الباب الثاني : الانقلاب الأموي
الفصل الرابع : أطروحة معاوية للحكم

خلاصة بمعالم الضلال الاموي :

1. إظهار حجج الله تعالى الذين نص عليهم الرسول بامر الله تعالى على أنهم أعداء لله ولرسوله وأنهم ائمة ضلال، وذلك من خلال لعن اول هؤلاء الحجج وهوعلي (عليه السلام) وسبه في خطب الجمعة على منابر المسلمين، والنهي عن ذكر فضائله ورواية احاديث وضعت على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) تطعن فيه.

2. سجن ونفي وقتل ابرار الصحابة والتابعين من شيعة علي (عليه السلام)، وكذلك سجن ونفي النساء المؤمنات لا لشئ إلا لأنهم لم يوافقوا معاوية على لعن علي والبراءة منه , كحجر بن عدي وعمروبن الحمق الخزاعي وزوجته آمنة بنت الشريد وصعصعة بن صوحان العبدي وامثالهم (رضوان الله عليهم).

3. إظهار بني أمية على انهم ائمة الهدى بعد النبي، وفرض طاعتهم وولايتهم، ووضع الأحاديث الكاذبة فيهم تمدحهم وتثني عليهم , بينما كان بنوأمية الاعداء الالداء للرسول، وقد دخلوا الاسلام بعد الفتح، وجعلهم القرآن كطبقة ثانية (1)، ولعن الرسول رموزهم بعد دخولهم الاسلام لما ظهر منهم (2).

4. عرض الحاكم على انه خليفة الله في الارض , وان طاعته وولايته رأس الدين وأن معصيته والخروج عليه /مهما كانت سيرته سيئة/محبطة للاعمال، يموت صاحبها ميتة جاهلية، ووضع الاحاديث النبوية الكاذبة في ذلك.

5. تفسيرالقرآن بما يوافق البنود الآنفة الذكر وتثقيف الامة صغارا وكبارا على ذلك. فأهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم هم أزواج النبي وليس عليا وفاطمة والحسن والحسين، وقرابة النبي الذين أوجب الله تعالى مودتهم أجرا للرسالة هم بنوأمية وليس أهل البيت والشاهد في قوله تعالى (ويتلوه شاهد منه) ليس عليا (عليه السلام) بل جبرئيل (عليه السلام) وغير ذلك.

وقد تحقق ما قاله علي (عليه السلام) لخاصة اصحابه يخبرهم عن هذا العهد:

(وانه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شئ أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا اكثر من الكذب على اللّه ورسوله.

وليس عند اهل ذلك الزمان سلعة ابور من الكتاب اذا تلي حق تلاوته (اي اذا فسر تفسيراً صحيحاً) ولا انفق منه اذا حرف عنه مواضعه (اي فسر تفسيراً باطلاً) …

كأنهم ائمة الكتاب وليس الكتاب امامهم.

فلم يبق عندهم منه الا اسمه، ولا يعرفون الا خطه وزبره) (3).

______________________________________

(1) قال تعالى: ?لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ? الحديد/10.

(2) قال في الاصابة: الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي، عم عثمان بن عفان ووالد مروان قال ابن سعد: أسلم يوم الفتح وسكن المدينة، ثم نفاه النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الطائف، ثم أعيد إلى المدينة في خلافة عثمان ومات بها، روى الفاكهي من طريق حماد بن سلمة حدثنا أبوسنان عن الزهري وعطاء الخراساني أن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) دخلوا عليه وهويلعن الحكم بن أبي العاص , فقالوا: يا رسول الله ماله؟ قال: دخل على شق الجدار وأنا مع زوجتي فلانة فكلح في وجهي, فقالوا: أفلا نلعنه نحن؟ قال: كأني أنظر إلى بنيه يصعدون منبري وينزلونه, فقالوا: يا رسول الله ألا نأخذهم؟ قال: لا , ونفاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) , وروى الطبراني من حديث حذيفة قال: لما ولى أبوبكر كلم في الحكم أن يرده إلى المدينة , فقال: ما كنت لأحل عقدة عقدها رسول الله (صلى الله عليه وآله) , وروى أيضا من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال: كان الحكم بن أبي العاص يجلس عند النبي (صلى الله عليه وآله) , فإذا تكلم اختلج، فبصر به النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: كن كذلك , فما زال يختلج حتى مات , في إسناده نظر، وأخرجه البيهقي في الدلائل من هذا الوجه وفيه ضرار بن صرد وهومنسوب للرفض، وأخرج أيضا من طريق مالك بن دينار حدثني هند بن خديجة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) :مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم فجعل الحكم يغمز النبي (صلى الله عليه وآله) بأصبعه , فالتفت فرآه , فقال: اللهم اجعله وزغاً , فزحف مكانه , وقال الهيثم بن عدي عن صالح بن حسان قال قال الأحنف لمعاوية: ما هذا الخضوع لمروان؟ قال: إن الحكم كان ممن قدم مع أختي أم حبيبة، لما زفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهويتولى نعلها , فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحد النظر إلى الحكم فلما خرج من عنده , قيل له: يا رسول الله أحددت النظر إلى الحكم؟ فقال ابن المخزومية: ذاك رجل إذا بلغ ولده ثلاثين أوأربعين ملكوا الأمر , وروينا في جزء بن نجيب من طريق زهير بن محمد عن صالح بن أبي صالح حدثني نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر الحكم بن أبي العاص فقال النبي(صلى الله عليه وآله): ويل لأمتي مما في صلب هذا وروى بن أبي خيثمة من حديث عائشة أنها قالت لمروان (في قصة أخيها عبد الرحمن لما امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية): أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعن أباك وأنت في صلبه.
وفي مسند احمد 4/421، ومسند أبي يعلى عن أبي برزة قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سفر فسمع رجلين يتغنيان وأحدهما يجيب الآخر وهويقول:
لا يزال حواري تلوح عظامه *** زوى الحرب عنه أن يجن فيقبرا

فقال النبي(صلى الله عليه وآله): انظروا من هما؟ قال فقالوا: فلان وفلان, قال فقال النبي(صلى الله عليه وآله): اللهم أركسهما ركسا ودعهما إلى النار دعا.
وفي المعجم الكبير للطبراني 11/38 عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) صوت رجلين وهما يقولان:
لا يزال حواري تلوح عظامه *** زوى الحرب عنه أن يجن فيقبرا

فسأل عنهما، فقيل معاوية وعمروبن العاص ,فقال: اللهم اركسهما في الفتنة ركسا ودعهما إلى النار دعا.

(3) ‏ شرح نهج البلاغة خ 147.

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري