ولادة علي عليه السلام

لما بلغ عُمْر النبي صلى الله عليه وآله ثلاثين سنة وُلِد علىّ وكانت فاطمة بنت أسد قد ضَرَبَها الطلق وهي في الطواف فدخلت الكعبة فولدته (1) يوم الجمعة الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل ، قال الشيخ المفيد : ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله تعالى سواه إكراماً من الله جل اسمه له (2) .

وكان النبي صلى الله عليه وآله يسمي هذه السنة بسنة البركة حيث اقترنت ولادة علي ببدء أمور جديدة عليه ترتبط بمقدمات رسالته صلى الله عليه وآله .

قال ابن أبي الحديد : وقد رُوي أنّ السنة التى ولد فيها علي عليه السلام هي السنة التى بُدِئَ فيها برسالة رسول الله صلى الله عليه وآله فأُسْمِعَ الهُتاف من الأحجار والأشجار وكُشِفَ عن بصره فشاهد أنواراً وأشخاصاً ولم يُخاطَب فيها بشيء ، وهذه السنة هي السنة التي ابتدأ فيها بالتبَتُّل (3) والانقطاع والعُزْلة في غار حِراء فلم يزل به حتى كوشف بالرسالة وأُنزل عليه الوحي ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتيمَّن بتلك السنة وبولادة علي عليه السلام فيها ويسمّيها سنة الخير وسنة البركة وقال لأهله ليلة ولادته (وفيها شاهد ما شاهد من الكرامات والقدرة الإلهية ولم يكن من قبلها شاهد من ذلك شيئاً) : لقد ولد لنا الليلة مولود يفتح الله علينا به أبواباً كثيرة من النعمة والرّحمة ، وكان كما قال صلى الله عليه وآله فانّه عليه السلام كان ناصره والمحامي عنه وكاشف الغم عن وجهه وبسيفه ثبت دين الإسلام ورست دعائمه وتمهدت قواعده (4) .

قال ابن إسحاق : وكان مما أنعم الله به على علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الإسلام .

قال ابن إسحاق : وحدثني عبدالله بن أبي نُجَيح عن مجاهد بن جبر أبى الحجاج قال : كان من نعمة الله على علي بن أبى طالب ، ومما صنع الله له ، وأراده به من الخير ، أنَّ قريشاً أصابتهم أزمة شديدة ، وكان أبو طالب ذا عيال كثير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للعباس عمه ، وكان من أيسر بني هاشم : يا عباس ، إن أخاك أبا طالب كثير العيال ، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة ، فانطلق بنا إليه فلنخفِّف عنه من عياله ، فقال العباس : نعم . فانطلقا حتى أتيا أبا طالب ، فقالا له : إنّا نريد أن نخفّف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه ، فقال لهما أبو طالب : إذا تركتما عقيلاً فاصنعا ما شئتما (قال ابن هشام : ويقال عقيلاً وطالباً) فأخذ رسول صلى الله عليه وآله علياً فضمَّه إليه ، وأخذ العباس جعفراً فضمَّه إليه ، فلم يزل علي مع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى بعثه الله تبارك وتعالى نبيّاً (5) .

______________________

(1) روضة الواعظين ص81 منشورات الرضي قم ، والروايات تجمع على ولادته  عليه السلام في الكعبة .

(2) الإرشاد ج1 ص5 .

(3) الانقطاع الى الله .

(4) شرح نهج البلاغة ج4 ص115 . أقول : وبعلي  عليه السلام حفظت سنة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته من الضياع وهديت الأمّة إليها كما بحثناه في سيرته  عليه السلام  .

(5) سيرة ابن هشام ج2 ص85 .