المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
الباب الثالث : تعريف بالموسوعات التاريخية وأصولها ومصنفيها
الفصل الثالث : تراجم اصحاب الأصول التاريخية التي اعتمد عليها ابن أبي الحديد

هشام بن الكلبي (96-204)

قال ابن حجر العسقلاني في (لسان الميزان ج 6 ص 196) : هشام بن محمد بن السائب الكلبي ابو المنذر الاخبارى النسابة العلامة ، روى عن ابيه ابي النضر الكلبي المفسر وعن مجالد وحدث عنه جماعة . قال احمد بن حنبل : انما كان صاحب سمر ونسب ما ظننت ان احدا يحدث عنه . وقال الدارقطني وغيره : متروك . وقال ابن عساكر : رافضي ليس بثقةوقيل ان تصانيفه ازيد من مائة وخمسين مصنفا ، مات سنة اربع ومائتين انتهى . ومن الرواة عنه محمد بن سعيد وولده العباس بن هشام ،

قال ابن حجر : وكان واسع الحفظ جدا ومع ذلك ينسب إلى غفلة ، وقرأت في كتاب البصائر والذخائر لابي حيان التوحيدي عن الماهاني قال : دخلت على هشام ابن الكلبي فاطعمني ، وقال في كلام دار بيننا : لما مات ابي ندم خليفة اشد ندم ، فقلت : اكان ضربه ؟ قال : لا ، قلت : اكان حبسه قال : لا ... وهذا تحامل على ابن الكلبي ، لاحتمال ان يكون ندمه لتفريطه في كثرة الاخذ عنه والاستفادة منه ونحو ذلك ...

ونقل ابوالفرج الاصبهاني عن ابي يعقوب الخزيمي قال : كان هشام ابن الكلبي علامة نسابة وراوية للمثالب ، فاذا رأى الهيثم بن عدي ذاب كما يذوب الرصاص ، وذكر في ترجمة دريد بن الصمة عدة اخبار ، ثم ختمها بان قال : وهذه الاخبار التى ذكرها عن ابن الكلبي موضوعة كلها والتوليد في اشعارها ظاهر ، إلى ان قال ولعل هذا من احاديث ابن الكلبيوقال يحيى بن معين : غير ثقة وليس عن مثله يروى الحديث ، وقال : ابوحاتم هو احب الي من ابيه .

قال ابن حجر : واتهمه الاصمعي وذكره العقيلى وابن الجارود وابن السكن وغيرهم في الضعفاء ، وبلغت كتبه كما عدها ابن النديم في الفهرست مائة واربعة واربعين كتابا  (1) .

وقال الذهبي في سير اعلام النبلاء : العلامة الأخباري النسّابة الاوحد أبوالمنذر هشام بن الأخباري الباهر محمد بن السائب بن بشر الكلبي الكوفي الشيعي أحد المتروكين ، كأبيه . روى عن أبيه كثيرا ، وعن مجالد ، وأبي مخنف لوط ، وطائفة . حدَّث عنه : ابنه العباس ، ومحمد بن سعد ، وخليفة بن خياط ، وابن أبي السري العسقلاني ، وأحمد بن المقدام العجلي .

و قال النجاشي : "هشام بن محمد بن السائب بن بشر بن زيد بن عمرو بن الحارث بن عبد الحارث بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان ابن عامر بن عبدود بن عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة : أبوالمنذر الناسب العالم بالايام ، المشهور بالفضل والعلم ، وكان يختص بمذهبنا ، وله الحديث المشهور ، قال : اعتللت علة عظيمة نسيت علمي ، فجلست إلى جعفر بن محمد عليه السلام ، فسقاني العلم في كأس فعاد إلي علمي . وكان أبو عبد الله عليه السلام يقربه ويدنيه ويبسطه . وله كتب كثيرة منها : كتاب المذيل الكبير في النسب وهو ضعف كتابه الجمهرة ، وكتاب الجمهرة ، وكتاب حروب الاوس والخزرج ، وكتاب المشاتمات بين الاشراف ، وكتاب القداح والميسر ، وكتاب أسواق العرب ، وكتاب أخبار ربيعة والبسوس وحروب تغلب وبكر ، وكتاب أنساب الامموكتاب المعمرين وكتاب الاوائل ، كتاب أخبار قريش ، كتاب أخبار جرهم ، كتاب أخبار لقمان بن عاد ، كتاب أخبار بني تغلب وأيامهم وأنسابهم ، كتاب أخبار بني عجل وأنسابهم كتاب بني حنيفة ، كتاب كلب ، كتاب أخبار تنوخ وأنسابها ، كتاب مثالب ثقيف ، كتاب مثالب بني أمية كتاب الطاعون في العرب ، كتاب الاصنام ، كتاب فتوح العراق ، كتاب فتوح الشام ، كتاب الردة ، كتاب فتوح خراسان ، كتاب فتوح فارس ، كتاب مقتل عثمان كتاب الجمل ، كتاب صفين كتاب النهروان ، كتاب الغارات ، كتاب مقتل أمير المؤمنين عليه السلام ، كتاب مقتل حجر بن عدي ، كتاب مقتل رشيد وميثم وجويرة بن مسهرة ، كتاب عين الوردة ، كتاب الحكمين ، كتاب مقتل الحسين عليه السلام ، كتاب قيام الحسن ، كتاب أخبار محمد بن الحنفية ، كتاب التباشير بالاولاد ، كتاب الموؤدات ، كتاب من نسب إلى أمه من قبائل العرب ، كتاب الطائف ، كتاب رموز العرب ، كتاب غرائب قريش وبني هاشم في سائر العرب ، كتاب أجراء الخيل ، كتاب الرواد ، كتاب الجيران كتاب الخطب  (2) .

قال العلامة التستري : ظاهر سكوت الخطيب وابن النديم وابن قتيبة عن مذهبه عاميته ، وانما قال السمعاني : (كان يتشيع) وهو اعم من الامامية ولعله لهذا لم يعنونه في الفهرست  (3) .

أقول : وكذلك قول ابن عساكر عنه انه رافضي ليس بثقة  (4) . فإن الرفض اعم من الامامية أيضاً كالتشيع وذلك لانهم ارادوا بالتشيع التفضيل ، فمن يفضل عليا على عثمان قالوا عنه شيعي ، ومن يفضله على أبي بكر قالوا عنه شيعي مغالي . وارادوا بالرفض من يشتم ويذكر المثالب فمن شتم معاوية قالوا فيه : رفض ، ومن فضل عليا على عثمان وسب معاوية قالوا عنه رافضي ، ومن شتم أبا بكر وعمر قالوا عنه : رافضي كامل .

ويؤيد رأي التستري رحمه الله بعض الاخبار التي تروى عن هشام ويشم منها رائحة الوضع لصالح بني العباس هذا اذا صحت النسبة اليه ، من قبيل ما رواه أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري عن أبي المنذر وهشام بن محمد بن السائب عن ابيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان بين العباس وعلي مباعدة ، فلقي ابن عباس عليا فقال : ان كان لك في النظر إلى عمك حاجة فاته وما اراك تلقاه بعدها ، فوجم لها وقال : تقدمني واستأذن ، فتقدمته واستأذنت له ، فاذن ، فدخل فاعتنق كل واحد منهما صاحبه واقبل علي عليه السلام على يده ورجله يقبلهما ويقول : يا عم ارض عني رضي الله عنك ، قال : قد رضيت عنك .

ثم قال : يا بن اخي قد اشرت عليك باشياء ثلاثة فلم تقبل ، ورأيت في عاقبتها ما كرهت ، وها انا ذا اشير عليك برأي رابع فان قبلته وإلاَّ نالك ما نالك مما كان قبله .

قال : وما ذاك يا عم ؟

قال : اشرت عليك في مرض رسول الله صلى الله عليه وآله ان تسأله فان كان الأمر فينا اعطاناه وان كان في غيرنا أوصى بنا .

فقلت : اخشى ان منعناه لا يعطيناه احد بعده فمضت تلك .

فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله أتانا أبو سفيان بن حرب تلك الساعة فدعوناك إلى ان نبايعك وقلت لك : ابسط يدك ابايعك ويبايعك هذا الشيخ ، فانا ان بايعناك لم يختلف عليك احد من بني عبد مناف واذا بايعك بنو عبد مناف لم يختلف عليك احد من قريش واذا بايعتك قريش لم يختلف عليك احد من العرب .

فقلت : لنا بجهاز رسول الله صلى الله عليه وآله شغل وهذا الأمر فليس نخشى عليه فلم نلبث ان سمعنا التكبير من سقيفة بني ساعدة .

فقلت : يا عم ما هذا قلت ما دعوناك إليه فأبيت .

قلت : سبحان الله اويكون هذا .

قلت : نعم .

قلت : افلا يرد ؟

قلت لك : وهل رد مثل هذا قط .

ثمَّ اشرت عليك حين طعن عمر ، فقلت : لا تدخل نفسك في الشورى فانك ان اعتزلتهم قدموك وان ساويتهم تقدموك فدخلت معهم فكان ما رأيت .

ثمَّ انا الآن اشير عليك برأي رابع فان قبلته وإلاَّ نالك ما نالك مما كان قبله ، اني ارى ان هذا الرجل يعني عثمان قد اخذ في امور والله ، لكأني بالعرب قد سارت إليه حتّى ينحر في بيته كما ينحر الجمل ، والله ان كان ذلك وانت بالمدينة الزمك الناس به واذا كان ذلك لم تنل من الأمر شيئا إلاَّ من بعد شر لا خير معه .

قال عبد الله بن عباس : فلما كان يوم الجمل عرضت له وقد قتل طلحة وقد اكثر أهل الكوفة في سبه وغمصه .

فقال علي عليه السلام : اما والله لئن قالوا ذلك لقد كان كما قال اخو جعفي :

فتى كان يدنيه الغنى من صديقه       اذا ما هو استغنى ويبعده الفقر

ثمَّ قال : والله لكان عمي كان ينظر من وراء ستر رقيق والله ما نلت من هذا الأمر شيئا إلاَّ بعد شر لا خير معه  (5) .

أقول : الواو في قوله (وهشام) زائدة لان (ابا المنذر) كنية هشام ، وليس من شك ان الخبر مما وضع في عهد بني العباس لنفي الوصية وابراز أفضلية العباس على عليوصحة تقديره للأمور دون علي عليه السلام . والواضع ينحصر في الراوي عن أبي المنذر هشام بن محمد بن السائب وهو العباس ابنه او هشام نفسه او ابيه محمد بن السائب .

و أبو صالح الراوي عن ابن عباس هو باذام وقد قتله الحجاج لتشيعه . وعهد الحجاج وبني امية ليس عهد تفضيل العباس على علي عليه السلام .

أما محمد بن السائب الراوي عن باذام فقد توفي سنة 140هجرية ولم يكن عصره عصر الوضع لصالح بني العباس ، وسياتي تفصيل ذلك في الفصل السادس من هذا الباب .

أما هشام فقد توفي سنة 204 هجرية وقد وكان عمره العلمي وجل نشاطه في عصر قمة الوضع العباسي ومن هنا فان النظر يتجه الى هشام او الى ابنه العباس راوية كتبه وهو الواسطة بين الجوهري والطبري ت310 ، ومحمد بن حبيب ت 245 ، ونظرائهم من المؤرخين وكتب هشام بن الكلبي .

رواية ابن ابي الحديد عنه :

كتاب أخبار صفين :

ج4/61 ، الحجاج ورجل من بني اود .

ج5/227 -228 خالد بن المعمر في صفين اتهمه قومه في صفين .

ج6/316 ان بسر بارز عليا بصفين وصرعه علي ، فكشف عورته ، فكف عنه ومثل ذلك جرى لعمرو بن العاص .

جمهرة النسب :

ج1/293 -294 خبر اسر الاشعث بن قيس .

ج3/118 نسب جرير بن عبد الله ، 121 نسب بني ناجية ، 127 نسب مصقلة بن هبيرةج10/77 نسب بني بكال .

ج12/263 عبد الرحمن بن عوف زوج ام كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وانها اروى أخت عثمان فلذلك هو صهر عثمان .

ج15 /233-234 ، نوفل بن عبد مناف ظلم عبد المطلب .

ج 15 باب 28 ص 233 .

ج16/143 ، 193 .

ج 16 باب 34 ص 143 .

ج 16 باب 44 ص 193 .

ج17/109-110 ، 230-231 ، 245 ، ج20 /222 .

كتاب الجمل :

ج1/247-250 ، 258 ، 269-271 ، 308-309 ، ج2/143 ، ج2/149-165150-166 ، خبر المصريين مع غلام عثمان في الطريق ، 187 ، ج3/37 ، 49 ، ج6/57 ، 219 ، ج9/310114 -311 ، ج14/14 .

______________________

(1) ابن حجر : لسان الميزان لابن حجر  .

(2) النجاشي : رجال النجاشي .

(3) العلامة التستري : قاموس الرجال ج9/363 .

(4) ابن حجر : لسان الميزان ترجمة هشام .

(5) ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة ج 2 /48 .

صفحة مكتب العلامة المحقق السيد سامي البدري