الكوفة إلى اليوم مركز رواية فقه علي عليه السلام
وتجربته وروايته لسنة النبي صلى الله عليه وآله
انتشر التشيع لعلي عليه السلام ، وانتشرت عن طريق ولده الصادق عليه السلام روايات كتابه في السنة النبوية الذي كتبه بخط يده من النبي صلى الله عليه وآله ، على الرغم من عوامل القهر والملاحقة والتضييق .
وامتد التشيع إلى بغداد التي أسسها المنصور ، لتكون خالية منه ، واستقر فيها بحلول القرنين الهجريين الثالث والرابع ، وصارت مركزاً لسفراء الإمام للمهدي محمد بن الحسن العسكري الأربعة في أنحاء متفرقة من بغداد وقبورهم بها (1).
وفي العهد البويهي تعمق وجود الشيعة في بغداد واتسع .
وبرزت مواكب الحسين عليه السلام أيام عاشوراء في الشوارع والطرقات العامة .
وبرزت بيوتات علمية .
وبقي الأمر كذلك إلى زمن الشيخ المفيد (ت 413 هـ) وتلميذه السيد المرتضى (ت 436 هـ) ، ثم شطراً من حياة الشيخ الطوسي (ت 461 هـ)(2).
ثم اشتعلت الفتنة الطائفية في بغداد خلال السنوات الأولى من تقويض الحكم البويهي على يد السلاجقة سنة 447 هـ ، وبلغت قمتها بقتل جملة من الشيعة ، وكبست دار الشيخ الطوسي سنة 449 هـ ونهبت وأحرقت مكتبته ، وانتقل الشيخ الطوسي إلى النجف في تلك السنة ، واستقطب الحلقات العلمية البسيطة الموجودة قبله ثم التحق به عدة من تلاميذه في بغداد.
وقد شاء الله تعالى أن تكون النجف بهجرة الشيخ الطوسي إليها مركز الحركة العلمية لرواية تراث علي عليه السلام وفقهه ، وأصبحت بحق امتداداً لمدرسة الكوفة التي أسسها الإمام علي عليه السلام ، وأحياها الإمام الصادق عليه السلام.
ومنذ ذلك الوقت وإلى اليوم تمارس حوزة النجف مهمتها عبر أساتذتها ، وفقهائها ـ حرسهم الله ـ في المحافظة على تراث علي عليه السلام برواية أبنائه الطاهرين ، ويقصدها طلبة العلم من كل أنحاء العالم الإسلامي (3).
|