المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
الباب الثالث : تعريف بالموسوعات التاريخية وأصولها ومصنفيها
الفصل الثالث : تراجم اصحاب الأصول التاريخية التي اعتمد عليها ابن أبي الحديد
قال فؤاد سزكين (1/517) روى الجوهري عن عمر بن شبة وغيره روى عنه أبو الفرج الاصفهاني وكان على قيد الحياة في اوائل القرن الرابع الهجري .
أقول : وروى عنه أبو هلال العسكري في كتابه الاوائل قريبا من ثمانين خبرا ، وروى عنه ابو الفرج في كتابه الاغاني اكثر من مائتي رواية .
قال ابن أبي الحديد : أبو بكر الجوهري هذا عالم محدِّث كثير الادب ثقة ورع اثنى عليه المحدثون ورووا عنه مصنفاته
(كتاب السقيفة) . ج2/44-59 ، ج4/70 ، ج6/5-14 ، 38-52 ، 175 ، ج7/143 .
ج8/252-255 ، ج9/3-5 ، 21-22 ، 49-58 قصة الشورى برواية عوانة .
ج12/234 ، 238 ، ج16/210-234 (مناقشة لابن أبي الحديد ص223-230) .
ج17/227-236 ، 238-243 ، ج20/155 ، 159-162 .
59 -60 قال ابن أبي الحديد : لم يكن هناك نص صريح ومقطوع به ... كما تزعم الامامية .
قال أبو بكر : وحدَّثني يعقوب بن شيبة عن أحمد بن ايوب عن إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عن الزهري عن عبد الله بن عباس قال : خرج علي عليه السلام على الناس من عند رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه فقال له : الناس كيف اصبح رسول الله صلى الله عليه وآله يا أبا حسن ؟ قال اصبح بحمد الله بارئا ، قال فاخذ العباس بيد علي ثمَّ قال : يا علي انت عبد العصا بعد ثلاث احلف لقد رأيت الموت في وجهه واني لأعرف الموت في وجوه بنى عبد المطلب فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فاذكر له هذا الأمر ان كان فينا اعلمنا وان كان في غيرنا اوصى بنا ، فقال : لا افعل والله ان منعناه اليوم لا يؤتيناه الناس بعده قال فتوفي رسول الله ذلك اليوم .
أقول : إبراهيم بن سعد ، هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى المدني قاضي المدينة سمع أباه والزهري وصفوان بن سليم ويزيد بن عبد الله بن الهاد وصالح بن كيسان وابن إسحاق وطائفة وعنه ابناه يعقوب وسعد وأحمد بن حنبل وخلق كثير ولي قضاء المدينة وعاش خمسا وسبعين سنة وقد روى عنه من الكبار شعبة والليث بن سعد ، قال إبراهيم بن حمزة الزبيري كان عند إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق نحو من سبعة عشر ألف حديث في الأحكام سوى المغازي رواها البخاري عنه وهو محتج به في كتب الإسلام مات في سنة ثلاث أو أربع وثمانين ومائة
أقول: وهو المتهم بوضع الحديث لان ابن اسحاق روى حديث الوصية في كتابه السيرة ثم حذفه ابن هشام في تهذيبه لسيرة ابن اسحاق كما مر في الفصل الخامس من الباب الأول .
قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز حدَّثني يعقوب بن شيبة باسناد رفعه إلى طلحة بن مصرف قال : قلت لهذيل بن شرحبيل ان الناس يقولون ان رسول الله صلى الله عليه وآله اوصى إلى علي عليه السلام ؟ فقال : أبو بكر يتأمر على وصي رسول الله ودَّ أبو بكر انه وجد من رسول الله صلى الله عليه وآلهعهدا فخزم انفه
قال ابن أبي الحديد2/55 : هذا الحديث قد خرجه الشيخان محمد بن اسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري في صحيحيهما عن طلحة بن مصرف قال : سالت عبد الله بن أبي اوفى: اوصى رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : لا ؟ قلت : فكيف كتب على المسلمين الوصية او كيف امر بالوصية ولم يوص ؟ قال : اوصى بكتاب الله ، قال طلحة ثمَّ قال ابن اوفى : ما كان أبو بكر يتأمَّر على وصي رسول الله صلى الله عليه وآله ، ودَّ أبو بكر انه وجد من رسول الله صلى الله عليه وآله عهداً فخزم انفه بخزامه .
أقول : طلحة بن مصرف ، هو اليامي ، كوفي كان عثمانيا يفضل عثمان على علي
قال أبو بكر وحدَّثني أبو زيد عمر بن شبة قال حدَّثنا أحمد بن معاوية قال حدَّثني النضر بن شميل قال حدَّثنا محمد بن عمرو عن سلمة بن عبد الرحمن قال : لما جلس أبو بكر على المنبر كان علي عليه السلام والزبير وناس من بني هاشم في بيت فاطمة ، فجاء عمر اليهم فقال : والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة او لأحرِّقن البيت عليكم ، فخرج الزبير مصلتا سيفه فاعتنقه رجل من الانصار وزياد بن لبيد فبدر السيف فصاح به أبو بكر وهو على المنبر اضرب به الحجر فدق به .
قال أبو عمرو بن حماس فلقد رايت الحجر فيه تلك الضربة ، ويقال هذه ضربة سيف الزبير .
ثمَّ قال أبو بكر دعوهم فسيأتي الله بهم ، قال : فخرجوا إليه بعد ذلك فبايعوه .
قال أبو بكرالجوهري : وقد روي في رواية اخرى ان سعد بن أبي وقاص كان معهم في بيت فاطمة عليها السلام والمقداد بن الاسود أيضاً وانهم اجتمعوا على ان يبايعوا عليا عليه السلام فاتاهم عمر ليحرق عليهم البيت فخرج إليه الزبير بالسيف وخرجت فاطمة عليها السلام تبكي وتصيح فنهنهت من الناس وقالوا ليس عندنا معصية ولا خلاف في خير اجتمع عليه الناس وانما اجتمعنا لنؤلف القرآن في مصحف واحد ثمَّ بايعوا أبا بكر فاستمر الأمر واطمأن الناس .
قال أبو بكر وحدَّثنا أبو زيد عمر بن شبة قال اخبرنا أبو بكر الباهلي قال حدَّثنا اسماعيل بن مجالد عن الشعبي قال :
سأل أبو بكر فقال : اين الزبير ؟ فقيل عند علي وقد تقلد سيفه ، فقال : قم يا عمر قم يا خالد بن الوليد انطلقا حتّى تاتياني بهما ، فانطلقا فدخل عمر وقام خالد على باب البيت من خارج ، فقال عمر للزبير : ما هذا السيف ؟ فقال : نبايع عليا ، فاخترطه عمر فضرب به حجرا فكسره ثمَّ اخذ بيد الزبير فاقامه ثمَّ دفعه وقال : يا خالد دونكه فامسكه ، ثمَّ قال لعلي : قم فبايع لابي بكر فتلكأ واحتبس فاخذ بيده ، وقال : قم فأبى ، ان يقوم فحمله ودفعه كما دفع الزبير فأخرجه ، ورأت فاطمة ما صنع بهما فقامت على باب الحجرة وقالت : يا أبا بكر ما اسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله والله لا اكلم عمر حتّى القى الله ، قال فمشى اليها أبو بكر بعد ذلك وشفع لعمر وطلب اليها فرضيت عنه
قال أبو بكرالجوهري : وحدَّثنا أبو زيد قال حدَّثنا محمد بن حاتم قال حدَّثنا الحرامي قال حدَّثنا الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن ابيه عن ابن عباس قال : مر عمر بعلي وعنده ابن عباس بفناء داره فسلم فسألاه اين تريد ؟ فقال : مالي بينبع .
قال علي : أفلا نصل جناحك ونقوم معك .
فقال : بلى .
فقال لابن عباس : قم معه .
قال : فشبك اصابعه في اصابعي ومضى حتّى اذا خلفنا البقيع ، قال : يا بن عباس اما والله ان كان صاحبك هذا اولى الناس بالأمر بعد وفاة رسول الله إلاَّ أنا خفناه على اثنتين .
قال ابن عباس : فجاء بمنطق لم اجد بدا معه من مسألته عنه فقلت : يا امير المؤمنين ما هما ؟ قال : خشيناه على حداثة سنه وحبه بني عبد المطلب .
قال أبو بكر وحدَّثني أبو زيد قال حدَّثنا هارون بن عمر باسناد رفعه إلى ابن عباس رحمه الله تعالى قال : تفرق الناس ليلة الجابية عن عمر فسار كل واحد مع إلفه ثمَّ صادفت عمر تلك الليلة في مسيرنا فحادثته ، فشكا إلي تخلف علي عنه ، فقلت : ألم يعتذر اليك ، قال : بلى ، فقلت : هو ما اعتذر به ، قال : يا بن عباس ان اول من ريثكم عن هذا الأمر أبو بكر ان قومكم كرهوا ان يجمعوا لكم الخلافة والنبوة .
قلت : لم ذاك يا امير المؤمنين الم ننلهم خيرا .
قال : بلى ، ولكنهم لو فعلوا لكنتم عليهم جَحْفاً جَحْفاً .
______________________
(1) ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة ج 16 / 210 .
(2) الذهبي : تذكرة الحفاظ 1/252 .
(3) قال ابن ابي الحديد (ج2/54-55) : وروى الشيخان في الصحيحين عن عائشة : انه ذكر عندها ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) اوصى قالت : ومتى اوصى ومن يقول ذلك ؟ قيل انهم يقولون ، قالت : من يقوله لقد دعا بطست ليبول وانه بين سحري ونحري فانخنث في صدري فمات وما شعرت . وفي الصحيحين أيضاً خرجاه معا عن ابن عباس انه كان يقول : يوم الخميس وما يوم الخميس ثمَّ بكى حتّى بل دمعه الحصى ، فقلنا : يا بن عباس وما يوم الخميس . قال : اشتد برسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعه فقال : ائتوني بكتاب اكتبه لكم لا تضلوا بعدي ابدا ، فتنازعوا ، فقال : انه لا ينبغي عندي تنازع ، فقال قائل : ما شانه اهجر استفهموه ! ! فذهبوا يعيدون عليه ، فقال : دعوني والذى انا فيه خير من الذى انتم فيه ، ثمَّ امر بثلاثه اشياء ، فقال : اخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، واجيزوا الوفد بنحو ما كنت اجيزهم ، وسئل ابن عباس عن الثالثة فقال : اما الا يكون تكلم بها واما ان يكون قالها فنسيت . وفي الصحيحين أيضاً خرجاه معا عن ابن عباس رحمه اللهتعالى قال : لما احتضر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفى البيت رجال منهم عمر بن الخطاب ، قال النبي (صلى الله عليه وآله) : هلم اكتب لكم كتابا لا تضلون بعده ، فقال عمر : ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف القوم واختصموا فمنهم من يقول قربوا إليه يكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول القول ما قاله عمر ، فلما اكثروا اللغو والاختلاف عنده عليه السلام قال لهم قوموا فقاموا ، فكان ابن عباس يقول : ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين ان يكتب لكم ذلك الكتاب .
(4) احمد بن عبد الله العجلي الكوفي : معرفة الثقات 1/479 .
(5) روى البخارى ومسلم ومسند احمد وغيرهما عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة ان فاطمة عليها السلام وجدت على ابي بكر فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت .