الباب الرابع : آثار نهضة الحسين (عليه السلام) وشهادته
مقدمة الباب : الواقع السياسي والفكري وحال الامة خلال سبعين سنة من قتل الحسين (عليه السلام)

مقدمة الباب : الواقع السياسي والفكري وحال الامة خلال سبعين سنة من قتل الحسين (عليه السلام):

كانت حركة الحسين (عليه السلام) نوراً هادياً لمن أراد الهداية، وزلزالاً مدمراً لكيان بني أمية ولخطتهم في تحريف دين محمد (صلى الله عليه وآله)، وقد ظنوا انهم باعتقال انصار الحسين(عليه السلام) في الكوفة، على الشبهة والظن، ومن ثم محاصرته (عليه السلام) وقتله وسبي نسائه، سوف يطفئون النور، ويوقفون الزلزال، ويقضون عليه، وما دَرَوْا ان القيام المخلص لله والقتل في سبيله، هو من اعظم الوسائل التي يتألق بها نور الهداية، ويستحكم بها الزلزال على المنحرفين، وتظهر معالمه جلية واضحة في كل البلاد الاسلامية.

- فقد ثار أهل المدينة على يزيد بعد سنتين (63هجرية) من قتل الحسين(عليه السلام).

- واعلن أهل مكة تمردهم في غضون ذلك.

- وعاجل الله تعالى يزيد فأماته مبكرا، واستقال ولده معاوية الثاني، ومات بعد استقالته بأيام، وتمزقت الدولة الاموية شر ممزق.

- فاقتتل أهل الشام بينهم من أجل الملك، حتى صفا الامر لمروان بن الحكم بعد وقعة مرج راهط، التي اهلكت آلاف الناس، ومن بعده لابنه عبد الملك.

- واقتتل اهل خراسان، قال المدائني: لما مات يزيد بن معاوية، وثب أهل خراسان بعمالهم، فأخرجوهم، وغلب كل قوم على ناحية، ووقعت الفتنة، وغلب عبد الله بن خازم على خراسان، ووقعت الحرب (1)، وأقرَّ عبد الله بن الزبير عبد الله بن خازم على خراسان، وكاتَبَه عبد الملك ليبايع له فرفض، فثار عليه وكيع بن الدورقية وقتله (2).

- وفي البصرة، روى ابومخنف قال: وثب الناس بعبيد الله بن زياد، وكسر الخوارج أبواب السجون، وخرجوا منها (3)، وقادهم نافع بن الازرق، ومن بعده عبيد الله بن الماحوز، وجرت بينهم وبين اهل البصرة حروب كثيرة، ثم هزمهم المهلب بن ابي صفرة عن الاهواز.

- وفي الكوفة وثب رؤساء الجيش والشرط بعمرو بن حريث خليفة ابن زياد ومدير شرطته، وكان هواهم مع ابن الزبير، فأخرجوه من القصر واصطلحوا على عامر بن مسعود بن أمية الجمحي القرشي، وبايعوا لابن الزبير، ثم كسرت السجون وخرج الشيعة.

- واقتتل اهل اليمن فيما بينهم كذلك.

- وكان البلد الوحيد الذي وجدت فيه حركة تحمل خط الحسين (عليه السلام) ونهجه، هوالكوفة بزعامة سليمان بن صرد، ثم بزعامة المختار الثقفي، ولكن عبد الله بن الزبير لا يحتمل ذلك، وبخاصة وان الكوفة كانت تابعة له، فبعث اخاه مصعب بأهل البصرة وبقايا الجيش الذي قاتل الحسين (عليه السلام) الذي خرج من الكوفة فارا من المختار، وطوّق الكوفة وقتل المختار، وقتل بعد ذلك زوجة المختار لانها لم تتبرأ منه ومعها ستة الاف صبرا ممن كان مع المختار في القصر.

- ولئن استطاع عبد الملك بعد عشرين سنة ان ينتصر على المعارضة والثوار في انحاء البلاد الاسلامية، وان يستعيد وحدة الدولة الاموية وفرض السياسة التي اختطها معاوية من جديد، فإنَّ حرارة الزلزال في الكوفة والمغتربين من ابنائها في خراسان لم تكن قد انتهت، فكانت ثورة زيد في الكوفة، وكان قدره فيها كقدر جده الحسين (عليه السلام) ان يكون وقودا وزيتا للثائرين، ثم كانت ثورة العباسيين بالكوفيين المغتربين ومن معهم من اهل خراسان، وانهار على ايديهم الحكم الاموي والاطروحة الاموية للاسلام المبني على لعن علي (عليه السلام) الى غير رجعة، حيث لم يجئ حكم بعد ذلك يتبنى لعن علي (عليه السلام) الى اليوم ولن يجئ الى آخر الدنيا.

- وانتشرت الاحاديث النبوية التي عمل بنوامية على طمسها، وكتمانها وتحريفها، واهتدى بها من اراد الهداية من الامة، وهي محفوظة في كتب المسلمين جميعا الى اليوم.

- وايد الله تعالى الحسين تاييداً خاصاً حين بتر نسل يزيد فلا يوجد اليوم من ينتسب اليه، وبارك الله تعالى في نسل الحسين(عليه السلام) فهويملأ الدنيا، ورزقه منهم تسعة ائمة هدى اسباطا، اعلام هداية نشروا ما كان يحمله الحسين(عليه السلام) من تراث نبوي كتبه علي (عليه السلام) بيده الكريمة الطاهرة، واملاه النبي(صلى الله عليه وآله) من فيه الشريف المطهر، والتف حولهم شيعة ياخذون عنهم هذا التراث الالهي، ويحملون ظلامة الحسين(عليه السلام) غضة طرية كل عام في عاشوراء، ليهتدي بهديها من شاء من الناس.

- وفي فيما يلي الحديث عن طرف من اخبار الذين استاءوا لقتله اوندموا على مقاتلته اوندموا لخذلانه.

- ثم الحديث عن أهم الثورات التي توالت على الحكم الاموي حتى أطاحت به.

- ثم الحديث عن انتشار احاديث النبي في اهل بيته، وفشل خطة بني امية في طمسها.

- ثم الحديث عن الائمة من ذرية الحسين(عليه السلام)، السجاد والباقر والصادق(عليهم السلام) ونشرهم التراث النبوي الذي وصلهم من خلال ابيهم الحسين (عليه السلام) وتأسيس الشيعة عليه، حيث برزوا كيانا علميا متزامنا مع انهيار دولة بني امية استطاع ان يشق طريقه الى اليوم، رغم خطة بني العباس في تذويبه واحتوائه.

______________________________________

(1) تاريخ الطبري (5/546).

(2) قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: عبد الله بن خازم السلمي أبوصالح البصري، أمير خراسان، يقال له :صحبة ورواية، روى عنه سعد بن عثمان الرازي وسعيد بن الأزرق، قال أبوأحمد العسكري :كان من أشجع الناس، ولي خراسان عشر سنين وافتتح الطبسين، ثم ثار به أهل خراسان فقتلوه، وكان الذي تولى قتله وكيع بن الدورقية، وحمل رأسه إلى عبد الملك بن مروان، وقال صالح بن الرحبية قتل سنة 71، وقال السلامي في تاريخه :لما وقعت فتنة بن الزبير كتب إليه بن خازم بطاعته، فأقره على خراسان، فبعث إليه عبد الملك بن مروان يدعوه إلى طاعته، فلم يقبل، فلما قتل مصعب بعث إليه عبد الملك برأسه، فغسله وصلى عليه، ثم ثار عليه وكيع بن الدورقية وغيره فقتلوه، وبمعنى ذلك حكى أبوجعفر الطبري، وزاد: (وكان قتله في سنة 72).

(3) تاريخ الطبري 5/567 عن ابي مخنف.

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري