المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
الباب الثاني : منهج البحث في مصادر التاريخ
الفصل الأول : المنهج في علم التاريخ بشكل عام
تتحدد أمام المؤرِّخ الموضوعي مرحلتان من البحث التاريخي هما :
الأولى : مرحلة جمع الوثائق المرتبطة بالواقعة التاريخية ، ونقدها ، وتمحيصها وتعيين درجة الاعتماد عليها .
الثانية : مرحلة إعادة بناء تصوُّر الواقع التاريخي بعد تجزئة المعلومات التي أفرزتها الأصول والوثائق المعتبرة وتصنيفها وترتيبها على أساس التسلسل المنطقي للحوادث .
وتتفاوت الدراسات التاريخية عمقاً وأصالةً بقدر ما يكشف عنه الباحث من حقائق جديدة في كلا المرحلتين أو إحداهما .
إنَّ المرحلة الأولى من البحث بكلا محوريها هي الأكثر أهميةً بسبب تعرُّض الوثائق التاريخية والروايات الشفوية للتحريف عمداً وهو الحالة الأكثر شيوعاً أو اشتباهاً وهو الأقلُّ حصولاً .
انفتح الغربيون على النقد التاريخي في القرن الثامن عشر ، وأصبح التاريخ عندهم علماً له منهج واضح المعالم في القرن التاسع عشر على يد لانجلو وسينوبوس العالمان الفرنسيان حيث كتبا (المدخل إلى الدراسات التاريخية) ظهرت الطبعة الأولى منه سنة 1898م وقد عالج الكتاب شروط المعرفة في التاريخ ، وعلاماتها وخصائصها وحدودها ، وكيفية التعامل مع الوثائق من أجل الإفادة منها في التاريخ ، وقد ترجمه الدكتور عبد الرحمن بدوي وطبع في القاهرة سنة 1963 م
وفيما يلي تلخيص للمرحلة الأولى من البحث التاريخي وهي مرحلة التعامل مع الأصول والوثائق كما عرضها هذان العالمان الفرنسيان .
______________________
(1) عبد الرحمن بدوي : النقد التاريخي .