المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
الباب الثالث : تعريف بالموسوعات التاريخية وأصولها ومصنفيها
الفصل الثالث : تراجم اصحاب الأصول التاريخية التي اعتمد عليها ابن أبي الحديد

ثعلب (ت291)

قال الذهبي : العلامة المحدِّث ، إمام النحو ، أ بوالعباس ، أحمد بن يحيى بن يزيد الشيباني مولاهم البغدادي ، صاحب "الفصيح والتصانيف" . ولد سنة مئتين ، وكان يقول : ابتدأت بالنظر وأنا ابن ثماني عشرة سنةولما بلغت خمسا وعشرين سنة ، ما بقي علي مسألة للفراء ، وسمعت من القواريري مئة ألف حديث .

قال الذهبي : وسمع من إبراهيم بن المنذر ، ومحمد بن سلام الجمحي ، وابن الاعرابيوعلي بن المغيرة ، وسلمة بن عاصم ، والزبير بن بكار . وعنه نفطويه ، ومحمد بن العباس اليزيدي ، والاخفش الصغير ، وابن الانباري ، وأبوعمر الزاهد ، وأحمد بن كامل ، وابن مقسم الذي روى عنه أمإليه .

قال الخطيب  (1) : ثقة حجة ، دين صالح ، مشهور بالحفظ . وقيل : كان لا يتفاصح في خطابه . قال المبرَّد : أعلم الكوفيين ثعلب . فذكر له الفراء ، فقال :  (2) لا يعشره .

وكان يزري على نفسه ، ولا يعد نفسه .

وقيل : كان ثعلب يبخل ، وخلف ستة آلاف دينار . وكان صحب محمد بن عبدالله بن طاهر ، وعلم ولده طاهرا ، فرتب له ألفا في الشهر .

وله كتاب : "اختلاف النحويين" ، وكتاب "القراءات" ، وكتاب "معاني القرآن" وأشياء .

وعمَّر ، وأصمَّ ، صدمته دابة ، فوقع في حفرة ، ومات منها في جمادى الاولى ، سنة إحدى وتسعين ومئتين  (3) .

رواياته :

ج 6 باب 83 ص 303 .

وروى أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب في اماليه : ان عمرو بن العاص قال لعتبة بن أبي سفيان يوم الحكمين : اما ترى ابن عباس قد فتح عينيه ونشر اذنيه ؟ ولو قدر ان يتكلم بهما فعل وان غفلة اصحابه لمجبورة بفطنته وهي ساعتنا الطولى فاكفنيه .

قال عتبة : بجهدي . قال : فقمت فقعدت إلى جانبه فلما اخذ القوم في الكلام اقبلت عليه بالحديث فقرع يدي وقال : ليست ساعة حديث ، قال : فاظهرت غضبا وقلت يا بن عباس ان ثقتك باحلامنا اسرعت بك إلى اعراضنا وقد والله تقدم من قبل العذر وكثر منا الصبر ، ثمَّ اقذعته فجاش لي مرجله وارتفعت اصواتنا فجاء القوم فاخذوا بايدينا فنحوه عني ونحوني عنه فجئت فقربت من عمرو بن العاص فرماني بمؤخر عينيه وقال : ما صنعت فقلت كفيتك التقوالة فحمحم كما يحمحم الفرس للشعير . قال : وفات ابن عباس اول الكلام فكره ان يتكلم في آخره .

ج6 باب83 ص326 .

قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب في كتاب الامالي : كان عبد الله بن عباس عند عمر فتنفس عمر نفسا عاليا ، قال ابن عباس : حتّى ظننت ان اضلاعه قد انفرجت فقلت له ما اخرج هذا النفس منك يا امير المؤمنين إلاَّ هم شديد .

قال : إي والله يا بن عباس ، اني فكرت فلم ادر فيمن اجعل هذا الأمر بعدي ، ثمَّ قال : لعلك ترى صاحبك لها اهلا قلت وما يمنعه من ذلك مع جهاده وسابقته وقرابته وعلمه ، قال : صدقت ولكنه امرؤ فيه دعابة ، قلت : فاين انت من طلحة ، قال : هو ذو البأو  (4) باصبعه المقطوعة قلت فعبد الرحمن ، قال : رجل ضعيف لو صار الأمر إليه لوضع خاتمه في يد امراته قلت فالزبير ، قال : شكس لقس يلاطم في البقيع في صاع من بر ، قلت فسعد بن أبي وقاص قال : صاحب مقنب وسلاح ، قلت : فعثمان ، قال : اوه اوه مرارا ، ثمَّ قال : والله لئن وليها ليحملن بني أبي معيط على رقاب الناس ثمَّ لتنهضن إليه العرب فتقتله ، ثمَّ قال : يا بن عباس انه لا يصلح لهذا الأمر إلاَّ حصيف العقدة قليل الغرة لا تأخذه في الله لومة لائم يكون شديدا من غير عنف لينا من غير ضعف جوادا من غير سرف ممسكا من غير وكف ، قال ابن عباس : وكانت هذه صفات عمر .

ثم اقبل علىَّ فقال : ان احراهم ان يحملهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم لصاحبك والله لئن وليها ليحملنهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم .

______________________

(1) الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد 5 / 205 .

(2) أي : لا يبلغ عشر علمه،والخبر في "إنباه الرواة" 1 / 142.

(3) الذهبي : سير أعلام النبلاء 14 / 5 .

(4) البأو : الكبر والفخر .

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري