المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
الباب الرابع : بحوث تطبيقية
الفصل الثاني : دراسة روايات ابن عباس وأموال البصرة

دراسة روايات أبي هريرة

روايات خيانة ابن عباس

قال العلامة التستري  (1) : روى الكشي عن علي بن يزداد الصائغ الجرجاني ، عن عبدالعزيز بن محمد بن عبد الأعلى الجزري ، عن خلف المخزومي البغدادي ، عن سفيان بن سعيد ، عن الزهري ، عن الحرث : استعمل علي عليه السلام على البصرة عبدالله بن عباس فحمل كل مال في بيت المال بالبصرة ولحق بمكة ، وترك عليا عليه السلام وكان مبلغه ألفي ألف درهم فصعد علي عليه السلام المنبر حين بلغه ذلك ، فبكى ! فقال : هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله في علمه وقدره يفعل مثل هذا ! فكيف يؤمن من كان دونه ؟ اللهم إني قد مللتهم فأرحني منهم واقبضني إليك غير عاجز ولا ملول)  (2) .

قال الكشي : قال شيخ من أهل اليمامة يذكر عن معلى بن هلال ، عن الشعبي قال : لما احتمل عبدالله بن عباس بيت مال البصرة وذهب به إلى الحجاز ، كتب إليه علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله :

من عبد الله علي بن أبي طالب إلى عبد الله بن العباس : أما بعد ، فاني كنت أشركتك في أمانتي ، ولم يكن أحد من أهل بيتي في نفسي أوثق منك لمواساتي وموازرتي وأداء الأمانة إلي ؟ فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب والعدو عليه قد حرب وأمانة الناس قد عزت وهذه الامورقد فشت ، قلبت لابن عمك ظهر المجن وفارقته مع المفارقين وخذلته أسوأ خذلان الخاذلين ؟ فكأنك لم تكن تريد الله بجهادك وكأنك لم تكن على بينة ، وكأنك إنما كنت تكيد امة محمد صلى الله عليه وآله على دنياهم وتنوي غرتهم ، فلما أمكنتك الشدة في خيانة امة عمد صلى الله عليه وآله أسرعت الوثبة وعجلت العدوة ، فاختطفت ما قدرت عليه اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى أنك لا أبا لك ! جررت إلى أهلك تراثك من أبيك وامك ، سبحان الله ! أما تؤمن بالمعادأو ما تخاف من سوء الحساب ؟ أو ما يكبر عليك أن تشتري الاماء وتنكح النساء بأموال الأرامل والمهاجرة الذين أفاء الله عليهم هذه البلاد ؟ اردد إلى القوم أموالهم ، فو الله لئن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لأعذرن الله فيك والله فوالله لو أن حسنا وحسينا فعلا مثل الذي فعلت لما كان لهما عندي في ذلك هوادة ولا لواحد منهما عندي فيه رخصة حتى آخذ الحق وازيح الجور عن المظلوم والسلام .

فكتب إليه عبد الله بن عباس : أما بعد ، فقد أتاني كتابك تعظم علي إصابة المال الذي أخذته من بيت مال البصرة ، ولعمري أن لي في بيت مال الله اكثر مما أخذت والسلام .

فكتب إليه علي بن أبي طالب عليه السلام :

أما بعد ، فالعجب كل العجب من تزيين نفسك أن لك في بيت مال الله اكثر مما أخذت وأكثر مما لرجل من المسلمين ، فقد أفلحت إن كان تمنيك الباطل وادعاؤك ما لم يكون ينجيك من الاثم ويحل لك ما حرم الله عليك ، عمرك الله أنك لأنت العبد المهتدي إذن ! فقد بلغني أنك اتخذت مكة وطنا وضربت بها عطنا ، تشتري مولدات مكة والطائف تختارهن على عينك وتعطي فيهن مال غيرك وإني لاقسم بالله ربي وربك رب العزة ما يسرني أن ما أخذت من أموالهم لي حلال أدعه لعقبي ميراثا ، فلا غرور أشد من اغتباطك بأكله ، رويدا ! رويدا ! فكأن قد بلغت المدى وعرضت على ربك والمحل الذي تتمنى الرجعة والمضيع للتوبة كذلك وما ذلك ، ولات حين مناص ، وا لسلام .

فكتب إليه عبد الله بن عباس : أما بعد ، فقد أكثرت علي ، فو الله لئن ألقى الله بجميع ما في الأرض من ذهبها وعقيانها أحب إلي أن ألقى الله بدم رجل مسلم  (3) .

وقال ابن أبي الحديد (في ماروي من كتابه صلى الله عليه وآله في أمر الخيانة في بيت المال) : اختلف الناس في المكتوب إليه :

فقال الاكثر : عبدالله ، ورووا في ذلك روايات واستدلوا بألفاظ الكتاب ، كقوله صلى الله عليه وآله : (أشركتك في أمانتي) .

وقال الآخرون -وهم الأقلون - : هذا لم يكن ، ولا فارق عبد الله بن عباس عليا عليه السلامولا باينه ولا خالفه ، ولم يزل أميرا على البصرة إلى ان قتل علي عليه السلامقالوا : ويدل على ذلك مارواه أبو الفرج من كتابه الذي كتبه إلى معاوية من البصرة لما قتل علي عليه السلام قالوا : وكيف يكون ذلك ؟ ولم يختدعه معاوية ويجره إلى جهته ، فقد علمتم كيف اختدع كثيرا من عمال أمير المؤمنين عليه السلام واستمالهم إليه بالأموال وتركوا أمير المؤمنين عليه السلام فماباله وقد علم الجفوة التي حدثت بينهما لم يستمل ابن عباس ولا اجتذبه إلى نفسه وكل من قرأ السير وعرف التواريخ يعرف مشاقة ابن عباس لمعاوية بعد وفاة علي عليه السلام وما كان يلقاه من قوارع الكلام وشديد الخصام وما كان يثني به على أمير المؤمنين عليه السلام ويذكر خصائصه وفضائله ويصدع به من مناقبه ومآثره ؟ فلوكان بينهما غبار وكدر لما كان الأمر كذلك ، بل كانت الحال تكون بالضد مما اشتهر من أمرهما (إلى أن قال) وقد اشكل علي أمر هذا الكتاب ، فان كذبت النقل وقلت : هذا كلام موضوع على أمير المؤمنين عليه السلام خالفت الرواة ، فانهم أطبقوا على رواية هذا الكتاب عنه وقد ذكر في أكثركتب السير . وإن صرفته إلى عبد الله بن عباس صدني عنه ما أعلمه من ملازمته لطاعة أمير المؤمنين عليه ا لسلام - في حياته وبعد وفاتهوإن صرفته إلى غيره لم أعلم إلى من أصرفه  (4) .

مناقشة التستري لروايات الخيانة

قال التستري رحمه الله : قاعدة عقلية : إذا تعارض العقل والنقل يقدم العقل ، فاذا كان معلوما ملازمته لطاعة أمير المؤمنين عليه السلام في حياته وبعد وفاته ولا استماله معاوية -مع انتهازه الفرصة في فعل ذلك -نقطع بأن النقل باطل ، وكيف يحتمل صحة ذاك النقل مع أنه طعن في معاوية بخيانة عماله ؟ فلو كان هو أيضا خان لرد عليه معاوية طعنه .

قال ابن عبد ربه في كتاب أجوبة عقده : اجتمعت قريش الشام والحجاز عند معاوية وفيهم عبد الله بن عباس-وكان جريئا على معاوية حقارا له - فبلغه عنه بعض ما غمه ، فقال معاوية : رحم الله أبا سفيان والعباس كانا صفيين دون الناس فحفظت الميت في الحي والحي في الميت استعملك علي يا ابن عباس على البصرة ، واستعمل أخاك عبيد الله على اليمن واستعمل أخاك قثما على المدينة فلما كان من الأمر ما كان هنأتكم ما في أيديكم ولم اكشفكم عما وعت غرائركم ، وقلت : آخذ اليوم واعطي غدا مثله ، وعلمت أن بدء اللؤم يضر بعاقبة الكرم ولوشئت لأخذت بحلاقيمكم وقيأتكم ما أكلتم ! لايزال يبلغني ما لا تبرك له الإبل ، وذنوبكم إلينا اكثر من ذنوبنا إليكم ، خذلتم عثمان بالمدينة وقتلتم أنصاره يوم الجمل وحاربتموني بصفين ولعمري لبنو تيم وعدي أعظم ذنوبا منا إليكم إذ صرفوا عنكم هذا الأمر وسنوا فيكم هذه السنة فحتى متى اغضي الجفون على القذى وأسحب الذيول على الاذى وأقول لعل وعسى ؟ !

فتكلم ابن عباس ، فقال : رحم الله أبانا وأباك كانا صفيين (إلى أن قال) ولكن من هنأ اباك باخاء أبي أ كثر ممن هنأ أبي بإخاء أبيك ، نصر أبي أباك في الجاهلية وحقن دمه في الاسلام . وأما استعمال علي عليه السلام إيانا فلنفسه دون هواه ، وقد استعملت أنت رجالا لهواك لا لنفسك منهم ابن الحضرمي على البصرة فقتل ، وبسر بن أرطاة على اليمن فخان وحبيب بن مرة على الحجاز فرد ، والضحاك بن قيس الفهري على الكوفة فحصب ، ولوطلبت ما عندنا وقينا أعراضناوليس الذي يبلغك عنا بأعظم من الذي يبلغنا عنك ؟ ولو وضع أصغر ذنوبكم إلينا على مائة حسنة لمحقها ، ولو وضع أدنى عذزنا إليكم على مائة سيئة لحسنها . وأما خذلنا عثمان : فلو لزمنا نصره لنصرناه . وأما قتلنا أنصاره فعلى خروجهم مما دخلوا فيه . وأما حربنا إياك بصفين فعلى تركك الحق وادعائك الباطل . وأما إغراؤك إيانا بتيم وعدي فلو أردناها ما غلبونا عليها وسكت فقال في ذلك ابن أبي لهب :

كان ابن حرب عظيم القدر في الناس       حتى رماه بما فيه ابن عباس

مازال يهبطه طورا ويصعده       حتى استقاد وما بالحق من باس

لم يتركن خطة مما يذلله       إلا كواه بها في فروة الراس  (5)

وكيف يعقل وقوع خيانة منه وقد حاج معاوية وخواصه كعمرو بن العاص ومروان وزياد ونظرائهم ؟ وكانوا يتهالكون على عد عيب له ولم يطعنوا فيه بذلك .

قال المدائني : وفد عبد الله بن عباس على معاوية مرة ، فقال معاوية لابنه يزيد ولزياد بن سمية وعتبة بن أبي سفيان ومروان بن الحكم وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وسعيد بن العاص وعبد الرحمان بن الحكم إنه قد طال العهد لعبد الله بن عباس وما كان شجر بيننا وبينه وبين ابن عمه ، ولقد كان نصبه للتحكيم فدفع عنه ؟ فحركوه على الكلام لنبلغ حقيقة صفته ونقف على كنه معرفته ونعرف ما صرف عنا من شبا حده وزوي عنا من دهاء رأيه فربما وصف المرء بغير ما هو فيه واعطي من النعت والاسم ما لايستحقه . ثم أرسل إلى عبد الله بن عباس ، فلما دخل واستقربه المجلس ابتدأه ابن أبي سفيان ، فقال : يا ابن عباس ما منع عليا أن يوجه بك حكما ؟ فقال : أما والله لو فعل لقرن عمرا بصعبة يوجع كتفيه مراسها ولأذهلت عقله وأجرضته بريقه وقدحت في سويداء قلبه ، فلم يبرم أمرا ولم ينقض أمراً إلا كنت منه بمرأى ومسمع ، فان أنكأه أدميت قواه وإن أدماه فصمت عراه بعضب مصقول لا يفل حده ، وأصالة رأي كمناخ الأجل لاوزر منه ، أصدع به أديمه وأفل به شبا حده ، وأشحذ به عزائم المتقين ، وازيح به شبه الشاكين .

فقال عمرو بن العاص : هذا والله يحوم أول الشر ويقول آخر الخير وفي حسمه قطع مادته ؟ فبادره بالحطة ، وانتهزمنه الفرصة ، واردع بالتنكيل به غيره ، وشرد به من خلفه .

فقال ابن عباس يا ابن النابغة ! ضل والله عقلك وسفه حلمك ونطق الشيطان على لسانك ، هلا توليت ذلك بنفسك حين دعيت إلى النـزال وتكافح الأبطال وكثرت الجراح وتقصفت الرماح ، وبرزت إلى أمير المؤمنين مصاولا فانكفأ نحوك بالسيف حاملا ، فلما رأيت الكواشر من الموت وقد أعددت حيلة السلامة قبل لقائه والانكفاء عنه بعد إجابة دعائه فمنحته -رجاء النجاة- عورتك وكشفت له -خوف بأسه -سوأتك ، حذر أن يصطلمك بسطوته أو يلتهمك بحمالته ثم أشرت على معاوية -كالناصح له -بمبارزته وحسنت له التعريض بمكافحته رجاء أن تكفى مؤنته وتعدم صولته فعلم غل صدرك وما أنحنت عليه من النفاق أضلعك ، وعرف مقر سهمك في غرضك ، فاكفف غرب (عضب) لسانك واقمع عوراء لفظك فانك لمن (امام) أسد خادر وبحر زاخر ، إن برزت للأسد افترسك ، وإن عمت في البحر غمسك .

فقال مروان : يا ابن عباس إنك لتصرف بنابك وتوري نارك كأنك ترجو الغلبة تؤمل العافية ! ولولا حلم معاوية عنكم لناولكم بأقصر أنامله فأوردكم منهلا بعيدا صدره ، لعمري لئن سطا بكم ليأخذن بعض حقه منكم ، ولئن عفا عن جرائركم فقديما مانسب إلى ذلك .

فقال ابن عباس : وإنك لتقول ذلك يا عدو الله وطريد رسول الله والمباح دمه والداخل بين عثمان ورعيته بما حملهم على قطع أوداجه وركوب أثباجه ! أما والله ! لو طلب معاوية ثاره لأخذك به ، ولونظر في أمرعثمان لوجدك أوله وآخره . وأما قولك لي : ((إنك لتصرف بنابك وتوري بنارك)) فسل معاوية وعمرا يخبراك ليلة الهرير كيف ثباتنا للمثلات واستخفافنا بالمعضلات وصدق جلادنا عند المصاولة وصبرنا على اللأواء في المطاولة ومصافحتنا بجباهنا السيوف المرهفة ومباشرتنا بنحورنا حد الأسنة ، هل خمنا عن كرائم تلك المواقف ؟ أم لم نبذل مهجنا للمتالف ؟ وليس لك إذ ذاك فيها مقام محمود ولا يوم مشهود ولا أثر معدود وإنهما شهدا ما لو شهدت لأقلقك فاربع على ظلعك ولا تعرض لما ليس لك ، فانك كالمغروز في صفد لا يهبط برجل ولا يرقى بيد .

فقال زياد : يا ابن عباس إني لأعلم ما منع حسنا وحسينا من الوفود معك على أمير المؤمنين إلا ما سولت لهما أنفسهما وغرهما به من هو عند البأساء سلمهما وأيم الله ! لو وليتهما لأدبتهما في الرحلة إلى أمير المؤمنين بأنفسهما ويقل بمكانهما لبثهما .

فقال ابن عباس : إذن والله يقصر دونهما باعك ويضيق بهما ذراعك ، ولو رمت ذلك لوجدت من دونهما فيه فئة صدقا صبرا على البلاء لا يخيمون عن اللقاء فلعركوك بكلاكلهم ووطئوك بمناسمهم وأوجروك مشق رماحهم وشفار سيوفهم ووخز أسنتهم ، حتى تشهد بسوء ما آتيت وتتبين ضياع الحزم في ما جنيت فحذار حذارمن سوء النية ! فتكافي برد الامنية وتكون سببا لفساد هذين الحيين بعد صلاحهما وساعيا في اختلافهما بعد إئتلافهما حيث لايضرهما التباسك ولا يغني عنهما إيناسك .

فقال عبدالرحمن بن ام الحكم : لله در ابن ملجم ! فقد بلغ الامل وأمن الوجل ، وأحد الشفرة وألان المهرة ، وأدرك الثار ونفى العار ، وفاز بالمنـزلة العليا ورقى الدرجة القصوى .

فقال ابن عباس : أما والله لقد كرع كأس حتفه بيده وعجل الله إلى النار بروحه ، ولو أبدى لأمير المؤمنين عليه السلام صفحته لخالطه الفحل القطم والسيف الخذم  (6) ولألعقه صابا وسقاه سما وألحقه بالوليد وعتبة وحنظلة فكلهم كان أشد منه شكيمة وأمضى عزيمة ، ففرى بالسيف هامهم ورملهم بدمائهم وقرى الذئاب أشلاءهم وفرق بينهم وبين أحبائهم اولئك حصب جهنم هم لها واردون (فهل تحس منهم من أحد أوتسمع لهم ركزا) مريم : 98 .

ولا غرو إن ختل ولا وصمة إن قتل ، فانا كما قال دريد بن الصمة :

فانا للخم السيف غير مكره       ونلحمه طورا وليس بذي نكر

يغار علينا واترين فيشتفي بنا       إن اصبنا أو نغير على وتر

فقال المغيرة بن شعبة : أما والله ! لقد أشرت على علي بالنصيحة فآثر رأيه ، ومضى على غلوائه ، فكانت العاقبة عليه لا لهوإني لأحسب أن خلفه ليقتدون منهجه .

فقال ابن عباس : كان والله أمير المؤمنين عالما بوجوه الرأي ومعاقد الحزم وتصاريف الامور من أن يقبل مشورتك في ما نهى الله عنه وعنف عليه ، قال سبحانه : ((لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله)) المجادلة22 . ولقد وقفك على ذكر متين وآية متلوة قوله تعالى : ((وما كنت متخذ المضلين عضدا)) الكهف : 51 .

وهل كان يسوغ له أن يحكم في دماء المسلمين وفى المؤمنين من ليس بمأمون عنده ولا موثوق به في نفسه ؟ هيهات هيهات ! هو عالم بفرض الله وسنة رسوله أن يبطن خلاف مايظهر إلا للتقية ، ولات حين تقية مع وضوح الحق وثبوت الجنان وكثرة الأنصار يمضي كالسيف المصلت في أمرالله موثرا لطاعة ربه والتقوى على آراء أهل الدنيا .

فقال يزيد بن معاوية : يا ابن عباس إنك لتنطق بلسان طلق ينبئ عن مكنون قلب خرق ، فاطو ما أنت عليه كشحا ، فقد محا ضوء حقنا ظلمة باطلكم .

فقال ابن عباس : مهلا يايزيد ! فوالله ما صفت القلوب لكم منذ تكدرت عليكم ، ولا دنت بالمحبة لكم مذ نأت بالبغضاء عنكم ، ولا رضيت اليوم منكم ما سخطت الأمس من أفعالكم ، وإن بذل الأيام يستقضي ما سد عنا ويسترجع ما ابتز منا كيلا بكيل ووزنا بوزن ، وإن تكن الاخرى فكفى بالله وليا لنا ووكيلا على المعتدين علينا .

فقال معاوية : إن في نفسي منكم لحزازات يا بني هاشم ! وإني لخليق أن أدرك فيكم الثار وأنفي العار ، فان دماءنا قبلكم وظلامتنا فيكم .

فقال ابن عباس والله إن رمت ذلك يا معاوية لتثيرن عليك اسدا مخدرة وأفاعي مطرقة ، لا يعضها كثرة السلاح ولا يقصيها نكاية الجراح ، يضعون أسيافهم على عواتقهم يضربون قدما قدما من ناوأهم ، يهون عليهم نباح الكلاب وعواء الذئاب لايفاتون بوتر ولا يسبقون إلى كريم ذكر قد وطنوا على الموت أنفسهم وسمت بهم إلى العلياء هممهم ، كما قالت الأزدية :

قوم إذاشهدوا الهياج       فلا ضرب ينهنهم ولازجر

وكأنهم آساد غيلة غرثت       وبلَّ متونها القطر

فتكون منهم بحيث أعددت ليلة الهرير للهرب فرسك ، وكان أكبر همك سلامة حشاشة نفسك ولولا طغام من أهل الشام وقوا لك بأنفسهم وبذلوا دونك مهجهم ، حتى إذا ذاقوا وخز الشفار وأيقنوا بحلول الدمار رفعوا المصاحف مستجيرين بها وعائدين بعصمتها ، لكنت شلوا مطروحا بالعراء تسفي عليك رياحها ويعتورك ذئابها وما أقول هذا اريد صرفك عن عزيمتك ولا إزالتك عن معقود نيتك لكن الرحم التي تعطف عليك ، والأواصر التي توجب صرف النصيحة إليك .

فقال معاوية : لله درك يا ابن عباس ! ما تكشفت الأيام عنك إلا عن سيف صقيل ورأي أصيل وبالله لو لم يلد هاشم غيرك لما نقص عددهم ، ولو لم يكن لأهلك سواك لكان الله قد كثرهم ثم نهض . فقام ابن عباس وا نصرف  (7) .

مع أن النقل وإن كان خلاف العقل ليس باتفاقي -كما قال ابن أبي الحديد- كيف ! وأنكره جمع ، ومنهم عمرو بن عبيد .

روى المرتضى في غرره عن أبي عبيدة ، قال : دخل عمرو بن عبيد على سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بالحيرة فقال له سليمان : أخبرني عن قول علي عليه السلام في عبد الله بن العباس : "يفتينا في النملة والقملة ، وطار بأموالنا في ليلة" فقال له : كيف يقول هذا وابن عباس لم يفارق عليا عليه السلام حتى قتل ، وشهد صلح الحسن عليه السلام وأي مال يجتمع في بيت مال البصرة مع حاجة علي عليه السلام إلى الأموال ، وهو يفرغ بيت مال الكوفة في كل خميس ويرشه وقالوا : إنه كان يقيل فيه ! فكيف يترك المال يجتمع بالبصرة ؟ وهذا باطل  (8) .

وقد أنكره أبوعبيدة ، قال الطبري : حدثني أبوزيد ، قال : زعم أبوعبيدة -ولم أسمعه منه- أن ابن عباس لم يبرح من البصرة حتى قتل علي عليه السلام فشخص إلى الحسن عليه السلام فشهد الصلح بينه وبين معاوية ، ثم رجع إلى البصرة وثقله بها ، فحمله ومالا من بيت المال قليلا ، وقال : هي أرزاقي  (9) .

ثم رواياتهم في ذلك مختلفة .

روى الطبري عن عمر بن شبة ، عن جماعة ، عن أبي مخنف ، عن سليمان بن راشد ، عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنودقال : مر عبدالله بن عباس على أبي الأسود الدؤلي ، فقال : لوكنت من البهائم كنت جملا ، ولوكنت راعيا مابلغت من المرعى ولا أحسنت مهنته في الممشى .

فكتب أبو الأسود إلى علي عليه السلام : أما بعد ، فان الله جل وعلا جعلك واليا مؤتمنا وراعيا مستوليا ، وقد بلوناك فوجدناك عظيم الأمانة ناصحا للرعية ، توفر لهم فيئهم وتظلف نفسك عن دنياهم ، فلا تاكل أموالهم ولا ترتشي في أحكامهم ، وإن ابن عمك قد اكل ما تحت يديه بغير علمك ، فلم يسعني كتمانك ذلك ، فانظر-رحمك الله - في ما هناك واكتب إلي برأيك في ما أحببت أنته إليه والسلام .

فكتب إليه علي عليه السلام : أما بعد ، فمثلك نصح الامام والامة وأدى الأمانة ودل على الحق وقد كتبت إلى صاحبك في ماكتبت إلي فيه من أمره ولم أعلمه أنك كتبت ، فلا تدع إعلامي بما يكون بحضرتك مما النظر فيه للامة صلاح ، فانك بذلك جدير ، وهو حق واجب عليك .

وكتب إلى ابن عباس في ذلك . فكتب إليه ابن عباس : أما بعد ، فان الذي بلغك باطل وإني لما تحت يدي ضابط قائم له وله حافظ ، فلا تصدق الظنون .

فكتب إليه علي عليه السلام : أما بعد ، فأعلمني ما أخذت من الجزية ومن أين أخذت ؟ وفيم وضعت ؟

فكتب إليه ابن عباس : أما بعد ، فقد فهمت تعظيمك مرزأة ما بلغك أني رزأته من مال أهل هذا البلد ، فابعث إلى عملك من أحببت ، فاني ظاعن عنه . ثم دعا ابن عباس أخواله -بني هلال بن عامر- فجاءه الضحاك بن عبد الله وعبد الله بن رزين بن أبي عمرو الهلاليان ، ثم اجتمعت معه قيس كلها ، فحمل مالا ، قال الطبري قال أبوزيد : قال أبوعبيدة : كانت أرزاقا قد اجتمعت ، فحمل معه مقدار ما اجتمع له فبعثت الأخماس كلها فلحقوه بالطف ، فتواقفوا يريدون أخذ المال ، فقالت قيس : والله لا يوصل إلى ذلك وفينا عين تطرف ! وقال صبرة بن شيمان الحداني : يامعشر الأزد ! والله إن قيسا لاخواننا في الاسلام وجيراننا في الدار وأعواننا على العدو ، وإن الذي يصيبكم من هذا المال لورد عليكم لقليل ، وهم غدا خير لكم من المال قالوا : فما ترى ؟ قال : انصرفوا عنهم ودعوهم ، فأطاعوه فانصرفوا . فقالت بكر وعبد القيس : نعم الرأي رأي صبرة لقومه ! فاعتزلوا أيضافقالت بنوتميم : والله لا نفارقهم نقاتلهم عليه . فقال الأحنف : قد ترك قتالهم من هو أبعد منكم رحما ، فقالوا : والله لنقاتلنهم ! فقال : إذن لا اساعدكم عليهم ، فاعتزلهم فرأسوا عليهم ابن المجاعة من بني تميم ، فقاتلوهم وحمل الضحاك على ابن المجاعة فطعنه ، واعتنقه عبدالله بن رزين ، فسقطا إلى الأرض يعتركان ، وكثرت الجراح فيهم ، ولم يكن بينهم قتيل فقالت الأخماس : ما صنعنا شيئا ! اعتزلناهم وتركناهم يتحاربون ، فضربوا وجوه بعضهم عن بعض ، وقالوا لبني تميم : فنحن أسخى منكم أنفسا حين تركنا هذا المال لبني عمكم وأنتم تقاتلونهم عليه ، إن القوم قد حملوا وحموا فخلوهم وإن أحببتم فانصرفوا .

ومضى ابن عباس ومعه نحو من عشرين رجلا حتى قدم مكة  (10) .

ورواه ابن عبد ربه في عقده ، وزاد : فجعل راجز لعبد الله بن العباس يرتجز ويقول :

صبحت من كاظمة القصر الخرب       مع ابن عباس بن عبدالمطلب

وجعل ابن عباس يرتجز ويقول :

آوي إلى أهلك يا رباب       اوي فقد حان لك الإياب

وجعل أيضا يرتجز ويقول :

وهن يمشين بنا هميسا       إن يصدق الطير ننك لميسا

فقيل له : يا أبا العباس أمثلك يرفث في هذا الموضع !

قال : إنما الرفث مايقال عند النساء .

وقال أبو محمد : فلما نزل مكة اشترى من عطاء بن جبير مولى بني كعب من جواريه ثلاث مولدات حجازيات ، يقال لهن : (شادن) و(حوراء) و(فتون) بثلاثة الاف دينار .

وقال سليمان بن أيي راشد : عن عبد الله بن عبيد ، عن أبي الكنود ، قال : كنت من أعوان عبد الله بالبصرة ، فلما كان من أمره ما كان أتيت عليا عليه السلام فأخبرته ، فقال : (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) الأعرا ف : 175 . ثم كتب معه إليه : أما بعد ، فاني كنت أشركتك في أمانتي الخ  (11) . مثل خبر الكشي الأخير ، إلا أن في آخره في كتاب ابن عباس الأخير بدله "والله لئن لم تدعني من أساطيرك لأحملنه إلى معاوية يقاتلك به" فكف عنه علي عليه السلام .

وروى ابن أعثم الكوفي واليعقويى ضد ذلك .

أما الأول : فروى أنه كان مجرد اتهام .

وأما الثاني : فروى أنه رد ما أخذ .

قال الأول (بعد ذكر قضية بسر : ولي ابن عباس -وكان على البصرة- الموسم ، فطلب ابن عباس زيادا وأبا الأسودوقال أستخلفكما على البصرة حتى أرجع من مكة بعد الموسم فجعل أبا الاسود على الصلاة بالناس وزيادا على الخراج . فوقع بعد خروجه بينهما تنافر ، فهجاه أبو الأسود ، فلما رجع ابن عباس شكاه زياد وقرأ عليه أهاجيه فيه ، فغضب ابن عباس وسب أبا الأسود فاحتال أبو الأسود فكتب إلى أمير المؤمنين عليه السلام أن ابن عباس خان في بيت المال فكتب عليه السلام إلى ابن عباس ((بلغني عنك امور الله أعلم بها ، وهي منك غير منتظرة ، فاكتب إلي بمقدار بيت المال)) فأجابه "أن ذلك باطل ، وأعلم من كتب إليك ، ولا أتصدى بعد ذلك لعمل" واعتزل في بيته . فكتب عليه السلام إليه ((لا تكن واجدا مما كتبت إليك ، فان ذلك كان من اعتمادي عليك ، وتبين لي أن ما كتبوا إلي فيك باطل ، فارجع إلى عملك)) فلما وصل الكتاب إلى ابن عباس سر واشتغل بعمله  (12) .

وقال الثاني : كتب أبو الأسود -وكان خليفة ابن عباس بالبصرة- إلى علي عليه السلام يعلمه أن عبد الله أخذ من بيت المال عشرة آلاف درهم ثم كتب عليه السلام إليه يأمره بردها ، فامتنع ، فكتب عليه السلام يقسم له بالله لتردنها ، فلما ردها عبدالله -أورد أكثرها- كتب إليه علي عليه السلام :

أما بعد ، فان المرء يسره درك ما لم يكن ليفوته ، ويسوؤه فوت مالم يكن ليدركه ، فما أتاك من الدنيا فلا تكثر به فرحا ، وما فاتك منها فلا تكثر عليه جزعا ، واجعل همك لما بعد الموت . قال : فكان ابن عباس يقول : ما اتعظت بكلام قط اتعاظي بكلام أمير المؤمنين  (13) .

وروى سبط ابن الجوزي في تذكرته كتابه ((أما بعد ، فان المرء يسره درك مالم يكن ليفوته الخ)) عن المامون ، عن آبائه ، عنه عليه السلام . ثم قال : روى السدي هذا عن أشياخهوقال : كان الشيطان نزغ بين ابن عباس وبين علي عليه السلام مدة ، ثم عاد إلى موالاته (إلى أن قال) قال أبوأراكة : ثم ندم ابن عباس واعتذر إلى علي عليه السلام وقبل -عليه ا لسلام - عذره  (14) .

وبالجملة :

قالوا : ((خبر تدريه خيرمن ألف ترويه)) والخبر الذي يشهد بصحته الدراية خبر أعثم الكوفي وكذا اليعقويى ويشهد له -مضافا إلى ما مر مارواه أبو الفرج في مقاتله بأسانيد في خطبة الحسن عليه السلام بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام إلى أن قال :

ثم قال : أيها الناس ! من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد صلى الله عليه وآلهأنا ابن البشير ، أنا ابن النذير ، أنا ابن الداعي إلى الله عزوجل باذنه ، وأنا ابن السراج المنير ، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، والذين افترض الله مودتهم في كتابه ، إذ يقول : ((ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا))  (15) اقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت . قال أبومخنف عن رجاله : ثم قام ابن عباس بين يديه فدعا الناس إلى بيعته فاستجابوا له وقالوا : ما أحبه إلينا وأحقه بالخلافة ! فبايعوه (إلى أن قال بعد ذكر دس معاوية نفرين : حميريا إلى الكوفة ، وقينيا إلى البصرة يكتبان إليه بالأخبار فاخذا وقتلا ، وكتابة الحسن عليه السلام إلى معاوية في ذلك) قال :

وكتب عبد الله بن عباس من البصرة إلى معاوية :

أما بعد ، فانك دسست أخا بني قين إلى البصرة تلتمس من غفلات قريش مثل الذي ظفرت به من يمانيتك لكما قال امية-يعني ابن الأشكر :

لعمرك إني والخزاعي طارقا       كنعجة غارحتفها تتحفر

أثارت عليهاشفرة بكراعها       فظلت بها من آخرالليل تنحر

شمت بقوم من صديقك اهلكوا       أصابهم يوم من الدهر أصفر

فأجابه معاوية : أما بعد ، فان الحسن بن علي قد كتب إلي بنحو ماكتبت الخ  (16) .

هذا ، وأما ما في نسخنا في المقاتل في لحوق عبيدالله بن العباس بمعاوية وتركه عسكر الحسن عليه السلام وأن قيس بن سعد بن عبادة خطبهم ، فقال : ((إن هذا وأباه وأخاه لم يأتوا بيوم خير قط ! إن أباه عم النبي صلى الله عليه وآله خرج يقاتله ببدر فأسره أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري فأتى به النبي صلى الله عليه وآله فأخذ فداه فقسمه بين المسلمين ، وإن أخاه ولاه علي عليه السلام على البصرة فسرق مال الله ومال المسلمين فاشترى به الجواري ، وزعم أن ذلك له حلال الخ))  (17)فدخيل ، فنقل ابن أبي الحديد عند شرح قول النهج : ((ومن وصيته عليه السلام للحسن عليه السلام)) جميع كلام مقاتل أي أبو الفرج في عنوان الحسن عليه السلام ولم ينقل هذا ، بل قال : ((ثم خطبهم -أي قيس -فثبهم وذكرعبيد الله فنال منه ثم أمرهم بالصبر والنهوض إلى العدو ، فأجابوه الخ))  (18)ونقله مقدم ، فقرأ الكتب على الشيوخ ، ونسخنا سواد وجد على بياض . ومما يشهد لعدم صحة نسخنا أنه نقل بين قول : أبي الفرج نقلا عن الحسن عليه السلام : ((فاخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة)) وقوله : ((ثم إن الحسن عليه السلام سار في عسكرعظيم)) كلاما كثيرا ليس في نسخنا منه أثر .

وأما مانقله ابن أبي الحديد في ترجمة ابن الزبير : ((أن ابن الزبيرقال في خطبته على المنبر : وإن ها هنا رجلا قد أعمى الله قلبه كما أعمى بصره يزعم أن متعة النساء حلال من الله ورسوله يفتي في القملة والنملة وقد احتمل بيت مال البصرة بالأمس وترك المسلمين بها يرتضخون النوى! وكيف ألومه في ذلك وقد قاتل ام المؤمنين (إلى أن قال) قال ابن عباس : وأما حملي المال فانه كان مالا جبيناه وأعطينا كل ذي حق حقه وبقيت بقية دون حقنا في كتاب الله ، فأخذنا بحقنا . وأما المتعة : فاسأل امك أسماء عن بردي عوسجة الخ))  (19) فمرسل بلا سند، وقد نقله المسعودي بدون ذلك. وتضمن نقل ابن أبي الحديد ما يشهدلبطلانه، فام ابن الزبيرلم تكن متعة عند الزبير . فروى المسعودي عن ابن عائشة والعتبي : أنه خطب ابن الزبير فقال : مابال أقوام يفتون في المتعة وينتقصون حواري الرسول وام المؤمنين عائشة ، ما بالهم أعمى الله قلوبهم كما أعمى الله أبصارهم ! -يعرض بابن عباس - فقال : يا غلام اصمدني صمده ، فقال يا ابن الزبير ! أما قولك في المتعة : فسل امك تخبرك ، فان أول مجمرة سطع مجمرها لمجمرسطع بين امك وأبيك . وأما قولك : حواري رسول الله صلى الله عليه وآله فقد لقيت أباك في الزحف وأنا مع إمام هدى ، فان يكن على ما أقول فقد كفر بقتالنا ، وإن يكن على ماتقول فقد كفر بهربه عنا ... الخبر  (20) . قال المسعودي : تنازع الناس في ذلك ، فمنهم من رأى أنه عنى متعة النساء ، ومنهم من رأى أنه أراد متعة الحج ، لأن الزبير تزوج أسماء بكرا في الاسلام ، زوجه أبو بكرمعلنا ، فكيف تكون متعة النساءالخ  (21) .

قال العلامة التستري رحمه الله : الأصل في جعلهم هذا الخبر في ابن عباس إرادتهم دفع الطعن عن فاروقهم باستعماله في أيام إمارته المنافقين والطلقاء -كالمغيرة بن شعبة ومعاوية بن أبي سفيان -وتركه أقرباء النبي صلى الله عليه وآله .

ففي العقد الفريد -قبل نقله ذاك الخبر قال أبو بكر بن أبي شيبة : كان عبد الله بن عباس من أحب الناس إلى عمر ، وكان يقدمه على الاكابر من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ولم يستعمله قط ، فقال له يوما : كدت أستعملك ولكن أخشى أن تستحل الفى على التأويل فلما صار الأمر إلى علي عليه السلام استعمله على البصرة فاستحل الفئ على تأويل قوله تعالى : (واعلموا أن ما غنمتم من شى فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى)  (22) وا ستحله من قرابته من الرسول صلى الله عليه وآله  (23) .

وإنما لم يستعمله عمر لئلا ينتقل الأمر بإمارته وإمارة باقي بني هاشم بعده إلى أمير المؤمنين عليه السلام كما أنه استعمل المنافقين والطلقاء المعادين له الموتورين معه عليه السلام لأن يصدوا عن ذلك بتصديهم للامور ، واستعمل معاوية بالخصوص ليسهل الأمر لبني امية مع كونهم أعداء النبي صلى الله عليه وآله والمحاربين معه والمجاهرين بعداوته إلى آخر أمره صلى الله عليه وآله وقد أقر عمر نفسه بذلك .

روى المسعودي في مروجه -وليس بمتهم عندهم - أن عمر أرسل إلى ابن عباسوقال له : إن عامل حمص هلك وكان من أهل الخير وأهل الخير قليل ، وقد رجوت أن تكون منهم ، وفي نفسي منك شى لم أره منك وأعياني ذلك ، فما رأيك في العمل ؟ قال : لن أعمل حتى تخبرني بالذي في نفسك . قال : وما تريد إلى ذلك ؟ قال : اريده ، فان كان شى أخاف منه على نفسي خشيت منه عليها الذي خشيت ، وإن كنت بريئا من مثله علمت أني لست من أهله ، فقبلت عملك هنالك ، فاني قلما رأيت أوظننت شيئا إلا عاينته . فقال : يا ابن عباس إني خشيت أن يأتي علي الذي هوآت وأنت في عملك ، فتقول : هلم إلينا ، ولا هلم إليكم دون غيركم (إلى أن قال) قال : فما رأيك ؟ قال : أراني لا أعمل لك . قال : ولم ؟ قال : إن عملت لك وفي نفسك ما فيها لم أبرح قذى في عينك ! قال : فأشر علي ، قال : أرى أن تستعمل صحيحا منك صحيحا لك  (24) .

والأصل ما عرفت .

وأما اجتهاد ابن عباس في قبال أمير المؤمنين عليه السلام مع إذعانه وتسليمه له فغير معقول وكون الخمس لأهل البيت نص عليه في الكتاب ، ومنعهم عمر .

في كتاب خراج أبي يوسف : كتب نجدة بن عامر إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى ، فأجابه : كتبت إلي تسألني عن سهم ذوي القربى لمن هو ، وهو لنا . وإن عمر بن الخطاب دعانا إلى أن نُنْكِح منه أيِّمنا ونقضي به عن مغرمنا ، ونخدم منه عائلتنا ، فأبينا إلا أن يسلمه لنا ، وأبى ذلك علينا  (25) .

وفي حلية أبي نعيم : كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن خمس خصال (إلى أن قال) كتبت تسألني عن الخمس وإنا نقول هو لنا ، وأبى علينا قومنا ذلك . هذا حديث صحيح رواه مسلم وحاتم بن إسماعيل والزهري ومحمد بن اسحق وسعيد المقبري .

وأراد أبوبكر بن أبي شيبة التخليط والتلبيس ودفع طعنين عن فاروقه .

ثم ما قلناه في وجه جعلهم الرواية في خيانة ابن عباس من دفع التشنيع عن فاروقهم الذي استعمل أعداء النبي صلى الله عليه وآله وعطل أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله هو وجه خاص . وله وجه عام ، وهوسعيهم في ستر فضائل أقارب النبي صلى الله عليه وآله ونحتهم لهم رذائل ليدفعوهم عن أمر الخلافة ، ولم يسلم أحد منهم من ذلك ، حتى أمير المؤمنين عليه السلام فكان عليه السلام يقول في شكايته منهم : "اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم ، فانهم قطعوا رحمي ، وصغروا عظيم منـزلتي"  (26) وكان عليه السلام يقول : (لوقدروا على إنكار قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله لفعلوه) .

ولقد افتروا عليه عليه السلام أنه خطب بنت أبي جهل في زمان النبي صلى الله عليه وآله فغضب النبي صلى الله عليه وآلهوقال : (لا تجتمع بنت نبي الله وبنت عدوالله)  (27) .

ولقد طعن عمر عليه عليه السلام بذلك فدافع عنه عليه السلام هذا الرجل الجليل (اي ابن عباس) لما لم يمكنه أن يقول له : أنت وشركاؤك وضعتم هذا وافتريتم عليه سلمه وجادله بالتي هي أحسن .

قال ابن أبي الحديد : روى الزبير بن بكار-في الموفقيات -عن عبدالله بن عباس قال : خرجت اريد عمر بن الخطاب فلقيته راكبا حمارا ، وقد ارتسنه بحبل أسود ، وفي رجليه نعلان مخصوفتان ، وعليه إزار وقيص صغير وقد انشكفت منه رجلاه إلى ركبتيه ، فمشيت إلى جانبه وجعلت أجذب الأزار واسويه عليه ، وكلما سترت جانبا انكشف جانب فيضحك فيقول لايطيعك . حتى جئنا العالية ، فصلينا ، ثم قدم بعض القوم إلينا طعاما من خبز ولحم وإذا عمر صائم ! فجعل ينبذ إلي طيب اللحم ويقول : كل لي ولك . ثم دخلنا حائطا ، فألقى إلي رداءه وقال : اكفنيه ، وألق قميصه بين يديه وجعل يغسله وأنا أغسل رداءه . ثم جففناهما وصلينا العصر ، فركب ومشيت إلى جانبه ولا ثالث لنا . فقلت : يا أمير المؤمنين إني في خطبة فأشر علي ، قال : ومن خطبت ؟ قلت : فلانة ابنة فلان ، قال : النسب كما تحب وكما قد علمت ، ولكن في أخلاق أهلها رقة لاتعدمك أن تجدها في ولدك . قلت : فلا حاجة لي إذن فيها . قال : فلم لا تخطب إلى ابن عمك ؟ -يعني عليا عليه السلام قلت : ألم تسبقني إليه ؟ قال : فالاخرى ، قلت : هي لابن أخيه .

قال : يا ابن عباس إن صاحبكم إن ولي هذا الأمر أخشى عجبه بنفسه أن يذهب به فليتني أراكم بعدي ! قلت : يا أميرالمؤمنين إن صاحبنا ما قد علمت ، إنه ما غير ولا بدل ولا أسخط رسول الله صلى الله عليه وآله أيام صحبته له فقطع علي الكلام فقال : ولا في ابنة أبي جهل لما أراد أن يخطبها على فاطمة ! قلت : قال عزوجل ((ولم نجد له عزما))  (28) وصاحبنا لم يعزم على سخط رسول الله صلى الله عليه وآله ولكن الخواطرالتي لايقدر واحد على دفعها عن نفسه وربما كانت من الفقيه في دين الله العالم العامل بأمرالله .

فقال : يا ابن عباس من ظن أنه يرد بحوركم فيغوص فيها معكم حتى يبلغ قعرها فقد ظن عجزا ! أستغفر الله لي ولك ، خذ في غير هذا . ثم أنشأ يسألني عن شيء من امور الفتيا واجيبه ، فيقول : أصبت أصاب الله بك ! أنت والله أحق أن تتبع !  (29) .

قال التستري : فكيف يعقل أن يقول النبي صلى الله عليه وآله قال ربي : (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) النساء : 3 . ويغضب أن ينكح صهره على ابنته ؟

ومما يدل على بطلان تلك الرواية وكون ابن عباس عند أميرالمؤمنين عليه السلام وقت شهادته وكمال قربه وخصوصية منه عليه السلام قول شيخنا المفيد في إرشاده : روى الفضل بن دكين عن حيان بن عباس ، عن عثمان بن المغيرة ، قال : لما دخل شهر رمضان كان أمير المؤمنين عليه السلام يتعشى ليلة عند الحسن عليه السلام وليلة عند الحسين عليه السلام وليلة عند عبد الله بن العباس لايزيد على ثلاث لقم ، فقيل له في ذلك ليلة من الليالي فقال: "يأتيني أمر الله وأنا خميص" فاصيب عليه السلام في اخر الليل  (30) .

وكيف تصح تلك الرواية مع كمال خصوصية ابن عباس منه ؟

روى نصربن مزاحم في صفينه : أن معاوية قال لعمرو بن العاص : إن رأس الناس بعد علي هو عبدالله بن عباس ، فلو ألقيت إليه كتابا لعلك ترفقه به ، فانه إن قال شيئا لم يخرج علي منه وقد اكلتنا الحرب ، ولا أرانا نصل العراق إلا بهلاك أهل الشام قال عمرو : إن ابن عباس لا يخدع ، ولو طمعت فيه طمعت في علي . فقال معاوية على ذلك فاكتب إليه (إلى أن قال) فلما انتهى كتاب جواب ابن عباس إلى عمرو أتى به معاوية ، فقال : أنت دعوتني إلى هذا ، ماكان أغناني وإياك عن بني عبد المطلب ! فقال : إن قلب ابن عباس وقلب علي واحد  (31) .

وذكرنصرأيضا كتاب معاوية إلى ابن عباس وجوابه (إلى أن قال) فلما انتهى كتاب ابن عباس إلى معاوية ، قال : هذا عملي بنفسي ! لا والله لا أكتب إليه  (32) .

وروى نصر أيضأ عن الباقر عليه السلام أنه لما أراد الناس عليا عليه السلام أن يضع حكمين ، قال لهم : إن معاوية لم يكن ليضع لهذا الأمر أحدا هو أوثق برأيه ونظره من عمرو بن العاص ، وإنه لا يصلح للقرشي إلا مثله ، فعليكم بعبد الله بن عباس فارموه به ، فان عمرا لايعقد عقدة إلا حلها عبد الله ، ولا يحل عقدة إلا عقدها ، ولا يبرم أمرا إلا نقضه ولا ينقض أمرا إلا أبرمه .. الخبر .

وروى نصر أيضأ : أن عليا عليه السلام قال للقراء الذين صاروا خوارج بعد : "هذا ابن عباس اوليه ذلك" قالوا : والله ما نبالي أنت كنت أو ابن عباس ! لانريد إلا رجلا هو منك ومن معاوية سواء  (33) .

ومما يدل على كمال خصوصيته مارواه الطبري ونصربن مزاحم : أن أمير المؤمنين عليه السلام بعد قضية الحكومة كان إذا صلى الغداة والمغرب وسلم قال : "اللهم العن معاوية ، وعمرا ، وأبا موسى ، وحبيب بن مسلمة ، وعبد الرحمان بن خالدوالضحاك بن قيس ، والوليد بن عقبة)) فبلغ ذلك معاوية ، فكان إذا صلى لعن عليا وحسنا وحسينا عليهم السلام وابن عباس ، وقيس بن سعد بن عبادة ، والأشتر  (34) .

وكذا يدل على كمال خصوصيته أنه عليه السلام نهاه عن المبارزة بغير إذنه ضنا به على الموت .

فقال المسعودي في قصة مبارزة العباس بن ربيعة الهاشمى : قال علي عليه السلام للعباس : ألم أنهك وعبد الله بن عباس أن تخلا بمركز أو تبارزا أحدا ؟ (إلى أن قال بعد أن ذكر أن معاوية جعل جعلا لقاتل العباس) : والله ! يود معاوية أنه مابقي من بني هاشم نافخ ضرمة إلا طعن في بطنه ، إطفاء لنور الله  (35) .

وكيف تصح تلك الرواية من هجره أميرالمؤمنين عليه السلام وقد قال المسعودي : مر ابن عباس بقوم ينالون من علي عليه السلام وبسبونه ، فقال لقائده : أدنني منهم ، فأدناه ، فقال : أيكم الساب لله ؟ قالوا : نعوذ بالله أن نسب الله فقال أيكم الساب رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقالوا : نعوذ بالله أن نسب رسول الله صلى الله عليه وآله ! فقال : أيكم الساب علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ قالوا : أما هذا فنعم قال : أشهد لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ((من سبني فقد سب الله ومن سب عليا فقد سبني)) فأطرقوا ، فلما ولى قال لقائده : كيف رأيتهم ؟ فقال :

نظرالتيوس إلى شفار الجازر       نظروا إليك بأعين المتزاور

فقال : زدني فداك أبي وامي ! فقال :

خزرالعيون منكسي أذقانهم       نظر الذليل إلى العزيز القاهر

قال : زدني فداك أبي وامي ! قال : ما عندي مزيد ؟

قال : ولكن عندي :

أحياؤهم تجني على أمواتهم       والميتون فضيحة للغابر  (36)

وكيف تصح تلك الرواية ؟ وقد روى أمالي ابن الشيخ مسندا عن سعيد بن المسيب قال : سمعت رجلا يسأل ابن عباس عن علي عليه السلام فقال له : إن عليا عليه السلامصلى القبلتين وبايع البيعتين ، ولم يعبد صنما ولا وثنا ، ولم يضرب على رأسه بزلم  (37) ولا قدح ، ولد على الفطرة ، ولم يشرك بالله طرفة عين .

فقال الرجل : إنما أسألك عن حمله سيفه على عاتقه يختال به حتى أتى البصرة ، فقتل بها أربعين ألفا ! ثم صار إلى الشام فلقي حواجب العرب ، فضرب بعضهم ببعض حتى قتلهم ! ثم أتى النهروان ، فقتلهم عن آخرهم ! فقال له : أعلي عندك أعلم أم أنا ؟ فقال : لوكان عندي علي أعلم لما سألتك . فغضب ابن عباس وقال له : ثكلتك امك ! علي عليه السلام علمني وكان علمه من النبي صلى الله عليه وآله والنبي صلى الله عليه وآله علمه الله تعالى من فوق عرشه وعلم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله كلهم في علم علي عليه السلامكالقطرة الواحدة في سبعة أبحر  (38) .

وفي نهاية ابن الأثير في حديث علي عليه السلام : (يحملها الأخضر ألمثعنجر) المثعنجر أكثرموضع في البحرماء ومنه حديث ابن عباس ((فاذا علمي بالقرآن في علم علي عليه السلامكالقرارة في المثعنجر)) والقرارة : الغدير الصغير  (39) .

وروى تفسير فرات بن إبراهيم مسندا عن ضرار بن الأزور  (40) ، قال : إن رجلا من الخوارج سأل ابن عباس عن علي بن أبي طالب عليه السلام فأعرض عنه . ثم سأله ، فقال : والله لكان علي أمير المؤمنين عليه السلام يشبه القمر الزاهر والأسد الخادر والفرات الزاخر والربيع الباكرفأشبه من إلقمر ضوؤه وبهاؤه ، ومن الأسد شجاعته ومضاؤه ، ومن الفرات جوده وسخاؤه ، ومن الرييع خصبه وحباؤه ؟ عقمت النساء أن يأتين بمثل علي بن أبي طالب عليه السلامبعد رسول الله صلى الله عليه وآله تالله ما رأيت ولا سمعت إنسانا مثله ، وقد رأيته يوم صفين وعليه عمامة بيضاءوكأن عينيه سراجان ، وهو يقف على شرذمة شرذمة يحثهم ويحضهم إلى أن انتهى إلي وأنا في كنف من المسلمين ، فقال : معاشر الناس ! استشعروا الخشية ، وأميتوا الأصوات ، وتجلببوا بالسكينةواكملوا اللامة ، وقلقلوا السيوف في الغمد قبل السلة ، والحظوا الشزر واطعنوا الخزر ... الخبر  (41) .

وبعد وضعهم روايات لتثبيت إمامة الثلاثة وإنكار خلافة أمير المؤمنين عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله بانه لم يكن من المسلمين طعن على عثمان ، وأن طلحة والزبير وعائشة أرادو بخروجهم الاصلاح ، وأن ابن سبا أذاع في البلاد مطاعن لعثمان ، وأن السبائية وأتباعه شرعوا القتال يوم الجمل -مع أنه كإنكار الضروريات -أي استبعاد لأن يضعوا أخبارا في خيانة ابن عباس ، لكونه ابن عم أمير المؤمنين عليه السلام ومدافعا عنه  (42) .

______________________

(1) ولد رحمه الله في النجف سنة 1320 هجرية ثم هاجر الى مدينة شوشتر وواصل درسه فيها وفي سنة 1354 هاجر الى كربلاء بقي فيها مدة ست سنوات ثم عاد الى ايران سنة 1360 واستقر في شوشتر ومارس فيها التأليف والتدريس وإقامة صلاة الجماعة ومنبر الوعظ ، اشهر كتبه قاموس الرجال كتبه كحاشية وتعليقة على كتاب رجال المامقاني ثم حرره بشكل مستقل في اربعة عشر مجلدا ، وبهج الصباغة في شرح نهج البلاغة في اربعة عشر مجلدا والنجعة في شرح اللمعة في اربعة عشر مجلدا والاخبار الدخيلة ومستدركاته في ثلاثة مجلدات وغيرها . توفي في شوشتر سنة 1415 .

(2) الكشي : رجال الكشي : 60 .

(3) الكشي : رجال الكشى 60 .

(4) ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة 16/ 169 .

(5) ابن عبد ربه : العقد الفريد : 4 : 329 .

(6) الخذم : القاطع .

(7) ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة 6/ 298 - 3 0 3 مع اختلافات اخرى غيرماذكرناه .

(8) السيد المرتضى : الأمالي 1/ 177 .

(9) ابن جرير الطبري : تاريخ الطبري 3/155 .

(10) ابن جرير الطبري : تاريخ الطبري 3/155 .

(11) ابن عبد ربه : العقد الفريد : 4/4 32- 9 32 .

(12) ابن اعثم الكوفي : تاريخ أعثم الكوفي : 307- 309 (المترجم بالفارسية) .

(13) اليعقوبي : تاريخ اليعقوبي : 2/ 205 .

(14) ابن الجوزي تذكرة الخواص : 150 ، 152 .

(15) الشورى : 23 .

(16) ابو الفرج الاصبهاني : مقاتل الطالبيين : 33 .

(17) ابو الفرج الاصبهاني : مقاتل الطالبيين:42 .

(18) ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة : 16/42 .

(19) ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة 20/ 129 - 130 .

(20) المسعودي : مروج المذهب : 3/ 81 .

(21) المسعودي : مروج الذهب : 3/ 82 .

(22) الأنفال : 41 .

(23) ابن عبد ربه : العقد الفريد : 4/4 32 .

(24) ) المسعودي : مروج الذهب : 2/ 321 .

(25) خراج أبي يوسف : 20 .

(26) نهج البلاغة : 46 2 ، الخطبة 72 1 . ض

(27) انظر ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة 4/4 6- 65 .

(28) طه : 115 .

(29) ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة 12/50 .

(30) الشيخ المفيد : الارشاد : 14 .

(31) نصر بن مزاحم : وقعة صفين : 410 -414 .

(32) نصر بن مزاحم : وقعة صفين : 414-416 .

(33) نصر بن مزاحم : وقعة صفين : 499 .

(34) ابن جرير الطبري : تاريخ الطبري 5/71 ، نصر بن مزاحم : وقعة صفين 552 .

(35) المسعودي : مروج المذهب : 3/19 .

(36) المسعودي : مروج الذهب : 2 ، 423 .

(37) الزلم واحد الازلام .

(38) الشيخ الطوسي : الأمالي 1 /11 .

(39) النهاية : 1/212ثعجر .

(40) ليس هو ضرار بن الازور الاسدي الذي قدم على النبي (صلى الله عليه وآله) مسلما وقتل مالك بن نويرة بأمر خالد مات في خلافة عمر بن الخطاب ويقال انه ممن شرب الخمر مع ابي جنب وجلدهم بأمر عمر (الاصابة) .

(41) فرات الكوفي : تفسير فرات الكوفي : 163 مع اختلاف .

(42) العلامة التستري : قاموس الرجال ج6/2-29 ط1 سنة 1384 هج و423-449 ط2 سنة1415 هج للعلامة محمد تقي التستري رحمه الله ومن الجدير ذكره ان العلامة السيد جعفر مرتضى له رسالة مستقلة تحت عنوان (ابن عباس وأموال البصرة) نشرها في قم سنة 1396هج .

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري