المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
الباب الثالث : تعريف بالموسوعات التاريخية وأصولها ومصنفيها
الفصل الثالث : تراجم اصحاب الأصول التاريخية التي اعتمد عليها ابن أبي الحديد
قال ياقوت : هو أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل سعيد بن يحيى بن مهران اللغوي العسكري سألت الرئيس أبا المظفر محمد بن أبي العباس الابيوردي رحمه الله بهمذان عنه فاثنى عليه ووصفه بالعلم والفقه معا ، له كتاب المحاسن في تفسير القرآن وكتاب من احتكم من الخلفاء إلى القضاة والفرق بين المعاني والاوائل وغيرها
ج 4 / 7 .
وذكر صاحب كتاب الاوائل ان الاشتر جاء إلى علي عليه السلام حين قتل عثمان فقال قم فبايع الناس فقد اجتمعوا لك ورغبوا فيك والله لئن نكلت عنها لتعصرن عليها عينيك مرة رابعة فجاء حتّى دخل بئر سكن واجتمع الناس وحضر طلحة والزبير لا يشكان ان الأمر شورى فقال الاشتر اتنتظرون احدا قم يا طلحة فبايع فتقاعس فقال قم يا بن الصعبة وسل سيفه فقام طلحة يجر رجله حتّى بايع فقال قائل اول من بايعه اشل لا يتم امره ثمَّ لا يتم قال قم يا زبير والله لا ينازع احد إلاَّ وضربت قرطه بهذا السيف فقام الزبير فبايع ثمَّ انثال الناس عليه فبايعوا .
وقيل اول من بايعه الاشتر القى خميصة كانت عليه واخترط سيفه وجذب يد علي فبايعه وقال للزبير وطلحة قوما فبايعا وإلاَّ كنتما الليلة عند عثمان فقاما يعثران في ثيابهما لا يرجوان نجاة حتّى صفقا بايديهما على يده ثمَّ قام بعدهما البصريون واولهم عبد الرحمن بن عديس البلوي فبايعوا وقال له عبد الرحمن خذها اليك واعلمن أبا حسن انا نمر الأمر امرار الرسن .
أقول : الرواية في الطبري وقد رواها عن عمر بن شبة قال حدَّثنا أبو الحسن المدائني عن مسلمة بن محارب عن داود بن أبي هند عن الشعبي . والشعبي متهم في عليوشيعته .
ج4/433 .
قال ابن أبي الحديد : لما دفن عمر جمعهم (اي اصحاب الشورى) أبو طلحة ووقف على باب البيت بالسيف في خمسين من الانصار حاملي سيوفهم ثمَّ تكلم القوم وتنازعوا فاول ما عمل طلحة انه اشهدهم على نفسه انه قد وهب حقه من الشورى لعثمان وذلك لعلمه ان الناس لا يعدلون به عليا وعثمان وان الخلافة لا تخلص له وهذان موجودان فاراد تقوية امر عثمان واضعاف جانب علي عليه السلام بهبه امر لا انتفاع له به ولا تمكن له منه .
فقال الزبير في معارضته وانا اشهدكم على نفسي اني قد وهبت حقي من الشورى لعلي وانما فعل ذلك لانه لما راى عليا قد ضعف وانخذل بهبة طلحة حقه لعثمان دخلته مية النسب لانه ابن عمة امير المؤمنين عليه السلام وهي صفية بنت عبد المطلب وأبو طالب خاله وانما مال طلحة إلى عثمان لانحرافه عن علي عليه السلام باعتبار انه تيمي وابن عم أبي بكر الصديق وقد كان حصل في نفوس بني هاشم من بني تيم حنق شديد لأجل الخلافة وكذلك صار في صدور تيم على بني هاشم وهذا امر مركوز في طبيعة البشر وخصوصا طينة العرب وطباعها والتجربة إلى الان تحقق ذلك فبقى من الستة اربعة .
فقال سعد بن أبي وقاص وانا قد وهبت حقي من الشورى لابن عمي عبد الرحمن وذلك لانهما من بني زهرة ولعلم سعد ان الأمر لا يتم له فلما لم يبق إلاَّ الثلاثة قال عبد الرحمن لعلي وعثمان ايكما يخرج نفسه من الخلافة ويكون إليه الاختيار في الاثنين الباقيين فلم يتكلم منهما احد فقال عبد الرحمن اشهدكم انني قد اخرجت نفسي من الخلافة على ان اختار احدهما فامسكا فبدأ بعلي عليه السلام وقال له ابايعك على كتاب الله وسنة رسول الله وسيرة الشيخين أبي بكر وعمر فقال بل على كتاب الله وسنة رسوله واجتهاد رأيي فعدل عنه إلى عثمان فعرض ذلك عليه فقال نعم فعاد إلى علي عليه السلام فاعاد قوله فعل ذلك عبد الرحمن ثلاثا فلما رأى ان عليا غير راجع عما قاله وان عثمان ينعم له بالاجابة صفق على يد عثمان وقال السلام عليك يا امير المؤمنين فيقال ان عليا عليه السلام قال له والله ما فعلتها إلاَّ لانك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه دق الله بينكما عطر منشم .
قيل ففسد بعد ذلك بين عثمان وعبد الرحمن فلم يكلم احدهما صاحبه حتّى مات عبد الرحمن
أقول : روى ابن أبي الحديد قال قال أبو هلال العسكرى في كتاب الاوائل : استجيبت دعوة علي عليه السلام في عثمان وعبد الرحمن فما ماتا إلاَّ متهاجرين متعاديين ... لما بنى عثمان قصره طمار بالزوراء وصنع طعاما كثيرا ودعا الناس إليه كان فيهم عبد الرحمن فلما نظر للبناء والطعام قال يا بن عفان لقد صدقنا عليك ما كنا نكذب فيك واني استعيذ بالله من بيعتك فغضب عثمان وقال اخرجه عني يا غلام فاخرجوه وامر الناس إلاَّ يجالسوه فلم يكن ياتيه احد إلاَّ ابن عباس كان يأتيه فيتعلم منه القرآن والفرائض ومرض عبد الرحمن فعاده عثمان وكلمه فلم يكلمه حتّى مات
ج2/271 عبد الله بن وهب الراسبي رأس الخوارج .
خطبة لعبد الملك بن مروان : اخبرنا أبو أحمد عن الصولي عن محمد بن يونس الكديمي عن أبي عاصم الضحاك عن ابن مخلد عن أبي جريج عن ابيه قال : خطبنا عبد الملك بن مروان بالمدينة بعد قتل ابن الزبير في العام الذي حج فيه سنة خمس وسبعين فقال بعد حمد الله والثناء عليه : (اما بعد : فلست بالخليفة المستضعف ولا الخليفة المداهن ولا الخليفة المأفون ، أَلا وان من كان قبلي من الخلفاء كانوا يأكلون ويطعمون من هذه الاموال ألا واني لا اداوي ادواء هذه الامة إلاَّ بالسيف حتّى تستقيم لي . فانكم تكلفونا اعمال المهاجرين الاولين ولا تعملون مثل اعمالهم ، فلن تزدادوا إلاَّ اجتراحا ، ولا تزدادوا إلاَّ عقوبة حتّى حكم السيف بيننا وبينكم هذا عمرو بن سعيد قرابته قرابته وموضعه موضعه قال برأسه هكذا فقلنا بأسيافنا هكذا ، ألا وانا نحتمل لكم كل شئ إلاَّ وثوبا على منبر او نصب راية ، أَلا ان الجامعة التي جعلتها في عنق عمرو بن سعيد عندي . والله لا يفعل احد فعله إلاَّ جعلتها في عنقه ، ثمَّ لا اخرج نفسه إلاَّ صعدا) . وزاد غيره : (والله لا يأمرني احد بتقوى الله (بعد مقامي هذا) إلاَّ ضربت عنقه) ثمَّ نزل . (الاوائل 1/362-363) .
______________________
(1) ياقوت الحموي : معجم الأُدباء .
(2) ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة 1 / 188 - ج12/129 .
(3) ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة 1 / 196 روى احمد بن حنبل (ج1/55) والبخارى وغيرهما عن ابن عباس قال كنت اقري عبد الرحمن بن عوف فى خلافة عمر وفي رواية ابن ابي شيبة : وكنت اعلم عبد الرحمن بن عوف القرآن ... والضمير فى (منه) يعود الى ابن عباس حيث كان عبد الرحمن يتكلم من القرآن قال ابن حجر فى فتح الباري (ج12/129) وفي رواية مالك ان ابن عباس قال كنت اقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف ، قال ابن حجر وكان ابن عباس ذكيا سريع الحفظ وكان كثير من الصحابة لاشتغالهم بالجهاد لم يستوعبوا القرآن حفظا .