الباب الرابع : آثار نهضة الحسين (عليه السلام) وشهادته
الفصل الثاني : تتابع الثورات وانهيارالحكم الأموي

حركة سليمان بن صرد

قال الطبري: وفي هذه السنة (سنة64هجرية) تحركت الشيعة بالكوفة، واتعدوا للاجتماع بالنخيلة في سنة خمس وستين للمسير إلى أهل الشام للطلب بدم الحسين بن علي وتكاتبوا في ذلك (1).

قال المزي: سليمان بن صرد.. الخزاعي، أبومُطرِّف الكوفي، له صحبة.

روى عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وعن أبي بن كعب (دسي) وجبير بن مطعم (خ م د س ق) والحسن بن علي بن أبي طالب، وأبيه علي بن أبي طالب(عليه السلام).

روى عنه تميم بن سلمة، وشقير العبدي، وشمر، وضبثم الضبي، وعبد الله بن يسار الجهني (س)، وعدي بن ثابت (خ م د سي)، وأبوإسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، وأبوالضحى مسلم بن صبيح، ويحيى بن يعمر (د)، وأبوحنيفة والد عبد الأكرم بن أبي حنيفة (ق)، وأبوعبد الله الجدلي. (2)

قال أبوعمر بن عبد البر: كان خيِّرا فاضلا له دين وعبادة، كان اسمه في الجاهلية يسارا فسماه رسول الله (صلى الله عليه وآله) سليمان، سكن الكوفة وابتنى بها دارا في خزاعة، وكان نزوله بها في أول ما نزلها المسلمون، وكانت له سِنٌّ عالية وشرف في قومه، وشهد مع علي(عليه السلام) صفين. (3)

قال ابن حجر: وكان خيِّرا فاضلا، شهد صفين مع علي (عليه السلام) وقَتَلَ حوشبا مبارزة، ثم كان ممن كاتب الحسين (عليه السلام) ثم تخلف عنه، ثم قدم هو والمسيب بن نجبة في آخرين فخرجوا في الطلب بدمه وهم أربعة آلاف، فالتقاهم عبيد الله بن زياد بعين الوردة بعسكر مروان فقُتل سليمان ومن معه، وذلك في سنة خمس وستين في شهر ربيع الآخر، وكان لسليمان يوم قتل ثلاث وتسعون سنة وكان الذي قتل سليمان يزيد بن الحصين بن نمير، رماه بسهم فمات، وحُمِل رأسه ورأس المسيب إلى مروان (4).

أقول: قول ابن حجر (كان ممن كاتب الحسين (عليه السلام) ثم تخلف عنه): تعليقنا عليه هو:

ان الذين كاتبوا الحسين (عليه السلام) قسمان:

الاول :شيعة علي(عليه السلام): وهؤلاء لم يتخلفوا، وانما سجن اغلبهم على التهمة والظن في الفترة التي قتل فيها مسلم وهانئ، واختفى بعضهم محاولا اللحاق بالحسين (عليه السلام)، وقد وفق بعضهم في اللحاق كحبيب بن مظاهر ومسلم بن عوسجة وغيرهما، ولم يوفق القسم الآخر بسبب قطع الطرق، فبقي مختفيا وكان منهم سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة وغيرهما.

الثاني :وجوه الجيش: امثال حجار بن أبجر، وشبث بن ربعي، ويزيد بن الحارث بن رويم، وقطن بن عبد الله بن حصين، ومحمد بن قيس بن الاشعث، وغيرهم، وهؤلاء عُرِفوا بِنِفاقهم وميلهم الى الدنيا عندما اشتركوا في شهادة الزور على حجر ارضاءً لعبيد الله بن زياد، ولم يكونوا محسوبين من شيعة علي (عليه السلام) وحملة علمه وحديثه، وقد كتبوا للحسين(عليه السلام)/ان صدقنا رواية الكتب/ لما نُمِّي اليهم ان حركة مسلم آخذة بالاتساع، وقدَّروا ان حركة الحسين سوف تنجح، وهم طلاب دنيا، وعندما استطاع ابن زياد ان يقضي على حركة مسلم، ويسجن الناس على التهم والظن، انكر هؤلاء انهم كتبوا للحسين (عليه السلام) واخذوا مواقعهم في الجيش الذي قاتل الحسين (عليه السلام)، وقد بقي هؤلاء على موقفهم واصراراهم على الاثم حتى بعد قتل الحسين (عليه السلام) وموت يزيد، وقد كان هواهم مع ابن الزبير وبايعوا له، ولم يتُب منهم احد، وقد قاتلوا المختار عند قيامه، ثم انهزمزا الى البصرة ولجأوا الى مصعب وجاؤا معه لقتال المختار وقضوا عليه.

______________________________________

(1) تاريخ الطبري ج: 5 ص: 552 سنة 64، انساب الاشراف ج6/366وفيه ان ابتداء امرالتوابين كان في اخر سنة احدى وستين وكان مهلك يزيد في شهر ربيع الاول سنة اربع وستين وكان اجل الشيعة الذي ضربوه لمن كتبوا اليه في شهر ربيع الاخر سنة خمس وستين.

(2) تهذيب الكمال ترجمة سليمان بن صرد.

(3) الاستيعاب في مؤتة الاصب ترجمة سليمان بن صرد.

(4) الاصابة في معرفة الصحابة ترجمة سليمان بن صرد.

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري