![]() |
![]() |
الباب الثالث : حركة الحسين (عليه السلام) في مواجهة الانقلاب الأموي
الفصل الثاني : نهضة الحسين (عليه السلام) للتغيير بعد موت معاوية
وهذا لا يتيسر لنا إلا إذا تذكرنا على الأقل بعض بنود السياسة العامة والنظام الفكري المتبع في الدولة الاموية، وهي كما يلي:
دين الدولة الرسمي هو الاسلام، والاسلام يؤخذ من كتاب الله وسنة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهذا مما لاخلاف فيه, ولكنها تبنت سياسة لعن علي (عليه السلام) وسبه على المنابر بصفته رجلا ملحدا في الدين وهي سياسة مخالفة لقوله تعالى: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) الشورى/23 وكذلك مخالفة لقوله (صلى الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام): (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك الا منافق)
وتبنت سياسة أن يلقب الحاكم بألقاب، منها لقب خليفة النبي (صلى الله عليه وآله)، وهذا اللقب يقتضي ان يكون الحاكم مقتديا بهدي النبي (صلى الله عليه وآله) وسيرته، ولكن الحاكم الاموي يصعب عليه ذلك أو لا يريد ذلك اساسا, فتتبنى الدولة سياسة منع الاحاديث الصحيحة في سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) وافتعال احاديث كاذبة تظهر النبي(صلى الله عليه وآله) كأي شخص عادي في سلوكه يسب ويشتم حين يغضب , ولا يصبر عن النساء فيصطحب زوجة من زوجاته في الحروب. ومنها سياسة تلقيب الحاكم بخليفة الله لتكون طاعته طاعة لله ومعصيته معصية لله.
وتبنت الدولة سيرة الجور وهدركرامة الانسان واستلاب حقوقه سواء كان معارضا أم لم يكن , والقرآن والسنة يامران بالانكار على الحاكم الجائر جوره في كل ذلك، ومن أجل ان تتقِ الدولة الاثر السلبي لذلك تنهى عن رواية الاحاديث النبوية الصحيحة، وتعمل على افتعال أحاديث كذب تأمر المسلم المظلوم بالسكوت والصبر وانتظار ثواب الآخرة، وتجعل ظلم الحاكم من قضاء الله وقدره لتبرر الظلم والسكوت.
وخلاصة الكلام في السياسة الاموية: أنها سياسة تقوم على الكذب على الله ورسوله, وتشويه الاسلام وتاريخه, (والمنع من ذكر علي (عليه السلام) بخير في المجتمع، علي (عليه السلام) الذي له اروع السابقات في الاسلام واعظم المنزلة عند الله ورسوله , وملاحقة من يعرف بحبه وولائه له).
(واقل ما يقال في يزيد بن معاوية: انه رجل طالب ملك ودنيا، ورجل شهوات وملذات) وتعتبر هذه السياسة هي الطريق الوحيد لكي يتبوأ موقع الحكم في المجتمع الاسلامي والدولة الاسلأمية المترامية الاطراف، وبالتالي فهوسوف لن يتساهل في تطبيق هذه السياسة لان الملك عقيم كما يقال، وسوف يقتل أي شخص معارض لتلك السياسة مهما كانت منزلته. وبين يديه تجربة ابيه حين قتل الصحابي حجر بن عدي جهارا , وحجر قد اجمعت كلمة علماء المسلمين قاطبة على إجلاله وإحترامه، ولم يكن له ذنب سوى انه عارض هذه السياسة بلسانه لا غير.
______________________________________
(1) صحيح مسلم 1/86، السنن الكبرى 5/47، مسند ابي يعلى 1/251.
![]() |
![]() |