الباب الخامس : خلاصة وخاتمة

معالم التغيير بعد شهادة الحسين (عليه السلام)

لئن شاء الله تعالى ان يقتل الحسين (عليه السلام) بعد خمسة شهور من حركته الهادية فقد شاء ايضا ان يتحرك الواقع السياسي والاجتماعي بعد الحسين (عليه السلام) بالاتجاه الذي يخدم الاهداف التي تحرك الحسين (عليه السلام) لها وقتل من أجلها ثم يتحقق كل ما أراد تحقيقه وبيان ذلك كما يلي:

أولا:

تفهمت الامة ان الطاعة المطلقة للخليفة ليست من الدين في شئ وان الدين يدعومجاهدة سلطة بني امية والاطاحة بهم ومن ثم نهضت ثائرة تحت لواء هذا القائد أوذاك من مختلف الاتجاهات وقد استمرت الثورات عليهم حتى سقطوا على يد بني العباس ولم تعد سلطة بعد ذلك تتبنى لعن علي والتربية على بغضه.

ثانيا:

تنفس الشيعة /الصحابة والتابعون/ من جديد في الكوفة بشكل عام حين ارتفع الضغط الخاص عليهم مدة عشر سنوات تقريبا بعد موت يزيد ايام بيعتها لابن الزبير (64-67)، وايام المختار بشكل خاص لمدة سنة ونصف (14ربيع الاول 66-14رمضان 67) حين استطاعوا ان يطهِّروا المجتمع الكوفي من قتلة الحسين(عليه السلام) - الذين كانوا يمثلون قمة الانحراف وبؤرة الفساد فيه - ويعيدوا التثقيف الصحيح باتجاه علي (عليه السلام) وأهل بيته، وعلى الرغم من قصر مدة حكم المختار وقتله على يد مصعب الزبيري وقتل سبعة الاف شيعي صبرا بعده بضمنهم عمرة بنت النعمان بن بشير زوجة المختار لانها لم تتبرأ من زوجها المختار، ثم ظلم الحجاج وتتبعه لشيعة علي بقيت الكوفة قلعة صامدة على التشيع أبيَّة على الترويض مما اضطر الحجاج في حركة ابن الاشعث (سنة 80-83) ان يستعين بجيش شامي للقضاء عليها، ولم يسكن الكوفة بعد ذلك خوفا على جيش اهل الشام من التأثر بفكرهم فبنى واسط خاصة لهم واستطاع الائمة من ذرية الحسين وبخاصة الباقر والصادق (عليه السلام) ان يثقفوا قواعدهم الشعبية الكوفية من جديد وبذلك عادت الكوفة كسابق عهدها ايام علي علي قلعة للتشيع ورواية اهل البيت(عليهم السلام).

ثالثا:

تصدعت وحدة الدولة وغابت السلطة المركزية (1) لبني امية التي كانت تلاحق المحدِّثين الصادقين ولم تسترجع سيطرتها كاملة الا بعد خمس وعشرين سنة من قتل الحسين وبذلك كُسِر الطوق المفروض على الحديث الصحيح، وطرح علي والمطهرون من ذريته من جديد أئمة هداة في المجتمع. وذلك حين انطلق خلال هذه الفترة بقية الصحابة والتابعين من شيعة علي وغيرهم في المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام وخراسان وغيرها ينشرون حديث النبي في أهل بيته كل حسب استطاعته وبقدر ما تسمح له ظروفه.

فمن الصحابة في المدينة أم سلمة ت61 وابوسعيد الخدري ت 64، وعبد الله بن عباس ت68 بالمدينة ومكة والطائف وتوفي بها وله نيف وسبعون سنة وجابر بن عبد الله الانصاري ت74 عن 94 سنة وسلمة بن الاكوع ت74 وسهل بن سعد الساعدي ت91.

وفي الكوفة سليمان بن صرد قتل سنة 66 وزيد بن ارقم ت 68 وعدي بن حاتم ت67 والبراء بن عازب ت72 وعامر بن واثلة ت 110 بمكة منفيا من الكوفة منذ تولى الحجاج الكوفة وهوآخر من توفى من الصحابة.

وفي البصرة: مالك بن الحويرث ت74 وأنس بن مالك أخذ يحدث بفضائل علي لما أصابته دعوة علي (عليه السلام) ت 90،

وفي مرووخراسان: بريدة بن الحصيب ت 62، وابوبرزة الاسلمي ت64.

وفي الشام: واثلة بن الاسقع ت85 وهوآخر من مات من الصحابة بدمشق.

ومن التابعين وهم بقية اصحاب علي واغلبهم كوفيون امثال: الحارث الاعور الهمداني ت65، سعد بن حذيفة بن اليمان (من رجال عهد المختار) والاصبغ بن نباتة (ت بعد سنة70) وحبة بن جوين ت76، أبي البختري قتل 82، زاذان ت82، زر بن حبيش ت81، عبد الله بن الحارث بن نوفل ت84، عبد الرحمن بن ابي ليلى ق 82، فضالة بن ابي فضالة (ت 70-80)، كميل بن زياد (قتله الحجاج 82)، قيس بن عباد (قتله الحجاج 83)، وزيد بن وهب الجهني (ت84 وقيل 96) ومسلم بن صبيح ت100،

ومنهم بصريون مثل أبي الاسود الدؤلي ت وخِلاس الهَجَري (2)

ومنهم مدنيون امثال: عمر بن ابي سلمة ت83، وإياس بن سلمة بن الاكوع ت119، ويزيد بن امية (ت 70-80).

ولولا هذه السنوات الخمس والعشرين من غياب من السلطة المركزية التي انتجتها حركة الحسين وشهادته لما استطاع أولئك الصحابة والتابعون من نشرهم حديث النبي في بيان منزلة علي وأهل بيته أوذم بني امية اونشرهم حديث علي وخطبه التي نجدها اليوم في كتب الحديث والتاريخ لدى عامة المسلمين.

ولولا انتشار أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) في أهل بيته لما استطاع الأئمة من ذرية الحسين ان ينشروا سنة النبي برواية علي(عليه السلام).

______________________________________

(1) استقل ابن الزبير في مكة والمدينة والعراق، ثم ثار المختار في الكوفة واقتطعها عن ابن الزبير مدة سنة ونصف /من 14ربيع الاول سنة 66 الى 14رمضان سنة67/ثم رجعت له بعد قتل المختار علي يد مصعب وأهل البصرة وجيش المهلب وفلول الجيش الذي قتل الحسين(عليه السلام)/.
اختلف أهل الشام وصاروا رايتين راية تدعولابن الزبير وراية تدعولمروان واقتتلوا بسبب ذلك ثم غلبة مروان، واقتتل اهل خراسان لسنين ثم بيعتهم أخيرا لعبد الملك.
استقل نجدة الخارجي في اليمن ثم قتل نجدة من قبل اصحاب ابن الزبير.
قتل عبد الله بن الزبير من قبل اصحاب عبد الملك بن مروان وصفا الملك لبني أمية من جديد.
ثار العراقيون من جديد بقيادة ابن الاشعث (81-85). واستقر الملك لعبد لبني امية لمدة اربعين سنة تقريبا وأزعج مرة اخرى من قبل العراقيين بقيادة زيد وقتل سنة 122، ثم مات هشام سنة125 ولم يستقر الملك لبني امية بعد ذلك إذ اختلفت كلمتهم ثم زالت دولتهم علي يد بني العباس سنة 132.

(2) كان من شرطة علي (عليه السلام) ت وله صحيفة كتبا عنه يحدث بها، توفي قبيل المائة بتقدير الذهبي نقلا عن ابن حجر في تهذيب التهذيب.

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري