المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
الباب الأول : بحوث تمهيدية
الفصل الثالث : تحريف أخبار سيرة الأنبياء السابقين

عجز الإنسان أمام ظاهرة النبوة

ليس من شك أنَّ الإنسان عاجزٌ عن خلق الظاهرة الكونية بغير أسبابها ، فالمطر مثلاً يتكوَّن من بخار الماء المتكاثف الذي يشكِّل الغيم وبإنخفاض درجة الحرارة يتحوَّل الغيم إلى قطرات المطر . فلو أراد الإنسان تحويل بخار الماء إلى قطرات الماء مرَّة ثانية بغير تعريض بخار الماء إلى درجة حرارة منخفضة لما أمكنه ذلك .

وهكذا يعجز الإنسان عن تحريف الظاهرة الكونية عن سيرها الطبيعي كما لو أراد أن يغيِّر من تعاقب الليل والنهار أو أراد أن يغيِّر من حركة الشمس والقمر .

نعم ، بإمكانه أن يشوِّه بعض الظواهر الكونية أو يحسِّن صفات البعض الآخر من خلال التحكُّم بأسبابها ، فبإمكانه أن يتسبب في أن يكون الجيل الثالث أو الرابع من جرثومة ما غير قادر على إنتاج الحالة المرضية التي ينتجها الجيل الأول مثلاً وذلك من خلال التحكم بالأسباب الطبيعية التي تحيط بتلك الجرثومة .

وكذلك يستحيل أن تكون ظاهرة نبوية بغير أسبابها ، وأسبابها ليست بيـد الإنسانومن ثمَّ يدَّعي انسان ما النبوة كذباً ولكنَّه سرعان ما ينكشف زيفه ويفتضح كذبه .

وكذلك ليس بإمكان الإنسان أيضاً أن يحرِّف الظاهرة النبوية الصادقة ، بأن يجعل النبي المرسل وهو حي يعبد صنماً أو يغيِّر شيئاً ممَّا بيَّنه الله في كتابه ، بل كل نبى يمضي لما بعثه الله له ويحقق رسالته كما أخبره الله تعالى .

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري