كتاب الموادعة
بين المهاجرين والأنصار واليهود

ووادع النبي صلى الله عليه وآله مَنْ بيثرب من اليهود وكتب بالموادعة كتاباً (1) .

قال ابن إسحاق : وكتب رسول الله صلى الله عليه وآله كتاباً بين المهاجرين والأنصاروادع فيه يهود وعاهدهم ، وأقرّهم على دينهم وأموالهم ، وشرط لهم واشترط عليهم :

بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وآله ، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ، ومن تَبِعَهم ، فلحق بهم ، وجاهد معهم ، إنَّهم أمة واحدة من دون الناس .

المهاجرون من قريش على رَبعتهم (2) ، يتعاقلون بينهم ، وهم يفدون عانيهم (3)بالمعروف والقسط بين المؤمنين .

وبنو عَوْف على ربعتهم يتعاقلون معاقِلهم (4) الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين .

وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقِلهم الأولى ، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين .

وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين .

وبنو جُشَم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين .

وبنو النّجّار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين .

وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين .

وبنو النَّبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين .

وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى ، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين ، وإنَّ المؤمنين لا يتركون مُفْرَحا (5) بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل .

وأن لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه .

وإنَّ المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسيعة (6) ظلم ، أو إثم ، أو عدوان ، أو فساد بين المؤمنين ، وإن أيديهم عليه جميعاً ، ولو كان ولد أحدهم .

ولا يقتُل مؤمنٌ مؤمناً في كافر ، ولا ينصُر كافراً على مؤمن .

وإنَّ ذمّة الله واحدة ، يجير عليهم أدناهم ، وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس .

وإنّه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم .

وإن سِلم المؤمنين واحدة ، ولا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم .

وإنَّ كل غازية غزت معنا يُعقِب بعضها بعضاً ، وإنَّ المؤمنين يُبيء (7) بعضهم عن بعض بما نال دماءهم في سبيل الله .

وإن المؤمنين المتقين على أحسن هدي وأقومه .

وإنَّه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفساً ، ولا يحول دونه على مؤمن .

وإنّه من اعتبط (8) مؤمناً قتلاً عن بيِّنة فإنه قَوَدٌ به إلاّ أن يرضى ولىُّ المقتولوإنَّ المؤمنين عليه كافّة ، ولا يحل لهم إلاّ قيام عليه .

وإنّه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة ، وآمن بالله واليوم الآخر ، أن ينصر مُحدِثاً ولا يُؤويه ، وإنّه من نصره أو آواه ، فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ، ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل .

وإنّكم مهما اختلفتم فيه من شيء ، فإن مرده إلى الله عز وجل ، وإلى محمد صلى الله عليه وآله .

وإنَّ اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين .

وإن يهود بني عوف أمَّة مع المؤمنين ، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم ، فإنّه لا يوتغ (9) إلا نفسه وأهل بيته .

وإن ليهود بني النّجار مثل ما ليهود بني عوف .

وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف .

وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف .

وإن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف .

وإن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف .

وإن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف ، إلا من ظلم وأثِم ، فإنّه لا يوتِغ إلا نفسه وأهل بيته .

وإن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم .

وإن لبني الشُّطَيبَة مثل ما ليهود بني عوف ، وإن البِرَّ دون الإثم .

وإن موالي ثعلبة كأنفسهم .

وإن بطانة يهود كأنفسهم .

وإنّه لا يخرج منهم أحد إلاّ بإذن محمد صلى الله عليه وآله .

وإنّه لا ينحجز على ثار جرح .

وإنّه من فتك فبنفسه فتك وأهل بيته ، إلاّ من ظلم .

وإنّ الله على أبَرِّ هذا (10) .

وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم ، وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة ، وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الاثم ، وإنّه لم يأثم امرؤ بحليفه ، وإن النصر للمظلوم ، وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين ، وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة ، وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم ، وإنّه لا تُجار حرمة إلاّ بإذن أهلها .

وإنّه ما كان بين أهل الصحيفة من حدث أو اشتجار يُخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل ، وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وآله .

وإنّ الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره ، وإنّه لا تُجارُ قريش ولا من نصرها ، وان بينهم النصر على من دَهَم (11) يثرب ، وانّهم إذا دُعُوا إلى صُلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه ، وإنّهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين ، إلاّ من حارب في الدين .

على كل أناس حِصَّتهم (12) من جانبهم الذي قبلهم .

وإن يهود الأوس ، مواليَهم وأنفسهم ، على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض (13) من أهل هذه الصحيفة .

وإن البر دون الإثم ، لا يكسب كاسب إلاّ على نفسه ، وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره ، وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم ، وإنه من خرج آمن ، ومن قعد آمن بالمدينة ، إلاّ من ظلم أو أثم ، وإن الله جار لمن بر واتقى ومحمد رسول الله صلى الله عليه وآله (14) .

وفي هذه السّنة أوحى الله تعالى إلى رسوله بالأذان (15) .

______________________

(1) الامتاع ص49 .

(2) المحلة .

(3) اسيرهم .

(4) المعاقل : الديات .

(5) قال ابن هشام : المفرح : المثقل بالدين الكثير والعيال .

(6) الدسيعة : العظيمة .

(7) يرجع .

(8) اي قتله دون جناية منه توجب قتله .

(9) قال ابن هشام : يوتغ : يهلك ، أو يفسد .

(10) أي على الرضا به .

(11) أي غشي .

(12) اي نصيبهم .

(13) قال ابن هشام : ويقال : مع البر المحسن من أهل هذه الصحيفة .

(14) سيرة ابن هشام ج3 ص35 .

(15) بهجة المحافل ج1 ص171 .