتن ص 375.

«صفحة 462»

محبوب المتوفى سنة 224 وكتب ثلاثة عشر مصنفاً ممن عاصره من مصنفي الشيعة وقاربه في تاريخ وفاته إذ ذكرت هذه الكتب خصوصيات عن المهدي الموعود تجعل من هويته واضحة مضافا الى ما أخبرت به من وقوع غيبته الصغرى والكبرى.

أما قوله: (ان كانت هوية المهدي قد تحددت من قبل منذ زمان رسول الله (ص) أو الأئمة الأحد عشر السابقين لما اختلف المسلمون ولا الشيعة ولا الإمامية ولا شيعة الحسن العسكري في تحديد هوية المهدي)

فجوابه:

ان النصوص ووضوح مطلبها غير مانعة من الإختلاف أو الإنحراف.

ولا يوجد أوضح من وجود الله تعالى وقد اختلف الناس فيه تعالى بين ملحد ومؤمن، ولا أوضح من معجزة عيسى في اتباع موسى (عليه السلام) وامته وقد اختلفوا فمنهم من آمن بعيسى ومنهم من كذب به بل سعى لقتله

وهكذا لم يُروَ حديث عن النبي كما روي حديث الغدير في تواتره ووضوح دلالته ومع ذلك قوتل علي (عليه السلام) من قبل المسلمين الذين سمعوا حديث الغدير ولعن من قبل الكثير بني امية وشيعتهم.

 

«صفحة 463»

الحلقة الرابعة

الفصل الرابع ـ استدلال متكلمي الشيعة في الغيبة الصغرى على وجود الإمام المهدي (عليه السلام)

 

«صفحة 464»

 

«صفحة 465»

سلك متكلمو الشيعة في فترة الغيبة الصغرى طريقين لاثبات وجود الإمام المهدي (عليه السلام):

الطريق الأول: طريق الإستدلال بحديث الثقلين وحديث الأئمة من بعدي إثنا عشر وغيرهما من الاحاديث والاصول الثابتة عن النبي(صلى الله عليه وآله) والأئمة(عليهم السلام) حيث يفرض الإيمان بها الإيمان ان لا يموت الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) دون ان يخلف ولدا يكون هو الامام من بعده وهو المهدي الموعود ويكون صاحب عمر طويل جدا. وهذا الدليل يسمى تسامحا بالدليل العقلي وسماه الكاتب بالدليل الفلسفي! .

الطريق الثاني: إعتماد إخبار جمهور أصحاب الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بوجود ولد للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وانه (عليه السلام) نص على ولده بالإمامة واخبر أنه المهدي الموعود. وهذا الدليل هو الدليل التاريخي وهو الدليل المعتمد عادة لاثبات أي قضية تاريخية.

وفيما يلي نموذج لثلاثة منهم ننقلها من كتاب إكمال الدين للشيخ الصدوق:

استدلال أبي سهل النوبختي(1):

قال ابو سهل اسماعيل بن علي النوبختي في آخر كتاب التنبيه:

“وقد سألونا فقالوا: ابن الحسن لم يظهر ظهوراً تاماً للخاصة والعامة فمن اين علمتم وجوده في العالم؟ وهل رأيتموه او اخبرتكم جماعة قد تواترت اخبارها انها شاهدته وعاينته؟

ـــــــــــــــــــــــ

(1) قال ابن النديم في الفهرست: أبو سهل إسماعيل بن علي بن نوبخت من كبار الشيعةوقال ابن حجر في لسان الميزان كان من وجوه المتكلمين ثم ذكر كتبه، وقال: أخذ عنه أبو عبد الله بن النعمان المعروف بالمفيد شيخ الشيعة في زمانه وغيره. أقول وهو خال النوبختي صاحب فرق الشيعة وقد مر شيء من ترجمته سابقاً.

«صفحة 466»

فيقال لهم:

ان امر الدين كله بالاستدلال يعلم، فنحن عرفنا الله عز وجل بالادلة ولم نشاهده، وعرفنا نبوته وصدقه بالاستدلال، وعرفنا انه استخلف علي بن ابي طالب (عليه السلام) بالاستدلال وعرفنا أن النبي (عليه السلام) وسائر الائمة (عليهم السلام) بعده عالمون بالكتاب والسنة ولا يجوز عليهم في شىء من ذلك الغلط ولا النسيان ولا تعمد الكذب بالاستدلال،

وكذلك عرفنا ان الحسن بن علي (عليه السلام) امام مفترض الطاعة.

وعلمنا بالاخبار المتواترة عن الائمة الصادقين (عليه السلام) ان الامامة لا تكون بعد كونها في الحسن والحسين (عليه السلام) الا في ولد الامام ولا يكون في اخ ولا قرابة،

فوجب من ذلك ان الامام لا يمضي الا ان يخلف من ولده اماما.

فلما صحت امامة الحسن (عليه السلام) وصحت وفاته ثبت انه قد خلف من ولده اماماً،

هذا وجه الدلالة عليه.

ووجه آخر وهو:

ان الحسن(عليه السلام) خلف جماعة من ثقاته ممن يروي عنه الحلال والحرام ويؤدي كتب شيعته واموالهم ويخرجون الجوابات وكانوا بموضع من الستر والعدالة بتعديله اياهم في حياته، فلما مضى اجمعوا جميعاً على انه قد خلّف ولداً هو الامام وامروا الناس ان لا يسألوا عن اسمه وان يستروا ذلك من اعدائه، و طلبه السلطان اشد طلب ووكل بالدور والحبالى من جواري الحسن (عليه السلام).

ثم كانت كتب ابنه الخلف بعده تخرج الى الشيعة بالامر والنهي على ايدي رجال ابيه الثقات اكثر من عشرين سنة.

ثم انقطعت المكاتبة ومضى اكثر رجال الحسن (عليه السلام) الذين كانوا شهدوا بأمر الامام بعده وبقي منهم رجل واحد قد اجمعوا على عدالته وثقته فأمر الناس بالكتمان وان لا يذيعوا شيئا من امر الامام، وانقطعت المكاتبة.

فصح لنا ثبات عين الامام بما ذكرت من الدليل،

وبما وصفتُ عن اصحاب الحسن (عليه السلام) ورجاله ونقلهم خبره،

 

«صفحة 467»

وصحة غيبته بالاخبار المشهورة في غيبة الامام (عليه السلام) وان له غيبتين احديهما اشد من الاخرى.

ومذهبنا في غيبة الامام في هذا الوقت لا يشبه مذهب الممطورة في موسى(1)بن جعفر لان موسى مات ظاهراً ورآه الناس ميتاً ودفن دفناً مكشوفا ومضى لموته اكثر من مائة سنة وخمسين سنة لا يدعي احد انه يراه ولا يكاتبه ولا يراسله، ودعواهم انه حي فيه اكذاب الحواس التي شاهدته ميتاً وقد قام بعده عدة ائمة فأتوا من العلوم بمثل ما اتى به موسى وليس في دعوانا هذه غيبة الامام اكذاب للحس ولا محال ولا دعوى تنكرها العقول ولا تخرج من العادات وله الى هذا الوقت من يدَّعي من شيعته الثقات المستورين انه باب اليه وسبب يؤدي عنه الى شيعته امره ونهيه ولم تطل المدة في الغيبة طولاً يخرج من عادات من غاب،

فالتصديق بالاخبار يوجب:

اعتقاد امامة ابن الحسن (عليه السلام) على ما شرحت.

وانه قد غاب كما جاءت الاخبار في الغيبة فانها جاءت مشهورة متواترة وكانت الشيعة تتوقعها وتترجاها كما ترجو بعد هذا من قيام القائم (عليه السلام) بالحق واظهار العدل.

ونسأل الله عز وجل توفيقا وصبرا جميلاً برحمته(2).

رد ابن قبة (ت قبل سنة 319) على ابن بشار:

قال الشيخ الصدوق (رحمه الله): وقد تكلم علينا أبوالحسن علي بن أحمد بن بشار في الغيبة وأجابه أبوجعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي(3) وكان من كلام على بن

ـــــــــــــــــــــــ

(1) هم الواقفية وهو لقب غلب عليها.

(2) كمال الدين للصدوق ص 92.

(3) محمد بن عبد الرحمن بن قبة أبو جعفر الرازي – بالقاف المكسورة وفتح الباء الموحدة من متكلمي الإمامية وحذاقهم وكان أولا معتزليا ثم انتقل الى القول بالإمامة وحسنت بصيرته وله كتب في الإمامة، قال ابوالحسين السوسنجردي مضيت الى ابي القاسم البلخي ببلخ بعد زيارة الرضا (عليه السلام) بطوس فسلمت عليه وكان عارفا بي ومعي كتاب ابي جعفر بن قبة في الإمامة المعروف بالإنصاف فوقف عليه ونقضه بـ (المسترشد في الإمامة) فعدت الى الري فدفعت الكتاب الى ابن قبة فنقضه بـ (المستثبت في الإمامة) فحملته الى ابي القاسم فنقضه بنقض المستثبت فعدت الى الري فوجدت ابا جعفر قد مات (رحمه الله) . (قاموس الرجال للعلامة التستري(رحمه الله)) . أقول توفي ابو القاسم البلخي سنة 319 هجرية. وفي فهرست النجاشي بترجمة الحسن بن موسى النوبختي ذكر للنوبختي هذا كتابين باسم (جواباته لابي حعفر بن قبة) والظاهر ذلك منه على ابن قبة قبل ان يستبصر.

«صفحة 468»

أحمد بن بشار علينا في ذلك أن قال في كتابه:

كلام ابن بشار:

قال ابن بشار: (أقول: إن كل المبطلين أغنياء عن تثبيت إنية من يدعون له، وبه يتمسكون، وعليه يعكفون، ويعطفون لوجود أعيانهم وثبات إنياتهم وهؤلاء (يعني أصحابنا) فقراء إلى ما قد غني عنه كل مبطل سلف من تثبيت إنية من يدعون له وجوب الطاعة، فقد افتقروا إلى ما قد غني عنه سائر المبطلين واختلفوا بخاصة ازدادوا بها بطلانا وانحطوا بها عن سائر المبطلين، لان الزيادة من الباطل تحط والزيادة من الخير تعلو، والحمد لله رب العالمين.

وأقول قولا تعلم فيه الزيادة على الانصاف منا وإن كان ذلك غير واجب علينا.

وأقول: إنه معلوم أنه ليس كل مدع ومدعى له بمحق، وإن كل سائل لمدع تصحيح دعواه بمنصف وهؤلاء القوم ادعوا أن لهم من قد صح عندهم أمره ووجب له على الناس الانقياد والتسليم وقد قدمنا أنه ليس كل مدع ومدعى له بواجب له التسليم، ونحن نسلم لهؤلاء القوم الدعوى ونقر على أنفسنا بالابطال – وإن كان ذلك في غاية المحال – بعد أن يوجدونا إنية المدعى له ولانسألهم تثبيت الدعوى، فان كان معلوما أن في هذا أكثر من الانصاف فقد وفينا بما قلنا(1)، فان قدروا عليه فقد أبطلوا، و إن عجزوا عنه فقد وضح ما قلناه من زيادة عجزهم عن تثبيت ما يدعون على عجز كل مبطل عن تثبيت دعواه. وأنهم مختصون من كل نوع من الباطل بخاصة يزدادون بها انحطاطا عن المبطلين أجمعين لقدرة كل مبطل سلف على تثبيت دعواه إنية من يدعون له وعجز هؤلاء عما قدر عليه كل مبطل إلا ما يرجعون إليه من قولهم ” إنه لابد ممن تجب به حجة الله عزوجل ” وأجل لابد من وجوده فضلا عن كونه، فأوجدونا الانية من دون إيجاد الدعوى.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) هو غير علي بن أبى غانم الذى عنونه منتجب الدين بل هو رجل آخر لم أعثر على عنوانه في كتب الرجال.

«صفحة 469»

ولقد خبرت عن أبي جعفر بن أبى غانم أنه قال لبعض من سأله فقال: بم تحاج الذين كنت تقول ويقولون: إنه لابد من شخص قائم من أهل هذا البيت؟ قال له: أقول لهم: هذا جعفر.

فيا عجبا أيخصم الناس بمن ليس هو بمخصوم(1).

وقد كان شيخ في هذه الناحية (رحمه الله) يقول: قد وسمت هؤلاء باللابدية أي أنه لامرجع لهم ولا معتمد إلا إلى أنه لابد من أن يكون هذا الذي (ليس) في الكاينات، فوسمهم من أجل ذلك، و نحن نسميهم بها أي أنهم دون كل من له بد يعكف عليه إذ كان أهل الاصنام التى أحدها البد قد عكفوا على موجود وإن كان باطلا، وهم قد تعلقوا بعدم ليس وباطل محض وهم اللابدية حقا، أي لابد لهم يعكفون عليه إذ كان كل مطاع معبود، وقد وضح ما قلنا من اختصاصهم من كل نوع الباطل بخاصة يزدادون بها انحطاطا و الحمد لله.

ثم قال: نختم الان هذا الكتاب بأن نقول: إنما نناظر ونخاطب من قد سبق منه الاجماع على أنه لابد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله ويسد به فقر الخلق وفاقتهم ومن لم يجتمع معنا على ذلك فقد خرج من النظر في كتابنا فضلا عن مطالبتنا به ونقول لكل من اجتمع معنا على هذا الاصل من الذي قدمنا في هذا الموضع: كنا وإياكم قد أجمعنا على أنه لايخلو أحد من بيوت هذه الدار من سراج زاهر، فدخلنا الدار فلم نجد فيها إلا بيتا واحدا فقد وجب وصح أن في ذلك البيت سراجا. والحمد لله رب العالمين). انتهى كلام ابن بشار.

رد ابن قبة:

فأجابه أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي بأن قال:

(إنا نقول: – وبالله التوفيق: – ليس الاسراف في الادعاء والتقول على الخصوم مما يثبت بهما حجة، ولو كان ذلك كذلك لارتفع الحجاج بين المختلفين واعتمد كل

ـــــــــــــــــــــــ

(1) لما كان جواب أبي جعفر ابن أبي غانم للمعترض: ” أقول انه جعفر “. تعجب منه ابن بشار لان جعفر ليس بقابل أن يخاصم فيه أو لم يكن موردا لها.

«صفحة 470»

واحد على إضافة مايخطر بباله من سوء القول إلى مخالفه وعلى ضد هذا بني الحجاج ووضع النظر والانصاف أولى ما يعامل به أهل الدين وليس قول أبي الحسن ليس لنا ملجأ نرجع إليه ولا قيما نعطف عليه ولا سندا نتمسك بقوله حجة لان دعواه هذا مجرد من البرهانوالدعوى إذا انفردت عن البرهان كانت غير مقبول عند ذوي العقول والالباب.

ولسنا نعجز عن أن نقول:

بلى، لنا – والحمد لله – من نرجع إليه ونقف عند أمره ومن كان ثبتت حجته وظهرت أدلته،

فان قلت: فأين ذلك؟ دلونا عليه.

قلنا: كيف تحبون أن ندلكم عليه؟ أتسألوننا أن نأمره أن يركب ويصير إليكم ويعرض نفسه عليكم؟ أو تسألونا أن نبني له دارا ونحوله إليها ونعلم بذلك أهل الشرق والغرب؟ فان رمتم ذلك فلسنا نقدر عليه ولا ذلك بواجب عليه.

فان قلتم: من أي وجه تلزمنا حجته وتجب علينا طاعته؟

قلنا: إنا نقر أنه لا بد من رجل من ولد أبي الحسن علي بن محمد العسكرى (عليهما السلام) تجب به حجة الله دللناكم على ذلك حتى نضطركم إليه إن أنصفتم من أنفسكم،

وأول ما يجب علينا وعليكم أن لا نتجاوز ما قد رضي به أهل النظر واستعملوه ورأوا أن من حاد عن ذلك فقد ترك سبيل العلماء، وهو أنا لا نتكلم في فرع لم يثبت أصله وهذا الرجل الذي تجحدون وجوده فانما يثبت له الحق بعد أبيه وأنتم قوم لا تخالفونا في وجود أبيه فلا معنى لترك النظر في حق أبيه والاشتغال بالنظر معكم في وجوده فانه إذا ثبت الحق لابيه، فهذا ثابت ضرورة عند ذلك باقراركم، وإن بطل أن يكون الحق لابيه فقد آل الامر إلى ما تقولون وقد أبطلنا، وهيهات لن يزداد الحق إلا قوة ولا الباطل إلا وهنا، وإن زخرفه المبطلون.

الدليل على صحة امر الإمام الحسن العسكري (عليه السلام):

والدليل على صحة أمر أبيه أنا وإياكم مجمعون على أنه لا بد من رجل من ولد أبي الحسن (علي الهادي ع) تثبت به حجة الله وينقطع به عذر الخلق وإن ذلك الرجل تلزم

 

«صفحة 471»

حجته من نأى عنه من أهل الاسلام كما تلزم من شاهده وعاينه ونحن وأكثر الخلق ممن قد لزمتنا الحجة من غير مشاهدة فننظر في الوجه الذي لزمتنا منه الحجة ما هي؟

ثم ننظر من أولى من الرجلين اللذين لا عَقِب لابي – الحسن غيرهما فأيهما كان أولى فهو الحجة والامام ولا حاجة بنا إلى التطويل،

ثم نظرنا من أي وجه تلزم الحجة من نأى عن الرسل والائمة (عليهم السلام) فاذا ذلك بالاخبار التي توجب الحجة وتزول عن ناقليها تهمة التواطؤ عليها والاجماع على تخرصها ووضعها.

ثم فحصنا عن الحال فوجدنا فريقين ناقلين:

يزعم أحدهما أن الماضي (عليه السلام) نص على الحسن (عليه السلام) وأشار إليه ويروون مع الوصية وما له من خاصة الكبر أدلة يذكرونها وعلما يثبتونه.

ووجدنا الفريق الاخر يروون مثل ذلك لجعفر لا يقول غيرهذا

(ثم) نظرنا:

فاذا الناقل لاخبار جعفر جماعة يسيرة والجماعة اليسيرة يجوز عليها التواطؤ والتلاقي والتراسل فوقع نقلهم موقع شبهة لا موقع حجة وحجج الله لا تثبت بالشبهات.

ونظرنا في نقل الفريق الاخر فوجدناهم جماعات متباعدي الديار والاقطار، مختلفي الهمم والاراء متغايرين، فالكذب لا يجوز عليهم لنأي بعضهم عن بعض ولا التواطؤ ولا التراسل والاجتماع على تخرص خبر ووضعه، فعلمنا أن النقل الصحيح هو نقلهم وأن المحق هؤلاء، ولانه إن بطل ما قد نقله هؤلاء على ما وصفنا من شأنهم لم يصح خبر في الارض وبطلت الاخبار كلها.

فتأمل – وفقك الله – في الفريقين فانك تجدهم كما وصفت، وفي بطلان الاخبار هدم الاسلام وفي تصحيحها تصحيح خبرنا، وفي ذلك دليل على صحة أمرنا، والحمد لله رب العالمين.

ثم رأيت الجعفرية (أي الذي يقولون بإمامة جعفر الكذاب) تختلف في إمامة جعفر

 

«صفحة 472»

من أي وجه تجب؟ فقال قوم: بعد أخيه محمد، وقال قوم: بعد أخيه الحسن، وقال قوم: بعد أبيه.

لا بد من رجل من ولد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام):

ورأيناهم لا يتجاوزون ذلك ورأينا أسلافهم وأسلافنا قدرووا قبل الحادث ما يدل على إمامة الحسن وهو ما روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ” إذا توالت ثلاثة أسماء: محمد وعلي والحسن فالرابع القائم ” وغير ذلك من الروايات وهذه وحدها توجب الامامة للحسن، وليس إلا الحسن وجعفر. فاذا لم تثبت لجعفر حجة على من شاهده في أيام الحسن والامام ثابت الحجة على من رآه ومن لم يره فهو الحسن اضطرارا، وإذا ثبت الحسن (عليه السلام) وجعفر عندكم مبرء تبرأ منه والامام لا يتبرأ من الامام والحسن قد مضى ولا بد عندنا وعندكم من رجل من ولد الحسن (عليه السلام) تثبت به حجة الله، فقد وجب بالاضطرار للحسن ولد قائم (عليه السلام).

وقل يا أبا جعفر – أسعدك الله – لابي الحسن أعزه الله (أي ابن بشار): يقول محمد بن عبد الرحمن قد أوجدناك إنية المدعى له فأين المهرب؟ هل تقر على نفسك بالابطال كما ضمنت أو يمنعك الهوى من ذلك فتكون كما قال الله تعالى: ” وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم “.

فأما ما وسم به أهل الحق من اللابدية لقولهم: ” لا بد ممن تجب به حجة الله “:

فيا عجبا فلا يقول أبو الحسن لا بد ممن تجب به حجة الله؟ وكيف لا يقول وقد قال عند حكايته عنا وتعييره إيانا: ” أجل لا بد من وجوده فضلا عن كونه ” فان كان يقول ذلك فهو وأصحابه من اللابدية وإنما وسم نفسه وعاب، وإن كان لا يقول ذلك فقد كفينا مؤونة تنظيره ومثله بالبيت والسراجوكذا يكون حال من عاند أولياء الله يعيب نفسه من حيث يرى أنه يعيب خصمه، والحمد لله المؤيد للحق بأدلته.

ونحن نسمي هؤلاء بالبُدِّية إذ كانوا عبدة البُدّ قد عكفوا على ما لا يسمع ولا يبصر ولايغني عنهم شيئا. وهكذا هؤلاء.

كلام ابن قبة في الغيبة:

ونقول: يا أبا الحسن – هداك الله – هذا حجة الله على الجن والانس ومن لا تثبت

 

«صفحة 473»

حجته على الخلق إلا بعد الدعاء والبيان محمد(صلى الله عليه وآله) وآله قد أخفى شخصه في الغار حتى لم يعلم بمكانه ممن احتج الله عليهم به إلا خمسة نفر(1).

فان قلت: إن تلك غيبة بعد ظهوره وبعد أن قام على فراشه من يقوم مقامه.

قلت لك: لسنا نحتج عليك في حال ظهوره ولا استخلافه لمن يقوم مقامه من هذا في قبيل ولا دبير(2) وإنما نقول لك: أليس تثبت حجته في نفسه في حال غيبته على من لم يعلم بمكانه لعلة من العلل فلا بد من أن تقول: نعم، قلنا: ونثبت حجة الامام وإن كان غائبا لعلة اخرى وإلا فما الفرق؟

ثم نقول: وهذا أيضا لم يغب حتى ملأ آباؤه (عليهم السلام) آذان شيعتهم بأن غيبته تكون، وعرَّفوهم كيف يعملون عند غيبته.

فان قلت في ولادته، فهذا موسى (عليه السلام) مع شدة طلب فرعون إياه وما فعل بالنساء والاولاد لمكانه حتى أذن الله في ظهوره، وقد قال الرضا (عليه السلام) في وصفه: ” بأبى و امي شبيهي وسمي جدي وشبيه موسى بن عمران.

وحجة اخرى نقول لك: يا أبا الحسن أتقر أن الشيعة قدروت في الغيبة أخبارا؟ فان قال: لا، أوجدناه الاخبار، وإن قال: نعم، قلنا له فكيف تكون حالة الناس إذا غاب إمامهم فكيف تلزمهم الحجة في وقت غيبته، فان قال: يقيم من يقوم مقامه، فليس

ـــــــــــــــــــــــ

(1) المراد بالخمسة: على بن أبي طالب، وأبوبكر، وعبد الله بن اريقط الليثى، واسماء بنت أبي بكر، وعامر بن فهيرة. والقصة كما في اعلام الورى هكذا: بقى رسول (صلى الله عليه وآله) في الغار ثلاثة أيام، ثم اذن الله له في الهجرة وقال: يا محمد اخرج عن مكة فليس لك بها ناصر بعد أبى طالب. فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقبل راع لبعض قريش يقال له ابن اريقط فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: يا ابن اريقط أئتمنك على دمى؟ قال إذاً احرسك وأحفظك ولا أدل عليك، فأين تريد يا محمد؟ قال: يثرب، قالوالله لاسلكن بك مسلكا لايهتدى اليه أحد، قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ائت عليا وبشره بان الله قد أذن لى في الهجرة فيهيء لي زادا وراحلة. وقال أبوبكر: ائت اسماء بنتي وقل لها: تهيء لي زادا وراحلتين، وأعلم عامر بن فهيرة أمرنا – وكان من موالى أبى بكر وقد كان أسلم – قل له: ائتنا بالزاد والراحلتين، فجاء ابن اريقط إلى على وأخبره بذلك فبعث على بن أبي طالب (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بزاد و راحلة، وبعث ابن فهيرة بزاد وراحلتين. وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الغار وأخذ به ابن اريقط على طريق نخلة بين الجبال فلم يرجعوا إلى الطريق الا بقديد.

(2) القبيل ما اقبلت به إلى صدرك. والدبير ما أدبرت به عن صدرك، ويقال: فلان ما يعرف قبيلا ولا دبيرا. والمراد ما أقبلت به المرأة من غزلها وما أدبرت. وهذا الكلام تعريض لابن بشار يعنى أنه لا يدرى ما يقول ولسنا نحتج عليه في هذا الامر.

«صفحة 474»

يقوم عندنا وعندكم مقام الامام إلا الامام، وإذا كان إماما قائما فلاغيبة وإن احتج بشيء آخر في تلك الغيبة فهو بعينه حجتنا في وقتنا لا فرق فيه ولافصل.

كلام ابن قبة في فساد امر جعفر:

ومن الدليل على فساد أمر جعفر: موالاته وتزكيته فارس بن حاتم – لعنه الله -(1) وقد برىء منه أبوه، وشاع ذلك في الامصار حتى وقف عليه الاعداء فضلا عن الاولياء.

ومن الدليل على فساد أمره استعانته بمن استعان في طلب الميراث من أم الحسن (عليه السلام) وقد أجمعت الشيعة أن آباءه (عليهم السلام) أجمعوا أن الاخ لا يرث مع الام.

ومن الدليل على فساد أمره قوله: إنى إمام بعد أخي محمد، فليت شعري متى تثبت إمامة أخيه وقد مات قبل أبيه حتى تثبت إمامة خليفته، ويا عجبا إذا كان محمد يستخلف ويقيم إماما بعده وأبوه حي قائم وهو الحجة والامام فما يصنع أبوه، و متى جرت هذه السنة في الائمة وأولادهم حتى نقبلها منكم، فدلونا على ما يوجب إمامة محمد حتى إذا ثبتت قبلنا إمامة خليفته. والحمد لله الذي جعل الحق مؤيدا والباطل مهتوكا ضعيفا زاهقا.

فأما ما حكى عن ابن أبى غانم (رحمه الله) فلم يرد الرجل بقوله عندنا يثبت إمامة جعفر، وإنما أراد أن يعلم السائل أن أهل هذه البيت لم يفنوا حتى لا يوجد منهم أحدا.

رد على كلماته الأخرى:

قوله: ” وكل مطاع معبود ” فهو خطأ عظيم لانا لا نعرف معبوداً إلا الله ونحن نطيع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا نعبده.

رد ابن قبة على خاتمة كتاب ابن بشار:

وأما قوله: نختم الان هذا الكتاب بأن نقول: إنما نناظر ونخاطب من قد سبق منه الاجماع بأنه لا بد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله – إلى قوله – وصح أن في ذلك البيت سراجا، ولا حاجة بنا إلى دخوله.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) هو فارس بن حاتم بن ماهويه القزوينى نزيل العسكر من اصحاب الرضا (عليه السلام) غال ملعون أهدر أبوالحسن العسكري (عليه السلام) دمه وضمن لمن يقتله الجنة فقتله جنيد. راجع منهج المقال ص 257.

«صفحة 475»

فنحن – وفقك الله – لا نخالفه وأنه لا بد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله وإنما نخالفه في كيفية قيامه وظهوره وغيبته.

وأما ما مثَّل به من البيت والسراج فهو مُنى، وقد قيل: إن المنى رأس أموال المفاليس.

ولكنا نضرب مثلا على الحقيقة لا نميل فيه على خصم ولا نحيف فيه على ضد، بل نقصد فيه الصواب.

فنقول: كنا ومن خالفنا قد أجمعنا على أن فلانا مضى 8وله ولدان وله دار وأن الدار يستحقها منهما من قدر على أن يحمل باحدى يديه ألف رطل وأن الدار لا تزال في يدي عقب الحامل(1) إلى يوم القيامة، ونعلم أن أحدهم8ا يحمل والاخر يعجز،

ثم احتجنا أن نعلم من الحامل منهما فقصدنا مكانهما لمعرفة ذلك فعاق عنهما عائق منع عن مشاهدتهما،

غير أنا رأينا جماعات كثيرة في بلدان نائية متباعدة بعضها عن بعض يشهدون أنهم رأوا أن الاكبر منهما قد حمل ذلك،

ووجدنا جماعة يسيرة في موضع واحد يشهدون أن الاصغر منهما فعل ذلك، ولم نجد لهذه الجماعة خاصة يأتوا بها،

فلم يجز في حكم النظر وحفيظة الانصاف وما جرت به العادة وصحت به التجربة رد شهادة تلك الجماعات وقبول شهادة هذه الجماعة و التهمة تلحق هؤلاء وتبعد عن أولئك.

فان قال خصومنا: فما تقولون في شهادة سلمان وأبى ذر وعمار والمقداد لامير المؤمنين (عليه السلام)، وشهادة تلك الجماعات وأولئك الخلق لغيره أيهما كان أصوب؟

قلنا لهم: لامير المؤمنين (عليه السلام) وأصحابه امور خص بها وخصوا بها دون من بازائهم، فان أوجدتمونا مثل ذلك أو ما يقاربه لكم فأنتم المحقون: أو لها أن أعداءه كانوا يقرون بفضله وطهارته وعلمه، وقد روينا ورووا له معنا أنه (صلى الله عليه وآله) خبر ” أن الله

ـــــــــــــــــــــــ

(1) يعنى اولاده وأحفاده.

«صفحة 476»

يوالي من يواليه ويعادي من يعاديه ” فوجب لهذا أن يتبع دون غيره، والثاني أن أعداءه لم يقولوا له: نحن نشهد أن النبي (صلى الله عليه وآله) أشار إلى فلان بالامامة ونصبه حجة للخلق وإنما نصبوه لهم على جهة الاختيار كما قد بلغك، والثالث أن أعداءه كانوا يشهدون على أحد أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه لا يكذب لقوله (صلى الله عليه وآله): ” ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ” فكانت شهادته وحده أفضل من شهادتهم، والرابع أن أعداءه قد نقلوا ما نقله أولياؤه مما تجب به الحجة وذهبوا عنه بفساد التأويل، والخامس أن أعداءه رووا في الحسن والحسين أنهما سيدا شباب أهل الجنة، ورووا أيضا أنه (صلى الله عليه وآله) قال: ” من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ” فلما شهدا لأبيهما بذلك وصح أنهما من أهل الجنة بشهادة الرسول وجب تصديقهما لانهما لو كذبا في هذا لم يكونا من أهل الجنة وكانا من أهل النار وحاشا لهما الزكيين الطيبين الصادقين، فليوجدنا أصحاب جعفر خاصة هي لهم دون خصومهم حتى يقبل ذلك، وإلا فلا معنى لترك خبر متواتر لا تهمة في نقله ولا على ناقليه وقبول خبر لا يؤمن على ناقليه تهمة التواطؤ عليه، ولا خاصة معهم يثبتون بها ولن يفعل ذلك إلا تائه حيران) انتهى كلام ابن قبة في رده على ابن بشار.

دعاؤه للخصم بالهداية:

فتأمل – أسعدك الله – في النظر فيما كتبت به إليك مما ينظر به الناظر لدينه، المفكر في معاده المتأمل بعين الخيفة والحذار إلى عواقب الكفر والجحود موفقا إن شاء الله تعالى أطال الله بقاءك وأعزك وأيدك وثبتك و جعلك من أهل الحق وهداك له وأعاذك من أن تكون من الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. ومن الذين يستزلهم الشيطان بخدعه و غروره وإملائه وتسويله وأجرى لك أجمل ما عودك.

استدلال آخر:

قال الشيخ الصدوق: وقال غيره (أي غير ابن قبة) من مشايخ الإمامية:

إن عامة مخالفينا قد سألونا في هذا الباب عن مسائل ويجب عليهم أن يعلموا أن

 

«صفحة 477»

القول بغيبة صاحب الزمان (عليه السلام) مبني على القول بإمامة آبائه (عليهم السلام)، والقول بأمامة آبائه (عليهم السلام) مبني على القول بتصديق محمد (صلى الله عليه وآله) وإمامته، وذلك أن هذا باب شرعي وليس بعقلي محض والكلام في الشرعيات مبني على الكتاب والسنة كما قال الله عزوجل: ” فإن تنازعتم في شيء (يعني في الشرعيات) فردوه إلى الله وإلى الرسول ” فمتى شهد لنا الكتاب والسنة وحجة العقل فقولنا هو المجتبى.

ونقول: إن جميع طبقات الزيدية و الامامية قد اتفقوا على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ” إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وهما الخليفتان من بعدي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ” وتلقوا هذا الحديث بالقبول.

فوجب: أن الكتاب لا يزال معه من العترة من يعرف التنزيل والتأويل علما يقينيا يخبر عن مراد الله عزوجل كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخبر عن المراد ولا يكون معرفته بتأويل الكتاب استنباطا ولا استخراجا كما لم تكن معرفة الرسول (صلى الله عليه وآله) بذلك استخراجا ولا استنباطا ولا استدلالا ولا على ما تجوز عليه اللغة وتجري عليه المخاطبة، بل يخبر عن مراد الله ويبين عن الله بيانا تقوم بقوله الحجة على الناس كذلك يجب أن يكون معرفة عترة الرسول (صلى الله عليه وآله) بالكتاب على يقين ومعرفة وبصيرة.

قال الله عزوجل في صفة رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ” فأتباعه من أهله وذريته وعترته هم الذين يخبرون عن الله عزوجل مراده من كتابه على يقين ومعرفة وبصيرة، ومتى لم يكن المخبر عن الله عزوجل مراده ظاهرا مكشوفا فانه يجب علينا أن نعتقد أن الكتاب لا يخلو من مقرون به من عترة الرسول (صلى الله عليه وآله) يعرف التأويل والتنزيل إذ الحديث يوجب ذلك(1).

كلمتنا حول منهج اثبات وجود الامام المهدي (عليه السلام):

أقول: إن الايمان بوجود ولد للحسن العسكري هو المهدي الذي بشر به النبي (صلى الله عليه وآله) وأنه غاب غيبة صغرى باشر فيها توجيه شيعته من خلال النواب الأربعة دامت سبعبن

ـــــــــــــــــــــــ

(1) كمال الدين وتمام النعمة ص 63.

«صفحة 478»

سنة تقريبا ثم غيبة كبرى استمرت الى اليوم وفيها أرجع شيعته الى الفقهاء العدول رواة حديث آبائه (عليهم السلام) يتوقف على التصديق بقضيتين:

القضية الاولى:

أصل معتقد الإمامة الإلهية عند الشيعة ويتمثل بالوصية والعصمة وأن المهدي الذي بشَّر به النبي هو من أهل البيت ومن ولد فاطمة (عليها السلام) وأن الأئمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) اثنا عشر يُعرَفون بالنص والوصية من النبي ثم نص السابق على اللاحق، وأن الإمامة بعد الحسن هي للحسين ثم في تسعة من ذريته وانها لا تعود بعد الحسن والحسين في أخوين بل هي في ولد الامام السابق بوصية وتعريف منه.

القضية الثانية:

الإيمان بأن الشيعة الإثني عشرية هم الذين حملواعن الأئمة الأحد عشر فقههم وأحاديثهم وتاريخهم الخاص ومن ثم قبول تشخيص علماء الشيعة الاثني عشرية لحواريي أئمتهم وحملة علومهم وثقاة الرواة عنهم.

وسر الإحتياج للقضية الأولى هو: أن الإيمان بكون محمد بن الحسن العسكري الغائب هو الإمام الثاني عشر بنص من ابيه انما هو فرع لها وليس قضية مستقلة عنها أو في عرضها.

وسر الإحتياج للقضية الثانية هو: أن الشيعة رووا عن الأئمة كثيرا من الأمور التي انفردوا بها عن غيرهم ومنها ما رووه عنهم (عليهم السلام): بأن الثاني عشر منهم سيغيب غيبة كبرى وتطول أيامه ومنها ما أخبر به الحسن العسكري خواصه وحوارييه بوجود ولد له هو الأمام من بعده وهو المهدي الموعود وغير ذلك، ثم إن الشيعة اجتمعت كلمة جمهورهم وغالبيتهم في عصر الغيبة الصغرى على الإيمان بمحمد بن الحسن العسكري وبغيبته وانتظار ظهوره والوقوف عند امامته.

وفي ضوء هاتين القضيتين يصبح البحث حول وجود ولد للحسن العسكري وكونه الامام الثاني عشر وهو الغائب المنتظر موضوعيا ومنتجا، أما إذا ألغينا التصديق بالقضيتين الآنفتي الذكر فإن الطريق لإثبات الغائب المنتظر محمد بن الحسن العسكري سيكون مسدودا تماماً وذلك لان الحسن العسكري (عليه السلام) اخفى ولادة ابنه محمداً الاّ عن

 

«صفحة 479»

خاصة اصحابه.

والذي صنعه الأستاذ الكاتب اللاري في كتابه هو ردُّه لكلا القضيتين:

أما القضية الأولى: (وهي أصل المعتقد الشيعي بالوصية والعصمة والإثني عشرية) فانتهى فيها بزعمه الى:

– أن الوصية التي يقول بها الشيعة فكرة ادخلها الى التشيع عبد الله بن سبأ في النصف الأول من القرن الأول الهجري.

– وأن العصمة فكرة مستحدثة في الفكر الشيعي ظهرت في القرن الثاني الهجري تأثرا بالفكر الاموي.

– وانتهى بزعمه أيضا الى ضعف الأحاديث التي تحدد الأئمة بعد النبي بإثني عشر، فضلا عن تضعيف روايات النص على الإمام اللاحق من الإمام السابق.

وأما القضية الثانية: (وهي وثاقة الشيعة فيما يروون عن أئمتهم) فانتهى فيها الى:

– اتهام الشيعة الأوائل القائلين بالوصية المشابهة لوصية موسى لهارون أو وصية موسى ليوشع بانهم تلقوا الفكرة من عبد الله بن سبأ اليهودي الذي أسلم على عهد عثمان.

– واتهام متكلمي الشيعة الأوائل أمثال أبي بصير ليث بن البختري المرادي الكوفي(1) وحمران بن أعين الشيباني الكوفي(2) و هشام بن الحكم(3) وعلي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار(4) ومحمد بن الخليل السكاك صاحب هشام ومؤمن الطاق وهشام بن سالم وغيرهم بأنهم أدخلوا فكرة العصمة والنص إلى التشيع.

– ثم اتهم مراجعهم الاوائل النواب الاربعة في عصر الغيبة الصغرى بانتحال ولد للحسن العسكري كذبا والقول بغيبته وانتظاره.

– ثم اتهم الذين جاءوا بعدهم أمثال ابن شاذان والشيخ الكليني والشيخ الصدوق

ـــــــــــــــــــــــ

(1) من خواص الامام الباقر والصادق (عليهما السلام) .

(2) من خواص الامام الباقر والامام الصادق (عليهما السلام) .

(3) تلميذ الامام الصادق وأحد خواص الامام الكاظم.

(4) قال النجاشي: كوفي سكن البصرة من أصحاب الكاظم والرضا من وجوه المتكلمين من أصحابنا كلم أبا الهذيل والنظام.

«صفحة 480»

وابو سهل النوبختي وابن قبة و الشيخ المفيد والشريف المرتضى والطوسي وغيرهم من أعلام الشيعة الاثني عشرية الى اليوم كرَّسوا النهج التحريفي للتشيع المتمثل بالوصية والعصمة والقول بوجود ولد للحسن العسكري وحصر الأئمة بإثني عشر والقول بالغيبة.

أقول:

والمنهج العلمي يقتضي البحث في القضية الاولى و الإستدلال على مفرداتها الأساسية (الوصية و النص والعصمة والإثني عشرية)، فإذا تم الدليل عليها من الكتاب والسنة يرتفع الإتهام عن قدماء الشيعة بكونهم استوردوا فكرة الوصية من عبد الله بن سبأ او أدخلوا فكرة العصمة وغيرها، وتعود لروايتهم عن أخبار أئمتهم وخصوصيات تاريخهم الحجية والإعتبار كما هو الحال في إعتبار رواية قدماء مذهب المالكي أو الحنبلي والشافعي أو الحنفي عن خصوصيات ائمتهم وأخبارهم(1).

ومن الجدير ذكره ان اتهام الشيخ الكاتب اللاري لقدماء الشيعة شبيه باتهام عامر الشعبي وخلفائه لخواص أصحاب علي (عليه السلام) وصفوتهم كالأصبغ بن نباتة(2) والحارث الأعور الهمداني(3) ورشيد الهجري وحبة العرني ونظراءهم حين قالوا عنهم انهم ليسوا يساوون شيئا فيما ينفردون به من رواية ومن ثم اهملوا جل تراثهم الذي رووه عن علي (عليه السلام) ودونوه في صحف.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) وقد مر علينا في البحوث السابقة ان جمهور شيعة الحسن العسكري قد اثبتوا له الولد والوصية لهذا الولد من ابيه بالامامة وكونه المهدي الموعود.

(2) قال ابن سعد: روى عن علي وكان من أصحابه وكان صاحب شرط علي. وقا ل نصر بن مزاحم: كان الأصبغ بن نباتة شيخا عابدا وكان من ذخائر علي ممن بايعه على الموت وكان علي يضن به عن الحرب والقتال (وقعة صفين /503) . قال البزار أكثر أحاديثه عن علي لا يروي عن غيره. قال بن عدي: والأصبغ بن نباتة لم أخرِّج له ها هنا شيئا لان عامة ما يروي عن علي لا يتابعه عليه أحد.

(3) فال ابن عبد البر: وأظن الشعبي عوقب لقوله في الحارث الهمداني (حدثني الحارث وكان أحد الكذابين) ولم يبن من الحارث كذب وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي وتفضيله على غيره ومن هاهنا والله أعلم كذبه الشعبي لان الشعبي يذهب الى تفضيل ابي بكر والى انه اول من اسلم (جامع بيان العلم ص 445.

«صفحة 481»

الحلقة الرابعة

الفصل الخامس ـ الضرورة التي تفرض الإيمان بأنَّ المهدي الموعود هو ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)

 

«صفحة 482»

 

«صفحة 483»

سؤاله

ماهي المشكلة في الإيمان بولادة الامام المهدي في المستقبل وعندما يأذن الله؟ لماذا الإصرار على ولادته في الماضي السحيق وبقائه على قيد الحياة بصورة غير طبيعية؟ (1).

جوابنا

إن الأمر الذي يفرض الإيمان بولادة المهدي الموعود في الماضي السحيق وكونه الثاني عشر من الأئمة والتاسع من ذرية الحسين هو صحة اطروحة التشيع الإمامي الإثني عشري وصحة إمامة آباء المهدي (عليه السلام) فلو لم تصح إمامة آبائه (عليهم السلام) لم تصح إمامته، ثم الدليل القاطع تاريخيا على ولادته ونص ابيه عليه وممارسته وظيفته كإمام بعد وفاة ابيه كما مرت الإشارة الى ذلك من خلال البحوث السايقة.

أما الأمر الذي يفرض الإيمان ببقاء المهدي على قيد الحياة بصورة غير طبييعة فهو النقل المتواتر للشيعة عن الأئمة (عليهم السلام) بان الثاني عشر منهم له غيبة طويلة، مضافا الى سبق تجارب مماثلة في الأمم السابقة قص القرآن علينا خبرها كقصة غيبة عيسى وقصة طول عمر نوح وقد شاء الله تعالى ان يتكرر ما جرى في الأمم السابقة في امة النبي الخاتم ان يكون عمره كعمر نوح وغيبة كغيبة عيسى(2).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) كان هذا السؤال ضمن اسئلته التي عرضها في موقع اسلام 21 على الإنترنيت.

(2) نبه القرآن على ظواهر خاصة مضت في الأمم السابقة انها سيجري نظيرها في الآخرين، ونموذج ذلك ما جاء في سورة الصافات حيث ذكر الله تعالى اربعة انبياء بظواهر متميزة في سيرتهم وهم 1. نوح وأبطاء نزول العذاب الذي أنذر به وطول عمره، 2. رجعة ارميا. 3. قصة ابراهيم واسماعيل 3. قصة موسى وهارون. ثم ذكر عنهم القرآن انه ابقى ذكرهم في أمة محمد (صلى الله عليه وآله) كما في قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ (77) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (78) سَلاَمٌ عَلَى نُوح فِي الْعَالَمِينَ (79)) الصافات/77-79. وقوله تعالى: (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114) . . . وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الآخِرِينَ (119) سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120)) الصافات/114-120. وقال تعالى (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْح عَظِيم (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (108) سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109)) الصافات/107-109. (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (123) . . . وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (129)) الصافات/123-129. و (الآخِرين) مصطلح قرآني اراد به القرآن الأمم المحجوجة بالقرآن، وقوله تركنا عليه أي ابقينا ذكره وإذا كان المراد هو الذكر العام فإن غير هؤلاء الأنبياء قد ذكر ايضا إذن مراده الذكر الخاص وهو ان يكون لذكرهم خصوصية في هذه الأمة لإثبات أمر مشابه يحصل يستنكره البعض أو يستغربه، فتجيء التجربة النبوية السابقة لترفع الغرابة او لتثبت الأمر الذي يستنكر، من قبيل الاستغراب من العمر الطويل للمهدي وبطء نزول العذاب الذي أنذر به النبي (صلى الله عليه وآله) فتأتي قصة نوح شاهدا، أو من قبيل حصر الإمامة بعد النبي في إثني عشر من أهل بيته فتأتي قصة ابراهيم واسماعيل ورفع القواعد من البيت وابتلائه بذبح ولده وابتلاء الولد بطاعة ابيه ثم مكافأة الولد بان جعل الله في ذريته النبي محمد وإثني عشر إماما وتكون القصة خير شاهد على صحة أمر الإثني عشرية، أو من قبيل منزلة علي من النبي وجعل الإمامة فيه وفي ذريته فتجيء قصة منزلة هارون من موسى وجعل الإمامة في هارون وذريته. أو من قبيل الاعتقاد برجعة علي (عليه السلام) في آخر الزمان فتجيء قصة رجعة ارميا حيث اماته الله مأة عام ثم بعثه وهو ايليا المذكور هنا وقد فصلنا ذلك في كتابنا (امامة أهل البيت في القرآن الكريم) نرجو ان نوفق لانجازه ونشره.

«صفحة 484»

وإضافة الى هذا النقل المتواتر عن المعصومين الذي يفرض علينا الإيمان بولادة المهدي فهناك أمر مهم متفق على وقوعه في آخر الزمان ينبه على صحة الإطروحة الشيعية للمهدي الموعود وكفاءتها في تحقيق الأهداف المرجوة وعدم كفاءة الأطروحة السنية للمهدي الموعود في تحقيق ذلكويتمثل هذا الأمر بظهور عيسى في آخر الزمان وفيما يلي عرض موجز لهذه القضية:

إن التصور القرآني عن عيسى يفيد ان الله تعالى بعثه مبشرا بالنبي الموعود ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُول يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ الصف/6، ويؤكد التصور القرآني ان التبشير بالنبي محمد (صلى الله عليه وآله) لم يبدأ بعيسى بل مارسه الأنبياء جميعا.

ومما لا شك فيه هو ان احد ابرز الأهداف من المجيء الثاني لعيسى هو إقامة الشهادة للنبي المكي ودعوة المسيحيين والنصارى للإسلام. وسواء افترضنا ان عيسى سوف يظهر قبل المهدي للتمهيد لظهوره أو يظهر بعد ظهوره مؤيدا للمهدي في مواجهته للمسيحيين واليهود لاتمام الحجة عليهم قبل وقوع العذاب الإلهي الشامل الموعود على

 

«صفحة 485»

المكذبين منهم فإن ظهور عيسى سوف يكون بحاجة الى استيعاب علمي وقيادي من قبل المهدي الموعود باعتباره يقوم شاهدا له وللرسالة التي يرفع شعارها وكتابها وتابعا له.

والمهدي على التصور السني لن يكون قادرا على استيعاب المسيح بل هو غير قادر على استيعاب طوائف المسلمين.

لن يكون قادرا على استيعاب المسيح لان المسيح نبي ورسول معصوم ومؤيد الهيا بالمعجزات ومثله لا يمكن ان يستوعبه انسان غير مؤيد بالمعجزات والعصمة والعلم التام.

ولن يكون قادرا على استيعاب الأمة المسلمة بلا تأييد الهي بالمعجزة والعصمة والعلم التام لوجود مشكلات اساسية:

منها: مشكلة إثبات كونه المهدي الموعود، فهو من دون التأييد الالهي الخاص لن يكون قادرا على كسب القناعة الموضوعية التامة من الآخرين.

ومنها: مشكلة إقناع علماء زمانه بالخضوع لآرائه في الجرح والتعديل وتخريج الحديث والإستنباط منه فهو على أكثر تقدير مجتهد كباقي المجتهدين يجوز للعوام ان يرجعوا اليه ويخضعوا لأفكاره اما المجتهدون الآخرون فلا يوجد أي مبرر للخضوع لفهمه اما تخريجه للحديث وأراؤه في الجرح والتعديل فستكون المشكلة فيها أعظم لو تجاوز فيها ائمة الجرح والحديث التاريخيين كالبخاري وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم.

ومنها: مشكلة النظام السياسي الذي يسمح له ان يشكل تجمعه الحركي إذ الأنبياء مع التأييد الإلهي لم يسلموا من الإستضعاف فكيف بالمهدي غير المؤيد.

ومنها: مشكلة الشيعة الذين لن يؤمنوا بمثل مهدي غير معصوم وغير منصوص عليه ولم يكن ابنا للحسن العسكري (عليه السلام) وليس هو الا مهديهم.

وقد يقول قائل: بأننا نفترض ان المهدي بالتصور السني مؤيد بالمعجزة والعلم التام والعصمة.

قلنا: ان هذا الإفتراض سيجعل من المهدي على الأطروحة السنية نبيا لاننا

 

«صفحة 486»

افترضنا ان علمه علم تام لم يستمد من معلم بشري، وليس من شك ان هذا الفرض سوف يكون خلاف القرآن الذي نص على ان محمدا خاتم النبيين.

وهذا بخلاف المهدي على التصور الشيعي فهو ليس نبيا بل هو عالم مطهر معصوم وارث لتراث جده عن طريق آبائه ملهم بذلك العلم الموروث معرَّف بالنص عليه من قبل ابيه المعرَّف من قبل آبائه المعصومين حتى ينتهي الأمر الى النبي (صلى الله عليه وآله) الذي عرَّف بهم جميعا وبعلي في الغدير خاصة وقد وجدت مثل هذه الحالة /أي حالة عالم مطهر وارث للعلم ملهم به وليس بني/ في الأمم السابقة وقص القرآن علينا خبرها(1).

إذن لابد من مهدي مؤيد بالعلم والعصمة والمعجزة وليس بنبي وليس هو إلا المهدي على الطرح الشيعي الذي يستوعب ما عجز عنه المهدي على الطرح السني.

يستوعب المهدي على التصور الشيعي ظاهرة المسيح لان هذا المهدي كان قد بشر به عيسى كما بشر بجده النبي(صلى الله عليه وآله) و ابيه علي (عليه السلام) (2)، وهو معصوم وارث لتراث النبوة الخاتمة الذي كتبه علي(عليه السلام) بيده وأملاه النبي(صلى الله عليه وآله) عليه ووارث ايضاً لتراث النبوات الإسرائيلية الذي اجتمع عند عيسى ومنه انتقل عبر آخر اوصيائه الى آباء النبي ثم الى ابي طالب ثم الى النبي ثم الى علي والأئمة من ذريته(3). مضافا الى ذلك هو ملهَم بهذا العلم كما أُلهِم آباؤه من قبل، مضافا الى ذلك هو مؤيد بالخوارق التكوينية كما كان وصي سليمان آصف مؤيد بها(4) ولم يكن نبيا بل كان وصيا وارثا للعلم

ـــــــــــــــــــــــ

(1) من قبيل قصة طالوت فهو عالم اصطفاه الله تعالى وجعله وارثا لتراث آل هارون العلمي بالوصية من النبي السابق ثم كان علمه بالتراث علما الهاميا وليس مجرد قراءة من الكتب التي بين يديه قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِىّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ الله وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَالله عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ الله قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ قَالَ إِنَّ الله اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَالله يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (248)) البقرة/246-248.

(2) بحثنا ذلك في كتابنا امامة اهل البيت في الكتب المقدسة نرجو ان نوفق لاكماله ونشره.

(3) انظر كتابنا السيرة النبوية مطبوع /66.

(4) هو المذكور في قوله تعالى: (قَالَ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنْ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِىٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِىٌّ كَرِيمٌ (40)) النمل/38-40، قال القرطبي في تفسيره ج 13 ص 204: (قال الذى عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) أكثر المفسرين على أن الذي عنده علم من الكتاب آصف بن برخيا وهو من بنى إسرائيل، وكان صدّيقا يحفظ اسم الله الاعظم الذى إذا سئل به أعطى، وإذا دعى به أجاب. . . وقال السهيلى: الذى عنده علم من الكتاب هو آصف ابن برخيا ابن خالة سليمان، قال القرطبي وقيل: هو سليمان نفسه، ولا يصح في سياق الكلام مثل هذا التأويل) .

«صفحة 487»

وكذلك المهدي بن الحسن العسكري(عليه السلام).

وإذا كان المهدي على التصور الشيعي قادرا على استيعاب ظاهرة عيسى (عليه السلام) وهو نبي ورسول وصار من جنوده وانصاره ومؤيديه فهو على استيعاب طوائف امة جده اقدر.

ان المهدي على التصور الشيعي يظهر على جيش مُعَدّ وهم الشيعة وفيهم العلماء والفقهاء والمفكرون والسياسيون والعسكريون ومختلف المواقع الإحتماعية بل لهم دولة قائمة قبل ظهوره بَنَت وجودها السياسي الفكري على الإعتقاد به.

ان علماء الشيعة ومراجعهم معلنون سلفاً منذ ان تبوءوا مواقعهم كموجهين للشيعة في عصر الغيبة انهم بإزاء المهدي بن الحسن العسكري متبعون لقوله ومؤتمرون لأمره كما هو شأنهم مع آبائه من قبل، نعم هم بحاجة الى ان يثبت لهم ان الشخص الذي يخاطبهم هو محمد بن الحسن العسكري(عليه السلام) الذي ولد سنة 255 هجرية وحين يثبت لهم ذلك فهم أطوع له من الأمة لسيدها.

وهكذا المسلمون السنة فإنهم حين يواجهون انسانا مسلما مؤيدا بالخوارق عالما بالقرآن والسنة علما لا يدع لأحد معه مقالا، عالما بآراء المذاهب الإسلامية القائمة والبائدة وتخريجات الحديث وأدلتها ونقاط ضعفها وهو فوق ذلك بيده صحيفة ابيه علي(عليه السلام) التي كتبها بيده عن النبي(صلى الله عليه وآله) مباشرة وهي خاضعة للفحص العلمي الأركيولوجي، ليس من شك فإن مثل هذا الأنسان سيكون قادرا على استيعاب كل طوائف الأمة.

قد يقول قائل لماذا لم يجعل الله تعالى عدد الأئمة على الطرح الشيعي مفتوحاً

 

«صفحة 488»

وغير مقيد باثني عشر ليكون آخرهم حيا بالحياة الطبيعية عند ظهور عيسى (عليه السلام)؟

والجواب هو ان حصر عدد الأئمة المعصومين بعد النبي بإثني عشر او إبقاءه مفتوحا حتى تنقضي الدنيا امر مرتبط بتقدير الله تعالى وقد قدَّر ان يكون عدد الأئمة اثني عشر ومن ثم يطيل عمر الثاني عشر ليحقق به وعده الدي وعده لانبيائه.

وخلاصة الكلام:

ان التصور القرآني الذي يفيد بظهور عيسى في آخر الزمان مؤيدا للمهدي أو ممهدا لظهوره يقتضي ان تكون إمامة المهدي مستوعبة لعيسى النبي الرسول المعصوم المؤيد الهيا ولن تستوعبه هذه الامامة إذا لم تكن معصومة، الا إذا افترضنا ان يكون صاحبها نبيا أو قبلنا بالتصور الشيعي للمهدي وان الله تعالى أطال عمره لاستيعاب ظاهرة عيسى وتحقيق امور أخر من قبيل امتحان المؤمنين وتمحيصهم وغير ذلك.

و ليس من شك ان فرضية نبوة المهدي الموعود باطلة بالضرورة، فلم يبق لنا الا المهدي على التصور الشيعي الذي يحفظ لنا اطروحة النبوة الخاتمة ويفترض قدرا أدنى من خرق القانون وهو ان يطيل الله تعالى عمر انسان كما أطال عمر نوح(عليه السلام) وكما أطال عمر عيسى(عليه السلام).

 

«صفحة 489»

الحلقة الرابعة

الفصل السادس ـ الجواب على اسئلة أحمد الكاتب حول الإمام المهدي (عليه السلام)

 

«صفحة 490»

 

«صفحة 491»

اثار الأستاذ الكاتب على الإنترنيت في موقع اسلام 21 مجموعة من الأسئة حول الإمام المهدي (عليه السلام) نوردها فيما يلي مع إجابتنا عليها.

سؤال1:

هل يعتبر الايمان بولادة المهدي قبل الف ومائة وسبعين عاما، واستمرار حياته الى اليوم والى ان يظهر في المستقبل بعد آلاف السنين، ضرورة من ضرورات الإيمان بالله تعالى ورسله وكتبه؟ ولماذا لم يشر اليها القرآن الكريم بصراحة ويطالب الناس بالاعتقاد بها؟ وما هو حكم من لا يؤمن بذلك من فرق الشيعة كالزيدية والإسماعيلية فضلا عن سائر فرق المسلمين؟ هل يجوز ان نحكم عليهم بالكفر ونمنعهم من الصلاة في المساجد؟

جوابه:

إن الإيمان بان المهدي الموعود هو ابن الحسن العسكري وقد ولد سنة 255 هجرية ضرورة من ضرورات التشيع الإثني عشري تفرضها الأحاديث النبوية الصحيحة نظريا اما تاريخيا فيفرضها نقل جمهور الشيعة جيلا بعد جيل حتى جمهور أصحاب الحسن العسكري الذين نقلوا امر ولادته عن ابيه ونصه على إمامته من بعده وأنه المهدي الموعود وقد شاهده عدة منهم وهذا الجمهور عاش مؤمنا بذلك فترة الغيبة الصغرى مع تعامل حسي مع هذا الإيمان من خلال النواب الأربعة الذين كانت تظهر على ايديهم إخبارات خاصة ببعض المغيبات وإجابة للدعاء في موارد خاصة يطلبها أصحابها ويخرج الجواب بانها إجيبت ويتحقق ذلك ولم يدع النواب انها بفعلهم بل هي بإخبار الإمام لهم او بدعائه.

 

«صفحة 492»

أما لماذا لم يشر القرآن الكريم صريحا الى هذا الموضوع، فنقول ان القرآن لم يشر الى ضرورات اسلامية أخرى من قبيل عدد ركعات الصلاةورمي سبع حصيات في ايام الحج بمنى ثلاثة أيام وغيرها بل اكتفى بالإشارة الى أصل الصلاة ثم أحال الى النبي ليبين تفاصيلهاوكذلك الأمر في إمامة أهل البيت أو قضية المهدي حيث تحدث القرآن عنهما بإسلوب خاص نبه اليه الأئمة (عليهم السلام) وتفادى ذكر الأسماء لحكمة.

نعم اشار القرآن صريحا الى العهد المشرق الذي سيتحقق آخرالزمان على يد المهدي ثم ترك امر التشخيص الصريح للبيت الذي ينجبه الى النبي وقد اشار (صلى الله عليه وآله) ان المهدي من ذريته من فاطمة وانه من الحسين.

أما ما هو حكم من لم يؤمن بالمهدي بالتصور الشيعي فليس في المسألة خلاف بين علماء الشيعة ان منكرها يخرج من التشيع الإثني عشري مع بقائه على الإسلام.

سؤال2:

هل يجوز ان يخفي الامام العسكري ولده عن الناس ويطالبهم بالإيمان به، لو كان حقا قد ولد له ولد في السر؟ واذا كان الشيعة في ذلك الزمان قد بحثوا ولم يجدوا أثرا – كما يقول المؤرخ الشيعي النوبختي- فكيف يمكن ان نؤمن نحن بعد مئات السنين بدون دليل علمي ثابت؟

جوابه:

إذا كان اعلان الإمام عن ولده بشكل عام يعرضه للخطر الأكيد فلم لا يجوز له ان يخفي امر ولادته عن عامة الناس؟ وقد كان جمهور اصحاب الحسن على يقين من وجود الولد فقد رآه الكثير منهم واكتفى القسم الآخر بإخبار الإمام المعصوم الحسن العسكرى(عليه السلام) عنه. ونسخة المؤرخ النوبختي المتداولة بمقارنتها مع ما نقل الشيخ المفيد عنها يتضح انها محرفة كما مر الحديث مفصلا عن ذلك. وايماننا اليوم بالمهدي بن الحسن العسكري يقوم على النقل الشفوي المتواتر لجمهور الشيعة جيلا بعد جيل الى عصر الأمام الحسن العسكري. كما يقوم إيمان المسلمين على ان القرآن الذي بين

 

«صفحة 493»

ايدينا هو الذي أملاه النبي على الأمة، ويسند كلا القضتين مئات الروايات المدونة منها الصحيحة ومنها الضعيفة.

سؤال3:

إذا كان موضوع الإيمان بالمهدي أصلا من أصول الدين فلماذا لا يُبحث في الحوزة بصورة علمية منهجية كما يبحث الفقه والأصول؟ ولماذا لم يتم التحقق من صحة الروايات والقصص التاريخية التي تتهم بالوضع والاختلاق في وقت متأخر؟

جوابه:

الأيمان بالمهدي ضرورة من ضرورات الفكر الشيعي الإثني عشري، وقد كتبت الحوزة العلمية في التاريخ الغابر والعصر الحاضر عبر وجوهها البارزة كتبا خالدة أمثال كتاب (التنبيه في الإمامة) للنوبختي ابي سهل و كتاب (إكمال الدين) للشيخ الصدوق وكتاب (الغيبة) للنعماني و كتاب (الغيبة) للشيخ الطوسي وكتاب (المهدي) للسيد مهدي الصدر(1) و (تاريخ الغيبة الصغرى وتاريخ الغيبة الكبرى واليوم الموعود) للسيد محمد الصدر(2) و (منتخب الأثر) للشيخ(3) الصافي وغيرها، اما لماذا لم يبحث مؤلفو هذه الكتب في أسانيد الروايات وقصص الولادة فالجواب واضح وهو انهم لم يبنوا ايمانهم بوجود المهدي على اساس تلك الروايات بل بنوه على اساس النقل الشفوي المتواتر من أجيال الشيعة لخبر ولادة المهدي وممارسته توجيه شيعته عبر النواب الأربعة في فترة الغيبة الصغرى. ويبقى البحث في أسانيد تلك الروايات مفيداً ونافعاً لا لأجل تأسيس الإيمان بأصل الولادة بل لتقديم شواهد تاريخية مدونة مروية بأسانيد صحيحة على مسألة التعامل الحسي مع الأمام المهدي (عليه السلام)، على أن الباحث المنصف

ـــــــــــــــــــــــ

(1) والد السيد موسى الصدر رح كان احد المراجع في مدينة قم المشرفة.

(2) استشهد (رحمه الله) في النجف برصاصات الغدر العفلقي وله موسوعة متميزة في المهدي وقد نقل عنه (رحمه الله) انها تبلغ اثني عشر مجلدا صدر منها اربعة مجدات.

(3) احد مراجع الشيعة في مدينة قم وقد نيف على التسعين اطال الله عمره بخير وعافية.

«صفحة 494»

في هذه الروايات يستطيع ان يخرج منها بنتيجة إيحابية قطعية أيضا وذلك لان قدرا مشتركا من الواقع تتحدث عنه هذه الروايات وهو وجود ولد للحسن العسكري تبوأ بعد ابيه مقام الإمامة واختلاف الروايات في التفاصيل الإخرى لا يعني اسقاط القدرالمشترك مع تنوع المصادر والرواة الأوائل.

سؤال4:

إذا كان من الواضح والثابت، لدى الشيعة من قبل، مهدوية الامام محمد بن الحسن العسكري؟ فلماذا قال بعض الشيعة إذن بمهدوية الامام علي ومهدوية ابنه محمد بن الحنفية ومهدوية النفس الزكية ومهدوية الصادق ومهدوية الكاظم ومهدوية السيد محمد بن علي الهادي ومهدوية الامام العسكري؟

هل الأحاديث الواردة عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) حول خروج مهدي في آخر الزمان تحدد اسم المهدي وهويته وانه ابن الامام العسكري؟ أم تكتفي بالاشارة اليه بصورة عامة غامضة؟

جوابه:

مهدوية غير ابن الحسن العسكري (عليه السلام) أقوال مدعاة من قبل فرق أو أشخاص لم يكتب لها البقاء لانها لم تصب الحق و الواقع فيما ادعته من قول. وهل يضر الحق وجود قائلين بالباطل ولو كانوا كُثراً اليوم، فكيف ونحن لانجد أثرا للقائلين بمهدوية من ذكرت الا في بطون التاريخ منذ ألف سنة!

ان الواضح في المسألة المهدوية في المجتمع الإسلامي هو فكرتها القائمة على النص القرآني والحديث النبوي الصحيح وكذلك البيت الذي يخرج منه المهدي وهو كونه من آل النبي من الحسين (عليه السلام) وكونه الثاني عشر من الأئمة (عليهم السلام)، ومن الطبيعي ان تتضيق بعد ذلك بتضيق الوسط الذي يؤمن بالأئمة بعد الحسين مضافا الى ان المسألة الأساسية التي كان يعيشها الشيعة هي معرفة إمام زمانهم أما الأئمة بعده فهي مسألة يتحكم فيها الظرف ومستوى الشخص وقد وردت روايات رواها الثقاة قبل ولادة

 

«صفحة 495»

المهدي (عليه السلام) بعشرات السنين تعرِّف بكون المهدي هو التاسع من ذرية الحسين او السابع من ذرية الباقر أو الخامس من ذرية الكاظم وقد ذكرنا طرفا منها فيما مضى.

سؤال5:

هل كان المسلمون والشيعة والإمامية في القرون الثلاثة الأولى يعرفون ويؤمنون بالإمام (محمد بن الحسن العسكري)؟ ولماذا كان يحدث البداء إذن؟ ولماذا كان كبار أصحاب الأئمة يجهلون أسماءهم؟ ولا يعرفون من بعدهم؟

جوابه:

تحدثنا عن ذلك في الحلقة الأولى. وقلنا هناك ان روايات البداء التي تفيد ان الإمام قد اوصى الى أحد اولاده بالإمامة ثم يغير الامر بعد ذلك هي روايات غير صحيحة إذ لا بداء في أمرالأمامة. وقلنا ان خواص اصحاب الأئمة كانوا يعلمون من هو الوصي بتسمية من الإمام السابق وعدم معرفة بعض الخواص بذلك له ظروفه الخاصة وأهدافه الخاصة بيناها في الحلقة الثانية عند أجوبتناعلى اسئلة البغدادي في نشرة الشورى.

سؤال6:

هل يعتبر الإيمان بالإمام المهدي جزء من الإيمان بالغيب؟ علما بأن القرآن الكريم قد ذكر الملائكة والجن واليوم الآخر ولم يذكر المهدي فكيف يتم الإيمان به بصورة غيبية أي بدون دليل؟

جوابه:

لقد ذكر القرآن عنوان الغيب وبعض مصاديقه ولم يحصر كل أفراده ومصاديقه، وبين النبي والأئمة قضية المهدي كمصداق آخر من مصاديق الغيب إن إخبار القرآن بأن هناك يوماً يعم فيه الإسلام في العالم ويرث الصالحون الأرض هو وعد غيبي، فهو

 

«صفحة 496»

غيب، وإخبار النبي ان الشخص الذي يتحقق على يده هذا العهد هو من ذريته هو غيب أيضا، ثم أن يخبر الأئمة ان الثاني عشر يغيب غيبتين احداهما قصيرة والأخرى طويلة هو غيب وقد تحقق ذلك ومرت كلمات الشيخ ابي سهل النوبختي والشيخ النعماني والشيخ الصدوق في ذلك وعده من آيات الأئمة (عليهم السلام).

سؤال7:

ماهو الدليل على وجود وولادة الامام محمد بن الحسن العسكري؟ هل هو حقيقة ام فرضية فلسفية وهمية؟ وهل يمكن ان نثبت ولادة انسان ووجوده في الخارج عن طريق الأستدلال الفلسفي؟

جوابه:

الدليل على وجود المهدي هو النقل الشفوي المتواتر من أجيال الشيعة جيلا بعد جيل إلى عصر الحسن العسكري (عليه السلام) حيث راى اصحابه ولده المهدي (عليه السلام) وسمعوا منه النص عليه. وهذا هوالنقل التاريخي المتواتر وكان يستدل به قدماء الشيعة كابي سهل النوبختي والشيخ الصدوق مضافا الى ذلك الروايات الكثيرة جدا التي دونها علماء الشيعة في العديد من كتبهم على مر القرون.

واستدل قدماء الشيعة بدليل عقلي على وجود المهدي يبتني على مقدمات ينتج التسليم بها ان الحسن العسكري لا يمكن ان يموت وليس له عقب منه يكون إماما بعده سواء راينا هذا الإمام ام لم نره. وسمي هذا الدليل تسامحا بالدليل العقلي او الدليل الفلسفي. ومرادهم ان الأصول السابقة للتشيع وهي الأحاديث النبوية وأحاديث الأئمة (عليهم السلام) الصحيحة التي تفرض ان لا يموت الحسن العسكري وليس له ولد يكون هو المهدي الموعود.

وما الغرابة في هذا النوع من الإستدلال إذا كانت المقدمات والخطوات مترابطة وصحيحة منطقياً؟ ثم أليس يستخدم المسلمون وغيرهم الدليل الفلسفي لإثبات وجود الله تعالى؟ ان المسالة في هذا الإستدلال هي صحة المقدمات وترابط الخطوات

 

«صفحة 497»

منطقيا. ثم لماذا هذا التركيز على هذا المنهج من الإستدلال والشيعة الأقدمون لا يقفون عنده بل يقرنونه بالدليل التاريخي القاطع وقد مر الحديث عن ذلك.

سؤال8:

هل اعترف الامام الحسن العسكري بوجود ولد له؟ وهل يعرف ذلك أهل البيت والشيعة اصحاب الامام العسكري؟ أم ان مجموعة انتهازية اختلقت القصة في السر وغلفتها بالكتمان لتستفيد منها ماليا وسياسيا؟

جوابه:

الذي نقله جمهور اصحاب الحسن العسكري شفاها هو ان الحسن العسكري(عليه السلام) أخبرهم بان له ولد وقد شاهده ثلة منهم وقد سمعوا منه النص على إمامته وأنه المهدي الموعود، ويوجد الى جنب هذا النقل الشفوي المتواتر روايات صحيحة السند على ذلك من وجوه الشيعة واصحاب الأمامين الهادي والحسن العسكري (عليه السلام). ودعوى إختلاق القصة من قبل مجموعة انتهازية دعوى عارية عن الدليل بل هي مجرد افتراء قام اساسا على الوقوع ضحية البحث الناقص بنَفَس مُغرِض كما اتضح ذلك من البحوث السابقة.

سؤال9:

تقول الرواية المنسوبة الى خديجة بنت الامام الهادي ان نرجس لم تكن تعرف انها حامل ليلة الولادة المزعومة ولم يكن عليها أي أثر للحملوانها لم تجد أي طفل في الصباح. فهل رأت الولادة في المنام؟ وهل الرواية صحيحة؟ وما هو سندها؟

جوابه:

أقول: من المفيد ان نأتي بنص رواية الشيخ الطوسي في كتابه الغيبة ص234.

قال (رحمه الله): أخبرني ابن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار محمد

 

«صفحة 498»

بن الحسن القمي، عن أبي عبد الله المطهري، عن حكيمة بنت محمد بن علي الرضا قالت بعث إلي أبومحمد (عليه السلام) سنة خمس وخمسين ومائتين في النصف من شعبان وقال يا عمة اجعلي الليلة إفطارك عندي فإن الله عزوجل سيسرك بوليه وحجته على خلقه خليفتي من بعدي. قالت حكيمة فتداخلني لذلك سرور شديد وأخذت ثيابي علي وخرجت من ساعتي حتى انتهيت إلى أبي محمد (عليه السلام)، وهو جالس في صحن داره، وجواريه حوله فقلت جعلت فداك يا سيدي! الخلف ممن هو؟ قال من سوسن فأدرت طرفي فيهن فلم أر جارية عليها أثر غير سوسن.

قالت حكيمة فلما أن صليت المغرب والعشاء الآخرة أتيت بالمائدة، فأفطرت أنا وسوسن وبايتها في بيت واحد، فغفوت غفوة ثم استيقظت، فلم أزل مفكرة فيما وعدني أبومحمد (عليه السلام) من أمر ولي الله (عليه السلام) فقمت قبل الوقت الذي كنت أقوم في كل ليلة للصلاة، فصليت صلاة الليل حتى بلغت إلى الوتر، فوثبت سوسن فزعة وخرجت فزعة وخرجت وأسبغت الوضوء ثم عادت فصلت صلاة الليل وبلغت إلى الوتر، فوقع في قلبي أن الفجر قد قرب فقمت لانظر فإذا بالفجر الاول قد طلع، فتداخل قلبي الشك من وعد أبي محمد (عليه السلام)، فناداني من حجرته لا تشكي وكأنك بالامر الساعة قد رأيته إن شاء الله تعالى.

قالت حكيمة فاستحييت من أبي محمد (عليه السلام) ومما وقع في قلبي، ورجعت إلى البيت وأنا خجلة فإذا هي قد قطعت الصلاة وخرجت فزعة فلقيتها على باب البيت فقلت بأبي أنت وأمي هل تحسين شيئا؟ قالت نعم يا عمة! إني لاجد أمرا شديدا قلت لا خوف عليك إن شاء الله تعالىوأخذت وسادة فألقيتها في وسط البيت، وأجلستها عليها وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة، فقبضت على كفي وغمزت غمزة شديدة ثم أنت أنة وتشهدت ونظرت تحتها، فإذا أنا بولي الله صلوات الله عليه متلقيا الارض بمساجده. فأخذت بكتفيه فأجلسته في حجري، فإذا هو نظيف مفروغ منه، فناداني أبو محمد (عليه السلام) يا عمة هلمي فأتيني بابني فأتيته به، فتناوله وأخرج لسانه فمسحه على عينيه ففتحها ثم أدخله في فيه فحنكه ثم أدخله في أذنيه وأجلسه في راحته اليسرى، فاستوى ولي الله جالسا، فمسح يده على رأسه وقال له يا بني انطق

 

«صفحة 499»

بقدرة الله فاستعاذ ولي الله (عليه السلام) من الشيطان الرجيم واستفتح (بسم الله الرحمن الرحيم ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون وصلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم وعلى أمير المؤمنين والائمة (عليهم السلام) واحدا واحدا حتى انتهى إلى أبيه، فناولنيه أبومحمد (عليه السلام) وقال يا عمة رديه إلى أمه (حتى تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثر الناس لا يعلمون) فرددته إلى أمه وقد انفجر الفجر الثاني، فصليت الفريضة وعقبت إلى أن طلعت الشمس. ثم ودعت أبا محمد (عليه السلام) وانصرفت إلى منزلي. فلما كان بعد ثلاث اشتقت إلى ولي الله، فصرت إليهم فبدأت بالحجرة التي كانت سوسن فيها، فلم أر أثرا ولا سمعت ذكرا فكرهت أن أسأل، فدخلت على أبي محمد (عليه السلام) فاستحييت أن أبدأه بالسؤال، فبدأني فقال يا عمة في كنف الله وحرزه وستره وغيبه حتى يأذن الله له، فإذا غيب الله شخصي وتوفاني ورأيت شيعتي قد اختلفوا فأخبري الثقات منهم، وليكن عندك وعندهم مكتوما، فإن ولي الله يغيبه الله عن خلقه ويحجبه عن عباده فلا يراه أحد حتى يقدم له جبرئيل (عليه السلام) فرسه (ليقضي الله أمرا كان مفعولا).

وروى الشيخ الصدوق روايتين عن حكيمة جاء في الأولى ان حكيمة سألت نرجس ما انتبهت فزعة وقت الولادة فسألتها حكيمة اتحسين شيئا قالت نعم ياعمة فقالت لها حكيمة أجمعي عليك نفسك واجمعي قلبك… ثم أخذتهما افترة وإذا بحس المولود فأخذته حكيمة الى الإمام ثم ارجعته الى امه ثم ارجعته الى ابيه… وفي الثانية ان نرجس غيبت عن حكيمة ثم كشف لها عنها ومعها الطفل فأخذته وناولته لأبيه (عليه السلام)… الروايتان تذكران عن الولادة بعض الأمور الخارقة وسندها فيه مجهول مع متهم بالغلو وبالتالي الروايتان ضعيفتان.

ويتضح من ذلك:

مدى علمية الكاتب وأمانته مع القارىء حين يغفل هذه الروايات ويعرض رواية واحدة رواها الصدوق في جملة رواياته تصرح ان حكيمة لم تر بنرجس أثر حبل… الخ. هذا اولاً.

 

«صفحة 500»

وثانياً: لنفترض اننا لم نحصل على رواية صحيحة السند تبين لنا كيفية ولادته فما هو تأثيرها على الإيمان بولادته بعد ان توفر لنا الطريق القطعي على معرفتها جملة من خلال النقل الشفهي المتواتر لجمهور اصحاب الحسن العسكري، مع روايات صحيحة السند مدونة في الكافي وغيره تذكر ان الحسن العسكري قد أخبر بوجود ولد له ونص عليه؟ وتذكر ان الثقاة رأوه وصاروا واسطة بينه وبين شيعته تسعا وستين سنة.

سؤال10:

ما ذا يعني التواتر والإجماع؟ وهل يوجد اجماع أو تواتر حول ولادة الامام الثاني عشر مع القول ان ذلك تم سرا وخفية واختلاف شيعة الامام الحسن العسكري حول ذلك الى أربع عشرة فرقة فضلا عن رفض بقية فرق الشيعة التي جاوزت السبعين وبقية الفرق الإسلامية التي لا تؤمن بولادته في القرن الثالث الهجري؟

جوابه:

التواتر هو إخبار جماعة كثيرين يمتنع تؤاطؤهم عن الكذب.

وولادة المهدي (عليه السلام) سرا لا تمنع من حصول خبر التواتر على ولادته لان المطلوب هو نقل خبر أبيه على وجوده و لا يشترط رؤيته بشخصه هذا مع ان عددا لابأس به من اصحاب الحسن العسكري قد رآه.

و اختلاف شيعة الحسن بعد وفاة الحسن لايضر في امر التواتر إذا عرفنا ان جمهور أصحاب الحسن العسكري قد نقلوا عنه انه قال له ولد وهو المهدي الموعود وانه سيغيبه الله غيبة طويلة ثم يظهره في آخر الزمان ليحقق على يده وعده الذي وعده لأنبيائه، وقد نصت المصادر المعتبرة ان جمهور أصحاب الحسن نقلوا القول بوجود الولد ووصية ابيه له كما مر في البحوث السابقة كما ذكرت المصادر الحديثية الشيعية أخبار الأئمة السابقين بأن المهدي الموعود هو الخامس من ولد السابع.

و إنكار بقية فرق الشيعة كالزيدية وبقية الفرق الإسلامية السنية وجود ولد للحسن العسكري لا يضر بهذا التواتر، لان المطلوب في هذا التواتر هو نقل جمهور شيعة

 

«صفحة 501»

الحسن العكسري عن الحسن خبر ولده الذي كتمه عن عامة الناس الا عن شيعته.

سؤال11:

هل صحيح ان الشيعة في القرون السابقة قبل اقامة الجمهورية الإسلامية في ايران، كانوا يحرمون اقامة الدولة وتطبيق الشريعة الإسلامية في عصر (غيبة الامام المهدي) ولا يزال بعض العلماء يحرم اقامة صلاة الجمعة الا بعد ظهور الامام؟

جوابه:

اقول:

يعتقد الشيعة في مسألة الحكم انه للنبي (صلى الله عليه وآله) ومن بعده للأئمة الإثني عشر (عليهم السلام) ولم يتراجع عن هذا القول أحد إلا أن يتراجع عن أصل التشيع.

أما في عصر الغيبة الكبرى فإن علماء الشيعة كانوا بين اتجاهين اتجاه يقول بتعطيل الحدود بعذر إن أمر إقامتها خاص بالمعصومين فقط، واتجاه يقول بجواز قيامها من قبل الفقهاء مع القدرة والمسألة مسألة علمية ولا ربط لها بمسألة الإعتقاد بالمهدي وغيبته فكلا الفريقين مشتركان في المعتقد بالمهدي وغيبته وانتظار ظهوره.

سؤال12:

لماذا لا يخرج الامام المهدي الغائب، إذا كان موجودا، وقد امتلأت الدنيا ظلما وجورا وأصبح المسلمون فريسة للطغاة والمستبدين الذين أهلكوا الحرث والنسل؟ وإذا كان الامام المهدي موجودا فلماذا لا يستفيد من التكنولوجيا المعاصرة ويستخدم المحطات التلفزيونية الفضائية وشبكة الإنترنت للاتصال بالمؤمنين والإجابة على أسئلتهم وتوجيهم وقيادتهم استعدادا ليوم الظهور؟

جوابه:

إن غيبة المهدي تعني تعطله عن ممارسة النشاطات المذكورة بالسؤال وقد تعطل

 

«صفحة 502»

بأمر الله تعالى وليس بتقدير و تصرف شخصي منه، وكذلك يكون ظهوره ومعاودة نشاطه الفكري والسياسي حين يأذن الله له بذلك. والله تعالى أعرف بالزمن الصالح لظهوره ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُول أَنْ يَأْتِىَ بآيَة إِلاَّ بِإِذْنِ الله فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ الله قُضِىَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ﴾ غافر/78. ان الله تعالى سوف يظهره في زمان وظرف يكون فيه التشيع الإثني عشري قد استنفد كل اغراضه في إقامة الحجة على البشرية اجمع مع اقتران ذلك باستضعاف الحق وأهله، وذلك لان لهدف من ظهوره هو رفع الإستضعاف عن الحق وأهله وإقامة دولة النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) العالمية.

سؤال13:

ما هو الضير في عقد ندوة علمية لبحث موضوع ولادة المهدي ودعوة أحمد الكاتب ومناقشته أمام الملأ وفي الإذاعة والتلفزيون؟ خاصة وانه يقول انه مستعد لتغيير رأيه لو قدم له أحد أدلة تاريخية علمية على ولادة الامام (محمد بن الحسن العسكري)؟

جوابه:

السؤال الذي ينبغي ان يسأل هو هل هناك ضرورة تستوجب عقد مثل هذه الندوة مع أحمد الكاتب؟ الجوا ب لا توجد هناك اية ضرورة، لان أحمد الكاتب ليس هو أول من أنكر ولادة المهدي ولا آخر من سينكره في المستقبل وليس هو أول من انكر دلالة حديث الغدير على إمامة علي ولا أول من انكر عصمة الأئمة أو أثار شبهات حول تحديد الأئمة بإثني عشر، بل هو واحد من آلاف وملايين فإذا كان كل واحد من هؤلاء بحاحة أن تعقد معه ندوة فإنه لايبقى وقت لاي عمل آخرنعم الإستعداد للحوار ينبغي ان يبقى مفتوحا لاستقبال أي شبهة او سؤال حول هذا الموضوع او أي موضوع آخر هذا مضافاً الى ان عقد ندوة بل ندوات لاجل عرض ادلة الشيعة على وجود وامامة المهدي (عليه السلام) واستقبال أي سؤال حولها لا مانع منه(1).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) وقد عقدت شبكة هجر الثقافية على الإنترنيت ندوة حوار وطلب الأستاذ احمد الكاتب الإشتراك فيها وبعد ان سار الحوار معه شوطا جديا وأجيب على الكثير من مقولاته اعتذر عن مواصلة الحوار بحجة انه غير متفرغ! ! ! وانه كتب كتابا فمن عنده رد فليرد على كتابه! ! ! .

«صفحة 503»

ثم اننا لسنا حريصين على ان يغير أحمد الكاتب ولا أي شخص آخر رأيه إذ هي مسألة تخص الشخص نفسه.

﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ*لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِر﴾ الغاشية/21-22

﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ الله يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ البقرة/272،

نعم نحن حريصون ان لا تبقى شبهاته وإثاراته وأسئلته وأسئلة غيره من دون جواب، ومن الجدير ذكره ان هذه الشبهات ليست جديدة وبامكان أي شخص يرجع الى ماكتبه الشيخ الصدوق (ت381) في مقدمة كتابه (اكمال الدين) قبل الف سنة ليكتشف ان جل أسئلة الكاتب وشبهاته قد اثيرت منذ ذلك الوقت وأجاب عليها علماؤنا، وإذا قرأها احمد الكاتب ولم يقتنع بها ليس معناه ان هذه الاجوبة غير صحيحة إذ ما أكثر من لم يقتنع بأدلة الأنبياء بل ما أكثر من لم يقتنع بوجود الله الذي اتفق على وجوده المسلمون والمسيحيون واليهود وكثير ممن لم يؤمن بالأنبياء.

صحيح ان احمد الكاتب كان شيعيا اثني عشريا ثم تخلى عن التشيع الإثني عشري وصار سنيا في مفهومه للتشيع وفي موقفه منه وكتب ما توصل اليه ونشره وأخذ يدعو إلى أفكاره وفي المقابل كان هناك العشرات من السنة وصاروا شيعة وكتبوا ما توصلوا اليه وأخذوا يدعون الناس الى التشيع انها عملية قائمة على قدم ساق وتبقى كذلك الى ما شاء الله وليس لنا ان نقف في قبالها فقد خلق الله تعالى البشر أحرارا في الفكر وكل إنسان مسؤول عن فكره ومواقفه.

سؤال14:

ما هو أثر الايمان بالمهدي على العلاقة بين السنة والشيعة؟ وهل ذلك يوحد المسلمين؟ أم يفرق بينهم؟

جوابه:

الإيمان بإمامة المهدي على التصور الشيعي فرع للإيمان بالإمامة الإلهية الخاصة

 

«صفحة 504»

لأهل البيت (عليهم السلام) القائمة على النص والعصمة والتحديد بإثني عشر، وأدلة الشيعة في هذه القضية الكتاب والسنة وهم يرحبون بأي حوار حول المسالة يستهدف معرفة واقع القضية وهم الى جنب ذلك لا يكفِّرون أحدا من أهل القبلة ويرون المسلم من شهد الشهادتين فإذا قالهما عصم ماله ودمه، فالمسلمون إذن في أمان من الشيعة بل هم أمة واحدة عندهم ماداموا في دائرة الشهادتين، إن الحيف تاريخيا والى اليوم واقع على الشيعة حين يكفرهم البعض بسبب عقيدتهم التي تقوم على الكتاب والسنة. ولست أدري هل الذي يفِّرق المسلمين هو من يكفِّرهم ويبيح قتلهم ومالهم او من يرى ان المسلم من شهد الشهادتين فإذا قالها عصم ماله ودمه؟

 

«صفحة 505»

الحلقة الرابعة

الفصل السابع : الرسائل المتبادلة بين المؤلف وأحمد الكاتب

 

«صفحة 506»

 

«صفحة 507»

الرسالة الأولى

رسالة أحمد الكاتب بعد صدور الحلقة الثالثة من شبهات وردود ومقابلة قناة الجزيرة:

السيد سامي البدري المحترم، السلام عليكم ورحمة الله

قلتَ في الحلقة الثالثة انك سوف تجيب على القضايا الرئيسية التي لم تجب عليها في الحلقات الماضية، وظللت تدور في القضايا الهامشية من الموضوع، ولكنك لم تفعل بعد، حيث لم تناقش موضوع ولادة الامام الثاني عشر ووجوده وتهربت من الموضوع كما لم تناقش موضوع الامامة.

ارجو منك الاجابة على سؤال لماذا تخلى الشيعة اليوم عن شروط الامامة من العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية وقبلوا بشروط الزيدية كالفقه والعدالة وقيام الامامة على الانتخاب والشورى، كما هو حاصل اليوم في ايران (الجمهورية الاسلامية) وكما اعرف انك تفرق بين الامامة والخلافة وتحاول ان تفسر الامامة بمعنى يختلف عن الحكم والخلافة، فهل ستقوم في المستقبل بمناقشة الكتاب (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه)

وارجو منك ان لا تغتر بالمديح الذي كاله لك بعض المشايخ الذين لا يقرأون.

واعتقد انك قرأت رسالة وزير الثقافة والارشاد الايراني الى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي والحوزة بصورة عامة والتي نشرت في الصحافة الايرانية قبل اسبوع حول ضرورة الرد على الكتاب، فهل قرأ الوزير نشراتك الثلاث ام لم يجد فيها شيئا جديا وغنيا.

والسلام عليكم

احمد الكاتب 9-10-1999

 

«صفحة 508»

اقول:

وأَرفَقَ رسالته الآنفة الذكر بنسخة من المقابلة التي اجرتها معه جريدة القدس العربي التي تصدر في لندن بعد مقابلته في برنامج بلا حدود نقتطع منه ما يرتبط بنا شخصيا.

القدس العربي: (لا شك ان بحثك هذا ينطوي على أهمية قصوى وخطورة كبيرة في نفس الوقت، فهل طرحته للنقاش مع علماء الشيعة؟ وما هو موقفهم منك؟)

احمد الكاتب: أجريت البحث داخل الحوزة في إيران منذ عشرة أعوام وطرحته للنقاش مع عدد كبير من مراجع الدين والأساتذة والزملاء الأفاضل، وقد فوجئت بتوصل قسم كبير منهم الى النتائج التي توصلت اليها (وان بعضهم كالشيخ ناصر مكارم شيرازي في كتابه المهدي الثورة الكبرى) يرفض أهم دليل على وجوده وهو الدليل الفلسفي، ولكنهم لا يرون الوقت مناسبا لطرح الموضوع على عامة الناس، كما فوجيء الكثير من العلماء بنتائج البحث، وذلك لعدم وجود مادة للتاريخ الإسلامي او الشيعي في برامج الحوزة العلمية التي تقتصر على الفقه والأصول واللغة العربية والفلسفةواعتياد الغالبية العظمى من طلبة العلوم الدينية على التقليد في مجالات العقائد والتاريخ، وقد وجهت قبل بضع سنوات دعوة الى أساتذة الحوزة العلمية في النجف وقم لعقد ندوة علمية لدراسة الموضوع، أعلنت لهم قبل ان انشر البحث عن استعدادي للتراجع عن الموضوع والتصديق بوجود الامام المهدي لو قدموا لي أدلة علمية كافية،

ولكن الجو السائد في الحوزة فيما يبدو يميل الى عدم البحث والاجتهاد في هذه القضية ورفض مناقشتها بدعوى انها من العقائد الأساسية، وقد عبر السيد سامي البدري(1) من حوزة قم خلال برنامج (بلا حدود) الذي أذيع من قناة الجزيرة الفضائية بتاريخ 4/8/1999 عن هذا الموقف بصراحة، وقد أثار استغرابي لأنه يتناقض مع إجماع الشيعة عبر التاريخ على ضرورة الإيمان والالتزام بالعقائد الأساسية عن معرفة

ـــــــــــــــــــــــ

(1) لم أكن المتحدث وسيأتي بيانه بعد قليل.

«صفحة 509»

واجتهاد ويقين وعدم جواز التقليد، فكيف يجوز لمن يدعي العلم التقليد ومنع الآخرين من الاجتهاد(1)؟

جوابنا على رسالته الأولى

الى الأستاذ أحمد الكاتب هدانا الله وإياه لما يحبه ويرضاه:

السلام عليكم ورحمة الله.

أشكرك على رسالتك وسؤالك، كما اشكرك أيضا على إرسالك لي مقابلتك المنشورة في جريدة القدس العربي – لندن/ العدد 3205 الجمعة 27 آب – 15 جمادى الاولى 1420. أعتذر عن تأخير الإجابة بسبب سفري.

1. اعترضتَ في رسالتك الأسبق (وهي التي جعلتها مادة العدد الثاني عشر من نشرتك الشورى) على منهجي معك في الرد وانصرافي إلى مناقشتك في الجزئيات ثم دعوتني في مقدمة الرسالة الى مواصلة البحث العلمي في الاصول قبل الفروع الجزئية. وقلتَ ان منهجنا هو التمسك بالكتاب والسنة والسير على هدي أهل البيت. وقد رحبتُ بعرضك وكتبتُ اليك جوابا نشرته في الحلقة الثالثة 14رجب 1418هج.

وقلتُ لك في جوابي لك (فما رأيك ان نبدأ ببحث مسألة هل يوجد شهداء بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) شهادتهم على الناس كشهادة الرسول وانهم ائمة هدى يؤخذ بقولهم وفعلهم وتقريرهم كما يؤخذ بقول الرسول وفعله وتقريره وان الناس ملزمون بالأخذ عنهم والاقتداء بهم والطاعة لهم وانهم موكلون الهيا بحفظ الرسالة بعد الرسول.؟ نبدأ اولا بذكر الايات القرآنية الكريمة ثم احاديث النبي (صلى الله عليه وآله) ثم احاديث اهل البيت (عليهم السلام). ارجو اعلامي ان كنت توافقني على ذلك. ومن المفيد قبل ذلك ان تبين المصادر الحديثية المعتمدة لديك).

ولم يصلني منك جواب خاص أو عام وقد مضى على ذلك سنتان.

2. سألتني في رسالتك بعد صدور الحلقة الثالثة من ردي عليك بمدة بواسطة

ـــــــــــــــــــــــ

(1) القدس العربي – لندن/ العدد 3205 الجمعة 27 آب – 15 جمادى الاولى 1420.

«صفحة 510»

الأنترنيت لماذا تخلى الشيعة اليوم عن شروط الإمامة من العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية وقبلوا بشروط الزيدية كالفقه والعدالة وقيام الإمامة على الإنتخاب والشورى؟

أقول مصطلح الإمامة استخدم بمعنيين:

المعنى الاول: معنى خاص ويراد به ان صاحبه حجة في قوله وفعله وتقريره حيا وميتا، وليس من شك أن أول أئمة بهذا المعنى هو النبي، ويرى الشيعة ان هذا المعنى للأمامة استمر بعد النبي في إثني عشر من أهل بيته بوصية من النبي وبأمر من الله تعالى، ويشترطون في هذا المعنى من الامامة العصمة والنص وحصرها في علي والحسن والحسين ثم في ذرية الحسين كما حصرت الإمامة بعد إبراهيم في ذريته اسماعيل ثم اسحاق ثم يعقوب ثم حصرت في ذريته.

قال الله تعالى:

﴿وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ البقرة/124.

وقالى الله تعالى:

﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ*وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ الأنبياء/72-73.

وقال الله تعالى:

﴿أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ الله وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنْ الله وَمَا الله بِغَافِل عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ البقرة/140.

والأسباط في الآية هم يوسف وذريته المعصومون.

 

«صفحة 511»

إنَّ إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط يهدون الناس الى سنة إبراهيم بأمر الله تعالى.

والدليل على حصر الأمامة الخاصة بعد النبي في أهل البيت وبقاء الثاني عشر منهم إلى آخر الدنيا حديث المنزلة وحديث الثقلين وآية التطهير وحديث الكساء وحديث الإئمة إثنا عشر ونص السابق من الإئمة على لاحقه.

والشيعة المعاصرون شأنهم شأن الماضين من أسلافهم لم يتراجعوا عن اشتراط العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية والحصر في اثني عشر في هذا المعنى من الإمامة.

المعنى الثاني: للإمامة معنى عام ويراد به منصب الحكومة وإقامة الحدود وهذا المعنى يعتقد الشيعة فيه انه للنبي (صلى الله عليه وآله) ومن بعده للأئمة الإثني عشر (عليهم السلام) ولم يتراجع عن هذا القول أحد إلا أن يتراجع عن أصل التشيع، أما في عصر الغيبة الكبرى فإن علماء الشيعة كانوا بين اتجاهين اتجاه يقول بتعطيل الحدود بعذر إن إقامتها خاصة بالمعصومين فقط، واتجاه يقول بجواز قيامها من قبل الفقهاء مع القدرة ولم يشترط أحد ممن يتبنى هذا الإتجاه في مقيمها أن يكون علويا حسينيا معصوما منصوصا عليه ودونك القائلين بهذا الإتجاه بدءا بأقدمهم الشيخ المفيد (ت413) وانتهاء بالإمام الخميني والشهيد الصدر وخلفائهما.

وفي ضوء ذلك يتضح أن السؤال خاطيء أساسا ومبني على الخلط بين قضيتين استخدم لفظ الامام للتعبير عنهما وهما

الأولى: قضية وجود حجج الهيين على الخلق بعد النبي شهداء على الناس كشهادة النبي (صلى الله عليه وآله) والنبي شهيد عليهم كما في قوله تعالى ﴿وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ…﴾ الحج/78.

الثانية: وهي قضية من له حق الحكم في الإسلام وهذه القضية قد شخصتها الآية ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ الله وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلا تَشْتَرُوا بآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ﴾ المائدة/44.

 

«صفحة 512»

وباعتبار التقاء المعنيين في عصر الإئمة الإثني عشر في شخصهم (عليهم السلام)، فهم حجج الله بعد النبي، وحق الحكم منحصر بهم في زمان حضورهم بنص الآية، اندمج المعنيان في مصطلح الأمام وصار لدى الشيعة يدل على معنى ثالث يراد به كلا المعنيين وحصر مصداقه بعد النبي بالمعصومين الإثني عشر.

استهدف المتكلمون الأوائل للشيعة إثبات كلا المعنيين للإمامة لهؤلاء الإثني عشر لا غير، ولم يكونوا معنيين بمسألة الحكم كمسألة مستقلة.

ولست أدري لماذا هذا الإصرار من الأستاذ الكاتب على خلط المعنيين.

إن الموضوعية تقتضي بحث المعنيين كل على حدة لأنهما يشيران الى قضيتين مختلفيتين هما:

القضية الأولى: هل يوجد مبيِّنون معصومون للدين بعد النبي يكون بيانهم للسنة النبوية وتفسير القرآن كبيان النبي مع كونهم ليسوا بانبياء، ومن هم هؤلاء؟ وكم عددهم؟ .

القضية الثانية: من له أهلية وحق إقامة الحدود وتنفيذ الأحكام في المجتمع الإسلامي بدءا من زمن النبي؟ هل كل مسلم كيفما اتفق؟ أم هم صنف معين من الناس له مواصفات خاصة وشروط خاصة؟ وهل يتصدى المؤهل كيفما اتفق أم لابد من طريقة خاصة؟ .

ومما لا شك فيه أن البحث الأول مقدم على البحث الثاني وأكثر خطورة منه.

لقد بحثنا القضيتين في الحلقة الثانية من ردودنا عليك الفصل الأول ص16-44. وفي الحلقة الثالثة في مواضع متعددة يرجى مراجعة ذلك.

3. وزير الأرشاد الإيراني حفظه الله لم يكن مطلعا على ردودي عليك وقد وصله أخيرا. أما المديح الذي أشرتَ إليه فهو ليس مديحا وانما تأييد علمي من علماء معروفين بعلميِّتهم مسؤولين عن كلمتهم، وهو يبعث على السرور لا الغرور، وكذلك

 

«صفحة 513»

الحال مع كلمات القراء الكرام الذين عبروا عن مشاعرهم وانطباعاتهم التي تؤكد على فائدة ما كتبناه واعتزازهم به ونحن بدورنا نشكرهم على مبادرتهم في إظهار عواطفهم واعتزازهم.

4. قولك في القدس العربي-لندن العدد 3205 (ان الجو السائد في الحوزة فيما يبدو يميل إلى عدم البحث والإجتهاد في قضية ولادة المهدي ورفض مناقشتها بدعوى انها من العقائد الأساسية وقد عبَّر السيد سامي البدري من حوزة قم خلال برنامج (بلا حدود) الذي أذيع من قناة الجزيرة الفضائية يتاريخ 4/8 1999عن هذا الموقف بصراحة وقد أثار استغرابي لانه يتناقض مع إجماع الشيعة عبر التاريخ على ضرورة الإيمان والإلتزام بالعقائد الأساسية عن معرفة وإجتهاد ويقين وعدم جواز التقليد فكيف لمن يدعي العلم التقليد ومنع الآخرين عن الإحتهاد).

أقول:

لو راجع الأستاذ الكاتب شريط المقابلة ودقق في صوت المتحدث لعرف ان المتحدث باسم السيد سامي البدري لم يكن شخصه وإنما هو شخص آخر، وقد فوجئت شخصيا بذلك كما فوجيء الكثير من الأصدقاء ممن يميز صوتي وأُخبِرتُ فيما بعد بأن المتحدث هو فضيلة السيد حسين الكشميري(1) وقد أتصلت به للتأكد من ذلك /وبامكانك الاتصال به شخصيا للتأكد أيضا/ وعاتبته على عدم تصحيح الإشتباه في أول المداخلة أو آخرها فاعتذر بالغفلة وعدم قصد ذلك وله عذره على كل حال، وقد أخبرتُ مقدِّم برنامج (بلا حدود) بهذه الملابسة في اليوم الثاني وأرسلت له رسالة بالفاكس بذلك وكنت قد أرسلت له الحلقات الثلاث من ردودي عليك وكانت الحيادية منه تقتضي ان يشير اليها عندما ذكر اسمي كصاحب مداخلة وقد اعتذر عن ذلك بأنها وصلته بعد انتهاء المقابلة.

أما موقف علماء الشيعة من المسألة الإصولية العقائدية فهو كما ذكرتَ عن إجماعهم عبر التاريخ على ضرورة الإيمان والإلتزام بالعقائد الأساسية على أساس

ـــــــــــــــــــــــ

(1) من أهل العلم في مدينة قم.

«صفحة 514»

مواجهة الدليل مباشرة وعدم جواز التقليد فيها وهو من مفاخر متقدميهم ومعاصريهم وتلاميذهم.

أكرر شكري على مبادرتك ورسالتك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

سامي البدري

5شعبان / 1420

الرسالة الثانية

وكان رد الأستاذ احمد الكاتب على رسالتنا الآنفة الذكر ما يلي:

السيد سامي البدري المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طلبت مني في رسالتك الأخيرة عبر الانترنت المؤرخة 6 شعبان 1420 بحث موضوع وجود الشهداء بعد النبي (صلى الله عليه وآله) الذين تعتبر شهادتهم كشهادة الرسول ويعتبر قولهم وفعلهم وتقريرهم كقول وفعل وتقرير الرسول، وان نبدأ ببحث الآيات والأحاديث الواردة حول الموضوع، وطلبت مني كذلك التفريق بين معنيي الامامة الخاص الذي يعني – في نظرك – الحجية في القول والفعل، واشتراط العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية المنحصر في الأئمة الاثني عشر، والمعنى العام الذي تقول انه يشمل الحكومة واقامة الحدود، وعدم الخلط بينهما.

وقلت ان الدليل على حصر الامامة الخاصة بعد النبي في أهل البيت وبقاء الثاني عشر منهم الى آخر الدنيا، هو حديث المنزلة وحديث الثقلين وآية التطهير وحديث الكساء وحديث الأئمة اثنا عشر، ونص السابق من الأئمة على اللاحق.

ورغم ذلك فقد أكدت ان المعنيين في مصطلح (الامام) اندمجا لدى الشيعة في معنى واحد ثالث، وصار يراد به كلا المعنيين، وحصر مصداقه بعد النبي بالمعصومين الاثني عشر، وهذا ما يدل على انك تحاول التفريق بين معنى الامامة بصورة تعسفية خلافا لما تعارف عليه الشيعة الامامية، واني لم اخلط بينهما، وانما أنت الذي تفرق بينهما بدون ضرورة.

 

«صفحة 515»

وعلى أي حال فان نظرية الامامة الالهية ذات الشعبتين التشريعية والتنفيذية المنحصرة في الأئمة الاثني عشر، حسب رأي الفرقة الاثني عشرية – والا فان الشيعة الإسماعيلية الامامية او الواقفية لا يؤمنون بحصر الأئمة باثني عشر وقد يضيقون العدد او يفتحونه بلا حدود – وسواء قلنا بحصر الامامة في اثني عشر او لم نقل فان نظرية الامامة هذه تعتمد في قيامها واستمرارها على ثبوت ولادة ووجود ابن للامام الحسن العسكري، بغض النظر عن المناقشة في الأحاديث التي ذكرتها (حديث المنزلة والثقلين والكساء والاثني عشرية وآية التطهير) ومدى دلالتها وصحة سندها. فاذا استطعت ان تثبت ولادة ووجود الامام الثاني عشر بصورة علمية تاريخية، فان نظرية الامامة او الاثني عشرية قد تصح، اما اذا لم تستطع ان تثبت ذلك فان من العبث الحديث عن شىء لا وجود له في الخارج. .

ولذا طلبت منك في رسالتي السابقة التي كتبتها قبل سنوات بعد صدور الجزأين الأولين من حلقاتك ان تبحث القضايا الرئيسية والجوهرية بدلا من ان تغوص في التفاصيل الجزئية والثانوية والهامشية، ولا زلت اعتقد ان البحث في معنى الامامة هو موضوع ثانوي يأتي بعد موضوع إثبات وجود الامام الثاني عشر المفترض، وكما قيل العرش ثم النقش.

وكأني بك تحاول ان تقفز عن هذا الموضوع الرئيسي المهم بتركيب بعض النظريات الكلية لكي تمهد الطريق نحو القول بفرضية وجود الامام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) وهو ما فعله المتكلمون السابقون في القرن الثالث الهجري الذين اصطدموا بالواقع وهو عدم وجود ولد للامام العسكري، وبدلا من ان يستسلموا الى الحق ويعيدوا النظر في نظرياتهم الخيالية وتأويلاتهم التعسفية وأحاديثهم المزورة أصروا على الباطل وافترضوا وجود ولد للامام العسكري بالرغم من نفي الامام ووصيته بأمواله الى أمه المسماة بـ (حديث) وعدم وصيته الى أحد من بعده بالإمامة.

وهذا ما عنيت به من الدليل الفلسفي الوهمي الافتراضي الذي نسج اسطورة (الامام المهدي محمد بن الحسن العسكري).

ان إصرارك على بحث موضوع نظرية الامامة تبعا للأحاديث (الضعيفة في المتن

 

«صفحة 516»

والسند) التي ذكرتها، بعد انهيار النظرية الاثني عشرية، قد يجرك الى الانتقال الى الإسماعيلية او البهرة، واذا أردت ان تعيد النظر في نظرية الامامة ككل فيمكنك ان تصل الى نظرية الشورى التي اعتقد انها النظرية السياسية لأهل البيت الذين لم يكونوا يدعون العصمة ولا النص ولا حصر الخلافة والإمامة في سلالتهم.

واعتقد ان مشكلتك هي في ممارسة القياس المذموم والمرفوض من أهل البيت، وتطبيق ما حدث في بني اسرائيل على الحالة الاسلامية، وتفسير كلمة (الأسباط) التي تعني القبائل اليهودية الاثنتي عشرة، بأوصياء النبي موسى، الذين تقول انهم اثنا عشر (بدون دليل) والتوصل تبعا لذلك الى ضرورة وجود اثنا عشر وصيا للرسول الأعظم من أهل البيت.

ولست في حاجة الى اتهامك باتباع عبد الله بن سبأ الذي يقال انه نقل هذه الفكرة من اليهودية الى الاسلام، وقال بكون الامام علي وصي النبي محمد كما كان يوشع وصيا للنبي موسى، فأنت تقوم بنفسك بالبحث في الإسرائيليات وقد تعلمت اللغة العبرية وجئت الى لندن لكي تفتش في الكتب اليهودية التاريخية عما يدعم نظريتك، علما بأن اليهود الأوائل الذين مارسوا القياس بين اليهودية والإسلام لم يقولوا بأكثر من وصي واحد، حيث لم تكن النظرية الاثني عشرية قد ولدت بعد، ولم يكن الشيعة الامامية قد حددوا الأئمة بعدد محدود قبل القرن الرابع الهجري. وقد طلبت منك مرارا ان تقوم بالتأكد من أحاديث الاثني عشرية وصحة نسبتها الى أهل البيت قبل ان تقوم بتأييدها من الإسرائيليات.

وفي الحقيقة اني عاتب عليك جدا وأشكوك الى الله، إذ أراك تستخدم الحوار معي بصورة ملتوية ولأغراض سياسية وإعلامية علمها عند اللهوذلك لأني كنت المبادر الى دعوتك للحوار حول موضوع المهدي، قبل ان انشره، في سنة 1992 وانتظرت مجيئك الى لندن عام 1995 وألححت عليك باللقاء فكنت تتهرب مني وتشترط التسليم في البداية بالفصل بين معنيي الامامة الخاص والعام، قلت لك لنجلس ونبحث، فرفضت اللقاء، وتوسلت اليك ان تدلني على مواضع الخطأ في كتابي، فقلت انا لا أرد على كتاب غير مطبوع، ثم نشرت ردودك قبل ان اطبع الكتاب، ومع ذلك لم تناقش

 

«صفحة 517»

الموضوع الرئيسي فيه والذي يشكل حجر الزاوية في الفكر الإمامي الاثني عشري وهو وجود وولادة الامام الثاني عشر، ونبهتك الى ذلك في رسالتي السابقة فوعدت في الحلقة الثالثة ان تفعل في المستقبل، ولم تقم بذلك حتى الآن. . ولا زلت تدور في الحواشي والجزئيات وتتهرب من مواجهة الموضوع الرئيسي.

أخي العزيز لماذا تضيع وقتك الثمين ووقت القراء؟ أرجوك الإجابة عن الاسئلة التالية

كيف تؤمن بوجود الامام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري)؟ عن طريق الأدلة الفلسفية الكلامية والنظريات الكلية العامة؟ أم عن طريق الأدلة التاريخية العلمية؟

ما هي تلك الأدلة التاريخية؟ وهل بحثت الروايات المختلفة الواردة حول الموضوع ودرستها وقارنت بينها؟

هل هي روايات معتبرة لديك؟ وهل تثق برجالها؟ وهل هي مسندة؟ أم ليست الا إشاعات أسطورية مضحكة لا ترقى الى درجة أخبار الآحاد الضعيفة؟

وكما تعرف فقد بحثت كل هذه المواضيع في كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) بشكل مفصل، فاذا كان لديك أي رد او نقاش في هذا الموضوع فتفضل به، واذا كنت تسلم بما أقول وتعترف كبعض العلماء السابقين بالعجز عن إثبات وجود الامام الثاني عشر المفترض بالأدلة التاريخية العلمية، فلا تضيع وقتك ببحث ومناقشة الأمور الثانوية التي لا تسمن ولا تغني من جوع… .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحمد الكاتب

لندن 7 شعبان 1420/15 تشرين الثاني 1999

 

«صفحة 518»

ملحق للرسالة الثانية:

السيد سامي البدري المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تقول في هذه الرسالة بأنك لم تكن المتحدث في قناة الجزيرة وانما الذي كان هو السيد حسين الكشميري، وقد راجعت شريط الفيديو وتعرفت على صوتك اكثر انك انت الذي كنت تتحدث، كما سألت عددا من الاصدقاء وكان بعضهم من اصدقائك في لندن والمقربين اليك وهم يعرفون صوتك جيدا وكانوا يعلقون على الحوار الذي دار بيننا لمصلحتك.

وهل من المعقول ان يذيع مهندس البرنامج اسما من دون ان تتصل به او يتصل به احد ويخبره عن اسمه؟ وكيف يعطي الكشميري اسمك لمهندس الصوت؟ ثم ان لهجتك وروحك في الحديث كانت متطابقة مع شخصيتك التي اعرفها حيث رفضت التصريح باسمي كما فعلت في نشرة شبهات وردود حيث كنت تقول صاحب النشرة. وقد سألك مقدم البرنامج عدة مرات وقال ياسامي ياسامي وقال انه يعرف انك تعرفني، وكنت قد اتصلت به قبل المبرنامج وكما تعرف فان الأذاعة هي التي اتصلت بك وبالشيخ النعماني والشيخ الآصفي، فكيف تقول ان المتحدث كان شخصا آخر؟

واذا كنت اشك بشىء فاني اشك برسالتك هذه التي قد يحررها شخص غيرك ولا يوجد فيها ما نعرفه منك من الصوت او الصورة

وربما تكون قد وجدت الاجابة غير مناسبة وتحاول التهرب منها بالادعاء انها كانت لشخص غيرك، وان هذا يثير الضحك لدى من يسمعه، فأرجو ان تعلن بصراحة اذا كنت قد غيرت رأيك، فان هذا افضل او تقول انك تتفق مع الاجتهاد في الامور العقائدية والتاريخية ولا ترى مانعا من ذلك.

والسلام عليكم ورحمة الله

اخوك احمد الكاتب

جوابنا على رسالته الثانية:

قوله: (طلبت مني في رسالتك الأخيرة عبر الانترنت المؤرخة 6 شعبان 1420 بحث موضوع وجود الشهداء بعد النبي (صلى الله عليه وآله) الذين تعتبر شهادتهم كشهادة الرسول ويعتبر قولهم وفعلهم وتقريرهم كقول وفعل وتقرير الرسول، وان نبدأ ببحث الآيات والأحاديث الواردة حول الموضوع).

 

«صفحة 519»

أقول:

عرضت عليك البحث في هذا الموضوع سنة 1418 في نشرة وكتاب شبهات وردود الحلقة الثالثة ولم تجبني لسنتين مضت عليه ثم ذكَّرتك به سنة 1420 لما اجبتك على أول رسالة لك وجَّهتها الىَّ بالإنترنيت. ومع ذلك لم تجبني الى بحث هذا الموضوع وحوَّلت البحث الى مسألة ولادة المهدي وقلت انه الموضوع الأهم.

قوله: (سواء قلنا بحصر الامامة في اثني عشر او لم نقل فان نظرية الامامة هذه تعتمد في قيامها واستمرارها على ثبوت ولادة ووجود ابن للامام الحسن العسكري، بغض النظر عن المناقشة في الأحاديث التي ذكرتها (حديث المنزلة والثقلين والكساء والاثني عشرية وآية التطهير) ومدى دلالتها وصحة سندها. فاذا استطعت ان تثبت ولادة ووجود الامام الثاني عشر بصورة علمية تاريخية، فان نظرية الامامة او الاثني عشرية قد تصح، اما اذا لم تستطع ان تثبت ذلك فان من العبث الحديث عن شىء لا وجود له في الخارج).

أقول:

– الإمامة الإلهية لعلي يفرضها حديث المنزلة المتواتر، وحديث الغدير المتواتر وأحاديث أخرى كثيرة.

– والإمامة الإلهية لأهل البيت بشكل عام يفرضها حديث الثقلين وآية التطهير وغيرها من الأحاديث.

– وتحديدهم بإثني عشر يفرضه حديث الإثني عشر الثابت صدروه عن النبي وقد ذكرنا طرفا من طرقه ومصادره في الحلقة الأولى من كتابنا شبهات وردود.

– وإمامة الإمام الثاني عشر فرع لإمامة آبائه فإن صحت إمامة آبائه (عليهم السلام) فعندئذ تثبت إمامته (عليه السلام).

– أما ولادة المهدي فهي ثابتة بالنقل المتواتر عن أصحاب الحسن العسكري وقد مر البحث فيها.

قوله: (اعتقد ان البحث في معنى الامامة هو موضوع ثانوي يأتي بعد موضوع إثبات وجود الامام الثاني عشر المفترض، وكما قيل العرش ثم النقش).

 

«صفحة 520»

أقول:

انما نبهتك الى ان مصطلح الإمامة استعمل بمعنيين أو ثلاث بسبب اصرارك على استعمال معنى واحد وهو معنى (الحكم) هذا المعنى الذي أدى بك ان تقول (ان الشيعة يشترطون في الحاكم العصمة والنص واالسلالة العلوية الحسينية وانهم لما أقاموا دولتهم في ايران تخلو عن هذه الشروط في الحاكم)! والحال أن الشيعة (اشترطوا العصمة والنص والحصر في على والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين (عليه السلام)) في إمامة خاصة بهم وهي عين إمامة الرسول من حيث حجية قوله وفعله وتقريره سواء كان حاكما او لم يكن، وهذه الإمامة لهؤلاء الإثني عشر نظير إمامة اسماعيل واسحاق ويعقوب ويوسف والمعصومين من ذريته قبل موسى ونظير إمامة آل هارون بعد موسى المذكورين في القرآن. أما الحكومة فهي حق هؤلاء الأئمة في زمانهم وتستمر بعدهم في الصالحين من الفقهاء سواء كانوا من ذرية هارون أو من ذرية غيرهم وكذلك الأمر في الحكومة في عصر الغيبة هي للعدول من الفقهاء الكفوئين ممن تثق به الأمة سواء كانوا من الهاشميين أو لم يكونوا.

وهكذا لم يتخل أحد ممن رفع شعار ولاية الفقيه وإقامة الدولة تحت رايته عن عقيدته الإثني عشرية وذلك لوضوح ان إمامة أولئك الأئمة إمامة خاصة، يكون الحكم شأنا ضئيلا جدا من شؤونها. وإن الحاكم لا يشترط فيه العصمة ولا النص ولا السلالة العلوية الحسينية.

قوله: (ان إصرارك على بحث موضوع نظرية الامامة تبعا للأحاديث (الضعيفة في المتن والسند) التي ذكرتها، بعد انهيار النظرية الاثني عشرية، قد يجرك الى الانتقال الى الإسماعيلية او البهرة، واذا أردت ان تعيد النظر في نظرية الامامة ككل فيمكنك ان تصل الى نظرية الشورى التي اعتقد انها النظرية السياسية لأهل البيت الذين لم يكونوا يدعون العصمة ولا النص ولا حصر الخلافة والإمامة في سلالتهم).

أقول:

لم تبين نقاط الضعف في الروايات التي ذكرناها وقد ناقشنا كل إشكالاتك حول الإثني عشرية في نشرتنا شبهات وردود الحلقة الأولى وبقي حديث الإثني عشر على

 

«صفحة 521»

قوته وإعتباره السندي والدلالي. وقد نبهناك في الحلقة الثانية والثالثة من (شبهات وردود) وكذلك في رسالتي الجوابية الأولى بواسطة الأنترنيت انه لا تعارض القول بوجود اثني عشر اماما نص النبي عليهم أئمة هدى وحجج على الناس من بعده وكونهم أحق من غيرهم بالحكم أحقية أختصاص وبين القول بالشورى في الحكم بالمعنى الذي فصلناه في الحلقة الثانية ص 37-38. أما قولك (أن الأئمة لم يكونوا يدعون العصمة ولا النص…) فهي دعوى ادعاها قبلك علماء السنة قديما وحديثا، وبحث هذه المسألة يقوم على قضيتين الاولى دلالة النصوص القرآنية والنبوية على وجود معصومين، الثانية صدق نقل الشيعة عن أئمتهم. وبحث المسألة الأولى والفراغ منها مقدم على بحث المسألة الثانية.

قوله: (واعتقد ان مشكلتك هي في ممارسة القياس المذموم والمرفوض من أهل البيت، وتطبيق ما حدث في بني اسرائيل على الحالة الاسلاميةوتفسير كلمة (الأسباط) التي تعني القبائل اليهودية الاثنتي عشرة، بأوصياء النبي موسى، الذين تقول انهم اثنا عشر (بدون دليل) والتوصل تبعا لذلك الى ضرورة وجود اثنا عشر وصيا للرسول الأعظم من أهل البيت).

أقول:

منهج المقارنة بين ما جرى في بني إسرائيل وما جرى في أمة محمد (صلى الله عليه وآله) أكد عليه القرآن والسنة الصحيحة وليس هو من القياس في شيء وما رفضه اهل البيت من القياس هو القياس في الأحكام. وقد وضحنا المسالة في الحلقة الأولى م شبهات وردود ص 123-133 ردا على مقالك في الشورى العدد الثالث ص 6.

أما الأسباط الواردة في الآيات التي أوردناها في جوابنا فهي ليست ذات صلة بأوصياء موسى بل هي ذات صلة بأوصياء ابراهيم أرجو ان تدقق النظر فيها مرة ثانية.

ثم ان أوصياء موسى اثنا عشر قد نص عليهم القرآن الكريم في قوله تعالى (اثنا عشر نقيبا. .) وهو يخالف ما اوردته التوراة من العدد (15) وتسميهم بالقضاة.

قوله: (ولست في حاجة الى اتهامك باتباع عبد الله بن سبأ الذي يقال انه نقل هذه الفكرة من اليهودية الى الاسلام، وقال بكون الامام علي وصي النبي محمد كما كان

 

«صفحة 522»

يوشع وصيا للنبي موسى، فأنت تقوم بنفسك بالبحث في الإسرائيليات وقد تعلمت اللغة العبرية وجئت الى لندن لكي تفتش في الكتب اليهودية التاريخية عما يدعم نظريتك).

أقول:

القرآن يصرح بأن خبر بعثة النبي مذكور في التوراة والإنجيل كما في قوله تعالى ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الْأُمِّىَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ﴾ الأعراف/157، ويصرح ايضا ان خبر المسلمين مع النبي الذين جعلهم الله شهداء على الناس بعد النبي مذكور في الكتب السابقة كما في قوله تعالى ﴿وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ الحج/78.

فالآية صريحة في قضية ان المسلمين الشهداء على الناس في هذه الآية قد وصفهم وعينهم الله تعالى من قبل أي في الكتب السابقة يبقى الكلام من هم هؤلاء هل هم كل المسلمين ولم يكونوا كلهم من ذرية ابراهيم أم هم آل النبي كما ذكرالصادق (عليه السلام)؟

وسواء كانوا هؤلاء أم أولئك هل يعتبر البحث في الكتب المقدسة للعثور على النصوص التي أشار اليها القرآن في حق النبي والشهداء على الناس من بعده تهمة؟

والحمد لله فاني لست أول باحث في هذه الآيات ومتابع لواقعها في الكتب المقدسة فقد سبقني علماء المسلمين من السنة والشيعة فهذا ابن كثير وابن تيمية وقبلهما البيهقي والماوردي وقبلهما ابن هشام وابن اسحاق وغيرهما وفي العصر الحديث كثير منهم الشيخ رحمة الله الكيرانوي في كتابه اظهار الحق طبع قبل مأئة سنة ثم جدد طبعه الدكتور عمر الدسوقي سنة 1980ومنهم الدكتور احمد حجازي السقا وقد كتب أكثر من كتاب في الموضوع وكان أحدها رسالة للدكتوراه ومنهم قيس الكلبي وعنوان كتابه (محمد آخرالرسل في التوراة والإنجيل) (1996م) طبع في اميركا بالانكليزية والعربية. ولهم نظراء من الشيعة قديما كالنعماني في كتابه (الغيبة)

 

«صفحة 523»

والطبرسي في إعلام الورى وغيرهما وحديثا كالعلامة البلاغي الذي تعلم العبرية وناقش اليهود في أكثر من كتاب والعلامة العسكري في كتابه معالم المدرستين والاستاذ تامر مير مصطفى في كتابه بشائر الأسفار (1994م) وغيرهم و في منهجك فإن كل هؤلاء متهمون بتهمة السبائية ويبدو انك تريد خصوص الباحثين الشيعة الذين عرضوا في بحوثهم العلمية ان التبشير بالنبي محمد (صلى الله عليه وآله) في الكتب الإلهية السابقة مقترن بالتبشير بالإثني عشر، وهو أمر يغيظك جدا وإذا كان الأمر كذلك فلماذا تدعو للحوار إذن؟

قوله: (ولم يكن الشيعة الامامية قد حددوا الأئمة بعدد محدود قبل القرن الرابع الهجري. وقد طلبت منك مرارا ان تقوم بالتأكد من أحاديث الاثني عشرية وصحة نسبتها الى أهل البيت قبل ان تقوم بتأييدها من الإسرائيليات).

أقول:

بحثنا دعواك ان الشيعة لم يكونوا يعرفون الأثني عشرية قبل القرن الرابع الهجري في الحلقة الأولى التي صدرت سنة 1417 هجرية وقد كرسناها للرد على كل شبهاتك حول الأثني عشرية ثم أثبتنا لك صحة نسبة الأحاديث الإثني عشرية الى أهل البيت وإلى النبي قبل ذلك ولم ترد بشيء وقد مضى على تلك الردود المنشورة ما يقرب من اربع سنوات!

قوله: (وفي الحقيقة اني عاتب عليك جدا وأشكوك الى الله، إذ أراك تستخدم الحوار معي بصورة ملتوية ولأغراض سياسية وإعلامية علمها عند الله، وذلك لأني كنت المبادر الى دعوتك للحوار حول موضوع المهدي، قبل ان انشره، في سنة 1992 وانتظرت مجيئك الى لندن عام 1995 وألححت عليك باللقاء فكنت تتهرب مني وتشترط التسليم في البداية بالفصل بين معنيي الامامة الخاص والعام، قلت لك لنجلس ونبحث، فرفضت اللقاءوتوسلت اليك ان تدلني على مواضع الخطأ في كتابي، فقلت انا لا أرد على كتاب غير مطبوع، ثم نشرت ردودك قبل ان اطبع الكتاب، ومع ذلك لم تناقش الموضوع الرئيسي فيه والذي يشكل حجر الزاوية في الفكر الإمامي الاثني عشري وهو وجود وولادة الامام الثاني عشر، ونبهتك الى ذلك في رسالتي

 

«صفحة 524»

السابقة فوعدت في الحلقة الثالثة ان تفعل في المستقبل، ولم تقم بذلك حتى الآن. . ولا زلت تدور في الحواشي والجزئيات وتتهرب من مواجهة الموضوع الرئيسي)

أقول:

1. ردودي عليك في حلقاتي الثلاث وفي هذه وهي الرابعة مستقيمة وواضحة حيث اني نهجت فيها جميعا منهجا واحدا وهو أني كنت اورد قولا لك منشورا في نشرتك الشورى أو في كتابك يعبر عن فكرة تامة وأشير الى موضعه في نشرتك أو كتابك ثم أعلق عليه بما تيسر لي من البحث والكلام العملي، وأغراضها واضحة وقد وضحتها في مقدمة الحلقة الأولى حيث قلتُ في ص 15 (إني أحاول في هذه الأوراق ان أختصر الرد وأيسره لطلاب الحقيقة وبخاصة وأن كثيرا منهم لا يتسع وقته لمراجعة مطولات الكتب ولا مختصراتها) وكان بإمكانك لو وجدت فيما رددت به عليك ثلمة ان ترد وقد مضى من الزمن ما يكفي.

2. قولك (كنت تتهرب مني) مما يضحك الثكلى، أما تذكر يوم دعاك الأستاذ الدكتور سعد جواد في الى بيته العامر في لندن سنة 1995لحضور اول محاضرة لي بعد قدومي مع مناقشة مفتوحة بعدهاولم تحضر الا بعد انتهاء المحاضرة والمناقشة وخروج أغلب المدعويين ووصلتَ ونحن في حال الخروج ولما دخلتَ لم نجلس وبقينا واقفين وتحدثنا قريبا من ثلث ساعة وفيها طلبت مني لقاء منفردا فأبيتُ ذلك وأصررتُ على اللقاء المفتوح وبحضور عدد واسع من الأخوة فكان جوابك ان الناس لا يتحملون صراحة الأفكار وأتوقع منهم الاهانة فقلت لك انك أعلنت عن أفكارك وديسكات كتبك تتحرك في المجتمع والمفروض انك تتحمل ردود الفعل على أفكارك وبقيت الفكرة معروضة شهرين مدة وجودي في لندن وكنت تصر فيما بعد على عدد قليل وكنت أصر على العدد الكثير حيث كنت أحدس ان النقاش معك لا يجدي نفعا وانما اردتُ من حضور الكثرة آنذاك هو فائدتهم وشهادتهم لا غير وقد تبين لي وللآخرين صدق حدسي بعد انسحابك من الحوار على شبكة هجر الثقافية الموقرة شهر رمضان المبارك سنة 1420 بعذر انك غير متفرغ لمواصلة الحوار على الرغم من انك طالب الحوار معهم.

 

«صفحة 525»

ولست أدري كيف اتهرب منك وأنا أول من نشر ردوده عليك بصورة معلنة وصريحة ولا فخر! .

3. أما اشتراطي عليك الفصل بين معنيي الإمامة فقد أخبرتك في وقته انك وقعت في خلل منهجي مركزي تحرك معك في كتبك الثلاثة وهو انك تنظر الى إمامة أهل البيت على انها مسألة سياسية حسب. بينما هما مسألتان الأولى كونهم حجاً إلهييين معصومين بعد النبي شهادتهم على الناس كشهادة النبي ومن تركهم ظل ومن أخذ بقولهم وتمسك بهم نجى. الثانية مسالة كونهم الاولى بالحكم بعد النبي اولوية اختصاص لا أولوية تفضيل. وقد مر تفصيل ذلك. وأذكر انني سألتك في احدى المكالمات الهاتفية بيني وبينك لما لا تقبل بالمنهج المذكور قلت إذا قبلت به فإن كتبي الثلاثة تنهار! ! ! والأمر واضح وهو انك بنيتها على منهج خاطيء.

4. لقد بقيتُ ملتزماً بكلمتي معك وهي انني قلت لك: فى وقته إنني لا أرد على كتاب غير منشور، ولو راجعت الحلقة الأولى والثانية من كتابي شبهات وردود لوجدتهما ردا على نشرتك الشورى وليس على كتابك الذي لم تطبعه آنذاك، أما الحلقة الثالثة فقد رددت فيها على كتابك بعد ان نشرته والذي لم تشر فيه الى ردودي عليك! .

5. الغريب انك حكمت على الشيعة الأوائل القائلين بالوصية بانهم أخذوا فكرة الوصية من عبد الله بن سبأ ثم حين ناقشتك في ابن سبأ ومصداقيته اصبحت المسألة عندك مسألة هامشية وجزئية! ! ! .

وحين ادعيت أن الشيعة في القرن الثالث لم يعرفوا الإثني عشرية وأثبت لك خطأ دعواك هذه أصبحت المسالة عندك مسألة هامشية وجزئية! ! ! .

وحين قلت ان روايات كثيرة في المصادر الشيعية تفيد ان الأئمة لم يكونوا يعرفون إمامة الإمام اللاحق بعدهم الا عند قرب وفاتهم وأثبت لك انك أخطأت في فهم الرواية أصبحت المسألة عندك مسالة هامشية وجزئية! ! ! .

 

«صفحة 526»

وحين ادعيت أن الشيخ محمد بن علي بن بابويه الصدوق كان يشك بتحديد الأئمة بإثني عشر وأثبت لك خطأ دعواك بنسبة الشك اليه بالعقيدة الإثني عشرية أصبحت المسالة عندك مسألة هامشية وجزئية.

وهكذا كل ما ناقشتك فيه من دعاواك في الحلقة الأولى والثانية والثالثة واثبت لك خطأك فيها اصبحت عندك مسألة هامشية وجزئية وحاشية! ! ! .

وليس من حقك تهميش هذه القضايا وقد سقتها واحدة بعد الأخرى لتبني تصورك السلبي عن التشيع الإثني عشري وقضاياه الأساسية.

والآن بين يديك الحلقة الرابعة وقد اثبت لك خطأ دعواك: ان شيعة الحسن العسكري تفرقوا الى اربع عشرة فرقة وأن القائلين منهم بوجود المهدي بن الحسن العسكري هم شرذمة من اصحاب الحسن العسكري وليس جمهور اصحابه، ولا بد انها ستصبح عندك بعد ذلك مسألة فرعية وجزئية بإعتبارها متفرعة عن مسألة الإمامة الإلهية بعد النبي ككل والتي يجب بحثها أولا والفراغ منها قبل بحث مسألة وجود المهدي (عليه السلام) وفي هذه المرة يكون الحق معك ولا بد ان نبدأ ببحث الامامة اولا وقبل البدء لا بد ان نتفق على مرادنا من مصطلح الإمامة وهو ما قلناه لك في شهر رمضان لسنة 1416هـ الموافق سنة 1995 م. وقد بحثنا مسألة الإمامة الإلهية في الحلقة الثانية والثالثة من كتابنا شبهات وردود.

أخي أحمد الكاتب:

أحب أن أصارحك ان الجهد الذي بذلته شخصيا للرد على شبهاتك وبذله أخوة آخرون في كتابات ستظهر قريبا جزاهم الله تعالى عليها خير الجزاء ليس من أجل ان تغير تصوراتك الخاطئة عن إمامة أهل البيت (عليهم السلام)، وذلك لانك لو أردت ان تصل الى الحقيقة فيها فقد كانت ميسرة لك حين كنت تعيش في عمق مصادر الشيعة وتراثهم الفكري ومن ثم لست بحاجة الى هذه الأبحاث، وهي (أي الحقيقة) ميسرة ايضا لغيرك ممن يعيش في عمق مصادر أهل السنة وتراثهم الفكري، والسر في ذلك هو ان كتاب الله يدعو لها قبل ان يدعو لها تراث الشيعة كما ان حديث النبي (صلى الله عليه وآله) برواية أهل السنة يدعو لها قبل ان يدعو لها تراث الشيعة، وفي حقبتنا المعاصرة قد انفتح على هذه الحقيقة اناس ممن ليسوا من أهلها أكثر ممن انغلق عليها من أهلها وقد انفتح كثير من هؤلاء لا بجهد خاص من شخص معين بل بجهدهم الخاص ومعاناتهم الخاصة و

 

«صفحة 527»

تفكيرهم الحر. وانت شخصيا / إن أردت الحقيقة / لست بجاجة الى أكثر من عودة الى ذاتك فأنت أعرف بها منا جميعا إقرأها من جديد بعد انسحابك من الحوار من شبكة هجر، اقرأ معي قوله تعالى: ﴿بَلْ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ*وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾ القيامة/14-15 وقوله تعالى حاكيا عن نبيه نوح ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾ هود/28 والشاهد قوله تعالى ﴿فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾ أي فخفيت عليكم بسبب الموقف المسبق. ولنقرأ سوية المأثور من قول أمير المؤمنين علي (عليه السلام): عباد الله، زنوا أنفسكم من قبل أن توزنوا، وحاسبوها من قبل أن تحاسبوا، وتنفسوا قبل ضيق الخناق، وانقادوا قبل عنف السياق، واعلموا أنه من لم يعن على نفسه حتى يكون له منها واعظ وزاجر، لم يكن له من غيرها لا زاجر ولا واعظ. . جعلك الله من أهل الحق وهداك له.

والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

ملاحظة:

لم أبعث له هذه الرسالة بسبب خروجه عن أدب الحوار.

إذ ان من ابسط هذه الآداب هو الثقة المتبادلة بين المتحاورين في النقل الحسي فيما يخصهما شخصيا حيث قلت للاستاذ الكاتب اني لم اكن المتحدث في المداخلة التي حملت اسمي بل المتحدث هو السيد حسين الكشميري وقلت له ارجع ودقق في صوت المتحدث بل بإمكانك ان تتصل بالسيد حسين الكشميري وتتأكد من ذلك ولكنه أجابني بقوله (انك انت الذي كنت تتحدث… وربما تكون قد وجدت الاجابة غير مناسبة وتحاول التهرب منها بالادعاء انها كانت لشخص غيرك).

أقول: لقد استعجل الأستاذ الكاتب وكوَّن حكما في هذه القضية البسيطة قبل ان يستوعب الأتصال بمصادرها وهي ميسرة له فيتصل مثلا بالسيد حسين الكشميري في قم وهو شخص معروف ويسأل منه او يطلب بعض أحاديثي المسجلة الميسرة عند الأصدقاء في لندن ليقارن بين الصوتين وإنما اكتفى بمخزون ذاكرته عن صوتي وهو

 

«صفحة 528»

ضئيل جدا إذ لم تكن بيننا رفقة طويلة ولا قصيرة ولا حتى لساعتين وانما جرت مكالمة هاتفية بيننا ثلاث مرات ومرة حضر في بيت احد الأصدقاء في لندن ونحن على وشك الخروج فبقينا واقفين مدة ربع ساعة تقريبا نتحدث ومرة أخرى استمع فيها الى محاضرتي في قاعة المجلس الأعلى في لندن وذلك سنة 1995، ثم بعد خمس سنوات يسمع صوتا مقرونا باسمي في مداخلة كان المقدر ان اتكلم فيها شخصيا ولكن الذي حصل هو اني لم اتكلم بل تكلم فيها غيري لملابسة حصلت(1) ولم يصدق بإخباري له في رسالة انني لست المتحدث في تلك المداخلة.

وإذا كان الرجل يتعامل مع قضية بسيطة لا يفصل بينه وبين مصادرها الا دقائق أو ساعات بمثل هذه الروح والمنهج، فكيف سيكون تعامله مع قضايا اكثر تعقيدا والفاصل الزمني بينه وبينها يزيد على الألف سنة؟ انها نفس الروح بل اعمق الم يحكم بكذب السفراء الأربعة ونسب اليهم انهم اختلقوا القول بوجود ولد للحسن العسكري وجعلوه الإمام الثاني عشر، وتجاوز بذلك جمهور الشيعة الذين كانوا يتعاملون حسيا مع هؤلاء النواب ويرون استقامتهم وامانتهم وثقة الماضين من الأئمة بهم؟ .

ـــــــــــــــــــــــ

(1) كان معي في مكان مشاهدة المقابلة سماحة الشيخ الآصفي وسماحة الشيخ الكوراني وسماحة السيد كمال ا لحيدري وسماحة السيد رياض الحكيم مدير مكتب آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم وفضيلة الأستاذ جواد علي كسار وكانوا شاهدين لواقعة ظهور اسمي على شاشة التلفزيون وحديث غيري. وكان سر الإلتباس الذي حصل هو اني وبعض الأخوة كنا في بيت وقد أعطيت رقم تلفون هذا البيت لمنسق المداخلات ثم حصل عطل في جهاز التلفزيون فغادرنا المكان الى مكان آخر حرصا على متابعة المقابلة وبعد خروجنا أصلح العطل الدي كان بسيطا ولم نلتفت اليه وجاء السيد حسين الكشميري وآخرين الى هذا المكان واتصلت قناة الجزيرة بعد ذلك بهذا البيت ولم يشأ السيد الكشميري ان يضيع الفرصة وتكلم وغفل عن التنبيه في نهاية المداخلة انه ليس السيد سامي البدري.

«صفحة 529»

الحلقة الرابعة

الفصل الثامن ـ كتبوا للمؤلف

 

«صفحة 530»

 

«صفحة 531»

كتاب آية الله العلامة السيد مرتضى العسكري

صاحب الفضيلة الباحث الـمُجيد حجة الإسلام السيد سامي البدري المحترم:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد طالعت بإمعان الأعداد الثلاثة التي صدرت من نشرتك (شبهات وردود) ووجدتك فيها باحثاً موضوعيا لا تترك لمناظرك حجة دون ان تبين زيفها اسأل الله تعالى ان يوفقك للاستمرار في امثال هذه البحوث النافعة وارجوا من اخواننا المؤمنين ان يساعدوك في نشرها بأكبر عدد والسلام عليك

من العسكري

22/2/77

كتاب آية الله العظمى السيد كاظم الحائري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الميامين وبعد فإنّي طالعت كثيرا من مطالب كتاب (شبهات وردود) المشتمل على حلقات ثلاثة فوجدته وافيا بالغرض كافيا في دفع الشبهات التي نقلها حول الإمامة بالمعنى الخاص لدى الشيعة الإثني عشرية فجزى الله مؤلفه البدري حفظه الله عن التشيع وعن الإمامة خير الجزاء وأسأل الله تعالى ان يزيد في توفيقاته لخدمة الإسلام والتشيع وللدفاع عن العقائد الحقة انه حميد مجيد.

والسلام عليه وعلى جميع الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه ورحمة الله وبركاته.

كاظم الحسيني الحائري

 7/ جمادي الأول /1420

 

«صفحة 532»

كتاب آية الله الشيخ مجتبى العراقي

سماحة العلامة المتتبع حجة الاسلام والمسلمين السيد سامي البدري دامت افاضاته العالية.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وصلتني هديتكم الحلقات الثلاث من كتابكم القيم (شبهات وردود).

وطالعت شطراً كثيراً منها، فوجدته في اسمى المعاني… في الذب عن حريم الولاية الإلهية والوصاية القطعية النبوية، وابهجني سبك مناظراته وردوده وكثرة تتبعاته واستشهاداته لتفنيد شبهات الكاتب الكاذب، ولا غرو في ذلك فإن المؤلف حفظه الله من ثمرة الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، أسأل الله العزيز تأييده وتسديده، ويوفقني واخواني للاستفادة منها انه خير معين، كتبه خادم اهل العلم والعمل مجتبى العراقي في عاشر جمادى الاولى من شهور 1420هـ ق.

رسالة الاستاذ حيدر الحلي من السويد

بسم الله الرحمن الرحيم

التاريخ 16 ربيع الاول 1420 هـ

سماحة الحجة السيد سامي البدري اعزه الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد…

وقع بين يدي قبل ايام كتاب صغير الحجم عظيم الفائدة جليل القدر وعالي الهمة ينبىء بغزارة اطلاعكم وسعته وبراعة استدراكاتكم في طرقها الجميلة… في الرد على احد الخارجين عن جادة الحق نور الولاية الا وهو احمد الكاتب، هذا الرجل الذي اربك كثيرا من الشيعة في كتاباته واطروحته المريبة، وقد ظننا ان الرد على هذا الرجل سيكون بطيئا وربما لا يكون سريعا. . فكانت سلسلتكم العظيمة الأمل الذي كنا نتظره لكي يرد الحجر من حيث آتى فكانت بحوثكم حول شبهاته تشفي الغليل وتروى العليل…

 

«صفحة 533»

لذا إرتئينا ان نراسلكم سماحة السيد المبجل آملين منكم ان ترسلو لنا الحلقات الاخرى لردودكم هذه حتى ننشرها بين الاخوة هنا. . ويا حبذا لو تكرمتم بأرسال ديسك حلقاتكم هذه حتى ننشرها على الانترنت حيث ان لنا صفحة بلغات متعددة ومنها العربية ليتسنى لكل من قرأ افكار ذلك الرجل معرفة الحقيقة والحقائق الجمة التي ذكرتموها في كتابكم -شبهات وردود-. .

فتقبلوا فائق التحية وعظيم الاحترام من اخيكم الصغير.

المشرف العام للمكتبة الاسلامية الثقافية حيدر الحلي.

ودمتم برعاية المولى وحفظه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركته

المخلص لكم

حيدر الحلي

رسالة الاستاذ خضير عباس من كندا

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة السيد سامي البدري حفظه الله تعالى

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ولكم صادق دعائي ان يحيطم سبحانه بواسع لطفه وكريم تسديده.

وبعد.

قبل فترة قصرية وقع بين يدي “شبهات وردود” التقطه بفرح من مكتبة احد الاخوة هنا في لندن / اونتاديو – كندا – حيث اقيم.

… معرفتي بك _ سيدنا الجليل _ كانت قبل بضع سنين إذ أتحفني أخي الحبيب أبو جعفر السامرائي بشريطين تسجيليين لمحاضرة رائعة لكم في بيته يوم زيارتكم للندن / بريطانيا فانست بها ودفعني حبي لذلك الحديث الرائع الى أن أوسع من ساحة أنتشارها بين الأخوة والمعارف… إذ فيها الكثير من إزالة الغبش عن العيون عيون الناظر الى تاريخ السنة وإشكالات التدوين والطمس لكل ما هو مضيء في تاريخها،

 

«صفحة 534»

وملابسات صلح الإمام الحسن (عليه السلام) واستمرار الإمامة عبر معجزة (مرض السجاد) وشفائه مباشرة بعد مجزرة كربلاء… وها أنا ذا التقيك ثانية عبر (شبهات وردود) الحلقة الاولى فإذا هو انت كاتبا كما أنت متحدثا لغة سهلة منسابة، معلومات مهمة وفيرة، عرض تعليمي فيه الكثير من التبسيط الذي لا تفقد فيه العبارة روعة وقوة الحجة وموضوعية الحوار وأخلاقيته العالية…

اننا ايها السيد الجليل بحاجة ماسة الى مثل هذه الجهود المباركة التي فيها الكثير جدا من حداثة العرض لعقائدنا… بالاسلوب الجديدوبالوضوح الكبير، بالحجج المضافة ممن نذر نفسه أمثالكم ووجوده لتثبيت الحق في النفوس وازالة الغبش عن العيون، وزرع الثقة في قلوب الموالين، فجزاك الله عن التشيع وقادته وابنائه خير جزاء المحسنين، ووفّاك الله أجرك شفاعة اجدادك يوم الفزع الاكبر، ورزقك صحبتهم في جنات النعيم.

اخوك في الله خضير فاضل عباس

28/2/98

رسالة الدكتور سعيد السامرائي من بريطانيا

2رمضان 1418 – 1/1/1998

بسم الله الرحمن الرحيم

حضرة الاخ الكريم المجاهد السيد سامي البدري حفظه الله

السلام عليكم ورحمة وبركاته. ابعث اليكم بأحر التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك داعيا عز وجل ان يديم عليكم نعمته ويؤيدكم في اعمالكم لخدمة دينه انه سميع مجيب.

وصلتني الاعداد الثلاثة من “شبهات وردود”… اكتب لك لأشد على يديك الكريمتين واهز يراعك ليستمر في المنافحة عن ولاية امير المؤمنين واولاده الاوصياء (عليهم السلام) في وجه هذه الهجمة الجديدة التي تختلف نوعيا عما سبقها وما يعاصرها. واني انما اسميها هجمة لانها ليست نتاج حالة انحراف فردية، ولقد كنت،

 

«صفحة 535»

في اول الامر، اخشى من خطر هذه الهجمة… الا انني الآن – وخصوصا بعد تصديكم للرد عليها- بت احسبها نعمة كبيرة في لبوس فتنة. ذلك ان الحقائق مهما كانت معروضة بقوة وعمق فإنها تستفيد ممن يهاجمها اكثر ممن ينافح عنها، حيث تبرز الهجمات أي نقص وأي ضعف قد يكون ألَمَّ (بأسلوب عرضها) جرّاء تراكم العهود…

اخوكم سعيد السامرائي

رسالة الاستاذ مهدي حمودي من بريطانيا

بسم الله الرحمن الرحيم

الى الاخ العزيز الحجة السيد سامي البدري دام محفوظاً

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد، وصلتنا نشرة شبهات وردود الحلقة الثالثة والمتضمنة الرد على الجزء الاول من كتاب احمد الكاتب (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى… الى ولاية الفقيه).

كان لردكم اهمية كبيرة سواء في حقيقة هذه الشبهات ام في التوقيت بعد ان ظهر الكتاب في الاسواق وتناولت خبره بعض الصحف والمجلات…

وكذلك بالنسبة لأوساط محبي اهل البيت (عليهم السلام) من مشاعر الارتياح.

امتاز طرحكم في معالجة الشبهات التي اثارها الكاتب بتوفير البحث على القارىء وكذلك فضح طريقة تعامله مع الروايات بطريقة انتقائية وهذه تبين مدى التدليس الذي كان يقوم به.

والامر الآخر هو ترتيب الافكار وتوضيح المفاهيم مما حصل في موضوع دور النص في تثبيت الحق الشرعي ودور البيعة في توفير القدرة السياسية وكذلك مفهوم الشورى كل حسب موضوعه.

كما بودي ان انقل اليكم بعض مشاعر الارتياح والتقدير التي عبر عنها محبو اهل البيت (عليهم السلام) هنا بالنسبة اليكم من طلبة العلم والخطباء.

اخوكم مهدي حمودي

2 رمضان 1418 هـ

«صفحة 536»

رسالة الاستاذ السيد ثامر العميدي من ايران

بسمه تعالى

سماحة حجة الاسلام والمسلمين الاستاذ السيد البدري دام -عزه وعلاه-.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وصلتني نشرتكم (شبهات وردود) – العدد الثالث وقد سررت بها غاية السرور… ومن شغفي بها وتتبع اخبارها اني قرأتها حرفا بحرف، وكانت قراءتي لها قراءة دقيقة وبامعان شديدين، وقد وجدتك فيها – كما عرفتك- مدافعا صلبا عن الحق واهله وعالما جليلا في ميادين العقيدة الحقة، فجزاك الباري عز وجل احسن الجزاء ووفقك في العاجل والآجل، انه سميع الدعاء.

اخوكم المخلص

قم/السيد ثامر العميدي

الجمعة 11 شعبان 1418

رسالة الاستاذ الشاعر جواد جميل من ايران

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة العلامة المجاهد الأخ السيد سامي البدري رعاه الله وسدده.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته… وبعد.

فلا أراني الا عاجزا عن الثناء على جهودكم الطيبة، وابداعكم الجليل وان كان ولابد لي من التعبير عن اعجابي باصداركم الذي حمل كل معاني الجهد العلمي والمواجهة الشريفة. .

اشد على ايديكم واتمنى على الله ان يوفقنا جميعا لما يحب ويرضاه ولا زلت داعيا لك ايها الصديق الجليل.

اخوكم

جواد جميل

 

«صفحة 537»

رسالة الاستاذ الدكتور عباس ترجمان من ايران

بسم الله الرحمن الرحيم

وله الحمد وبه نستعين

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين والطيبين من اصحابه اجمعين.

فضيلة الاخ المحقق المجاهد الفاضل السيد سامي البدري ادام الله توفيقك.

السلام عليكم وصلوات ورحمة من الله تعالى.

اما بعد: فقد وصلتني الحلقة الثالثة من (الشبهات) وردودكم عليها بما يكتفي بها طالب الحق والحقيقة. ويقتنع بها من لم يكن في قلبه مرض، الذي يبحث عن الحوادث الواقعة حقاً في تاريخنا المثقل بالمدسوسات والموضوعات. حتى يكاد الباحث المحقق ان يطبق فلسفة ديكارت ابي الفلسفة الحديثة عليه، ويشك في كل خبر وحديث حتى يتحقق له الصدق والصواب.

ولست ادري وليتني كنت ادري – ما الذي يقصده احمد كاتب الشبهات من نبشها وإثارتها، هل يريد معرفة الحقيقة ونشرها بين المسلمين. ام يريد غير ذلك؟ فإن كان ينشد الحقيقة، فردودكم – ايدكم الله تعالى – تضمن له ذلك: وهي كافية وشافية، هذا فيما اذا كان من (الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه، اولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولوا الالباب) ولكن يتبين من ردود فعله – هداه الله تعالى- انه بإثارته هذه الشبهات، وعدم اقتناعه بالردود النافية، واصراره على الخلاف والعناد انه من (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً).

وانتم -بحمد الله وقوته- قد اوقفتم مساعيكم، وطويتم اوقاتكم بالرد على هذه الشبهات المشبوهة وقمتم بهذا الواجب الكفائي، وجردتم سلاح القلم في ميدان البحث والتحقيق، وانتصرتم بحمد الله تعالى – ولا يوحشنكم خلو الطريق لقلة سالكيه، فإن الله قد وعد بالنصر، وقال: (ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم)، ولا يخفى على حضرتكم ان صوت هذا الكاتب لو اختفى، ستظهر اصوات اخرى مادام اعداء الاسلام يناهضون الاسلام الحقيقي المتمثل بمدرسة اهل البيت (عليهم السلام) وما دام الصهاينة يحتلون

 

«صفحة 538»

قلب المناطق الاسلامية. ويصولون ويجولون، وانما جزءوا البلدان الاسلامية ليفرقوا المسلمين ويضعفوهم، وهذا ما تم لهم ولا زالوا يبذلون اقصى جهدهم في شتى السبل ليزيدوا من ضعفهم وتفرقتهم.

ولا تيأسوا من هداية الكاتب وغيره “ولعل الله يحدث بعد ذلك امرا”. والحقيقة (انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو اعلم بالمهتدين).

وفي الختام اسأله تعالى ان يبارك لكم هذا التوفيق، وينصركم في هذا الجهاد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المخلص عباس الترجمان

طهران – الاحد 5/ شعبان /1420 هجريه

رسالة الأستاذ حسين الساعدي من ايران

بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة العلامة المحقق السيد البدري (دام عزه).

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ندعو من الله لكم بالتوفيق والتسديد في أعمالكم العلمية وما تقومون به من ردود علمية على شبهات احمد الكاتب التي أثارها في نشرة الشورى وكتابة (تطور الفكر الشيعي).

راجين قبول هذه المشاركة منا في الرد على إحدى ادعاءات احمد الكاتب والتي نكشف بها عن عدم دقته في ضبط النصوص والأحداث وبطلان مزاعمه في اطلاعه الكافي على التاريخ الشيعي.

وأخيرا تقبلوا منا خالص الدعاء.

الدولة المشعشعية في خوزستان والعراق

كتب احمد الكاتب كتاباً بعنوان (تطور الفكر السياسي الشيعي في الشورى الى ولاية الفقيه) درس فيه موضوع الامامة وادعى ان نظرية الشورى كان يؤمن بها الجيل

 

«صفحة 539»

الاول من الشيعة ثم نظرية الامامة القائمة على النص والعصمة والمعاجز التي ولدت في القرن الثاني ثم وصولها الى طريق مسدود بوفاة الامام الحسن العسكري.

ثم يبني جل بحوثه في الجزء الثالث من كتابه على اساس نظرية الانتظار التي وصفها بانها كانت تهيمن على الفكر السياسي الشيعي بعد غيبة الامام المهدي المختلق كما يدعي.

ويصف بحثه هذا بأنه بحث معمق شامل درس فيه كتب الحديث والتاريخ والفقه حتى توصل الى نتائج لم يصل اليها قبله احد من علماء الشيعة.

ويقول في المقدمة (وقد تعجبت من نفسي جداً لجهلي بتاريخ الشيعة وانتبهت الى غياب درس مادة التاريخ بالمرة في الحوزة العلمية ولا يوجد لديها حصة واحدة حول التاريخ الاسلامي والتاريخ الشيعي).

وعند قراءة الكتاب يتضح عدم اطلاع احمد الكاتب على التاريخ الشيعي، واليك ايها القارىء نموذجا يكشف عن ذلك.

عرض احمد الكاتب تحت عنوان الدولة المشعشعية في خوزستان والعراق(1)قضايا تلخصها بما يلي:

1- ان الدولة المشعشعية في خوزستان والعراق قامت سنة 783 بعد سقوط الدولة السربدارانية واستمرت حتى سنة1117هـ.

2- كان محمد بن فلاح المشعشع على شىء من التصوف.

3- كانت الدولة المشعشعية معاصرة لاحمد بن فهد الحلي ت (841هـ) والمقداد بن عبد الله السيوري (826هـ) ورغم انهما معاصران لهذه الدولة لم يطرحا موضوع النيابة والتزما بنظرية الانتظار.

4- بان السيد نور الله بن محمد شاه التستري والشيخ عبد الله بن الحسين التستري شاركا في السلطة وادارة الدولة.

هذا كل ما اراد ان يقوله تحت هذا العنوان ويريد ان يؤكد بان الدولة المشعشعية

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه ص 373-374.

«صفحة 540»

الشيعية عاصرت اثنين من كبار فقهاء الشيعة، كما شارك في ادارتها اثنان منهم ولم يطرحوا ما يخالف نظرية الانتظار التي سار عليها الفقهاء منذ عصر الغيبة!

والان نبحث ما يتعلق بالموضوع تاريخياً لنرى مدى دقة احمد الكاتب في ذلك ونؤجل البحث عن النيابة ونظرية الانتظار عند الشيعة الى فرصة اخرى ان شاء الله…

بداية تحرك محمد بن فلاح المشعشع وظهوره:

نبحث تحت هذا العنوان بداية ظهور محمد بن فلاح المشعشع وحركته ليتضح عدم دقة احمد الكاتب في ما قاله حول تاريخ قيام الدولة المشعشعية:

ان اقدم نص يذكر ظهور محمد بن فلاح ما جاء في كتاب مجالس المؤمنين للتستري وتاريخ العراق بين الاحتلالين للعزاوي نقلا عن تاريخ الغياثي قال: بدأ ذكره وظهر عام (820هـ) وادعى المهدوية وفي تلك السنة حدث القِران(1) فدل على ظهوره تأثيرات القران طلب اسبند بن القران يوسف التركماني من فقهاء الشيعة والسنة المباحثة فاختار مذهب الشيعة وضرب السكة باسم الائمة الاثني عشر(2).

قال العزاوي في الهامش: ولم يكن اسبند (آسبان) في هذا الحين والي العراق وانما وليه في سنة (836هـ) كما مر.

والنص التاريخي الذي جاء في مجالس المؤمنين وتاريخ العراق بين الاحتلالين: ان المشعشع جعل اجتماع بغداد احدى علامات ظهوره علماً ان الاجتماع كان سنة (840 هـ) وان اسبند دخل بغداد سنة (836هـ) ولعل الاربعين قلبت بالعشرين بايدي نساخ تاريخ الغياثي وانتقل هذا الخطأ الى سائر المؤرخين كالتستري والعزاوي والخونساري. والغياثي ينص في موضع آخر على ظهوره سنة 840 هـ وقال كما في تاريخ العراق بين الاحتلالين(3):

ـــــــــــــــــــــــ

(1) القران: أي الاجتماع. ولعله اللقاء الذي حصل بين المشعشع ونور بخش لتعلم المشعشع الطريقة الصوفية وادعاء المهدوية من نور بخش.

(2) مجالس المؤمنين 2/395 وتاريخ العراق بين الاحتلالين 3/109 روضات الجنات 1/82.

(3) تاريخ العراق بين الاحتلالين 3/109 الهامش.

«صفحة 541»

ان محمد بن فلاح جامع المعقول والمنقول اعتكف في جامع الكوفة سنة و ظهر منه تخليط في ابتداء ظهوره في سنة (840هـ) حتى امر استاذه بقتله(1).

وهذا نص صريح من الغياثي في ابتداء ظهوره وان السابق كان خطأ بأيدي النساخ.

وبعد ان ادعى المهدوية واصابه تخليط نتيجة اعتكافه امر استاذه احمد بن فهد الحلي بقتله فهرب الى الموضع الذي يقطنه المعادي في الاهوار وهم الجماعة الاولى التي التفت حوله وكانت اول عشيرة آوته بني سلامة ثم التحقت به قبائل عربية اخرى كالسودان وبني اسد وبني طي وبني حطيط ومن سكن الانهار المتفرعة عن دجلة وبعدما فشل في هجومه على جصان ارتحلوا الى الدوب وهو محل نزول طائفة المعادي (المعدان) بين دجلة والحويزة فاستتروا هناك.

قال الغياثي: والدوب موضع ذو قصب لا يقدر عليه احد.

اقول: وقد رأيته وهو ممر مائي واسع في وسط هور الحويزة في الاراضي العراقية، قرب الحدود الايرانية.

حوادث في بداية تحركه:

في سنة 840 هـافتى استاذه بقتله وهرب الى الاهوار.

وفي سنة 844 قصد شوقه (شوكه) من قرى جصان فلما سمع به حاكم جصان خرج اليه وقتل من اصحابه واسر منهم الكثير.

وفي سنة 844 هـ امر قبيلة نيس ببيع مالديها من جاموس لشراء اسلحة.

وفي تلك السنة غار على واسط وقتل من المغول اربعين وانسحب الى الدوب.

وفي نفس السنة سار السيد محمد بن فلاح نحو الجزائر وسيطر عليها للخلاف الدائر بين الامراء فيها ونصب الامير شحل حاكماً عليها من قبله.

وفي سنة 845 سير نحو ثلاثة آلاف محارب الى واسط ولم يتمكن من السيطرة

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تاريخ العراق بين الاحتلالين 3/110/111.

«صفحة 542»

عليها وتكبد ثمانمائة قتيل من انصاره.

وفي تلك السنة دخل الحويزة لاول مرة بعد قتال طويل هزم خلاله حاكمها جلال الدين الجزري.

وفي نفس السنة انضمت اليه قبائل عبادة وبني ليث وبني سعد واستولى على الرماحية من حواضر الفرات الاسفل.

وفي احداث سنة 847 قال العزاوي في تاريخه هذه السنة قضاها الامير اسبان التركماني في حرب المشعشع.

وفي سنة 853 انضم الامير الوند الكردي الى المشعشع.

وفي سنة 857 هـ اغار المولى علي بن محمد بن فلاح المشمشع على واسط والحلة والمشهدين الشريفين.

وفي سنة 860 هـ اغار على طريق خراسان وبعقوبه وسلمان باك (المدائن)، وقتل من فيها.

وفي سنة 861هـ عاد المولى علي إلى الحويزة.

وفي سنة 866 في 7 شعبان توفى محمد بن فلاح وقيل سنة 870 هـ(1).

اذاً كان ظهوره سنة 840 هـ وبدأ يشن غاراته سنة 844 ودخل الحويزة لاول مرة سنة 845هـ وهذا خلاف ما قاله احمد الكاتب في بداية ظهوره سنة 784 وهذا لم يقل به احد من المؤرخين.

ولو لاحظنا الخارطة السياسية قبل عام 840 هـ لم نجد لمحمد بن فلاح ذكر ولم نر له أي دور او حدث سجله التاريخ بل الغياب التام في الخارطة السياسية والجغرافية.

فالواقع التاريخي يكذب ما قاله احمد الكاتب كما مر آنفاً في متابعة سير احداث ووقائع المشعشع وعامل المكان كذلك، حيث لم يكن للمشعشع له وجود او كيان سياسي قبل تاريخ 840 هـ

ـــــــــــــــــــــــ

(1) راجع مجالس المؤمنين 2/396 وتاريخ العراق بين الاحتلالين 3/109-213. وتاريخ الحلة القسم الاول، وتاريخ المشعشعين جاسم شير، دائرة المعارف الاسلامية الشيعية ج 10 – ص 191-205.

«صفحة 543»

عقائد محمد بن فلاح المشعشع:

بدأ السيد محمد بن فلاح المشعشع حياته صوفيا وصاحب رياضة ومكاشفة واعتكف قبل خروجه في جامع الكوفة سنة كاملة وظهر منه تخليط وادعى المهدوية حتى امر استاذه بقتله(1).

وكان يقول انا المهدي وسافتح العالم واقسم البلاد بين اصحابي واتباعي. وبعد فراره الى الاهوار اخذ يؤثر على الناس بطرح بعض المخارق على المعدان فاتبعوه و اعتقدوا صحة ما اظهره، وكان يقول لمريديه ان الذكر ينطوي على اسم علي ويتلقون منه كيفية التشعشع(2) وحينئذ تتحجر ابدانهم ويضربون بطونهم بالسيوف دون ان يصيبهم اذى(3).

وكانوا من الغلاة(4) وحلقة ذكرهم (علي، وغيره باطل) وأغار المولى علي بن محمد المشعشع على مرقد الامام علي تحت شعار الرب لا يموت(5).

إذاً كانت عقائده وافكاره صوفية مغالية ومزجها بالسحر وادعى المهدوية.

واستمرت هذه العقائد عند اتباعه بعد وفاته وفي زمن ابنه السلطان المحسن(6). ولم تعد الدولة المشعشعية الى حضيرة الاسلام والتشيع الا في زمن السيد المبارك بن عبد المطلب وبسعي السيد عبد المطلب وجهد الشيخ عبد اللطيف العاملي الجامعي. ذكر هذا الامر باسهاب السيد علي خان المشعشعي في كتابه النور المبين(7).

علاقة محمد بن فلاح بابن فهد الحلي و المقداد والسيوري:

ان احمد بن فهد الحلي توفي سنة (841 هـ) قبل ظهور امر السيد محمد بن فلاح المشعشع وقد افتى بقتله بعد ما ظهر منه ادعاء المهدوية.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تاريخ العراق بين الاحتلالين 3/111-112 ومجالس المؤمنين 2/396-399وريضا العلماء 4/81.

(2) ريضا العلماء 4/80.

(3) تاريخ العراق بين الاحتلالين 3/111.

(4) اعيان الشيعة 6/330.

(5) العلة بين البتصوف والتشيع 2/283.

(6) راجع تاريخ العراق بين الاحتلالين 3/348.

(7) راجع اعيان الشيعة 9/43 وماضي النجف وحاضرها 3/320 ورياض العلماء 2/242.

«صفحة 544»

واما المقداد السيوري فقد توفي (826هـ) قبل هروب المشعشع (841هـ) باربعة عشر سنة وليس هناك بينهما اية علاقة بل كان السيوري استاذ ابن فهد.

اذاً لم يكونا معاصرين لدولة محمد بن فلاح المشعشع كما ادعى احمد الكاتب.

مشاركة نورالله التستري وعبد الله التستري في ادارة الدولة:

قال احمد الكاتب: (رغم مشاركة عدد في الفقهاء في السلطة – كالسيد نور الله بن محمد شاه التستري والقاضي عبدالله بن الحسين التستري.

فقد طرح هنا قضيتين:

الاولى: وصف السيد نور الله التستري وعبد الله التستري بالفقهاء.

والثانية: بأنهما شاركا في ادارة الدولة المشعشعية.

وكما يظهر ان قيمة القضية الثانية مرتبطة ومترتبة على الاولى.

واذا لم يكونا من الفقهاء لا يصح لاحمد الكاتب الاحتجاج بمشاركتهما في السلطة.

من خلال متابعة حياة السيد نور لله التستري(1) انتهينا الى مايلي:

1- ان نور الله التستري كان من اتباع الطريقة العلية.

2- كان من تلاميذ السيد نور بخش مؤسس الطريقة النور بخشية والذي ادعى المهدوية كذلك.

3- ان دراسة السيد نور الله التستري كانت في شيراز مركز المدرسة الاشراقية.

4- وكان معاصراً للتصوف المتشيع قبل مجىء علماء جبل عامل الى ايران لان التصوف المتشيع متى ما وقع تحت تأثير فقهاء الشيعة فقد عناصره الصوفية ومال الى التشيع الفقهي الامامي المعتاد كما حصل للدولة الصفوية والمرعشية والمشعشعين والسربدارانيين من قبل فقد بدؤا وحركاتهم ودولهم على اساس صوفي وبتأثير الفقهاء تحولوا الى شيعة.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) مجالس المؤمنين 27/144-147 ورياض العلماء 5/262.

«صفحة 545»

وان السيد نور الله التستري كان في مرحلة التصوف ومعاصراً لاسماعيل الصفوي (930) الذي كان صوفياً بحتاُ، والتحول نحو التشيع بدأ في زمن الشاه طهماسب عند الهجرة العاملية الى ايران. وانما حصلت الهجرة العاملية في زمن الشاه طهماسب.

5- مرَّ ان نور الله التستري لا يعد من الفقهاء ولم يكتب كتاباً او رسالة واحدة في الفقه ولم يقع في طرق الاجازة والرواية وان كان صوفيا بحتاً.

اذاً لاقيمة لمشاركته وعدم مشاركته في الدولة المشعشعية.

اما عبد الله بن الحسين التستري فلم نجد عن حياته في كتب التراجم والتاريخ غير ما ذكره القاضي التستري في مجالس المؤمنين بأنه رباه السيد نور الله التستري وصار صدراً في دولة السلطان علي بن المحسن المشعشع المتوفي سنة 914 هـ المعاصر لشاه اسماعيل وهو غير عز الدين عبد الله بن الحسين التستري المتوفي سنة 1021 هـ الذي يعد في الفقهاء الكبار والمعاصرين لشاه عباس الاول الصفوي وتلميذ المقدس الاردبيلي واحد علماء الدولة الصفوية(1).

فقد وقع التشابه بالاسم بينه وبين السابق كما وقع التشابه بالاسم بين نور الله التستري الصوفي وبين القاضي نور الله التستري الشهيد 1019هـ.

فمن خلال هذا العرض السريع يتضح عدم دقة احمد الكاتب في ضبط التواريخ وعدم اطلاعه الكافي على التاريخ الشيعي.

حسين الساعدي

قم المقدسة 23 / رمضان / 1420

ـــــــــــــــــــــــ

(1) راجع امل الامل 2/159 ومصفى المقال 2/24 ونقد الرجال ص (197) وروضات الجنات 4/228 ولؤلؤة البحري ص 141 وغيرها.

«صفحة 546»

 

«صفحة 547»

«صفحة 548»

الفهرس الموضوعي

 

«صفحة 549»

 

«صفحة 550»

 

«صفحة 551»

التراجم الواردة في الكتاب

 

«صفحة 552»

 

«صفحة 553»

اضافات الطبعة الرابعة

1. الرد على ما كتبه احمد الكاتب في الرد على الحلقة الرابعة من شبهات وردود

نشر أحمد الكاتب في موقعه على الإنترنيت مقالاً يردُّ فيه على الحلقة الرابعة صدَّره بمانشيت: البدري يعترف لا يمكن إثبات وجود الإمام المهدي بصورة مستقلَّة. وفيما يلي بعض كلماته مع تعليق مختصر عليها

قوله: فوجئت بالأستاذ البدري يؤكد أقوالي ويزيدني إيماناً بما توصلت اليه من قبل من ان الايمان بوجود الامام الثاني عشر ليس الاّ فرضية فلسفية اجتهادية وهمية وهذا ما دفعني الى تقديم الشكر الجزيل له على اعترافه ببعض الحقائق التي ذكرتها من قبل. لقد قلت في كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) ان وفاة الامام الحسن العسكري في سامراء سنة 260 لله جرة دون إعلانه عن وجود خلف له، أدت الى تفجّر أزمة عنيفة في صفوف الشيعة الإمامية الموسوية وحدوث نوع من الشك والحيرة حول مصير الإمامة بعد العسكريوتفرقهم الى أربعة عشر فرقة. وان القول بوجود ولد له في السر اسمه محمد وانه الامام المهدي، كان قولاً فرضيا فلسفيا سريا باطنيا قال به بعض أصحاب العسكري بعد وفاته، ولم يكن الأمر واضحاً وبديهيا ومجمعا عليه بين الشيعة في ذلك العصر. وان دعاوى الإجماع والتواتر والاستفاضة التي يدعيها البعض على وجوده وولادته لم يكن لها وجود في ذلك الزمان. وقلت: ان الدافع الرئيسي لافتراض وجود الولد للامام العسكري هي الأزمة الفكرية التي وقع بها قسم من الامامية نتيجة لاعتقادهم بحتمية وجود إمام معصوم معين من قبل الله في كل زمان الى يوم القيامة. وان الأدلة النقلية (الروايات والأخبار) التي يوردونها حول الموضوع اما غامضة او ضعيفة ومختلقة بعد حين. واننا لا بد ان نبحث في الأدلة التاريخية التي تحدثت عن ولادته ومشاهدته في حياة أبيه وبعد وفاته، ونتأكد منها كطريق وحيد لاثبات وجوده. وانه لا يعقل إثبات وجود انسان في الخارج عن طريق الاستدلال الفلسفي النظري.

 

«صفحة 554»

أقول:

– كون القول بوجود ولد للحسن العسكر ي هو فرضية فلسفية هو من عنديات الكاتب سبكاً ومعنىً وقوله اننا وافقناه على قوله محض افتراء وبهتان، وقد اثبتنا في بحوثنا في الحلقة الرابعة من شبهات وردود ان وجود ولد للحسن العسكري مسالة تاريخية موثقة وصلَنا خبرها بالتواتر جيلاً بعد جيل من الثقاة من اصحاب الحسن العسكري (عليه السلام) وحملة العلم الذي افرزتهم حركة ابائه (عليهم السلام) من قبل وصدقهم جمهور الشيعة. انظر في هذا الكتاب ص 491 جواب السؤال الاول من اسئلته. وجواب السؤال رقم 7 في ص 496 وجوا ب السؤال رقم 8 في ص 497 وجواب السؤال رقم 9 في ص 497-500، وجواب السؤال 10 في ص 500.

– الكاتب ينفي دعوى الاجماع على ولادة المهدي (عليه السلام) من قبل اصحاب الحسن الحسن العسكري وقد اثبتنا وجود هذا الاجماع لدى ثفاة اصحاب الحسن العسكري وان الثقاة من اصحاب الحسن العسكري منهم من شاهد الولد ومنهم من ينقل عن الحسن العسكري انه ولد له ولد هو المهدي الموعود.

– ادعى الكاتب ان الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري انقسموا الى اربع عشرة فرقة وان واحدة منها وهي شرذمة قليلة قالت بوجود ولد للحسن العسكري، واثبتنا ان هذه الفرقة التي ادعى انها شرذمة كانت هي جمهور الشيعة وفيهم الثقل العلمي الذي نقل تراث الائمة وحافظ عليه.

– وفي ضوء ذلك فنحن لم نوافقه في شئ من مدعياته وارائه، ومن ذلك يتضح كذب قوله (ولكني فوجئت بالاستاذ البدري يؤكد أقوالي ويزيدني إيمانا بما توصلت اليه من قبل من ان الايمان بوجود الامام الثاني عشر ليس الا فرضية فلسفية اجتهادية وهمية وهذا ما دفعني الى تقديم الشكر الجزيل له على اعترافه ببعض الحقائق التي ذكرتها من قبل).

قوله: وقد اعترف الأستاذ سامي البدري في كتابه الجديد بوقوع الحيرة والفرقة في صفوف شيعة الامام الحسن العسكري والانقسام الى أربعة عشر فرقة، ونقل أقوال النوبختي والاشعري القمي والمفيد في ذلك. وان كان البدري قد ناقش في زمن وقوع الحيرة وحجم تلك الفرق. ويضيف البدري: “مما لا شك فيه ان قسما كبيرا من الشيعة عاشوا حيرة شاملة حين بلغهم خبر انقطاع النيابة الخاصة بعد وفاة النائب الرابع حيث لا يوجد مرجع معين من الامام المهدي ينهض بأمورهم. وتصدى علماء الشيعة في تلك الفترة لرفع الحيرة التي نشأت بسبب ذلك وكتبوا كتبا خالدة، مثل كتاب (الامامة والتبصرة من الحيرة) لعلي بن بابويه الذي يقول فيه: “رأيت

 

«صفحة 555»

كثيرا ممن صح عقده… قد أحادته الغيبة وطال عليه الأمد حتى دخلته الوحشة فجمعت أخبارا تكشف الحيرة”. وكتاب (الغيبة) للنعماني الذي يقول فيه: ” اما بعد فانا رأينا طوائف من العصابة المنسوبة الى التشيع من يقول بالإمامة… قد تفرقت كلمتها وشكوا جميعا الا القليل في إمام زمانهم وولي أمرهم وحجة ربهم للمحنة الواقعة بهذه الغيبة وان الجمهور منهم يقول في الخلف: أين هو؟ وأنى يكون؟ والى متى يغيب؟ وكم يعيش؟ ” وكتاب (إكمال الدين وإتمام النعمة واثبات الغيبة وكشف الحيرة) للشيخ الصدوق الذي يقول فيه: ” ان الذي دعاني الى تأليف هذا الكتاب… وجدت اكثر المختلفين الي من الشيعة قد حيرتهم الغيبة”. ويعلق البدري على ذلك بالقول: ان السر في هذه الحيرة هو انقضاء الجيل الذي شاهد الامام وتعامل معه حسيا ونشر أخباره، وكون الغيبة ظاهرة جديدة لم يسبق لها مثيل في المجتمع الاسلامي. ويهاجمني قائلا: ان الكاتب لم يكن قد تحرى الأمانة والدقة العلمية ولا استوعب المصادر الأساسية في مثل هذه القضية الخطيرة. وذلك بالرغم من عبارات المؤلفين الثلاثة الصريحة بوقوع الحيرة بسبب الغموض حول وجود الامام الثاني عشر، وان الشيخ علي بن بابويه كتب كتابه (الامامة والتبصرة من الحيرة) في ظل ما يسمى بالغيبة الصغرى، حيث توفي مع الصيمري في وقت واحد وهو سنة 329، كما يذكر البدري نفسه الا ان البدري يتغافل عن كل ذلك ويحاول ان يوهم القراء بصورة تعسفية بأن سبب الحيرة التي عمت الشيعة في ذلك العصر هو انقطاع النيابة الخاصة وليس الاختلاف حول وجود الولد للامام العسكري، … هكذا يؤول النصوص الصريحة ويفسرها كما يشتهي.

أقول:

– الحيرة لدى الشيعة في مسالة المهدي (عليه السلام) ترتبط بالغيبة وليست بالولادة وقد صرح بذلك النعماني والصدوق ووالده وغيرهم والكاتب جعل هذه الحيرة ترتبط بموت الحسن العسكري من دون ولد ظاهر وقد اوردنا طرفا من هذه النصوص (انظر الحلقة الرابعة الفصل الاول من كتابنا هذا).

– و احسبني لست بحاجة الا الى ايراد كلمات النعمان وعلي بن بابويه وابنه في الغيبة لبيان ان النصوص التي نقلها الكاتب صريحة في كون الحيرة بسبب الغيبة وليست بسبب موت الحسن العسكري من دون ولد ظاهر. قال علي بن بابويه: رأيت كثيرا ممن صح عقده… قد أحاد ته الغيبة وطال عليه الأمد حتى دخلته الوحشة، وقا ابنه الصدوق: ان الذي دعاني الى تأليف هذا الكتاب… وجدت اكثر المختلفين الي من الشيعة قد حيرتهم الغيبة”. وقا ل النعماني: اما بعد فانا رأينا طوائف من العصابة المنسوبة الى التشيع من يقول بالإمامة… قد تفرقت كلمتها وشكوا

 

«صفحة 556»

جميعا الا القليل في إمام زمانهم وولي أمرهم وحجة ربهم للمحنة الواقعة بهذه الغيبة وان الجمهور منهم يقول في الخلف: أين هو؟ وأنى يكون؟ والى متى يغيب؟ وكم يعيش؟ “

– واترك الامر الى ا لقارئ الكريم ليحكم من هو ا لذي يؤول النصوص الكاتب ام البدري! ! ! .

قوله:

يدعي البدري: ان الجمهور من الشيعة أجمعوا على إمامة القائم المنتظر وأثبتوا ولادته. ويستشهد لذلك بقول للمفيد في (الفصول المختارة) يسنده الى النوبختي ويقول فيه: ” لما توفي أبو محمد الحسن بن علي افترق أصحابه بعده – على ما حكاه أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي – بأربع عشرة فرقة، فقال الجمهور منهم بإمامة القائم المنتظ واثبتوا ولادته وصححوا النص عليه وقالوا هو سمي رسول الله ومهدي الأنام”. ويفترض البدري قائلا: يتضح من هذا النص ان نسخة النوبختي المطبوعة قد أصابها التحريف حين لم يذكر فيها عبارة (الجمهور منهم). وبناء على ذلك يلومني على عدم التحقيق في النسخ الموجودة من كتاب النوبختي (فرق الشيعة) وكتاب الاشعري القمي (المقالات والفرق). ويستشهد بقول آخر لأبي سهل النوبختي في التنبيه في الامامة): ان الحسن خلف جماعة من ثقاته ممن يروي عنه الحلال والحرام ويؤدي كتب شيعته وأموالهم ويخرجون الجوابات، فلما مضى أجمعوا جميعا على انه خلف ولدا هو الامام وأمروا الناس ان لا يسألوا عن اسمه وان يستروا ذلك من أعدائه. ويعلق البدري مفترضا: من البعيد جدا ان يكون ابن الأخت (أبو سهل) وهو معني بالأمر غير مطلع على كتاب خاله (الحسن بن موسى) في الموضوع نفسه، وهو شيخ متكلمي الشيعة في بغداد في وقته، واذا اطلع عليه وكان مختلفا فمن البعيد ان لا يذكر رأيه. ويمضي الأستاذ سامي البدري في الاستدلال على قوله بأن جمهور الشيعة كان يقول بوجود الولد بالاستشهاد بأقوال عدد من علماء السنة كأبي الحسن الاشعري (توفي سنة 297) (1) والذهبي (توفي سنة 748) وابن حزم الأندلسي (توفي سنة 548) وسبط ابن الجوزي (توفي سنة 645) ومحمد بن طلحة الشافعي (توفي سنة 652) وابن طولون (توفي سنة 953) وابن الصباح المالكي، الذين قالوا بأن جمهور الرافضة ثبتوا على ان للحسن ابنا أخفاه، فيستنتج البدري ويقول: يتضح من ذلك كله في ضوء المصادر السنية والشيعية القديمة ان جمهور أصحاب الحسن العسكري وثقاته وهم جمهور الشيعة آنذاك كانوا يقولون بالولد وكون أبيه الحسن قد نص على إمامته وانه المهدي الموعود. واعتمد البدري على قول المفيد وهو متأخر مائة عام على الأقل عن النوبختي

ـــــــــــــــــــــــ

(1) هذه سنة تاليفه كتابه مقالات الاسلاميين اما وفاته فقد كانت سنة 324.

«صفحة 557»

والاشعريوخلط في قراءة نص المفيد الذي ينسب الى النوبختي القول بتفرق شيعة العسكري الى أربعة عشر فرقة، فقط، ويضيف من عنده بقية الكلام. ويتضح هذا من ذكر المفيد لاسم القائم وانه مهدي الأناموهذا ما لم يرد في نص النوبختي او الاشعري اللذين كانا يحرمان الإشارة الى ذلك. وربما كان قول المفيد (فقال الجمهور منهم) حكاية عن زمانه في أواخر القرن الرابع او الخامس الهجري، … والنوبختي يتحدث عن الحيرة في أواسط القرن الثالث الهجري في أعقاب وفاة الامام العسكري، ولم يشر الى الاتجاه العام (الجمهور). وقد أكد هذه الحقيقة (عدم قول الجمهور) أبو سهل النوبختي المتكلم الشيعي المعاصر للغيبة الصغرى عندما قال: خلف الحسن جماعة من ثقاته فلما مضى أجمعوا جميعا على انه خلف ولدا هو الامام وأمروا الناس ان لا يسألوا عن اسمه وان يستروا ذلك من أعدائه. ولم يقل ان الشيعة كلهم اجمعوا على ذلك وانما تلك الجماعة. وبالتالي لا حاجة للبدري ان يفترض قراءة ابي سهل لكتاب خاله (فرق الشيعة)، ويقع في حيص بيص.، ولست أدري لماذا لم يفترض البدري وقوع التحريف في كتاب المفيد او ابي سهل بدلا من افتراض وقوعه في كتابي النوبختي والاشعري القمي؟ وكيف يستشهد البدري بأقوال علماء السنة المتأخرين كالذهبي في القرن الثامن الهجري وابن حزم الأندلسي في القرن السادس وسبط ابن الجوزي في القرن السابع ومحمد بن طلحة الشافعي في القرن السابع وابن طولون في القرن العاشر، ويسميهم بالمتقدمين.

اقول:

1. اجماع ثقاة اصحاب الحسن العسكري (عليه السلام) على انه (عليه السلام) قد اخبرهم بولادة ولد له هو المهدي المنتظر وان قسما منهم قد رآه لم يكن مجرد ادعاء يدعيه البدري بل نقل نصوص رجلين بارزين من رجال فترة الغيبة الصغرى الاول عالم شيعي وهو ابو سهل النوبختي وهو خال صاحب فرق الشيعة وله كتاب (التنبيه في الامامة) ويقول (ان الحسن خلف جماعة من ثقاته(1) ممن يروي عنه الحلال والحرام ويؤدي كتب شيعته وأموالهم ويخرجون الجوابات، فلما مضى أجمعوا جميعا على انه خلف ولدا هو الامام وأمروا الناس ان لا يسألوا عن اسمه وان يستروا ذلك من أعدائه). والثاني عالم سني وهو ابو الحسن الاشعري صاحب كتا ب المقالات والفرق الذي انتهى من تاليفه سنة 297 هجرية يقول وهو بصدد الحديث عن فرق الشيعة: (فالفرقة الاولى منهم وهم القطعية وانما سموا قطعية لانهم قطعوا على موت موسى بن جعفر بن محمد بن علي وهم جمهور الشيعة يزعمون ان النبي نص على امامة على بن أبي طالب

ـــــــــــــــــــــــ

(1) هؤلاء الثقاة من اصحاب الحسن العسكري (عليه السلام) هم وجوه اصحاب ابائه (عليه السلام) .

«صفحة 558»

واستخلفه بعده بعينه واسمه وان عليا نص على امامة ابنه الحسن بن على وان الحسن بن على نص على امامة اخيه الحسين بن على وان الحسين بن على نص على امامة ابنه على بن الحسين وان على بن الحسين نص على امامة ابنه محمد بن على وان محمد بن على نص على امامة ابنه جعفر بن محمد وان جعفر بن محمد نص على امامة ابنه موسى بن جعفر وان موسى بن جعفر نص على امامة ابنه على بن موسى وان على بن موسى نص على امامة ابنه محمد بن على بن موسى وان محمد بن على بن موسى نص على امامة ابنه الحسن بن على بن محمد بن على بن موسى وهو الذي كان بسامرا وان الحسن بن على نص على امامة ابنه محمد بن الحسن بن على وهو الغائب المنتظر عندهم الذي يدعون انه يظهر فيملأ الارض عدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا).

2. استشهادنا بقول المفيد لم يكن الهدف منه اثبات ان جمهور الشيعة المعتقدين بامامة الحسن العسكري (عليه السلام) وامامة ابائه (عليه السلام) من قبل بان الحسن العسكري مات عن ولد هو المهدي المنتظر بل لا ثبات ان نسخة فرق الشبعة للنوبختي محرفة اذ ان النص الذي نقله المفيد يذكر فيه ان الفرقة التي تقول بوجود ولد للحسن العسكري هو المهدي المنتظر هم جمهور الشيعة وعبارة جمهور الشيعة خالية من نسخة فرق الشيعة المعاصرة.

– فهذه قرينة اولى على التحريف.

– ثم اوردنا قرينة ثانية على تحريف نسخة صاحب الفرق وهي راي ابي سهل الذي اوردنا نصه انفا، وهو خال صاحب الفرق فلو كان لابن الاخت راي مخالف لخاله في مثل هذه المسالة الخطيرة لذكره، وبخاصة وكلاهما من الامامية الاثني عشرية.

– ثم اوردنا قرينة ثالثة على التحريف وهي ماذكره الاشعري السني صاحب المقالات والفرق الذي اوردنا قوله انفا وهو معاصر للنوبختيين الخال وابن اخته، فانه يؤكد مانقله الخال امن ان عقيدة جمهور الشيعة في عصره (سنة 297هجرية) هو ان الحسن العسكري نص على ولده المهدي المهدي المنتظر وانه الغائب عندهم.

– ثم اوردنا قرينة رابعة على التحريف وهي ما ذكره السيد هبة الدين الشهرستاني في مقدمة كتاب فرق الشيعة للنوبختي ان نسخة من كانت عند ابن حزم ت 548 هجرية فاذا ضممنا الى ذلك ان ابن حزم قال في معرض حديثه عن فرق الشيعة: (ثم مات الحسن غير معقب فافترقوا فرقا وثبت جمهورهم على أنه ولد للحسن بن علي ولد فأخفاه) وقال (وقالت القطعية من الامامية الرافضة كلهم وهم جمهور الشيعة ومنهم المتكلمون والنظارون والعدد العظيم بان محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي ابن موسى بن جعفر بن علي بن

 

«صفحة 559»

الحسين بن علي بن ابي طالب حي لم يمت ولا يموت حتى يخرج فيملأبالأرض عدلا كما ملئت جورا وهو عنهم المهدي المنتظر.) نفهم من ذلك انه لو كانت نسخة فرق الشيعة للنوبختي لم يكن فيها عبارة (جمهور الشيعة) امام الفرقة التي قالت بوجود ولد للحسن العسكري لاستفاد منه ابن حزم ولذكر ان ذلك عقيدة شرذمة قليلة.

3. كان استدلالنا على ان عقيدة جمهور الشيعة في الثالث الجري كما اسلفنا بمصدرين قديمين يعودان الى فترة الغيبة الصغرى نفسها، الاول كتاب ابي سهل النبوبختي الشخصية العلمية الكلامية الشيعية البارزة والثاني كتاب مقالات الاسلاميين لابي الحسن الاشعري الشخصية العلمية الكلامية السنية البارزة. واما ما استشهدنا به من قول الذهبي واو سبط ابن الجوزي او محمد بن طلحة الشافعي او ابن الصباغ المالكي او ابن طولون فهو ليس للاستدلال بل لتفهيم الكاتب ان هؤلاء انصفوا عن اعتمدوا على الاشعري السني في ذكر حقيقة معتقد جمهور الشيعة في القرن الثالث الهجري والاشعري السني كان منصفا ومتحريا للامانة العلمية حين ارخ لعقيدة جمهور الشيعة في زمانه وذكر انهم يعتقدون بان الحسن العسكري نص على امامة ولده المهدي وانهم يعتقدون بغيبته وهذا هو عين الانصاف حين يريد المؤرخ ا ن ينسب لجماعة او طائفة امرا يعتمد على مقولتهم الواضحة وعلى مصادرهم المعتبرة.

4. اراد الكاتب ان يكثر المصادر لتاييد مدعاه ان الذين يقولون بوجود ولد للعسكري (عليه السلام) هم شرذمة قليلة فاعتمد على نسخة فرق ا لشيعة للنوبختي المطبوعة وعلى كتا ب المقالات والفرق المنسوبة للاشعري الشيعي، كما ساق نصوص الحيرة في الغيبة التي ذكرها علي بن بابويه وابنه والنعماني فصرفها عن ظاهرها بتأويل لا يخفى على القارئ الكريم. ونحن اشرنا الى ان الكتابين هما كتاب واحد وليسا كتابين وبعبارة اخرى انما هما نسختان لكتاب النوبختي وقد اصابهما التحريف كما اثبتنا ذلك انفا.

وفي صفحاته التي كتبها امور اخرى لا اجد من الصحيح ان اضيع وقتي ووقت القارئ الكريم بها.

 

«صفحة 560»

2. مستدرك حول عبد الله بن الحسن المثنى ص 334 تكملة الهامش رقم 1

وفي معجم رجال الحديث قال السيد الخوئي رحمه الله بعد ان نقل رواية ابن طاووس المادحة: (هذه الرواية لو سلمت أنها منقولة عن الشيخ الطوسي بجميع طرق السيد ابن طاووس إليه التي بعضها صحيح، فلا إشكال في أنها من شواذ الروايات، ولا يمكن أن تقع معارضة للروايات المشهورة في ذم عبد الله بن الحسن، على أنه كيف يمكن رواية المفيد لهذه الرواية مع روايته عن عبد الله بن الحسن مكالمته لأبي عبد الله (عليه السلام) بما تقشعر منه الجلود، وقوله: هذا حديث مشهور لا تختلف العلماء بالآثار في صحته. والمتحصل مما ذكرناه: أن عبد الله بن الحسن مجروح مذموم، ولا أقل من أنه لم يثبت وثاقته أو حسنه، والله العالم).

أقول: من الواضح ان مسألة جرح عبد الله بن الحسن ترتبط بتصديه في قبال الصادق (عليه السلام) وصدوره منه ما لا يليق بمقامه وما اثر عنه (عليه السلام) من كلمات سلبية فيه، ورأي ابن طاووس يرتبط بهذه المسألة ايضا حين حمل هذه المواقف على التقية وهو وجيه جدا.

إن استفاضة اخبار القدح وشذوذ اخبار المدح في قضية ما هو رهين الظرف الموجب للتقية، فبزواله تكثر اخبار المدح وتتضائل امامها اخبار القدح، وباستمراره يكون العكس حيث تكثر اخبار القدح وتتضاءل امامها اخبار المدح، وفي ضوء ذلك يتضح السر في كثرة واستفاضة اخبار مدح حركة زيد وشذوذ اخبار قدحه اذ الظرف الموجب للتقية وهو الحكم الاموي كان قد انتهى اما الحكم العباسي الذي ثار الحسنيون ضده فهو قائم وقوي فلا يترقب والحال هذه ان تنمو اخبار المدح فيهم وتستفيض ما دام الظرف الموجب للتقية /وهو الحكم العباسي/ قائما وقويا(1)، ورسالة يحيى بن عبد الله بن الحسن(2) التي يرويها الكليني في الكافي (قال السيد

ـــــــــــــــــــــــ

(1) وبخاصة وان الامام الصادق ينظر من خلال ماعنده من علم خاص ورثه عن النبي يعرف به مآل الامور ويعد لكل قضية عدتها قبل ذلك وقد اخبر ان الامور تؤول لبني العباس، وقد اضطلع الحسنيون في العهد العباسي بالقيام ضد العباسيين ولم يكن غير الطالبيين قادرا على مواجهة العباسيين والوقول قبالهم للكشف عن عظيم ظلمهم وانحرافهم. وهذا يفسر لنا الحاجة الى موقف التقية ازاء عبد الله بن الحسن واخيه وبنيه قبل هلاك بني امية.

(2) قال ابو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين في ترجمته ليحيى بن عبد الله بن الحسن ص 308: وكان حسن المذهب والهدى، مقدما في أهل بيته، بعيدا مما يعاب على مثله. وقد روى الحديث واكثر الرواية عن جعفر بن محمد. وروى عن ابيه وعن اخيه محمد، وعن أبان بن تغلب. وروى عنه مخول بن إبراهيموبكار بن زياد، ويحيى بن مساور، وعمرو بن حماد. وأوصى إليه جعفر بن محمد لما حضرته الوفاة، وإلى ام موسى، وإلى ام ولد فكان يلي امر تركاته والاصاغر من ولده، جاريا على ايديهم. وقال حدثنا علي بن العباس قال: حدثنا الحسن بن علي بن هاشم، قال: حدثني علي بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن كثيرقال: كان جعفر بن محمد قد ربى يحيى بن عبد الله بن الحسن، فكان يحيى يسميه حبيبي، وكان إذا حدث عنه قال حدثني حبيبي جعفر بن محمد.

«صفحة 561»

ا لخوئي عنه: الرجل ممدوح وقد قتل مظلوما شهيدا) مفيدة جدا في هذا المضمار اذ يقول فيها يخاطب الامام الكاظم (خبرني من ورد علي من أعوان الله على دينه ونشر طاعته بما كان من تحننك مع خذلانك… وقديما ادعيتم ما ليس لكم وبسطتم آمالكم إلى ما لم يعطكم الله، فاستهويتم وأظللتم). فكتب إليه (أتاني كتابك تذكر فيه أني مدع وأبي من قبل… وذكرت إني ثبطت الناس عنك لرغبتي فيما في يديك… أحذرك معصية الخليفة وأحثك على بره وطاعته وأن تطلب لنفسك أمانا قبل أن تأخذك الأظفار ويلزمك الخناق من كل مكان) وقد وقع في يدي هارون فلما قرأه قال: الناس يحملوني على موسى بن جعفر وهو برئ مما يرمى به(1).

ثم ان كثيرا من اخبار القدح المأثورة نسبت مضمونا الى عبد الله بن الحسن واخيه الحسن بن الحسن مفاده انهما يقولان (ان اباهما علي لم يكن اماما) وهذا خلاف ما استفاض عن الحركة الحسنية ومن قبل الحركة الزيدية عمق اعتقاد قادتها بامامة علي (عليه السلام).

روى ابن ابي الحديد كتاب امير المؤمنين الى اهل مصر حين ولى محمد بن ابي بكر مسندا الى عبد الله بن الحسن بن الحسن وفيه: وإياكم ودعوة الكذاب ابن هند. وتأملوا وأعلموا أنه لا سوى إمام الهدى، وإمام الردى، ووصى النبي وعدو النبي، جعلنا الله وإياكم ممن يحب ويرضى(2).

وروى الصدوق في علل الشرائع ج 1 / 178 2 عن ابيه قال: حدثنا علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى قال: حدثنا محمد بن زياد مولى بني هاشم قال: حدثنا شيخ لنا ثقة يقال له نجية بن اسحاق الفزاري قال: حدثنا عبد الله بن الحسن بن الحسن قال: قال لى أبو الحسن لم سميت فاطمة فاطمة، قلت: فرقا بينه وبين الاسماء قال ان ذلك لمن الاسماء ولكن الاسم الذي سميت به ان الله تبارك وتعالى علم ماكان قبل كونه فعلم ان رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوج في الاحياء وانهم يطمعون في وراثة هذا الامر فيهم من قبله فلما ولدت فاطمة سماها الله تبارك وتعالى فاطمة لما اخرج منها وجعل في ولدها فقطعهم عما طمعوا، فبهذا سميت فاطمة لانها فطمت طمعهم. ومعنى فطمت: قطعت.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الكافي ج 1 /366.

(2) وكذلك جاء عن ولده محمد المعروف بالنفس الزكية عند قيامه حين كتب الى المنصور رسالة جوابية يفول له فيها (ان الحق حقنا انما ادعيتم هذا الامر بنا وخرجتم له بشيعتنا وحظيتم بفضلنا وان ابانا عليا كان الوصي وكان الامام فكيف ورثتم ولايته وولده احياء؟)

«صفحة 562»

وروي عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبي البختري، قال حدثنا عبد الله بن الحسن بن الحسن: أن بلالا أبى أن يبايع أبا بكر، وأن عمر أخذ بتلابيبه فقال له: يا بلال! هذا جزاء أبي بكر منك أن اعتقك فلاتجيئ تبايعه. فقال: إن كان أبو بكر اعتقني لله، فليدعني لهوإن كان اعتقني لغير ذلك، فها أناذا! ! أما بيعته، فما كنت أبايع أحدا لم يستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي استخلفه بيعته في أعناقنا إلى يوم القيمة. فقال عمر لا أبا لك، لا تقم معنا! فارتحل إلى الشام وتوفى بدمشق(1).

وروى ابن ابي الحديد عن أبي بكر الجوهري: قال حدثني المؤمل بن جعفر قال حدثنى محمد بن ميمون عن داود بن المبارك قال: أتينا عبد الله بن موس ى بن عبد الله بن حسن بن الحسن ونحن راجعون من الحج في جماعة فسألناه عن مسائل وكنت أحد من سأله فسألته عن أبى بكر وعمر فقال: سئل جدي عبد الله بن الحسن بن الحسن عن هذه المسألة فقال: كانت أمي صدِّيقة بنت نبي مرسل فماتت وهى غضبى على إنسان فنحن غضاب لغضبها وإذا رضيت رضينا(2).

وقد روى ابن ابي الحديد ايضا بواسطة الجوهري خطبة الزهراء بعدة طرق أحدها طريق عبد الله بن الحسن(3).

وهذا الموقف هو موقف زيد بن علي (عليه السلام) قبل ذلك مؤسس الحركة التي حمل لواءها الحسنيون بعده(4) حين سأله سالم بن ابي حفصة وغيره انهم يتولون ابا بكر وعمر ويتبرأون من

ـــــــــــــــــــــــ

(1) سماء المقال في علم الرجال لابي الهدى الكلباسي ج 1 / 99، معجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج 4 ص 272.

(2) شرح النهج ج 16/ 232: وقد عقب ابن ابي الحديد بعد اورد الخبر بقوله: قد أخذ هذا المعنى بعض شعراء الطالبيين من أهل الحجاز، أنشدنيه النقيب جلال الدين عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد العلوى، قال أنشدني هذا الشاعر لنفسه – وذهب عنى أنا اسمه:

قال يا أبا حفص الهوينى***وما كنت مليا بذاك لولا الحمام

أتموت البتول غضبى ونرضى***ما كذا يصنع البنون الكرام

يخاطب عمر ويقول له: مهلا ورويدا يا عمر، أي ارفق واتئد ولا تعنف بنا. وما كنت مليا، أي وما كنت أهلا لان تخاطب بهذا وتستعطف، ولا كنت قادرا على ولوج دار فاطمة على ذلك الوجه الذى ولجتها عليه، لولا أن أباها الذى كان بيتها يحترم ويصان لاجله مات، فطمع فيها من لم يكن يطمع. ثم قال: أتموت أمنا وهى غضبى ونرضى نحن! إذا لسنا بكرام، فإن الولد الكريم يرضى لرضا أبيه وأمه ويغضب لغضبهما. والصحيح عندي أنها ماتت وهى واجدة على أبى بكر وعمر، وأنها أوصت ألا يصليا عليها.

(3) شرح النهج 6/67.

(4) بوصية من يحيى بن زيد بن علي الى محمد وابراهيم ابني عبد الله بن الحسن (قا ل يحيى: والله يا متوكل لولا ما ذكرت من قول ابن عمى اننى اقتل واصلب لما دفعتها اليك ولكنت بها ضنينا ولكني اعلم ان قوله حق اخذه عن ابائه وانه سيصح فخفت ان يقع مثل هذا العلم إلى بنى امية فيكتموه ويدخروه في خزائنهم لانفسهم، فاقبضها واكفنيها و تربص بها فإذا قضى الله من امرى وامر هؤلاء القوم ما هو قاض فهى امانة لى عندك حتى توصلها إلى ابني عمى: محمد وابراهيم ابني عبد الله ابن الحسن ابن الحسن ابن على عليهما السلام فانهما القائمان في هذا الامر بعدي (مقدمة الصحيفة السجادية) ، وكان احترام وتبجيل عبد الله لزيد عظيما جدا قا ل الحسين بن زيد بن علي: مررت بعبدالله بن الحسن وهو يصلي في مصلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأشار إلي بيده وهو قائم يصلي فأتيته فلما انصرف قال لي: رأيتك محتارا فأردت ان اعظك لعل الله ينفعك بها. إن الله قد وضعك موضعا لم يضع به احدا إلا من هو مثلك، وإنك قد اصبحت في حداثة سن، وإن الناس يبتدرونك بأبصارهم، والخير والشر يبتدران اليك فان تأت بما يشبه سلفك فما نرى شيئا أسرع اليك من الخير وإن تأت بما يخالف ذلك فوالله لا ترى شيئا اسرع اليك من الشر وإنه قد توالى لك آباء وإن ادنى آبائك زيد ابن علي الذي لم أر فينا ولا في غيرنا مثله، فلا ترفع إلا اخذت الفضل، فعلي فحسين، فعلي عليه السلام.

«صفحة 563»

اعدائهم قال لهم زيد ويلكم اتتبرأون من فاطمة؟ بترتم امرنا بتركم الله بتركم فيومئذ سموا البترية.

ومن هذه الروايات يتضح كذب ما نسب الى عبد الله بن الحسن انه يقول بالمسح على الخفين اقتداء بعمر وان عمر خير منه ومل الا رض مثله كما في رواية شبابة التي ذكرناها في المتنوروايات الفضيل بن مرزوق وحفص بن قيس وغيرهما من الضعفاء ممن روى عنه ابن عساكر تلك المناكير بحق عبد الله بن الحسن.

ثم ان قضية التنزه عن المسح عن الخفين بوصفها سيرة عملية لعبد الله بن الحسن ومذهب لأهل البيت تؤكده رواية الكافي التي يستند اليها القادحون من ان عبد الله يفتي بغير ما انزل الله في جواب سؤال الكلبي النسابة حين ساله عن المسح: فقال: (قد مسح قوم صالحون، ونحن أهل البيت لا نمسح). وفوق ذلك هي من خصائص الفقه الزيدي الى اليوم وقد جاء في مسند زيد بن علي ص 82: قال انا ولد فاطمة عليها السلام لا نمسح على الخفين، وفي الأحكام للامام يحيى بن الحسين ج 1/78: باب القول في المسح على الخفين والشراكين والرجلين والخمار والعمامة والقلنسوة قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه: أجمع آل رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لا مسح على شئ من ذلك(1).

وهناك شواهد اخرى على رأي ابن طاووس من قبيل:

ما رواه الكليني عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، وحميد بن زياد، عن عبيدالله بن أحمد جميعا، عن ابن أبى عمير، عن زيد النرسي، عن علي بن فرقد صاحب السابري قال: أوصى إلى رجل بتركته وأمرني أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك فإذا شئ يسير لا يكفى للحج فسألت أبا حنيفة وفقهاء أهل الكوفة فقالوا: تصدق بها عنه فلما حججت لقيت عبد الله بن الحسن في الطواف فسألته وقلت له: إن رجلا من مواليكم من أهل الكوفة مات وأوصى بتركته إلي وأمرني أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك فلم يكف للحج فسألت من قبلنا من الفقهاء فقالوا: تصدق بها فتصدقت بها فما تقول؟ فقال لي: هذا جعفر بن محمد في الحجر فأته وسله قال: فدخلت الحجر فإذا أبو عبد الله عليه السلام تحت الميزاب مقبل بوجهه على البيت يدعو ثم التفت الي فرآني فقال: ما حاجتك؟ قلت: جعلت فداك إني رجل من أهل الكوفة من مواليكم قال: فدع ذا عنك، حاجتك؟ قلت: رجل مات وأوصى بتركته أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك فلم يكف للحج

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ومن خصائص فقههم ايضا: قولهم في الاذان: حي على خير العمل، والتكبير خمس مرات في صلوة الجنازة،

«صفحة 564»

فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا: تصدق بها، فقال: صنعت؟ قلت تصدقت بها، فقال: ضمنت إلا أن يكون لا يبلغ أن يحج به من مكة فإن كان لا يبلغ أن يحج به من مكة فليس عليك ضمان وإن كان يبلغ به من مكة فأنت ضامن(1).

وما رواه الكليني ايضا عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن يزيد بن خليفة قال: كان في جانب بيتي مكتل فيه بيضتان من حمام الحرم فذهب الغلام يكب المكتل وهو لا يعلم أن فيه بيضتين فكسرهما فخرجت، فلقيت عبد الله بن الحسن فذكرت ذلك له فقال: تصدق بكفين من دقيق، قال: ثم لقيت أبا عبد الله (عليه السلام) بعد فأخبرته فقال: ثمن طيرين تعلف به حمام الحرم، فلقيت عبد الله بن الحسن فأخبرته، فقال: صدقك حدث به فإنما أخذه عن آبائه(2).

وليس من شك ان هذين الموقفين يكشفان عن تأييد خاص من قبل عبد الله بن الحسن لمرجعية الامام الصادق وفناء فيها اذ ان عبد الله بن الحسن يعتبر اسن بني فاطمة(عليها السلام) في عهد الصادق (عليه السلام) وهو معدود من فقهاء المدينة والهاشميين(3)وله اتباع ياخذون بفتواه(4) وهو مع ذلك يرجح رواية الصادق على فتواه شخصيا ويرجع اليه من استفتاه.

وموقف عبد الله بن الحسن هو موقف يحيى بن زيد نفسه الذي نقله المتوكل بن هارون

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الكافي للكليني ج 7 ص 21، من لايحضره الفقيه للصدوق ج 4 ص 207.

(2) الكافي للكليني ج 4 ص 236، وكذلك رواه الشيخ الصدوق في من لا يحضره الفقيه -ج 2 ص 262 عن ابن مسكان عن يزيد بن خليفة، ورواه الشيخ الطوسي عن في التهذيب ج 5 ص 357، وفي الاستبصار ج 2 ص 204 عن موسى بن القاسم عن محمد بن احمد عن عبد الكريم عن يزيد بن خليفة.

(3) روى الكليني ايضا عن علي بن إبراهيم، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسن بن راشد، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن حبيب الخثعمي قال: كتب أبو جعفر المنصور إلى محمد بن خالد وكان عامله على المدينة أن يسأل أهل المدينة عن الخمسة في الزكاة من المائتين كيف صارت وزن سبعة ولم يكن هذا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمره أن يسأل فيمن يسأل عبد الله ابن الحسن وجعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: فسأل أهل المدينة فقالوا: أدركنا من كان قبلنا على هذا فبعث إلى عبد الله بن الحسن وجعفر بن محمد (عليهما السلام) فسأل عبد الله بن الحسن فقال: كما قال المستفتون من أهل المدينة، قال: فقال: ما تقول يا أبا عبد الله؟ فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل في كل أربعين اوقية اوقية فإذا حسبت ذلك كان على وزن سبعة وقد كانت وزن ستة وكانت الدراهم خمسة دوانيق قال: حبيب فحسبناه فوجدناه كما قال: فأقبل عليه عبد الله بن الحسن فقال: من أين أخذت هذا؟ قال: قرأت في كتاب امك فاطمة، قال: ثم انصرف فبعث إليه محمد بن خالد ابعث إلي بكتاب فاطمة. . .

(4) روى الشيخ الطوسي في الاستبصار ج 2 ص 277: عن موسى بن القاسم عن أبي الحسين النخعي عن صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: كنت قائما أصلي وأبو الحسن موسى عليه السلام قاعد قدامي وأنا لا أعلم فجاءه عباد البصري فسلم ثم جلس فقال: له يا أبا الحسن ما تقول في رجل تمتع ولم يكن له هدي؟ قال: يصوم الايام التي قال الله تعالى، قال: فجعلت سمعي إليهما قال له عباد: أي أيام هي؟ قال فقال: هي قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة قال: فإن فاته ذلك؟ قال: يصوم صبيحة الحصبة ويومين بعد ذلك. قال: أفلا تقول كما قال عبد الله بن الحسن؟ قال: فأي شئ قال؟ قال: يصوم أيام التشريق. قال: إن جعفرا كان يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بلالا ينادي إن هذه أيام أكل وشرب فلا يصومن أحد. قال: يا أبا الحسن إن الله تعالى قال: (فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم) قال: كان جعفر يقول ذو الحجة كله من أشهر الحج.

«صفحة 565»

راوي الصحيفة السجادية قا ل: لقيت يحيى ابن زيد ابن علي عليه السلام وهو متوجه إلى خراسان بعد قتل ابيه فسلمت عليه فقال لي: من اين اقبلت؟ قلت من الحج، فسألني عن اهله وبني عمه بالمدينة واحفى السؤال عن جعفر ابن محمد عليه السلام فاخبرته بخبره وخبرهم وحزنهم على ابيه زيد ابن علي عليه السلام فقال لي: قد كان عمي محمد بن علي عليه السلام اشار على ابي بترك الخروج وعرفه إن هو خرج وفارق المدينة ما يكون إليه مصير امره فهل لقيت ابن عمي جعفر ابن محمد عليه السلام؟ قلت: نعم قال فهل سمعته يذكر شيئا من امري؟ قلت: نعم، قال: بم ذكرني؟ خبرني، قلت: جعلت فداك ما احب ان استقبلك بما سمعته منه، فقال: ابا الموت تخوفني هات ما سمعته، فقلت: سمعته يقول: انك تقتل وتصلب كما قتل ابوك وصلب فتغير وجهه وقال: يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب، يا متوكل ان الله عزوجل ايد هذا الامر بنا وجعل لنا العلم والسيف فجمعا لنا وخص بنو عمنا بالعلم وحده فقلت جعلت فداك اني رايت الناس إلى ابن عمك جعفر عليه السلام اميل منهم اليك والى ابيك، فقال ان عمي محمد ابن علي وابنه جعفرا عليهما السلام دعوا الناس إلى الحيوة ونحن دعوناهم إلى الموت فقلت: يا ابن رسول الله اهم اعلم ام انتم؟ فاطرق إلى الارض مليا ثم رفع رأسه وقال: كلنا له علم غير انهم يعلمون كلما نعلم ولا نعلم كلما يعلمون.

ويتحصل من ذلك كله ان شأن الروايات القادحة في عبد الله بن الحسن ومن يرتبط به ممن قاد حركة المعارضة ضد العباسيين شان نظيراتها في زيد بكون الاطار العام لها هو التقية. وتكون حركة الحسنيين امتدادا لحركة زيد وابنه يحيى حركة مشروعة كانت تدعو للرضا من ال محمد ولو ظفرت لوفت كما قال الصادق (عليه السلام) عن عمه زيد.

ومن القرائن الاخرى على كون حركة الحسنيين كحركة زيد خروج الحسين بن زيد بن علي مع محمد وابراهيم حين خرجا. وقد تربى في بيت الامام الصادقوكتب عنه كتابا رواه عنه الشيخ الصدوق بواسطة محمد بن ابي عمير وشعيب بن واقد عنه ورواه الشيخ الطوسي بواسطة ابراهيم بن سليمان عنه ورواه النجاشي عنه بواسطة عباد بن يعقوب عنه، وقد روى كتابه اخرون منهم ولداه القاسم بن الحسين ومحمد بن الحسين وابان بن عثمان ومحمد بن ابراهيم الكوفي والحسن بن الحسين الانصاري وعبد الله بن عبدالرحمن هؤلاء من رواة الامامية وروى حديثه من العامة كثير(1)، وبقي محافظا على ارتباطه بمدرسة الامام الصادق والقول بامامة ولده

الكاظم، ولم يسجل على الحسين بن زيد كلام سلبي من قبل الائمة ولا من قبل رواة أحاديثهم.

قال النجاشي: ” الحسين بن زيد بن علي بن الحسين أبو عبد الله، يلقب ذا الدمعة، كان أبو عبد الله عليه السلام تبناه ورباه، وزوجه بنت الارقط، وروى عن أبي عبد الله، وأبي الحسن عليهما السلام له كتاب… وقال الشيخ الطوسي: له كتاب، رواه حميد، عن إبراهيم ابن سليمان عن الحسين بن زيد.

قال ابو الفرج: شهد الحسين بن زيد بن حرب بن محمد وإبراهيم بني عبد الله بن الحسن بن الحسن ثم توارى. وكان مقيما في منزل جعفر بن محمد. وكان جعفر رباه ونشأ في حجره منذ قتل ابوه واخذ عنه علما كثيرا. فلما لم يذكر فيمن طلب ظهر لمن يأنس به من اهله وإخوانه. وكان أخوه محمد بن زيد مع ابي جعفر مسودا لم يشهد مع محمد وإبراهيم حربهما فكان يكاتبه بما يسكن منه، ثم ظهر بعد ذلك بالمدينة ظهورا تاما إلا أنه كان لا يجالس احدا ولا يدخل إليه إلا من يثق به. وكان الحسين بن زيد يلقب ذاالدمعة لكثرة بكائه(2). وقد نقل ابن حجر عن الذهبي: ان وفاته بحدود التسعين وله اكثر من ثمانين سنة(3).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) قال المزي في تهذيب الكمال ج 6 ص 375: 1310: الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب القرشي الهاشمي العلوي، أبو عبد الله الكوفي. أمه أم ولد. روى عن: إسماعيل بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب (ق) ، وابن عمه جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأبيه زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وعمه عبدالله ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وعبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وابن عمه علي ابن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعمه عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعمه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وموسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأبي السائب المخزومي، المدني، وعمته أم علي بنت علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب. روى عنه: إبراهيم بن المنذر الحزامي، وأبو مصعب أحمد ابن أبي بكر الزهري، وأبو طاهر أحمد بن عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وإسحاق بن موسى الانصاري، وابنه إسماعيل بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب، والحسن بن الحسين العرني، وأبو عبيد الله سعيد بن عبد الرحمان المخزومي، وعباد بن يعقوب الرواجني (ق) ، وعبد الله بن جعفر بن حذيفة بن منصور الذهلي، وعبد الله ابن محمد بن سالم المفلوج، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعلي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعلي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ومحمد بن الحسن بن زبالة المخزومي، وأبو غسان محمد بن يحيى الكناني، ونعيم بن حماد المروزي، وابنه يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأبو حصين بن يحيى الرازي. قال عبد الرحمان بن أبي حاتم: قلت لابي: ما تقول فيه؟ فحرك يده وقلبها، يعني: تعرف وتنكر. وقال أبو أحمد بن عدي: أرجو أنه لا بأس به إلا أني وجدت في حديثه بعض النكرة (وساق بعضها ج 2 /351 فال أخبرنا أبو يعلى ثنا عبد الله بن محمد بن سالم المفلوج ثنا حسين بن زيد عن علي بن عمر ابن علي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن الحسين بن علي عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضوان الله عليها يا فاطمة ان الله عزوجل يغضب لغضبك ويرضى لرضاك) وقال الزبير بن بكار: أمه أم ولد، وولد حسين بن زيد بن علي: يحيى، وفاطمة، وسكينة، وخديجة، وزينب وأمهم خديجة بنت عمر بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، وعليا الاكبر درج وميمونة (تزوجها الخليفة المهدي بن المنصور) ، وعلية، ومليكة وأمهم كلثم بنت عبدالله بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، وعليا الاصغروجعفرا الاكبر درج، لام ولده، وحسنا وعبد الله لام ولد، ومحمدا، وأحمد درج، وجعفرا الاصغر درج، والقاسم، وحسينا وأم كلثوم لام ولد، وأم حسن لام ولد. وقال عباد بن يعقوب الرواجني رأيت الحسين بن زيد بن علي يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

(2) مقاتل الطالبيين- ابو الفرج الاصفهاني ص 257.

(3) تهذيب التهذيب.

«صفحة 566»

وفي قرب الاسناد عن الحسن بن ظريف، عن أبيه ظريف بن ناصح قال: كنت مع الحسين بن زيد ومعه ابنه علي، إذ مر بنا ابو الحسن موسى بن جعفر صلى الله عليه فسلم عليه ثم جاز فقلت: جعلت فداك، يعرف موسى قائم آل محمد؟ قال: فقال لي: إن يكن أحد يعرفه فهو. ثم قال: وكيف لا يعرفه وعنده خط علي بن أبي طالب صلى الله عليه وإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: علي ابنه: يا أبه كيف لم يكن ذاك عند أبي زيد بن علي؟ فقال: يا بني، إن علي بن الحسين ومحمد بن علي سيدا الناس وإماماهم، فلزم يا بني ابوك زيد أخاه فتأدب بأدبه وتفقه بفقهه. قال: فقلت: فأراه يا أبه إن حدث بموسى حدث يوصى إلى أحد من أخوته؟ قال: لا والله ما يوصي إلا إلى ابنه… (1).

نكتفي بهذا القدر من التعليق ولعلنا اذا وفق الله تعالى نفرد هذه المسألة في بحث مستقل في فرصة اخرى.

 

الفهرس الاجمالي لكتاب شبهات وردود

هوية الكتاب:

اسم الكتاب: شبهات وردود ـ الرد على شبهات احمد الكاتب حول إمامة اهل البيت (ع) ووجود المهدي المنتظر (ع).

المؤلف: السيد سامي البدري.

الطبعة: الرابعة 1428هـ.ق.

مكان الطبع: قم المقدسة.

الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر.

طبعت الطبعة الرابعة بطلب من المجمع العالمي لاهل البيت (ع)، وطبعت الطبعة الخامسة سنة 1431هـ

ISBN: 964-6909-54-x

ترقيم الصفحات مواقف للمطبوع

امام الغلاف
خلف الغلاف

الفهرس الاجمالي لكتاب شبهات وردود

هوية الكتاب:

اسم الكتاب: شبهات وردود ـ الرد على شبهات احمد الكاتب حول إمامة اهل البيت (ع) ووجود المهدي المنتظر (ع).

المؤلف: السيد سامي البدري.

الطبعة: الرابعة 1428هـ.ق.

مكان الطبع: قم المقدسة.

الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر.

طبعت الطبعة الرابعة بطلب من المجمع العالمي لاهل البيت (ع)، وطبعت الطبعة الخامسة سنة 1431هـ

ISBN: 964-6909-54-x

ترقيم الصفحات مواقف للمطبوع

امام الغلاف
خلف الغلاف
الزيارات : 39