نزول الوحي
كان رسول الله صلى الله عليه وآله من قبل أن يظهر له جبريل عليه السلام برسالة الله عز وجل إليه يرى ويعاين من آثار فضل الله أشياء .
فكان من ذلك انّه إذا مرَّ في طريق لا يمر بشجر ولا حجر إلاّ سلَّم عليه فقال : السلام عليك يا رسول الله ، فيلتفت يميناً ويساراً فلا يرى أحداً (1) .
قال علي عليه السلام : لقد رأيتني أدخل معه يعني النبي صلى الله عليه وآله الوادي فـلا يمر بحجر ولا شجر إلاّ قال : السلام عليك يا رسول الله وأنا أسمعه (2) .
ثم كان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فَلَق الصُّبح (3) .
وحُبِّبَ إليه الِخلاء فكان يخلو بغار حِراء كما كان يفعل ذلك جده عبد المطلب ، فيقيم فيه الليالي ذوات العدد ، ثم يرجع إلى أهله فيتزود لمثلها يتحنَّث بحِراء ومعه علي عليه السلام يقتدي به ويتعلّم منه .
قال علي عليه السلام : ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل (4) أثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه عَلَماً (5) ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري (6) .
ثم ظهر له جبرائيل ملك الوحي وأدّى إليه الرسالة وهو بغار حراء في شهر رجب لثلاث ليال بقين منه ، وله من العمر أربعون سنة .
قال علي عليه السلام : ولقد سمعت رَنَّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلى الله عليه وآله ، فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنَّة ؟
فقال : هذا الشيطان قد آيَسَ (7) من عبادته إنّك تسمع مـا أسمع ولا ترى ما أرى إلاّ أنّك لست بنبي ولكنك لوزير (8) .
ثم كان جبرائيل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وآله فلا يدنو منه إلاّ بعد أن يستأذن عليه .
وكان من أوائل ما نزل عليه من القرآن سورة الحمد وسورة العلق .
وكان أول شيء فرض الله عز وجل من شرائع الإسلام عليه بعد الإقرار بالتوحيد والبراءة من الأوثان والأصنام وخلع الأنداد (9) ، الصلاة (10) .
وكانت أول صلاة صلاّها النبي هي صلاة الظهر .
|