![]() |
![]() |
الباب الرابع : آثار نهضة الحسين (عليه السلام) وشهادته
الفصل الثاني : تتابع الثورات وانهيارالحكم الأموي
سار عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس للقاء مروان بن محمد بن مروان، (وهوآخر خلفاء الامويين)، فالتقيا بالزاب
وعبر مروان الفرات حتى أتى الشام وعبد الله يتبعه، فسار مروان بأهله وعترته من بني أمية وخواصه، حتى نزل بنهر أبي فطرس من بلاد فلسطين،
وقتل عبد الله بن علي بدمشق خلقا كثيرا من أصحاب مروان وموالي بني أمية وأتباعهم، ونزل عبد الله على نهر أبي فطرس، فقتل من بني أمية هناك بضعا وثمانين رجلا، قتلهم مُثلة، وذلك في ذي القعدة من سنة ثنتين وثلاثين ومائة
واحتذى أخوه داود بن علي بالحجاز فعله، فقتل منهم قريبا من هذه العدة بأنواع المثل.
وصل مروان إلى مصر، فاتبعه عبد الله بجنوده، فقتله (ببوصير
فقيل : إنه هلك في أيام الرشيد، وقيل: عاش إلى أن أدرك خلافة الامين.
وروى أبوالفرج أيضا، عن محمد بن خلف وكيع، قال: دخل سديف مولى آل أبي لهب على أبي العباس بالحيرة، وأبوالعباس جالس على سريره، وبنوهاشم دونه على الكراسي وبنوأمية حوله على وسائد قد ثنيت لهم، وكانوا في أيام دولتهم يجلسونهم والخليفة منهم على الاسرة، ويجلس بنوهاشم على الكراسي، فدخل الحاجب، فقال: يا أمير المؤمنين! بالباب رجل حجازي أسود راكب على نجيب متلثم، يستأذن ولا يخبر باسمه، ويحلف لا يحسر اللثام عن وجهه حتى يرى أمير المؤمنين! فقال: هذا سديف مولانا، أدخله، فدخل فلما نظر إلى أبى العباس وبنوأمية حوله حسر اللثام عن وجهه، ثم أنشد:
أصبح الملك ثابت الآساس *** البهاليل من بني العباس
بالصدور المقدمين قديما *** والبحور القماقم الرؤاس
يا إمام المطهرين من الذم *** ويا رأس منتهى كل راس
أنت مهدي هاشم وفتاها *** كم أناس رجوك بعد أناس
لا تقيلن عبد شمس عثارا *** واقطعن كل رقلة وغراس
أنزلوها بحيث أنزلها الله *** بدار الهوان والانعاس
خوفها أظهر التودد منها *** وبها منكم كحز المواسي
واذكرن مصرع الحسين وزيد *** بالسيف شأفة الارجاس
أقصهم أيها الخليفة واحسم عنك *** وقتيلا بجانب المهراس
والقتيل الذى بحران أمسى *** ثاويا بين غربة وتناس
فلقد ساءنى وساء سوائي *** قربهم من نمارق وكراسي
نعم كلب الهراش مولاك شبل *** لونجا من حبائل الافلاس
قال: فتغير لون أبي العباس، وأخذه زمع
فأقبل أبوالعباس عليهم، فقال: يا بني الزواني، لا أرى قتلاكم من أهلي قد سلفوا وأنتم أحياء تتلذذون في الدنيا، خذوهم، فأخذتهم الخراسانية (بالكافر كوبات) فأهمدوا إلا ما كان من عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، فإنه استجار بداود بن علي، وقال إن أبي لم يكن كآبائهم، وقد علمت صنيعته إليكم فأجاره واستوهبه من السفاح وقال له :قد علمت صنيع أبيه إلينا، فوهبه له، وقال: لا يريني وجهه، وليكن بحيث نأمنه، وكتب إلى عماله في الآفاق بقتل بني أمية
فأما أبو العباس المبرد، فإنه روى في الكامل
أصبح الملك ثابت الآساس *** بالبهاليل من بني العباس
طلبوا وتر هاشم وشفوها *** بعد ميل من الزمان وياس(3)
لا تقيلن عبد شمس عثارا *** واقطعن كل رقلة وأواسي(4)
ذلها أظهر التودد منها *** وبها منكم كحز المواسي
ولقد غاظني وغاظ سوائي *** قربها من نمارق وكراسي
أنزلوها بحيث أنزلها الله *** بدار الهوان والاتعاس
واذكروا مصرع الحسين وزيد *** وقتيلا بجانب المهراس
والقتيل الذى بحران أضحى *** ثاويا بين غربة وتناسي
نعم شبل الهراش مولاك شبل *** لونجى من حبائل الافلاس
فأمر بهم عبد الله فشدخوا بالعمد، وبسطت البسط عليهم، وجلس عليها، ودعا بالطعام، وإنه ليسمع أنين بعضهم حتى ماتوا جميعا.
وقال لشبل: لولا أنك خلطت شعرك بالمسألة لاغنمتك أموالهم، ولعقدت لك على جميع موالى بني هاشم.
قال أبو العباس: فأما سديف، فإنه لم يقم هذا المقام، وإنما قام مقاما آخر، دخل على أبي العباس السفاح، وعنده سليمان بن هشام بن عبد الملك، وقد أعطاه يده فقبلها وأدناه، فأقبل على السفاح، وقال له:
لا يغرنك ما ترى من رجال *** إن تحت الضلوع داء دويا
فضع السيف وارفع السوط حتى *** لا ترى فوق ظهرها أمويا
فقال سليمان: ما لي ولك أيها الشيخ قتلتني قتلك الله!
فقام أبوالعباس، فدخل وإذا المنديل قد ألقى في عنق سليمان، ثم جر فقتل.
فأما سليمان بن يزيد بن عبد الملك بن مروان فقتل بالبلقاء، وحمل رأسه إلى عبد الله ابن علي.
وذكر صاحب مروج الذهب أنه أرسل عبد الله أخاه صالح بن علي ومعه عامر بن إسماعيل أحد الشيعة الخراسانية إلى مصر، فلحقوا مروان ببوصير، فقتلوه وقتلوا كل من كان معه من أهله وبطانته، وهجموا على الكنيسة التى فيها بناته ونساؤه، فوجدوا خادما بيده سيف مشهور يسابقهم على الدخول، فأخذوه وسألوه عن أمره، فقال: إن أمير المؤمنين أمرني إن هو قتل أن أقتل بناته ونساءه كلهن قبل أن تصلوا إليهن، فأرادوا قتله، فقال: لا تقتلوني، فإنكم إن قتلتموني فقدتم ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقالوا: وما هو؟ فأخرجهم من القرية إلى كثبان من الرمل، فقال: اكشفوا ها هنا، فإذا البردة والقضيب وقعب
وأدخل بنات مروان وحرمه ونساؤه على صالح بن علي، فتكلمت ابنة مروان الكبرى، فقالت: يا عم أمير المؤمنين، حفظ الله لك من أمرك ما تحب حفظه، وأسعدك في أحوالك كلها، وعمك بخواص نعمه، وشملك بالعافية في الدنيا والآخرة نحن بناتك وبنات أخيك وابن عمك، فليسعنا من عدلكم ما وسعنا من جوركم. قال: إذا لا نستبقي منكم أحدا، لانكم قد قتلتم إبراهيم الامام، وزيد بن علي، ويحيى بن زيد، ومسلم بن عقيل، وقتلتم خير أهل الارض حسينا وإخوته وبنيه وأهل بيته، وسقتم نساءه سبايا - كما يساق ذراري الروم ـ على الاقتاب إلى الشام.
فقالت: يا عم أمير المؤمنين، فليسعنا عفوكم إذن.
قال: أما هذا فنعم، وأن أحببت زوجتك من ابني الفضل بن صالح،
قالت: يا عم أمير المؤمنين، وأي ساعة عرس ترى؟ بل تلحقنا بحران، فحملهن إلى حران
كان عبد الرحمن بن حبيب بن مسلمة الفهري عامل إفريقية لمروان، فلما حدثت الحادثة، هرب عبد الله والعاص ابنا الوليد بن يزيد بن عبد الملك إليه، فاعتصما به فخاف على نفسه منهما، ورأى ميل الناس إليهما فقتلهما.
وكان عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ابن عبد الملك يريد أن يقصده ويلتجئ إليه، فلما علم ما جرى لابني الوليد بن يزيد خاف منه، فقطع المجاز بين: إفريقية والاندلس، وركب البحر حتى حصل بالاندلس، فالامراء الذين ولوها كانوا من ولده. ثم زال أمرهم ودولتهم على أيدي بني هاشم أيضا، وهم بنوحمود الحسنيون، من ولد إدريس بن الحسن(عليه السلام).
ولما أتى أبوالعباس برأس مروان، سجد فأطال، ثم رفع رأسه، وقال: الحمد لله الذي لم يبق ثأرنا قبلك وقبل رهطك، الحمد لله الذي أظفرنا بك، وأظهرنا عليك. ما أبالي متى طرقني الموت، وقد قتلت بالحسين (عليه السلام) ألفا من بني أمية، وأحرقت شلو هشام بابن عمي زيد بن علي كما أحرقوا شلوه! وتمثل(1):
لويشربون دمي لم يروشاربهم ولا دماؤهم جمعا ترويني.
ثم حول وجهه إلى القبلة فسجد ثانية ثم جلس، فتمثل:
أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت *** قواطع في أيماننا تقطر الدما
إذا خالطت هام الرجال تركتها *** كبيض نعام في الثرى قد تحطما
ثم قال: أما مروان فقتلناه بأخي إبراهيم، وقتلنا سائر بني أمية بحسين، ومن قتل معه وبعده من بني عمنا أبي طالب
وروى المسعودي في كتاب مروج الذهب عن الهيثم بن عدي قال: حدثني عمروبن هانئ الطائي قال: خرجت مع عبد الله بن علي لنبش قبور بني أمية في أيام أبي العباس السفاح، فانتهينا إلى قبر هشام بن عبد الملك، فاستخرجناه صحيحا، ما فقدنا منه إلا عرنين أنفه، فضربه عبد الله بن علي ثمانين سوطا ثم أحرقه، واستخرجنا سليمان بن عبد الملك من أرض دابق فلم نجد منه شيئا إلا صلبه ورأسه وأضلاعه فأحرقناه، وفعلنا مثل ذلك بغيرهما من بني أمية، وكانت قبورهم بقنسرين، ثم انتهينا إلى دمشق، فاستخرجنا الوليد بن عبد الملك، فما وجدنا في قبره قليلا ولا كثيرا، واحتفرنا عن عبد الملك فما وجدنا إلا شئون
قال ابن ابي الحديد: قرأت هذا الخبر على النقيب أبي جعفر يحيى بن أبي زيد العلوي بن عبد الله في سنة خمس وستمائة، وقلت له: أما إحراق هشام بإحراق زيد فمفهوم، فما معنى جلده ثمانين سوطا؟ فقال رحمه الله تعالى: أظن عبد الله بن علي ذهب في ذلك إلى حد القذف لانه يقال: إنه قال لزيد: يا بن الزانية، لما سبّ أخاه محمدا الباقر (عليه السلام)، فسبّه زيد، وقال له: سماه رسول الله (صلى الله عليه وآله) الباقر وتسميه أنت البقرة؟! لشدّ ما اختلفتما! ولتخالفنه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة وترد النار. وهذا استنباط لطيف.
قال مروان لكاتبه عبد الحميد بن يحيي حين أيقن بزوال ملكه: قد احتجت إلى أن تصير مع عدوي وتظهر الغدر بي! فإن إعجابهم ببلاغتك وحاجتهم إلى كتابتك تدعوهم إلى اصطناعك وتقريبك، فإن استطعت أن تسعى لتنفعني في حياتي، وإلا فلن تعجز عن حفظ حرمي بعد وفاتي.
لما أشرف عبد الله بن على يوم الزاب في المسودة، وفي أوائلهم البنود السود، تحملها الرجال على الجمال البخت، وقد جعل لها بدلا من القنا خشب الصفصاف
قال: يا أمير المؤمنين، أتقول هذا لعلي مع شجاعته التي ملأ الدنيا ذكرها؟!
قال: ويحك إن عليا مع شجاعته صاحب دين، وإن الدين غير الملك، وإنا نروي عن قديمنا أنه لا شئ لعلي ولا لولده في هذا.
ثم قال: من هومن ولد العباس؟
قال لما كان ساير عبد الله بن علي في آخر أيام بنى أمية عبد الله بن حسن بن حسن، ومعهما داود بن علي، فقال داود لعبد الله بن الحسن: لم لا تأمر ابنيك بالظهور؟ فقال عبد الله بن حسن: لم يأن لهما بعد، فالتفت إليه عبد الله بن علي، فقال: أظنك ترى أن ابنيك قاتلا مروان! فقال عبد الله بن حسن: إنه ذلك،
قال: هيهات! ثم تمثل:
سيكفيك الجعالة مستميت *** خفيف الحاذ من فتيان جرم
أنا والله أقتل مروان وأسلبه ملكه، لا أنت ولا ولداك!
وروى أبوالفرج أيضا :أن أبا العباس دعا بالغداء حين قتلوا، وأمر ببساط، فبسط عليهم، وجلس فوقه يأكل وهم يضطربون تحته، فلما فرغ قال: ما أعلم أني أكلت أكلة قط كانت أطيب ولا أهنأ في نفسي من هذه. فلما فرغ من الاكُل قال: جروا بأرجلهم وألقوهم في الطريق ليلعنهم الناس أمواتا، كما لعنوهم أحياء.
قال: فلقد رأينا الكلاب تجرهم بأرجلهم، وعليهم سراويلات الوشى حتى أنتنوا، ثم حفرت لهم بئر فألقوا فيها.
وروى أبوالفرج في الكتاب المذكور أن سديفا أنشد أبا العباس، وعنده رجال من بني أمية، فقال:
يا بن عم النبي أنت ضياء *** استبنا بك اليقين الجليا
جرد السيف وارفع العفو حتى *** لا ترى فوق ظهرها أمويا
قطن البغض في القديم وأضحى *** ثابتا في قلوبهم مطويا
وهي طويلة، فقال أبو العباس: يا سديف، خلق الانسان من عجل! ثم أنشد أبوالعباس متمثلا:
أحيا الضغائن آباء لنا سلفوا *** فلن تبيد وللآباء أبناء
ثم أمر بمن عنده فقتلوا.
وروى أبوالفرج أيضا، عن على بن محمد بن سليمان النوفلي، عن أبيه، عن عمومته، أنهم حضروا سليمان بن علي بالبصرة، وقد حضر جماعة من بني أمية عنده، عليهم الثياب الموشاة
وروى أبوالفرج الاصفهاني، قال: أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري عن عمر بن شبة، قال: قال سديف لابي العباس يحضه على بني أمية، ويذكر من قتل مروان وبنو أمية من أهله:
كيف بالعفو عنهم وقديما *** قتلوكم وهتكوا الحرمات؟
أين زيد وأين يحيى بن زيد !؟ *** يا لها من مصيبة وترات!
والامام الذي أصيب بحران *** إمام الهدى ورأس الثقات
قتلوا آل أحمد لا عفى الذنب *** لمروان غافر السيئات
قال أبوالفرج: وأخبرني علي بن سليمان الاخفش، قال: أنشدني محمد بن يزيد المبرد لرجل من شيعة بني العباس، يحضهم على بني أمية:
إياكم أن تلينوا لاعتذارهم *** فليس ذلك إلا الخوف والطمع
لوأنهم أمنوا أبدوا عداوتهم *** لكنهم قمعوا
أليس في ألف شهر قد مضت *** لهم سقيتم جرعا من بعدها جرع
حتى إذا ما انقضت أيام مدتهم *** متوا إليكم بالارحام التى قطعوا
هيهات لابد أن يسقوا بكأسهم ريا *** وأن يحصدوا والزرع الذي زرعوا
إنا وإخواننا الانصار شيعتكم *** إذا تفرقت الاهواء والشيع
قال أبوالفرج: وروى ابن المعتز في قصة سديف مثل ما ذكرناه من قبل، إلا أنه قال فيها: فلا أنشده ذلك التفت إليه أبو الغمر سليمان بن هشام، فقال: يا ماص بظر أمه، أتجبهنا بمثل هذا ونحن سروات الناس؟!
فغضب أبوالعباس - وكان سليمان بن هشام صديقه قديما وحديثا، يقضي حوائجه في أيامهم ويبره ـ فلم يلتفت إلى ذلك، وصاح بالخراسانية: خذوهم
فأقبل عليه أبوالعباس، فقال: يا أبا الغمر! ما أرى لك في الحياة بعد هؤلاء خيرا!؟ قال: لا والله، قال: فاقتلوه، (وكان إلى جنبه) فقتل وصلبوا في بستانه، حتى تأذى جلساؤه بريحهم، فكلموه في ذلك، فقال: والله إن ريحهم عندي لالذ وأطيب من ريح المسك والعنبر، (غيظا عليهم [ وحنقا ]).
لما ضرب عبد الله بن علي أعناق بني أمية، قال له قائل من أصحابه: هذا والله جهد البلاء، فقال عبد الله: كلا، ما هذا وشرطة حجام إلا سواء، إنما جهد البلاء فقر مدقع، بعد غنى موسع.
خطب سليمان بن علي لما قتل بني أمية بالبصرة، فقال:
(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الارض يرثها عبادي الصالحون)(الانبياء 105) قضاء فصل، وقول مبرم، فالحمد لله الذى صدق عبده، وأنجز وعده، وبعدا للقوم الظالمين، الذين اتخذوا الكعبة غرضا، والدين هزوا، والفيء إرثا، والقرآن عضين، لقد حاق بهم ما كانوا به يستهزئون. ذلك بما قدمت أيديهم، وما ربك بظلام للعبيد.
أمهلهم حتى اضطهدوا العترة، ونبذوا السنة،
ثم أخذهم فهل تحس منهم من أحد أوتسمع لهم ركزا!؟
ضرب الوليد بن عبد الملك علي بن عبد الله بن العباس بالسياط، وشهره بين الناس يدار به على بعير، ووجهه مما يلي ذنب البعير، وصائح يصيح أمامه: هذا علي بن عبد الله الكذاب، فقال له قائل (وهوعلى تلك الحال): ما الذي نسبوك إليه من الكذب يا أبا محمد؟ قال: بلغهم قولي: أن هذا الامر سيكون في ولدي، والله ليكونن فيهم حتى يملكه عبيدهم الصغار العيون، العراض الوجوه، الذين كأن وجوههم المجان المطرقة
وروي أن علي بن عبد الله دخل على هشام ومعه ابنا ابنه الخليفتان :أبو العباس وأبوجعفر، فكلمه فيما أراد، ثم ولى فقال هشام: إن هذا الشيخ قد خرف وأهتر، يقول: إن هذا الامر سينتقل إلى ولده! فسمع علي بن عبد الله كلامه، فالتفت إليه، وقال: إي والله ليكونن ذلك، وليملكن هذان.
وقد روى أبوالعباس المبرد في كتاب " الكامل " هذا الحديث، فقال: دخل علي بن عبد الله بن العباس على سليمان بن عبد الملك فيما رواه محمد بن شجاع البلخى، ومعه ابنا ابنه الخليفتان بعد: أبوالعباس وأبوجعفر، فأوسع له على سريره وبره، وسأله عن حاجته، فقال: ثلاثون ألف درهم علي دين، فأمر بقضائها، قال واستوص بابني هذين خيرا، ففعل، فشكره علي بن عبد الله، وقال: وصلتك رحم، فلما ولّى قال سليمان لاصحابه: إن هذا الشيخ قد اختل وأسن وخلط، وصار يقول: إن هذا الامر سينتقل إلى ولده. فسمع ذلك علي بن عبد الله، فالتفت إليه، وقال: إي والله ليكونن ذلك، وليملكن هذان. قال إبوالعباس المبرد: وفي هذه الرواية غلط، لان الخليفة في ذلك الوقت لم يكن سليمان، وإنما ينبغي أن يكون دخل على هشام، لان محمد بن علي بن عبد الله بن العباس كان يحاول التزويج في بني الحارث بن كعب، ولم يكن سليمان بن عبد الملك يأذن له، فلما قام عمر بن عبد العزيز جاء فقال: إني أردت أن أتزوج ابنة خالي من بنى الحارث ابن كعب، فتأذن لي؟ فقال عمر بن عبد العزيز: تزوج يرحمك الله من أحببت. فتزوجها فأولدها أبا العباس السفاح، وعمر بن عبد العزيز بعد سليمان.
وأبو العباس ينبغي ألا يكون تهيأ لمثله أن يدخل على خليفة حتى يترعرع، ولا يتم مثل هذا إلا في أيام هشام ابن عبد الملك.
قال أبوالعباس المبرد: وقد جاءت الرواية أن أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) لما ولد لعبد الله بن العباس مولود فقده وقت صلاة الظهر.
فقال: ما بال ابن العباس لم يحضر؟
قالوا: ولد له ولد ذكر، يا أمير المؤمنين.
قال: فامضوا بنا إليه، فأتاه فقال له: شكرت الواهب، وبورك لك في الموهوب! ما سميته؟
فقال: يا أمير المؤمنين، أويجوز لي أن أسميه حتى تسميه؟
فقال: أخرجه إلي، فأخرجه، فأخذه فحنكه ودعا له ثم رده إليه، وقال: خذ إليك أبا الاملاك، قد سميته عليا، وكنيته أبا الحسن.
قال: فلما قدم معاوية خليفة، قال لعبد الله بن العباس: لا أجمع لك بين الاسم والكنية، قد كنيته أبا محمد، فجرت عليه.
قلت: سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن محمد بن أبي زيد رحمه الله تعالى، فقلت له: من أي طريق عرف بنوأمية أن الامر سينتقل عنهم، وأنه سيليه بنوهاشم، وأول من يلي منهم يكون اسمه عبد الله؟ ولم منعوهم عن مناكحة بني الحارث بن كعب لعلمهم أن أول من يلي الامر من بني هاشم تكون أمه حارثية؟ وبأي طريق عرف بنوهاشم أن الامر سيصير إليهم، ويملكه عبيد أولادهم، حتى عرفوا صاحب الامر بعينه، كما قد جاء في الخبر!
فقال: أصل هذا كله محمد بن الحنفية، ثم ابنه عبد الله المكنى أبا هاشم. قلت له: أفكان محمد بن الحنفية مخصوصا من أمير المؤمنين (عليه السلام) بعلم يستأثر به على أخويه حسن وحسين عليهما السلام؟ قال: لا، ولكنهما كتما وأذاع.
ثم قال: قد صحت الرواية عندنا عن أسلافنا وعن غيرهم من أرباب الحديث أن عليا (عليه السلام) لما قبض أتى محمد ابنه أخويه حسنا وحسينا عليهما السلام، فقال لهما: أعطياني ميراثي من أبي، فقالا له: قد علمت أن أباك لم يترك صفراء ولا بيضاء، فقال: قد علمت ذلك، وليس ميراث المال أطلب، إنما أطلب ميراث العلم.
قال أبوجعفر رحمه الله تعالى: فروى أبان بن عثمان عمن يروي له ذلك، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: فدفعا إليه صحيفة، لوأطلعاه على أكثر منها لهلك، فيها ذكر دولة بني العباس.
قال أبوجعفر: وقد روى أبوالحسن على بن محمد النوفلي، قال: حدثني عيسى ابن علي بن عبد الله بن العباس، قال: (لما أردنا الهرب من مروان بن محمد، لما قبض على) إبراهيم الامام جعلنا نسخة الصحيفة التي دفعها أبوهاشم بن محمد بن الحنفية إلى محمد بن على ابن عبد الله بن العباس، وهي التي كان آباؤنا يسمونها صحيفة الدولة، في صندوق من نحاس صغير، ثم دفناه تحت زيتونات بالشراة
قال أبوجعفر: وقد كان محمد بن الحنفية صرح بالامر لعبد الله بن العباس وعرفه تفصيله، ولم يكن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد فصل لعبد الله بن العباس الامر، وإنما أخبره به، كان يسكنها ولد على بن عباس في أيام بني مروان.، كقوله في هذا الخبر: " خذ إليك أبا الاملاك "، ونحوذلك مما كان يعرض له به، ولكن الذى كشف القناع وأبرز المستور عليه هومحمد بن الحنفية. وكذلك أيضا ما وصل إلى بني أمية من علم هذا الامر، فإنه وصل من جهة محمد ابن الحنفية، وأطلعهم على السر الذي علمه، ولكن لم يكشف لهم كشفه لبني العباس، فإن كشفه الامر لبني العباس كان أكمل.
قال أبوجعفر: فأما أبوهاشم، فإنه قد كان أفضى بالامر إلى محمد بن علي بن عبد الله ابن العباس وأطلعه عليه، وأوضحه له، فلما حضرته الوفاة عقيب انصرافه من عند الوليد ابن عبد الملك مر بالشراة، وهومريض ومحمد بن على بها، فدفع إليه كتبه، وجعله وصيه، وأمر الشيعة بالاختلاف إليه.
قال أبوجعفر: وحضر وفاة أبي هاشم ثلاثة نفر من بني هاشم: محمد بن على هذا، ومعاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن الحارث بن نوفل ابن الحارث بن عبد المطلب، فلما مات خرج محمد بن معاوية بن عبد الله بن جعفر من عنده، وكل واحد منهما يدعي وصايته، فأما عبد الله بن الحارث فلم يقل شيئا.
قال أبوجعفر رحمه الله تعالى: وصدق محمد بن علي، أنه إليه أوصى أبوهاشم، وإليه دفع كتاب الدولة، وكذب معاوية بن عبد الله بن جعفر، لكنه قرأ الكتاب، فوجد لهم فيه ذكرا يسيرا، فادعى الوصية بذلك، فمات وخرج ابنه عبد الله بن معاوية يدعي وصاية أبيه، ويدعي لابيه وصاية أبي هاشم، ويظهر الانكار على بني أمية، وكان له في ذلك شيعة يقولون بإمامته سرا حتى قتل.
دخلت إحدى نساء بني أمية على سليمان بن على، وهويقتل بني أمية بالبصرة، فقالت: أيها الامير، إن العدل ليمل من الاكثار منه، والاسراف فيه، فكيف لا تمل أنت من الجور وقطيعة الرحم؟
فأطرق ثم قال لها:
سننتم علينا القتل لا تنكرونه *** فذوقوا كما ذقنا على سالف الدهر
ثم قال:
يا أمة الله وأول راض سنة من يسيرها
ألم تحاربوا عليا وتدفعوا حقه؟
ألم تسموا حسنا وتنقضوا شرطه؟
ألم تقتلوا حسينا وتسيروا رأسه؟
ألم تقتلوا زيدا وتصلبوا جسده؟
ألم تقتلوا يحيى وتمثلوا به؟
ألم تلعنوا عليا على منابركم؟
ألم تضربوا أبانا علي بن عبد الله بسياطكم؟
ألم تخنقوا الامام بجراب النورة في حبسكم؟
ثم قال: ألك حاجة؟ قالت :قبض عمالك أموالي، فأمر برد أموالها عليها.
كان مروان سديد الرأي، ميمون النقيبة، حازما، فلما ظهرت المسودة ولقيهم، كان ما يدبر أمرا إلا كان فيه خلل، ولقد وقف يوم الزاب، وأمر بالاموال فأخرجت، وقال للناس: اصبروا وقاتلوا، وهذه الاموال لكم، فجعل ناس يصيبون من ذلك المال ويشتغلون به عن الحرب، فقال لابنه عبد الله: سر في أصحابك فامنع من يتعرض لاخذ المال، فمال عبد الله برايته، ومعه أصحابه، فتنادى الناس: الهزيمة! الهزيمة! فانهزموا، وركب أصحاب عبد الله بن علي أكتافهم.
لما قتل مروان ببوصير، قال الحسن بن قحطبة: أخرجوا إلى إحدى بنات مروان، فأخرجوها إليه وهى ترعد، قال: لا بأس عليك!
قالت: وأي بأس أعظم من إخراجك إياي حاسرة، ولم أر رجلا قبلك قط؟
فأجلسها ووضع رأس مروان في حجرها، فصرخت واضطربت.
فقيل له: ما أردت بهذا؟ قال: فعلت بهم فعلهم بزيد بن علي لما قتلوه، جعلوا رأسه في حجر زينب بنت علي بن الحسين(عليه السلام).
بويع أبوالعباس السفاح بالخلافة يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلون من شهر ربيع الاول سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فصعد المنبر بالكوفة فخطب، فقال: الحمد لله الذي اصطفى الاسلام لنفسه، وكرمه وشرفه وعظمه، واختاره لنا، وأيده بنا، وجعلنا أهله وكهفه، وحصنه والقوام به، والذابين عنه، والناصرين له، وخصنا برحم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنبتنا من شجرته، واشتقنا من نبعته، وأنزل بذلك كتابا يتلى، فقال سبحانه: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (الشورى 23 ) ، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قام بالامر أصحابه (وأمرهم شورى بينهم)(الشورى 38) فعدلوا، وخرجوا خماصا
وكان موعوكا فاشتدت عليه الوعكة، فجلس على المنبر ولم يستطع الكلام،
فقام عمه داود بن علي (وكان بين يديه)، فقال: يا أهل العراق! إنا والله ما خرجنا لنحفر نهرا، ولا لنكنز (لجينا ولا عقيانا)، وإنما أخرجتنا الانفة من ابتزاز الظالمين حقنا، ولقد كانت أموركم تتصل بنا فترمضنا ونحن على فرشنا، لكم ذمة الله وذمة رسوله وذمة العباس أن نحكم فيكم بما أنزل الله، ونعمل فيكم بكتاب الله، ونسير فيكم بسنة رسول الله(صلى الله عليه وآله). واعلموا أن هذا الامر ليس بخارج عنا حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم.
يا أهل الكوفة! إنه لم يخطب على منبركم هذا خليفة حق إلا علي بن أبي طالب وأمير المؤمنين هذا، فاحمدوا الله الذى رد إليكم أموركم. ثم نزل.
وقد روى حديث خطبة داود بن علي برواية أخرى، وهى الاشهر، قالوا: لما صعد أبوالعباس منبر الكوفة، حصر فلم يتكلم، فقام داود بن علي، وكان تحت منبره حتى قام بين يديه تحته بمرقاة، فاستقبل الناس، وقال: أيها الناس، إن أمير المؤمنين يكره أن يتقدم قوله فعله، ولاثر الفعال أجدى عليكم من تشقيق المقال، وحسبكم كتاب الله تمثلا فيكم، وابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) خليفة عليكم، أقسم بالله قسما برا ما قام هذا المقام أحد بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحق به من علي بن أبي طالب وأمير المؤمنين هذا فليهمس هامسكم، ولينطق ناطقكم. ثم نزل.
ومن خطب داود التى خطب بها بعد قتل مروان:
شكرا شكرا ! أظن عدوالله أن لن يظفر به، أرخى له في زمامه، حتى عثر في فضل خطامه، فالآن عاد الحق إلى نصابه، وطلعت الشمس من مطلعها، وأخذ القوس باريها، وصار الامر إلى النزعة
وخطب عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس، لما قتل مروان، فقال: الحمد لله الذي لا يفوته من طلب، ولا يعجزه من هرب، خدعت والله الاشقر نفسه، إذ ظن أن الله ممهله، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولوكره الكافرون، فحتى متى، وإلى متى! أما والله لقد كرهتهم العيدان
لما أمعن داود بن علي قتل بنى أمية بالحجاز قال له عبد الله بن الحسن: يابن عمي، إذا أفرطت في قتل أكفائك فمن تباهي بسلطانك! وما يكفيك منهم أن يروك غاديا ورائحا فيما يسرك ويسؤهم!
كان داود بن علي مثل ببني امية، يسمل العيون، ويبقر البطون، ويجدع الأنوف ويصطلم الآذان.
وكان عبد الله بن علي بنهر أبي فطرس يصلبهم منكسين، ويسقيهم النورة والصبر، والرماد والخل، ويقطع الايدي الارجل. (وكان سليمان بن علي في البصرة يضرب الاعناق).
خطب السفاح في الجمعة الثانية بالكوفة، فقال:
يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود، والله لا أعدكم شيئا ولا أتوعدكم إلا وفيت بالوعد والوعيد، ولاعملن اللين حتى لا تنفع إلا الشدة، ولاغمدن السيف إلا في إقامة حد أوبلوغ حق، ولأعطينكم حتى أرى العطية ضياعا. إن أهل بيت اللعنة والشجرة الملعونة في القرآن كانوا لكم أعداء لا يرجعون معكم من حالة إلا إلى ما هوأشد منها، ولا يلي عليكم منهم وال إلا تمنيتم من كان قبله، وإن كان لا خير في جميعهم، منعوكم الصلاة في أوقاتها، وطالبوكم بأدائها في غير وقتها، وأخذوا المدبر بالمقبل والجار بالجار، وسلطوا شراركم على خياركم، فقد محق الله جورهم، وأزهق باطلهم بأهل بيت نبيكم، فما نؤخر لكم، عطاء ولا نضيع لاحد منكم حقا، ولا نجهزكم في بعث ولا نخاطر بكم في قتال، ولا نبذلكم دون أنفسنا، والله على ما نقول وكيل بالوفاء والاجتهاد، وعليكم بالسمع والطاعة. ثم نزل.
لما صعد السفاح منبر الكوفة يوم بيعته، وخطب الناس قام إليه السيد الحميري فأنشده:
دونكموها يا بني هاشم *** فجددوا من آيها الطامسا
دونكموها لا علا كعب *** من أمسى عليكم ملكها نافسا
دونكموها فالبسوا تاجها *** لا تعدموا منكم له لابسا
خلافة الله وسلطانه *** وعنصر كان لكم دارسا
قد ساسها من قبلكم ساسة *** لم يتركوا رطبا ولا يابسا
لوخُيّر المنبر فرسانه *** ما اختار إلا منكم فارسا
والملك لو شوور في سائس *** لما ارتضى غيركم سائسا
لم يبق عبد الله بالشام من *** آل أبي العاص امرأ عاطسا
فلست من أن تملكوها إلى *** هبوط عيسى منكم آيسا
ما استوثق الامر لابي العباس السفاح وفد إليه عشرة من أمراء الشام) فحلفوا له بالله وبطلاق نسائهم وبأيمان البيعة بأنهم لا يعلمون - إلى أن قتل مروان - أن لرسول الله(صلى الله عليه وآله) أهلا ولا قرابة إلا بني أمية.
وروى أبوالحسن المدائني، قال: حدثني رجل قال: كنت بالشام، فجعلت لا أسمع أحدا يسمى أحدا أويناديه: يا علي ويا حسن أو يا حسين، وإنما أسمع: معاوية والوليد ويزيد، حتى مررت برجل، فاستسقيته ماء، فجعل ينادي: يا علي، يا حسن، يا حسين، فقلت: يا هذا إن أهل الشام لا يسمون بهذه الاسماء! قال: صدقت، إنهم يسمون أبناءهم بأسماء الخلفاء، فإذا لعن أحدهم ولده أوشتمه فقد لعن اسم بعض الخلفاء، وأنا سميت أولادي بأسماء أعداء الله، فإذا شتمت أحدهم أولعنته، فإنما ألعن أعداء الله!!
كانت أم إبراهيم بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس أموية من ولد عثمان بن عفان. قال إبراهيم: فدخلت على جدي عيسى بن موسى مع أبي موسى، فقال لي جدي: أتحب بني أمية؟ فقال له موسى (أبي): نعم، إنهم أخواله،
فقال: والله لورأيت جدك علي بن عبد الله بن العباس يضرب بالسياط ما أحببتهم، ولورأيت إبراهيم بن محمد يكره على إدخال رأسه في جراب النورة لما أحببتهم، وسأحدثك حديثا إن شاء الله أن ينفعك به نفعك: لما وجه سليمان بن عبد الملك ابنه أيوب بن سليمان إلى الطائف وجه معه جماعة، فكنت أنا ومحمد بن علي بن عبد الله جدي معهم، وأنا حينئذ حديث السن، وكان مع أيوب مؤدب له يؤدبه، فدخلنا عليه يوما أنا وجدي، وذلك المؤدب يضربه، فلما رآنا الغلام، أقبل على مؤدبه فضربه، فنظر بعضنا إلى بعض، وقلنا: ما له قاتله الله! حين رآنا كره أن نشمت به، ثم التفت أيوب إلينا، فقال: ألا أخبركم يا بني هاشم بأعقلكم وأعقلنا؟!
أعقلنا من نشأ منا يبغضكم، وأعقلكم من نشأ منكم يبغضنا،
وعلامة ذلك أنكم لم تسموا بمروان، ولا الوليد، ولا عبد الملك،
ولم نسم نحن بعلي ولا بحسن ولا بحسين
خطب أبومسلم بالمدينة في السنة التي حج فيها في خلافة السفاح، فقال: الحمد لله الذي حمد نفسه، واختار الاسلام دينا لعباده، ثم أوحى إلى محمد رسول الله صلى الله عليه من ذلك ما أوحى، واختاره من خلقه، نفسه من أنفسهم، وبيته من بيوتهم، ثم أنزل عليه في كتابه الناطق الذي حفظه بعلمه، وأشهد ملائكته على حقه، قوله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)
وقد جاءنا في بعض الروايات: أن السفاح لما أراد أن يقتل القوم الذين انضموا إليه من بني أمية جلس يوما على سرير بهاشمية الكوفة
______________________________________
(1) هوالزاب الاعلى، بين الموصل وإربل .
(2) مدينة قديمة قصبة ديار مضر ، بينها وبين الرها يوم (مراصد الاطلاع).
(3) فطرس، ضبطه صاحب مراصد الاطلاع بضم الفاء وسكون الطاء وضم الراء وسين مهملة، وقال: موضع قرب الرملة من أرض فلسطين .
(4) يقال: مثل فلان بالقتيل مثلة ومثلا، أي جدعه وظهرت آثار فعله عليه .
(5) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ج 7 ص 120.
(6) اسم لاربع قرى بمصر ( مراصد الاطلاع).
(7) البجة : مدينة بين فارس واصبهان (مراصد الاطلاع) التنبيه والاشراف للمسعودي ص285.
(8) قال في الكامل: الآساس: جمع أس، وتقديرها " فعل " (بضم العين وسكون اللام)، و" إفعال "، وقد يقال للواحد أساس، وجمعه أسس. والبهلول: الضحاك. وقال المرصفي: الاجود تفسيره بالعزيز الجامع لكل خير.
(9) القتيل الذي بحران هو إبراهيم بن محمد بن علي، وهو الذي يقال له الامام.
(10) سوائي: أي سواي، والنمارق: واحدتها نمرقة، وهي الوسائد.
(11) الزمع: شدة الرعدة.
(12) الاغانى (4: 244 ـ 246).
(13) الكامل (8: 134، 135)بشرح المرصفي.
(14) مروج الذهب (3: 261)وما بعدها.
(15) قال أبو العباس: الرقلة النخلة الطويلة، والاواسي: جمع آسية، وهى أصل البناء كالاساس. وقتيل المهراس: حمزة (عليه السلام)، والمهراس: ماء بأحد. وقتيل حران: إبراهيم الامام.
(16) القعب : القدح الغليظ. كتاب العين.
(17) المخصرَةُ: عصاً او نحوها بيد صاحبها. كتاب العين.
(18) مروج الذهب3: 261 – 263.
(19) مروج الذهب3: 271 – 272.
(20) الشئون: موصل قبائل الرأس، واحد شأن.
(21) الصفصاف :نوع من الشجر .
(22) الموشاة: الوشي هو نقش الثوب ويكون كل من لون .
(23) قمعت فلاناً فانقمع: أي ذللته فذل.
(24) بعده في الاغاني 4: 351 :إياكم أن يقول الناس :إنهم قد ملكوا ثم ما ضروا ولا نفعوا.
(25) من الاغاني 4: 351 وانظر طبقات الشعواء لابن المعتز 39، 40.
(26) المجان المطرقة ما يكون بين جلدين احدهما فوق الاخر والذي جاء في الحديث : (كأن وجوههم المجان المطرقة ) أي التراس التي البست العقبة شيئاً فوق الشيء، اراد انهم عراض الوجوه غلاظها . لسان العرب ج10 ص220.
(27) الشراة: صقع بالشام بين المدينة ودمشق، ومن بعض نواحيه القرية المعروفة بالحمية. ياقوت/ صفحة 150/مجملا.
(28) خماصا: جياعا.
(29) آسفوه: أغضبوه.
(30) المبير: المهلك، وقد وردت هذه الخطبة برواية أوسع من هذه في الطبري.
(31) النزعة: جمع نازع، وهوالرامي يشد إليه السهم، يريد: رجع الحق إلى أهله.
(32) العيدان: يريد أعواد المنابر.
(33) وافترعوا: اعتلوها.
(34) درها، أي مطرها.
(35) الريع: النماء.
(36) قحل: يبس جلده على لحمه.
(37) الفنيق: الفحل المكرم لا يؤذي لكرامته، والحفز: السرعة في المشي.
(38) أسمل: خلق وبلى.
(39) دمدم عليهم: طحنهم فأهلكهم.
(40) الابيات في الاغاني 7: 240 (طبع الدار).
(41) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ج 7 ص 160
(42) سورة الاحزاب 33.
(43) الماخور: بيت الريبة.
(44) والطنابير: جمع طنبور، وهوآلة من آلات الطرب، ذوعنق طويل وستة أوتار من نحاس.
(45) السلب: ما يسلب.
(46) هاشمية الكوفة: مدينة بناها السفاح.
(47) شرح نهج البلاغة ج7 ص164.
![]() |
![]() |