تحريف أخبار
سيرة النبي صلى الله عليه وآله
تعرَّض تاريخُ خاتم الأَنبياء وسنَّتُه من بعده للتحريف ، وهي حقيقة لا يشكُّ فيها أحد ، ذلك لأ نّنا لو رجعنا إلى المصادر المعتبرة لدى المسلمين حول تاريخ النبي صلى الله عليه وآله وسنَّته لوجدنا الروايات مختلفة ومتناقضة في وصف كثير من الوقائع التاريخية أو السلوكية للرسول صلى الله عليه وآله ، وهذا التناقض والاختلاف واسع وكبير إلى درجة نستطيع معها أن نكوِّنَ من مجموع هذه الأخبار صورتين متناقضتين للنبي صلى الله عليه وآله سواء في جانب تاريخه أو في جانب طريقته في الحياة أو سنَّته .
فالصورة الأولى: تظهره صلى الله عليه وآله شخصاً دون مستوى الإنسان الاعتيادي في مختلف مجالات الحياة ، فهو يلعن الآخرين من غير استحقاق ، ولا يصبر عن النساء ، الأمر الذي يفرض عليه أن يصطحب معه في كلِّ غزوة واحدة من نسائه ، ويوجد في صحابته من هو أشدُّ حياءً منه ، ويبول واقفاً ، إلى غير ذلك من التصرُّفات المشينة (1) ، مضافاً إلى ذلك تجعل منه شخصاً متردِّداً في تلقِّي الوحي يشكُّ في نفسه أَنّه قد جُنَّ أو أَنَّ الشياطين قد عبَثت به ، وتجعل من زوجته ذات رأي أرجح منه صلى الله عليه وآله (في هذه القضية الخطيرة) فهي التي تطمئنه وتثبِّته على النبوَّة وتأخذه إلى ابن عمها وَرَقة بن نوفل النصراني لتزداد قناعته بنفسه أنَّه نبي مبعوث من الله ! ثم يكون أول المؤمنين به أبو بكر ويسمِّيه الصدِّيق لشدَّة تصديقه له ، ويؤمن بواسطة أبي بكر الصحابة المعروفون ، ويبقى النبي صلى الله عليه وآله ثلاث سنوات يدعو سرّاً ويجتمع مع أصحابه في دار الأرقم حتى يُسْلِم عُمَرُ بن الخطاب فينصر الله به الإسلام ويعلن المسلمون عن أمرهم في المجتمع ، وهكذا تتواتر الحوادث ويبرز أبو بكر وعُمَر وعثمان بصفتهم الوجوه البارزة في حركة النبوة ، ومن هنا يكون من الطبيعي أن يأخذ هؤلاء موقعهم في خلافة النبي صلى الله عليه وآله ونشر دينه من بعده .
أما الصورة الثانية: فتُظهِرالنبىَّ صلى الله عليه وآله مثلاً أعلى في كل ميادين الحياة في الخُلُق والحياء وحسن التعليم والمعاملة وعدم الانتقام لنفسه وغير ذلك من السلوكيات العالية ، مضافاً إلى ذلك تجعل منه شخصاً واثقاً من كون الشخص الذي خاطبه أوَّلَ مرة في غارحِراء هو مَلَك مرسَل من الله تعالى ، وأَنَّ عليّاً عليه السلام كان وزيره وشريكه في أمر الرسالة بأمر الله الا انه لم يكن نبيا (انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي) ثم بدأ النبي صلى الله عليه وآله دعوته سرّاً بأهل بيته ثلاث سنوات ثم ختم ذلك بحادثة يوم الدار ، حيث أعلن فيها عن علي عليه السلام وصيّاً وخليفة له من بعده ، ثمّ صَدَعَ (2) بأمر الله تعالى ورسالته ، وتحمّلت أسرة النبي بنو هاشم الدفاع عن النبي وعن المسلمين وحين هاجر وحين أذن الله للمؤمنين أن يقاتلوا كان النبي يقذف بأفراد اسرته في لَهَوات (3)الحروب ليدافعوا عن المسلمين ، ويتشخَّص في مجمل تاريخ النبي صلى الله عليه وآله وسيرته وأهل بيته بدءاً بعلي امتداداً رسالياً له صلى الله عليه وآله .
وفيما يلي نماذج من هاتين الصورتين :
|