<< السابق | التالي >> | المحتويات | بحث | الرئيسية شبهات وردود المورد العاشر : علي بن الحسين (عليه السلام) والوصيةقوله : لم يوص الحسين الى ابنه الوحيد علي زين العابدين وانما اوصى الى اخته زينب. اقول : روايات اهل البيت (عليهم السلام) تؤكد ان علي بن الحسين وارث ابيه ومقامه بوصية منه وبوصية من النبي (صلى الله عليه وآله) . نص الشبهةقوله : « ولم يكن (الامام الحسين) يقدم اية نظرية حول (الامام المعصوم المعين من قبل الله) ولم يكن يطالب بالخلافة كحق شخصي له لأنه ابن الامام علي او انه معين من قبل الله . ولذلك فانه لم يفكر بنقل (الامامة) الى احد من ولده ، ولم يوص الى ابنه الوحيد الذي ظل على قيد الحياة :(علي زين العابدين) ، وانما اوصى الى اخته زينب او ابنته فاطمة ، وكانت وصيته عادية جدا تتعلق باموره الخاصة ، ولا تتحدث ابدا عن موضوع الامامة والخلافة » ص 19 وأيضا ص 60 . الرد على الشبهةأقول : 1 . اقول مرََّ في التعليق على المورد التاسع قول الحسين في كتابه إلى رؤساء الأخماس بالبصرة « أما بعد فأن الله اصطفى محمداً على خلقه . . . وكنا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته واحق الناس بمقامه في الناس » وهذا النص منسجم كل الانسجام مع قول أبيه علي (عليه السلام) في أهل البيت (عليهم السلام) « هم موضع سره ولجأ أمره . . . وفيهم الوصية والوراثة » 2 . لم يخرج الحسين (عليه السلام) مطالبا بالخلافة ، وإنما خرج من المدينة ممتنعا عن بيعة يزيد آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ثم استقر في مكة ولما عرض أهل الكوفة نصرته على جهاد الظالمين ووجد فيهم الشروط متوفرة هاجر إليهم لينطلق بهم في حركة الجهاد ضد الأمويين وشاء الله تعالى ان يحال بينه وبين أنصاره وان يسجن قسم منهم وان يقتل القسم الآخر بين يديه وان يكرمه الشهادة وان يجعل حبس النصر عنه لما هو أرضى وكان الأمر كذلك فقد صارت شهادة الحسين باذن الله الباب الاوسع لحفظ الاسلام وحفظ حيوية الامة وسر قدرتها على النهوض في وجه الظالمين الى آخر الدنيا . 3 . لقد كان التفاف أهل الكوفة حول الحسين (عليه السلام) امتداداً لالتفافهم حول أخيه الحسن (عليه السلام) ومن قبل أبيهما علي (عليه السلام)وقد بني هذا الالتفاف في عهد حكومة علي (عليه السلام)على أساس الأحاديث النبوية التي كانت قد كتمت في عهد الثلاثة ثم انتشرت في عهد علي (عليه السلام) كقوله (صلى الله عليه وآله) لما نزلت آية التطهير : « اللهم هؤلاء /أي علي وفاطمة والحسن والحسين وقد أدار الكساء عليهم / أهل بيتي وحامتي وخاصتي اللهم اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدوٌ لمن عاداهم » وقوله (صلى الله عليه وآله) « حسين مني وأنا من حسين احب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الأسباط » والأسباط الذين عناهم النبي (صلى الله عليه وآله) إما هم المشار إليهم في قوله تعالى (أَمْ تَقُولُونَ إِنََّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى) البقرة/140 وهؤلاء هم يوسف والأئمة من ذريته أو هم المشار إليهم في قوله تعالى (وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمََّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِ وَبِهِ يَعْدِلُونَ وَقَطََّعْنَاهُمُ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا)الأعراف/159-160 وهم النقباء بعد موسى وهم يوشع بن نون ، وولدا هارون والأئمة من ذريتهما وكلا الاحتمالين يؤدي الغرض لان الأسباط في كليهما هم الأحفاد الذين امتدت بهم الرسالة الإلهية بأمر الهي ، ولكن الاحتمال الثاني هو الأقرب حيث شبََّه النبي (صلى الله عليه وآله) الأئمة بعده و عددهم بنقباء بني إسرائيل بعد موسى وعددهم كما في رواية ابن مسعود « اثنا عشر عدة نقباء بني إسرائيل » 4 . أما قوله « ولم يوصِ الحسين إلى ابنه الوحيد على زين العابدين وإنما أوصى إلى أخته زينب وابنته فاطمة وكانت وصية عادية جداً » هذا النفي منه محض ادعاء ، لان الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) تؤكد ان أمر الإمامة عهد معهود من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى علي (عليه السلام) ثم إلى رجل فرجل الى ان ينتهي إلى القائم (عليه السلام) وفي بصائر الدرجات : عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام) - قال : ان الكتب كانت عند علي (عليه السلام) فلما سار إلى العراق استودع الكتب أم سلمة فلما مضى علي كانت عند الحسن ، فلما مضى الحسن كانت عند الحسين ، فلما مضى الحسين كانت عند علي بن الحسين ، ثم كانت عند أبي -الإمام الباقر- وفي الكافي عن سليم بن قيس قال : « شهدتُ وصية أمير المؤمنين حين أوصى إلى ابنه الحسن (عليه السلام) واشهد على وصيته الحسين ومحمداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ثم دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن : يا بني امرني رسول الله (صلى الله عليه وآله)ان أوصي إليك وان ادفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلىَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)ودفع إلىَّ كتبه وسلاحه ، وأمَرَني ان آمرك إذا حضرك الموت ان تدفعها إلى أخيك الحسين ثم اقبل على ابنه الحسين ، فقال له : وأمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله)ان تدفعها إلى ابنك هذا ثم اخذ بيد علي بن الحسين ثم قال لعلي بن الحسين : وأمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان تدفعها إلى ابنك محمد بن علي واقرأه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومني السلام » قال العلامة العسكري : « ما سلمه الإمام هنا إلى ابنه الحسن كتاب واحد وهو غير الكتب التي أودعها أم المؤمنين أم سلمة بالمدينة عند هجرته من المدينة ، والتي تسلمها الإمام الحسن منها عند عودته إلى المدينة » وفي غيبة الشيخ الطوسي ، ومناقب ابن شهر آشوب ، والبحار : عن الفضيل قال : « قال لي أبو جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) : لما توجه الحسين (عليه السلام) إلى العراق ، دفع إلى أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) الوصية والكتب وغير ذلك ، وقال لها : إذا أتاك اكبر ولدي فادفعي إليه ما دفعت إليك ، فلما قتل الحسين (عليه السلام) أتى علي بن الحسين أم سلمة فدفعت إليه كل شىء أعطاها الحسين (عليه السلام) » وفي الكافي وأعلام الورى ومناقب ابن شهر آشوب والبحارواللفظ للأول ، عن أبي بكر الحضرمي عن الإمام الصادق (عليه السلام)قال : « ان الحسين (عليه السلام) لما سار إلى العراق استودع أم سلمة (رحمهم الله) الكتب والوصية ، فلما رجع علي بن الحسين (عليه السلام)دفعتها إليه » قال العلامة العسكري : « وكان ذلك غير الوصية التي كتبها في كربلاء ودفعها مع بقية مواريث الإمامة إلى ابنته فاطمة فدفعتها إلى علي بن الحسين وكان يوم ذاك مريضاً لا يرون انه يبقى بعده » وفي الكافي واعلام الورى وبصائر الدرجات والبحار واللفظ للأول عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده قال : « التفت علي بن الحسين إلى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده ، ثم التفت إلى محمد بن علي بأنه ، فقال : يا محمد ! هذا الصندوق ، فأذهب به إلى بيتك ، ثم قال - أي علي بن الحسين- أما انه ليس فيه دينار ولا درهم ولكنه كان مملوء علماً » وفي بصائر الدرجات والبحار : عن عيسى بن عبد الله بن عمر ، عن جعفر بن محمد - الإمام الصادق (عليه السلام) - قال : « لما حضر علي بن الحسين الموت قبل ذلك اخرج السفط أو الصندوق عنده فقال : يا محمد احمل هذا الصندوق ، قال : فحُمِل بين أربعة رجال فلما توفي جاء اخوته يدَّعون في الصندوق ، فقالوا : اعطنا نصيبنا من الصندوق ، فقال : والله مالكم فيه شىء ، ولو كان لكم فيه شىء ما دفعه إليَّ ، وكان في الصندوق سلاح رسول الله وكتبه » وفي بصائر الدرجات عن زرارة عن أبي عبد الله قال : « ما مضى أبو جعفر حتى صارت الكتب إليَّ » وفيه - أيضا- عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله يقول : « ما مات أبو جعفر حتى قبض -أي ابو عبد الله- مصحف فاطمة » وفي الكافي وبصائر الدرجات : عن حمران عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : « سألته عما يتحدث الناس انه دُفِعَت إلى أم سلمة صحيفة مختومة فقال : ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قبض ورث علي (عليه السلام) علمه وسلاحه وما هناك ، ثم صار إلى الحسن (عليه السلام) ، ثم صار إلى الحسين (عليه السلام) فلما خشينا ان نغشى استودعها أم سلمة ثم قبضها بعد ذلك علي بن الحسين (عليه السلام) . قال : فقلت : نعم ثم صار إلى أبيك ، ثم انتهى إليك وصار بعد ذلك إليك ؟ قال نعم » . وعن عمر بن أبان : قال : « سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عما يتحدث الناس انه دفع إلى أم سلمة صحيفة مختومة ، فقال : ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قبض ورث علي (عليه السلام) علمه وسلاحه وما هناك ثم صار إلى الحسن (عليه السلام) ، قال : قلت ثم صار إلى علي بن الحسين ثم صار إلى ابنه ثم انتهى إليك فقال : نعم » اقول : ويؤكد مسألة وجود تراث علمي خاص ورثه الصادق (عليه السلام) عن أبيه الباقر عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه الحسين عن أخيه الحسن عن أبي علي (عليه السلام) ما ذكره ابن عدي قال : « ولجعفر بن محمد حديث كبير عن أبيه عن جابر وعن أبيه عن آبائه ونسخا لأهل البيت يرويه جعفر بن محمد » وليس من شك ان الميراث العلمي هذا والذي يتقرر صاحبه بالوصية الإلهية هو المشار اليه في قوله تعالى (وَ الََّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك مِنَ الكِتَابِ هُوَ الحَقُُّ مُصَدِقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنََّ الله بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ * ثُمََّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الََّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُم مُُّقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ بِإِذْنِ الله ذَلِك هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ)فاطر/31-32 . ان الآية تقرر بصراحة ان الكتاب الإلهي وبيانه الإلهي من خلال قول النبي وفعله وتقريره يكون ميراثاً خاصاً بوصية إلهية للمصطفين من عباد الله من أتباع محمد (صلى الله عليه وآله)إلى يوم القيامة وهؤلاء المصطفون هم فئة خاصة وهم أهل البيت الذين طهرهم الله تعالى واذهب عنهم الرجس وجعلهم النبي (صلى الله عليه وآله) عدلاً للقرآن في حديثه المعروف بحديث الثقلين وجعل التمسك بهما معاً أمانا وعصمة من الضلالة . وتقرر الآية أيضا ان هؤلاء المصطفين الوارثين جعلهم الله تعالى أئمة هدى بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) . ان هذه الوراثة الخاصة للكتاب الالهي وعلومه من قبل اهل البيت (عليه السلام) وجعلهم ائمة هدى نظير وراثة آل هارون لكتاب موسى وعلومه وجعلهم ائمة بعد موسى . قال الله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَة مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمََّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمََّا صَبَرُوا وَكَانُوا بآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ، إِنََّ رَبََّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) السجدة/23-25 وقال تعالى (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُُّهُمْ إِنََّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التََّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِكُمْ وَبَقِيََّةٌ مِمََّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنََّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) البقرة/248 أئمة بعد موسى . ______________________ (1) نهج البلاغة الخطبة رقم 2 وشرح النهج ج1/138 . (2) ذخائر العقبى ص58 اخرجه عن الغساني في معجمه عن ام سلمة . (3) ذخائر العقبى ص 231 ، وقد أخرجه الترمذي وقال حسن ، وأخرجه ايضا ابو حاتم في صحيحه (6971) واحمد في مسند 4/172 وابن ماجة (144) في المقدمة وابن عساكر في تاريخه (مختصره 7/120) والمزي في تهذيب الكمال (10/426-427) وايضا سير اعلام النبلاء 3/283 ، وتقريب صحيح ابن حبان 15/427 -428 . (4) انظر اسانيده في الحلقة الثانية من شبهات وردود . (5) انظر الحلقة الأولى الفصل الثاني . (6) الكافي ج1/304 . (7) بصائر الدرجات ص 162 ، ص 167 ح 21 . (8) الكافي والوافى2/79 . (9) معالم المدرستين ج2 ص 329 (10) غيبة الشيخ الطوسي ط تبريز سنة 1323 هجـ ، ومناقب ابن شهر آشوب 4/172 ، والبحار 46/18 ، ح 3 وقد اخذنا اللفظ من الاخير . (11) انظر اصول الكافي 1/304 ، واعلام الورى ص 152 ، والبحار 46/16 ، ومناقب ابن شهر آشوب 4/172 . ابو بكر الحضرمي عبد الله بن محمد روى عن الامام الصادق (عليه السلام) قاموس الرجال 16/15 . (12) مالم المدرستين ج2 ص 330 . (13) اصول الكافي 1/305 ح2 ، واعلام الورى ص 260 ، وبصائر الدرحات باب 1ص44 ، والبحار 46/229 ح 1 ، والوفي 2/83 . وعيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ابن ابي طالب وقد يقال له : الهاشمي ، روى عن الصادق قاموس الرجال 7/275-276 . (14) اصول الكافي 1/305 ح 1/ بصائر الدرجات ج4 باب 4 ص 165 واعلام الورى ص 260 والبحار 46/229 . (15) بصائر الدرجات ص 158 ، وراجع ص 186 ، 180 و181 . زرارة ابو الحسن واسمه عبد ربه ابن اعين مولى بني شيبان بكوفي روى عن الامام الصادق (ت : 150 هـ () قاموس الرجال 4/154 . (16) بصائر الدرجات ص 158 . (17) الكافي كتاب الحجة ح3/48 والوافي 2/133 وبصائر الدرجات 177 ، 186 ، 188 وقد اخذنا روايات هذه التعليقة من كتاب معالم المدرستينج2/329-332 . (18) الكامل في الضعفاء ومثله ابن حجر في تهذيب التهذيب . << السابق | التالي >> | المحتويات | بحث | الرئيسية |