السنة الثانية من الهجرة
غزوة العُشَيْرَة
وغزا رسول الله صلى الله عليه وآله غزوة العُشَيْرَة في جمادى الآخرة على رأس ستة عشر شهراً من مهاجره صلى الله عليه وآله ، إذ خرج صلى الله عليه وآله يعترِض عِيراً (1) لقريش ابتدأت إلى الشام ومعه خمسون ومأة رجل ، فبلغ ذا العُشَيرة ببطن يَنْبُع (2) فأقام فيه بقية الشهر وليال مما بعده ورجع ولم يلق كيداً (3) ، وهذه العير هي التي خرج في طلبها صلى الله عليه وآله لما عادت وكانت وقعة بدر .
وفي هذه السفرة كَنّى رسول الله صلى الله عليه وآله علىَّ بن أبي طالب أبا تراب (4) .
قال عمار بن ياسر (رضي الله عنه) : كنت أنا وعلي بن أبي طالب عليه السلام رفيقين في غزوة العشيرة من بطن ينبع فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وآله أقام بها شهراً فصالح فيها بني مُدْلِج وحلفاءهم من ضُمْرَة فَوادَعَهم ، فقال لي علي عليه السلام :
هل لك يا أبا اليقطان أن نأتي هؤلاء نفر من بني مدلج يعملون في عَيْن لهم فننظر كيف يعملون ؟ قال : قلت : إن شئت فجئناهم فنظرنا إلى أعمالهم ثم غَشِيَنا النوم ، فانطلقت أنا وعلي حتى اضطجعنا في ظل صَوْر من النّخل ، فنمنا ، فو الله ما أهبَّنا إلاّ رسول الله صلى الله عليه وآله يحركنا برجله ، وقد ترِبنا من تلك الدَّقْعاء التي نمنا عليها فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : ما لك يا أبا تراب ؟ لما يرى عليه من التراب ، ثم قال : ألا
أحدّثكما بأشقى الناس رجلين ؟ قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : أُحيمر ثمود الذي عَقَرَ النّاقة ، والذي يضربك على هذه ووضع يده على قرنه حتى يبل منها هذه واخذ بلحيته (5) .
وكانت أحب الكُنى إلى أمير المؤمنين عليه السلام (6) .
|