![]() |
![]() |
الباب الثاني : الانقلاب الأموي
الفصل الثالث : مقتل حجر بن عدي وأصحابه رضوان الله عليهم
بقي زياد بعد قتل حجر واصحابه ما يقرب من ثلاث سنوات، جَدَّ فيها بوحشية منقطعة النظير في تصفية الوجوه البارزة من شيعة علي(عليه السلام)، التي تصدت للامر بالمعروف والنهي عن المنكر لسانيا، تنكر اللعن وتنشر فضائل علي (عليه السلام) وتترحم عليه.
قال سُلَيم: اشتد البلاء بالامصار كلها على شيعة علي(عليه السلام) واهل بيته، وكان اشد الناس بلية اهل الكوفة لكثرة من بها من الشيعة، واستعمل عليها زيادا.
وجمع له العراقين، كان يتتبع الشيعة… فقتلهم على التهم والظن والشبه تحت كل كوكب، وتحت كل حجر ومدر واحلأهم واخافهم، وقطع الايدي والارجل منهم، وصلبهم على جذوع النخل، وسمل اعينهم، وطردهم وشردهم
قال ابن ابي الحديد: وقد روي عن أبي جعفر محمد الباقر(عليه السلام) انه قال لبعض أصحابه: يا فلان قتلت شيعتنا بكل بلدة وقطعت الايدي والارجل على الظنة، وكان من يذكر بحبنا والانقطاع الينا سجن او نهب ماله اوهدمت داره
(2) .
بدأ ابن زياد بالذين حصبوه في صلاة الجمعة يوم كان حجر على رأسهم وقطع ايدي ثلاثين وقيل ثمانين
وسيَّرَ آمنة بنت الشريد زوجة عمرو بن الحمق الخزاعي
وكان آخر ما عزم على فعله زياد في الكوفة سنة ثلاث وخمسين هو ان جمع الناس، فملأ منهم المسجد والرحبة والقصر ليعرضهم على البراءة من علي (عليه السلام)
ولكن الله تعالى قد سلط عليه الطاعون اشغله عنهم ومات بعدها بايام
______________________________________
(1) شرح النهج 15/43.
(2) شرح النهج 15/43.
(3) تاريخ ابن الاثير 3/462. الطبري 5/235.
(4) الاصابة ترجمة صعصعة. وفيه ان الذي نفاه هوالمغيرة، ولكنا نرجح ان الذي نفاه بامر معاوية هوابن زياد لما ذكرناه من ان مرحلة القتل والنفي والتشريد بدئ بها في عهد زياد لا المغيرة.
(5) قال في الاصابة :عمرو بن الحمق (بفتح أوله وكسر الميم بعدها قاف) بن كاهل ويقال :الكاهن، بن حبيب بن عمروبن القين بن رزاح بن عمروبن سعد بن كعب بن عمروالخزاعي الكعبي قال ابن السكن: له صحبة، وقال أبوعمر :هاجر بعد الحديبية، وقيل :بل أسلم بعد حجة الوداع، والأول أصح، قال ابن حجر :قد أخرج الطبراني من طريق صخر بن الحكم عن عمه عن عمروبن الحمق قال: هاجرت إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فبينا أنا عنده فذكر قصة في فضل علي وسنده ضعيف، قال أبوعمر :سكن الشام ثم كان يسكن الكوفة ثم كان ممن قام على عثمان مع أهلها وشهد مع علي حروبه ثم قدم مصر. وذكر الطبري عن أبي مخنف :أنه كان من أعوان حجر بن عدي، فلما قبض زياد على حجر بن عدي وأرسله مع أصحابه إلى الشام هرب عمروبن الحمق، وقال خليفة :قتل سنة إحدى وخمسين، وأن عبد الرحمن بن عثمان الثقفي قتله بالموصل وبعث برأسه، وذكر ابن السكن بسند جيد إلى أبي إسحاق السبيعي عن هنيدة الخزاعي قال: أول رأس أهدي في الإسلام رأس عمروبن الحمق بعث به زياد إلى معاوية.
(6) انساب الاشراف القسم الرابع الجزء الاول /273.
(7) مختصر تاريخ دمشق 9/88 ترجمة زياد.
(8) مروج الذهب للمسعودي 3/26.
(9) قال البلاذري (في انساب الاشراف ق4ج1/278): كان زياد عند معاوية وقد وقع الطاعون بالعراق، فقال له :اني اخاف عليك يا ابا المغيرة الطاعون، فلما صار إلى العراق طعن، فمكث شهرا فمات، قال عبد الرحمن بن السائب: فإني لمع نفر من الانصار والناس في أمر عظيم قال :فهومت تهويمة (التهويم: ان ياخذ الرجل النعاس حتى يهتز الرأس) فرايت شيئا مثل عنق البعير أهدب اهدل (الاهدل الساقط الشفة، وبعير هدِل إذا كان طويل المشفر مسترخيه) فقلت :ما أنت؟قال :أنا النقاد ذوالرقبة بعثت الى صاحب هذا القصر فاستيقظت فزعا، فقلت لاصحابي :هل رأيتم ما رأيت؟قالوا :لا، فاخبرتهم، قال: ويخرج علينا خارج من القصر، فقال :ان الامير يقول لكم :انصرفوا عني فاني عنكم مشغول، وإذا الطاعون قد ضربه.
فانشأ عبد الرحمن بن السائب يقول:
ما كان منتهيا عما اراد بنا *** حتى تناوله النقاد ذوالرقبة
فأثبت الشق منه ضربة ثبتت *** كما تناول ظلما صاحب الرحَبَة
قال المسعودي يعني بصاحب الرحبة علي بن ابي طالب (عليه السلام) (مروج الذهب 3/6).
![]() |
![]() |