الدور الثاني
التبيلغ والدعوة علناً

دعا النبي صلى الله عليه وآله في هذا الدور أهل مكة ومن حولها من أهل القرى .

مرَّت دعوة النبي صلى الله عليه وآله وتبليغه لرسالات الله علناً بمراحل أربع هي :

المرحلة الأولى : مرحلة الاستضعاف ، حيث لم تسمح قريش للنبي وأتباعه من ممارسة حياتهم وفق أحكام الله التي جاء بها من عند الله ، وعملت على إيذائهم بشتى صُنوف الإيذاء وكانت حياة النبي صلى الله عليه وآله وحياة أصحابه في هذه المرحلة مهدَّدة بالخطر دائماً وبالتالي فإنَّ تبليغ النبي صلى الله عليه وآله لرسالة ربِّه واجه عقبة التطويق ثم التصفية الجسدية .

المرحلة الثانية : مرحلة الحصول على المنطقة الآمنة وتشكيل دولة تحمي الرسالة والمؤمنين بها وتقاتل قريشاً بصفتها قد نصبت من نفسها عقبة أمام انتشار الرسالة .

المرحلة الثالثة : مرحلة الصلح مع قريش بهدف رفع الشبهة التي كونتها قريش حول النبي صلى الله عليه وآله أمام حلفائها الذين صدَّقوها في دعاواها إزاء النبي صلى الله عليه وآله بكونه رجل حرب يصُدُّ عن بيت الله وهي تريد السلام وتستقبل زوّار البيت الحرام ونجحت في دعايتها تلك وبذلك أغلقت الطريق أمام انتشار الرسالة . و نجح النبي صلى الله عليه وآله في تحطيم هذه الشبهة بالصلح ومن ثم انفتحت على الإسلام كثير من القبائل العربية .

المرحلة الرابعة : مرحلة الفتح وذلك حين نقضت قريش صلحها مع النبي صلى الله عليه وآله مما دعا النبي صلى الله عليه وآله إلى تجهيز جيش لحربها والاستيلاء على مكة وانهزمت قريش وبذلك انزاحت قريش العقبة الكؤود امام انتشار الاسلام انذاك ودخل الناس في دين الله أفواجا .

وفيما يلي تفصيل اكثر حول هذه المراحل .

المرحلة الأولى استضعاف النبي صلى الله عليه وآله والمؤمنين معه :

- لما نزل قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)الحجر/94 ، أعلن النبي صلى الله عليه وآله عن رسالته وأظهر تسفيهه لعبادة الأصنام التي لا تضرّ ولا تنفع ودعا إلى البراءة منها وعبادة الله الواحد الأحد على سيرة إبراهيم ومنهاجه .

- أظهر النبي صلى الله عليه وآله وعلي وخديجة صلاتهم إلى بيت المقدس بصفتها أول تشريع يدعو إليه النبي صلى الله عليه وآله .

- استجاب للنبي سرّاً وعلناً عدد من أهل مكة من قريش كمصعب بن عمير من بني عبد الدار ، وعثمان بن مظعون من بني جمح ، وأبي سلمة من بني مخزوم ، ومن حلفائهم كالمقداد حليف بني زهرة ، وياسر وزوجته وولدهما عمار حلفاء بني مخزوم ، وعبد الله بن مسعود حليف بني زهرة ، ومن غير قريش ممن كان في مكة خباب وصهيب وبلال وغيرهم ومن خارج مكة أبو ذر .

كذبت قريش وعَدَت على من أسلم من أفرادها وممن لا عشيرة له تعذِّبُهم وتَفْتِنُهم عن دينهم واستُشْهِد تحت التعذيب ياسر وسمية والدا عمّار ، وعُذِّب مُصعب بن عُمَيْر من قبل والديه وعُذِّب بلال وصُهَيْب وغيرهم ثم أمر النبي صلى الله عليه وآله المستضعفين من أصحابه بالهجرة إلى الحبشة .

وجاءت قريش إلى أبي طالب وطلبت منه بقُوَّة أن يكُفَّ النبي صلى الله عليه وآله عن دعوته ، وعرَضَ أبو طالب الأمر على النبي صلى الله عليه وآله فقال له النبي صلى الله عليه وآله : "يا عمّاه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه " فقال له أبو طالب : "اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببتَ فوَ اللهِ لا أُسلِمُك لشيءأبداً" .

تعاقدت قريش بينها على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب بسبب حمايتهم للنبي وكتبوا صحيفةً علَّقوها في جوف الكعبة تقضي : "أن لا يُنكِحوا إليهم ولا يُنكِحوهم ولا يبيعوهم شيئاً ولا يبتاعوا منهم" .

فأَقاموا على ذلك ثلاث سنوات حتى جَهِدَ بنو هاشم ، لا يصل إليهم شئ إلاّ سِراً ممن أراد صِلتَهم من قريش ثم أخبر النبي صلى الله عليه وآله عمَّه أبا طالب أنَّ الله تعالى سلَّط على صحيفتهم الإرضَةَ فأكلتها إلاّ ما فيها من اسم لله ، فذهب أبو طالب واجتمع بقريش وقال لهم أحضِروا صحيفتكم وظنوا أنَّه جاء موافقا لهم فلما أحضَروها قال لهم قبل أن يفتحوها :

"إنَّ ابن أخي أخبرني أنَّ الله سلَّط عليها الإرضَة إلاّ ما كان فيها من اسم الله فان كان كاذبا أسلمته لكم وان كان صادقا فانتهوا عن قطيعتنا" .

فقالوا : "رضينا" .

ولما جاءوا بالصحيفة وجدوها كما قال النبي صلى الله عليه وآله ، فزاد ذلك أغلبهم طغياناً وكفراً ، وتجاوب معه آخرون ونقضوا الصحيفة وظهر أمر النبي صلى الله عليه وآله وكَثُرَ المسلمون وأسلم يومئذ رجال من قريش منهم عمر بن الخطاب .

توفى الله أبا طالب ، وزادت قريش من استضعافها للنبي ومن معه ، واستمر النبي صلى الله عليه وآله يعرض نفسه على القبائل في موسم الحج وشرح الله صدر عدد من رجال أهل المدينة للإسلام ثم طلبوا من النبي صلى الله عليه وآله أن يبعث معهم من يدعو إلى رسالته ويعلِّم القرآن فبعث معهم مصعب بن عمير وانتشر الإسلام في بيوت المدينة حتى لم يبق بيت من بيوتها إلاّ وفيها ذِكْرٌ للنبي . وفي الموسم الثاني وافى النبي صلى الله عليه وآله ثلاثةٌ وسبعون رجلاً وامرأتان عن قومهم وبايعوا النبي صلى الله عليه وآله على نصرته ليبلِّغَ رسالة الله ويحمونه من قريش .

حَثَّ النبي صلى الله عليه وآله أصحابه على الهجرة إلى المدينة ورَحلوا إليها سراً بأنفسهم تاركين دورهم وأموالهم ونُمِّيَ الخبر إلى قريش فتعاقد رجال منهم على قتل النبي صلى الله عليه وآله وأوحى الله تعالى إلى نبيِّه بخبرهم وأمَرَه أن يخرج من مكّة فخرج وأبقى علياً قائلا له : "إنَّ قريشاً لا يفقدوني ما رأوك" .

وبات علي في فراش النبي صلى الله عليه وآله وخرج النبي صلى الله عليه وآله في تلك الليلة التي قرَّرت قريش قتله فيها ثم عرفت قريش بعد ذلك بخروج النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة ، فبعثت من يتبعه ولما أدرك النبي صلى الله عليه وآله الطلب دخل غار ثور وأرسل الله العنكبوت ونسجت على باب الغار ووصلت قريش إلى باب الغار وصرفهم الله بذلك عن نبيِّه صلى الله عليه وآله .

وصل النبي صلى الله عليه وآله المدينة في الثاني عشر من ربيع الأوّل ونزل بـ (قِباء) ينتظر علياً عليه السلام وأُمه فاطمة بنت أسد وفاطمة عليها السلام ابتنه صلى الله عليه وآله وضعفاء المؤمنين .

المرحلة الثانية تشكيل الدولة التي تحمي الرسالة والمؤمنين :

كان أهل المدينة عند هجرة النبي صلى الله عليه وآله إليها على اربعة أصناف :

الصنف الأول : المهاجرون من قريش وغيرها .

الصنف الثاني : المؤمنون من الأوس والخزرج وهم الأنصار .

الصنف الثالث : بقية المشركين من أهل المدينة من الأوس والخزرج

الصنف الرابع : اليهود .

قام النبي صلى الله عليه وآله بعدة إجراءات لبناء المجتمع :

منها : بناء المسجد للصلاة والاجتماع واتخاذه سكنا له ولعلي عليه السلام .

ومنها : عَقْد المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار (1) واصطفاء علي لنفسه .

ومنها : تقنين علاقة النُّصرة والحماية بين المهاجرين والأنصار من جهة وبينهم وبين اليهود ومشركي أهل المدينة من جهة أخرى بما يجعلهم موقفاً واحداً في قبال قريش مضافاً إلى تنظيم العلاقات الداخلية من حَلِّ الخصومات وحفظ حُرُمات الجماعات والأفراد .

بادر النبي صلى الله عليه وآله إلى عقد تحالفات مع بعض القبائل المنتشرة حول المدينة و تشكيل سرايا تتعرَّض لقوافل قريش التجارية وهي أول مرة تتعرض فيها لذلك منذ أن سنَّ لها هاشم رحلة الشتاء والصيف وأخذ الإيلاف من قبائل العرب ، وكان الهدف من ذلك هو كسر هيبة قريش بصفتها الكيان السياسي والديني المتصدي لخنق الرسالة ووأدها ، ثم تعويض الخسائر التي لحقت بالمهاجرين حين أُجِبروا على ترك دورهم وأموالهم ، وحشدت قريش كل قواها لحماية إحدى قوافلها التجارية المهمة ثم اصطدمت مع المسلمين في (بدر) وكانت المعركة التي أعزَّ الله فيها الإسلام وأذلَّ قريشاً وقيادتها بنو عبد شمس (2) وقُتِل سبعون من طواغيتها ورجالها .

وأصرت قريش بعد هزيمتها على معاودة الحرب لرسول الله في العام المقبل وجاءت ومعها ثلاثة آلاف بقيادة أبي سفيان لتثأر لقتلاها في بدر فكانت معركة (أُحُد) وانكسرت قريش في أول المعركة ثم دارت الدائرة على المسلمين لمّا خالف الرُّماة من المسلمين أمر الرسول ونزلوا من الجبل الذي يحمي ظهور المسلمين وقُتِل حمزة عمُّ النبي صلى الله عليه وآله وجُرِح النبي صلى الله عليه وآله وانهزم المسلمون وتركوا النبي صلى الله عليه وآله وحده معه علي يقاتل بين يديه ثم رجعوا إليه تدريجا وانهزم المشركون .

ثم كانت معركة (الخَنْدَق) حيث استطاعت قريش أن تُجَنِّد عشرة آلاف مقاتل بقيادة أبي سفيان وهي آخر معركة كانت بين النبي صلى الله عليه وآله وقريش قَتَلَ فيها عليٌّ عَمْرَو بن عبد وِدّ العامري فارس قريش ثم أرسل الله تعالى الريح وانهزمت قريش وحلفاؤها .

المرحلة الثالثة الصلح مع قريش ورفع الشبهة حول الرسول :

استطاعت قريش خلال فترة الحرب أن تطوِّق النبي صلى الله عليه وآله إعلاميا بشبهة مفادها : أنَّه رجلٌ فَرَضَ الحرب على قريش وصَدَّ الناس عن بيت الله ولم تقاتله قريش الا للدفاع عن نفسها وعن البيت الحرام . و بذلك نجحت في كسب القبائل إلى جانبها وجنَّدت لحرب النبي صلى الله عليه وآله في الخندق عشرة آلاف رجل .

قدَّر النبي صلى الله عليه وآله أنَّ رفع الشبهة وتغيير النظرة السيئة الخاطئة لا يتم باستمرار الحرب ، ومن هنا رأى أن يبادر إلى موقف يرفع به تلك الشبهة ويفضح فيه قريشاً ويغيِّر النظرة السيِّئة عنه وذلك بعرضه الصلح على قريش من موقع القادم لتعظيم البيت وزيارته .

فخرج في ألف وأربعمائة شخص من أصحابه مُحْرِمين يسوقون الهدي بين أيديهم وكان ذلك سنة سِتّ من الهجرة وسمعت قريش بذلك ، فخرجوا جميعا يعاهدون الله أن لا يدخل محمد وأصحابه مكة أبداً وبعث النبي صلى الله عليه وآله إليهم أحدَ حُلَفائهم الحُلَيْس بن علقمة الكناني سيِّد الأحابيش وكان قد أثَّر فيه مشهد النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه والهدي أمامهم وقال لقريش : "رأيت البُدْنَ (3) قد قُلِّدت وأُشْعِرت فما أرى أن يُصَدّوا عن البيت" .

فقالوا : "اجلس إنَّما أنت أعرابىّ لا عِلمَ لك" .

فغضب وقال : "يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم أيُصَدُّ عن بيت الله من جاءه معظِّما له ؟ والذي نفسي بيده لَتُخْلُنَّ بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفِرَنَّ بالأحابيش نَفْرَة رجل واحد" .

قالوا : "مه ، كُفّ عنا حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به" .

وبعثت قريش سُهيْلَ بن عمرو ليصالح النبي صلى الله عليه وآله شريطةَ أن يَرجِع النبي صلى الله عليه وآله هذا العام .

وقَبِلَ النبي صلى الله عليه وآله شرط قريش وشروطاً أخرى أملتها عليه ظاهرها التنازل من النبي صلى الله عليه وآله لقريش ، مما أثار حفيظة بعض أصحابه ممن خفيت عليه حكمة الصلح ولضعف يقينه بالنبي صلى الله عليه وآله وقام ببعض التشويشات كما مر في البحوث السابقة .

وتحقَّق للنبي ما أراد من الصلح حيث أدركت القبائل أن قريشاً هي التي تصُدُّ عن البيت زواره وليس محمداً ، وفي ظل الأجواء الآمنة الجديدة تفهمت القبائل حقيقة الأمر في النبي صلى الله عليه وآله وحقيقة رسالته وانفتحت على الإسلام أعداد كبيرة من الناس .

كان كاتب الصلح بين النبي صلى الله عليه وآله وقريش هو علي ، وفي رواية الطبري أنَّ قريشاً بعثت سُهَيْل بن عمرو العامري وحُوَيْطِباً فولَّوْهم صلحهم و بعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليّاً في صلحه (4) وفي الحديبية أخذ النبي صلى الله عليه وآله بضِبعِ علي /كما في رواية جابر/ وهو يقول :

"هذا أمير البررة قاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله" .

ثم مدَّ بها صوته وقال :

"أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد الدار فليأت الباب" .

بعد رجوع النبي صلى الله عليه وآله من الصلح حارب يهود خيبر لاتفاقهم مع قريش سراً على حرب النبي صلى الله عليه وآله وجهد المسلمون في الأيام الأولى ثم قال النبي صلى الله عليه وآله :

"لَأُعْطِيَنَّ الراية غداً رجلاً يفتح على يديه يحبُّ الله ورسوله ويحبُّه الله ورسوله ... يكون الفتح على يده"

وأعطاها عليا وكان الفتح على يده كما قال النبي صلى الله عليه وآله .

بعث النبي صلى الله عليه وآله برسائل إلى كِسرى وقيصر وملك مصر يدعوهم للإسلام ومزَّق كسرى رسالة النبي صلى الله عليه وآله وطلب من واليه على اليمن ان يبعث إلى النبي صلى الله عليه وآله من يقتاده إلى كسرى ولم يجب قيصر أما ملك مصر فبعث للنبي بهدية منها مارية القبطية مع خادم لها .

بعث النبي صلى الله عليه وآله سرية إلى الروم بقيادة جعفر وزيد وعبد الله بن رواحة والتقوا في مؤتة استشهد فيها قادة الجيش مع عدد من المقاتلين .

المرحلة الرابعة مرحلة الفتح بإزاحة القوة التي تحمي الأصنام :

بعد سنتين نقضت قريش حلفها مع النبي صلى الله عليه وآله ، وجهز النبي صلى الله عليه وآله جيشا قوامه عشرة آلاف شخص ، ودخل مكة سنة ثمان من الهجرة هو وأصحابه ، ودخلت قريش في الإسلام راغمة ، وحُرِّرَ البيت الحرام من الأصنام ، وتوالى انفتاح القبائل العربية على الإسلام ، واستقر في الجزيرة كلها .

تجهز النبي صلى الله عليه وآله بالمسلمين معه وأهل مكة لغزو الطائف ، وفي أول المعركة انهزم المسلمون وتركوا النبي صلى الله عليه وآله وبقي معه أهل بيته ، ثم رجعوا وهزمت ثقيفاً وفي بعض أيام الطائف طالت خلوة النبي صلى الله عليه وآله بعلي ومناجاته له فأتاه عمر بن الخطاب فقال :

"أتناجيه دوننا وتخلو به ؟"

فقال : "يا عمر ما أنا انتجيته بل الله انتجاه " .

أي إنَّ هذا الامتياز لعلىّ هو من الله تعالى .

تجهز النبي صلى الله عليه وآله بالمسلمين للخروج إلى تبوك وخلَّف علياً في المدينة وقال له : "لا بد من أن أقيم أو تقيم ، إن المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك" .

وسِرُّه تخلف عبد الله بن أُبيّ وأصحابه وكثير من الطلقاء في المدينة ولا يؤمن حالهم ، وأرجفت قريش بعلي تقول :

"ما منعه أن يخرجه معه إلا أن كره قربه وساء رأيه فيه" .

وأخبر علي النبي صلى الله عليه وآله بمقولتهم فقال له :

"أما ترضى أن تكون منىّ بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي" .

ووصل النبي صلى الله عليه وآله إلى (تبوك) وبقىَ فيها عشرين ليلة ثم رجع ولم يقدم ملك الروم لحربه ، وكان الغرض من ذلك هو إيجاد هيبة للإسلام في نفوس الروم وبخاصة بعد أن انكسر المسلمون في وقعة مؤتة ، هذا مضافاً إلى فضح أصناف المنافقين والذين في قلوبهم مرض وقد كرست سورة التوبة لهذا الغرض .

توالت الوفود على النبي صلى الله عليه وآله سنة تسع حتى سميت بسنة الوفود لكثرتهم و كان من هذه الوفود وفد نجران وقد جاءوا لمباهلة النبي صلى الله عليه وآله فنزل قوله تعالى :

(فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) آل عمران/61 .

فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن أنا دعوت فأَمِّنوا أنتم ، فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية .

لما نزلت الآيات العشر الأُوَل من سورة براءة دعا النبي صلى الله عليه وآله أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ، قال علىّ :

"ثم دعاني النبي صلى الله عليه وآله فقال لي : أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم ، فلحقته بـ (الجُحْفَة) فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله نزل في شيء ؟ قال : لا ولكن جبريل جاءني فقال : لن يؤدي عنك الا أنت أو رجل منك" (5) .

فرض الله تعالى فريضة الحج في السنة العاشرة وأعلن النبي صلى الله عليه وآله عن عزمه الحج ، وخرج من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة وخرج معه جمع عظيم جداً من الناس ، وعند وصوله البيت أعلن عن الشكل الجديد لحجة الإسلام وهو دخول العمرة في الحج ، وهنا ثارت ثائرة قريش المسلمة وذلك لأنَّ الحجّ الجديد مخالف لما كانت عليه قريش ، إذ كانت قد أمرت العرب بفصل العمرة عن الحج وكانت تعتبر العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور (6) .

قال ابن عباس : "قال رسول الله صلى الله عليه وآله دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة" (7) .

وقال جابر : "قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أحِلّوا من إحرامكم .  . وأقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهِلّوا بالحج واجعلوا الذي قدَّمتم مُتعة (أي عمرة التمتع) ، قالوا : كيف نجعلها متعة وقد سمَّيْنا الحج ؟ قال : افعلوا ما آمركم به" (8) .

فتعاظم ذلك عندهم (9) ، وفَشَت في ذلك القالَة (10) فقالوا : ننطلق إلى (منى) وذَكَرُ أحدنا يقطر مَنْياً (11) . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله فقام خطيباً ، فقال : بلغني أنَّ أقواماً يقولون : كذا وكذا ، والله لأنا أَبَرُّ واتقى لله منهم (12) .

قالت عائشة : "دخل النبي صلى الله عليه وآله علىَّ وهو غضبان ، فقلت : من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار ، قال : أوَ ما شعرت أنّي أمرت الناس بأمر فإذا هم يتردَّدون" (13) .

خطب رسول الله صلى الله عليه وآله يوم النَّفْر من (مِنى) فودَّعهم . قال رافع بن عمرو المزني : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يخطِب الناس بمنى حين ارتفع الضُّحى على بغلة شهباء (14) ، وعلىٌّ يُعَبِّر عنه ، والناس بين قائم وقاعد (15) . فكان مما قاله صلى الله عليه وآله ذلك اليوم :

"أيُّها الناس لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً . أنَّ الشيطان قد يَئِس أن يُعْبَدَ بعد اليوم ولكن يطاع فيما سوى ذلك من أعمالكم التي تحتقِرون فقد رضي به . ألا إنّي إنَّما أُمِرت أن أُقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلّا الله وإنّي رسول الله وإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقّ وحسابهم على الله . لا ترجعوا بعدي كفاراً مُضِلِّين يضرب بعضكم رقاب بعض . إنّي قد خلَّفتُ فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضِلّوا : كتاب الله وعِترتي أهل بيتي .

ثم قال صلى الله عليه وآله : إنَّكم مسؤولون فليبلِّغ الشاهد منكم الغائب (16) . فإنَّه رُبَّ مبلِّغ أسعد من سامع" (17) . وفي رواية : (فلعلَّ بعض من يبلِّغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه) (18) .

لما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله نُسُكَه قَفَل إلى المدينة راجعاً وفي الطريق نزلت عليه في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة (19) آية :

(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة/67 .

فنزل غدير خُمّ من (الجُحْفة) (20) وكان يتشعب منها طريق المدينة ومصر والشام (21) ووقف هناك حتى لحقه من بعده وردَّ من كان تقدَّم (22) ثم قام خطيبا فحمِد الله وأثنى عليه ، وذكَّر ووعظ وقال ما شاء الله أن يقول ، ثم قال :

إنّي أوشك أن أدعى فأُجيب ، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون ، فماذا أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد إنَّك بلَّغت ونصحت فجزاك الله خيرا .

قال : أليس تشهدون أن لا إله إلّا الله وان محمداً عبده ورسوله وأنَّ الجنَّة حقّ وان النارحقّ . قالوا : بلى نشهد ذلك .

قال : اللهم اشهد ثم قال ألا تسمعون ؟ قالوا : نعم .

قال : يا أيُّها الناس إنّي فُرَط وأنتم واردون علىَّ الحوض وأَنَّ عرضه ما بين بُصرى (23) إلى صنعاء (24) فيه عدد النجوم قدحان من فِضة ، وإنّي سائلكم عن الثِّقلين فانظروا كيف تخلِّفوني فيهما ، فنادى : مناد وما الثِّقلان يا رسول الله ؟

قال : كتاب الله طرف بيد الله وطرف بأيديكم فاستمسكوا به لا تضِلّوا ولا تبدِّلوا ، وعِترتي أهل بيتي وقد نبَّأني اللطيف الخبير أنَّهما لن يتَّفرَّقا حتى يردا علىَّ الحوض سألت ذلك لهما ربّي ، فلا تَقَدَّموهما فتلهلِكوا ، ولا تُقَصِّروا عنهما فتهلِكوا ولا  تعلِّموهما فهم أعلم منكم .

ثم قال: ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يارسول الله(25).

قال : ألستم تعلمون أوَ تشهدون أنّي أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا : بلى يا رسول الله (26) .

ثم أخذ بيد علىّ بن ابي طالب بضبعيه فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض أُبطيهما (27) ، ثم قال : أيها الناس ! الله مولاي وأنا مولاكم (28) ، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه (29) ، وانصر من نصره واخذُل من خذله وأحِبّ من أحبَّه وأبغِض من أبغَضه (30) .

ثم قال : اللهم اشهد (31) .

ثم لم يتفرَّقا - رسول الله وعلي - حتى نزلت هذه الاية :

( ... اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا . .) المائدة/3 .

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النِّعمة ، ورضا الرَّب برسالتي والولاية لعلي (32) .

وفي باب ما نزل من القرآن بالمدينة من تاريخ اليعقوبي قال : (إنَّ آخر ما نزل عليه "اليوم أكملت .  . " وهي الرواية الصحيحة الثابتة ، وكان نزولها يوم النَّص على أمير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليه بغدير خُمّ) (33) .

وكانت لرسول الله صلى الله عليه وآله عمامة تسمى السحاب كساها عليا (34) (يوم الغدير) وكانت سوداء اللون وكان الرسول صلى الله عليه وآله يلبسها في أيام خاصة مثل يوم فتح مكة (35) .

قال عبد الأعلى بن عدي البهراني : دعا رسول الله صلى الله عليه وآله علياً يوم غدير خُمّ فعمَّمه وأرخى عَذبة العمامة من خلفه (36) . وقال ابن عباس : لما عمَّم رسول الله صلى الله عليه وآله علياً بالسحاب قال له : يا علي العمائم تيجان العرب (37) . وأمَر النبي صلى الله عليه وآله علياً أن يجلس بخيمة له بازائه ، ثم أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً فهنّوه بالإمامة ويسلّمون عليه بإمرة المؤمنين ففعل الناس ذلك اليوم كلهم وكذلك أزواج النبي صلى الله عليه وآله وجميع نساء المؤمنين معه .

______________________

(1) وكان يترتب عليها التوارث حتى نسخته آية (وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللهِ)الأنفال/75

(2) وهم عتبة بن ربيعة بن عبد شمس (جد معاوية لامه) وشيبة بن ربيعة بن عبد شمس والوليد بن عتبة خال معاوية ، وكانوا أول المبارزين أصروا ان يخرج لهم أكفاءهم من بني هاشم فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) عليا وحمزة وعبيدة بن الحارث بن المطلب بالخروج اليهم فقتل علي الوليد وقتل حمزة عتبة وقتل عبيدة شيبة وأنزل الله تعالى فيهم قوله : (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَار يُصَبُّ مِنْ فَوْق رُءُوسِهُم الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيد (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَب وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إلصِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَاد بِظُلْم نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم (25))الحج/19-25

(3) البُدْن : جمع بَدَنَة وهي الابل السمين .

(4) تاريخ الطبري ج2 ص 630 .

(5) أحمد بن حنبل في مسنده 1/151 حدثنا عبد الله ثنا محمد بن سليمان ثنا محمد بن جابر عن سماك عن حنش عن علي  عليه السلام  .

(6) مسند احمد 1/252 حدثنا عبد الله حدثني أبي عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن بن عباس قال : كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ويجعلون المحرم صفرا ويقولون إذا برأ الدبر وعفا الأثر وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر فلما قدم النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه لصبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم ان يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا : يا رسول الله أي الحل ؟ قال : الحل كله  .

(7) سنن البيهقي ج5 ص13 .

(8) صحيح البخاري باب التمتع والاقران والافراد بالحج ج2 ص568 .

(9) صحيح مسلم باب جواز العمرة ج2 ص909 .

(10) صحيح البخاري كتاب الشركة باب الاشتراك في الهدي ج2 ص885 .

(11) صحيح البخاري كتاب التمني باب لو استقبلت من امري ج6 ص2642 ، واعلام الورى ج1 ص 128 ينسب ذلك إلرجل من بني عدي وان النبي (صلى الله عليه وآله) قال له : انك لن تؤمن بها حتى تموت والذي يبدو من مجموع امور انه عمر بن الخطاب ، فقد نهى المسلمين عن متعة الحج في خلافته انظر مقدمة مرآة العقول ج1 ص221 .

(12) صحيح البخاري كتاب الشركة باب الاشتراك في الهدي ج2 ص885 .

(13) صحيح مسلم ج2 ص889 .

(14) اي بيضاء .

(15) البداية والنهاية ج5 ص217 ، السيرة النبوية لابن كثير ج4 ص 396 .

(16)  . تاريخ اليعقوبي ج2/109-112وقد حذف فقرة (وعترتي أهل بيتي) اصحاب السير كابن اسحق وابن هشام والمقريزي في الامتاع وغيرهم وكذلك اصحاب الصحاح كالبخاري ومسلم وغيرهما نعم اثبتها مسلم وغيره من أهل الحديث عند روايتهم حديث الغدير وحديث الثقلين انظر عبقات الانوار حديث الثقلين والرد على السالوس للعلامة الميلاني .

(17) السيرة النبوية لابن كثير ج4ص 402 .

(18) طبقات ابن سعد ج2 ص 186 .

(19) رواه شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج1/192-193 .

(20) مجمع الزوائد 9/163-165 ، وابن كثير 5/219 .

(21) مادة الجحفة من معجم البلدان .

(22) تاريخ ابن كثير 5/213 .

(23) كانت بصرى اسم لقرية بالقرب من دمشق ، واخرى بالقرب من بغداد .

(24) مجمع الزوائد وبعض الفاظه في روايات الحاكم 3/109-110 . ، وابن كثير 5/209 .

(25) مسند احمد ج1 ص118 وص119 ، ج4 ص281 ، وسنن ابن ماجة ج1 ص43 ح116 ، وورد (نعم) في مسند احمد ج4 ص281 و 368 و370 و372 ، وابن كثير ج5 ص209 ، ولدى ابن كثير ج5 ص210 : (الست اولى بكل امرىء من نفسه) .

(26) مسند احمد 4/281 و268 و270 و372 ، وابن كثير 5/209 و212 .

(27) في رواية الحاكم الحسكاني 1/190 فرفع يديه حتى يرى بياض ابطيه وفي ص 193 منه : حتى بان بياض ابطيهما .

(28) الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل 1/ 191 وعند ابن كثير 5/209 : وانا مولى كل مؤمن .

(29) مسند احمد 1/118 و119و 4/281 و370 و372 و373 و5/374 و370 وومستدرك الحاكم 3/109 ، وسنن ابن ماجة والحاكم الحسكاني 1/190 و191 ، وتاريخ ابن كثير 5/209 و210 - 213وقال ابن كثير في 5/209 : فقلت لزيد : هل سمعته من رسول الله ؟ فقال : ما كان في الدوحات احد الا رآه بعينه وسمعه باذنيه . ثم قال ابن كثير : قال شيخنا أبوعبد الله الذهبي : وهذا حديث صحيح . مسند احمد 1/118و119 ، ومجمع الزوائد 9/104و105و107 ، شواهد التنزيل 1/193 ، وتاريخ ابن كثير 5/210 و211 .

(30) شواهد التنزيل للحسكاني 1/191 ، وتاريخ ابن كثير 5/210 .

(31) شواهد التنزيل 1/190 .

(32) رواه الحاكم الحسكاني عن ابي سعيد الخدري 1/167-158 ح 211و212 ، وعن ابي هريرة ص 213 ، وفي تاريخ ابن كثير 5/214 بايجاز .

(33) تاريخ اليعقوبي 2/43 .

(34) زاد المعاد لابن القيم فصل في ملابسه صلى الله عليه وآله .

(35) صحيح مسلم كتاب الحج ح451-452 وسنن ابي داود باب العمائم .

(36) الرياض النضرة 2/289 ، اسد الغابة 3/114 .

(37) كنز العمال عن الديلمي . (انتهى ما اوردناه من معالم المدرستين) . للعلامة العسكري .