غدر خالد ببني جُذَيْمَة
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله قد بعث السَّرايا بعد الفتح فيما حول مكة يدعون الناس إلى الإسلام ولم يأمرهم بقتال .
وكان ممن بعث خالد بن الوليد بعثه داعياً ولم يبعثه مقاتلاً ، وخرج معه عبد الرحمن بن عوف ورجال من بني سُليم فنزل على الغُمَيْصاء (ماء من مياه جذيمة بن عامر) (1) ، وكانت جذيمة أصابت في الجاهلية عوف بن عبد عوف أبا عبد الرحمن بن عوف ، والفاكه بن المغيرة عم خالد ، فلما نزل خالد ذلك الماء أخذ بنو جذيمة السلاح ، فقال لهم خالد : ضعوا السلاح فإنَّ الناس قد أسلموا ، فوضعوا السلاح ، فأمر خالد بهم فكُتِّفوا ثم عَرَضَهم على السيف وكانوا قريباً من ثلاثين .
قال عبد الرحمن بن عوف : واللهِ لقد قتل خالد القوم مسلمين ، فقال خالد : إنما قتلتهم بأبيك عوف بن عبد عوف ، فقال له عبد الرحمن : ما قتلت بأبي ولكنك قتلت بعمك الفاكه بن المغيرة (2) .
فلما انتهى الخبر إلى النبي صلى الله عليه وآله رفع يديه إلى السماء ثم قال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ، ثم أرسل علياً ومعه مال وأمره أن ينظر في أمرهم فوَدَى لهم الدماء والأموال حتى أنه لَيَدِي مِيلَغَةَ (3) الكلب ، وبقي معه من المال فَضْلَةٌ فقال لهم علي : هل بقي لكم مال أو دم لم يُؤدَ ؟ قالوا : لا ، قال : فإني أعطيتكم هذه البقية احتياطاً لرسول الله صلى الله عليه وآله ففعل ، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره فقال : أصَبتَ وأحسنتَ (4) لَما فعلتَ أحبُّ إلىَّ من حُمُر النَّعم (5) قال اليعقوبي : ويومئذ قال لعلي : فداك أبواي (6) .
|