المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
الباب الثالث : تعريف بالموسوعات التاريخية وأصولها ومصنفيها
الفصل الثالث : تراجم اصحاب الأصول التاريخية التي اعتمد عليها ابن أبي الحديد
قال الذهبي : الإمام الحافظ اللغوي ذو الفنون ، أبوبكر محمد بن القاسم بن بشار ابن الانباري ، المقرئ النحوي . ولد سنة اثنتين وسبعين ومئتين وسمع في صباه باعتناء أبيه من : محمد بن يونس الكديمي وإسماعيل القاضي ، وأحمد بن الهيثم البزاز ، وأبي العباس ثعلبوخلق كثير . وحمل عن والده ، وألف الدواوين الكبار مع الصدق والدين ، وسعة الحفظ .
حدَّث عنه : أبوعمر بن حيويه ، وأحمد بن نصر الشذائي ، وعبد الواحد بن أبي هاشم وأبوالحسن الدارقطني ، ومحمد بن عبدالله بن اخي ميمي الدقاق ، وأحمد بن محمد بن الجراح ، وأبومسلم محمد بن أحمد الكاتب ، وآخرون .
وقال محمد بن جعفر التميمي : ما رأينا أحدا أحفظ من ابن الانباري ، ولا أغزر من علمه . وحدثوني عنه أنه قال : أحفظ ثلاثة عشر صندوقا .
وقيل : إن من جملة محفوظه عشرين ومئة تفسير بأسانيدها .
قال أبوبكر الخطيب : كان ابن الانباري صدوقا دينا من أهل السنة .
صنف في علوم القرآن والغريب والمشكل والوقف والابتداء .
قال الذهبي : له "كتاب الوقف والابتداء" و"كتاب المشكل" و"غريب الغريب النبوي" و"شرح ا لمفضليات" و"شرح السبع الطوال" وكتاب "الزاهر" وكتاب "الكافي في النحو" وكتاب "اللامات" وكتاب "شرح الكافي" وكتاب "الهاءآت" وكتاب "الاضداد" وكتاب "المذكر والمونث" وكتاب "رسالة المشكل" يرد على ابن قتيبة ، وأبي حاتم ، و"كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان" بأخبرنا وحدَّثنا ، يقضي بأنه حافظ للحديث ، وله أمالي كثيرة ، وكان من أفراد العالم .
وقال حمزة بن محمد بن طاهر : كان إبن الانباري زاهدا متواضعا ، حكى الدارقطني أنه حضره ، فصحف في اسم ، قال : فأعظمت أن يحمل عنه وهم وهبته ، فعرفت مستمليه فلما حضرت الجمعة الاخرى ، قال ابن الانباري لمستمليه : عرف الجماعة أنا صحفنا الاسم الفلاني ، ونبهنا عليه ذلك الشاب على الصواب .
وقد كان أبوه القاسم بن محمد الانباري محدثا أخباريا علامة من أئمة الادب أخذ عن : سلمة بن عاصم ، وأبي عكرمة الضبي .
وله كتاب "خلق الانسان" وكتاب "خلق الفرس" ، وكتاب "الامثال" و"المقصور والممدود" ، و"غريب الحديث" وأشياء عدة .
ج2 باب35 ص262 .
وذكر محمد بن القاسم بن بشار الانبارى في (اماليه) قال قال عبد الرحمن بن خالد بن الوليد حضرت الحكومة فلما كان يوم الفصل جاء عبد الله بن عباس فقعد إلى جانب أبي موسى وقد نشر اذنيه حتّى كاد ان ينطق بهما فعلمت ان الأمر لا يتم لنا ما دام هناك وانه سيفسد على عمرو حيلته فاعملت المكيدة في امره فجئت حتّى قعدت عنده وقد شرع عمرو وأبو موسى في الكلام فكلمت ابن عباس كلمة استطعمته جوابها فلم يجب فكلمته اخرى فلم يجب فكلمته ثالثه فقال اني لفي شغل عن حوارك الان فجبهته وقلت يا بني هاشم لا تتركون بأوكم وكبركم ابدا اما والله لو لا مكان النبوة لكان لي ولك شان قال فحمي وغضب واضطرب فكره ورأيه واسمعني كلاما يسوء سماعه فاعرضت عنه وقمت فقعدت إلى جانب عمرو بن العاص فقلت قد كفيتك التقوالة اني قد شغلت باله بما دار بيني وبينه فاحكم انت امرك .
قال : فذهل والله ابن عباس عن الكلام الدائر بين الرجلين حتّى قام أبو موسى فخلع عليا .
______________________
(1) الذهبي : سير أعلام النبلاء 15 / 274 .