أصحاب الفيل
بَنى أبرهة حاكم اليمن كنيسة كبيرة (1) أراد أن يصرف حج العرب إليها ، وجهز جيشاً كبيراً واصطحب معه فيلاً كبيراً ولما وصل إلى مكة البيت الحرام ومعه الفيل ، قال عبد المطلب لقريش : لو اجتمعنا فدفعنا هذا الجيش عن بيت الله ، فقالت قريش : لا طاقة لنا بقتال هؤلاء القوم (2) ، فقال عبد المطلب : والله لا أخرج من حرم الله وابتغي العِزَّ في غيره ، وجلس بفِناء البيت وهو يقول :
لاهُمَّ أن المرء يمنـ ـع رحله فامنع حلالك
لا
يغلِبَنَّ صليبُهم ومِحالُهم غدواً مِحالك
وأرسل الله تعالى على جيش أبرهة طيراً أبابيل (3) مع كل طائر ثلاثة أحجار يحملها ، لا تصيب منهم أحداً إلاّ هلك فرجعوا هاربين .
وقال عبد المطلب :
لم يزل لله فينا حجة
يدفع الله بها عنا النقم
نحن أهل الله في بلدته
لم يزل ذاك على عهد إبرهم (4)
وكان ذلك نصراً كبيراً لعبد المطلب . وعَظُم عبد المطلب بعد حادثة الفيل في أعين قريش وصار أمره ديناً .
قال اليعقوبي : كان عبد المطلب يوحّد الله عز وجل وقد رفض عبادة الأصنام . وسنَّ سُننا سنَّها رسول الله ونزل بها القرآن وهي : الوفاء بالنذر ، ومائة من الإبل في الدّية ، وأنْ لا تُنكح ذات المحرم ، ولا تؤتى البيوت من ظهورها ، وقطع يد السارق ، والنهي عن قتل الموءودة (5) ، والمباهلة ، وتحريم الخمر ، وتحريم الزناوالحدّ عليه ، والقُرعة ، وان لا يطوف بالبيت عُريان ، وإضافة الضيف ، وان لا ينفقوا إذا حجّوا إلاّ من طيب أموالهم ، وتعظيم الأشهر الحُرم ، ونفي ذوات الرايات (6) .
فكانت قريش تقول : عبد المطلب إبراهيم الثاني (7) .
روى البلاذري عن مخرمة بن نوفل الزهري قال : كان عبدالمطلب أول من
تحنَّث (8) بغار حِراء (9) وكان إذا أهلَّ هلال شهر رمضان دخل بحِراءَ فلم يخرج حتى ينسلخ الشهر ويطعم المساكين وكان يُعْظِم الظلم (10) بمكة ويُكثِر الطواف بالبيت .
ومات عبد المطلب وكان له من العمر ما بين الثمانين إلى التسعين ، وقال هشام ابن الكلبي : كان موت عبد المطلب في مُلك هرمز بن انو شروان (11) .
قالوا : ولم يقم لموت عبد المطلب بمكة سوق أياماً كثيرة (12) .
ووُلِد لعبد المطلب : اثنا عشر وقيل عشرة وقيل تسعة فمن عدهم اثني عشر قال : الحارث وأبو طالب والزبير وعبد الكعبة وحمزة والعباس والمقوَّم وحجل وصدار وقُثَم وأبو لهب والغَيداق وعبد الله أبو رسول الله صلى الله عليه وآله .
ومن جعلهم عشرة أسقط عبد الكعبة وقال هو المقوم وجعل الغيداق وحجلاً واحداً ومن جعلهم تسعة أسقط قثم ولم يدرك الإسلام منهم إلاّ أربعة : أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب (13) .
وكان لعبد المطلب من البنات ست : صفية (14) ، وبرة (15) ، وعاتكة (16) ، وأم حكيم البيضاء (17) ، وأروى (18) ، وأميمة (19) .
ووَلَد أبو طالب : طالباً وجعفراً وعقيلاً وعلياً وأمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم .
وولد العباس : الفضل وعبد الله وعبيد الله وقثم وعبد الرحمن ومعبداً وتماماً وكثيراً .
وولد حمزة : يعلى وقد دَرَجَ (20) ، وعامراً درج ، وعمارة درج ، وأُمامة وأمها سلمى بنت عميس . وكان للمقوم : بكرٌ ، درج .
وكان للزبير (21) : الطاهر وحجل وقرة وعبد الله (22) وضباعة (23) .
وولد للحارث : المغيرة وهو ابو سفيان الشاعر (24) ونوفلاً (25) أُسِر يوم بدر وربيعة (26) أُسر يوم بدر وعبد شمس (27) وعبد الله وأُمية .
وولد أبو لهب : عُتبة ومُعَتِّباً وعُتيبة وأمهم أم جميل بنت حرب بن أمية . وهي حمّالة الحطب .
|