![]() |
![]() |
الباب الثالث : حركة الحسين (عليه السلام) في مواجهة الانقلاب الأموي
الفصل الثاني : نهضة الحسين (عليه السلام) للتغيير بعد موت معاوية
وليس من شك ان الحسين (عليه السلام) وهوفي منزلته المعروفة من النبي (صلى الله عليه وآله) الذي يقول فيه (حسين مني وأنا من حسين) , لا يترقب منه ان يقر تلك السياسة, أويقف منها موقفه زمن معاوية, بل المترقب منه هورفضها, والعمل على كسرها مهما كان ثمن الرفض غاليا.
ومن هنا كان موقفه واضحا من اليوم الاول, وهورفض بيعة يزيد (لولم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد)
ومما لا شك فيه ان ثمن هذا الموقف الرافض للبيعة هوالقتل , إلا ان يتوفر له أهل بلد من البلدان الاسلامية يبايعونه على حمايته ونصرته , وهذا معناه ان يتعرض ذلك البلد الى جيش أهل الشام ويجري عليه ما جرى على أهل المدينة حين ثاروا بقيادة عبد الله بن حنظلة على يزيد وأخرجوا واليه ومن كان بالمدينة من بني أمية أوينصره الله تعالى كما نصر نبيه على قريش بعد عدة وقائع جرت بينه وبينها.
ويتضح من ذلك ان الحسين (عليه السلام) امام ثورة على السلطة - كما يعبر بلغة العصر - أوخروج ـ كما يعبر بلغة تاريخية ـ فما هو يا ترى هدفه من الثورة أو الخروج؟وما هي خطته لتحقيق ذلك وبخاصة وقد سبقه خروج الخوارج المتكرر على معاوية خلال عشرين سنة من حكمه؟.
أشرنا فيما مضى الى الهدف والخطة ولابأس باستذكارها هنا:
1. استهدف الحسين (عليه السلام) من خروجه كسر الطوق الاجتماعي والسياسي المفروض على الاحاديث النبوية الصحيحة بالمبادرة الى التحديث بها علنا لإسماع من لم يسمعها وتذكير من كان قد سمعها ثم تناساها صاحبها خشية ان تناله اعظم العقوبة بسببها، وهذا الهدف يناسبه ان يمارسه الحسين (عليه السلام) في بقعة يتواجد فيها المسلمون من كل الاطراف وليس مثل مكة بلد في هذه الصفة إذ هي قبلة المسلمين آنذاك جميعا ومهوى أفئدهم في موسم العمرة والحج.
2. إفهام المسلمين جميعا ان السلطة الاموية مصممة على قتله لانه مصمم على عدم الاستجابة لسياستها، وهومصمم على توعية الامة باحاديث جده (صلى الله عليه وآله) فيه وفي ابيه وفي بني امية وفي احكام الاسلام التي غيروها، ثم يعرض عليهم ان يحموه ليواصل التبليغ عن جده النبي(صلى الله عليه وآله)، وليس من شك ان أفضل مكان يستطيع الحسين (عليه السلام) فيه ان يلتقي باخيار المسلمين من كل الاقطار هومكة وبخاصة في موسم العمرة والحج.
3. أن تتوفر له حماية اولية تسمح له ان يمارس في ظلها حركته التبليغية المعلنة في مرحلتها الاولى ريثما يحصل على انصار في بلد يتبنى نصرته وحمايته ليحقق اهدافه كاملة من تبليغ الاسلام الصحيح والتربية عليه واقامة دولة الحق , وقد تمثلت هذه الحماية ببني هاشم حيث صاروا للحسين (عليه السلام) في هذه المرحلة كما كان آباؤهم للنبي(صلى الله عليه وآله) من قبل.
4. أن يهاجر إلى بلد النصرة والحماية ليقوم بتوعية أهله باحاديث النبي الصحيحة وإقامة العدل فيهم، ثم جهاد السلطة الاموية وتطويق سياستها الضالة الظالمة ومن ثم الاطاحة بها. وقد تمثل هذا البلد بالكوفة حيث وجد فيها انصاراً للحسين (عليه السلام) قادرون على حمايته ويقاتلون دونه, كما وجد للنبي (صلى الله عليه وآله) من قبل انصار في المدينة حموه وقاتلوا دونه. وعند استشهاده كما المتوقع في ضوء اخبار النبي (صلى الله عليه وآله) يواصل خواص اصحابه تنفيذ ما بقي من الخطة وقد ودت الاخبار انها تشخص المختار لهذا الدور كما سيأتي.
______________________________________
(1) فتوح ابن أعثم ج5/32، مقتل الخوارزمي .
![]() |
![]() |