الباب الثاني : الانقلاب الأموي
الفصل الثالث : مقتل حجر بن عدي وأصحابه رضوان الله عليهم

حجر ومن معه في مرج عذراء:

كان الذين مع حجر بن عدي بن جبلة الكندي هم:

الأرقم بن عبد الله الكندي من بني الأرقم.

وشريك بن شداد الحضرمي.

وصيفي بن فسيل.

وقبيصة بن ضبيعة بن حرملة العبسي (1).

وكريم بن عفيف الخثعمي من بني عامر بن شهران ثم من قحافة.

وعاصم بن عوف البجلي.

وورقاء بن سمي البجلي.

وكدام بن حيان وعبد الرحمن بن حسان العنزيان من بني هميم.

ومحرز بن شهاب التميمي من بني منقر.

وعبد الله بن حوية السعدي من بني تميم.

فمضوا بهم حتى نزلوا مرج عذراء، فحبسوا بها. ثم إن زيادا اتبعهم برجلين آخرين مع عامر بن الأسود العجلي، بعتبة بن الأخنس من بني سعد بن بكر بن هوازن، وسعيد بن نمران الهمداني ثم الناعطي.فتموا أربعة عشر رجلا، فبعث معاوية إلى وائل بن حجر وكثير بن شهاب فأدخلهما وفض كتابهما، فقرأه على أهل الشام فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من زياد بن أبي سفيان. أما بعد فإن الله قد أحسن عند أمير المؤمنين البلاء، فكاد له عدوه وكفاه مؤنة من بغى عليه. إن طواغيت من هذه الترابية السبئية (2)رأسهم حجر بن عدي خالفوا أمير المؤمنين وفارقوا جماعة المسلمين ونصبوا لنا الحرب فأظهرنا الله عليهم وأمكننا منهم، وقد دعوت خيار أهل المصر وأشرافهم وذوي السن والدين منهم فشهدوا عليهم بما رأوا وعملوا، وقد بعثت بهم إلى أمير المؤمنين وكتبت شهادة صلحاء أهل المصر وخيارهم في أسفل كتابي هذا.

فلما قرأ الكتاب وشهادة الشهود عليهم قال: ماذا ترون في هؤلاء النفر الذين شهد عليهم قومهم بما تستمعون؟ فقال له يزيد بن أسد البجلي: أرى أن تفرقهم في قرى الشام فيكفيكهم طواغيتها.

ودفع وائل بن حجر كتاب شريح بن هانىء إلى معاوية فقرأه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من شريح بن هانىء: أما بعد فإنه بلغني أن زيادا كتب إليك بشهادتي على حجر بن عدي، وأن شهادتي على حجر أنه ممن يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويديم الحج والعمرة، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، حرام الدم والمال، فإن شئت فاقتله وإن شئت فدعه.

فقرأ كتابه على وائل بن حجر وكثير فقال: ما أرى هذا إلا قد أخرج نفسه من شهادتكم، فحبس القوم بمرج عذراء وكتب معاوية إلى زياد: أما بعد فقد فهمت ما اقتصصت به من أمر حجر وأصحابه وشهادة من قبلك عليهم فنظرت في ذلك فأحيانا أرى قتلهم أفضل من تركهم وأحيانا أرى العفوعنهم أفضل من قتلهم. والسلام (3).

فكتب إليه زياد مع يزيد بن حجية بن ربيعة التيمي: أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت رأيك في حجر وأصحابه، فعجبت لاشتباه الأمر عليك فيهم وقد شهد عليهم بما قد سمعت من هوأعلم بهم، فإن كانت لك حاجة في هذا المصر فلا تردن حجرا وأصحابه إلي.

فأقبل يزيد بن حجية حتى مر بهم بعذراء، فقال: يا هؤلاء أما والله ما أرى براءتكم، ولقد جئت بكتاب فيه الذبح، فمروني بما أحببتم مما ترون أنه لكم نافع أعمل به لكم وأنطق به! فقال حجر: أبلغ معاوية أنا على بيعتنا لا نستقيلها ولا نقيلها، وإنه إنما شهد علينا الأعداء والأظناء، فقدم يزيد بالكتاب إلى معاوية فقرأه، وبلغه يزيد مقالة حجر فقال معاوية: زياد أصدق عندنا من حجر.

وأقبل عامر بن الأسود العجلي وهو بعذراء يريد معاوية ليعلمه علم الرجلين اللذين بعث بهما زياد.

فلما ولى ليمضي قام إليه حجر بن عدي يرسف في القيود، فقال: يا عامر اسمع مني (أبلغ معاوية أن دماءنا عليه حرام، وأخبره أنا قد أومنا، وصالحنا وصالحناه، وانا لم نقتل احدا من اهل القبلة فيحل له دماؤنا.) (4) فليتق الله ولينظر في أمرنا، فقال له: نحوا من هذا الكلام فأعاد عليه حجر مرارا.

______________________________________

(1) قال ابن سعد (في الطبقات 6/231) قبيصة بن ضبيعة العبسي: روى عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وكان قليل الحديث، اقول: كل اصحاب حجر من الرواة عن علي (عليه السلام) غير ان كتب التراجم اهملت ترجمتهم.

(2) ‏ الترابية نسبة الى ابي تراب، وهولقب علي الذي اشاعه الامويون، والسبائية هنا تشير الى القبائل اليمانية.

(3) تاريخ الطبري ج: 5 ص: 273 سنة 51.

(4) ابن الاثير ج3/484.

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري