إسلام أهل اليمن
على يد علي عليه السلام
قال البراء بن عازب : أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام ، فلم يجيبوه ، قال : وكنت فيمن خرج مع خالد ، فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه ، ثم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله بعث علي بن أبي طالب وأمره أن يقفل (1) خالداً ، إلاّ رجلاً كان ممن مع خالد فأحب أن يعقِّب (2) مع علي فيعقب معه .
قال البراء : فكنت ممن عقَّب مع علي ، فلما دنونا مع القوم خرجوا إلينا ، ثم تقدم بنا فصلى بنا علي ، ثم صفَّنا صفّاً واحداً ، ثم تقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله (3) فاسلمت همدان كلها في يوم واحد ، فكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : (السلام على همدان) يقولها ثلاثاً ، وسجد النبي شكراً لله تعالى (4) .
أقول : وفي رواية بريدة قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله بَعْثَينِ إلى اليمن على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن الوليد فقال : إذا التقيتم فعلي على الناس وإن افترقتما فكل واحد منكما على جنده ، قال : فلقينا بني زبيد من أهل اليمن فاقتتلنا فظهر المسلمون على المشركين ، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية فاصطفى علي امرأة من السبي لنفسه ، قال بُريدة : فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يخبره بذلك فلما أتيت النبي صلى الله عليه وآله دفعت الكتاب فقُرئ عليه فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقلت : يا رسول الله هذا مكان العائذ (5) بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه ففعلت ما أُرسلت به ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تقع في علي (6) فإنَّه منّي وأنا منه وهو وليُّكم بعدي وإنَّه منِّي وأنا منه وهو وليكم بعدي (7) .
أقول : الظاهر أنَّ البعث الأول إلى اليمن كان بعث خالد ثم بعث علي ولما اجتمعوا كانت الإمارة لعلي عليه السلام على البَعثين حسب وصية النبي ثم بعث خالد بكتابه إلى النبي مع بريدة يذكر عليا عليه السلام بسوء ثم كان رجوع بعث خالد قبل رجوع علي عليه السلام .
وعن عمرو بن شاس الأسلمي وكان من أصحاب الحديبية قال : خرجت مع علي إلى اليمن فجفاني (8) في سفري ذلك حتى وجدت في نفسي عليه فلما قدمت أظهرت شكايته في المسجد حتى بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ، فدخلت المسجد ذات غدوة (9) ورسول الله صلى الله عليه وآله في ناس من أصحابه فلما رآني أَبدَّني (10) عينيه يقول حدَّدَ إلىَّ النظر حتى إذا جلست قال : يا عَمْرو والله لقد آذيتني ! قلت : أعوذ بالله أن أُوذيك يا
رسول الله ! قال : بلى من آذى علياً فقد آذاني (11) .
|