![]() |
![]() |
الباب الثاني : الانقلاب الأموي
الفصل الثالث : مقتل حجر بن عدي وأصحابه رضوان الله عليهم
نجح تخطيط معاوية في الكوفة من خلال ابن زياد، وكُبِتَ الحق واهله فيها، وتحقق ما أخبر عنه علي (عليه السلام) حين قال لخواص اصحابه:
(الا وان اخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أمية، فانها فتنة عمياء مظلمة، عمت خطتها، وخصت بليتها، واصاب البلاء من ابصر فيها، واخطأ البلاء من عمي عنها.
وايم اللّه لتجدن بني أمية لكم ارباب سوء بعدي، كالناب الضروس، تعذم بفيها، وتخبط بيدها، وتزبن برجلها، وتمنع درها.
لا يزالون بكم حتى لا يتركوا منكم الا نافعا لهم، وغير ضائر بهم، ولا يزال بلاؤهم عنكم حتى لايكون انتصار احدكم منهم الا كانتصار العبد من ربه، والصاحب من مستصحبه.
ترد عليكم فتنتهم شوهاء مخشية، وقطعا جاهلية، ليس فيها منار هدى، ولا علم يرى نحن اهل البيت منها بمنجاة، ولسنا فيها بدعاة
عادت الكوفة بعد تهجير الآلاف وتصفية البارزين من شيعة علي (عليه السلام) إمثال اوكحجر وأصحابه، بقوة السيف بستانا لقريش كما كانت على عهد عثمان، وولاها معاوية بعد ابن زياد لصديقه وخليله الضحاك بن قيس الفهري القرشي
قال هشام بن الكلبي والهيثم بن عدي: كان سبب عزل معاوية ابن اخته ام الحكم وهوعبد الرحمن بن عبد الله الثقفي انه قيل لمعاوية ان ابن اختك خطب في يوم الجمعة قاعدا وان كعب بن بجرة رآه فقال الا ترون الى هذا الاحمق وما فعل، والله يقول: (وتركوك قائما)
نهاره في قضايا غير عادلة *** وليله في هوى سعد بن هبار
لا يسمع الناس أصواتا لهم خفيت *** الا دويا دوي النحل في الغار
فيصبح القوم اطلاحا أضر بهم *** سير المطي وما كانوا بسفار
لا يرقدون ولا تغضي عيونهم *** ليل التمام وليل المدلج الساري
فبلغ الشعر خاله معاوية وقدم ابوبردة بن ابي موسى الاشعري على معاوية فقال له: ايشرب عبد الرحمن؟ فقال :لا، قال : أفيسمع الغناء؟ قال : لا، قال : فما تنقمون عليه؟ قال: انكاره بيعة يزيد بن امير المؤمنين وظنه ان الفئ له وانه احق به، قال معاوية: فما تصنع بابيات ابن همام؟ قال : كذب عليه، قال: انشدني اياها ان كنت ترويها، فانشده، فقال معاوية: شر بها والله، اراد الخبيث، وعزله وولى النعمان بن بشير الانصاري الكوفة
والنعمان بن بشير الانصاري
وكما عادت الكوفة بستانا لقريش كذلك عادت كما كانت على عهد عمر منطقة سامعة مطيعة للخليفة تعمل بأمره وترى رؤيته.
روى الطبري قال: ودنا عمروبن الحجاج من أصحاب الحسين (والمعركة دائرة) يقول: يا اهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الامام
اقول: ومراده بالامام: الخليفة يزيد.
وروى ايضا: ان اصحاب الحسين (عليه السلام) طلبوا من جيش عمر بن سعد ان يكفوا عنهم حتى يصلوا، فقال لهم الحصين بن تميم: انها لا تقبل
وروى ايضا: ان يزيد بن معقل احد جنود معسكر ابن سعد قال لبرير بن خضير هل تذكر وانا اماشيك في بني لوذان وانت تقول ان عثمان بن عفان كان على نفسه مسرفا، وان معاوية بن ابي سفيان ضال مضل، وان امام الهدى والحق علي بن ابي طالب؟ فقال برير: اشهد ان هذا رأيي وقولي، فقال له يزيد بن معقل: فاني اشهد انك من الضالين
وفي البحث الآتي توضيح اكثر عن هذه المسألة.
______________________________________
(1) نهج البلاغة /الخطبة 93. واولها: قوله(عليه السلام): [ايها الناس، فاني فقأت عين الفتنة، ولم يكن ليجترئ عليها احد غيري، بعد ان ماج غيهبها، واشتدكلبها، فاسألوني قبل ان تفقدوني، فوالذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئة تهدي مئة وتضل مئة الا انبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها، ومناخ وكابها، ومحط رحالها، ومن يقتل من اهلها قتلا، ومن يموت منهم موتا. ان الفتنة اذ اقبلت شبهت، واذا ادبرت نبهت، ينكرن مقبلات ويعرفن مدبرات، يحمن حوم الرياح، يصبن بلدا ويخطئن بلدا... وآخرها قوله: ثم يفرجها اللّه عنكم كتفريج الاديم بمن يسومهم خسفا، ويسوقهم عنفا، ويسقيهم بكأس مصبرة لا يعطيهم الا السيف، ولا يحلسهم الا الخوف، فعند ذلك تود قريش ـ بالدنيا وما فيها ـ لويرونني مقاما واحدا، ولوقدر جزر جزور، لاقبل منهم ما اطلب اليوم بعضه فلا يعطونيه.
(2) قال ابن حجر في الاصابة: الضحاك بن قيس الفهري أبوأنيس وأبوعبد الرحمن أخوفاطمة بنت قيس، قال البخاري : له صحبة، وروى له النسائي حديثا صحيح الإسناد من رواية الزهري عن محمد بن سويد الفهري عنه، استبعد بعضهم صحة سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بعد فيه فإن أقل ما قيل في سنه عند موت النبي (صلى الله عليه وآله) أنه كان بن ثمان سنين، وقال الطبري :مات النبي (صلى الله عليه وآله) وهوغلام يافع، وقول الواقدي وزعم غيره أنه سمع من النبي(صلى الله عليه وآله). قال المزي: وشهد فتح دمشق، وسكنها إلى حين وفاته، وشهد صفين مع معاوية، وكان على أهل دمشق يومئذ وهم القلب. وفي تاريخ الطبري (5/135) وفيها أيضا (اي في سنة 39) وجه معاوية الضحاك بن قيس وأمره أن يمر بأسفل (واقصة) تشرح: منزل في طريق مكة بعد القرعاء نحو مكة، وأن يغير على كل من مر به ممن هوفي طاعة علي من الأعراب ووجه معه ثلاثة آلاف رجل، فسار فأخذ أموال الناس، وقتل من لقي من الأعراب، ومر بالثعلبية فأغار على مسالح علي، وأخذ أمتعتهم ومضى حتى انتهى إلى القُطقُطانة (موقع قرب الكوفة) فأتى عمروبن عميس بن مسعود وكان في خيل لعلي وأمامه أهله وهو يريد الحج، فأغار على من كان معه وحبسه عن المسير، فلما بلغ ذلك عليا سرح حجر بن عدي الكندي في أربعة آلاف وأعطاهم خمسين خمسين، فلحق الضحاك بتدمر فقتل منهم تسعة عشر رجلا وقتل من أصحابه رجلان وحال بينهم الليل، فهرب الضحاك وأصحابه ورجع حجر ومن معه. قال ابن حجر: قال الزبير :كان الضحاك بن قيس مع معاوية بدمشق، وكان ولاه الكوفة، ثم عزله، ثم ولاه دمشق، وحضرموت معاوية فصلى عليه وبايع الناس ليزيد، فلما مات يزيد بن معاوية ثم معاوية بن يزيد، دعا الضحاك إلى نفسه. وقال خليفة :لما مات زياد سنة ثلاث وخمسين استخلف على الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد، فعزله معاوية وولي الضحاك بن قيس، ثم عزله وولي عبد الرحمن بن أم الحكم، ثم ولى معاوية الضحاك دمشق، فأقره يزيد حتى مات، فدعا الضحاك إلى ابن الزبير وبايع له حتى مات معاوية بن يزيد، وقال غيره، خدعه عبيد الله بن زياد، فقال: أنت شيخ قريش وتبايع لغيرك؟فدعا إلى نفسه، فقاتله مروان، ثم دعا إلى بن الزبير، فقاتله مروان، فقتل الضحاك بمرج راهط سنة أربع وستين أوسنة خمسين، وقال الطبري :كانت الوقعة في نصف ذي الحجة سنة أربع، وبه جزم بن منده.
(3) الجمعة آية رقم 11.
(4) انساب الاشراف ق4ج1/137.
(5) قال ابن سعد في الطبقات 6/53: وكان النعمان بن بشير والي الكوفة لمعاوية بن أبي سفيان وأقام بها وكان عثمانيا،/ قال في الاصابة: قال أبومسهر عن شعبة بن عبد العزيز :كان قاضي دمشق بعد فضالة بن عبيد، وقال سماك بن حرب : استعمله معاوية على الكوفة، (في الجرح والتعديل :كانت ولايته لها تسعة اشهر، وقيل :سبعةاشهر) وقال الهيثم :نقله معاوية من إمرة الكوفة الى إمرة حمص، وضم الكوفة إلى عبيد الله بن زياد. وفي تاريخ الطبري (ج: 4 ص: 430 سنة 35) قال الطبري: حدثني عمر قال: حدثنا أبوالحسن قال: أخبرنا شيخ من بني هاشم عن عبد الله بن الحسن قال: لما قتل عثمان بايعت الأنصار عليا إلا نفيرا يسيرا منهم حسان بن ثابت وكعب بن مالك ومسلمة بن مخلد وأبوسعيد الخدري ومحمد بن مسلمة والنعمان بن بشير وزيد بن ثابت ورافع بن خديج وفضالة بن عبيد وكعب بن عجرة كانوا عثمانية. (وفي ج: 5 ص: 133) : ثم دخلت سنة تسع وثلاثين ذكر ما كان فيها من الأحداث فمما كان فيها من الأحداث المذكورة: تفريق معاوية جيوشه في أطراف علي، فوجه النعمان بن بشير فيما ذكر علي بن محمد بن عوانة في ألفي رجل إلى عين التمر وبها مالك بن كعب مسلحة لعلي في ألف، رجل فأذن لهم، فأتوا الكوفة وأتاه النعمان.
(6) تاريخ الطبري 4/331 (طبعة الاعلمي بيروت)..
(7) تاريخ الطبري 4/334.
(8) تاريخ الطبري 4/328.
![]() |
![]() |