تزايد اهتمام
الغربيين بعلم آثار الشرق وبخاصة آثار
بابل وسومر ومن ثم ولد (علم آثار الكتاب
المقدس) في الغرب .
يقول عالم
الآثار الألماني (فريدريك ديليتش) في
محاضرته التي ألقاها في كانون الثاني سنة
1903م في برلين بعد رجوعه من موسم تنقيبي في
بابل :
“ ما الداعي
لبذل هذا الجهد في تلك البلاد البعيدة
والوعرة والخطرة ؟
لماذا هذا
التنقيب المكلف عن الآثار المتراكمة منذ
آلاف السنين إلى عمق المياه الجوفية حيث
لا ذهب ولا فضة ؟
لماذا التنافس
بين أمم في حجز حق التنقيب في هذه البلاد
المقفرة ؟
ثم ماذا يدفع
بالناس إلى الاهتمام المتزايد والاستعداد
للتضحية في سبيل الحفريات في مناطق مملكة
بابل والآشوريين ؟
إن جوابا واحدا
يشير ولو بشكل غير كاف إلى السبب والغرض
انه الكتاب المقدس ”
ويقول
أيضا :
“ إن نتائج
الحفريات الجارية في منطقة بابل وآشور هي
قبل كل شيء ستفتح مرحلة جديدة في فهم العهد
القديم (التوراة) وان الكتاب المقدس وبابل
سيضلان مرتبطين إلى الأبد ”
ويقول أيضا :
“ كان
الكتاب المقدس المصدر الوحيد لمعرفتنا
للشرق الأوسط منذ عام 550 ق . م وما قبله
ولما كانت دائرته تمتد على مساحة كبيرة (أي
بين البحر الأبيض المتوسط
والخليج وبين أراراط وأثيوبيا) كانت تكثر
فيه الألغاز التي كان من الممكن أن يستحيل
حلها أما الآن فتسقط فجأة الجدران التي
كانت تحيط بمسرح أحداث العهد القديم لا
سيما نحو الوراء .
وريح آتية من
الشرق تنعش الكتاب القديم مع نور ساطع
ينيره وذلك لان العصور العبرية القديمة
ترتبط من أولها إلى آخرها ببابل وآشور” [1].
من الكلمات
الآنفة الذكر يتعين (موضوع) علم آثار
الكتاب المقدس (وغايته) :
إن موضوع علم
آثار الكتاب المقدس هو ما تكشف عنه
الحفريات والتنقيبات من اللُّقى والنقوش
والأدوات وغيرها ذات العلاقة بالمسائل
التاريخية القديمة التي تحدثت عنها
التوراة .
أما الغاية
التي ينشدها عالم الآثار فهي تأييد
التوراة أو نقدها من خلال معطيات علم
الآثار .
وقد أنجز (علماء
الآثار التوراتيون) سواء كانوا يهودا أو
نصارى كنسيين أو علمانيين في هذا المجال
دراسات قيِّمة بعضها يؤيد كون التوراة
كتابا سماويا وبعضها الآخر يخدم فكرة أن
النص التوراتي الحالي تأثر بالمصادر
البابلية في قليل أو كثير أو كون
المعلومات فيه غير صحيحة ومع ذلك فقد
استفادت الدراسات التبشيرية النصرانية
والصهيونية من (علم آثار التوراة) كما تبنت
الكنائس في كثير من البلدان إقامة معارض
في متاحف الآثار تدعو إلى الكتاب المقدس
من خلال معطيات علم الآثار .
ومنذ ولادة (علم
آثار الكتاب المقدس) إلى اليوم لم يفتأ
الباحثون الكتابيون عن المقارنة والربط
بين ما جاء في كشوفات علم الآثار وما جاء
في الكتاب المقدس [2] .
[1]
بابل والكتاب المقدس تاليف فريدريك
ديليتش ترجمة ايرينا داود .
[2]
انظر على سبيل المثال كتاب قاموس الكتاب
المقدس بالعربية وكتاب :
The
interpreter`s Dictionary of The BiBle (5vols) . 1962 new york .
|