موجز
بما حققه النبي صلى الله عليه وآله

1 . كوَّن النبي صلى الله عليه وآله مجتمعاً إِسلامياً يقوم على أَساس البراءة من الأَصنام ومن ربوبيَّة الملوك والأَحبار والرُّهبان وقريش والإيمان بالله وحده معبوداً ومشرِّعاً وبخاتم أنبيائه مطاعاً ومبلِّغاً ومبيِّناً لدين الله وشريعته .

2 . بلَّغَ القرآنَ كلَّه للمسلمين جميعاً ولم يخُصَّ أَحداً بشيء منه ، بل جعلهم فيه سواء ، فكان إذا نزلت آية أو سورة دعا الرِّجالَ والنِّساءَ وتلا عليهم ما نَزل عليه (1)ودعاهم إلى تدوينه .

3 . بلَّغَ للمسلمين ما يحتاجونه آنذاك من بيان القرآن وسُنَّته وحثهم على تدوينه (2) ، واختص علياً بتبليغه كل السُنَّة وكل تفسير القرآن (3) ، وقد كتبَ علي ذلك كُلَّه بيده و بإملاء النبي صلى الله عليه وآله ، وقد كانت لعلىّ مع النبي صلى الله عليه وآله لأجل ذلك لقاءات خاصَّة مرتبة وأخرى حسب الحاجة سرّاً أو على مرأى ومسمع من المسلمين لا يشاركهما أحد (4) ، وقد أَسكنه النبي صلى الله عليه وآله معه في المسجد ، واصطفاه لنفسه أَخاً حين آخى بين المسلمين ، وزوَّجه ابنته الزهراء عليها السلام .

4 . حَثَّ النبي صلى الله عليه وآله أمَّته على كتابة القرآن وكتابة السُنَّة ، وحثَّهم بشكل خاص على نشر سُنَّتِه (5) .

5 . أشاد القرآن والنبي صلى الله عليه وآله بذكر الزهراء والحسن والحسين (6) ، وأكثرَ من الإِشادة بعلىّ ، كما دعا القرآن والنبي صلى الله عليه وآله إلى التمسُّك بأهل بيتِ النبي صلى الله عليه وآله : الزهراء وعلىّ والحسن والحسين والتسعة من ذُرِّية الحسين وأَوجبا مَودَّتهم وطاعتهم وولايتهم .

6 . أَشار القرآن إلى وجود خط نفاقي في المجتمع الإسلامي ، ووضَّح النبي صلى الله عليه وآله أَنَّ أُطروحة هذا الخط تقوم على أَمرين أَساسيِّين هما :

أولاً : فصل القرآن عن السُنَّة . ثانياً : بُغض علىّ .

ثم أشار إلى رموز مُهمَّة في هذا الخط كإشارته إلى أَصل الخوارج ورأسهم وإلى بني أُميَّة ورمزهم معاوية وإلى عمرو بن العاص ومروان .

7 . عَرَّف القرآن والنبي صلى الله عليه وآله بكُبْرَيات الحوادث من بعده وما يجري على أهل البيت لِتُعينَ الباحث عن الحق عند اشتباه الأُمور عليه ، فأَخبر بوقوع الانقلاب على الأعقاب من بعده ، يرتد فيه كثير من أَصحابه عن المنهج الذي رَسَمه لهموأَخبر بحرب عائشة والزبير مع علي ، وحرب صفين ، ومقتل عمّار بن ياسر فيها ، وخروج الخوارج وذي الثُدَيَّة وقتْلُهم على يد علىّ ، ثم شهادة علىّ ، ثم إِصلاحُ الحسن عليه السلام لانشقاق كبير يقع في الأُمَّة ، ثم قتلُ الحسين عليه السلام بغير جُرم بشط الفرات وغير ذلك .

8 . أَعلن النبي صلى الله عليه وآله في مواقف متعددة أنَّ علياً هو المبلِّغ الرَّسمي عنه بمعنى أنَّ التبليغ الذي تكون أهمِّيته كأهمِّية تبليغ الرسول هو تبليغ أهل بيته وأولهم علي كما في قصة براءة : "لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي" ، وقد أعلن في مجتمع حاشد من المسلمين هو أوسع اجتماع عُرِف في تاريخهم وهو الاجتماع الذي حصل في حَجَّة الوَداع وأَعلن عن منزلة أهل بيته وأَوجب التمسُّك ، بهم ثم كرَّر ذلك مرة أُخرى في اجتماع قريب منه عندَ غديرِ خُمّ ، وأَضاف إليه بيان منزلة علىّ ، وأوجب ولايته على الأُمَّة إلى آخر الدنيا ، وأَخبرهم أَنَّ وِلايةَ علىّ كولايةِ النبي صلى الله عليه وآله ، ولم يسبِق لأمر ديني أنّ بُلِّغ للأُمَّة بمثل تلك الحالة من الاجتماع سواء في حجَّة الوداع أو في غدير خُمّ .

______________________

(1) روى ابن اسحاق عن عمر بن ذر عن مجاهد قال : كان إذا نزل القرآن على رسول الله (صلى الله عليه وآله)قرأه على الرجال ثم على النساء . (سيرة ابن اسحاق : ج2 ص128 تحقيق سهيل زكار) .

(2) المعجم الكبير 4/276 عن رافع بن خديج قال : خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : تحدثوا وليتبوأ من كذب علي مقعده من جنهم ، قلت : يا رسول الله إنا نسمع منك أشياء فنكتبها ، فقال : اكتبوا ولا حرج .

(3) وهو مفاد قوله (صلى الله عليه وآله)  : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب .

(4) قال علي  عليه السلام  : كان لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مدخلان ، مدخل بالليل ومدخل بالنهار ، فكنت إذا دخلت بالليل تنحنح لي وفي رواية أخرى قال : كانت لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) منزلة لم تكن لأحد من الخلائق ، انى كنت آتيه كل سحر فاسلم عليه حتى يتنحنح . فان تنحنح انصرفت الى اهلي والا دخلت عليه ، المجتبى من السنن للنسائي ج3 ص12 ، مسند احمد ج1 ص80 . وكانت المسالة الاساسية في هذه اللقاءات هي العلم ، قال علي  عليه السلام كما روي عنه : ما دخل راسي نوم ... حتى علمت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما نزل به جبرائيل في ذلك اليوم من حلال او حرام او سنة او امر او نهي فيما نزل وفيمن نزل ... ، إذا غاب عنه كان يتحفظ على رسول الله الايام التي غاب فيها ، فإذا التقيا قال له رسول الله : ياعلي نزل علي في يوم كذا كذا وكذا وفي يوم كذا ، كذا حتى يعدهما عليه الى آخر اليوم الذي وافى فيه (بصائر الدرجات 217) وقال  عليه السلام  : ما من آية نزلت في ليل أو نهار ... الا أقرأنيها وأملاها علي وكتبتها بيدي وعلمني تأويلها وتفسيرها ومحكمها ومتشابهها وخاصها وعامها وكيف نزلت وفيمن انزلت الى يوم القيامة . (بصائر الدرجات ص218 ). وفي رواية الباقر  عليه السلام قال قال رسول الله لعلي : اكتب ما أملي عليك ، قال : يانبي الله اتخاف علي النسيان ؟ قال : لست اخاف عليك النسيان وقد دعوت الله ان يحفظك ولا ينسيك ولكن اكتب لشركائك ، قال : قلت ومن شركائي يانبي الله ؟ قال : الائمة من ولدك ... (امالي الشيخ الطوسي ج2 ص44 وبصائر الدرجات ص187) وقد توارث الائمة عليهم السلام واحدا بعد واحد كتب علي . عن حمران بن اعين عن ابي جعفر  عليه السلام قال : اشار الى بيت كبير وقال : يا حمران ان في هذا البيت صحيفة طولها سبعون ذراعا بخط علي واملاء رسول الله ولو لينا الناس لحكمنا بما انزل الله لم نعد ما في هذه الصحيفة .. (بصائر الدرجات ص163 ) وفي رواية أخرى قال : والله ان عندنا لجلدي ماعز وضأن املاها رسول الله وخط علي (بيده) وأن عندنا لصحيفة طولها سبعون ذراعا املاها رسول الله وخطها علي بيده وان فيها لجميع ما يحتاج اليه حتى ارش الخدش . (بصائر الدرجات 175 ، 179 ).

(5) روى الطبراني عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخيف منى يقول نضَّرَ الله عبدا سمع مقالتي فحفظها ثم أداها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه لا فقه له ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه (المعجم الكبير ج2 ص127 ، ج17 ص49 ، سنن ابي داود ج3 ص322 ، سنن ابن ماجة ج1 ص84 ، ج2 ص1015 ، مسند احمد ج4 ص82 ، ج3 ص225 ، ج5 ص185 . وايضا في المستدرك على الصحيحين ومسند ابي يعلى ج13 ص41 ومسند الحميديج1 ص47 ومسند الشاميين ج2 ص261 ومسند الشهاب ج2 ص307) . وفي سنن الدارمي ج1 ص76  عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه انه شهد خطبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في يوم عرفة في حجة الوداع : أيها الناس اني والله لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا بمكاني هذا فرحم الله من سمع مقالتي اليوم فوعاها فرب حامل فقه ولا فقه له ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه . وروى احمد عن عبد لله بن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول نضَّرَ الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه فرب مبلغ أحفظ له من سامع (مسند احمد 1/436) . وروى احمد في مسنده عن عبد الله بن عمرو يقول قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلغوا عني ولو آية ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار مسند احمد 2/202 ، 2/214 .

(6) كقوله (صلى الله عليه وآله)  : أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وقوله (صلى الله عليه وآله)  : حسين مني وأنا منه (من حسين) أحب الله من أحب حسينا ، الحسن والحسين سبطان من الأسباطوقوله (صلى الله عليه وآله)  : فاطمة بنت محمد بضعة منى فمن آذاها فقد آذاني وقوله حين مر على بيت فيه فاطمة وعلي وحسن وحسين : أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم وغير ذلك .