الباب الثاني : الانقلاب الأموي
الفصل الأول : معاوية ينقض عهده مع الحسن (عليه السلام)

معاوية يستصفي الذهب والفضة من الغنائم:

روى الطبراني (1) قال: استعمل الغفاري على خراسان، فبلغ ذلك عمران بن الحصين فطلب الحكم حتى لقيه، فقال: ما زلت أطلبك منذ اليوم، إنك بعثت على أمر عظيم، أتذكر يوم قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): لا طاعة لمخلوق في معصية الله؟! قال: نعم، قال عمران الله أكبر، حسبت نسيت.

وفي رواية أحمد عن الحسن أن زيادا استعمل الحكم بن عمروالغفاري على جيش فلقيه عمران بن حصين في دار الإمارة بين الناس، فقال: هل تدري فيما جئتك؟ أما تذكر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما بلغه الذي قال له أميره، فقم فقع في النار، فقام الرجل ليقع فأدرك فأمسك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لووقع فيها لدخلا النار، لا طاعة لمخلوق في معصية الله تبارك وتعالى (2).

ويتضح الهدف من تذكير عمران للحكم من الرواية التالية:

روى الحاكم قال: حدثني أبوبكر بن بالويه ثنا محمد بن أحمد بن النضر ثنا معاوية بن عمروعن أبي إسحاق الفزاري عن هشام عن الحسن قال: بعث زياد الحكم بن عمروالغفاري على خراسان، فأصابوا غنائم كثيرة فكتب إليه: أما بعد فإن أمير المؤمنين كتب أن يصطفي له البيضاء والصفراء ولا تقسم بين المسلمين ذهبا ولا فضة، فكتب إليه الحكم أما بعد: فإنك كتبت تذكر كتاب أمير المؤمنين، وإني وجدت كتاب الله قبل كتاب أمير المؤمنين، وإني أقسم بالله لوكانت السماوات والأرض رتقا على عبد فاتقى الله، لجعل له من بينهم مخرجا والسلام.

ثم أمر الحكم مناديا فنادى أن اغدوا على فيئكم فقسمه بينهم، وأن معاوية لما فعل الحكم في قسمة الفيء ما فعل وجّه إليه من قيده وحبسه، فمات في قيوده ودفن فيها، وقال: إني مخاصِم (3).

قال أبن حجر في الإصابة: الحكم بن عمرو أبو عمرو الغفاري أخو رافع، ويقال له: الحكم بن الأقرع، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديثه في البخاري والأربعة، روى عنه أبوالشعثاء وأبوحاجب وعبد الله بن الصامت والحسن وابن سيرين وغيرهم، قال ابن سعد: صحب النبي (صلى الله عليه وآله) حتى مات، ثم نزل البصرة وولاه زياد خراسان فمات بها، وروي عن أوس بن عبد الله بن بريدة عن أبيه: أن معاوية عتب عليه في شيء، فأرسل عاملا غيره فقيده، فمات في القيد سنة خمس وأربعين، وقال المدائني: مات سنة خمسين، وقال العسكري: سنة إحدى وخمسين.

قال ابن حبان في مشاهير علماء الامصار1/60: الحكم بن عمروبن مجدع الغفاري له صحبة خرج إلى خراسان غازيا، وله قصة طويلة ليس غرض الكتاب يحتملها، حتى أمر معاوية بقيده، فقيد بمرو، فبقي في قيده حتى مات سنة خمسين في ولاية معاوية، وأوصى أن يدفن بقيده ليخاصِم أبا عبد الرحمن (أي معاوية) في القيامة، فدفن بقيده بمرو، وقبره بجنب بريدة الأسلمي.

______________________________________

(1) ‏ في المعجم الكبير 18/ 184.

(2) المسند احمد بن حنبل 5/66، 3/501 .

(3) المستدرك 1/501

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري