وفد طيّ
روى ابن سعد قال : قدم وفد طيّ على رسول الله صلى الله عليه وآله خمسة عشر رجلاً رأسهم وسيدهم زيد الخير وهو زيد الخيل بن مهلهل من بني نبهان ... فدخلوا المدينة ورسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد فعقدوا رواحلهم بفناء المسجد ثم دخلوا فدنوا من رسول الله صلى الله عليه وآله فعرض عليهم الإسلام فأسلموا وأجازهم ... وكان رسول الله صلى الله عليه وآله قد بعث علي بن أبي طالب إلى الفَلْس ، صنم طيّ ، يهدمه ويشن (1) الغارات فخرج في مائتي فرس فأغار على حاضر (2) آل حاتم فأصابوا ابنة حاتم فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وآله في سبايا من طيّ وهرب عديّ بن حاتم من خيل النبي صلى الله عليه وآله حتى لحق بالشام وكان على النصرانية وكان يسير في قومه بالمرباع (3) وجعلت ابنة حاتم في حظيرة بباب المسجد وكانت أمرأة جميلة جَزْلة (4) فمر رسول الله صلى الله عليه وآله فقامت إليه فقالت : هلك الوالد وغاب الوافد (5) فامْنُنْ علىَّ مَنَّ الله عليك ! قال : مَنْ وافدك ؟ قالت : عديّ بن حاتم فقال : الفارُّ من الله ومن رسوله .
وقدم وفد من قضاعة من الشام قالت : فكساني النبي صلى الله عليه وآله وأعطاني نفقة وحملني وخرجت معهم حتى قدمت الشام على عدي فجعلت أقول له : القاطع الظالم احتملت بأهلك وولدك وتركت بقية والدك فأقامت عنده أياماً وقالت له : أرى أن تلحق برسول الله صلى الله عليه وآله فخرج عدي حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله فسلّم عليه وهو في المسجد ، فقال : من الرجل ؟ قال : عديّ بن حاتم ، فانطلق به إلى بيته وألقى له وسادة
محشوَّة بليف وقال : اجلس عليها ! فجلس رسول الله صلى الله عليه وآله على الأرض وعرض عليه الإسلام فأسلم عدي واستعمله رسول الله صلى الله عليه وآله على صدقات قومه .
قال عدي بن حاتم (6) : أتيت النبي صلى الله عليه وآله وفي عنقي صليب من ذهب ، فقال : يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك ! فطرحته فانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة فقرأ هذه الآية : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ) التوبة/31 حتى فرغ منها ، فقلت : إنّا لسنا نَعْبُدَهم ، فقال : أليس يحرِّمون ما أحلَّ الله فتحرِّمونه ويُحِلّون ما حرَّم الله فتستحلونه ! قلت : بلى ! قال : فتلك عبادتهم (7) .
|