المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
الباب الأول : بحوث تمهيدية
الفصل الثالث : تحريف أخبار سيرة الأنبياء السابقين
نعم ، بإمكان الإنسان أن يحرِّف أخبار السيرة النبوية سواء كانت تاريخية أو سلوكية ، لأن الواقعة التاريخية أو السلوكية بعد وقوعها تكون خبراً وقصةً وحديثاً يتناقله الرواة واحداً بعد الآخر ، والإنسان بمقدوره أن يزيد وينقص من تفاصيل القصة والحديث وبإستطاعته أيضاً ان يختلق القصة بكل احداثها أو السلوكات والطريقة بكل تفاصيلها .
وهكذا حين يكون الإنسان عاجزاً عن دعوى النبوَّة دون أن يفتضح يكون من طرف آخر قادراً تماماً على تشويه وتحريف أخبار النبي المبعوث حقيقةً كقدوة أو كواقعة تاريخية بل يستطيع أن يختلق الواقعة أساساً وبذلك تكون الواقعة المروية سلوكاً أو قصةً غير الواقعة التي جاء بها النبي ، وعلى هذا فبإمكان الرواة لو أرادوا وتعمدوا أن يرووا تاريخاً لموسى عليه السلاممثلاً لم يقع أصلاً ، وطريقة حياة أو سنَّةً له لم يسلكها في حياته ، كما بإمكانهم أن يرووا تاريخاً مشوهاً وسنَّةً محرفة ويعطوها للناس على أنَّها هي التاريخ الصحيح والسنَّة الصحيحة .
إنَّ إمكانية ذلك الأمر من الناحية النظرية امر واضح لا غبار عليه ، أمَّا من الناحية الواقعية فهل تعرضت سيرة الأنبياء السابقين للتحريف ؟ وإذا كان ذلك قد وقع فما هي حدوده ؟ ومن القائم به ؟ وماذا كان هدفه ؟ ثم ما أثر هذا التحريف على مسيرة الإنسان إلى الله تعالى ؟ هذا ما نحاول الإجابة عليه فيما يأتي :